عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-12-2009, 07:06 PM
 
رد: جميع روايات أغاثا كريستي (أجاثا كريستي)

(1)
الحادث ... من أروع روايات أجــاثــا كريستي

كان الظلام دامسا والضباب من الكثافة بحيث تعذر على كشافات السيارة ان تبدده الى الحد الذي
يسمح لقائدها ان يتبين طريقه بينما كان التفير الالي يرسل عويله المحزن في هدأة الليل ليحذر
صيادي السمك في خليج بريستول من الخروج الى البحر.
ورأى قائد السيارة نورا خافنا ينبعث من منزل على حافة الطريق فاوقف سيارته واطفأ مصابيها
وهبط منها.
ولكنه ما كاد يغلق باب السيارة وينظر الى البيت مرة اخرى حتى وجد ان ذلك النور الباهت الذي
كان بالنسبة له كالنجم المتلألئ الذي يهتدي به الملاح وسط الامواج المتلاطمة قد انطفأ فجأة...
واورثه انطفاء هذا البصيص من النور احساسا مزعجا بالوحشة والضياع.
ولكنه تذكر ان في جيبه مصباحا كهربائيا صغيرا كان قد اعده للاستعانه به عند الضرورة اذا
ضل طريقه في شوارع المدينة الصغيرة وطرقاتها الملتوية المظلمة.
اخرج المصباح من جيبه واضاءه وراح يلتمس طريقه حتى وصل الى باب الحديقة ..
فدفعه بيده ففتح..
وكانت عيناه قد الفتا الظلام ولكنهما عجزتا عن اختراق استار الضباب!
فكف عن السير وصاح بأعلى صوته :
- اما من أحد هنا؟
وارهف اذنيه، وانتظر ، ولكنه لم يسمع سوى ذلك العويل المحزن!.
ولم يصده السكون والظلام عن غرضه فشق طريقه وسط الحديقة مستعينا بمصباحه..
وانتهى اخيرا الى الباب الزجاجي الذي خيل ان النور كان ينبعث منه منذ لحظات واطل منه
ولكنه لم يتبين شيئا فقد كان الزجاج مغبشا من الداخل..
طرق الباب بلطف اولا..
ثم بشدة!
ثم امسك بالمقبض وحركه ، ولشد ما كانت دهشته حين تحرك المقبض وفتح الباب.
قال دون ان يتخطى العتبة:
- اما من احد هنا؟
ولما لم يسمع جوابا حرك المصباح في ديه ليتبين طريقه فسقط نور المصباج على شاب في مقتبل
العمر يجلس على مقعد متحرك ووجهه نحو النافذة..فهتف قائلا:
- معذرة.. لقد ضللت طريقي في هذا الضباب اللعين، وسقطت سيارتي في حفرة ،، ولا اعلم اين
انا الان!
آه.. انا اسف . لقد تركت الباب مفتوحا..
واستدار واغلق الباب واسدل الستار دون ان يكف عن الكلام:
- يخيل الي انني انحرفت عن طريق السيارات في مكان ما، وهأنذا الف وادور بالأزقة
والطرقات منذ ساعة دون ان اهتدي الى سبيل.
ثم تحول الى الشاب الجالس على المقعد المتحرك وقال :
- هل انت نائم؟

وسلط ضور المصباح على وجه الشاب.
وبهت حين لاحظ ان الشاب لا يتحرك؟
انحنى فوقه، وهز كتفه ليوقظه.. ولكن جسد الشاب مال الى الامام وظل مائلا..
وغمغم الرجل قائلا:
- يا إلهي!
وأدار المصباح في يده حتى سقط نوره على الجدار.
وما زالت دائرة الضوء تتحرك على الجدار حتى استقرت على زر النور فاسرع اليه الرجل
وحركه.
فأضيء مصباح على مكتب بالقرب من الباب.
وحينئذ اطفأ الرجل مصباحه ووضعه على المكتب..
ودار حول الشاب..
ثم وقع بصره على زر اخر في الجدار، فضغطه.. فانبعث نور ساطع من مصباح في سقف
الغرفة.
وعندئذ فقط وقع بصر الرجل على المرأة..
مانت في نحو الثلاثين من عمرها ممشوقة القوام ، شقراء فاتنة..
ولم تتحرك المرأة..
بل خيل للرجل ايضا انها لا تتنفس..
كانت يداها مخبوءتين في طيات ثوبها، وعيناها لا تتحولان عن الشاب الجالس على المقعد
المتحرك.
قال الرجل:
- انه ميت.

فنظرت اليه المرأة واعلقت عيناها بعينيه لحظة ، ثم قالت بصوت باهت لا يدل على انفعال من
اي نوع:
- نعم..

- هل كنت تعلمين؟

- -نعم.

- انه أصيب برصاصة في رأسه..من!

وهنا أخرجت المرأة احدى يديها من طيات ثوبها فاذا بها مسدس . وشهق الرجل في دهشة وقال
وهو يتناول المسدس من يدها:

- انت التي قتلته؟

- نعم.

