عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 07-09-2011, 05:43 AM
 
الفصـل الثـاني [ السـوار ]

قال لي بصوته القوي ذو النبرة الهادئة :
- نيويورك ليست ببلدك؟ اذاً ما الذي تفعلينه هنا ؟
اجبته بهدوء رغم ان هناك صراع مشاعر في داخلي ، الغضب والخجل ممزوجان معاً :
- أ .. ابتعدت عن لوس انجلوس لأنني اردت الابتعاد عن حياة امي .
رفع حاجبه الايمن وقال بسخرية :
- امكِ ؟ عارضة الازياء الحسناء تلك ؟
هاه ؟ هل يعرف امي ؟ كيف ؟ انا لم اتحدث عنها لأي احد من اهل نيويورك فمنذ ان جئت هنا قررت ان انسى امي وحياتي السابقة ، لذلك اخفيت هويتي الحقيقية
ابنة عارضة الازياء الحسناء ، مـاري أندريد ، التي ذاع صيتها في عرض الازياء
اااااه كم اكره هذا ، لطالما كان عرض الازياء عند امي افضل من اي شيء اخر ، حتى مني انا
لذلك غادرت لوس انجلوس لكي ابتعد عنها ، فقد كان البقاء بقربها يشعرني ... بالألم
رغم انني واجهت صعوبات معها فقد اعترضت بشدة على ذلك وقالت لي انني ما زلتُ صغيرة ، هه رغم انني اعرف انها لم تكن قلقة علي ، لأن همها الوحيد هو ما سوف تقوله الصحافة عن ابنة ماري التي ذهبت الى نيويورك وقد تركتها والدتها ترحل هكذا من دون ان تعارض
أجل فالكل سوف يتهمونها بالتقصير تجاه ابنتها وهذا سيء للغاية لسمعتها
لذلك لم توافق لكن انا لم اترك الفكرة تذهب مني ، فأخبرت عمي بالموضوع وقد ابدى استعداده لمساعدتي فهو كان يكره امي لدرجة كبيرة لكنه كان يحبني انا لأنني اشبه والدي المتوفى فعمي هذا هو الاخ الصغير لأبي وما زال شاباً ويبلغ من العمر التاسعة والعشرون ولم يتزوج للأن ويشبه والدي كثيراً لذلك انا احبه بشده واعتبره كأخي تماماً
وامي عندما علمت بذلك ، غضبت بشدة ووصفت هذا بـ ... ماذا وصفته ؟ اوه ، اجل ، تذكرت وصفته بالمؤامرة مني ومن عمي ضدها
حاولنا معها كثيراً حتى وافقت بشرط ان اغادر المدينة بهدوء ومن دون اثارة ضجة حتى لا تعلم الصحافة ، هه هذا ما قلته سابقاً ، انها خائفة من الصحافة وليست خائفة علي
لذلك ها انا هنا في نيويورك ، وانا هنا منذ سنة وفي بداية مجيئي الى هنا عاش عمي معي بعد ان استئجر هذه الشقة ووجد لي عملاً ، كان يود ان يتأكد من ان ابنة اخيه سوف تعيش بخير ولن يحتاج على ان يقلق عليها ، ثم غادر قبل خمسة اشهر بعد ان تأكد من انني اصبحت قادرة على العيش وحيدة وكم احببتُ لو ان يعيش معي لكنه في النهاية لديه عمل في لوس انجلوس ولا يستطيع تركه ويكفي ما قدمه لي من خدمات لن انساها طيلة حياتي
احسستُ بشيءٍ ما يسير حولي بهدوء مما جعلني استفيق من تفكيري لأنظر لواتسون الذي كان يسير حولي وينظر لي ، فقال لي بسخرية بعد ان رآني انظر أليه :
- هه هل انتهيتِ من تفكيرك العميق ام انه بقي الكثير لذلك ؟
غضبت بشدة فهو طوال الوقت يسخر مني ، الأ يمل من فعل ذلك ؟ ااه ، اود لو ان اقوم بتشويه وجهه ، ولِمَ لا افعل ذلك ، للأسف لو لدي شيء حاد لشوهت وجهه الوسيم هذا
تحرك من مكانه ليمشي بهدوء بأتجاه البركة وقال لي بعد ان وقف امامها و ألتف بأتجاهي:
- ماذا ترين يا روز ؟
سألت ببلاهة :
- هاه ؟
- اعني ، ماذا ترين الان ؟ صفي لي المكان؟
رددتُ عليه بسخرية لأقلده:
- لماذا ؟ هل انتَ اعمى ام ماذا ؟
ابتسم بسخرية ليقول لي:
- محاولة جيدة لكننكِ لم تنجحي في اغضابي هذه المرة .
