عرض مشاركة واحدة
  #102  
قديم 02-13-2015, 07:54 AM
 



ـ أرجوك .. أتوسل إليك دعني أعمل لديك ..

هذه الكلمات التي أخذت ترنّ على مسامع ميلان وهو يرى صديقَ خادمه يترجاه بأن يعملَ عنده ..
وأكثر ما أثاره هو أنّ رولند لم يكن يعلم بذلك .
لم يملك ميلان سوى أن يعضَ على شفتيه بعدمِ صبر فهو لن يتحمل رؤية هذين الاثنين معاً وبنفاذ صبر صرخَ فيه .
ـ ابتعد من هنا .. ! .
لم يستمع إيفان له والذي كانَ مطأطأ رأسه لكيلا يلتقي بنظراتِ رولند المصدومة ... وظلَّ يأملُ بداخله أن يرضى ميلان بذلك,
فجأة لم يشعر إلا بذراعين تحثّه على الوقوف التفت ليرى من هوَ فوجدَ كبيرَ خدمه هو من يفعلُ ذلك .
هذا ما فعله شيمون بأنّ أمسك بإيفان وحثّه بهدوء على المغادرة وأيضاً حتى لا يلقى من ميلان ما لا يسره أمامَ صديقه ...
ـ لن يغيرّ سيدي رأيه .. اذهب من هنا أرجوك .
همسَ له بهذه الكلمات خوفاً عليه لا أن يزجره .... والذي عرفَ صدقَ كلامه عندما رأى عينيّ ميلان تنظران له بحدّة وكأنّما هو بركانِ يكاد أن ينفجر .
انصاعت قدماه طواعية لـسير شيمون الذي أمسكَ بكتفه ليجعله يبتعدُ عن ميلان ... توقفت قدماه بالقربِ من رولند الذي كانَت تغطي خصلات شعره عيناه فلم يعلم أهيّ تنظرُ إليه أم لا ...
لكنّه علم أنّه حقاً حزين وغاضب مما فعله .
أدخل يده في جيبِ سترته حيثُ خبأ ما أعطاه إياه التوأمين , رسمَ على وجهه ابتسامة بصعوبة وهو يرفعُ يد صديقه ويضعها فيه.. وبصوتِ مخنوق متألم .
ـ كنتُ أتمنى أن أكونَ بالقربِ منك لكن .. يبدو أنّه لم يتحقق لي ذلك .....
أخفضَ نبرة صوته .
ـ تناول هذه فقد قامَ بإعدادها لين ولير لك خصيصاً.

قالَها ثمّ أسرع في خطواته نحوَ الخارج ..ففي النهاية لم يتحقق له ما أراده ..
.
لم يُرِدْ ...و لم يرضى بذلك .. يريدُ البقاء معه .. يريدُ أن يشاركه بعضَ تفاصيل يومه ..
يريدُ أن يملأ تلكَ السنين التي افترقَ فيها عنه .. والأهم من ذلك كله ..

يريدُ أن يعوضَّ عن تلك السنين التي عامله فيها بجفاء
كما أنّه لم يفيّ بوعده الذي أخبره به قبلَ أن يفترقا ..
شعرَ بالحزن يغمرُ قلبه فركضَ مبتعداً .. ففي النهاية لم يتحقق ذلك له ..
ـــــــ
أما بالنسبة لرولند فبعدَ برهة .. نظرَ إلى ما أعطاه صديقه إيفان .. وأخذَ ينظرُ إلى ما عملته ايدهما الصغيرة ..
وبدونِ أن يشعر بقربِ ميلان الذي وقفَ أمامه بكلِ حنق .. تلقى لكمة قوية كانت كفيلة بأن يرفعَ بصره ويرى سيده أمامه .
ـ ماذا تظنني أنا ؟!! .
كانَ ميلان غاضباً بحق وقد كانت هذه هي المرةُ الاولى التي يثورُ بهذا الشكل , بينما رولند لا زالَ يشعرُ بصدمة حرقة تلكَ القبضة .
لم تكن بالشيء الجديد عليه بل قد مضت فترة طويلة منذُ أن صرخَ فيها أحدٌ على وجهه... لكن بما أنّها قد جاءت بدونِ سابق إنذار فقد كانَ طعهما مريراً .
فجرّ غضبه المكبوت في داخله قائلاً بصوتِ مرتفعِ .
ـ طريقة حديثك هذا الذي يخرجُ من لسانك ومجيء صديقك ليطلب العمل ! ماذا تظنني يا هذا ؟! ألا تعرفُ مكانك !!! .

