عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-24-2005, 11:25 AM
 
أسرار (الـم) في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم




كثيرة هي التساؤلات التي طُرحت حول الحروف في أوائل بعض السور، ولماذا وضع الله هذه الحروف وهل جاء الزمن الذي يمن الله علينا باكتشاف سرها، وهل يمكن أن تكون هذه الحروف دليلاً مادياً على صدق كتاب الله تعالى في عصر التكنولوجيا الرقمية الذي نعيشه اليوم؟؟

سوف نرى من خلال معجزة هذه الحروف وبنائها الرقمي المحكم مدى التعقيد والإبداع الإلهي والذي لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله. سوف نرى نسيجاً رائعاً من التناسقات العددية القائمة على الرقم سبعة ومضاعفاته وفق منهج علمي ورياضي محكم.

ونكتفي بأول حروف ذكرت في القرآن وهي (الم). فعندما ندرك الإعجاز في هذه الحروف ندرك أن بقية الحروف فيها معجزة تستحق التفكر، وندرك بأن كل حرف في القرآن فيه معجزة ولكن أين من يتدبّر؟!
سوف نسمي هذه الحروف بالحروف المميزة لأن الله تعالى قد ميّزها عن بقية الحروف ووضعها في أوائل السور لأهميتها، وجاء عددها من مضاعفات الرقم سبعة. وقد جاء تكرارها ليشكل بناء يقوم على الرقم سبعة.

إشارات لوجود علاقة بين الرقم سبعة وهذه الحروف

إن أول شيء لاحظه المفسرون رحمهم الله تعالى في هذه الحروف أن عددها هو أربعة عشر حرفاً، وعدد الافتتاحيات المشكلة منها هو أيضاً أربعة عشر افتتاحية، طبعاً عدا المكرر منها. والشيء الذي لفت انتباهي هو هذا الرقم أي 14، وتوقعت أن يكون فيه مفتاح الحل للغز هذه الحروف بسبب تكراره مرتين أي مرة مع الحروف المقطعة ومرة مع الافتتاحيات في أوائل السور:

عدد الحروف المميزة عدا المكرر = 14 أي سبعة في اثنان.

عدد الافتتاحيات المميزة عدا المكرر = 14 أي سبعة في اثنان.

إن العدد 14 يمكن تحليله رياضياً إلى رقمين 7 و 2 ، بكلمة أخرى إن العدد 14 هو حاصل ضرب سبعة في اثنان، ويمكن كتابة المعادلة الآتية: 14 = 7 × 2 ولكن ماذا يعني ذلك؟

قبل البدء باستعراض بعض دلالات الرقم سبعة نود أن نشير إلى أن تسمية الحروف التي في أوائل السور بالحروف المقطعة هي تسمية غير دقيقة من الناحية العلمية. فنحن نرى مثلاً حروف ألف لام ميم تكتب موصولة هكذا (الم) وليست مقطعة!

وقد يسمي بعضهم هذه الحروف بالحروف النورانية وهذه التسمية أيضاً غير علمية لأنه لا توجد بالمقابل حروف مظلمة! ولذلك وبعد بحث طويل تبين لي بأن أفضل تسمية لهذه الحروف هي "الحروف المميزة". وذلك لأن الله عز وجل قد ميّزها عن غيرها من الحروف ووضعها في مقدمة ربع سور القرآن تقريباً.

لذلك سوف نعتمد هذا الاسم العلمي لهذه الحروف، وسوف نسمي الافتتاحيات التي بدأت بها بعض السور مثل (الم) و(المص) و(الر) ... بالافتتاحيات المميزة، ونسمي هذه السور ذات الفواتح بالسور المميزة أيضاً. ولكن لماذا الرقم سبعة؟



الرقم المميز


لا يخفى على أحد ما للرقم سبعة من أسرار وعجائب، فهذا العدد هو أول عدد ذُكر في القرآن، وهو العدد الأكثر تكراراً في كتاب الله تعالى بعد الرقم واحد، وهو العدد الذي اختاره الله تعالى لكل ذرة من ذرات الكون، فكما نعلم عدد طبقات الذرة هو سبعة. وعدد السماوات سبع وكذلك الأراضين، وكذلك عدد أيام الأسبوع، ومثله كثير.

