عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-15-2007, 09:19 AM
 
الشريعة بين لباس المرأة وحجابها.... راغب الركابي

الذي حداني للكتابة في هذا الموضوع هو ما قرئته في بعض الصحف عن ذلك الشخص الذي قتل أبنته لرفضها لبس ما يسمى - بالحجاب - ، ولأن الأمر يتداخل فيه الموروث الديني والقبلي في موضوعه وحكمه ، لذلك كان لابد لنا من تفكيك البنية التاريخية التراثية والدينية التي قام عليها مفهوم - الحجاب - وتداعياته في الشريعة والعرف ونقول ..
بدايةً يلزمنا التفريق بين معنى ومفهوم - لباس المرأة - وبين معنى ومفهوم - حجاب المرأة - ، فاللباس صفة إيجاب وقد ورد ذكر لفظ اللباس في الكتاب المجيد بهذا المعنى ، ولكن الحجاب صفة سلب ولذلك لم يرد ذكره في الكتاب للتدليل على معنى اللباس ، بل جاء معناه لشيءً آخر وصفة أخرى ، هذا التفريق الذي أخترناه من داخل النص الإلهي وليس من خارجه ولذلك يجدر الإلتفات إليه ومعرفته ..
كما إن لفظ - لبس - في التركيب والرسم مغاير تماماً في الدلالة للفظ - حجب - ، والمغايرة واضحة كما هي في البناء للمعلوم كذلك هي مغايرة في البناء للمجهول ، وهذه المغايرة ذاتية وموضوعية كما يقول أبن فارس في المقاييس اللغوية ، فعندما نقول مثلاً : لبست المرأة ثوباً ، هو غير قولنا : حجب المرأة ثوباً ..
ففي قولنا الأول : إنما نُريد ما تلبسه المرأة من الثياب [ وهو موضوعياً يعني ما تقوم به المرأة من تغطية لجسمها كله أو بعضاً منه ] .
ولكن في قولنا الثاني : إنما نُريد به ما يمنع المرأة من أن تُرى أو أن ترى !! بالحبس أو بغيره من الأفعال ..
ومنه جاء معنى - الحاجب - وهو الشخص الذي يمنع الناس من الدخول للحاكم أو رؤيته .. قال أبن منظور في اللسان : والحجب يكون بمعنى الرد ، وسواء أكان المعنى الذي إعتمدناه أو المعنى الذي ورد في اللسان ، ففي كليهما دلالة على المغايرة والإختلاف والمباينة بين لفظ ومعنى - لبس وحجب - ..


