عرض مشاركة واحدة
  #441  
قديم 10-13-2014, 10:55 PM
 


الـــبـــ الــثــامـــــــن ــــــارت -الجزء الاول-
(وهل من حيز للألم؟)

تذكير:

وانصرف يجيب على المكالمة التي كانت من رئيس خدم عائلته:
- ايدن-ساما السيدة ايزابيلا آيتا هنا وهي تطلب رؤيتك..
وكأن صاعقة ما قد ضربته ليتلوها اعصار مدمر عصف باوصاله شالاً اياه عن الحركة:
- اوكا..اوكاساما قا؟ (والدتي؟)..
.
.
.
ايام الحزن السوداء حين اشهر قلبه الحداد على والدته، واعلن انها قد رحلت عن دنياه للابد عادت لتطرق نوافذ ذاكرته، وكأنها تعلمه ان ما اقامه من عزاء لنفسه على والدته التي لا تزال على قيد الحياة كان خطيئة، فكيف للميت ان يعود؟ وها هي والدته قد عادت، دوي زوبعة هوجاء تناهى الى مسامعه حين قال رئيس الخدم:
- هاي (اجل)..
رعشة طفيفة حلت بساقيه وكأن الزوبعة تنذره انها على وصول، تمسك بالحاجز امامه في محاولة لتثبيت ساقيه ونطقت شفتاه وكأن قدرته على الكلام بدأت تسلب منه:
- م..متى عادت؟
- منذ ايام قليلة..
- وهل يعلم ابي بعودتها؟
- اخبرتنا انها عادت من اجلك وانها لا تريد للسيد ان يعلم.. هل نخبره بعودتها؟
الحقد المتأجج في كيان والده على والدته والبغض المستميت تجاهها جال باله، اذا علم والدي بامر عودتها وانها طلبت رؤيتي دون علم منه سيثير غضبه حتماً:
- دامي (لا).. لا تخبره حتى افهم انا سبب عودتها..
احست هيميكو انها كالمتطفلة تسترق السمع الى المكالمة المنفعلة التي يجريها ايدن، لذا انسحبت بسكون دون انتباه منه وعادت الى داخل القاعة وشظايا الكلام الذي سمعته لم يكن بالاحجية الصعبة حلها بالنسبة لها، فقد فهمت ان والدة ايدن قد عادت، بينا صدح بداخل آيدن امر اغفلته الصدمة عنه:
- ماتي (انتظر).. هل قلت ايزابيلا آيتا وليس ايزابيلا مورينو؟
- هذا صحيح.. لقد تغير اسم والدتك لسبب ما.. هل ابحث لك في التفاصيل ايدن-ساما؟
تغير اسمها؟ هل طلقها زوجها؟ فهذا هو السبب الرئيسي الذي قد يدفعها لتغيير اسمها، تقاذفت الاسئلة الى عقله بحثاً عن اجابة، زال جموحه حين افهم نفسه ان التفكير بهذا الامر سينزف طاقته لا غير، فالاجابة المقنعة ليست في عقله انما في جعبة والدته:
- لا.. سأعرف ذلك عند مقابلتي لها..
واردف وعيناه حلقتا الى السماء لتتعانق مع سواد الليل الذي فرضه عليها:
- احضرها الى شقتي هنا واخبرها انني سألاقيها غداً.. ولا تنسى احضار سيارتي الى هنا..
لم يتصور نفسه يقود سيارته وعقله منغمس في التفكير لذا قال:
- ماتي (انتظر).. احضر السائق.. لا اريد قيادة السيارة..
واغلق الهاتف لتشتد قبضته عليه موشكة على تحطيمه، صوت تنفسه الذي بدى عسيراً والمختلج مع ضربات قلبه الهائج طغت على مسامعه، طرأ على ذاكرته وجود هيميكو في هذا المكان، فأشاح بابصاره على البقعة التي كانت هيميكو تشغلها قبل قليل، زفر براحة وهو يرى المكان خاوياً، يبدو انها عادت للداخل، نسى وجودها وهو يتحدث على الهاتف ولا يعلم ان كان نطق بامور خاصة، او مدى الانفعال الذي وصل اليه..