وحتى الرسول الكريم عليه وآله الصلاة والتسليم، كان يكثر من ذكر هذا الرقم بالذات. فالطواف حول الكعبة هو سبعة أشواط والسعي بين الصفا والمروة مثله، والجمرات التي يُرمى بها إبليس هي سبعة، والسجود يكون على سبعة أعضاء، وووو... ولو ذهبنا نبحث عن دلالات هذا العدد لاحتجنا إلى مجلدات ضخمة.

إذن اختار الله تعالى عدد الحروف المميزة في القرآن لتساوي ضعف الرقم سبعة أي 7×2، ولكن ماذا يعني الرقم 2 أيضاً؟ إن هذا الرقم ببساطة يدل على التكرار والتثنية والمضاعفة، وكأن الله تعالى يريد أن ينبِّهنا إلى معجزة في هذه الحروف تقوم على الرقم سبعة ومكرراته، فجعل عددها سبعة في اثنان.

أي أننا إذا تأملنا بناء هذه الأحرف والطريقة التي انتظمت بها عبر آيات القرآن وأعداد هذه الحروف المميزة في كل كلمة من كلمات القرآن، لا بدّ أن نحصل على تناسقات مع الرقم سبعة ومضاعفاته، أي رياضياً لا بدّ أن نحصل على أعداد تقبل القسمة على الرقم سبعة من دون باق، وهذا ما سوف نراه فعلاً.

لقد بدأتُ منذ سنوات بتأمل هذه الحروف ودراستها من حيث التكرار والتوزع في آيات وسور القرآن فرأيتُ نظاماً بديعاً ومُحكماً، حتى إنني ألّفتُ كتاباً كاملاً بعنوان "أسرار معجزة الم" تناولتُ فيه هذه الحروف الثلاثة بالتفصيل. وقد ثبُت يقيناً وجود معجزة رقمية في هذه الحروف تقوم على الرقم سبعة ومضاعفاته. ولنبدأ بأول حروف مميزة في القرآن وهي (الم).

أول افتتاحية مميزة في القرآن

إن أول افتتاحية مميزة في القرآن هي (الم)، وهي أول آية من سورة البقرة، ويأتي بعدها مباشرة تأكيد من ربّ العزة سبحانه وتعالى أن هذا الكتاب أي القرآن لا ريب فيه أي لا شكّ فيه وأنه هدى للمتقين. يقول عزّ وجلّ: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2].

ولو ذهبنا إلى آخر سورة بدأت بالحروف الثلاثة (الم) لوجدنا سورة السجدة التي استُفتحت بهذه الحروف وجاء بعدها مباشرة في الآية الثانية تأكيد من الله تعالى أن القرآن لا ريب فيه أيضاً وأنه تنزيل من رب العالمين. يقول تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [السجدة: 2]. أي أن التأكيد هنا يتكرر بأن القرآن لا شكّ فيه.

لقد فكرتُ طويلاً في سرّ هذا التكرار لتأكيد الله تعالى بأن القرآن لا ريب فيه، ولماذا اختار الحق سبحانه هذه الحروف الثلاثة بالذات؟ وبعد بحث طويل خطرت ببالي فكرة وهي أن الله تعالى لم يضع هذه الحروف عبثاً، أو أنها أسماء لله أو أسماء للسور فهذا كله لم يثبت وسبب ذلك ببساطة هو أنه إذا فكر أحد بتغيير هذه الحروف لن يؤثر ذلك على هذا التفسير، أي أن الحروف الجديدة تصلح أسماء للسور أو أسماء لله تعالى.

والمنطق يفرض بأن الله تعالى قد وضع هذه الحروف ليؤكد لنا وجود بناء خاص بها، أي أننا لو استبدلنا هذه الحروف بأخرى سوف يختل هذا البناء! أي أن هذه الحروف فيها معجزة ولا يمكن تحريفها أبداً أو تغييرها أو تبديلها. والسؤال: كيف يمكن التعبير عن هذا البناء المحكم؟ وهل يمكن أن نجد في هذا البناء تناسقاً مع الرقم سبعة؟