ومن أجل متابعة هذا البيان سنعتمد النص التالي في التدليل إلى ما ذهبنا إليه ، قال تعالى : (( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم ..)) - الأعراف 26 - .
ظاهر النص كما هو واضح عام لكل ما تعنيه وتدل عليه لفظة - بني آدم - من الذكور والإناث ، أي إن المراد من اللفظة هو عموم جنس - بني آدم - من دون النظر إلى نوعه ، أي من حيث هو كائن بشري حي ..
وأما المُراد من لفظة – أنزلنا - في هذا النص فتعني – جعلنا - [ والجعل هو التحويل والصيرورة والتبدل من حالة إلى أخرى ] ومعناه هنا : أي جعلنا عليكم أو جعلنا إليكم .. اللباس ليوآري سوآتكم ، وهذا فعل خاص ببني آدم من الكائنات الحية ، إذ الخطاب متعلق بالقدرة على تسخير ما في الكون من عناصر طبيعية لخدمته وخدمة قضاياه وشؤوناته الخاصة ، ومنها كيفية تغطية البدن أو بعض منه ، والقيد الوارد في ذيل الخطاب المتقدم أعني قوله ( يواري سوآتكم ) هو لتخصيص مفهوم اللباس كما ورد في صيغته المتقدمة ، إذ الموآرات في اللغة تعني : القبر أو التغطية - .
والسؤة : هي خصوص معنى - القبل والدبر - لبني آدم من الذكور والإناث ..
والنص كما نرى جاء في صيغة خطاب الجمع ، وهو دال على الأمر ، [ ودلالة الأمر عند الأصوليين على الوجوب ] .
مع إن - دلالة الأمر على الوجوب - ليست عامة عندنا وليست لا زمة كذلك ، لذلك ترك الله للناس حرية إختيار الشكل والزي المناسب للزمان والمكان ، أي إن اللباس لا يدخل مفهومه في باب - الحلال والحرام - كما يروج لذلك كهنة الدين التراثي ، إنما يقع مفهوم – اللباس - في باب الإباحة المتروك تقديره للشخص وللواقع وما يحكمه من ظروف زمانية ومكانية ..
ويمكننا وتأسيساً على ذلك جعل مفهوم - اللباس - داخل ضمن حدين : أعلى وأدنى ..
وبما إن المتعين في الخطاب هو ليس كل البدن بل - السؤة – حصراً فيكون المشار إليه هو الحد الأدنى ويعني - القبل والدبر - للذكور والإناث .. ( تلك حدود الله ) ومن يغطي من بدنه القبل والدبر فلا يُعد عمله ذلك مخالفاً لأمر الله ..
ولكن مجرد التغطية هذه تُعد مخالفة إجتماعية عند قوم وحسب أعرافهم وما هو سائد عندهم من عادات وتقاليد [ والعادات والتقاليد تختلف من بلد إلى آخر ] ..
وعليه فلو رأينا أحداً في الطريق ولم يلبس سوى ما يغطي قبله ودبره ، فلا يُعد هذا مخالفاً لحدود ما أنزل الله بالمعنى الوارد في كتاب الله ، إنما يقال لهذا الشخص إنك قد خالفت القانون والعرف الإجتماعي المعمول به والمتبع بهذا البلد أو ذاك حسب الخصوصية هذه ..
ويجب التذكير بأن العرف والعادة شيءُ مختلف عن حدود ماأنزل الله ، ولكنهما قد يتفقان [ والإختلاف والإتفاق شيئان نسبيان يخضعان للواقع والطبيعة ] .. ولهذا فحاكمية العرف على حدود الله هي حاكمية نسبية وإجرائية ، وهي ليست مطلقة في كل الأحوال !! .
وهذا يلزمنا عدم الخلط في مطلق الظروف كي لا نجعل من العادة حكماً شرعياً أو من العرف حداً إلهياً ..


ومن أجل التدليل على المُراد لنتامل النص التالي ، قوله تعالى : (( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى ان يعرفن فلايؤذين وكان الله غفوراً رحيماً .. )) - الأحزاب 59 - .
في هذا النص إنبساطات متنوعة ومتفاوتة تبعاً لطبيعة العناصر المركبة له فهناك مثلاً :
1 - فعل - دنى - ودلالته .
2 - ومفهوم - جلابيبهن - .
3 - ومعنى - فلا يؤذين - .
الدنو : في اللغة أصل صحيح الإشتقاق من دنا ، ومعناه الإقتراب أو المقاربة كما في قوله ( ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) أي إقترب من دون تماس أو إلتصاق ، فلو إلتصق به لعُد الأثنين واحداً ، كما هو ظاهر في كلام العرب ، ولذلك أستخدم النص هذا اللفظ لجعله ممكناً في سياق معنى لباس المرأة ..
وجلابيب : جمع مساوق للخطاب ومفرده جلباب ، والتنكير للاطلاق جارٍ في لسان العرب ، والجلباب : هو عنوان لمطلق ما تلبسه المرأة من الثياب ، سواء ُ أكان فستاناً أم بنطلوناً أو غير ذلك من مسمى اللباس ، لكن شرط ذلك ان لايكون لا صقاً بحيث لا يتميز البدن عنه ..
والقيد - فلا يوذين - في ذيل الخطاب هو لحماية المرأة من الأذى المحتمل والممكن من البيئة والمجتمع والدولة والمليشيا ..
فهو إذن قيد إحترازي وتوجيهي هدفه صيانة المرأة صيانة عامة ، بأعتبارها أكرم مخلوق ..
والتكريم موضوعياً نقرأه في النص التالي : (( .. وليس الذكر كالأنثى .. )) ، فالكاف هنا للتعظيم ، أي تعظيم المشبه به ، وهو الأنثى هاهنا ، إذ المشبه به في العادة أعظم من المشبه ، الذي هو الذكر كما هو في لغة العرب قال ذلك أبن فارس وكذا صاحب جامع التأويل أبو مسلم الأصفهاني وهذا ما نميل إليه ..


