عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 02-26-2013, 03:03 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/28_01_14139093807305871.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




(((عيناك عذابي...............))))


الفصل الثالث

(( ارتباك واتهامات ))


امتدت الحقول إلى جانبي سيارة دانييل الكحلية ,لقد استيقظت منذ الصباح الباكر لتصل إلى لونغ آيلند مبكرا ....
امتدت الهالات السوداء تحت عينيها لتسبغ عليها مظهرا تعيسا ,لم تستطع النوم ..وكيف تنام وأمامها لقاء لا تعرف كيف سيتم ؟هل سيتعرف إليها والدها ؟
ارتشفت قليلا من القهوة التي أعدتها لتساعدها في التركيز على القيادة لمدة ساعتين ....لكن أين ستذهب أولا ؟هل تذهب إلى المستشفى أم تذهب مباشرة إلى منزل والدها ...
توقفت عند فندق صغير وحجزت غرفة فيه ..كانت الغرفة جميلة وصغيرة ,أخذت ترتب ملابسها القليلة التي جلبتها معها .بدأت بتعليق فستانها الوردي الذي أصرت جيسيكا أن تأخذه معها ,أخذت دانييل تجادل جيسي
(ولم أحتاج إلى فستان بحق الله ؟)
قالت جيسيكا
( لأنك قد تحضرين حفلة هناك .)
(أنا لست ذاهبة لأحضر حفلات بل لأزور أبي )
(ولكنهم قد يقيمونها على شرفك .)
ضحكت دانييل
( إنك حالمة جدا يا جيسي .)
والآن وهي تقوم بتعليقه أدركت أنها ارتكبت خطأ اذ استمعت إليها .
ارتدت بنطال أسود وقميصا أبيض وربطت شعرها بربطة مرقطة بالأبيض والأسود استعدادا للذهاب إلى المستشفى انطلقت دانييل بسيارتها بعد أن سألت عامل الاستقبال عن موقع مستشفى ميرسي .لقد حفظت اسم ذلك المكان عن ظهر قلب فهو المكان الذي ينام فيه والدها طريح الفراش .قادت دانييل سيارتها خلال شوارع لونغ آيلند التي تغيرت إلى حد كبير خلال السنوات التي غابت عنها ..زلقد كانت تعيش هنا قبل أن تنتقل مع والدتها إلى نيويورك ...
لقد كانت أياما جميلة مليئة بالسعادة زلكن لا شيء يدوم ..
(وأخيرا ,مستشفى ميرسي !) تمتمت وهي تركن سيارتها في موقف سيارات الزوار وقد تملكتها مشاعر الخوف والارتباك ..جلست في سيارتها ممسكة بالمقود ..ماذا لو رفضها والدها وزوجته ؟ماذا لو عاملها ببرود ؟ولكن لا ..لا شيء سيقف في طريقي الآن بعد أن وصلت ...قالت دانييل فينفسها ....وبسرعة تحررت من حزام الأمان واختطفت حقيبتها ومعطفها ونزلت من السيارة بسرعة قبل أن تخونها أحاسيسها وخوفها من الرفض ....ولكن على الرغم من هذا كانت لاتزال ترتجف ...
وما إن وقفت أمام بوابة المستشفى حتى انفتحت آليا وكأنها تقول لها بأن لا مجال للهرب والرجوع عن قرارها ...تقدمت بخطى واثقة مزيفة بمعطفها المقلم بالبني والبيج والسكري ...
(عذرا ...لكن أين غرفة جوناثان باركر؟) قالت لعاملة الاستقبال
تقدمت ممرضة كانت بالقرب من عاملة الاستقبال ( عفوا ولكن هل لي أن أعرف من أنت ؟) تعجبت دانييل ! هل من العادة أن يسألوا عن اسم الزوار (أنا دانييل باركر ....ابنته ) ردت بثبات
انفرجت أسارير الممرضة (أحقا؟ آسفة إذ سألتك عن اسمك فهناك أوامر مشددة حول الزوار وهم فقط من العائلة ,تبدين متعبة !)