انه محق ، كنت اود لو ان يشتعل غضباً مثل ما اشتعل غضباً في كل مرة يسخر فيها مني ، لكن لا بأس سيضطر يوماً من الايام ان يشتعل غضباً
قال لي بحدة :
- هيا تكلمي ايتها الثرثارة ، كيف هو المكان؟
- ثرثـــــــــــــارة ؟
صحت بهذه بحدة لدرجة انني شعرت بعرق في داخلي يكاد يقفز من مكانه ، توسعت عيناي غضباً ، صحت بحدة وبغضب وانا اجيب على سؤاله:
- نحن في مكان عشبي ، خلفي توجد اشجار تسد الطريق وانتَ الان تقف امام بركة واسعة جميلة ينعكس عليها القمر والجو رائع جداً ..
- رومنسياً ، أليس كذلك؟
صحت بغضب لأنني لم اهدأ بعد :
- اجل .
سألني وهو يلتف على البركة :
- كما اعتقدتُ تماماً ، هل تقرأين الكثير من قصص الحب يا روز ؟
لٍمَ هذا السؤال الابله ؟ يا ترى ما الذي سوف يصل إليه بسؤاله هذا ؟
تكتفتُ وقلت بحدة بعد ان خف غضبي كثيراً :
- لِمَ تسأل ؟
- لأنك ترين المكان الذي نحن فيه الان ، رومنسياً ، هذا يعني انك متأثرة كثيراً بقصص الحب يا عزيزتي .
معه حق ، انا احب ان اقرأ الكثير من قصص الحب التي تنتهي نهاية سعيدة وقليلاً ما احب النهايات المحزنة خصوصاً لو كان البطل هو من يموت
- اسمعي يا روز سوف اقول لك الحقيقة ، ما ترينه الان هو فقط من نسج خيالك ، نحن ما زلنا في نيويورك وبالتحديد في ملعب الاطفال في نيويورك امام العمارة التي تسكنين فيها .
فرقع اصابعه بخفة لأجد نفسي حقاً في ملعب الاطفال وقد زال ذاك المكان الذي كنا فيه
حقاً ؟ لم اعد افهم ما الذي يجري هنا ؟ ماذا حدث ؟
اكمل واتسون كلامه:
- عندما احضرتك الى هنا احببتُ ان اعرف ما هو افضل مكان تودين لو ان تكوني فيه الان لذلك لعبت مع عقلك لعبة صغيرة وخيلتُ لكِ اننا في مكان اخر وليس في نيويورك بينما نحن لم نبتعد كثيراً عن شقتك ، اذاً المكان الذي رأيته قبل قليل لم يكن سوى من نسج خيالك وذلك نتيجة لقراءتك العديد من قصص الحب يا روز .
اشتعلت وجنتاي خجلاً بسبب ذلك ، تباً له انه يعرف تماماً كيف يجعلني اشعر بالخجل وكم اكره نفسي عندما اخجل فعندها ابدو كالبلهاء تماماً
لحظة لحظة لحظة ! ... ماذا قال للتو ؟ لعب لعبة مع عقلي ؟ كيف كيف ذلك ؟ لا بد انه مجنون ؟ لا احد يستطيع فعل شيء لعقول الاخرين
انه مجنون ، اجل انه مجنون
اخذت اهز رأسي بالايجاب وانا اقول هذا في نفسي لكنني تفاجأت بواتسون يمسكني من كتفي ويهزني بخفة:
- روز ، روز ، هل جُننتِ ؟ ما كان يجب علي ان اخبرك بهذا فيبدو ان عقلكِ الصغير لم يفهمه .
اغضبني كلامه وتحولت مشاعر الخجل التي احسست بها للتو الى بركانِ هائجٍ وازحت يديه من على كتفي بقوة وانا اصيح قائلة :
- كف عن اهانتي ايها المتعجرف ، عديم الاحساس ، ليس عقلي من هو الصغير بل هو عقلك .
عقد حاجبيه دلالة على ان هذا الكلام لم يعجبه ، لكن ما يهمني ؟ تباً له ولعقله ولوسامته المزيفة وتباً لي لأنني اعطيته مجال لكي يهزأ بي ولم اوقفه عند حده من البداية
ألتفت بسرعة للخلف لأعود لشقتي التي لا تبعد كثيراً وانا اضرب الارض بقوة دلالة على شخطي وغضبي
كنت اظن انه سوف يلحق بي حتى يجعلني اهدأ او يفسر لي شيئاً لكنه لم يفعل
تباً له ، انه عديم المشاعر
وصلت للعمارة ودخلت شقتي بسرعة واقفلتها ورائي و رميت نفسي على السرير لأهدأ من حالي واخذت اتنفس واخذ شهيقاً وزفيراً حتى اهدأ وترتاح نفسيتي
لكنني سمعت صوت شيئاً ما يُكسر في مطبخ شقتي الصغير فنهضت من على السرير بسرعة وهرعت الى المطبخ وانا خائفة
وعندما خطوت اول خطوة في المطبخ وجدتُ كوبي المفضل قد اصبح قطعاً على الارض ، انصدمت وحزنت بشدة ، انه كوبي المفضل >< ، كلا مستحيييييل ! لذلك صحت بخفة وانا اشعر بأنني سوف ابكي بعد قليل :
- كلااااااااا ، ليس كوبي المفضل .
