عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 08-20-2010, 09:55 AM
 


بعد الغياب/ الجزء الثالث عشر

#أنفاس_قطر#


طول الفترة اللي تفصل بين الجامعة ومقر البنك الرئيسي اللي في منطقة الأبراج على الكورنيش، جواهر ونجلاء قاعدين جنب بعض متلاصقين على الكرسي اللي ورا، و كانت جواهر ترتعش في حضن نجلاء، اللي كانت حاضنتها بقوة..

كانت جواهر حاسة أنها مو قادرة تسيطر على نفسها ولا حتى على حركة جسدها..كانت ترتعش بعنف كأنها تقف بدون ملابس حافية على جليد القطب الشمالي..

كانت متوترة متـــــــــــــــوتــــــــرة إلى أبعد حد.. حست إنها يمكن استعجلت في قرارها إنها تروح تشوفه، كان مفروض إنها انتظرت لين تقدر تسيطر على أعصابها..لو كان هو فعلا (......) ما تبيه يحس أنها أضعف منه.. أو إنها منهارة، تبيه يشوفها قوية.. وأقوى منه..ما تبيه يحس بطعم الانتصار عليها..ويشوفها عاجزة توقف في وجهه.. تبيه يحس بحقارته وإنه مخلوق تافه حقير ما يستحق توترها..

مليون مليون سيناريو رسمته للحظة اللي بتشوف فيها عيالها، اللحظة الأولى، واللقاء الاول ، والحضن الأول
لكن عمر السيناريو، ماكان كذا، كانت تتمنى تشوف عيالها أولا، لكن هو لا لا .. عمره ماكان موجود في السيناريوهات الي رسمتها في بالها سنين وسنين.. كانت تحاول تمسحه من ذاكرتها وخيالها.. حتى اسمه ماكانت تحبه ينذكر قدامها

لكن والآن..في سيناريو اليوم هي خايفة تتهور في البنك قدام العالم، تصارخ عليه، أو حتى تشيل جزمتها من رجلها، وتخبطه بالكعب على رأسه. أو حتى تشيله (أبو عظام) وترميه مع الشباك.

كل ماقربوا من البنك، ارتعاشها يزيد، وتوترها يتعاظم ويتعاظم، حاسة قلبها بيوقف، والتنفس عندها صار ثقيل ثقيل..النفس صعب إنها تأخذه أو تسحبه أو حتى تزفره، كأنها تسحبه من بير بدون قرار، وتنفثه في حفرة من لهيب يحرق وجهها..

نجلاء اللي حاسه بارتعاشها في حضنها، تكلمها بحنان بهمس: جواهر تحبين نرجع البيت ونقابله يوم ثاني؟؟

جواهر مثل اللي لسعتها حيه: لا لا خلاص هذا إحنا وصلنا.

وفعلا ..كانوا وصلوا لمقر البنك الضخم اللي محتل برج من 17 طابق.. دخلوا للبنك، ونجلاء هي اللي تولت مسئولية كل شيء
في الوقت اللي كانت جواهر تصلب طولها، وتحاول تبعث أكبر قدر من الثقة في نفسها: خلاص يا جواهر، أنتي ماعدتي طفلة أمس تخافين، أنتي مره ناضجة، وأستاذة جامعة، حطي رأسج براسه، وعينج بعينه. لازم تدفعينه ثمن غدره وخسته ونذالته غالي.. بس اشلون؟؟

نجلاء بلغة جدية بعد ما أنهت استفساراتها من الأستقبال: مكتبه في الطابق 17.. يالله..

جواهر تأخذ نفس عميق: بسم الله، توكلت على الله وهو حسبي.

وتوجهوا للمصعد طالعين للطابق 17


***************


في مكتبه

مع دخلة الدكتورتين للمكتب وقف عشان يرحب فيهم، كما يستلزم الذوق..

نجلاء تبلمت غصبا عنها، لما شافته يقوم برشاقة من ورا مكتبه، عشان يرحب فيهم.. عمرها بحياتها كلها كلها كلها ماشافت رجّال كذا، لا في الحقيقة ولا حتى في التلفزيون ولا حتى في الأحلام، كل شي فيه مرسوم بالمسطرة.. بالسانتي.. بالملي : الهيبة الكاسحة.. الحضور المسيطر.. الطول الفارع.... العرض الاسثتنائي .. الرجولة الطاغية.. الوسامة المذهلة.. المغانطيسية الآسرة..