ولكي نبين ضعف المبنى الذي يقوم عليه كلام كهنة الدين التراثيين ، نقرء ماورد في سورة النور النص 31 قوله تعالى : (( .. ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها ، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، ولا يبدين زينتهن إلاّ لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو أخوانهن أو بني أخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن ، أو ماملكت أيمانهن ، أو التابعين غير أوُلي الأربة من الرجال ، أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ..)) .
يستعرض هذا النص أمور جاءت كما نرى على النحو الآتي :

الأمر الأول : مفهوم - الزينة - ودلالته اللغوية والإصطلاحية .
فالزينة لغة لفظ دال على كل ما يتزين به الإنسان من لبس وغيره ، ويمكننا إعتبار البدن من الزينة ..
والزينة إصطلاحاً تكون بحسب الوضع لها ، ولذلك فيمكن رصد معناها في هذا النص من وجهين :
الأول - معنى ذاتي : ونريد به هنا بدن المرأة أو جسدها من دون لباس عارية تماماً ، هذا النوع من معاني الزينة قد أعطى النص رخصة وإجازة في النظر إليه من جماعة حددها حسب الآتي ..
1 - البعل : وهو الزوج في فراش الزوجية ، وهو هنا لفظ خاص لمناسبة محددة ، ولا يصح إطلاق هذا اللفظ في غير هذا المقام ..
2 - الأب : وهو الوالد على نحو والمربي على نحو آخر ..
3 - الأب للبعل .
4 - أبن البعل .
5 - أبن الزوجة [ أبنها ] .
6 - الأخ .
7 - أبن الأخ
8 - أبن الأخت .
9 - عامة نسائها .
10 - المملوكة : وهي المرأة المؤمنة التي تقيم علاقة جنسية صحيحة وفق ميثاق ، يتم بالتراضي وشرط ذلك [ العيش في بيت واحد ] وقد أجاز الله ذلك وسيأتي بيانه ولكن في بحث منفصل ..
11 - التابعين غير أوُلي الأربة : الذين هم الرجال الغير قادرين على وطء النساء ، أي غير قادرين على معاشرتهن جنسياً ..
12 - الأطفال : وهو معناً عام يشمل كل طفل لم يبلغ السادسة من العمر ، أو هم الأطفال الذين لا يستطيعون تمييز الأعضاء التناسلية ..
هذه الأنواع التي ذكرها النص قال : يجوز لهم جميعاً النظر إلى جسد المرأة عارياً ، ولكن هذا النظر يتم من دون قصد أو طلب إلاّ للضرورة ، وجسد المرأة في هذه الحالة هو ما أطلقنا عليه مفهوم أو معنى الزينة الذاتية وهي المسموح بها للأنواع الآنفة الذكر ..
وبحسب مفهوم المخالفة فان النظر إلى جسد المرأة من غير ضرورة لغير هؤلاء ممنوع بل محرم !!
الثاني : موضوعي ، ونُريد به كل ما تتزين به المرأة من لباس وحلي ومكياج وغيره ، وإطلاق معنى الزينة في الموضوعي وذلك بدليل القيد الوارد في النص قوله ( إلاّ ما ظهر ) فالتصريح بظهوره دال على الجواز للعموم .
ولا خصوصية يمكنها تقييد الزينة موضوعياً ، وكذا ليس للزينة الموضوعية من كيفية معينة ، بل تُرك الأمر فيها للمرأة تختار ما ترآه مناسباً لها في الزمان والمكان ..

