عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-03-2009, 11:24 AM
 
رد: حالات نفسية وعلاجها

الحالة الثالثة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت المدينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذه الكلمات القليلة التي شرحت فيها مشكلتك ومعاناتك تدل بوضوح على أنك بحمد الله تعالى مدركة لطبيعة المشكلة ومدركة كذلك لأسبابها، فشعورك بعدم الثقة بنفسك، وأنك ناقصة عن الناس، مرد ذلك إلى ما تعرضت له في طفولتك من المعاملة والتربية في محيطك الأسري والاجتماعي، فهذه المواقف التي أشرت إلى أنها أثرت في نفسك وجعلتك تشعرين بالإحباط والتحطم هي التي ولَّدت في نفسك الشعور بعدم الثقة والشعور بالنقص، ومع هذا فإننا نلمس بوضوح بأنك بحمد لله استطعت أن تفلحي في تغيير كثير من هذه المشاعر إلى الأحسن والأفضل، مع أنك إلى هذه اللحظة تعانين من شعور من الرهبة الاجتماعية تؤدي إلى اختلاط كلامك واضطرابك، وربما صاحب ذلك بعض الارتباك الذي قد يظهر على صفحات وجهك، كتغير لونك مثلاً أو شعورك ببرودة الأطراف، أو تسارع دقات القلب، ونحو ذلك من الأعراض التي غالبًا ما تكون صاحبة لمثل هذه الحالة.

ونحن نبشرك أنك بحمد الله تعانين من حالة خفيفة أمرها ميسور وعلاجها أنت قادرة عليه بإذن الله تعالى، فدونك هذه الخطوات السهلة الهينة، فاعملي بها واحرصي عليها؛ فإن فيها شفاءك بإذن الله تعالى:

1- عليك بتقوية علاقتك بالله تعالى، فعلى قدر قرب من ربك واستعانتك به والأخذ بطاعته، على قدر شعورك بالقوة والثبات، فقلب المؤمنة القريبة من ربها قلب ثابت رابط الجأش، ونفسها صاحبة عزيمة نافذة؛ لأنها تستمد قوتها من قوة الله تعالى والاستعانة به، فهي ترتكن إلى الركن العظيم، وإلى مدد الله تعالى وتوفيقه؛ فاحرصي على تقوية علاقتك بالله، وعلى قوة اعتماد قلبك عليه، وستجدين السكينة والطمأنينة تغشاك، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

2- الحرص على اتباع أسلوب المواجهة الاجتماعية وذلك بتعويد نفسك على المخالطة الاجتماعية المناسبة، فليس المطلوب هو كثرة الاختلاط الذي يشوش الذهن ويقلق النفس، ولكن المطلوب هو أن تكون لك علاقة اجتماعية تعينك على التعود على المخالطة والاجتماع، فأول ما تبدئين به هو الحرص على مخالطة الأخوات الصالحات، لا سيما من تميل نفسك إليهنَّ، وتفرح وتأنس بهنَّ، مع الحرص على المشاركة الجماعية في الأنشطة الممكنة، سواء كانت دعوية أو دراسية، بل من أنفع ذلك إقامة حلقة جماعية لتجويد القرآن ومطالعة علومه، فإن في هذا شحذ لهمتك، وتقوية لقدراتك الاجتماعية، مع الحرص على عدم التهرب من أي مواجهة اجتماعية تقتضي حضورك، فأسلوب المواجهة الاجتماعية هو الأسلوب الأمثل في علاج هذه الرهبة التي لديك.

3- لا بد من التأمل في حقيقة شعورك بالنقص وأنك دون الناس، فأول ما تدفعين به هذا الشعور هو أن تنظري إلى أنه وهم كاذب، فأنت تدركين إدراكًا ظاهرًا قويًّا أنه مجرد وهم، فهل يصح التشبث بالأوهام! إذن فطريق دفع هذا الشعور معرفة أنه وهم ووسوسة من الشيطان، فعليك بإمعان النظر في هذا المقام وتدبره.

وأيضًا فإن تفكيرك الذي تشعرين بسببه أنك لو خطبت فلن توافقي؛ لأنك لن تحسني الكلام أو التصرف، فيكفي في دفعه أن تعزمي عزمًا أكيدًا على اتباع ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، والذي أمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الموافقة على صاحب الدين والخلق، فهذا أمر.

والأمر الثاني: أن تتأملي في أن هذا، إنما هو مصيدة وحيدة من الشيطان ليفوت عليك ما يصلح دينك ودنياك.