ابتسمت دانييل للممرضة وهي تقودها نحو غرفة والدها والخوف يتملكها , كان المستشفى خاليا إلا من بعض الممرضات والأطباء المنوبين ..تلقائيا نظرت إلى ساعتها إنها الثامنة والنصف ... .....توقفت الممرضة عند باب غرفة خاصة وفتحت الباب قائلة (لقد تعرض إلى نوبة قلبية حادة لكن لحسن حظه اجتازها بعد إجراء العملية له ولكنه الآن في غيبوبة قد يستيقظ منها اليوم أو غدا ...تفضلي ,,لا تخافي ) قالت بعد أن رأت أن دانييل لا تقوى على الحركة ...تنفست دانييل بعمق مبتسمة للممرضة ابتسامة فارغة وتقدمت إلى الأمام في منتصف الغرفة حيث توقفت ...وهناك رأته ممددا تحت تلك الأغطية الباردة موصولا بعدد لا يحصى من آلات مراقبة القلب وفي داخل أنفه أنبوب ...وتلقائيا تقدمت دانييل إلى السرير واضعة يدها حول فمها مخافة أن تطلق صرخة كتمتها في داخلها منذ زمن ...أرادت أن ترى والدها ولكن وقد رأته تمنت بأنها لم تره ...
تمنت بأن لم تره هكذا ...طريح الفراش لا يقوى على الحركة ..وقد غاب عن هذه الحياة مؤقتا ..لم تكن تريد أن ترى والدها النشيط والقوي ضعيفا وخائر القوى ..نظرت إلى والدها ..كم هو غريب عنها وفي نفس الوقت تعرفه حق المعرفة ..ولكن السنين غيرته ...من الخارج على الأقل .,فذلك الوجه الجميل القوي الذي ينضح شبابا وثقة قد أصبح الآن جميلا تغمره التجاعيد حول عينيه وفمه وذلك الفك البالغ التصميم قد أصبح أكثر تهاونا وكأنه قد تعب من السباق مع الزمن ..وذلك الشعر الأشقر غزاه الشعر الأبيض فأصبح لونه رمادي ..لقد تغير كثيرا وهي لم تكن معه خلال تلك السنوات التي فعلت به هذا ... وبهدوء انحنت على سرير والدها وأخذت تبكي بحرقة ممسكة بيده وكأنها كانت تخاف أن يأخذها أحد بعيد عنه ...
أحست بحركة بادرة من والدها بعد مرور حوالي العشر دقائق ...وبسرعة مسحت دموعها بظاهر يدها ونظرت إلى والدها ..كان يرفرف جفنيه ويحاول أن يقتلع ذلك الأنبوب من أنفه ...تصرفت دانييل بسرعة إذ ضمت يدي والدها بنعومة قائلة (أبي ,لا تخف ) ثم ألقت جرس استدعاء الممرضة ..
لم تمر دقيقة إلا والممرضة موجودة وباحتراف أخذت تقوم بعملها فهدأ والدها وتمتم من بين شفتيه بصوت خشن
(ماء......)
فأخذت دانييل الماء ليشرب تحت إشراف الممرضة ...بعدها اتسعت عيناه الخضراوين الشبيهتين بعينيها ونظر مباشرة إلى عينيها قائلا بصوت متعب (نيلي,هذا أنت يا طفلتي ....) ضحكت دانييل ضحكة واسعة وقد تجمعن الدموع في مآقيها اثر ما قاله والدها ...لطالما دعاها بنيلي .....قالت تغيظه كما كانت تفعل (مرحبا أيها العجوز الطيب )..استطاع والدها أن يرسم ابتسامة على ثغره المتعب وقال بمزاح (لا أظن أني سأجادلك في هذا يا طفلتي ..) ثم أغمض عينيه بألم صامتا لثوان ظنت بأنه نام لكنه تمتم(سامحيني يا طفلتي ....) أحست دانييل بأن قلبها قد طعن بطعنة نجلاء ...هذا التوسل قد أزال كل سوء ظن وسوء فهم ...