عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-28-2009, 09:04 PM
 
قصيدة امرؤ القيس تعلق قلبي

لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجَبَلْ = مَحَلٌ قَدِيمُ العَهدِ طَالَت بِهِ الطِّيَلْ

عَفَا غَيرَ مُرتَادٍ ومَرَّ كَسَرحَبٍ = ومُنخَفَضٍ طَام تَنَكَّرَ واضمَحَلْ

وزَالَت صُرُوفُ الدَهرِ عَنهُ فَأَصبَحَت =عَلَى غَيرِ سُكَّانٍ وَمَنْ سَكَنَ ارتَحَلْ

تَنَطَّحَ بِالأَطلالِ مِنهُ مُجَلجِلٌ =أَحَمُّ إِذَا احمَومَت سحَائِبُهُ انسَجَلْ

بِرِيحٍ وبَرقٍ لاَحَ بَينَ سَحَائِبٍ =ورَعدٍ إِذَا ما هَبَّ هَاتِفهُ هَطَلْ

فَأَنبَتَ فِيهِ مِن غَشَنِض وغَشنَضٍ =ورَونَقِ رَندٍ والصَّلَندَدِ والأَسلْ

وفِيهِ القَطَا والبُومُ وابنُ حبَوكَلِ =وطَيرُ القَطاطِ والبَلندَدُ والحَجَلْ

وعُنثُلَةٌ والخَيثَوَانُ وبُرسُلٌ =وفَرخُ فَرِيق والرِّفَلّةَ والرفَلْ

وفِيلٌ وأَذيابٌ وابنُ خُوَيدرٍ =وغَنسَلَةٌ فِيهَا الخُفَيعَانُ قَد نَزَلْ

وهَامٌ وهَمهَامٌ وطَالِعُ أَنجُدٍ =ومُنحَبِكُ الرَّوقَينِ فِي سَيرِهِ مَيَلْ

فَلَمَّا عَرَفت الدَّارَ بَعدَ تَوَهُّمي =تَكَفكَفَ دَمعِي فَوقَ خَدَّي وانْهمَلْ

فَقُلتُ لَها يا دَارُ سَلمَى ومَا الَّذِي =تَمَتَّعتِ لا بُدِّلتِ يا دَارُ بِالبدَلْ

لَقَد طَالَ مَا أَضحَيتِ فَقراً ومَألَفاً =ومُنتظَراً لِلحَىِّ مَن حَلَّ أَو رحَلْ

ومَأوىً لأَبكَارٍ حِسَانٍ أَوَانسٍ =ورُبَّ فَتىً كالليثِ مُشتَهَرِ بَطَلْ

لَقَد كُنتُ أَسبَى الغِيدَ أَمرَدَ نَاشِئاً =ويَسبِينَني مِنهُنَّ بِالدَّلِّ والمُقَلْ

لَيَالِيَ أَسبِى الغَانِيَاتِ بِحُمَّةٍ =مُعَثكَلَةٍ سَودَاءَ زَيَّنَهَا رجَلْ

كأَنَّ قَطِيرَ البَانِ فِي عُكنَاتِهَا =عَلَى مُنثَنىً والمَنكِبينِ عَطَى رَطِلْ

تَعَلَّقَ قَلبِي طَفلَةً عَرَبِيَّةً =تَنَعمُ فِي الدِّيبَاجِ والحُلِيِّ والحُلَلْ

لَهَا مُقلَةٌ لَو أَنَّهَا نَظَرَت بِهَا =إِلى رَاهِبٍ قَد صَامَ للهِ وابتَهَلْ

لأصبَحَ مَفتُوناً مُعَنًّى بِحُبِّهَا =كَأَن لَمْ يَصُمْ للهِ يَوماً ولَمْ يُصَلْ

أَلا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ بِذلِّهَا =إِذَا مَا أَبُوهَا لَيلَةً غَابَ أَو غَفَلْ

فَقَالَتِ لأَترَابٍ لَهَا قَد رَمَيتُهُ =فَكَيفَ بِهِ إِنْ مَاتَ أَو كَيفَ يُحتَبَلْ

أَيَخفَى لَنَا إِنْ كَانَ فِي اللَّيلِ دَفنُهُ =فَقُلنَ وهَل يَخفَى الهِلالُ إِذَا أَفَلْ

قَتَلتِ الفَتَى الكِندِيَّ والشَّاعِرَ الذي =تَدَانَت لَهُ الأَشعَارُ طُراً فَيَا لَعَلْ

لِمَه تَقتُلي المَشهُورَ والفَارِسَ الذي =يُفَلِّقُ هَامَاتِ الرِّجَالِ بِلا وَجَلْ

أَلا يا بَنِي كِندَةَ اقتُلوا بِابنِ عَمِّكم =وإِلاّ فَمَا أَنتُم قَبِيلٌ ولا خَوَلْ

قَتِيلٌ بِوَادِي الحُبِّ مِن غَيرِ قَاتِلٍ =ولا مَيِّتٍ يُعزَى هُنَاكَ ولا زُمَلْ