رمى بثقل جسده على السرير وتوسد رأسه الوسادة الناعمة المحشوة بالريش عكس عقله المحشو بالاسئلة المتضاربة، قطرات الماء الباردة التي تقطر من خصلات شعره ارخت ملامحه واخمدت النيران التي كادت تشتعل في عقله، وجد نفسه سجين لذاكرته التي طوقته بصقيع كاد ينخر بعظامه برداً مجفلاً اياه عن الحركة، امامه بركة ذكرياته مع والدته المجمدة تعوم داخلها اسماك بغير دراية، كل منها يحمل ذكرى تعيسة او سعيدة، لا ينكر ان عدد الذكريات السعيدة في البركة يفوق عدد الذكريات التعيسة اعداداً ضخمة، الا ان الذكريات السعيدة التي جمعته بوالدته صغيرة جداً مقارنة بالتعيسة التي كادت تلوث البركة وتقتل كل سعيد فيها، لماذا عادت؟ ما الذي تريده تحديدا؟ لقد دفنتها في اعماقي والآن هي تجبرني على انتشالها من قبرها الذي اعددته لها! لم اعد بحاجتها.. انا لم اعد ذلك الطفل الذي جل ما اهمه هو العيش ضمن عائلة مترابطة.. مضى وقت طويل منذ ان تأقلمت على حياتي هذه، لن اتيح لها الفرصة ان تدمر استقراري، سأستمع لها.. لكنها لن تغير شيئاً بداخلي.. هذه المرة انا من سيتخلى عنها!
بدا يشعر ان غرفته الحالكة الظلمة لم تعد تتسع لكم الافكار الذي اغدق برأسه، انتشل رأسه من الوسادة ليهب واقفاً على قدميه، فتح خزانته والتقط منها شالا صوفياً وقام بلفه حول عنقه، وتوجه خارجاً من غرفته كمن يبحث عن اكسجين نقي في جو من الدخان الكاتم..
في الوقت ذاته كانت هيميكو موشكة على النوم، استقطبها الضوء المزعج القادم من النافذة، فهبت لتغلق الستار فاذا بها تلمح طيفاً في جنائن الزهور امام غرفتها، دنت اكثر من النافذة وقطبت حاجبيها وهي تدقق النظر بطيف ذلك الشخص، انتابتها الدهشة حين اتضحت لها ملامحه اذ لم يكن سوى ايدن، كان يجلس على احد المقاعد الخشبية المنتشرة في الحديقة، مطرقاً برأسه وكفه منغرس في شعره مفسد لانتظام خصلاته، شعرت هيميكو ان قناع المرح الذي اخفى به ايدن وجهه الحقيقي يكاد يندثر، فهاهي ملامحه الحقيقة المهمومة بدأت تنكشف للعلن، بدا لها منغمساً في دوامة من الاسى احدثها خبر عودة والدته، اخذت مقلتاها تجوبان في الغرفة بحثاً عن شال دافىء تأخذه لايدن بعد ان ابصرت خفة الملابس عليه، استكانت مكانها وهي تتذكر ان ايدن اخفى وجهه الذي يظهره الان عن العلن ولن يتقبل رؤية احد له بهذه الصورة، جلست على سريرها باستسلام وهي تواجه صعوبة في ابعاد ناظريها عن ايدن، تركت الستار كما هو والعجيب انها لم تأبه بالضوء الذي كان يزعجها قبل قليل، لذا خلدت للنوم وصورة ايدن تعلقت في مخيلتها..