قالت في نفسها *لقد سامحتك منذ زمن طويل *ولم تستطع أن تقول له هذا إذ غط في نوم عميق فظنت دانييل بأنه رجع للغيبوبة لكن الممرضة قالت ( لقد تخطى مرحلة الغيبوبة إنه الآن نائم فقط ) صمتت ثم أضافت (لقد انتظرنا استيقاظه منها وخصوصا عائلته ولكن أظن أن قدومك هو المفتاح ) اغرورقت عينا دانييل بدموع حارة لم تستطع كبتها وانهمرت بصمت ...إنها لم تخطىء بمجيئها ..سمعت الممرضة تقول بأن الطبيب سيأتي ليقوم بجولته ثم أضافت
(هل أتصل بالسيدة باركر ؟حتى تأتي أم أنك ستتصلين بها ؟)
صمتت دانييل ,إنها خائفة من هذا اللقاء إنها لا تحب أن تلتقي بأناس جدد فكيف بزوجة والدها التي لا تعرفها ولا تعرف اسمها
انتبهت للممرضة التي لا تزال تنتظر الجواب فقالت بتوتر
(هلا تتصلين بها من فضلك؟) أومأت الممرضة فشكرتها دانييل
تهالكت على مقعد قرب السرير مفكرة هل ستحب زوجة والدها أم أنها ستكون مثل القصص الكلاسيكية شريرة ...ابتسمت ساخرة من نفسها ..إنها تفكر بطفولية ...أحست بالنوم والراحة تدب في أوصالها ..أخذت العديد من الأفكار تقفز إلى ذهنها ...هل أنجبت زوجة والدها أطفال ؟ ابتسمت لهذا فلطالما تمنت بأن يكون لها أخوة ...وفجأة طرأت على ذهنها فكرة أجفلتها ..هل سيأتي رايان ويليامز ليزور والدها ؟هل ستلتقيه مرة أخرى ؟هذه الفكرة أجفلتها كثيرا ...خصوصا بعد الذي قالته في المقهى ....لكن على الأرجح أنها لن تراه مرة أخرى فلابد أنه لن يزعج نفسه بزيارة والدها ...فارتاحت لهذه الفكرة وغطت في نوم عميق على صوت آلة مرقاب القلب وقد ارتسمت ابتسامة صغيرة على فمها الجميل ..

**********************************


قاد سيارته بأسرع ما يمكن عندما اتصلت عمته به لتخبره أن
جوناثان قد استيقظ من الغيبوبة فقال لها أن تسبقه هي وأخته
أحدث صوت العجلات صريرا حادا عندما توقفت السيارة عند المواقف ونزل بسرعة مرتديا معطفه الكحلي فوق بذلة رمادية أنيقة .أسرع في مشيه لكن الممرضة استوقفته قائلة أن جوناثان قد نقل إلى الطابق الثالث (شكرا ليديا ) تمتم على عجل ..لقد كان يعرف العاملين في هذه المستشفى لذلك حظي جوناثان بهذه المعاملة الخاصة ...وجد الغرفة وقد كان الباب غير مغلق كليا فقد سمع ضحكة رقيقة يقابلها صوت عميق على الأرجح هو صوت جوناثان وبسعادة ارتسمت ابتسامة على فمه وفتح الباب بقوة لكن الابتسامة ماتت بسرعة لذلك المنظر الذي رآه ...إنها هناك ...جالسة بجانبه ممسكة بيده ...لم يتوقع رؤيتها أبدا وعلى ما يبدو هي لم تتوقع رؤيته أيضا فقد اختفت الابتسامة واختفى المرح من وجهها ,لكن رايان شعر بشيء غريب ,شيء قريب من السعادة لرؤيتها ..ولكن لماذا يكون سعيدا لرؤيتها فهو يكرهها ...
لكن الذي لم يرد أن يعترف به كان موجودا مهما كانت رغبته في إبعاده ...
لقد كانت دانييل تشغل أفكاره ليل نهار ...لا يعرف لماذا ؟!
