عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-03-2007, 06:25 PM
 
رد: $$$>>> حديث الجمعة <<<$$$

شكرا لك أختي أم محمد
مما لا ريب فيه أن طلب العلم الشرعي فريضة على كل مسلم ومسلمة، كما هو معلوم ومقرر لدى أهل العلم والبصيرة. ثم ان هذه الفريضة المقررة على كل مسلم ومسلمة تنقسم الى نوعين: فرض عين، وفرض كفاية، او واجب عيني وواجب كفائي.

فرض العين هو ان يتعلم المسلم والمؤمن ما يجب على كل مكلف ومكلفة أن يتعلمه، وهي الامور التي لا يستقيم له او لها اداء الواجبات الدينية دون تعلم كيفية أدائها على النحو الصحيح، مثل اركان الصلاة وواجباتها ونواقض الوضوء وأصل التوحيد.. وما شاكل ذلك مما لا يسع جهله، او يتعذر بجهله القيام بفرائض الدين والاركان والواجبات.

وأما فرض الكفاية فهو أن يوجد في المسلمين جماعة تندب نفسها لتعلم ما يحتاج اليه عموم المسلمين في امور دينهم المتعددة، وهي الامور التي يعجز عامة الناس عن الاحاطة بها او فقهها، وربما وقعوا في المحظور او أدوا الفرض على نحو خاطئ، مما يترتب عليه وجود قادح يمنع صحة العبادة او استقامة العمل. ووجود مثل هذه الجماعة التي تندب نفسها للاختصاص بطلب العلم الشرعي واجب كفائي من أجل سد حاجة الناس الى الافتاء والتعليم والارشاد.

وبما أن العلم الشرعي الشريف بهذه المثابة من الأهمية فإن تعلمه والاشتغال به لا بد له من آداب شرعية، وشروط مرعية، يجب على الطالب أن يتعلمها قبل أن يبدأ في طلب العلم الشرعي.

من أجل ذلك ألف جماعة من أهل العلم قديما وحديثا، كتبا ورسائل في آداب طلب العلم وشروط التعلم، وأشبعوا هذا الميدان بدقائق الامور وجلائلها، كل ذلك من أجل شرف العلم ومكانته. ومن أولى ما يجب معرفته من شروط وأدب الطلب الصحيح للعلم الشرعي أن تعلمه يجب ان يكون على ايدي العلماء الراسخين في العلم الشرعي، لا المتطفلين على مائدة العلماء، او من يريدون من وراء الاشتغال بالعلم دنيا يصيبونها او عرضا من حطام هذه الحياة الفانية، أيا كان هذا الحطام، مالا او جاها أو مكانة سياسية، فالعلم أنبل شأنا، وأرقى رتبة من كل هذه الاغراض.

نعم، يجب طلب العلم على العلماء الذين ينتهجون سبيل الوسطية والاعتدال، والذين يفقهون نصوص الكتاب والسنة فقها صحيحا، وهذا الصنف من العلماء لا يخفى على عامة الناس، وهم هامة منيفة بين الرؤوس يراها الجميع، وليسوا بحاجة الى من يدل عليهم.

والغرض من التاكيد على طلب العلم على اهل الرسوخ والاعتدال وبراءة المقاصد من اغراض الدنيا، هو تعلم العلم على أصوله، وأن لا ينقلب هذا التعلم الى مدعاة للغلو والتنطع في دين الله، وألا ينحرف الطالب عن الطريق الصحيح بسبب الفهم السقيم، ولهذا قال الله تعالى (وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا) النساء 83.
هنا أمر الله تبارك وتعالى برد العلم الى أهله الذين يستطيعون استنباط الحكم الشرعي الصحيح.

ولذلك يقول الامام محمد بن سيرين رحمه الله «إن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم».

وأنا اقول لإخواني المسلمين، وأخص منهم الشباب المتجه لطلب العلم الشرعي، كما قال هذا العالم الجليل، وأنبههم إلى أهمية عدم الخلط بين غرض العلم الشرعي الشريف، والأغراض الاخرى، التي تكدر صفو معينه العذب... ذكرى لعل الذكرى تنفع المؤمنين