جواهر دخلت وهي تحس أنه قلبها بيوقف، مو قادرة تتنفس، مو قادرة تطالعه، كانت تطالع في كل شيء بالغرفة إلا ناحيته..

(هو) كان يقول في نفسه وقت دخلتهم: يالله خل نخلص منهم بسرعة، يفارقون..

طالعهم بنظرة اعتيادية، كانوا ثنتين:
وحدة لابسة عباية وشيلة.. وطولها عادي.. ووجهها الهادي المتوسط الجمال كأنه مألوف بالنسبة له..
الثانية لابسة عباية ونقاب، ولفت انتباهه طولها الفارع، كأنه طول عارضة أزياء، استغرب.. لأنه نادر ماشاف قطريات بهالطول..

هو يرحب ويأشر على الكراسي اللي قدام مكتبه: يا هلا ومرحبا والله بجامعة قطر كلها، شرفتوا مكانكم، تفضلوا، مين فيكم أخت أبو فيصل؟؟

نجلاء من سمعت صوته الواثق ارتبكت مرة ثانية غصبا عنها، في نفسها كانت تقول: وش هالصوت والثقة، سبحان اللي خلق هالرجّال؟؟

جواهر من سمعت صوته انقلب حالها، هو.. هو.. هو..

هـــــــــــــــــــــــــــــــو

عمرها مانست هالصوت، من أول يوم سمعته ليلة زواجهم قبل 18 سنة.. نفس الصوت.. نفس الصوت.. نفس الصوت.. واثق أكثر..
وأنضج ..
وأكثر رجولة..
بس هو نفس الصوت.. هو.. هو.. هو

هــــــــــــــــــــــــــــو

حست بكره غير طبيعي وحقد يطلع إشعاعات إشعاعات من جسدها، جلست هي ونجلاء على الكراسي، ما تكلمت نهائي ولا بحرف، ومارفعت عينها عن يديها المشبكة في حضنها..

في الوقت اللي كانت نجلاء عرفته عن حالها وإنها أخت أبو فيصل، وقعدت تشرح له باختصار فكرة معرض الوظايف ،اللي هو على فكرة كان معرض حقيقي، بس نجلاء طبعا مالها علاقة فيه، وقررت تعطيه رقم العلاقات العامة في الجامعة عشان ما تتورط وفي نفس الوقت يبين صدقها، على أساس أنها جايه وسيط بس..

كانت جواهر بس تسمع الصوت، ومع كل حرف وكل كلمة، كانت تتأكد أنه هو ..هو..هو..
وكانت تحس بكره السنين يتجمع ويتجمع ويتجمع:
ناجح وواثق من نفسه ومبسوط وسعيد وعيالي معه، في الوقت اللي أنا فيه أعاني وأعاني وأتعذب..

و(هو) كان مستغرب، من صمت الدكتورة الثانية الغريب، فقرر أنه يبادر من باب اللياقة والذوق: زين دكتورة نجلاء.. ماعرفتينا على حضرة الدكتورة الثانية؟؟

لحظتها نجلاء ارتبكت
وجواهر قررت ترفع عينها وتحطها بعينه
هو انلسع.. تكهرب.. احترق من نظرة الكره النارية غير الطبيعية.
وهي انصدمت لجزء من الثانية: كان شكله متغير متغير كثير، وين الوجه النحيف والجسد النحيل؟؟

وبعد نظرة الصدمة اللي دامت أقل من ثانية وحدة، رجعت نظرة الكراهية تطل من عيونها اللي ركزت في عيونه
هو..هو.. هو..
نفس العيون.. نفس الوجه.. نفس الأنف والشفايف..
هو.. هو .. هو

هــــــــــــــــــــــــو


هو ارتبك..
وماقدر يبعد عيونه عن العيون اللي كانت تتحداه، وترسل له نظرات كره عمره ماشاف أحدّ منها: هاه دكتورة نجلاء ماعرفتينا على الدكتورة الثانية، إلا لو هي موب حابة تعرف عن نفسها؟ هو بنبرة غامضة فيها لمحة ارتباك ماتعود عليها..

