عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 04-21-2006, 06:40 PM
 
مشاركة: معلومات عن دول العالم.......

سباق مع الزمن


وخلال الفترة اللاحقة تحول صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لترجمة الشعار الوطني واقع ملموس حين قاد سباقا مع الزمن للحاق بركب التحديث وبدأت أبوظبي تخطو خطواتها الأولى في عالم البناء المنظم المدروس في كل نواحيه فأرسى سموه قواعد الإدارة الحكومية وفق الأسس العصرية. وأمر سموه بتنفيذ مئات المشاريع التي حولت أبوظبي الوطني ورشة عمل جبارة وأنشئت عشرات الآلاف من المنازل الصحية النظيفة وشقت آلاف الأميال من الطرق المعبدة الحديثة فوق رمال الصحراء ودخلت المياه العذبة والكهرباء الوطني كل بيت وتحول التعليم من نظام الكتاتيب البدائي إلى المدارس المجهزة بكل ما يلزم لبناء الجيل الجديد وقدمت المستشفيات والعيادات خدماتها الطبية لبدو الصحراء وحضر المدن وتمكنت مسيرة البناء من تعويض قرون طويلة من التخلف والجمود. وخلال سنوات قليلة قطعت إمارة أبوظبي تحت قيادة سموه شوطا هائلا في كل مجالات التقدم العمراني والصناعي والزراعي والاجتماعي وتغيرت ملامح الطبيعة على هذه الأرض الخيرة في اتجاه التطوير والتحديث. والآن ماذا بقى أمام زايد بعد خروج أبوظبي الوطني النور, ومن العدم الوطني الوجود النابض المشع? ماذا بعد أن وجدت الجوهرة المطمورة, من يزيح عنها الركام ويجلو بريقها? لقد تولى زايد مقاليد الحكم في أبوظبي , وقد‹ر لموارد البلاد خلال عهده أن تسجل معدلات قياسية في النمو. فماذا يريد حاكم في الدنيا أكثر من ذلك?.. الحكم والثروة, ولكن زايد لم يكن رجلا عاديا ولاحاكما عاديا, لم يكن من ذلك الطراز من الحكام الذين يقنعون بواقعهم, ولكنه يضم جوانحه على نفس كريمة متطلعة الوطني آفاق لاحدود لها, نفس جوادة, جبلت على البذل والعطاء, وقلب كبير تتجاوز نبضاته حدود “أبوظبي “ وتحتضن خفقاته المنطقة كلها.



أغسطس نقطة تحول


وكما توقعت أسرة آل نهيان يوم سلمته الراية وحملته الأمانة واختارته للموعد المرتقب مع القدر, فإن يوم السادس من أغسطس لم يكن في الحقيقة نقطة انطلاق نحو خلق مستقبل جديد لهذا البلد فحسب , بل كان بداية تحول في تاريخ المنطقة بأسرها, فقد امتدت يد زايد الحانية الوطني إخوانه في الإمارات, وأعطى المنطقة كلها مشاعره, وعاش معها أفراحها وأحزانها, وساهم بكل أحاسيسه وجوارحه في قضاياها, وألزم نفسه بالمشاركة الإيجابية في تطويرها, متحملا هذه المسئولية بروح وعزيمة الرواد الأفذاذ, الذين يؤثرون إنكار الذات.



دولة الاتحاد حقيقة واقعة


وكان الرجل الذي نذر حياته من اجل هذه اللحظة التاريخية هو أول الموقعين على وثيقة قيام الجديدة, وكانت مشاعر زايد تفيض في تلك اللحظة تأثرا, فإن الغرس الذي حنا عليه ورعاه سنوات طويلة, وبذل من أجله الجهد والعرق, وأعطى له نبض قلبه قد أتى أخيرا بالثمرة المرجوة, وأصبح حقيقة ماثلة أمام كل العيون. وعندما بدأت مسيرة هذه الدولة وضع لها قائدها أسسا صلبة وقواعد متينة ورسم لها الخطوط العريضة التي لابد أن تسير على هديها كل القيادات والقطاعات في الدولة اذا مواطني أرادت أن تصل الوطني ما تريد فكان البناء الداخلي أصعب ما يواجه القائد لأنه الأساس الذي تبنى عليه الأسس الأخرى. ولقد نجح زايد في هذه المهمة لأنه كما يقول: جد في عمله وساعده ربه على ذلك فكان العمل الذي قام به هو “بمثابة العشق .. العشق للنجاح . العشق للإبراز”. إن أعظم مسئوليات الراعي أن ينظر دائما الوطني أحوال رعيته ولذا حرص سموه دائما على الالتقاء بأبنائه المواطنين في المدن والقرى والبوادي باستمرار ومهما بعدت الشقة وطالت المسافات. هذه مواطني مهمة القائد الأساسية أن يرعى الراعي رعيته ويلتقي بأفرادها ليذلل كل عقبة في طريق تقدمها ونهضتها من ناحية وليكون مطلعا على نتائج جهده من تعمير الأرض وتخضير الصحراء من ناحية أخرى لينطلق نحو المزيد من البناء والتعمير. هكذا تمضى مسيرة زايد الخير.. الذي سخر نفسه منذ البداية ليكون خصبا قادرا على العطاء, الذي يثرى الحياة ويطورها , جوادا يمنح من ذاته , فحياته ليست ملكه, وإنما مواطني ملك لمن يحيطون به, ملك لهمومهم وآلامهم وهبة منه, وملك لمسراتهم وأحلامهم وتطلعاتهم. إن زايد بن سلطان آل نهيان واحد من هؤلاء العظماء الذين أنبتتهم البادية, والذين ولدوا وقدرهم مسطور في كتاب التاريخ, ليحمل أمانة ويؤدى رسالة, ويقود مسيرة, ويعيد الوطني سجل الكفاح العالمي صفحات مشرقة من الماضي البعيد الحافل بالأمجاد والبطولات, ويرفع على طريق النضال مشاعل هادية من المبادئ والقيم, ويشارك بدور فعال ومؤثر في قيادة المسيرة العربية.

يتبع,,