عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 08-20-2010, 09:54 AM
 


بعد الغياب/ الجزء العاشر


#أنفاس_قطر#




في بيت نجلاء /الوقت صار قبل المغرب بشوي
ورحلة الذكريات قربت على نهايتها.. بس رحلة الوجع والألم مستمرة في قلب جواهر

نجلاء باستفسار: طيب وأنتو وش سويتوا عقب هالخبر المفجع؟؟

جواهر بحزن عميق: خالي فديته ماخلا شي ماسواه.. بس المشكلة أن أبو العيال ماكان له قرايب.. عدا خواله، اللي ماكنا نعرف أسمائهم، أبوي بس كان يعرفهم، أمي كانت تعرف أمه بس ماتعرف اسم عايلتها ولا خطر ببالها تسأل لأنها يمكن شافتها مرتين بس.. لأن أمه كانت مريضة وتسافر برا كثير مع أخوانها..

وأفضل فص ملح وذاب.. أول كنا نقدر نكلمه على مجلس عمي.. بس بيت عمي لقاه خالي انباع.. يعني (هو) كان مخطط لكل شيء..

وأنا قلبي كان يقول لي أنهم عايشين.. واللي أكد لي أنه لما رحت لبريطانيا عشان الماجستير والدكتوراة، رحت وسألت في السفارة، إذا كان فيه قطريين توفوا في ذاك التاريخ،
السفارة أكدت لي أنه ماخرج من عندهم شهادات وفاة بهالاسماء في ذاك التاريخ..

وهذي هي حكايتي يا نجلاء.. حزن وجع وألم وبحر دموع ماينشف


نجلاء باستفهام حذر: باقي جزء بسيط عشان تكمل الصورة عندي.. دراستك متى كملتيها؟؟

جواهر تتنهد تنهيدة طويلة مسحوبة من أقصى وريد في قلبها: بعد اللي صار مرت علي شهور، مو حاسة بشيء، مثل المجنونة، إلا كل الناس اعتبروني مجنونة بشكل رسمي..

إلا عبدالعزيز هو الوحيد اللي وقف وجنبي، حنون يومي قبل يومه من يوم وهو طفل.. كان كل يوم يجي يقعد عندي، يسولف علي، ويمشط لي شعري، ويحكي لي عن المدرسة، شوي شوي صار يجذبني لعالمه..

وعقب صار يطلب مني أساعده في واجباته مثل ماكنت أسوي قبل.. في البداية ما كنت أتجاوب معه.. بس شوي شوي.. صرت أتداخل معه.. وأحل له واجباته، وأشرح له دروسه

أمي وخالي ماكانوا مصدقين تحسني..
وعقب حصة الصغيرة كان لها دور في تحسني، عوضتني شوي عن فقد عيالي، كانت أم فهد تخليها معاي طول اليوم.. أنا أأكلها وأشربها وأغير لها..

عقب سنتين من قعدتي في البيت، خالي أصر أرجع للمدرسة

وكنا نقلنا منطقة جديدة، فرجعني هو لمدرسة عادية، لأنه أنتي تعرفين أنه المتزوجات أو اللي كانو، مايدخلون مع بنات الصباحي

بس خالي قال بعدها صغيرة..وماحد يعرفها في المدرسة هنا.. حرام ندخلها مع حريم كبار.. خليها تعيش سنها

رجعت المدرسة صف أولى ثانوي وأنا عمري 15.. مع دخولي 18 دخلت الجامعة، وخلصت وأنا 21 بتقدير امتياز..

رحت بريطانيا، سنة لغة وبعدين درست الماستر والدكتوراة بنظام الفول تايم، سنة ماستر وسنتين ونص دكتوراة.. على ال26 مو 27 مثل منتي مفكرة كنت مخلصة دكتوراة..

نجلاء صفرت بإعجاب: صراحة أنتي معجزة ياجواهر...

جواهر بحزن: لا معجزة ولا شيء.. بس كان لازم ألاقي شيء يشغلني، وإلا كان ذبحني الهم والتفكير..

نجلاء باستفسار: طيب وأمج أشلون خلتج تروحين تدرسين برا؟؟

جواهر بابتسامة حب صافي: عبدالعزيز يومي قبل يومه وقتها عمره 15 سنة، هو اللي أقنع أمي وخالي اللي كانوا مترددين، أني أروح، قال إحنا بيتنا لاصق في بيت خالي، وماراح نحتاج شيء، وانا رجال البيت يعني ما أقدر أسد مكانها؟؟
فديته عبدالعزيز هو ولدي وأخوي وكل شيء في حياتي..