وضع الرجل المسدس على مائدة بالقرب من المقعد المتحرك وتقدم من الشاب وراح يتأمله ..
ولاول مرة القت المرأة على الزائر الغريب نظرة فاحصة..
وجدته رجلا متسط القامة في نحو الخامسة والثلاثين من عمره قد لفحت الشمس بشرته..
لم يكن وسيما..
ولكن قسمات وجهه وبروز عظام فكيه والبريق الذي يمض في عينيه .. كذلك كان يدل على
قوة الارادة ومضاء العزيمة والذكاء..
ولم يكن انيقا ..
ولكن مظهره كان مظهر رجل الاعمال الواقعي الذي يتميز بحسن تقدير الامور وسرعة البت
فيها.

ولاحظت المرأة انه يجيل البصر في جوانب الغرفة، فقالت بذلك الصوت الاجوف الذي لا ينم
عن شيء:
- هوذا التليفون!
واومأت براسها نحو المكتب.
فقال الغريب في دهشة:
- التليفون؟
- نعم .. لكي تتصل بالبوليس؟
فقال وهو يصعدها بعينية ولا يستطيع ان يسبر غورها:
- ان التمهل بضع دقائق لن يضير احدا، ثم ان رحلتهم الى هنا وسط الضباب ستتطلب وقتا
وجهدا.. ولكني اود قبل ذلك ان اعرف المزيد.
- - ماذا تريد ان تعرف؟
فنظر الى الجثة وسأل:

- من هو؟
- زوجي!

ثم اردفت بعد قليل:

- اسمه ريتشارد واريك، وانا ادعى لورا واريك..

- آه .. اليس من الافضل ان .. تجلسي؟

ورآها تسير ببطء وهي تترنح .. الى ان اقتربت من الاريكة فتهالكت عليها..

فسألها:

- هل ىتيك بشراب؟ لابد ان ذلك كان صدمة لك.
فأجابت بلهجة ساخرة :
- اتعني اطلاق النار على زوجي؟
فتظر اليها الغريب مليا..
ثم قال بشيء من الجفاء:
-نعم :: ام لعل الامر كان مجرد لهو وتسلية؟
فردت في هدوء تام:
- نعم كان لهوا وتسلية .. ولكن لا بأس من ان اتناول كأس شراب
فخلع الغريب قبعته والقى بها على أحد المقاعد،،
وتناول قنينة كانت على مائدة صغيرة بجوار المقعد المتحرك ، وملأ قدحا قدمه الى المرأة
فاحتسته.
قال الشاب:
- والآن.. اريد ان تروي لي القصة كلها.
فنظرت إليه في هدوئ وقالت:
- اليس من الافضل ان تتصل بالبوليس؟
- - كل شي في وقته .. ولا مانع من ان نتجاذب اطراف الحديث في هدوء.
قال ذلك وخلع قفازه ووضعه في جيبه، وشرع في حل ازرار معطفه.

فقالت المرأة وقد بدت عليها دلائل الانهيار:
-
انا لا .. ولكن من انت اولا ؟ وماذا اتى بك الى هنا الليلة؟

فقال الشاب :

- أنا ادعى مايكل ستارك، ومهنتي مهندس ، وانا اعمل في الشركة الانجليزية الايرانية ، وعدت
اخيرا من الخليج العربي وقضيت هنا يومين لزيارة المعالم التي عرفتها وانا صغير ،، فان اسرة
امي تقيم في هذه المنطقة.

ولذلك خطر لي ان ابحث عن منزل صغير ابتاعه فيها ، ومنذ نحو ساعتين او ثلاث وانا تائه في
الظلام والضباب الى ان سقطت سيارتي في حفرة امام هذا البيت ففكرت في دخوله على امل ان
اجد تليفونا او مأوى اقضي فيه ليلتي فلقيت هذه الباب فعالجت مقبضه ولكنه كان مفتوحا فدخلت.
ورأيت هذا.

ولوح بيده نحو المقعد والجثة!

فقالت لورا/

- انك دققت الباب قبل ان تدهل ودققته مرارا .. اليس كذلك؟

فقال مايكل:

- نعم .. ولكني لم اسمع ردا.

- اني لم ارد.

فنظر اليها ستارك مرة اخرى وحاول ان يسبر غورها ويعرف ما يعتمل في قرارة نفسها.
قال مستطردا:

- لم يكن الباب موصدا ولذلك دخلت.

فنظرت لورا الى قدحها.. وقالت كمن يقرأ كتابا :

" وفتح الباب ودخل زائر نصف الليل "
ومرت بجسدها رعدة خفيفة..
ثم استطردت قائلة :
- كانت هذه العبارة تخيفني دائما ، وانا طفلة .. زائر نصف الليل!
ثم ثارت ثائرتها وفجأة..
فرفعت رأسها وقالت بحدة:
- لماذا لا تتصل بالبوليس لكي ننتهي ؟
فاقترب من الجثة وراح يتأملها..
وسأل:
- ليس بعد .. لماذا اطلقت عليه الرصاص؟

فقالت ساخرة :

- استطيع ان اذكر لك طائفة من الاسباب الوجيهية ، كان سكيرا وقاسيا وكنت امقته منذ عدة
اعوام..

