عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-20-2010, 09:51 AM
 


بعد الغياب/ الجزء الرابع/24/12/2008


مواقف البنات/ جامعة قطر
الساعة 11 صباحا

مواقف البنات في جامعة قطر لمن لا يعرفها، مبنى طويل شوي تدخل السيارات من تحته، من عدة بوابات، والبنات بقدرون يشوفون طوابيرالسيارات من فوق، من خلال زجاج عاكس

كانت البنت -اللي لابسة العباية بالتطريز الفضي والشنطة الفضية اللي كان كانت ماركة باريسية معروفة- توها واصلة المواقف وتسولف مع صديقتها.

صديقتها: ياليتج قعدتي معاي شوي؟؟

البنت: كفاية عليج الساعة اللي قعدتها معاج.. أبوي حافظ جدولي، وما يحبني أطول في الجامعة إلا لو عندي سبب وجيه.

البنت وهي تنفض يدها بحماس: يوووووووه على أبوج بس، يوم شفته معاج هذاك اليوم على الكورنيش بالسبورت تريننغ الأسود..عذاااااب.. شنو هالأبو.. والله فكرته أخوج.. شنو.. كأنه نجم سينما وإلا بطل كمال أجسام وإلا ملك جمال، وإلا الثلاثة في واحد..أنا خقيت من قلب

البنت بزعل: الله وأكبر عليج هنودة، أذكري الله.. لا تطسين أبوي بعين..

هند تضحك: لا تزعلين نوف.. ماشاء الله لا إله إلا الله..

نوف تضحك: ذكريتني بأيام أمريكا.. الأمريكيات إذا مر أبوي من جنبهم يصفرون له.. تخيلي؟.. يموتووون في المعضل.. ولازم يعبرون عن إعجابهم.. ما يقدرون يكبتون في نفسهم ياعلهم الماحي.. وأنا أموت من القهر.. وأتمنى لو أنه قعد نحيف، ولا رفع الأثقال والرياضة اللي يسويها، وخلته معضل بهالطريقة.

هند: شنو تغارين على أبوج يعني؟؟

نوف: أكيد أغار عليه.. وأخاف تجي وحدة تخطفه منّا، هو أمي وأبوي.. الله يخليه لي.

هند باستفسار: إلا قولي لي نوف: أنتو كم سنة قعدتوا بأمريكا؟؟

نوف بصوت هادئ: حوالي 12 سنة.. مارجعنا فيها الدوحة كلش..

هند بدهشة: معقولة؟؟ وأهلكم ما تشوفونهم..

نوف: مالنا قرايب إلا خوال أبوي.. وهم كان عندهم شغل ومصالح في أمريكا، فكانوا يزورونا دايم.. وأبوي كان دايم مشغول، أول في دراسة الماجستير والدكتوراة، وعقب شغله في السفارة، ولو ماطلبت منه الدولة يرجع عشان محتاجينه هنا، ما أدري.. يمكن كنا لحد الحين هناك.

هند بعيارة: على طارئ أبوج: من بيجي بيأخذج اليوم؟؟ لو أبوج تراني خويتج اليوم..

نوف تضحك: لا بيجي عمي أبو محمد ومعاه الشغالة..

هند: أنتي من جدج تنادين هالباكستاني عمج.

نوف بزعل حقيقي: هند.. كله وإلا أنج تجرّحين في عمي أبو محمد.. أبو محمد عمي وأكثر من عمي..

هند وهي حاسة بغلطتها: خلاص نوف أنا أسفة مو قصدي.

نوف بعدها متضايقة: ماصار إلا الخير، وكاهو عمي أبو محمد وصل ما أحب أتاخر عليه.. قالتها نوف وهي تشدد على كلمة (عمي)

************


في منزل نجلاء
الساعة 11 وعشر دقايق..

نجلاء وهي تشرب حليب الكرك ومبققة عيونها، كأنه تخاف تسكرها يفوتها شيء من السالفة:
هاه وبعدين؟؟

جواهر تتنهد، وهي تتذكر: صحيح أمي كانت مفهمتني ومعلمتني وشارحة لي الطبخة كلها، بس الكلام غير، والتجربة غير..

جلست أبكي بانهيار، وهو جنبي كان يرتعش مثل مريض حرارته 40 صبوا عليه ماي مثلج..
بعدها نط للحمام في قفزة وحدة.. ما ادري كم قعد في الحمام، وقت طويل مر.. وأنا أبكي وأسمع صوت الدوش ومعاه صوت ضربات مكتومة، أعتقد أنه كان يشوت الطوفة أو يضربها.

بعدها طلع.. لابس روبه المعلق في الحمام ماحد لمسه من يوم زواجنا، كان الروب ملفوف على جسده النحيل
شعره مبلول وعيونه حمراء وفيها حزن غير مفهوم

قرب مني.. كنت حاسة كأنه قرفان مني.. فانكشمت بخوف.. حسيت أنه انكماشي جرحه.. وقف قريب مني، مسكني من عضودي بيديه الثنتين.. ووقفني..

وقفت جواهر عن الكلام وهي ترتعش..

نجلاء بترقب وكأنها بتضرب جواهر: واللي يرحم والديك.. مو وقت انفعالاتك.. كملي لي..

جواهر تبلع غصتها: حضني بقوة..
وقال بصوت مليان حزن: سامحيني جواهر.. سامحيني.. أدري أنه غلطتي أكبر من سماحج.. بس أنا ما كنت في وعيي، غضبي سيرني.. أدري أنج موب فاهمة علي.. وأدري أنج تكرهيني عقب الشيء الحقير اللي سويته.. بس أوعدج أني ما أخليج تشوفين وجهي الكريه مرة ثانية..