نجلاء بحذر: طيب ويوم أنه عبدالعزيز له كل المكانة ماقدر يعوضج عن غياب عيالج؟؟

جواهر بحزن: لو عندج 3 عيال، هل واحد منهم بيعوضج عن الاثنين الباقيين؟؟

نجلاء بإحراج: لا طبعا..

جواهر بحب وحزن: لو كان عبدالعزيز بسم الله عليه هو اللي صار له اللي صار لعيالي، وعيالي ظلوا عندي، صدقيني كان صار لي نفس الشيء، ووقتها يمكن مالقيت حد يطلعني من جنوني، مثل ما عبدالعزيز سوا..

نجلاء بإيمان صادق مع ارتفاع إذان المغرب: اللهم ياعزيز يا قوي ياجبار.. مع أذان المغرب هذا، أنك تريح قلب جواهر، وترجع لها عيالها..

جواهر بلهفة وإيمان ووجع: آآآآآآآآمين يارب آآآآآمين.......

كملت جواهر بصدمة: يوه نجلاء تأخرت وايد.. بأصلي المغرب وأتصل بعبدالعزيز، جنني اتصالات.. تدرين أنه مايرضى أسوق السيارة بعد المغرب.. الحين بأتصل له يمشي وراي

نجلاء بحنان: لا تزعجينه، أنا بأمشي وراج بسيارتي مع السايق والخدامة..

جواهر بنفي: لا لا عبدالعزيز ماراح يرضى، لازم هو بنفسه، السواقة بكبرها يالله وافق عليها..


***************


في الليل/ في بيت جواهر

جواهر قاعدة تتعشى مع أخوها عبدالعزيز.. اليوم الطويل اللي قضته عند نجلاء في سرد ذكرياتها المؤلمة، استنفذ كل طاقتها الجسدية والنفسية، فكانت ساكتة وسرحانة.. والشوكة تقلبها في الصحن بدون ما تأكل شيء..


عبالعزيز بمرحه المعتاد: ياناس ياهووه.. نحن هنا

جواهر بدون ماتنتبه: تقول شيء حبيبي..

عبدالعزيز بعيارة: أفا.. ولا حد داري عنا.. وينج يا نوير.. تجين تشوفين بعلج الهمام، وهو مأخذ تسفيهه محترمة..

جواهر بابتسامة دافئة: الدنيا كلها تنسفه إلا أبو منصور، بس تعبانة شوي فديتك..

عبدالعزيز بابتسامة: إيه من صبح لبعد المغرب عند نجلاء، أكيد خلصت كل الحكي اللي عندك، أمانة أمانة.. وش الكلام اللي يأخذ عشر ساعات متواصلة؟؟

جواهر بغموض ممزوج بالحزن: بلاك مادريت بالسوالف.. كملت بلهجة خاصة بعد ماتذكرت شيء: تراني كلمت خالي وأم فهد الليلة..

عبدالعزيز اللي كان توه يبلع لقمة، غط فيها وقعد يكح، جواهر قامت وهي تضحك تضرب ظهره وتعطيه كاسة ماي وهي تقول: نعنبو، قلت لك كلمت خالي بغيت تموت، لو قلت لك عرسك بكرة وش بتسوي؟؟

عبدالعزيز بلهفة: بلاعباطة جواهر.. وش قال لج؟؟

جواهر بهدوء: قال حددوا الوقت اللي يناسبكم، تدري أن البنية لها كم شهر متخرجة، يعني ماوراها شيء خلاص..

عبدالعزيز بلهفة أكبر: وطيب؟؟

جواهر بحب: يعني كلها كم شهر، على حسب حجز الصالات وتكون نورة في بيتك..


*************



في نفس الليلة/ وعلى العشاء/ في بيت ثاني

يجلس ثلاث أشخاص على الطاولة
واحد منهم كان شاب صغير في السن، طويل، نحيل، شعره طويل شوي ومتلفلف، له شنب خفيف، ملامحه هادية مثل هدوءه، يلبس تريننغ رياضة قطن واسع لونه رمادي، ويلبس نظارة طبية كان يعدلها بأصابعه النحيلة كل شوي في حركة تدل على توتر خفي..

الثانية كانت بنت أمورة شعرها الأسود الناعم مقصوص قصة الفراولة اللي معطيه لوجهها الدائري لمحة حسن خاصة، وكانت لابسة بيجامة حرير خليط من الوردي والتركواز تحمل اسم ماركة معروفة جدا وكان أبوها هو اللي شاريها لها مثل أكثر ملابسها..