بعد ان استعادت الشمس عرشها من القمر، وارسلت بصغارها لتضيء اوسترايا معلنة بدء صباح جديد، فوج من الطلاب متوجهين الى قاعاتهم الدراسية في ساعات النشاط الاولى من الصباح، كانت هيميكو وايومي تسيران متجهتان الى جناح السنة الاولى، استوقفهما حشد الطلاب الملتمين امام لوح الاعلانات الكبير، ما الذي يحدث هنا؟ استقرت علامة استفهام كبيرة على رأس الفتاتين لتتلوها علامة تعجب، مما دفعهما الى الاقتراب من اللوح حتى تزيلا ثقل الاستفهام والتعجب عن رأسيهما، كان اكبر اعلان على اللوحة هو ما جذب هذه الاعداد من الطلاب، اعلان عن حفل اقنعة تنكري سيقام غداً مساءاً في صالة الرقص الخاصة باوسترايا، على شرف طلاب السنة الاولى المستجدين، حل الاندهاش على الفتاتين وبرقت عيناهما ببريق الحماس اللامع، لا عجب ان الجميع ملتمين هنا فهذا الحفل من اضخم الاحتفالات التي تقام في اوسترايا والاهم من ذلك انهم هم من سيكونون في مرتبة الشرف في هذا الحفل، نطقت هيميكو ووميض ابتسامة اعتراها الحماس قد غطى شفتيها:
- يبدو اننا سنحظى بوقت رائع غداً ايومي-تشان!
بدت ايومي وكأنها تحاول استرجاع شيء من ذكارتها وسبابتها على ذقنها وهي تقول:
- انوو (امم).. اعتقد ان هيكارو-نيي ساما (اخي هيكارو) اخبرني شيئاً عن هذا الحفل سابقاً..
ورفعت سبابتها للهواء وكأنها وصلت لمبتغاها اخيرا واعقبت:
- اه اومويداشتا (لقد تذكرت)..! لقد اخبرني انه على الجميع ارتداء اقنعة ولكل فئة قناع ذا لون خاص بها.. اعتقد ان القناع الخاص بنا سيكون البرونزي.. والسنة الثانية قناعهم فضي والسنة الاخيرة سيحصلون على الذهبي!
- ستيكي يوو ايومي-تشان! (كم هذا رائع ايومي)..!
واكملت ايومي وقد شقت ابتسامة كبيرة وجهها:
- وعلى الفتيان ارتداء البذلات الرسمية وعلينا نحن الفتيات ارتداء الفساتين..! سيكون بمثابة حفلات الكبار التي تمنع حضورنا نحن القاصرين..!
واستطردت وهي تضحك بمزاح:
- الا انها بالطبع لن تحتوي على المشروب!
هام شبح ابتسامة واهية كسيرة على شفتي هيميكو، فهي لا تملك المتطلب الاساسي الذي سيخولها حضور الحفل، وهو الفتسان! تمتمت بهمس حزين بعد ان تلاشى حماسها:
- اعتقد انني لن استطيع الحضور..
بالكاد تناهى همس هيميكو الى اسماع ايومي التي سكنت تعابير وجهها وهي تسأل هيميكو:
- دوشتي (لماذا؟)..
- انه حفل لا يليق بفتاة فقيرة مثلي..
واكملت مسيرها بخطوات سريعة بعد ان شعرت بالدموع تتجمع في عينيها، لا تريد لايومي ان تراها وتشفق على حالها، جارتها ايومي في سرعة خطواتها حتى استقرت امامها فاطرقت هيميكو برأسها وهي تقول بحشرجة:
- جئت لاوسترايا للدراسة.. لذا لا داعي لحضور حفل ضخم كهذا..
فطنة ايومي ساعدتها على التوصل الى ما اربك هيميكو فقالت:
- هناك داعي هيميكو-تشان.! الا تودين مشاركتي استمتاعي بوقتي؟ ان كان ما يقلقك هو عدم امتلاكك لفستان يليق بالحفل فلا بأس.. استطيع اعارتك احد فساتيني!
- ايي ديس ايومي-تشان (لا بأس ايومي).. ليس عليكِ ذلك!
- لا بل علي ذلك.. توموداتشي ديشو؟ (السنا صديقات؟)..
وتشبثت بذراع هيميكو واخذت تجرها معها:
- لا تفكري بالامر كثيراً! مهما فعلتي لن ادعك تجلسين وحيدة في المسكن بينما استمتع انا بوقتي!




نطق بصوته الاجش الغليظ:
- فشلت محاولتي الاولى بسبب معجزة.. الا ان لا مجال للمعجزات في محاولتي الثانية!
وترجل من سيارته السوداء المشعة بالفخامة لتستقر قدماه امام نافورة اوسترايا العملاقة..