لقد اتبعتُ منهجاً علمياً في دراسة هذه الحروف وتوزعها في كلمات الآية، أي بدأتُ بالإجابة عن تساؤل: بما أن الله تعالى قد اختار هذه الحروف الثلاثة ليضعها في مقدمة السورة ووضع بعدها مباشرة الآية التي تؤكد أن القرآن هو كتاب لا ريب فيه، فهل يمكن أن يكون لهذه الحروف بالذات ترتيب معجز يدل فعلاً على أن القرآن لا ريب فيه؟

توزع مذهل للحروف

قمتُ بكتابة هذه الآية كما كُتبت في القرآن وأخرجتُ من كل كلمة ما تحويه من هذه الحروف الثلاثة أي الألف واللام والميم. فكلمة (ذلكَ) تحوي من (الم) حرف اللام أي تحوي حرفاً واحداً من هذه الحروف الثلاثة، وبالتالي تأخذ الرقم 1 . وكلمة (الكتاب) نجدها مكتوبة في كتاب الله تعالى من دون ألف هكذا (الكتب) وتحوي الألف واللام ولذلك تأخذ الرقم 2، أما كلمة (لا) فتحوي ألفاً ولاماً أي 2 وكلمة (ريب) لا تحوي أي حرف من حروف (الم) لذلك تأخذ الرقم صفر. ومثلها كلمة (فيه) التي لا تحوي شيئاً من حروف ألف لام ميم وتأخذ الرقم صفر، وكذلك كلمة (هدى) ليس فيها شيء من (الم) وتأخذ الصفر، أما كلمة (للمتقين) فتحوي لاميْن وميماً أي المجموع ثلاثة وتأخذ الرقم 3.

والآن نكتب الآية الكريمة وتحت كل كلمة عدد ما تحويه من الحروف الثلاثة (الم) :

ذَلِكَ الْكِتَبُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ

1 2 2 0 0 0 3



فإذا ما قرأنا العدد كما هو دون جمعه نجده 3000221 أي ثلاثة ملايين ومئتان وواحد وعشرون، هذا العدد له علاقة مباشرة بالرقم سبعة فهو من مضاعفات الرقم سبعة، أي إذا قسمناه على سبعة كان الناتج عدداً صحيحاً لا فواصل فيه، ويمكن أن نتأكد من هذه النتيجة رياضياً بقسمة هذا العدد على سبعة لنحصل على عدد صحيح لا يحوي كسوراً أو فواصل عشريةً:

3000221 ÷ 7 = 428603


إذن العدد الذي يمثل توزع حروف (الم) في كلمات أول آية بعد (الم) هو عدد من مضاعفات الرقم سبعة. ولكن ماذا عن آخر (الم) وهل من الممكن أن تتكرر هنا العلاقة الرياضية ذاتها؟

لنكتب الآية التي تلي (الم) من سورة السجدة وتحت كل كلمة عدد حروف الألف واللام والميم فيها تماماً كما فعلنا مع الآية السابقة، مع ملاحظة أن كلمة (الكتاب) هنا أيضاً كُتبت من دون ألف (الكتب)، وكذلك كلمة (العالمين) كتبت من دون ألف هكذا (العلمين) وهذا لحكمة سوف نكتشف جزءاً منها. الآن نكتب الآية لنرى كيف تتوزع حروف (الم) في كلماتها:


تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ

1 2 2 0 0 1 0 4



و هنا نجد العدد 40100221 والذي يمثل توزع حروف الألف واللام والميم من مضاعفات السبعة:

40100221 ÷ 7 = 5728603


وهنا نقول إن هذا التوزع السباعي الدقيق لم يأت عن طرق المصادفة لأن المصادفة لا تتكرر بهذا الشكل. والذي يؤكد ذلك هو أن التوزع لا يقتصر على الحروف بل الكلمات لها نظام أيضاً. لنقرأ الفقرة التالية.




توزع مذهل للكلمات


في هاتين الآيتين كلمات تحوي حروفاً من (الم) كما رأينا وكلمات أخرى لا تحوي أي حرف من (الم)، والسؤال: إذا كان توزع حروف (الم) عبر كلمات الآية جاء متناسباً مع الرقم سبعة، فماذا عن الكلمات التي تحوي (الم)؟ وهل تتكرر العلاقة السباعية أيضاً؟


ونقول: كما توزعت حروف (الم) بنظام سباعي كذلك تتوزع كلمات (الم) بنفس النظام. ونكتب الآن كلتا الآيتين السابقتين، ولكن هذه المرة نبحث عن الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) فنعطيها الرقم واحد، أما تلك الكلمات التي لا تحوي أي حرف من حروف الألف واللام والميم فتأخذ الرقم صفر. وهنا نتبع قاعدة رياضية معروفة هي نوع من أنواع النظام الثنائي، والذي يقتصر على الرقمين واحد وصفر.