فتفرس في وجهها..
فقالت في غضب

- ماذا تتوقع مني ان اقول؟

فقال ستارك :

- كنت تمقتينه منذ عدة اعوام؟ اذن لابد ان يكون حدث شيء ، شيء خاص.. أدى الى هذا.
- اصبت .. حدث الليلة شيء خاص ، ولذلك تناولت المسدس من مكانه على المائدة التي بجوارة
واطلقت عليه ، هكذا بكل بساطة. ولكن ما فائدة الحديق في هذا الان؟ انك ستضطر في النهاية
الى الاتصال بالبوليس، ولا مناص من ذلك.

فقال ستارك:

- ليس من اليسير علي ان افعل عذا الذي تطالبينني به ، فانت امرأة ، وامرأة فاتنة!
- وهل يغير ذلك من الواقع شيئا؟
فرد في مرح:
- نظريا لا .. اما عمليا فنعم

قال ذلك و خلع معطفه ووضعه على مشجب.. ثم وقف امام الجثة وراح يتأملها.
فقالت المرأة ساخرة:
-ياللفروسية!
- سميها فضولا اذا شئت .. انني اتوق الى معرفة كل شي عن الموضوع.
فردت لوراقائلة :
- لقد قلت لك كل شيء.
فقال مايكل :
- انك ذكرت الحقائق الاساسية فحسب.
- بل وذكرت لك الدافع الى الجريمة ايضا وليس عندي ما اضيفه وعلى كل حال ماذا يحملك على
تصديق ما ذكرته لك؟ كان بوسعي ان اروي لك اية قصة ... ولكني اقول لك ببساطة ووضوح
انه كان وحشا قاسيا وكان يسرف في الشراب وانا كنت امقته.
فقال ستارك وهو ينظر الى وجه القتيل:
- اني اصدق العبارة الاخيرة على الاقل فهناك من الادلة ما يؤيدها .. ولكنك ذكرت انك كنت
تمقتينه منذ اعوام عدة ، فلماذا لم تهجريه؟ ألم يكن ذلك ايسر و أسلم؟
فترددت المرأة قليل..
ثم قالت :
- اني فقيرة لا أملك مالا!
فقال ستارك:
- يا سيدتي العزيزة لقد كان في مقدورك ان تثبتي قسوته وادمانه الشراب وبذلك تحصلين على
حكم بالانفصال او الطلاق وعلى نفقة شهرية تطفل لك الطمأنينة والاستقرار.
ونظر اليها في انتظار الجواب.. ولكنها لم تجد ما تقوله!
ونهضت واقفة ، ووضعت قدحها على المائدة بجوار المقعد المتحرك .
سألها:
- هل لديك أولاد؟
- كلا حمدا لله!
- اذن لماذا لم تتركيه؟
فبدا عليها الارتباك..
واجابت :
- لانني :: لانني سأستطيع الان ان ارث ثروته!
- كلا .. كلا . القانون لا يجيز ذلك ولا يسمح لك بالافادة من جريمتك ، ام لعلك ظننت ان..
وتردد لحظة ثم قال:
- ماذا ظننت؟
- لا أعرف ماذا تعني؟
فقال وهو يتفرس في زجهها:
- انك ليست غبية .. وحتى اذا ورثت ثروته فان هذه الثروة لن تفيدك شيئا اذا انت سجنت مدى
الحياة او شنقت.
ثم جلس على احد المقاعد وقال:
- هبي انني بم احضر الان واطرق بابك ، فماذا كان في نبيتك ان تفعلي؟
فردت لورا
- هل يهمك ان تعرف؟
فرد ستارك
- ربما لا يهمني .. ولكني اشعر بشيء من الفضول، ماذا كنت تستزعمين لو لم احضر واضبطك
متلبسة؟ هل كنت ستزعمين ان الحادث وقع قضاء وقدار؟ او انه انتحر؟