- ساتومي ايانو-سان هناك شخص يدعى آكياما توقو يطلب مقابلتك في مكتب المدير..
تنقلت ابصار ايانو بين توشيرو وماكي الواقفان بالقرب منها وكأنها تبحث عن اجابة:
- داري قا آكياما توقو؟ (من هو آكياما توقو؟)..
لم تلقى اجابة على سؤالها في عيني الاثنين الذان بادلاها نظرات تحمل في طياتها السؤال ذاته:
- توشيرو.. هل تستطيع اخذي الى مكتب المدير؟
تقدمت ماكي من ايانو وقالت:
- دعيني انا ارافقكِ ايانو-ساما.. فكتف توشيرو-سان المصاب لن يسعفه في مرافقتك..
لم يتردد توشيرو ثانية في مرافقة ايانو التي انصبت نظراتها عليه برجاء، لا هي ولا هو ولا حتى ماكي يعلمون هوية ذلك المدعو آكياما توقو، والذي قد يكون في اسوأ الحالات من جهة الشخص الذي يهدد حياة ايانو، لذا قرر في هذه الثواني المعدودة انه سيلازمها كالظل حتى تنكشف لهم هوية آكياما توقو، ازال الضماد عن ذراعه واخذ يحرك كتفه حركة دائرية بسيطة في محاولة لاستعادة لياقته وقال:
- ايي ديس يوشيدا-سان (لا بأس يوشيدا( اسم عائلة ماكي)).. انا من سيرافق أيانو هذه المرة..
ارتسمت ابتسامة لطيفة على شفتي ايانو، بينما تقدم توشيرو منها واخذ يدفع بالكرسي متوجهاً معها الى مكتب المدير..




ما ان وصلا الى وجهتهما حتى طغى التوتر على ايانو، امام باب غرفة المدير مباشرة جثى توشيرو امامها واخد يمسد كفها بيده وهو يبث بنظراته المطمأنة الى مقلتيها:
- سأكون معكِ.. شيمباي شينايدي (لا تقلقي)..
وادار مقبض الباب ليعود لدفع الكرسي الى الداخل، كان آكياما يتوسط الغرفة جالساً بهبيته الصارمة وعيناه الحادتين الشرستين تطوفان المكان، شعره الاشقر الباهت وبنية جسده الصلبة سببان رئيسيان في هالة الرجولة الرصينة التي تغلفه، وما ان ابصر دخول ايانو حتى انقلبت ملامحه الى تلك التي تشابه القط الوديع وشرع نحوها جاثياً وقد احتضن كفيه كفيها ليدس وجهه القاسي بين كفيها، دموع الرجل موثوقة بكبرياءه، لا يهدرها الا ان حدث ما فتك بمشاعره وارداه طفلاً داهمه الحزن فاكتسحت الدموع وجهه، لكن ماذا عن الدموع التي يذرفها آكياما الآن؟ هل حاله تعيس لذلك الحد الذي تنتصر فيه الدموع عليه؟
لم تكد ايانو تتطلع الى وجه آكياما للتعرف عليه حتى ناهزها هو جاثياً امامها، من هذا الرجل؟ وما الذي يفعله؟ شعرت باوصالها تكبل وكأن مخدراً ما اصابها حين احست بدموعه الحارة تسيل على كفيها، ازاح وجهه وحول ببصره الى وجهها بتعابير واجمة مهمومة ونطقت شفتاه بصوته الغليظ المنتحب:
- ايانو العزيزة.. من فعل بكِ هذا واخذ روح والديك منكِ..
استعبرت ايانو لعبرته المزيفة والتي اجاد تصنعها، ما ان لحظ آكياما تلألأ الدموع في عينيها حتى تراقصت دواخله بمكر، اخذ بعدها يكفكف دموعه ويتمتم بهمس حاول جعله مسموعاً قدر الامكان:
- ااه.. اخي العزيز اخذوك مني ومن طفلتك الوحيدة..
واستطرد وقد كسى مقلتيه وشاح من الاسى:
- ايانو العزيزة.. واتاشي وا اناتا نو اوجي دا (انا عمكِ).. آكياما توقو الذي لم تعرفيه في حياتكِ قط بسبب بطش جدك.. لقد نفاني من العائلة بعد ان اقترنت بمن احببت..
تمثيله يكاد يصل للاحتراف، وحتى ينطلي على ايانو كان لابد من وجود الدليل القاطع، لذا اخرج من جيب سترته الداخلي صورة عائلية افرادها آكياما ووالدها وجدها، ووضعها بين يدي ايانو التي اجفلتها الدهشة:
- عامان وانا اتخبط بحثاً عنكِ يا ابنة اخي.. فكيف لي ان اترك ابنة المرحوم تعيش الوحدة وعمها لا يزال يتنفس هواء هذه الارض؟ وها انا امامك ما ان علمت بخبر عودتك لليابان..
وسار الى مكان جلوسه ليأخذ الظرف الكبير الذي احضره معه واعطاه لايانو:
- في داخل هذا الظرف كل ما يثبت اني عمكِ.. اخو والدكِ غير الشقيق.. وان استغربتي تسميتي بآكياما توقو فقد انتسبت الى عائلة والدتي بعد ان تم نفيي.. الا ان دماء آل ساتومي تسري في عروقي قطعاً..
وارخى كفه على رأس ايانو واخذ يمسح على شعرها الذي شابه لون شعره ولكن بدرجات متفاوتة من اللون الاشقر:
- سأكون بجواركِ من الآن وصاعداً ايانو العزيزة..
حدث كل هذا على مرأى من توشيرو الذي لعب دور المشاهد المندمج بحرفنة دون ان ينبس ببنت شفة..