والأمر الثالث: أن العاقل لا يستسلم للخطأ والوهم مع معرفته بهما، فبذلك يحصل لك قوة في نفسك، وثبات على اتباع الرأي الصواب الذي لا نشك أنك سوف تتبعينه إن شاء الله.

ونسأل الله عز وجل أن ييسر أمرك وأن يشرح صدرك.

وبالله التوفيق.

الرابعة :

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/
doaa
حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذه الحالة التي تعانين منها هي بالفعل حالة جديرةٌ بالاهتمام، وجديرةٌ بأن تبحثي لها عن مخرج يريحك منها لا سيما وأنت - بحمد الله عز وجل - مقبلة على مقابلة أهل الخاطب، ثم بعد ذلك تصيرين زوجة وأماً للأولاد، ولك من العلاقات الاجتماعية مع أهل زوجك وأقاربه ما هو لا بد منه ولا بد من التهيئة له.

ونحن نبشرك ببشرى عظيمة وهي أن هذه الحالة ليست حالة صعبة بحمد الله تعالى، وأن إمكان الخروج منها ممكن بإذن الله تعالى.

وأما سببها فهو في الغالب راجعٌ إلى طبيعة التربية والتنشئة الأسرية خاصة إذا كان من أهل بيتك من يعاني من شيء قريب من هذا الوضع كالرهبة الاجتماعية أو التلعثم في الكلام ونحو ذلك.

ويدخل في هذا - أيضاً - التعرض لمواقف محرجة في طفولتك المبكرة كأن تكوني قد تعرضت لبعض المواقف التي هزت نفسك وأثارت فيها الاضطراب كالتعليق على بعض تصرفاتك، وإحراجك أمام جمعٍ من الناس سواء في المحيط الأسري أو في أثناء الدراسة، خاصة إذا صدر ذلك ممن هو محل تقديرك كالمعلمة، أو بعض كبار الأهل كالوالدين أو الأخوة الكبار ونحوهم ... فكل ذلك قد يزرع في نفسك شيئاً من الاضطراب وعدم الثقة بالنفس.

وأما عن الخطوات التي تعالجين بها هذا الأمر، فإننا نبشرك - أيضاً - بأنها خطوات سهلة ميسورة، فأنت لا تعانين من مرض نفسي بحمد الله تعالى، بل المطلوب منك هو عزيمة قوية على تطبيق هذه الخطوات، وهي كالتالي:

1- أول ما يتجه إليه قلبك وعزيمتك هو الاستعانة بالله والتوكل عليه وطلب المعونة منه، فإن أردت أمراً صغيراً فاستعيني بالله، وإن أردت أمراً عظيماً فاستعيني بالله، فاجعلي توكلك على الله أول ما تفزعين إليه في عامة أمورك، فإنك إن فعلت ذلك فقد كفيت كل شيء، قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} أي فهو كافيه، ومن الدعاء الحسن القوي: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل العقدة من لساني}، (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).

2- قد أشرنا إلى أن هذه الحالة قد يكون مرجعها إلى شيء من قلة الشعور بالثقة في النفس، فالمطلوب أن تستمدي ثقتك بنفسك من ثقتك بالله، وطريق ذلك هو تقوية علاقتك بالله، فالعناية والمحافظة على طاعة الله تورثك ثقة في نفسك، وثباتاً في قلبك، وقوة عزيمة ماضية في أفعالك، لأن قلب المؤمنة قلب مطمئنٌ واثقٌ مليءٌ بالسكينة والرحمة، فاحرصي على رعاية حدود الله تعالى والعمل بطاعته، وأنت كذلك إن شاء الله.

3- عليك أن تعيدي النظر وأن تجولي بخاطرك في قدراتك، فمثلاً أنتِ بحاجة إلى تقوية ثقتك بنفسك بأسباب يسيرة، وذلك كأن تنظري إلى إنجازك الذي وصلت به - بحمد الله تعالى - إلى أن تصبحي معلمة للغة العربية التي لا يخفى عليك فضلها وقدرها، وأن المتخصص فيها يحتاج إلى عزيمة ومطالعة ومثابرة.

إذن؛ فأنتِ لديك القدرات التي تجعلك قادرة على تنفيذ غاياتك وأهدافك، وأيضاً فأنتِ مرغوبة مطلوبة محبوبة، وما تقدم هذا الخاطب وأهله لطلب يدك إلا ما علموا عنك من خير وفضل فرغبوا فيك، وأيضاً فتأملي في قدرتك على التفكير السليم، وكيف أنك بحمد الله تتجنبين الوقوع في مشاكل يقع فيها الكثير من النساء ويتلطخن بها كالعلاقات المحرمة وخفة العقل وطيش الأفعال، وأنت بحمد الله مصونة بعيدة عن كل ذلك.