لنطبق هذه القاعدة على الآية الأولى، فنكتب الآية الكريمة وتحت كل كلمة رقماً يشير إلى وجود أو عدم وجود حروف (الم) في الكلمة:

ذَلِكَ الْكِتَبُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ

1 1 1 0 0 0 1


وهنا نجد العدد الذي يمثل توزع الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) هذا العدد هو 1000111 وهو من مضاعفات الرقم سبعة:

1000111 ÷ 7 = 142873


والعجيب أن النظام ذاته ينطبق على الآية الأخيرة! لنكتب كلمات الآية وتحت كل كلمة رقم يمثل وجود أو عدم وجود (الم) في هذه الكلمة كما فعلنا مع الآية السابقة:

تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ

1 1 1 0 0 1 0 1


والعدد الذي يمثل توزع الكلمات ذات حروف (الم) هو 10100111 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:

10100111 ÷ 7 = 1442873

فتأمل أخي القارئ كيف أن حروف (الم) تتوزع بنظام سباعي، وبالمثل الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) تتوزع بنظام سباعي أيضاً. فهل جاء هذا التوزع بالمصادفة؟ وهل يمكن للمصادفة أن تتكرر في القرآن كله في آياته وسوره وكلماته وحروفه؟؟


تناسق معجز!


إن الإعجاز والنظام والتناسق لا يقتصر على الآيات، بل يشمل أيضاً ارتباط هذه الآيات بعضها ببعض، وهذا لكمال وتمام الإعجاز في كتاب الله تعالى. فلو أحصينا عدد حروف الآية الأولى: (ذَلِكَ الْكِتَبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) نجد 26 حرفاً. ولو عددنا حروف الآية الثانية: (تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ) نجد 29 حرفاً. والعجيب أن هذين الرقمين يتناسبان مع الرقم سبعة، فلو قمنا بوضع هذين الرقمين حسب تسلسلهما وجدنا عدداً هو:

الآية الأولى الآية الأخيرة

26 29



والعدد الذي يمثل حروف الآيتين هو 2926 من مضاعفات السبعة:

2926 = 7 × 418

إن هذه النتيجة تؤكد ارتباط حروف الآيات بنظام سباعي، ولكن هذا ليس كل شيء، وهذه النتيجة ليست مصادفة، والسبب هو وجود علاقة مذهلة بين عدد الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) وبين عدد هذه الحروف في الآية.




التوازن العددي بين الكلمات والحروف



لو عددنا الكلمات التي تحوي (الم) في الآية الأولى أي في قوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) وجدنا 4 كلمات تحوي حروفاً من (الم)، ولو عددنا حروف الألف واللام والميم في الآية لوجدنا 8 أحرف أي الضعف، والمذهل وجود تناسق عددي يربط بين الكلمات والحروف:

عدد الكلمات التي تحوي (الم) عدد حروف (الم) في الآية

4 8



والعدد الناتج من صف الرقمين 4 و 8 أي العدد الذي يمثل الكلمات والحروف هو 84 من مضاعفات السبعة:

84 ÷ 7 = 12 (لاحظ أن العدد 12 هو مجموع الكلمات والحروف 4+8)


الآن نذهب للآية الأخيرة (تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ) ونطبق الخطوات ذاتها ونحصي الكلمات التي احتوت على أحد حروف (الم) لنجد عددها 5 ولكن عدد حروف الألف واللام والميم في هذه الآية يساوي 10 أي الضعف أيضاً!! تماماً كما في الآية الأولى. ويبقى هنا التناسق السباعي ليربط بين الكلمات والحروف:

عدد الكلمات التي تحوي (الم) عدد حروف (الم) في الآية

5 10


وهنا من جديد نجد العدد الذي يمثل الكلمات والحروف هو 105 من مضاعفات السبعة أيضاً:

105 ÷ 7 = 15 (ولاحظ هنا أيضاً العدد 15 هو مجموع الكلمات والحروف 5+10)

حتى ناتجي القسمة أي العدد 12 والعدد 15 نجد بينهما تناسق سباعي محكم، فعند صف هذين العددين 12-15 نجد عدداً جديداً هو 1512 وهذا من مضاعفات السبعة أيضاً:

1512 ÷ 7 = 216

ولكن العجيب أن العدد النهائي الناتج لدينا وهو 216 يتناسب بشكل مذهل مع عدد السور التي تبدأ بـ (الم) وهو 6 فالعدد 216 يساوي ستة في ستة في ستة:

216 = 6 × 6 × 6

وهنا ندرك أن كل عدد في القرآن قد وضعه الله تعالى بدقة فائقة وبتناسب مبهر ليدلنا على إعجاز القرآن، ليس بلغته وبلاغته وعلومه فحسب، بل بأرقامه وأعداده أيضاً.

رسم معجز

إن المعجزة القرآنية الرقمية تشمل أيضاً طريقة رسم كلماته وحروفه. وتأمل أخي القارئ كيف أن الله بعلمه وحكمته قد ألهم المسلمين أن يكتبوا كلمة (كتاب) في الآيتين السابقتين من دون ألف هكذا (كتب)، مع العلم أنه في بعض المواضع لم تحذف هذه الألف! وتأمل معي لو أن أحداً فكر بإضافة حرف الألف لهذه الكلمة فهل سيبقى من هذا التناسق شيء؟ أليس هذا دليلاً على حفظ الله لكتابه؟ يقول تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحِجر: 9].


تكرار مذهل للحروف

ولو سرنا عبر آيات وكلمات وسور القرآن لرأينا نظاماً بديعاً يشهد على عظمة منزل القرآن سبحانه وتعالى. ويكفي أن نعلم بأن حروف الألف واللام والميم تتكرر في أول آية من القرآن بنظام عجيب وفريد. فلو قمنا بعد حروف الألف واللام والميم في (بسم الله الرحمن الرحيم)، لوجدنا حرف الألف يتكرر ثلاث مرات في هذه الآية، أما حرف اللام فقد تكرر أربع مرات كما نرى، وحرف الميم تكرر ثلاث مرات. لنكتب هذه التكرارات من جديد ونرى التناسق المذهل مع الرقم سبعة:

الألف اللام الميم

3 4 3



والعدد الناتج لدينا هنا والذي يمثل تكرار حروف (الم) في هذه الآية الكريمة هو 343 ثلاث مئة وثلاثة وأربعون، العجيب أن هذا العدد الذي يمثل تكرار حروف (الم) يقبل القسمة على سبعة ثلاث مرات متتالية:

343 ÷ 7 = 49

49 ÷ 7 = 7

7 ÷ 7 = 1



والناتج النهائي من سلسلة عمليات القسمة على سبعة هو 1 ورقم هذه الآية هو 1 وهي في السورة رقم 1 ، أليست هذه النتيجة دليلاً على وحدانية الله تعالى؟؟؟ ولكن السؤال: لماذا تكررت (الم) ست مرات في القرآن؟ ولماذا اختار الله سوراً محددة ليبدأها بهذه الحروف؟




تسلسل الحروف المميزة في القرآن الكريم


لنكتب السور التي تبدأ بحروف مميزة حسب تسلسلها في كتاب الله تعالى مع الحروف التي تبدأ بها كل سورة ونميز منها حروف (الم):


1- سورة البقرة (الم)

2- سورة آل عمران (الم)

3- سورة الأعراف (المص)

4- سورة يونس (الر)

5- سورة هود (الر)

6- سورة يوسف (الر)

7- سورة الرعد (المر)

8- سورة إبراهيم (الر)

9- سورة الحِجر (الر)

10- سورة مريم (كهيعص)

11- سورة طه (طه)

12- سورة الشعراء (طسم)

13- سورة النمل (طس)

14- سورة القصص (طسم)

15- سورة العنكبوت (الم)

16- سورة الروم (الم)

17- سورة لقمان (الم)

18- سورة السجدة (الم)

19- سورة يس (يس)

20- سورة ص (ص)

21- سورة غافر (حم)

22- سورة فُصّلت (حم)

23- سورة الشورى (حم عسق)