بأيّ حق يأتي فيها ذلك الشخص ليطلب العمل بقربك !!! .
أرسل بنظراته نحو ما أعطاه إياه إيفان .. فالتقطه من بينِ يديه بكل غضب وعندما رأى أنّها مجردُ وجبةِ صغيرة حتى ازداد بداخله الكره له ..رمى بها على الأرض العشبية وتناثر ما فيها وهزَ المكان بصراخه .
ـ ماذا !!! هل أنا أحرمك من الطعام لدرجة أن يعطيك هذا !! ..
.. رمقه باحتقارِ شديد وهو يبتعد عنه .
ـ لا أريدُ رؤية وجهك لبقية هذا اليوم .


هذا ما كانَ حصل في تلك الليلة ..... فقد كانت أول مرة له يرى فيها مشاعرَ ميلان المتألمة ... صحيح أنّه صرخَ وفقدَ أعصابه بل وأنّه قد ضربَ رولند بقبضته ..
إلا أنّه يعلمُ جيداً بمشاعرِ ميلان ... !
فما أغضب سيده ... لم يكن مجيء إيفان وطلبه للعمل !
لا.. ليسَ كذلك
ولكن لأنّه فقط كانَ صديقاً لرولند ,
.لأنّه رأى بالفعل أنهما صديقين ورأى عمقَ الصداقة بينهما !!
فغضبه ذاك ... لم يكن سوى الغيرة التي شعرَ بها في قلبه .. !
لذلك كانَ هادئاً طوالِ الأمس رغم أنّ هذا يخالفُ عادته ..

كلَّ تلكَ الأفكار كانت تراودُ شيمون الذي يجلسُ وحيداً في باحة القصر منتظراً شروقَ الشمس .. وأكثر ما يحيره هو طلبُ السيد هايدن التحدث مع رولند ... فيبدو أنّه لاحظ تصرفات ميلان كما فعل هو بل وشعرَ بها أكثر منه .
استقامَ واقفاً .. فيجبُ عليه أن يجهزّ لرحلة عمل ميلان بما أنّه سيذهب ..
ـــــــ

في الجانب الآخر ..
أخيراً استطاع ايفان الإنتقال بكلِ سلاسة وتوديع تلكَ الغرفة الضيقة التي كانَ فيها .. فها هوَ يحملُ حقيبته الصغيرة ويعطي بعضَ المال الذي كانَ قد جمعه طيلة انفصاله عن ميدوري ورلند .. للرجل صاحبِ الإيجار .
سلمّه المفتاح .. فنظرَ إليه ليعرفَ رقم الشقة التي كتبَ فيه ... صعد الدرجات بما أنّه مبنى متواضع وغيرُ باذخ أو مكلف .. ووجدها .. ما إن أرادَ أن يدخلَ المفتاح .. حتى سمعَ صوتِ بابِ يفتح ..
التفت فرأى الفتاة التي تعرفَ عليها بالأمس تسكنُ في الشقة المجاورة له تماماً .
تفاجئت جولي من ذلك .. وظهرت ذلك على محياها .
ابتسمَ إيفان وهو يراها بملابسِ المدرسة وتحملُّ حقيبتها خلفَ ظهرا قالَ بوجه مبتسم.
ـ يبدوا أنه من الآن فصاعداً سأكونُ جاراً لك .
ركضت جولي مسرعة ولم ترد عليه .. فكيفَ يكونُ هوَ بالذات في الشقة المجاورة لها .. بينما هنالك غيرها ..
لم يكن هروبها منه غروراً .. بل خجلاً فهي لا تقابل الصبيان عادةً .. فقط ألفريود ومنهم في عملها .

أثارَ ذلك الإستغراب في نفسِ إيفان لكنه لم يهتم بذلك ... فقد كانَ متشوقاُ ليرى المكان الذي سيعيشُ فيه من الآن فصاعداً أدارَ المفتاح وولجَ إلى الداخل .
شعرَ بالراحة ما إن رآها رغمَ أنها فارغة قليلاً من الأثاث إلا أنّها واسعة بالنسبة له حتى أنها تكفي لاثنين .. أخذَ يتفحصها فلا بد له من أيدعو الجميع إليها بعد أن يستقر وتكوَن صالحة كما هيّ شقة ميدوري .
ـــــــ
عادَ ميلان كما كان ولم يكن كالأمس صامتاً .. بل عادت عجرفته في الحديث مع رولند منذُ الصباح الباكر .. وهاهوَ يستمتعُ باحتساء القهوة الصباحية في باحة القصر .. فموعدُ خروجه مع عمه هو الليلة ..
لكن هنالك شيء لم يرضى به .. فعادة عمه في الذهاب معه هو أن يصحبه معه فقط .. ولا يجعله يأخذُ أحداً من الخدم .. وهذا ما لم يعجبه .. فلن يسمحَ بأن يأخذَ رولند استراحه ..
أخذَ يفكرُ بشيء ما .. ليحقق له ذلك .. وهو يراقبه بعينيه .