نجلاء بترقب قاتل: وعقب؟؟

جواهر وهي تلمس شفايفها، كأنها تتحسس مكان قبلته الوحيدة: نزل قامته الطويلة و باسني، وراح.. كانت أول وأخر مرة يلمسني، يحضنني.. ويبوسني.. وراح..

نجلاء بتلهف: وين راح؟؟

جواهر وعيونها كأنها تراقب شيء غير مرئي: أخر مكان ممكن يخطر ببالك؟؟

نجلاء بنفاذ صبر: وين يعني؟؟

جواهر برنة حزن: الجبهة / للخفجي


************


في نفس ليلة الجمعة الشهيرة، قبل صلاة الفجر بساعة في الدوحة
والساعة 6 مساء في الولاية اللي تسكن فيها عائشة..
تلفون شقتها يرن، التقطت السماعة، وردت بصوتها الرزين المعتاد: هالو

صوت بكاء مكتوم على الطرف الثاني
عائشة بقلق:who's that??

يرد بصوت باكي: أنا يا خالتي

عائشة حست أن قلبها انتزع من مكانها بكل قسوة، وحد داس عليه بوحشية وبدون رحمة، عمرها ما شافته أو سمعته يبكي، حتى يوم ماتت أختها قبل كم سنة، مع أنه كان مراهق صغير، ماشافت له دمعة، كانت تدري أنه يبكي بغرفته، بس ماسمح لأحد يسمعه أو يشوفه
شنو هالشيء الكبير اللي صار، وخلاه يبين ضعفه قدامها لهالدرجة، عائشة بصوت خانقته العبرة: حبيبي وش فيك؟؟ أبوك صار له شيء؟

- هو بحزن: لا
- عيل ليش تبكي يا قلبي؟؟

- انخرط في بكاء حاد، خلا قلب عائشة يموت ألف مرة في الدقيقة: أنا حيوان يا خالتي، حيوان وحقير، وأستحق الذبح.. ما أستحق أكون إنسان يمشي على الأرض.. الحيوانات أحسن مني

عائشة مو قادرة تستوعب سيل الشتائم اللي هو قاعد يشتم نفسه فيهم: حبيبي قل لي وش فيك، حرام اللي تسويه فيني..

بصوت حزين: أنا حيوان وهمجي ومنحط، وش تبين أقول لج أكثر من كذا.. أنتي أصلا لازم تتبرين مني، لأنه حرام وحدة عندها أخلاق عالية مثلج، يكون ابن اختها إنسان منحط مثلي..

عائشة وهي خلاص بتنجن: لا تجنني، أنا أكثر وحدة تعرف أخلاقك وتدينك، أدري أنك ماراح تسوي شيء غلط..

هو بغضب: لا سويت، كله من أبوي الله يسامحه، استفزني بانتقاصه لرجولتي، باتهاماته اللي ماقدرت استحملها... وإلا ليش أحط السبب على أبوي، كلام أبوي حرر بس الحيوان اللي داخلي

عائشة ارتاحت شوي وكأنها بدت تستوعب الحكاية: أنت لمست جواهر؟؟

هو بغضب ناري: شنو لمستها؟؟ هذي كلمة إنسانية راقية.. أنا اغتصبتها، اغتصبت طفلة.. قلت لج أنا حقير ونذل وحيوان.. أكيد إنج تكرهيني الحين..

عائشة وهي تبتسم لأفكار ابن أختها المثالية زيادة عن اللزوم: يا حبيبي..هذي زوجتك، ليس سويتها قضية أكبر من اجتياح العراق للكويت

هو وهو يتنهد: على طارئ الكويت، أنا طالع بكرة الجبهة.

عائشة بصدمة حقيقية: أنت مجنون؟؟

هو بغضب: أنا مجنون من يوم وافقت أبوي على هالمهزلة

عائشة: فديتك أنت، وغلاتي عندك، حرام عليك أبوك الشايب، أبوك ماعنده غيرك، وفي أخر أيامه، وزوجتك وأهلها مالهم غيرك.. وأنا...

هو بحسرة: خلاص خالتي والله مو طايق نفسي، أنا أصلا من بداية الحرب، وأنا أبي أنضم للمتطوعين، بس أبوي و أهل جواهر هم اللي كانوا مربطين يدي، بس الحين خلاص ما أقدر أحط عيني بعين حد. وأنا وصيت أفضل عليهم كلهم، وأدري أنه بالشوفة، ويسد مكاني.. وأنتي يا خالتي.. ماشاء الله عليج ما تحتاجين حد، وجدي وخوالي موجودين الله يخليهم لج..

عائشة بحزن: هذا قرارك النهائي؟؟

هو بحزن أكبر: إيه عيوش.. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..

***********

عودة لبيت نجلاء ومسلسل الأسرار اللي بدأته جواهر

نجلاء باستغراب: الجبهة مرة وحدة؟؟

جواهر بحزن: تخيلي لهالدرجة كان قرفان مني وموب طايقني.. مستعد يرمي نفسه تحت دبابة عشان يخلص مني..ومن مجرد فكرة أنه تنازل ولمسني..كأنه لمس حشرة قذرة مو إنسانة.... ياليته داسته دبابة وقتها وارتحت منه.. يمكن وقتها كنت حزنت عليه.. وظلت له بقلبي ذكرى طيبة..ومأساة حياتي ماصارت..

نجلاء باستفهام: ليه شاللي صار عقب؟؟

جواهر بحسرة: المهم هو اللي صار عقب؟؟

#أنفاس_قطر#
__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!