عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 07-07-2011, 02:59 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/14_05_15143162390272079.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].













.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:white;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


:waat:المقطع الثاني ...........

عشت أياماً رهيبة تلت لقائي بالمريض خالد.. عانيت ضغوطا وصراعات نفسية غاية في القسوة.. كنت أحاول إقناع ذاتي بأن الماضي لا يمكن أن يعود، وأن ما تمضي به الأيام لا يمكنه بحال من الأحوال العودة إلى الوراء مرة أخرى..
ولكن قلبي.. ومشاعري.. أحاسيسي كله انتفضت من جديد وعاد كياني ينبض بأسى عشت عمري كله أقاومه..
ضممت ابني إلى صدري وصور الماضي بكل عذاباته تتدافع إلى نفسي من جديد.. كفاحي في الدراسة بعد غياب وحملي لقب أرملة وسط زميلاتي الطالبات.. ومأساة بعد التخرج واجتماع العائلة لتقرير مصيري.. أعمل أم لا أعمل.. ملغين بذلك وجودي واختياراتي كامرأة ناضجة لها الحق في تميز دربها الصحيح.
بعد أسبوع من لقائي مع خالد.. أتتني الممرضة لتخبرني بحضور المريض خالد.
دق قلبي بعنف.. حاولت جاهدة إخفاء ملامح اللهفة والاشتياق.. خانتني دمعة.. وهل حقا هذا الذي يحدث.. من بين آلاف البشر يطرق عيادتي ذات مساء شبيه لحبيبي الراحل.. إنها حكمة الله ولله في خلقه شئون.
دخل خالد الحجرة دون أن يلقي علي السلام.. نظرت إليه بسرعة.. لم يكن كعادته.. كان بادىء الاضطراب يعلو وجهه الوسيم وجوم شديد.. ترتجف يداه بعنف..
بادرته قائلة:
ــ مرحبا.. هل أنت في أحسن حال؟
باقتضاب أجاب:
ــ لقد عاودتني النوبة..
لم أسأله أية نوبة يقصد.. فأنا لم أكن أعرف عنه إلا القليل.. القليل جداً مما حكاه لي.. ولم يتشعب حديثنا إلا عن حياته العائلية فقط ولا شيء آخر..
ولم أدر بقصة النوبات التي تحدث له..
حاولت الإفراخ عم روعه وأنا أقتاده إلى المقعد الطويل ليرتاح عليع..
جلست قربه وأنا اسأله بطريقة ودودة:
ــ ما الأمر.. ماذا حدث..؟
تنفس بعمق قبل أن يقول:
ــ لقد عاودتني النوبة.. نهضت من النوم من غير أن أشعر، وصعدت إلى أعلى البناية التي أقطن بها، وحاولت أن ألقي بنفسي من فوق سبعة أدوار.. لولا أن تجمهر الناس وأنقذوني.. والكلمات المعاد نفسها:
ــ لماذا تحاول الانتحار؟ أنت شاب وأمامك مستقبل لامع فلماذا تقتل نفسك بهذه الطريقة؟ وغيرها الكثير من العبارات التي مللت سماعها..
فمتى يعرفون أنني لا أدري عن نفسي شيئاً وأنا أعمل ذلك.. متى يفهمون بأنني مسير ولست مخيراً وأن هذا شيء لا أفهمه.. يحدث بغير إرادتي وكأن شخصا ما يحركني رغماً عني.. لقد تعبت يا دكتورة وأريد أن استريح..
ــ منذ متى تعاودك هذه النوبات؟
ألقى برأسه إلى الوراء وكأنه يعتصر ذاكرته.. قال أخيراً باستسلام:
ــ منذ ثلاث سنوات تقريباً..
ــ وهل تحدث هذه النوبات بانتظام؟ شهرياً مثلاً؟
أشاح بيده قائلاً:
ــ لا.. إنها غير منتظمة.. وقد يحدث أن تأتيني في الشهور الستة مرتين وأحياناً تمر الشهور طويلة دون أن تأتي..
ــ خلال هذه السنوات الثلاث.. كم مرة عاودتك؟
ــ تقريباً أربع أو خمس مرات..
ــ وكلها انتهت بالفشل؟
ــ طبعاً.. و إلا لما كنت أمامك الآن على قيد الحياة..
ــ وماذا يحدث أثناء النوبة بالضبط؟
ــ لا أدري بالضبط.. ولكن شيئاً ما يدفعني بقوة إلى الانتحار.. شيء لا أدري كنهه..
وبدون شعور أحاول أن أقتل نفسي.. أفقت مرة وأنا أحاول طعن نفسي بسكين حادة.. وأمي تحاول انتزاعها مني وهي تنتحب بحرقة.. وأخرى وجدت نفسي قد سكبت البنزين على رأسي، وأحاول إشعال عود ثقاب، لولا أن تدخلت أختي الصغرى آخر لحظة لتنقذني.. والكل يتساءل لماذا أحاول الانتحار.. ماذا يحدث في حياتي لأحاول التخلص منها بهذه الطريقة.. الكثير يقولون لي ألهذه الدرجة هانت عليك نفسك..
وأمي أوعزت لإمام المسجد بأن ينصحني ويقول لي بأنني شاب مؤمن بالله وأن الانتحار كفر..
وأشيح بوجهي يائساً، وأنا أتمزق من الداخل، يفهمهم بأنني فعلاً لا أريد أن أقتل نفسي؟ وأن ما يحدث لي هو شيء لا أرغب به ولا أعلم به.. شيء يصيبني بالرعب والفزع والخوف.. فماذا لو نجحت إحدى هذه المحاولات وقتلت نفسي بالفعل وأنا لا أشعر؟ ماذا يحدث عندها.. إن القلق أدى بي إلى الخوف.. والخوف أدى بي إلى مزيد من القلق ومزيد من الضياع والاكتئاب، فحياتي عاديه أو كما تبدو لي كذلك.. فقد تخرجت في الجامعة منذ عامين وأعمل الآن في وظيفة مكتبية.. وأعيش مع أمي وأختي الصغرى التي تدرس في الجامعة ولا حب في حياتي ولا علاقات من أي نوع..
اضطرمت أحاسيسي وأنا أسمع جملته الأخيرة.. واندلعت النيران في جوفي.. تذكرت "حسن".. حسن الحبيب الراحل.. حبة لفؤاد ولؤلؤة العين.. ولماذا أتذكره في هذه اللحظات بالذات؟
وفي غمرة عملي الذي يجب أن أفصله فصلاً تاما عن حياتي الخاصة.. أنني أتعذب.. أتعذب بالماضي.. وبرؤية الحاضر.. وبالخوف من المستقبل.. آه لو تعلم يا خالد أنني أشاركك الخوف.. الخوف من الآتي القادم والخوف من كل خطوة أخطوها بعد ذلك.. الخوف من العودة إلى وحدتي ويأسي وعذابي.. الخوف من سجن الذكريات الذي ما زال يضرب أسواره حولي.. الخوف من كل شيء وأي شيء..
جاءني صوته المضطرب:
ــ إنني أخشى أن تواتيني النوبة في عملي وبين زملائي فتحدث الفضيحة ويتهمونني بالجنون..
خرج صوتي قوياً على غير إرادتي وأنا اسأله:
ــ هل تذكر بالضبط متى حدثت لك النوبة الأولى؟
وضع يديه على رأسه وهو يضغط بعنف، وكأنه يحاول الإمساك بشيء أفلت من بين يديه..
ثم قال بصوت متهدج:
ــ لا أدري.. ولكن أعتقد إنها حدثت منذ ثلاث سنوات تقريباً.. كنت في السنة النهائية بالجامعة.. وعدت إلى البيت.. كنت مرهقاً مكدوداً.. الجو بارد وغائم.. وجدت أمي تبكي بحرقة ودموعها تسيل على وجنتيها بحرارة.. توجهت إلى حجرتي وألقيت بجسدي على السرير لأنام.. فوجئت بعد ذلك بأمي وأختي وخالي يحاولون إنقاذي من سلك المدفأة الذي لففته حول عنقي لأموت..
كانت صدمة قاسية لي.. وأوشكت فعلاً على التصديق بأنني حاولت الانتحار حقاً ولكن لم؟ لماذا؟ وليس هناك شيء في حياتي يدعوني لذلك.. ثم أني قبل أن أخلد للنوم لم أفكر في هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد..
كيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ والى أين؟
كلها أسئلة حائرة تطرق رأسي ولا مجيب.. لا شيء غير خواء داخلي يحيل حياتي إلى قبضة من سراب..
ثم أجهش بالبكاء..
قاومت نفسي بشدة كيلا أقترب منه وأربت على كتفيه بحنان وأزيح عن كاهليه ولو جزءاً بسيطاً من العبء الذي يحيل حياته لجحيم معذب..
يجب أن أفصل بين عملي كطبيبة وبين إحساسي وشعوري كامرأة.. فالطبيب النفساني يجب ألا يسلط على المريض أي نوع من أنواع العاطفة حتى يتمكن من إنقاذه من الحالة التي يتخبط فيها.
قلت جاهدة ألا يبدو في صوتي أية رأفة وضعف:
ــ وماذا كان موقف أسرتك في ذلك اليوم الذي حدثت لك فيه هذه النوبة؟
نظر إلي برهة وكأنه يستعيد ذكرى ذلك اليوم البعيد ثم قال بصوت أجش:
ــ أبداً.. اجتمع رأي العائلة على أن أذهب لشيخ يقرأ علي القرآن لعل وعسى..
قاطعته بلهفة حاولت إخفائها:
ــ وهل ذهبت؟
قال بحسرة:
ــ نعم ذهبت وذهبت.. وذهبت..
ذهبت في البداية لرجل ادعى بأنني مسكون بأرواح شريرة، ومضى يحاول خنقي بكل قسوة.. وأنا مستسلم دون حراك، وكأنني جثة بلا روح ولما لم يجد شيئاً ادعى بأن الأرواح ترفض الخروج من جسدي..
ثم ذهبت إلى آخر فآخر.. والعلاج يتنوع ما بين ماء وزيت وخلطة من أعشاب متنوعة.. ولا فائدة.. كنت منهمك النفس مهدود القوى.. مشتت الفكر..
كنت أدرك إدراكاً تاما بأن ما يمكن داخلي هو علة نفسانية لا أكثر ولا أقل.. ولكنني رغم هذا كنت عاجزاً.. عاجزاً حتى عن الشكوى..
أرجوك يا دكتورة أنا متعب الآن..
ابتسمت لأوحي له بالثقة وأنا أقول:
ــ حسناً موعدنا بعد ثلاثة أيام الساعة الخامسة مساء..
والي بعده بعد الردود [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________


أَخِلاَّءُ الرِّجَالِ هُمْ كَثِيرٌ

وَلَكِنْ فِي البَلاَءِ هُمْقَلِيلُ

فَلاَ تَغْرُرْكَ خُلَّةُ مَنْتُؤَاخِي

فَمَا لَكَ عِنْدَ نَائِبَةٍخَلِيلُ

وَكُلُّ أَخٍ يَقُولُ أَنَاوَفِيٌّ

وَلَكِنْ لَيْسَ يَفْعَلُ مَايَقُولُ

سِوَى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌوَدِينٌ

فَذَاكَ لِمَا يَقُولُ هُوَالفَعُولُ



ادخل واطلب احلى التوقيعات مع و وردة:rose:

http://vb.arabseyes.com/t279006.html

التعديل الأخير تم بواسطة ~ رحيق الأمل ~ ; 07-20-2015 الساعة 10:50 PM