انتهى شيمون ورولند من حزمِ أغراضِ ميلان التي سيذهبُ فيها بما أنّها المدّة الأطول .. وأيضاً بما أنّه سيتغيب عن جامعته فقد حضيّ رولند بصباح مختلفِ قليلاً عن بقائه منتظراً وحيداً ..
تحدثَ شيمون لرولند ليوضحَ له بعضُ الأمور .
ـ يبدوا أنّك ستحضى بفترة راحة بما أنّ السيد سيغيبُ ... .
استغرب رولند من جملته تلك ! فكيفَ أنه سيحضى براحة وسيده مسافر .. جائته الإجابة من شيمون سريعاً .
ـ إنها عادةُ السيد هادين .. سوفَ يحضى الجميع هنا براحة حتى يعودَ ميلان ...
صمت قليلاً وتذكر الطفلين اللذان كانا برفقته عندما جاءَ أول مرة للقصر .
ـ هذه فرصة جيدة لتبقى مع الطفلين التوأمين .. فأنا واثق بأنهما يفتقدانك كثيراً .
ظهرت على شفتيّ رولند ابتسامة وهو يتذكرها فبمجرد التفكير شعرَ بالإطمئنان لكنه شعرَ بالفضول ناحية شيمون . فسأله ليبعدَ فضوله ذاك .
ـ وأين ستقضي هذه الأيام !؟ .
ضحكَ شيمون لسؤال رولند المفاجئ .
ـ لا تظنَ أنّ عجوزاً مثلي سيكونُ وحيداً , لديّ عائلة أيضاً .
لم يتوقع رولند أن يكونَ لدى شيمون عائلة ... فهو لم يخطر له ذلك بل لم يكن واضحاً على شيمون
تحركَ كليهما بعدَ ذلك لينتهوا من بعضِ الأعمال في القصر .. فقد كانَ ملئياً بالعمل الكثير .. مما جعلَ رولند يشارك في ذلك رغمَ أنّه الخادم الخاص بميلان .
ـــــــ

وكما تمنتْ ميدوري تماماً .. فها قد أصبح لديها صديقة مما جعلَ يومها يبدو جميلاً في نظرها .. ومكنّها من التحدث مع بعضِ الفتيات وتكوين بعضَ الصداقات معهنَ بما أنّ إليسا لديها شخصية لطيفة فهي لديها صديقات كثر ..
لكنّ مكانة اليسا في قلبها كانت مميزة وختلفة عن باقي الفتيات الأخريات .. فها هما في فترة الإستراحة يجلسان مع بعضهما ويتناولا قطعة من الكعك المحلى .
لا حظت ميدوري حزنَ اليسا الذي كانَ ملازماً لها منذُ الصباح ويظهر جلياً في عينيها فسئلتها لتعرف السبب فهي لم تعهدها سوى بابتسامتها الجميلة وروحها المرحة .
ـ هل هناك ما يحزنك !؟ .
رفعت اليسا عينها متفاجئه وسألت بابتسامة .
ـ هل يبدو ذلك واضحاً عليّ! .
ضحكت ميدوري وأجابتها .
ـ أجل .. إنني أراه في عينيك .
ابتسمت اليسا وزادت محبتها لها في قلبها فمن النادر أن يحصل الشخص على صديق يعرفُ بما تشعرُ به بدونُ أن تتحدث .. لذا قالت لها بكلِ صراحة وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة حزينة .
ـ في الحقيقة الشخصُ الذي أحبّه كانَ قد وعدني بأن يصحبني في رحلة لكنّه مضطرُ للذهاب الآن وقامَ بتأجليها .
وضعت ميدوري يدها على يدِ اليسا وقالت بكلِ لطف .
ـ بما أنّه قامَ بتأجليها فهذا لا يعني بأنه لن يذهب في المرة القادمة , يمكنك أن تثقي به .
تلألأت عينا اليسا فرحا .. وتوردت وجنيتها فقد أحبّت ما قالته لها ميدوري ,, اختفى الحزن من عينيها وابتعلت بعضاً من كعك الفروالة التي تحبه لتبعد الإبتسامة الحزينة من شفتيها وتسمتع بالمذاق الذي يذوبُ في فمها .
أمّا بالنسبة لميدوري فقد ظهرت صورة رولند أمامها سريعاً لم تعرف لماذا ! وفي هذه اللحظة بالذات !
لكن يبدو أن جملة أليسا هي السبب فقد جعلها تتمنى لو تستطيع أن تبقى مع رولند فقد بدا لها أنه كلما مضى الوقت كلما ابتعدت عنه أكثر .