فقالت لورا:
- لا اعلم وليست لدي ايه فكرة .. فلم يكن لدي متسع من الوقت للتفكير.
فقال وكانه يتحدث الى نفسه:
- كلا .. كلا . كلا لا اظن انك ارتكبت الجريمة عمدا مع سبق الاصرار ، انك ارتكبتيها بدافع
فجائي . ردا على شيء قاله زوك .. اليس كذلك؟
- قلك لك ان ذلك لا يهم.
فقال مايكل :
- ماذا قال لك زوجك؟
فردت لورا :
- ذلك ما لن افضي به الى احد
- سيسالونك في المحكمة
- سوف لن اجيب ، ولن يرغمني احد على الاجابة
فرد الشاب:
- محاميك لا بد ان يعرف الحقيقة:: لكي يتسنى له اعداد دفاعه.
- الا ترى انني فقد كل امل؟ انا على استعداد لاسوء الاحتمالات.
- لماذا؟ لاني حضرت على غير انتظار؟ هبي اني لم احضر
فقاطعته قائلة:
- ولكنك حضرت
- نعم. ولذلك تملكلك اليأس
وساد صمت عميق! واخيرا اخرج ستارك من جيبه علبة تبغ وقدم لها سيجارة واذخ سيجارة
لنفسه .. وقال:
-لنعود الى الوراء قليلا ، انك كنت تكرهين زوجك منذ وقت طويل والليلة قال لك شيئا آثار
ثائرتك ، فاختطفت المسدس الذي كان على المائدة بجواره.
ولكن لماذا كان زوجك جالسا هنا وبجواره مسدس؟ ذلك امر غير مالوف
فقالت لورا:
-انه تعود ان يطلق الرصاص على القطط.
فنظر اليها في دهشة وقال:
- القطط؟
فتنهدت لورا وقالت:
- اطنن انني يجب ان اوضح لك الامور، كان ريتشارد معروفا بولعه بالصيد والقنص، وكان
سبب تعارفنا ، فقد التقينا معا في ( كينيا ) وكان وقتئذ يختلف اختلافا بينا عما اصبح فيما بعد ، او
لعل محاسنه وقتئذ اكثر واوضح من مساوئه ، كان كريما وشجاعا ومحبوبا من النساء .
وهنا تقدم منها ستارك واشعل سيجارته بولاعته.
فنظر إليها وتأملته مليا للمرة الاولى.
قال لها:
- امضي في حديثك.
- تزوجنا عقب لقائنا ... وبعد نحو عامين، وقع له حادث مخيف اذ هاجمه احد الاسود وكان من
حسن حظه انه نجا بحياته، ولكنه اصيب باصابة تركته كسيحا لا يستطيع السير.
قالت ذلك واسترخت في مقعدها.. وزال عنها التوتر..
ومضت في حديثها ... قالت:
-يقولون ان المصائب تروض النفس وتهذب الخلق ولكن الكارثة التي حلت بريتشارد لم تهذب
خلقه:: بل على العكس، انها ابرزت اسوأ مافيه ، وصيؤته حقودا قاسيا محبا للشراب..


وقد جعل الحياة لا تطاق بالنسبة الى كل انسان في هذا البيت.. ولكننا صبرنا عليه واحتملناه.. كنا
نقول ما يقال عادة في مثل هذه الظروف:
" مسكين ريتشارد ، انه يعاني الكثير بسبب اصابته"
ولكني ارى الان اننا كنا مخطئين..
فقد شجه سكوتنا وصبرنا على الاعتقاد بانه يختلف عن سائر الناس ، وان بوسعه ان يفع ما يريد
دون ان يسأل عما فعل.
قالت ذلك ونهضت لتدق رماد سيجارتها في منفضة على المائدة ، واستطردت قائلة:
-كان الصيد دائما هو أحب شيء إلى نفسه .. ولذلك كان يجلس هنا كل ليلة ، بعد ان نأوي إلى
مخادعنا.
فيأتيه خادمه الخاص ( انجل ) بشرابه المفضل .. ويضع بجواره مسدسا او اثنين ، ويترك هذا
الباب المؤدي إلى الحديقة مفتوحا!
ويظل ريتشارد قاعدا هنا في انتظار ان يلمح بريق عيني قطة او ارنب بري او كلب.
ولم تكن هناك ارانب كثيرة .. ولكنه قتل عددا كبيرا من القطط..
فقال ستارك:
- ألم يشك الجيران من ذلك؟
فردت لورا:
- طبعا .. اننا لم نأت إلى هنا إلا منذ عامين ، ولكننا كنا قبل ذلك نقيم في (نورفولك) على الشاطئ
الشرقي، وهناك قتل ريتشارد حيوانا او اثنين من الحيوانات الاليفة.. فأثار اصحابها ضجة شديدة
وشكونا على الجهات المسؤولة .. ولذلك اتينا للاقامة هنا في هذا البيت المنعزل .. ان اقرب بيت
الينا يبعد عدة اميال .. ولكن المكان هنا ملء بالقطط والسناجب والطيور..
وصمتت قليلا .. ثم مضت تقول:
- لقد بدأت متاعبنا الحقيقية في نورفولك عندما اقبلت احدى السيدات لتجمع معونة الكنيسة..
وحينما انصرفت ، راح ريتشارد يطلق النار حولها وهي تعدو كالارنب المذعور. وتنحرف يمينا
ويسارا، بينما ريتشارد يقهقه ضاحكا!
وقد تقدمت السدية بشكوى الى البوليس بطبيعة الحال .. ولكن ريتشارد استطاع ان يفلت من
العقاب ببراعة..
كانت لديه تراخيص لجميع الاسلحة النارية وقد زعم انه انما كان يطلع الرصاص على الارانب
البرية وان مسز باترفيلد سيدة متقدمة بالسن متوترة الاعصاب وقد توهمت انه يطلق النار عليها
وهو امر يجافي الواقع.
صفوة القول انه كان مقنعا في دفاعه عن نفسه فصدقوه.
فقال ستارك:
- يبدو ان دعابته .. كانت تنطوي على قدر كبير من فساد الذوق..
قال ذلك واقترب من الجثة ودار حولها..
ثم استطرد قائلا:
- اذن قان وجود المسدس على مقربة منه كان امرا مألوفا؟ ولكني اتاب في انه استطاع ان يطلق
الرصاص على اي شيء الليلة بسبب الضباب..
فقالت لورا:
- كان يحب دائما ان يكون المسدس في متناول ديه، مهما كانت الاحوال الجوية.. كان المسدس
بالنسبة اليه كاللعبة بالنسبة للطفل ، واحيانا كان يطلق الرصاص في الجداؤ لغير سبب ما.. انظر
الى يسار الباب ، تحت الستار..
فأزاح ستارك الستار، ورأى في الجدار ثقوبا يتالف منها الحرفان ( ر . و ) ..
قال :
-الحرفان الاولان من اسمه، الحق انه هداف بارع..