الثالث: كان رمز الغموض والرجولة والهيبة، اللي يخبي خلف نظرة عيونه الحادة الآسرة الكثير من الأسرار، كان هو اللي فتح باب الحوار: شباب، نوف، عبدالعزيز

نوف وعبدالعزيز: لبيه يبه..

(هو) بلهجة هادية: عندي لكم خبر أبيكم تسمعونه مني، قبل تقرونه في الجرايد بكرة مع التهاني اللي أتوقع أنها تملأ الجرايد..

نوف بفرح حماسي: شنو يبه شنو قول بسرعة؟؟ وعبدالعزيز بنفس هدوء أبوه: خير إن شاء الله يبه؟؟

(هو): أنا ترقيت ترقية كبيرة، ومسكت منصب جديد أكبر..

نوف نطت من كرسيها، وتعلقت في رقبة أبوها، وهي تبوسه عشرين بوسة على رأسه وخدوده: مبروك يبه، مبروك ياقلبي، تستاهل، والله تستاهل، أصلا مافيه حد يستاهل في الدنيا كلها قدك..

عبدالعزيز قام بهدوء، طبع قبلة هادية على رأس أبوه، وقال بفرح هادئ لكن صادق يشبه شخصيته: مبروك يبه عقبال المنصب الجاي إن شاء الله

(هو): الله يبارك فيكم ياعيالي، ولا يحرمني منكم، وعقب احتمال تسمعون خبر أهم بوايد..

نوف وعبدالعزيز : شنو يبه؟؟

(هو) بلهجة فيها غموض وحزن:مو وقته الحين.. في وقته..في وقته ياعيالي.

عبدالعزيز قال: إن شاء الله.. ورجع مكانه بكل هدوء بدون مايهتم...
لكن نوف انشغل بالها وصارت تفكر: شنو الموضوع اللي أهم عند أبوي من ترقيته..(بخوف مدمر) لا يكون يبي يتزوج؟!!!!


**********



ثاني يوم /في البنك

كان خبر ترقي (هو) واستلامه منصب المدير الأقليمي للبنك لكامل منطقة الشرق الأوسط مو قطر بس، معبي الجرايد تهاني له..

وكانت الاتصالات تنهال عليه من كل مكان، بس هو تفكيره كان بمكان ثاني، وبشيء ثاني..

ضغط زر الاتصال الداخلي، بصوته الهادئ الواثق اللي تعود استخدامه مع موظفينه: خليفة، لو سمحت، لا تحول أي اتصال خلال الساعة الجاية..

خذ نفس عميق..ألتقط موبايله، ودور على رقم معين في القائمة:
- ألو..
- ........
- هلا والله حيالله أبو سعد
- .........
- الله يبارك فيك.
- ...........
- أبوسعد طال عمرك.. أبيك في خدمة ماراح أنساها لك طول عمري..
- ...........
- تسلم أدري أنك ما تقصر.. فيه اسم بأعطيك إياه أبيك تشوف لو فيه موبايلات باسمه..
- ..........
- يا بو سعد الله يرضى عليك، السالفة بسيطة، والله أنه من الأهل بس أنا مضيع أرقامه..
- .........
- تسلم .. اسمه عبدالعزيز منصور حمد الـــ
- ........
- معاك على الخط (قالها وهو حاس أنه قلبه بيوقف)
- ........
- تقول رقمين، عطني إياهم طال عمرك
- .........
- الاول ******5، والثاني******5
- .........
- مشكور مشكور، الله يقدرني على رد جمايلك
- .........
- مع السلامة


حط (هو) الرقمين قدامه، متوتر.. خايف..قلق..يكلم نفسه:

وش فيك يا(... )عمرك ماصعب عليك شيء، عمرك ماحطيت شيء برأسك وماحصلته، كلها اتصال، أنت اللي ترج السوق رج خايف من اتصال ، قول بسم الله وتوكل على الله، بياكلونك يعني، ماحد يقدر يهز شعرة من رأسك..ماحد بقدر يأثر فيك، ولا يأثر على عيالك أو محبتهم لك..
قول بسم الله.. لازم تريح ضميرك..كفاية عليك عذاب السنين اللي فاتت وكوابيسها، أطوي هالصفحة من حياتك وارتاح، قبل تواجه وجه الكريم..

خذ (هو) نفس عميق.. وبيد ترتعش غصبا عنه دق على الرقم الأول منها...


#أنفاس_قطر#

__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!