والآن وهو يراها بقميصها الأبيض وشعرها الشبيه بذيل الحصان لا يستطيع أن يفكر بشيء آخر ... إنه يكرهها ...ولكن مالذي تفعله هنا؟
(هل أنت بخير يا رايان ؟) قال جوناثان باستغراب
استدرك رايان نفسه وقال بعد أن اقترب من السرير (من المفترض أن أسألك هذا السؤال ) صمت ثم أكمل بصوت عميق ( هل أنت بخير ؟هل تشعر بأي ألم ؟) ضحك جوناثان وربت على يد رايان بكل محبة (أنا بخير ما دامت نيلي بجانبي )ثم نظر إلى دانييل مكملا (إنها طفلتي الجميلة ..) نظر إليها وهي تبتسم لوالدها تلك الابتسامة الجميلة التي تخطف الأنفاس ....لكن مالذي يفكر فيه ؟يا لك من أحمق !!!
سمع جوناثان يقول (إنكما تعرفان بعضكما طبعا ,فقد ذهب رايان ليخبرك ) قالت (طبعا ,لقد تعرفنا على بعضنا ) ولم تقدر أن تنظر إلى رايان ...ساد صمت متوتر وكأن كلا منهما يتوقع أن تقول شيئا لكنها اكتفت بالابتسام ...وكيف تقول شيئا وقد رأته من جديد ..لقد كانت متخوفة من هذا اللقاء ...لقد كانت تتمنى ألا تراه مجددا ولكن وقد رأته اضطربت مشاعرها ...كانت تضحك مع والدها عندما دخل ..وياله من دخول ...لقد أحست أن حضوره ملأ الغرفة ,لقد رأته وسيما جدا ببذلته الرمادية ومعطفه الكحلي وشعره الكثيف الأسود ...أما عيناه فكانت ما شد انتباهها
فقد كان فيهما من الغموض والبرود ما جعل رعشة تتملكها ,تماما كما رأته أول مرة ولكنها لم تره في المرة الماضية كماالآن شفقد كان ذهنها مشغولا ...وهي ليست بتلك الفتاة التي تلاحظ كل شيء من المرة الأولى خاصة عندما تكون متوترة ...إنها لم تشعر أبدا بمثل هذه المشاعر ,إنها مشاعر متضاربة من الخوف والإثارة ...والآن وهي تنظر إلى جانب وجهه رأت مالم تره ذلك الأنف المستقيم وكأنه قد نحت في منتصف وجهه ...لا يوجد كلمة تصف مثل ذلك الأنف إلا ارستقراطي ....نعم! أنف ارستقراطي
(.........يا دانييل ؟)عنفت نفسها بسرعة إذ أخذتها التأملات في ذلك الرجل الذي لا بد يحتقرها وذلك واضح من تلك النظرات التي يرمقها بها قالت
(عفوا؟)
قال والدها
( هل أتى الطبيب عندما كنت نائما ؟)
قالت
( أجل ,وقال بأن كل شيء جيد وبأنه سيبقي والدي بضعة أيام ليطمئن )
رد والدها مشمئزا
( لا أظن بأني أحتاج إلى بضعة ؟أيام فأنا أريد الخروج اليوم )
أجابه رايان بحزم (
جوناثان ,أنت تعلم مدى أهمية هذه الفحوصات ...وأيضا ماذا يضر لو أخذت راحة لبضعة أيام ..)
هل هذا اهتمام الذي سمعته في صوت رايان !!!!ولكن أي علاقة هذه التي تجمع بينه وبين والدها ...وقطبت حاجبيها
تنهد والدها وقال مستسلما (لك ما تريد ) صمت ثم وجه كلامه إلى دانييل (إذا كان لا بد أن تعرفي شيئا عن رايان فهو أنه عنيد لا يقف في وجهه شيء أبدا ) ثم ضحك والدها
أما هي فقد أحست بالارتباك من هذا الجو فابتسمت محرجة وهي تنظر إلى والدها مع علمها أن رايان يخترقها بنظراته ثم رفعت يدها تملس شعرها شأنها عندما تشعر بعدم الراحة والإحراج ..