واسدل الستار وعاد الى مكانه امام لورا..وقال:
- لاشك ان الحياة معه كانت مزعجة للغاية !
فقالت وهي تنهض من مقعدها بطريقة عصبية:
- نعم.. ولكن هل يجب ان نمضي في الحديث على هذا النحو الى مالا نهاية؟ ان ذلك مجرد ارجاء
لما لا بد من حدوثه في النهاية ، الا تدرك ان من واجبك ان تتصل بالبوليس؟ افعل ذلك الان ،
فخير البر عاجله .. ام لعلك تريدني انا ان افعل ذلك؟ حسنا سأفعل!
واسرعت الى التليفون .. ولكنه هرول اليها وتناول السماعة من يدها وهو يقول :
-يجب ان نتحذث اولا.
فردت:
- اننا نحدثنا طويلا فلم يبق ما نتحدث فيه
فقال ستارك :
-بل هناك ما يستوجب الحديث ، قد اكون مغفلا ، ولكني اعتقج اننا يجب ان نجد مخرحا.
فلم تصدق لورا اذنيها.. وهتفت:
- لي انا؟
-نعم، لك انت..
ثم استادر اليها وقال:
- سنرى مبلغ شجاعتك ،،، هل تستطيعين المذب عند الضرورة؟ اعني الكذب المقتع الذي يصدقه
من يسمعه..
فصاحت لورا:
- لاشك انك مجنون..
- ربما.
- انك لا تعرف ما انت فاعل..
فقال ستارك:
- بل اعرف جديا ، ان ما افكر فيه سيجلعني شريكا لك في الجريمة!
فردت الفتاة:
- ولكن لماذا؟ لماذا؟
فأجاب وهو مشتغرق في التفكير:
- نعم .. لماذا؟ السبب بسيط فيما أظن .. هو انك امرأة فاتنة وانا لا احب لامرأة لها مثل فتنتك ان
تقضي اجمل سني حياتها في السجن او يطبق حبل المشنقة على عنقها من اجل جريمة كهذه..
وعلى كل حال فان الموقف واضح امامنا.. فقد كان زوجك رجلا مريضا كسيحا ..
فاذا كان قد اثارك الى الحد الذي فقدت فيه صوابك واطلقت عليه الرصاص !
فانت وحدك التي تستطيعين ان تذكري كيف اثارك واخرجك عن وعيك .. كلمة واحدة تكفي
لالقاء الضوء على اسباب الجريمة.. ولكنك لا تريدين ان تنطقي بهذه الكلمة ، واذا اصررت على
الصمت فان تبرئتك تصبح امرا مشكوكا فيه..
أليس كذلك؟
فأجابتك:
- الا يحتمل ان يكون كل ما قلته لك كذبا؟
فابتسم ستارك وقال:
- ربما .. وربما اكون مغفلا ، غير اني اصدقك.
فجلست لورا على احد المقاعد دون ان تنظر اليه.
وقال ستارك:
- والان .. تكلمي .. وبسرعة، غير اني اريد الولا ان اعرف الذين يقيمون في هذا البيت.
فترددت لورا لحظة.. ثم قالت:

- توجد والدة ريتشارد ، ومس بنيت وهي ممرضة قديمة تعمل الان كمدبرة للبيت وسكرتيرة ..
وقد مضت في هذا البيت سنوات عديدة ، وهي تحب ريتشارد وتخلص له.
هم هناك انجل ، خادم ريتشارد الخاص وممرضة ، وليس لدينا خدم دائمون..
آه هناك أيضا جان..
فسأل ستارك بحدة:
- ومن هو جان هذا؟
فنظرت إليه بمزيج من الحيرة والارتباك قائلة:
- انه أخ غير شقيق لريتشارد وهو يقيم معنا.
فقال ستارك وهو ينهض:
- اولى بك ان تكوني اكثر صراحة ، ثمة شي او اشياء خاصة لا تريدين الافصاح عنها .. ماهي؟
فردت:
- انه انسان لطيف جدا ، غير انه ليس كسائر الناس ، اعني انه ممن يقال عنهم انهم متخلفون
عقليا..
فسأل ستارك:
- آه.. يخيل الي انك تحبينه.
- نعم.. اني احبه كثيرا واعطف عليه كل العطف، ومن اجله احاول ان اهجر ريتشارد واترك
المنزل، ذلك لان ريتشارد كان دائما من يضعه في مصحة الامراض النفسية.
- وهل هذا ما كان يهددك به؟
فردت:
- نعم .. ولو وثقت من انني استطيع ان اكسب بعرق جبيني ما يكفيني انا وجان لما ترددت ،
ولكني لم اكن على يقين ، ثم ان ريتشارد هو الوصي على أخيه..
- هل كان ريتشارد يعامله بلطف؟
- احيانا .. واحيانا اخرى كان يتحدث عن ارساله الى مصحة ويقول له : انهم سيعاملونك هناك
برفق ويعنون بك وسوف تقوم لورا بزيارتك مرة او مرتين في كل عام..
ولا يزال بالشاب المسكين حتى يدخل الذعر في قلبه فيجثو المسكين امامه ويرجوه ويتوسل اليه
فينفجر ريتشارد ضاحكا ويظل يضحك حتى تدمع عينيه.
- فهمت .. فهمت
فنهضت لتطفئ سيجارتها وقالت:
-لا ضرورة لان تصدقني بل لا ضرورة لان تصدق اية كلمة اقورها لك ، ان ما اقوله قد يكون
مجرد مجموعة اكاذيب .
فقال ستارك:
- قلت لك اني سأجازف بتصديقك، والان اي نوع من النساء تلك المرأة المسماة مس بنيت؟ هل
هي امراة ذكية؟
- انها على جانل كبير من الذكاء والكفاية..
فسألها:
- كيف اتفق ان احدا من كل هؤلاء .. لم يسمع صوت الطلق الناري؟
فردت لورا:
- ان والدة ريتشارد نصف صماء، وغرفة مس بنيت تقع في الجاتب الاخر من البيت.. وانجل
يقيم في جناح منعزل، اما غرفة جان فانها تقع فوق هذه الغرفة، ولكنه يأوي الى فراشه في ساعة
مبكرة ويستغرق في نوم عميق.
- كل هذا من حسن الحظ.
فسألته:
- ولكن ماذا يدور بخلدك؟ هل تعتقدين اننا نستطيع ان نجعل الحادث يبدو وكأنه انتحار؟

فهز رأسه سلبا. وأجاب:
- كلا . لا امل في ذلك.


ثم اقترب من الجثة ونظر اليها مرة أخرى.. وسأل:
- هل كان اعسرا؟
- كلا.
فقال وهو يشير الى مكان الاصابة في الجانب الايسر من الرأس :
- يستحيل ان يحدث اطلاق الرصاص باليد اليمنى مثل هذه الاصابة .. ثم انه لا يوجد اثر
لاحتراق البشرة.
وهذا يدل على ان الرصاصة اطلقت من مسافة بعيدة، كل .. يجب ان نستبعد فكرة الانتحار
نهائيا، ويبقى بعد ذلك ان يكون الحادث قد وقع قضاء وقدرا!
وصمت ... وفكر في الامر مليا..
ثم قال:
- لنفرض اني جئت الى هنا الليلة ، كما حدث فعلا .. واني دخلت من هذه الباب ، فصوب علي
ريتشارد مسدسه واطلقه .. ذلك جائز تماما على ضوء المعلومات التي ادليت بها الي..
ثم لنفترض ان الرصاصة طاشت واني هجمت عليه ، وانتزعت المسدس من يده ..
فهتفت لورا في حماسة :
- وخلال النضال بينك وبينه ، انطلقت رصاصة.
فقال ستارك:
- نعم. كلا، هذه فكرة خاطئة سيكتشف البوليس على الفور ان الرصاصة لك تطلق من مسافة
قريبة لانه لايوجد اثر لاحتراق البشرة كما قلت لك..
واذا كنت قد نجحت في انتزاع المسدس من يده فلماذا اطلق عليه الرصاص؟
كلا ... انها مسألة معقدة حقا.
وتنهد واستطرد قائلا:
- حسنا.. لتكن جريمة قتل اذن .. ولكنها جريمة ارتكبها شخص من الخارج.
قال ذلك ومشى الى الباب وامسك بالستار..
ونظر الى الخارج ..
فقالت لورا :
- تعني لصا؟
فقال ستارك بعد تفكير:
- يجوز ان يقدم اللص على ارتكاب جريمة قتل .. غير ان هذا لن يكون مقنعا .. وخير منه ان
يكون القاتل عدوا لريتشارد ، سيبدو ذلك وكأنه مسرحية مأساوية..
ولكن يخيل إلي مما ذكرتيه عن خلق زوجك وطباعه انه رجل خليق بان يكون له اعداء كثيرون
، فهل انا على صواب؟
فأجابت بهدوء:
- نعم كان لريتشارد أعداء ، انما ..
فأشعل ستارك لفافة تبغ..ثم قال:
- دعك من الاعتراضات الان ، وحدثيني عن اعداء ريتشارد .. هناك السيدة التي اقبلت لجمع
التبرعات للكنيسة ، فأطلق الرصاص عليها .. غير اني لا اعتقد ان ما حدث لها يصلح لأن يكون
حافزا للقتل .. من سواها؟ من سواها يحقد على زوجك؟
فدفنت الصبية وجهها بين كفيها واستغرقت في التفكير ..
فلم تكت على يقين ان هناك بين اعداء ريتشارد .. من يمكن اتهامه بقتله..!
قالت أخيرا:




- كان لدينا بستاني منذ عام ، فطرده ريتشارد ورفض ان يعطيه شهادة سلوكه وعمله وقد ثار
البستاني ، وهدد وتوعد ، وكان عنيفافي حديثه مع ريتشارد.
فسألها ستارك:
-لا أظن .. اننا نستطيع الافادة من هذه المعلومات واكبر الظن ان هذا البستاني سوف يقيم الدليل
على انه كان في بيته وقت حدوث الجريمة .. فان لم يستطع فإنه قد يدان ويعاقب على جريمة لم
يرتكبها..
كلا ، اننا نريد عدوا من الماضي البعيد ، من العهد الذي كان فيه ريتشارد يصطاد الاسود ،
والنمور في افريقيا او الهند ، او اي مكان اخر ، يتعذر على رجال البوليس الاهتداء فيه إلى
الحقيقة بسرعة !
فقالت لورا:
- ليتني فقط استطيع ان اتذكر بعض القصص التي رواها ريتشارد عن مغامراته في افريقيا
ولكني مشوشة الذهن ولا استطيع ان اتذكر شيئا
- حتى قصص مغامراته في رحلات الصيد والقنص لن تفيدنا ، اذ ليست لدينا ادلة مادية من اي
نوع.. مثل عمامة هندية او حربة افريقية او سهم مسموم ، هل تفهمين ما أعني؟
ان ما نحن بحاجة إليه .. هو اسم عدو قديم من اعداء ريتشارد فحاولي ان تتذكري.
فراحت لورا تعصر ذهنها..
ولم تلبث ان هزت رأسها قائلة:
- لا اذكر شيئا ..
فسألها ستارك:
- انك حدثتني عن زوجك وشذوذه وغرابة أطواره .. رجل مثله لابد ان يكون في حياته احداث،
واشخاص ..
أعني اشخاصا ناصبوه العداء.. ووجهوا اليه تهديدات لها ما يبررها!
فقالت ببطء:
- هناك رجل كان ريتشارد قد صدم ابنه بالسيارة وقتله.
فصاح ستارك بسرعة :
- من هو هذا الرجل ؟
- فقد وقع الحادق منذ نحو عامين ، عندما كنا نقيم في نورفولك.. وهدد ريتشارد بالانتقام!
- هذا موضوع يمكن الافادة منه .. حدثيني بكل ما تذكرينه عنه.
- كان ريتشارد قادما بسيارته من مدينة ( كرومر ) .. وكان قد اسرف في الشراب.. فاخترق احدا
القرى الصغيرة بسرعة رهيبة.. واتفق ان كان احد الاطفال يعبر الطريق فصدمه ريتشارد وقتله
على الفور.
فسال ستارك بدهشة:
- هل تعنين ان زوجك كان في استطاعته ان يقود سيارة؟
فقالت الصبية:
- نعم، كانت لدية سيارة صنعت خصيصا ، بحيث يستطيع قيادتها بيديه فقط دون ال استعانة
بقددمه.
فرد ستارك:
- فهمت .. وماذا تم في حادث الطفل؟ ألم توجه إلى زوجك تهمة القتل الخطأ؟
فقالت بمرارة:
- حدث نحقيق طبعا.. ولكنه حفظ وبرئت ساحة ريتشارد تماما
فهتف ستارك بدهشة:
- كيف؟ ألم يكن هناك شهود؟
فتمتمت قائلة:


- كان هناك والد الطفل ، وقد رأى الحادث بنفسه..
وكانت مع ريتشارد في السيارة ممرضة من المستشفى تدعى مس واربوتون..
وقد قررت هذه الممرضة ان السيارة كانت وقت وقوع الحادثة تسير بسرعة اقل من ثلاثين ميلا
في الساعة. وان ريتشارد لم يتناول من الشراب سوى قدحا واحدا من النبيذ.
وقالت ان الحادثة لم يكن من الممكن اجتنابها..
وصدقها المحقق ، ولم يصدق والد الطفل .. الذي ثار وهدد وتوعد..
وتنهدت لورا ..
واستطردت قائلة بلهجة تدل على السخط والاستهجان:
- كل شي حول الممرضة كان يوحي بالثنة في اقوالها ، فهي امرأة ناضجة رزينة .. والمعروف
عن الممرضات بصفة عامة انهن اهل للثقة.
- هل كنت معهما في السيارة؟
- كلا..
فعاد لسؤالها:
- اذن كيف عرفت ان ما قالته الممرضة غير جدير بالتصديق؟
فقالت:
- فقد استعرض ريتشارد الموضوع برمته عقب عودته هو والممرضة من التحقيق.. وقال
للممرضة وهو يتظر اليها ويضحك:
" أحسنت يا مس واربورتون.. انك قدمت لي خدمة عظيمة، وقد كان من الممكن ان اقضي
بالسجن عدة اعوام"
فأجابته الممرضة قائلة :
" انك لا تستحق هذه الخدمة يا مستر واريك، فانت تعلم انك كنت تقود السيارة بسرعة رهيبة ،
وقد ذهب هذا الطفل المسكين ضحية رعونتك"
فقال ريتشارد :
" وما اهمية طفل بالزيادة او النقصان في هذا العالم المزدحم بالسكان؟ لقد استراح الطفل من
شقاء الحياة ، واؤكد لك ان مصرعه لن يؤرقني ولن يفسد علي متعة النوم"
فانبعث ستارك واقفا..
وقال وهو ينظر من ركن عينه إلى الجثة:
- ان كل جديد اسمعه عن زوجك ، يزيدني اعتقادا بان ما اصابه الليلة كان قصاصا عادلا ، وليس
جريمة قتل .. والان .. ما اسم ذلك الشخص الذي قتل ريتشارد طفله؟
- كان اسمه يدل على انه من اصل اسكتلندي ، كان يدعى ماك .. ماكلويد او ماكري .. لا اذكر
تماما.
فقال ستارك :
- حاولي ان تتذكري .. يجب ان تتذكري .. الا يزال يقيم في نورفولك؟
- كلا .. انه لم يكن يقيم فيها .. انه اقبل من كندا خصيصا لزيارة اهل امرأته ..
فهتف ستارك:
- كندا؟ هذا بلد بعيد مترامي الاطراف والبحث فيه عن والد الطفل سوف يستغرق وقتا طويلا ..
اظن اننا وقعنا على ضالتنا، ولكن بحق السماء .. حاولي ان تتذكري اسم هذا الشخص..
اطرقت لورا برأسها واستغرقت في التفكير..
بينما راح ستارك يذرع أرض الغرفة وعلى وجهه دلائل الهم والقلق..
وفجأة .. توقف ستارك عن السير واخرج قفازه من جيبه ودس يديه فيه..
وقال يكلم لورا:
- هل لديك صحف؟

- صحف؟
- نعم ، لا اعني بالضرورة صحف اليوم .. اريد صحفة امس او امس الاول
فأجابت وهي تشير الى رف وراء المكتب:
- توجد هناك طائفة من الصحف القديمة.
فاسرع ستارك الى حيث اشارت وتناول احدى الصحف والقى عليها نظرة سريعه وهتف:
- رائع ، هذا ما اريده
وبسط الصحيفة على المكتب وتناول مقصا كان هناك وتأهب للعمل ..
فسألته لورا :
- ماذا تريد ان تفعل؟
- ساصنع الادلة
- ولكن .. هب ان البوليس عثر على الرجل؟
- اذا كان الرجل لا يزال يقيم في كندا فان سلطات البوليس ستجد مشقة في العثور عليه. واذا
عثرت عليه فمن المحقق ان الرجل سيكون لديه من الادلة ما يثبت انه كان وقت وقوع الجريمة
في مكان ما بعيدا عن مسرح الاحداث
وكل هذا سوف يتطلب وقتا طويلا يكفي لتهدئة الموقف هنا ، ويتيح لنا فرصة لمزيد من التفكير
والتدبير.
فهزت لورا راسها ببطء قائلة:
- اني لا اقر هذه الخطة ، ولا اوافق على اقحام شخص بريء في هذه الجريمة.
فقال ستارك :
- يا فتاتي العزيزة ، انك لست في مركز يسمح لك بالاختيار واتما يجب ان تتذكري اسم الرجل ،
يجب .. يجب..
- قلت لك اني لا استطيع
فقال ليعاونها:
- هل كان اسمه ماكدوجال ، او ماكدونالد ، او ما كنتوش؟
- كلا
- لا حيلة لي في الامر .. مادمت لا تستطيعين تذكر الاسم فعلينا ان نعمل بدونه الا تذكرين تاريخ
الحادثة او اي شي اخر يفيدنا؟
- اذكر التاريخ ، فقد وقع الحادث في اليوم الخامس عشر من شهر مايو.
فدهش ستارك وقال:
- كيف استطعت بحق السماء ان تذكري التاريخ بهذه الدقة؟
- لأنه تاريخ يوم مولدي..
فتمتم ستارك :
- فقد خدمنا الحظ في هذا ايضا .. فتاريخ هذه الصحيفة هو الخامس عشر من الشهر..
قال هذا وقص التاريخ..
فهتفت لورا:
- ان تاريخ هذه الصحيفه هو الخامس عشر من شهر نوفمبر
- اعلم هذا .. ان ما يهمنا هو الرقم .. اما حروف مايو فيمكن تدبيرها.
وراح يقص الحروف من الصحيفة واحدا تلو الاخر ، قص حروف الميم والالف والياء والواو
وسألته لورا:
ماذا ستفعل بعد ذلك؟
فاجاب وهو يجلس امام المكتب:
هل لديك مادة لاصقة؟
فمدت لورا يدها للتناول من فوق المكتب انبوبه بها مادة لاصقة
__________________
سألت القلب كيف احفظ انسان احبه؟
فقال\
انتبه الا تجرحه وبالكذب لا تخدعه
ومن الحب لاتحرمه وبالصراحه عامله
وعن روحك لا تبعده ولا تفكر تؤلمه
رد مع اقتباس