وقتها جواهر وقفت فجأة
(وهو) استغرب من وقفتها المفاجئة الحادة
افتحت شنطتها، وطلعت شيء يشبه بطاقة دعوة
انحنت ناحيته وهي تحط عينها في عينه بكل قوة
حطت البطاقة بقوة على مكتبه قدامه مباشرة

وهو كانت عينه تنتقل من عيونها اللي كان فيها خليط سحر وكره عمره ماشاف مثله، ليدها اللي كانت تثبت البطاقة على المكتب وظلت على البطاقة للحظة من الزمن

كان يطالع في يدها بتمعن غصبا عنه.. يدها ناعمة وشفافة كأنها مصنوعة من الكريستال (هذا كان اللي يدور برأسه) أظافرها مقصوصة بنعومة لأخر حد، ومايدري ليش انبسط من هالنقطة.

مايدري أشلون راح تفكيره المجنون ليدها، جاه هاجس مجنون أنه يثبت يدها الناعمة بيده بقوة على مكتبه، مكان ماهي حاطتها الحين فوق البطاقة

وكان بيسويها بدون تفكير في العواقب اللي يعرف إنها بتكون خطيرة لو هو سواها، بس هو حس إنها تتحداه، وهو ما تعود يخسر تحدي
وكان خلاص بيسويها.. لولا إنها سحبت يدها، وعطته ظهرها وتوجهت مباشرة للباب في ثقة مصطنعة.

نجلاء ارتبكت من موقف جواهر، سلمت عليه وشكرته، وطلعت وراها، بعد أقل من 5 دقايق من دخلتهم عليه.

و(هو) كان مصدوم من اللي صار قدامه، وش فيها هالدكتورة؟؟ مجنونة؟؟ أكيد مجنونة؟؟ ليش سوت كذا؟

تذكر البطاقة
فتحها بحذر:

الزميل الفاضل/عضو هيئة التدريس بجامعة قطر

أتشرف بدعوتكم إلى حفل إطلاق كتابي المرجعي الثالث بعنوان (.......) وسيكون الحفل في مبنى النشاط الطلابي/ بنات الساعة 9 صباحا تاريخ....

(هو) لحد الحين مو مستوعب: وش هالغباء؟؟ تعطيني بطاقة مخصصة لجامعة قطر، وفي مبنى البنات بعد، لا والتاريخ فايت صار له شهر..

(هو) مثل اللي لمع في راسه شيء، رجع يفتح البطاقة على اسم الداعي في أخر البطاقة:

الدكتورة: جواهر منصور الـ

هو مثل اللي صبوا على راسه مو ماي بارد، إلا ماي مثلج وبعده ماي مغلي.. حس أنه مخه انشل، وأطرافه انشلت

معقولة؟؟ معقولة؟؟ معقولة؟؟

حاول يسيطر على نفسه، بشخصيته القيادية اللي هو تعود يتصرف في إطارها..وقام ركض يبي يلحق الدكتورات اللي طلعوا من دقايق.

**********

قبل دقايق

على باب مكتبه، جواهر من طلعت من باب مكتبه، كل القوة اللي كانت متسلحة فيها انهارت

رجولها مو قادرة تشيلها، سندتها نجلاء، وهي حاسة أنها مو قادرة عليها، جواهر أطول منها، وجسمها منهار بين إيديها، سحبتها سحب وجلستها على الكنبة الطويلة في مكتب سكرتيره..

وخليفة السكرتير مستغرب من اللي قاعد يصير قدامه.. بس ظل ساكت من باب الذوق.. وعقب سألهم لو كانوا محتاجين شيء..
فطلبت منه نجلاء يتكرم يجيب لهم ماي..

نجلاء بقلق واستفسار: جواهر هو هو.. صح؟؟ وإلا ما كان صار لك كذا..

جواهر بصوت مسحوب منه الروح، كأنه يأتي من عالم ثاني: إيه.. إيه.. إيه..هو.. هو..

هـــــــــــــو

هــــــــــــــــــــو

هــــــــــــــــــــــــــــــــو

عــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــدالله

#أنفاس_قطر#

__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!