زفر بهدوء يطرد التوجس الذي اصابه جراء خوفه من مقابلة وحش المشاعر الكاسر الذي ينتظره في الداخل، تسلل البرود بعدها الى اعماقه مثلجاً اياه وعواطفه، فُتح الباب اخيراً واصطف عدد من الخدم في استقبال سيدهم الصغير، والذين تم احضارهم خصيصاً لخدمة سيدتهم السابقة، الامرأة التي انجبت سيدهم الصغير:
- انصرفوا..
نطقتها شفتاه بنبرة ثلجية حادة، هو مشارف على لقاء والدته، ومراقبة عيناها وحدها قد تلجمه توتراً فكيف لعدد اضافي من العيون؟ بلغ اذناها صوته الذي احتد خلال هذه السنوات الست التي لم تراه فيها، وبدى خشناً مقتبساً من خشونة صوت والده، اقبلت عليه ووقفت امامه مباشرة لتتسمر وتبرق عيناها دهشة، فها هي اللحظات الضائعة من الزمن قد لعبت الاعيبها معهما وغدى ابنها شاباً ناضجاً حتى خالته والده لثوانٍ، قالت وهي تمتم بلغة يابانية متقنة وقد حطت كفها على ثغرها:
- آيدن.. واتاشي نو موسكو (بني)..!
هي نفسها نفسها، لم يتغير فيها شيء لا تزال تبدو كما عهدها فاتنة الجمال، آسرة المنظر وعصرية الملبس، وكأنها في عنفوان شبابها، الا ان في صوتها شيء ما قد تغير، لمحة من الانكسار قد اختلجت مع نبرتها التي اعتادها، دنا منها وتجاوزها ليجلس على احد الارائك السوداء الجلدية ونظراته منصبة عليها بجمود، بينما اتسعت حدقتاها وتصنمت مكانها من فعلته، كيف له ان يتجاوزني هكذا؟ هل هذا الجليدي حقاً ابني؟ استفاقت من صدمتها حين قال:
- الن تجلسي؟
مشت مترنحة بانكسار لتجلس على اريكة مقابلة للأريكة التي يجلس عليها آيدن، سترضى بأي شي الا الذل من ابنها لذا قالت بحزم في محاولة لترويض مشاعره تجاهها:
- آيدن عزيزي.. لماذا تستقبلني بهذا الاسلوب؟
- لو كنتِ عدتِ ابكر قليلاً لكان اسلوبي مغايراً لما هو عليه الآن..!
تنهدت بشبه يأس ورسمت ابتسامة واهية على شفتيها تحاول استقطاب عطفه بها:
- لم استطع العودة.. كان ابني لا يزال رضيعاً.. وانت قطعت جميع الاتصالات بي.. لذا فقدت الامل..
اعذار! كلها اعذار آيدن! لا تستسلم لعواطفك الآن، ليس الآن.. لا يزال الوقت مبكرا على الاستسلام! رد عليها:
- ولماذا عدتِ الآن؟ الم تقولي انكِ فقدت الامل فيَ؟
اطرقت برأسها لتقول بحشرجة:
- هربت من بطش مورينو.. لقد طلقني..
واردفت وقد تملكتها الدموع ما اوشك بها على الاجهاش بالبكاء:
- سلب مني جميع اموالي وممتلكاتي.. لقد اكتفيت من افعال الرجال.. اريد العيش مع ابناي بسلام..!
اجابت عن كل ما حيره، ويا للعجب! لقد كانت اجاباتها مقنعة وبشدة، ادخلت كلماتها آيدن في صراع مع ذاته التي تأبى الاستسلام للعواطف الجياشة بداخله، اجهز آيدن على ذاته حين قالت:
- واتاشي وو يوروشتي كوداساي آيدن! ( ارجوك سامحني آيدن)..
التمس آيدن اساها الذي تزامن مع بكاءها، فما كان منه الا ان يخضع لنفسه، تأذت بالقدر الذي آذته، انهما متعادلين الآن، فما المانع من اقتلاع الحقد بداخله تجاهها؟ ففي النهاية هي لا تزال والدته من انجبته وعاشت معه امداً طويلاً، سامحها بداخله الا ان عبارات السماح يصعب نطقها، داهمهما بكاء طفل مقاطعاً لما يحدث، اشارت ايزابيلا لطفلها بيد وقد انشغلت يدها الثانية بكفكفة دموعها وهي تقول بالايطالية:
- تعال هنا صغيري داني..
اقترب داني منها وتشبث بساقها فانتشلته من الارض وطوقته في كنفها، بينما كانت مقلتي ايدن تشاهد ما يحدث دون تصديق، نسي ان له اخ، لا بل تناسى ذلك، لم يستطع تصور ان يكون له اخ من الرجل الذي سلب والدته منه، لكن هذا الطفل اخاه حتماً، فالثلاثة هنا يمتلكون ذات لون العين الاخضر، صوب داني سبابته على آيدن وهو يقول بايطالية طفولية:
- هل هذا اخي آيدن؟
وكأن سبابته اخترقت آيدن، فقد فاضت دواخله بالعطف تجاه هذا الطفل المزعوم بأخوه الاصغر، اومأت ايزابيلا لطفلها وهي تقول بسعادة:
- اجل هذا هو آيدن!
لقد حدثته عني، ولم تحدثني عنه الا ان عودتها الآن تغفر لها كل ذلك، قاطعت ايزابيلا سيل افكاره وهي تقول:
- لم استطع تركه مع والده.. لا اريد له ان يتعلم القسوة منه!
انسحب داني من طوق والدته، ومشى بخطاوته الصغيرة ليرتمي على آيدن الذي اخذ يرمقه بنظرات مبهمة فهو لم يحدد مشاعره بعد تجاه هذا الطفل، شدته رغبة عارمة في التربيت على رأسه حين تلاقت عيونهما الخضراء، فتوسد كف ايدن رأس داني دون شعور منه واخد يطبطب عليه بتشنج، بينما قالت ايزابيلا التي شهدت لقاء الاخوين بنبرة توسل:
- اتمنى ان ترحب بنا هنا آيدن..
لم ينطق آيدن بكلمة الا ان عيناه قد اجابتا عنه سلفاً، لا يزال بحاجة للجلوس مع نفسه والتفكير بكل ما سمعه..