24- سورة الزخرف (حم)

25- سورة الدخان (حم)

26- سورة الجاثية (حم)

27- سورة الأحقاف (حم)

28- سورة ق (ق)

29- سورة القلم (ن)


ترتيب مذهل للسور المميزة ذوات الحروف (الم)

كما قلنا في القرآن الكريم ست سور جميعها تبدأ بالحروف (الم)، فهل من بناء سباعي محكم؟ لقد اختار الله تبارك وتعالى بعلمه وقدرته ترتيباً معجزاً لسور القرآن وخصوصاً السور التي تبدأ بحروف مميزة. وبما أننا نعيش الآن في رحاب (الم) لذلك سوف نتساءل:

ما هي الحكمة من تكرار (الم) ست مرات في ست سور؟ ولماذا جاء عدد آيات هذه السور وفق ما نراه أي سور طويلة مثل البقرة، وسور قصيرة مثل السجدة؟ ولماذا جاء ترتيب هذه السور الستة بهذا الشكل؟ أي أربع سور نزلت بمكة وهي العنكبوت والروم ولقمان والسجدة، وسورتان نزلتا بالمدينة البقرة وآل عمران. ولماذا وُضعت سورتا البقرة وآل عمران في مقدمة المصحف مع العلم أنهما نزلتا بعد السور الأربعة المكية بسنوات؟

سوف نقدم الإجابات العلمية والرياضية والتي لا تقبل الجدل من خلال هذه الحقائق الرقمية والتناسقات السباعية المحكمة.


الحقيقة الأولى

لماذا تأخذ آية (الم) الرقم واحد في كل السور الستة التي تكررت فيها؟ والسبب هو وجود تناسق سباعي لتكرار هذا الرقم. فلو قمنا بصف أرقام الآيات التي وردت فيها (الم) نجد العدد 111111 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:

111111 = 7 × 15873


الحقيقة الثانية

لقد وضع الله تعالى السور الستة في ترتيب محدّد بين السور التي تبدأ بحروف مميزة، فعدد السور ذوات الفواتح هو 29 سورة، ولو رقمنا هذه السور بأرقام متسلسلة فإننا سنجد أن السور التي تبدأ بـ (الم) ترتيبها كما يلي:

البقرة آل عمران العنكبوت الروم لقمان السجدة

1 2 15 16 17 18


لماذا هذه الأرقام بالذات؟ الجواب لأنها تحقق تناسقاً مذهلاً مع الرقم سبعة، فإذا قرأنا العدد الناتج وهو 1817161521 نجده من مضاعفات الرقم سبعة ثلاث مرات متتالية!!! لنتأكد من ذلك رقمياً:

1817161521 = 7 × 7 × 7 × 5297847

حتى العدد الناتج بعد ثلاث عمليات قسمة على سبعة وهو 5297847 عدد يتألف من سبع مراتب! ومجموع أرقامه عدد من مضاعفات السبعة:

7 + 4 + 8 + 7 + 9 + 2 + 5 = 42

42 ÷ 7 = 6


ولاحظ أخي القارئ أن العدد النهائي الناتج من سلسلة العمليات هذه هو 6 لماذا؟ وعدد سور (الم) هو ست سور، فتأمل هذا التناسق المبهر!


الحقيقة الثالثة


لو دققنا النظر في هذه السور نجد منها سورتين مدنيتين أي نزلتا على الرسول الكريم في المدينة المنورة بعد الهجرة وهما البقرة وآل عمران، وأرقامهما كما رأينا هو 1 و 2 بين السور ذات الفواتح، والعجيب أننا إذا وضعنا أرقام هاتين السورتين حسب تسلسلهما في القرآن نجد العدد 21 من مضاعفات السبعة! 21 = 7 × 3

ولكن ماذا عن بقية السور؟ نجد أن السور الأربعة الباقية نزلت بمكة وجاء ترتيب تسلسلها بين السور المميزة ذات الفواتح هو: 15 16 17 18 والعجيب أيضاً أن العدد الناتج يقبل القسمة على سبعة:

18171615 = 7 × 2595945

إذن جاء ترتيب السور المدنية بتناسق مع الرقم سبعة، وكذلك جاء ترتيب السور المكية بتناسق مع الرقم سبعة. ليس هذا فحسب بل هنالك تناسب سباعي لعدد السور المدنية وعدد السور المكية. فلو تتبعنا ترتيب المصحف نجد أن سور (الم) وضعت في مجموعتين المجموعة الأولى سورتان متتاليتان هما البقرة وآل عمران، والمجموعة الثانية أربع سور متتالية هي العنكبوت والروم ولقمان والسجدة.