فَتِلكَ الَّتي هَامَ الفُؤَادُ بِحُبِّهَا =مُهفهَفَةٌ بَيضَاءُ دُرِّيَّة القُبَلْ

ولي وَلَها فِي النَّاسِ قَولٌ وسُمعَةٌ =ولي وَلَهَا فِي كلِّ نَاحِيَةٍ مَثَلْ

كأَنَّ عَلَى أَسنَانِها بَعدَ هَجعَةٍ =سَفَرجلَ أَو تُفَّاحَ فِي القَندِ والعَسَلْ

رَدَاحٌ صَمُوتُ الحِجلِ تَمشى تَبختراً =وصَرَّاخَةُ الحِجلينِ يَصرُخنَ فِي زَجَلْ

غمُوضٌ عَضُوضُ الحِجلِ لَو أَنّهَا مَشَت =بِهِ عِندَ بَابَ السَّبسَبِيِّينَ لانفَصَلْ

فَهِي هِي وهِي ثُمَّ هِي هِي وهي وَهِي =مُنىً لِي مِنَ الدُّنيا مِنَ النَّاسِ بالجُمَلْ

أَلا لا أَلا إِلاَّ لآلاءِ لابِثٍ =ولا لا أَلا إِلا لآلاءِ مَن رَحَلْ

فكَم كَم وكَم كَم ثُمَّ كَم كَم وكَم وَكَم =قَطَعتُ الفَيافِي والمَهَامِهَ لَمْ أَمَلْ

وكَافٌ وكَفكافٌ وكَفِّي بِكَفِّهَا =وكَافٌ كَفُوفُ الوَدقِ مِن كَفِّها انهَملْ

فَلَو لَو ولَو لَو ثُمَّ لَو لَو ولَو ولَو =دَنَا دَارُ سَلمَى كُنتُ أَوَّلَ مَن وَصَلْ

وعَن عَن وعَن عَن ثُمَّ عَن عَن وعَن وَعَن =أُسَائِلُ عَنها كُلَّ مَن سَارَ وارتَحَلْ

وفِي وفِي فِي ثُمَّ فِي فِي وفِي وفِي =وفِي وجنَتَي سَلمَى أُقَبِّلُ لَمْ أَمَلْ

وسَل سَل وسَل سَل ثُمَّ سَل سَل وسَل =وسَل دَارَ سَلمى والرَّبُوعَ فَكَم أَسَلْ

وشَنصِل وشَنصِل ثُمَّ شَنصِل عَشَنصَلٍ =عَلى حاجِبَي سَلمَى يَزِينُ مَعَ المُقَلْ

حِجَازيَّة العَينَين مَكيَّةُ الحَشَا =عِرَاقِيَّةُ الأَطرَافِ رُومِيَّةُ الكَفَلْ

تِهامِيَّةَ الأَبدانِ عَبسِيَّةُ اللَمَى =خُزَاعِيَّة الأَسنَانِ دُرِّيَّة القبَلْ

وقُلتُ لَها أَيُّ القَبائِل تُنسَبى =لَعَلِّي بَينَ النَّاسِ فِي الشِّعرِ كَي أُسَلْ

فَقالت أَنَا كِندِيَّةٌ عَرَبِيَّةٌ =فَقُلتُ لَها حَاشَا وكَلاَّ وهَل وبَلْ

فقَالت أَنَا رُومِيَّةٌ عَجَمِيَّة =فقُلتُ لَهَا ورخِيز بِباخُوشَ مِن قُزَلْ

فَلَمَّا تَلاقَينا وجَدتُ بَنانَها =مُخَضّبَةً تَحْكِي الشَوَاعِلَ بِالشُّعَلْ

ولاعَبتُها الشِّطرَنج خَيلى تَرَادَفَت =ورُخّى عَليها دارَ بِالشاهِ بالعَجَلْ

فَقَالَت ومَا هَذا شَطَارَة لاعِبٍ =ولكِن قَتلَ الشَّاهِ بالفِيلِ هُوَ الأَجَلْ

فَنَاصَبتُها مَنصُوبَ بِالفِيلِ عَاجِلا =مِنَ اثنَينِ فِي تِسعٍ بِسُرعٍ فَلَم أَمَلْ

وقَد كَانَ لَعِبِي كُلَّ دَستٍ بِقُبلَةٍ =أُقَبِّلُ ثَغراً كَالهِلالِ إِذَا أَفَلْ

فَقَبَّلتُهَا تِسعاً وتِسعِينَ قُبلَةً =ووَاحِدَةً أُخرَى وكُنتُ عَلَى عَجَلْ

وعَانَقتُهَا حَتَّى تَقَطَّعَ عِقدُهَا وحَتَّى =فَصُوصُ الطَّوقِ مِن جِيدِهَا انفَصَلْ

كأَنَّ فُصُوصَ الطَوقِ لَمَّا تَنَاثَرَت =ضِيَاءُ مَصابِيحٍ تَطَايَرنَ عَن شَعَلْ

وآخِرُ قَولِي مِثلُ مَا قَلتُ أَوَّلاً =لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجَبَل
رد مع اقتباس