فبهذا النظر يحصل لك اعتدال في تقييم نفسك وقدراتك فيؤدي ذلك إلى مزيد الثقة في نفسك، وفائدة هذه الخطوة هو أن عدم قدرتك النظر في وجوه من تخاطبينهم - حتى الطالبات اللاتي تدرسينهنَّ - راجع إلى قلة الثقة في النفس، فلا بد أن تعملي على تقوية ثقتك بنفسك.

ويدخل في هذا المعنى أن تحددي أهدافاً ممكنة سهلة ثم تنجزينها، فهذا يزيدك قوة وثباتاً وثقة في نفسك، لا سيما إن قمت بعد ذلك بشكر الله تعالى بالصدقة والصلاة والدعاء، ثم كافأتِ نفسك مثلاً بشراء شيء تحبينه من طعام أو تحفة أو منظر جميل لأن كل ذلك يربي في قلبك القوة، ويزرع في نفسك الثقة، فتأملي هذا المقام.

4- وهي من أهم الخطوات: أن تجعلي تفكيرك أثناء الكلام مع الناس منصباً على معنى الكلام وعلى فحواه لأن شعورك بصعوبة النظر في وجه الناس عند الكلام راجعٌ إلى تفكيرك بأن المتكلم معكِ ينظر إليك وإلى تصرفاتك، وأنه يُقيِّم كلامك وأفعالك ومنظرك فيحصل بذلك لك الحرج فتخفضين عينيك حتى أنه ربما فعلتِ ذلك مع الأطفال الصغار، فالمطلوب هو أن تجعلي تركيز قلبك وفكرك على معنى الكلام، وأن تطردي من ذهنك أي تفكير يتعلق بتقييم الناس لمنظرك أو كلامك أو حركات يديك أو ملابسك ونحو هذه المعاني، ولعلك تجدين أن هذا الوصف الذي أشرنا إليه هو بالفعل ما يحصل لك في كثير من الأحيان عند الكلام مع الناس وخاصة الذين تتعرفين عليهم لأول مرة، فانتبهي لهذا المعنى، وجربي أن تضبطي تركيزك وأن تجعليه منصباً لمعنى الكلام، فإذا تكلم المتكلم ففكرك مشغولٌ بمعنى كلامه، وإن تكلمتِ فقصدك إيصال المعنى دون أن تتقيدي بحركات معينة، أو أن تفكري في هيئتك أو طريقة كلامك.

5- حاولي أن تجربي مثل هذه الأمور وهي النظر في وجه المتكلم مع أعز الصاحبات، فتبدئين معهنَّ في الكلام على الوصف الذي أشرنا إليه وتجربين ذلك، وتقاومين رغبتك في أن تصرفي بصرك، فمرة تلو مرة ستجدين أن ذلك خف عليك وإن كان أول الأمر قد يسبب شيئاً من الإحراج والثقل على نفسك، فلا تخافي ولا تقلقي.

6- لا بد من معرفة أن الحياء نعمة من الله ... بل هو من أعظم النعم، فليس المطلوب هو أن تكوني جريئة كثيرة الكلام قوية العين، ولكن المطلوب هو المعاملة العادية التي اعتادها كرام الناس، وأما غض طرفك أحياناً عن المتكلم معها من صاحباتك مثلاً فالقليل من ذلك لا يضر بل هو من أخلاق الناس، حتى قال بعضهم مادحاً هذا المعنى:
يغضي حياءً ويغضا من مهابته *** فلا يلكم إلا حين يبتسم
ومعنى يغضي أي يخفض بصره عند الكلام مع الناس حياءً وتكرماً، فالمطلوب هو الاعتدال.

7- عليك بالهدوء النفسي وعدم القلق، فمثلاً إذا قابلتِ أهل خاطبك فلا تجزعي وتصرفي على حسب طبيعتك، فسواء خفضت بصرك أم لم تخفضيه فالأمر سهل إن شاء الله لأن الناس العقلاء يقدِّرون حياء الفتاة في هذا الموضع بل ربما رَغَّبَهُم ذلك فيها، غير أن السلام والسؤال عن الحال والرد على الاستفسار مطلوب بكلام لطيف يسير مع النظر أحياناً إلى وجه المخاطب، فلا تقلقي إذن واستعيني بالله، واجعلي من دعائك إذا استصعبت أي أمر (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأن تجعل الحزن إذا شئت سهلاً).

ونحن بانتظار رسالة منك بعد أسبوع من تطبيق هذه الخطوات لنتابع حالتك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.