ولذلك يمكن أن نكتب هذين العددين كما يلي:

عدد سور المجموعة الأولى عدد سور المجموعة الثانية

2 4


والعدد الجديد الناتج من صف هذين الرقمين هو 42 من مضاعفات السبعة:

42 ÷ 7 = 6

لاحظ أن الناتج النهائي هو 6 بعدد السور الستة!!!


الحقيقة الرابعة

والآن نأتي إلى عدد آيات كل سورة، وهل من نظام محكم لأعداد هذه الآيات؟ لنكتب السور الستة التي تبدأ بـ (الم) وتحت كل سورة عدد آياتها:

البقرة آل عمران العنكبوت الروم لقمان السجدة

286 200 69 60 34 30


العجيب جداً أن العدد الناتج هنا والذي يمثل أعداد آيات كل سورة هو عدد يتألف من 14 مرتبة بعدد الحروف المميزة! وهذا العدد هو 30346069200286 من مضاعفات السبعة:

30346069200286 = 7 × 4335152742898

ولو قمنا بجمع أعداد الآيات هذه لوجدنا عدداً من مضاعفات السبعة:

286 + 200 + 69 + 60 + 34 + 30 = 679 = 7 × 97

ولو قمنا بجمع الأرقام فقط نجد عدداً هو سبعة في سبعة:

6 + 8 + 2 + 0 + 0 + 2 + 9 + 6 + 0 + 6 + 4 + 3 + 0 + 3 =

= 49 = 7 × 7


وتأمل القارئ كيف انتهت عمليات القسمة المعقدة على سبعة بالنتيجة النهائية 7×7 أليس هذا التناسق يقدم لنا تفسيراً منطقياً لسر وجود هذه الحروف وأن البشر عاجزون عن تركيب جمل تأتي حروفها وأعدادها وتسلسلها وفق هذا التناسق المذهل!!؟


وماذا بعد...


لقد رأينا في المعادلات السابقة أكثر من عشرين عملية قسمة على سبعة ترتيب سور(الم) وأول مرة وآخر مرة وردت فيها هذه الحروف، وأننا لو تابعنا الدراسة والبحث وفق هذا المنهج لرأينا آلاف التناسقات العددية مع الرقم سبعة ومضاعفاته بشكل يثبت معجزة هذه الحروف.

وسؤالي لك من يشك بهذا القرآن ويدعي أنه من صنع محمد أو أصحابه: فهل كان محمد صلى الله عليه وسلم عالماً بالسلاسل والأنظمة الرقمية وعمليات العدّ والإحصاء؟ وهل كان لديه حاسبات إلكترونية لمعالجة مثل هذه الأعداد الضخمة؟ أم أن الله تعالى هو من وضع هذه الحروف ونظمها بنظام رقمي بديع؟

إن هذه النتائج تؤكد أنه لو نقص حرف أو زاد في كتاب الله تعالى، ولو أن سورة واحدة تغير ترتيبها أو عدد آياتها، فهل يبقى من هذا البناء شيء؟ إذن أليست هذه الحروف دليلاً مادياً في عصر المادة الذي نعيشه اليوم على أن الله تعالى قد حفظ كتابه القرآن من التحريف؟؟

إن هذا التفسير القائم على أسس رياضية متينة وسلاسل رقمية ثابتة وتناسقات سباعية يشهد على أن الذي وضع هذه الحروف هو رب السماوات السبع سبحانه وتعالى؟ والآن نأتي للإجابة عن التساؤلات المتعلقة بهذه الحروف على ضوء ما رأيناه من حقائق رقمية:


ما هو الهدف من وجود هذه الحروف في أوائل السور؟

يمكن القول بأن الحكمة من وجود هذه الحروف هو وجود معجزة فيها، ومهمة هذه المعجزة أن تقدم الدليل المادي على أن القرآن كتاب من عند الله، وليس كما يدعي المبطلون أنه قول بشر. لأن البشر عاجزون عن تأليف كتاب وتنظيم كل حرف من حروفه بنظام رقمي لأن ذلك سيخل بالجانب البلاغي للكتاب، أما كتاب الله فهو محكم لغوياً ورقمياً.