قال والدها (ما بك ؟إنك تبدين مرهقة ؟هل أكلت شيئا ؟) ضحكت دانييل في نفسها ..لو أنه يعلم
قالت (لا تقلق يا أبي لكني تذكرت بأني لا بد أن أجري اتصالا هاتفيا ..) لقد كان هذا الاتصال منقذا لها وأيضا ضروري
سأل والدها مقطب الحاجبين
(لمن هذا الاتصال ؟)
أجابت
(لأصدقائي فقد وعدتهم أن أتصل بهم فور وصولي )
رد والدها ( حسنا ...وأبلغيهم تحياتي ) خرجت وسمعت صوت والدها يسأل رايان (متى ستأتي مورا وكايت وميا ؟)
من هؤلاء ؟!!!سمعت رايان يجيب ( سيأتون لا تقلق , ربما عمتي مورا تريد أن تكون أنيقة من أجلك ) ضحك والدها
إذن مورا هي زوجة والدها ..لكن لم يدعوها بعمته ؟أهو نوع من الاحترام ؟
طلبت رقم مقهى تشارلي ...رن الهاتف ثلاث مرات عندها سمعت صوت ترافيس يقول
(مقهى تشارلي ,هل من خدمة؟)
ردت بمرح
(مرحبا ترافيس ,هذه أنا )
0أهلا بك أيتها الغريبة ,ألم أقل لك أن تتصلي بي حالما تصلين ؟)
أجابت ضاحكة (اهدأ ,ها أنا ذي أتصل ) صمتت ثم أضافت (كيف حالكم ؟) رد ترافيس ( بخير , لقد كنا ننتظر مكالمتك إنهم يبلغونك تحياتهم وجوزيف أيضا .كيف سار اللقاء ؟) تجمعت الموع في عينيها وردت (لم يحدث شيء من الذي تخيلت أنه سيحدث لي ,لقد عرفني وناداني باسم التدليل الذي اعتاد أن يناديني به عندما كنت صغيرة ) وصمتت وقد أحست بأنها سوف تبكي .شعر ترافيس بذلك فقال ممازحا (ألديك اسم تدليل ؟ما هو؟)ضحكت وقالت (هذا مضحك جدا يا ترافيس )
(إنني جاد في هذا ,ما هو؟) استسلمت وقد عرفت بأنه لن يترك الموضوع حتى يعلم (إنه نيلي)
صمت ترافيس ثم قال (هممم ,إنه لايناسبك .فهو أنثوي )
(مضحك مرة أخرى يا ترافيس )
(إنني جاد ,اسم التدليل الذي يناسبك يجب أن يكون فيه شيء من القوة ) صمت مفكرا وقال (آه إنه داني ,فهو يناسبك .زفأنت تشبهين الرجال في تصرفاتك )
(ترافيس!!!) أخذ يضحك لأنه قدر أن ينتزعها من حالة البكاء التي داهمتها ...غريب كيف أن ترافيس يعرف كيف يخرجها من مزاجها السيء ..تكلمت معه قليلا ثم أقفلت السماعة وبسرعة قفز ذهنها إلى رايان ...لماذ يرمقها بهذه النظرات الغاضبة ؟ إنها لم تفعل أي خطأ ,صحيح أنها تهورت في كلامها لكنها رجعت وحكمت عقلها .....وصلت إلى غرفة والدها وفوجئت بوجود امرأتين إحداهما في منتصف الأربعينات ذات شعر حالك السواد وعينان سوداوين تشبهان عيني رايان والأخرى قد تكون أصغر من دانييل بشعر أحمر وعينان رماديتان لكن أقل حدة من المرأة الأولى ..
(هاقد جاءت نيلي ) أعلن والدها بفرح ..أحست بأن كل العيون تنظر إليها فأصيبت بالارتباك ...