الأمر الثاني : دلالة مفهوم قوله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) .
والكلام في هذا المقطع يتحرك وفق الرسم الدلالي لمعنى لفظ - ضرب - الذي يتبع الوضع الذي جاء فيه ، وهو هنا يعني - وضع - ومعناه في النص هو التالي : ليضربن أي ليضعن .
ولكن ماذا يضعن ؟ قال - الخمار - وهو عنوان لكل ما يغطي ، وأصله من - خمر - ولهذا سمت العرب المسكر خمراً ، ويصح إطلاق هذه التسمية على كل ما يغطي جسد المرأة لحمايته من عوامل الطقس والعوامل البيئية والإجتماعية المتخلفة ..
وأما معنى - جيوب - هو أصل صحيح وإشتقاقه من - جيب - أي الشق ، فكل شق له فتحتين يسمى في اللغة - جيباً - .
وللمرأة في تكوينها البايولوجي سبعة جيوب رئيسية ، وجاء التركيز هنا على بعض منها هي :
1 - ما بين النهدين .
2 - ما تحت النهدين .
3 - وما بين الفخذين .
والنص في مجمل إرادته كان يُريد من المرأة ان تغطي جيوبها ، بوضع الخمار عليهن وسمى ذلك الفعل - لباس المرأة - ، وهذا عند الله وحسب مفهوم حدود الله يعني - الحد الأعلى - لما يجب على المرأة ان تلبسه من الجلباب الذي تكون مهمته تغطية الجيوب ليكون عليهن خماراً ..


وقد ورد في البيان التالي قول على هذا النحو :
قوله تعالى : (( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ، وفي أذاننا وقر ، ومن بيننا وبينك حجاب .. )) - فصلت 4 و 5 - .
وهذا النص يظهر لنا كيفية إستخدام لفظ - حجاب - في الكتاب المجيد ، فهو لفظ أستخدم للتدليل على معنى ومفهوم - المنع - في سبيل المخالفة والعناد ، ويمكننا ملاحظة المنع في قسمين مختلفين في الوضع وفي الكينونة .
ولم ترد لفظة - حجاب - للتدليل على لباس المرأة في القرآن مطلقاً ، فلو جيء به ذلك لكان مخلاً في وحدة سياق اللفظ في النص ، ولكان :
مخالفاً لأصول البلاغة والبيان العربي .
ولأن القرآن ليس فيه ترادفاً لغوياً [ هذا الشيء الذي أبتدعه الشافعي ] وجرى على هذا مذهب أهل السنة والجماعة ومعظم الشيعة ، مع إن جذر هذا الإستنباط هو كون الشافعي شاعر والشاعر يحلو له وضع المفردات بصيغ ويريد بها معناً أخر حتى قيل { المعنى في قلب الشاعر } .
وربما أصل جذر هذا الإستنباط هو قول منسوب لعلي عليه السلام : - القرآن حمال أوجه - وهو قول غير صحيح من جهة السند وأما الدلالة فهو مردود لأنه يجعل من اللفظ القرآني غير ذي معنى محدد ، وهذا خلاف مطلوب الله الذي يريد من الناس ان تفهم معاني كلامة لكي تستطيع التوجه لحل مشكلات الحياة ، وليس ترك اللفظ ومعناه رجراج تقول ويقولون ، وبالتالي يخرج النص من الحقيقة التي دُعينا من أجل ملاحقتها وفهمها لكي نستطيع فهم ما يدور حولنا ، إذ من غير الجائز ان نظل ندور في حلقة مفرغة خاصة ونحن نؤمن بان القرآن هو كتاب الله في التكوين وفي المعنى ، وأما اللفظ في الكتاب المجيد فهو لمحمد النبي – ص - باعتباره عربياً إذ ان الله ليس كمثله شيء ولم يكن الله عربياً أو يتكلم العربية ..
يتبين لنا بان مفهوم - حجاب المرأة - الذي نسمعه إنما هو صناعة عصر الإستبداد الديني ، والهدف من تلك الصناعة هو من أجل وضع نظام حياتي يُشرع له يجعل من المرأة دائماً تحت هيمنة الذكر ولهذا أشاعو ا :
1 - إن المرأة شر و شر ما فيها ، روي ذلك عن علي – ع - في النهج مع إني أنزه علياً من قول هذا لأني أعرف علياً في علمه وحلمه .
2 - وقالوا : خيراً للمرأة ان لا ترى أحداً ولا يرآها أحد .. روي هذا عن فاطمة وعائشة ، وهو قول مردود ، لأنه يجعل من المرأة وكأنها شيء معيب أو شيء قبيح !!
3 – وقالوا : شاوروهن وخالفوهن ..
4 – وقالوا : لاخير في قوم ولوا أمرهم إمرأة !!!!
إلى ما هنالك من أقول من أرادها يجدها في البخاري والكافي من كتب الأخبار ، وكذا في كتب التاريخ الإسلامي ، وهذا اللون من التفكير يجسد طبيعة الرؤية تجاه المرأة وهي رؤية سادت قبل ظهور النبي محمد – ص – في جزيرة العرب ، بل ان ميثيولوجيا الدين تحط من قدر المرأة وهذا كله بفعل التفسير الخاطئ للنص الديني ، الذي قام على شرحه رجال المؤوسسة الدينية من الأراخنة والكهنة ومراجع دين متخلفين .
لهذا كانت الرؤية للمرأة غاية في الإنحطاط ولا زالت في المستوى نفسه مع تبدل الأحوال والأمكنة .