ـــــــ

بينما رولند منشغلٌ ببعضِ الأعمال هنا وهناك .. جاء شيمون إليه وأمسك بيده خلسة وجعله يتبعه ... لم يستطع الحديث أو حتى أن يسأل عن السبب فقد رأى أنّه يفعلُ ذلك وهو يرغب بألا يعلم أحدٌ من القصر ..
توقفَ شيمون .. فنطق رولند وهو لا زالَ يحافظُ على هدوءه .
ـ ماذا حدث !؟ .
تردد شيمون قليلاً وهو ينظرُ إلى عينيه ..
ـ في الواقع إن السيد هايدن يريدُ الحديث معك .. وهو أيضاً لا يرغب بأن يعلمَ ميلان عن ذلك .. لذا اذهب إليه إنه ينتظرك في الساحةِ الخلفية .
استجاب رولند لطلبه سريعاً ... ومشى بكلِ هدوء نحو المكان الذي أخبره به .. فبما أنّه يحترمُ ابنه ألفريود ويحملُ بعضَ الإمتنان له .. فيجبُ عليه أن يستمع لما سيقوله له والده
ما إن وصل حتى وجدَ سيارةً سوداء متوقفة بالقربِ من القصر .. يجلسُ فيها السيد هايدن في المقعد الخلفي .. اقتربَ منها وألقى التحية .. فأشار إليه هايدن بكل هدوء بأن يصعد هو كذلك ..
شعرَ رولند بأن في الأمر شيئاً .. هو لا يعرفُ السيد هايدن بل إنّ أول مرة رآه فيها هو ليلة الأمس .. لذا ظلّ صامتاً ومحافظاً على هدوءه ...
توقفت السيارة أمام مقهى فاخر كبير .. خرجَ هايدن وتبعه رولند بكلّ هدوء والصمت لا زالَ قائماً بينهما ...
جلسا قبالةَ بعض وأمامَ كلِ واحدِ منهما كوبُ من القهوة الساخنة ...
لم يعتد رولند على هذا .. وشعرَ بالتوترِ قليلاً.. فالمكان من حوله فخم .. الطاولات الحمراء .. والأقمشة الفاخرة التي تغطيها .. كذلك الشخصيات التي من حوله ظهرت له أنّ من هنا هم من طبقة مخملية مختلفه فشخصٌ بمثلَ مقامه لا يستحقُ الجلوس هنا , لكنه بطريقة ما ظلَّ ثابتاً ينتظرُ بصمت بما سيحدثه به
احتسى هايدن بعضُ القهوة وعيناه تحدقان برولند بكلِ صمت .... فبدأ الحديث ليبدد ذلك.
ـ تدعى رولند وتمَ تعينك حديثاً في قصر ابن اخي .
أومأ له بكلِ صمت ...
وضعَ هايدن يديه تحتَ ذقنه .. وبصره لا زالَ معلقاً بالشابِ الذي أمامه وبكل صدق سأله .
ـ أخبرني كيفَ هو تعامل ميلان معك !.
رفعَ بصره ونظرَ فيها إلى عينيّ السيد هايدن .. إنّه يسأله عن كيفيه تعاملُ ميلان معه لم يفهم السؤال من ذلك .. فهو لا يعلم أنّه يفعل ذلك عادةً مع أيّ شخصِ يعمل تحت خدمة ابن أخيه .. لذلك أجابه وهوَ محافظ على هدوئه ...
ـ إنه جيدُ معي .
ظنّ هايدن في تلك اللحظة أنّ رولند أخبره بهذه الإجابة مخافة أن يطرده من عمله كما يفعل بعضَ من قد سألهم من قبل .. ولم يستشعر صدقَ رولند من خلالِ حروفه فقد أجابَه دونِ تردد
تنهدَ بعمق كبير ورأى أنّه لا بدّ من أن يوضحّ له بضُ الأمور .
ـ لقد حصلت حادثة له عندما كانَ صغيراً .. لذلك هو الآن يتصرفُ هكذا .
التقت عينيّ رولند وهايدن بعدَ تلك الجملة وظلاّ يحدقا ببعضهما .. كانَ هايدن ينتظرُ بصبر أن يسأله عما حصل ... لكن يبدوا أنّه لم يتحقق له ذلك فلم يبديّ رولند أيّ ملامح قط تدلُّ على أنّه يريدُ معرفة ذلك , فلو نطقَ وسأله عما حصل .. لسرد عليه هايدن ماحدث دونَ أيّ تردد .. لذلك قالَ بصريحِ العبارة ليخبره بسببِ طلبه الحديث معه .
ـ أرجو أن تعتني به جيداً .. ولا تجعله يشعرُ بالإستياء منك .. وكن لطيفاً معه..
يبدوا بانّك علمت بأنّي لا أخذُ أحداً معي خلالِ رحلة العمل .. لذا ستكون فرصة جيداً لتعيد التفكير في تصرفاتك مع ميلان .
كل هذه الكلمات ألقاها دفعه واحدة على مسامع رولند الذي أنصت لها بكلِ إذعان .. ففهمَها جيداً وعلم أنّه هذا من اهتمامه به بما أنّ ميلان لا يملك عائلة سواه ..لكن آخر جمله قالها أوضحت له أنّه قد استشعرَ غضبَ ميلان عليه بسببِ ما حدث .
تابع هايدن حديثه .
ـ حافظ على المسافة بينكَ وبينه .. ولا تنسى مقامك بالنسبة له .
اتسعت عيني رولند قليلاً ... فاستقامَ شيمون واقفاً بكلِ وقار .. ولم يجرأ رولند على أن يرفعَ رأسه .
استشعر هايدن ذلك وبدا له أن يفكرُ بما قاله جيداً.. رفعَ يده ووضعها على شعره هوَ لا يقصدُ أن يضغط عليه أو يهينه بصفته خادم إنما فقط هو يهتمُ بميلان لكنْ بما أنّه أصغر الخدم فقد رقّ قلبه ليختم حديثه معه .
ـ فكر بما قلته لك خلالِ الأيام التي يغيبُ فيها معه .
انتهت المحادثة بينهما وخرجَ السيد هايدن ..
رغمَ الدفء الذي تلمسه رولند منه .. إلا إنّ تلك الجملة لا زالت عالقة في عقله تردد صداها فيه .
ولا تنسى مقامك بالنسبة له
لم يتسبب ذلك في جرح كرامته فلم يكن ميلان هو أول شخص بقومُ بخدمته ,
لقد أعادت المحادثة التي درات الآن الكثير من التساؤلات في نفسه ..
وضعَ يده على عينه ليغطيها وهو يراجع ماقاله له .. ثمّ رسم ابتسامة حزينة .