كذلك هنالك مهمة أخرى لهذه الحروف وهي إثبات استحالة الإتيان بمثل القرآن، فمهما بلغ البشر من العلم لن يستطيعوا تأليف جمل يتحكّمون فيها بتوزع وتكرار حروف معينة داخل الكلمات وبحيث تتشكل دائماً سلاسل رقمية تقبل القسمة على سبعة، وبالتالي هذه الحروف فيها ردّ على كل من يدعي أنه استطاع أن يأتي بسورة مثل القرآن.

هنالك هدف ثالث وهو إثبات أن القرآن لم يُحرّف، لأنه لو تغيرت كلمات القرآن أو بعض حروفه أو ترتيب سوره لاختل التناسق السباعي لهذه الحروف، ولم نعد نرى هذه المعادلات المحكمة.


لماذا تكررت بعض الحروف ومنها لم يتكرر؟

والجواب أن الله قد كرّر بعض الحروف من أجل مزيد من التناسقات والعجائب ولمزيد من المعجزات، وكما رأينا كيف تكررت (الم) 6 مرات، وكيف جاء التناسق السباعي للسور الستة وترتيبها وعدد آيات كل منها، وكل ذلك في إطار معجزة رقمية لتثبت للناس جميعاً عَظَمَة هذا القرآن في عصر التكنولوجيا الرقمية الذي نعيشه اليوم، وفي عصر الهجوم المعلن على القرآن.

ولذلك نقول إن شاء الله ستكون هذه الحروف سبباً في إيمان غير المسلمين والذين لديهم شيء من الإنصاف والعدل، ولن تكون هذه الحروف أبداً وسيلة للتشكيك بالقرآن وأن القرآن يحوي حروفاً لا معنى لها كما يدّعون، بل هذه الحروف هي وسيلة لتثبيت المؤمنين على الحق، وإدراكهم عظمة القرآن بل واعتزازهم بهذا الدين الحنيف.



وهل هذا كل شيء؟

هذا مثال واحد فقط اخترته من بين آلاف الأمثلة، فقد وزع الله تعالى بحكمته هذه الحروف المميزة على كلمات القرآن بنظام مذهل ومعجز، وجميع الحروف المميزة لها نظام سباعي ولا يقتصر النظام على (الم)، ولو كان البحث يتسع لسردنا مئات الحقائق الرقمية المتعلقة بهذه الحروف مثل (يس) و(ن) وغيرها من الحروف.

ولمزيد من الاطلاع على أسرار هذه الحروف ندعوك أخي القارئ لقراءة كتاب "أسرار معجزة الم" والذي تجده متوفراً على هذا الموقع. هذا الكتاب يضم العديد من الأمثلة المذهلة حول ترتيب وتكرار وتوزيع الحروف المميزة في القرآن الكريم. ولمزيد من التوسع في إعجاز الرقم سبعة والتناسقات السباعية في حروف وكلمات وآيات القرآن العظيم ندعوك أخي القارئ لقراءة موسوعة الإعجاز الرقمي، والتي تضم مئات الحقائق الرقمية الثابتة في كتاب الله تعالى.


المراجع لهذا البحث

1- القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم والرسم العثماني (مصحف المدينة المنورة).

2- كتاب "أسرار معجزة الم" للمؤلف، طباعة دار الرضوان بحلب 2004، وهو متوفر على الرابط التالي:

http://www.55a.net/words/alm45.rar

3- موسوعة الإعجاز الرقمي للمؤلف، وهي موسوعة تضم أكثر من 700 صفحة حول أسرار الرقم سبعة في القرآن الكريم، ويمكن تحميلها بسهولة على الرابط:

http://www.55a.net/words/kaheelpedea.rar

بقلم المهندس: عبد الدائم الكحيل

باحث في إعجاز القرآن الكريم

[email protected]





__________________
راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعال
راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات
راقب عاداتك لأنها ستصبح طباع
راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك


للتواصل عبر الاميل او الماسنجر
اسف عل التاخير في الرد عليكم