*
وسأختم هذا بفتوى لأحد المتطرفين ، قال فيها : (( المرأة عورة كلها وسؤة كلها ، والواجب الشرعي يقتضي حجبها كي لا تكون مصدراً للفتنة والإثارة والإغواء )) .
وقد أستعاروا هذا الإشتقاق من قوله تعالى [ إن كيدهن عظيم ] ناسبين إلى الرسول محمد – ص - كلاماً قال فيه : ( كونوا من خيارهن على حذر ) وعلى مبدأ - سد الذرائع - المعتمد في أصول الفقة ، أعتبروا إن المرأة مثيرة للفتنة ، وقالوا : ( إن إثارتها أكثر ما تكون في وجهها ) لذلك قالوا : بوجوب تغطية الوجه سداً للذريعة !!!!
وهذه الفتيا هو إستباق للشر قبل حصوله وللجريمة قبل وقوعها ، مع إن الفعل هنا مشترك بين الذكر والأنثى ، ولا يحصل هذا إلاّ في المجتمعات البدائية ، وأما المجتمعات الحضارية فالحرية هي الشرط الأساسي الذي ينظم العلاقة المجتمعية ككل ، وفيها إيضاً يتوافر للمرأة الحرية الإقتصادية وتنتفي حاجتها للمال من هذا الجانب ، وبالتالي تنتفي ظاهرة التعدي وإن حدثت فتعد من الجرائم الكبرى لأنها ستكون عملية ضد القانون والنظام وضد الحرية ، وفي المجتمعات الحضارية إرتكاب الجريمة يؤخذ في سياقه الموضوعي وليس على أساس الظن والشبهة التي فيها المرأة دائماً مظلومة ومتهمة ..
وهذا ما لفت إنتباهنا حول الحادثة التي دعتنا لتفكيك البنية التي يرتكز عليها أنصاف المسلمين لتحديد ما على المرأة فعله ولبسه ، طاردين كل مايمت للحرية بصلة وهذا كله بفعل وعاظ السوء ورجال الدين الخرفين الذين لم يتعودوا على معنى كيف يقرء وكيف يحلل وكيف يحكم ، وهذه إشكالية ستظل تواجه المجتمعات العربية والإسلامية إلى وقت ليس بقصير ، من هنا كنت ميال للتعريف بمفهومي اللباس والحجاب في الشريعة كي لا يبقى عذر لمن يريد ان ينتسب لجماعة محمد - ص - بصدق ودون رياء وكذب ودعاوى فارغة كما يفعل الساسة المحليون في البلاد العربية والإسلامية ...
راغب الركابي