أكمل والدها (هذه زوجتي مورا وهي عمة كايت ورايان ) إذن هذا يفسر حدة العينين نهضت مورا لتلقي التحية فمدت دانييل يدها لكن المرأة احتضنتها بكل مودة ...اتسعت عينا دانييل ...لم تتوقع هذا , سمعتها تقول ( إنني سعيدة لحضورك ) ثم تأملت دانييل قائلة (إنها تشبهك يا جون ) ضحك الجميع ما عدا رايان الذي كان مقطب الحاجبين ابتسمت دانييل فتدخلت كايت قائلة (اتركوا الفتاة وشأنها ,إنكم تحرجونها ,,,,أنا كايت ويليامز ..أخت هذا المقطب الحاجبين ) وأشارت إلى رايان الذي اكتفى برفع حاجبه تعليقا على أخته ...استمتعت دانييل بحديث مورا وكايت ونسيت رايان الذي كان يراقبها ,,,لقد عرفت أن لديها أخت عمرها تسع سنوات واسمها ميا وعلمت أن لدى والدها شركة أدوية ,وأن كايت تعمل في أحد متاجر بلومنغدايل وهذا يفسر أناقتها .سمعت مورا تقول ( يجب أن تزورينا في أقرب فرصة ,ما رأيك الليلة ؟) ثم أكملت تجيب ( لكن لا بد أنك متعبة من سفرك فأنت لابد لم ترتاحي بعد رجوعك من بوسطن ,أليس كذلك ؟)
(بوسطن؟؟) استفهمت وقد تركزت عيناها فجأة على رايان الذي بان عليه التوتر لكنه أخفى ذلك تحت قناع وجهه الذي لا يسمح لمثل هذه المشاعر بالظهور فقال وهو يركز نظرته على دانييل تتحداها أن تنفي الذي سيقوله (نعم ,لقد رجعت من بوسطن وقد اتصلت بها هاتفيا بعد خروجها من ندوة بشأن مناهج التعليم وقلت لها ولم أكن أتوقع حضورها بهذه السرعة ) ثم رفع حاجبيه متحديا ...ما هذا الكلام ؟؟!لكنها فهمت الرسالة التي نقلها بواسطة حاجبيه المعبرين فقالت

(نعم ,إنني متعبة جدا ..ربما آتي غدا )
بالكاد سمعت موافقة مورا لأنها أخذت تفكر مالذي دفعه لقول هذه الكذبة .لكنها كذبة بيضاء أراد بها ألا يجرح مشاعر والدها ومورا ,وهي التي لم تفكر في والدها في خضم تلك المشاعر التي انتابتها يومذاك ,ستشكره على هذا .إنها تقدره لفعل هذا .
تنبهت إلى أن رايان استأذن بالخروج وخرج ,أحست بالفراغ يملأ الغرفة بعد خروجه على الرغم من الحاضرين ...ياله من شخص !
لكنها انحرفت بأفكارها ونهرت نفسها ...فما بالها تفكر بشخص يرسل إليها نظرات كافية لنسف مدينة نيويورك بأكملها ؟!هذا غاية في الحماقة ...إنها فقط تريد شكره لما فعله من أجل والدها ...إنها تشعر نحوه بالامتنان ..نعم!!الامتنان ..لأنه غطى عليها ولم يخبر والدها بحقيقة ما جرى في نيويورك ..
مرت نصف بعد خروج رايان ,تكلمت فيها إلى طايت الحلوة المعشر والتي كانت نقيض شقيقها بعينيها الودودتين وابتسامتها العذبة ........استأذنت بالخروج فجادلها والدها بشأن مكوثها في فندق وبيت والدها مفتوح لها كما قال (لقد كنت خائفة أني لن أتذكرك ؟) ساد صمت قطعته مورا قائلة (دعها ترتاح وغدا تأتي ,أليس كذلك ؟) وجهت كلامها لدانييل التي أومأت لتتخلص من الجدال .
فكرت دانييل بأنها لن تستطيع أن تعيش مع والدها فهي ستشعر بالغرابة وبالتأكيد ستقابل رايان الذي لا تريد أن تصادفه لفترة طويلة ....كانت تفتح سيارتها عندما سمعت صوته يقول (ها قد أتيت أخيرا !) التفتت بسرعة فوقعت خصلة من شعرها على جبينها الأبيض وقابلت نظرته التي اشتدت حدتها حتى ظنت أنها ستشقها نصفين ...