هرعت للقطع المتكسرة واخذت اجمعها لأرميها في القمامة وانا اشعر بالسخط والغضب على هذا اليوم التعيس الذي بدأ بالصداع وواتسون وانتهى بكسر كوبي المفضل
هل سوف يزداد الوضع سوءاً ؟
وعندم انتهيت من قول هذا تفاجأت بنافذة المطبخ تُفتح على وسعها فجأة من تلقاء نفسها ليدخل هواء قوي من خلالها ... في الحقيقة انه ليس هواء بل ريـااااااااح
تركت القطع ارضاً بسرعة واخذت اخطو نحو النافذة لكن كان ذلك صعباً بشدة فكلما اقتربت من النافذة ازدادت قوة الرياح حتى ان شعري اخذ يتطاير بقوة للخلف وقمت بأغماض عيناي لأنهما دمعا ، مددتُ يدي للنافذة وانا اصارع الرياح التي لم تكن طبيعية ابداً ، صحت بغضب :
- تباً لهذا اليوم ، أكان يجب علي ان اقول تلك الجملة البغيضة ؟
كنت اقصد ما قلته قبل قليل في هل سوف يزداد الوضع سوءاً فحالما قلتُ هذا حتى ازداد الوضع سوءاً
وصلت للنافذة اخيراً وامسكتها لأغلقها بقوة واحكم اغلاقها ، ألتفت للخلف لأتكئ على النافذة وانا اتساءل في نفسي
( هممم ، رياح شديدة في فصل الخريف ؟ ما الذي يحدث هنا ؟ لوهلة اعتقدت اننا في فصل الشتاء )
ولا اعلم لماذا لكنني تذكرت واتسون والوشاح الذي يلفه حول رقبته كما لو ان الفصل شتاء !
غريب حقاً
عدتُ لأجمع القطع المتكسرة من على الارض ورميتها في القمامة ورجعت لغرفتي لأرمي حالي على السرير واغرق في نومي
طااااخ طااااخ ... تننننن ... تنننننن ... تننننن
سمعت صوتان غريبان ، لا اعلم من اين جاء مصدرهما
صوتان غريبان كان احداها صوت شيء يضرب شيئاً ما ، كما لو ان احدهم يضرب شيئاً قاسياً بفأس ، شيء مثل معدن
والصوت الثاني احدهم يقوم بجر فأسِ على الارض
فتحت عيناي بقوة لأجد الصباح قد حل وانا مستلقية على سريري في غرفتي وانظر للمروحة بأستغراب وخوف شديدين ، هل كان ذلك حلماً ؟ لكنه بدى لي حقيقياً جداً كما لو انني سمعته من شقتي
غريب حقاً !
نهضتُ من على السرير بثقل ، اشعر بأن جميع عظامي متكسرة ، ااه اتمنى لو ان احصل الان على تدليكِ رائع يزيح جميع الالام جسدي
خرجت من غرفتي لأجد ان احدهم يطرق باب شقتي بعنف ، من هذا الاحمق الذي يطرق هكذا ؟
صحت بحدة :
- هييي ، هييي ، قادمة ، لا تضرب هكذا .
فتحت الباب بقوة وانا اشتعل غضباً من هذا الاحمق الذي سوف يحطم باب شقتي بعد قليل لكن ملامح الغضب تلاشت بسرعة لتحل محلها الفرحة وانا اقفز لأحضن الشخص الذي كان يطرق الباب ، كــان ذلك الشخص ... صديقتي المقربة والعزيزة على قلبي أليسـون
صحت بفرحة وانا احضنها :
- أليســــوووووون .
ابتعدت عنها وانا لا زالت امسك كتفيها وقلتُ بفرحة اكبر:
- يا لها من مفاجأة رائعة ، متى وصلتِ الى نيويورك ؟
قالت أليسون وهي تمثل الغضب :
- حمقاء ، انا هنا منذ دقائق ولو لم تفتحي الباب لكنتُ غادرت الان.
عقدت حاجبي بأستغراب :
- لِمَ لم تضغطي على الجرس ؟
- ضغطته لعشرات المرات .
استغربت كثيراً من هذا فقلتُ :
- همممم ، غريب ، يبدو انه معطل .
لكنني سرعان ما نسيت امر الجرس وقمت بأدخال أليسون وانا اقول بمرح :
- هيا هيا ادخلي ، هناك الكثير حتى نتكلم عنه .
حدقت أليسون في الشقة قليلاً وقالت بعد ان جلست على حدى كنبات الصالة :
- لم تتغير الشقة ، انها مثل ما رأيتها اخر مرة .
حدقت بأليسون بشيء من الغضب وقلت بأمتعاض:
- اجل ، قبل شهرين !
نهضت أليسون من مكانها وتوجهت نحوي لتقوم بحضني والتخفيف عني بمسحها على شعري:
- أعلم انكِ غاضبة مني لأنني لم ازرك منذ فترة.
__________________
رد مع اقتباس