[cc=داني]

الاسم: دانييل مورينو
العمر: 4 سنوات
[/cc]


يتحدث على الهاتف:
- اذاً ماذا وجدتي؟
- اغلب ما قاله آكياما توقو صحيح.. لقد تحققت من الوثائق بنفسي.. لا مزورة بينها..
واردفت بكلنة حائرة:
- هل انت متأكد انه تم نفيه من العائلة بسبب زواجه توشيرو-سان؟
- هذا ما قاله بنفسه..
- يبدو ان اسمه لم يكن مسجلاً في سجل العائلة منذ البداية.. فلا يوجد اثبات على ذلك..
- شكي نحوه لم يكن بخائبٍ.. فلنتعامل معه بحذر في المستقبل يوشيدا-سان (اسم عائلة ماكي).. ولا تخبري ايانو بأننا نشك بعمها.. لا تزال حالتها غير مستقرة..
- واكاريماشتا (لقد فهمت)..



اعتذر على التأخير وبشدة لقد انشغلت كثيراً بظروف عائلية..

الاسئلة:

- برأيكم هل حقاً آكياما هو عم ايانو؟
- هل كان قرار آيدن بمسامحة والدته صائباً؟
- وهل كانت والدة آيدن صادقة بشأن عودتها؟
- ما هو افضل مقطع في هذا البارت؟ وما هي افضل شخصية؟
- ما هو رأيكم في البارت بشكل عام؟

لقاءنا في الجزء القادم من البارت بإذن الله..


__________________
" لآ آلـه الآ الله.. سُـبْـحَـآنَـكَ رَبـيْ آني كُـنتُ مِـنَ آلـظـآلِمينْ "






التعديل الأخير تم بواسطة ĐαrК Đεṁση ; 10-14-2014 الساعة 08:55 PM
رد مع اقتباس