قال والشرر يتطاير من عينيه (كيف تسير الخطة؟) متقدما منها ببطء أخافها وهمست مندهشة (الخطة؟) مالذي يقوله؟

ومالذي يحصل؟
أخرج يدا من معطفه حيث كان واضعا إياها وقال ملوحا بها في وجه دانييل المصدوم(يجب أن أعترف أنك كدت تخدعينني بذلك الارتباك وذلك الخجل إلى أن أدركت ما تسعين وراءه ..يا لك من مستغلة وماكرة ...لطالما آمنت بعدم الاستهانة بما يمكن أن تفعله المرأة في سبيل تأمين حياتها ..لكنني لن أسمح لك بتدمير هذين المسكينين ..عمتي وجوناثان بسبب جشعك وطمعك)
لم تصدق ما تسمعه أذناها ..ماذا يقول هذا الأبله ؟
(مالذي تثرثر به أيها الأحمق؟) قالت متمنية أن تستيقظ من هذا الحلم
لكن هذا لم يوقفه بل زاد غضبا واقترب منها (لا تنكري بأنك تخططين للإستيلاء على ثروة والدك بقدومك إلى هنا مرفرفة بعينيك بكل براءة ...لو لم أرك على حقيقتك في نيويورك لصدقتك ..لكن لا بد أنني حطمت كل ما تصبين إليه وهذا ما سأفعله ..لن أسمح لك باستغفال هذه العائلة التي اعترفت أنك لا تريدين أن نكوني جزءا منها )
تابع (لذلك أحذرك يا صائدة الثروات بأنك لن تنالي ما تريدين فعودي إلى نيويورك لأنك إن لم تفعلي ستندمين أشد الندم ) دار رأس دانييل لهذه الاتهامات فشحب وجهها ولم تقدر على قول شيء فأساء فهم صمتها وقال ساخرا (ما بك؟ هل صدمتك إذ عرفت حقيقتك ؟) حاولت دانييل تبني موقف الهدوء .زلطالما آمنت بوجوب حل المسائل بهدوء فقالت (إنك مخطىء ..هناك نوع من سوء الفهم..) لم يدعها تكمل فقد قاطعها بضحكة خشنة خدشت أذنيها (آه ,إنك حقا متلاعبة محترفة .تحاولين تبني موقف الهدوء لتغطي خطتك الدنيئة ) قالت بحدة برقت لها عيناها فأصبحت كالزمرد ...

(هل تدرك ما تقول ؟أنا التي أتيت من نيويورك
ولم أذق طعم النوم منذ أن سمعت بمرض أبي قاطعة مسافة لابأس بها بدون أن أضع شيئا في معدتي غير أطنان القهوة,قد أتيت لاستغلال والدي أملا في....ثروته ؟!) صمتت وقد احمر وجهها من الانفعال
قال بهدوء مخيف(أنا أعرف أنك هنا من أجل المال وكلامك هذا عن تضحياتك ومجيئك إلى جناح السرعة ..لن يستدر عطفي ) تكونت عقدة في حنجرتها ...الويل لها إذا بكت أمام هذا المتحجر ..تسارع تنفسها كأنها في ماراثون ...
قال (عودي إلى نيويورك,نحن لا نحتاجك هنا ) لم تعرف كيف خرجت تلك الضحكة الساخرة منها (أبي يحتاجني ,ولن أعود إلى نيويورك إلا عندما أريد العودة وفكر بالذي تريده أيها المتعجرف الأحمق ..) ركبت سيارتها على عجل حتى لا يلاحظ ارتجافها وهمت بإغلاق الباب عندما أمسك بالباب وقال متوعدا (ستندمين)
(أرني ما لديك!) تحدته فاستحالت ملامحه كتلة جامدة وقال (سنرى لمن الضحكة الأخيرة ) وصفق الباب بقوة كافية لتحطيمه ..وابتعد ...أما هي فقد هدرت بالسيارة بسرعة جنونية لكنها توقفت للارتجاف الذي أصابها ...كيف له أن يظن به هكذا ؟هل شكلها يوحي بالجشع ؟لكن لماذا تلوم نفسها ؟؟ بل هو من يقع عليه اللوم لأته حكم عليها في لحظة مؤسفة ...هل أصبح الناس هكذا ؟؟يظنون السوء بالآخرين تدحرجت دمعة على خدها فمسحتها بغضب ...لن تسمح لنفسها أن تبكي أمامه أو بسببه!!سترد له الصاع صاعين إذا كررها مرة أخرى .....كل الذي يهمها هو والدها فقط ...أحست أن الارتجاف توقف فاتجهت إلى الفندق لتنشد الراحة في غرفتها ...........




انتهى الفصل الثالث ...


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة ام بطن ; 01-28-2014 الساعة 10:50 PM
رد مع اقتباس