ـــــــ

من نافذة غرفته رأى ميلان أنه قد انتصفَ اليوم .. وهو لا يزالَ لم يحصد أيّ فكرة .. فالوقت يمضي وموعد رحلته يقترب .. فمع بداية المساء هو لن يكون هنا ...
لمحَ من بعيد شخص غيرَ مرغوبِ به يقترب من قصره .. أظهر الإمتعاض على وجهه فهو لا يريدُ رؤيه وجهه .. ابتعد عن النافذة حتى لا يلاحظه .. وما إن فعل ذلك حتى سمعَ صوتَ طرقِ على الباب تبعه قولُ شيمون .
ـ إن التاجر جايد هنا , ويريدُ مقابلتك .
تذكرَ ميلان سريعاً .. أول لقاءِ له مع رولند فقد كان بحضرة ذلك الشخص .. فروادته فكرة سريعة في رأسه .

وأخيراً وجدً ميلان ما أراده , وهو أن يذهب من هنا وهوَ يعلم بأنّ خادمه لن يحصل على راحة جيدة ..
عادَ رولند سريعاً وهاهوَ يتبعُ ميلان بكلِ صمت .. وهو يعلمُ بهوية ذلك الشخص جايد الذي سيده ذاهبٌ إليه ف

في جلسة بدأ المدعو جايد كعادته يثرثر بفمه.. إلى ميلان , فقد مضت فترة طويلة منذُ أن جاء إليه .. يشكو له ضعف تجارته وكأنما يريدُ بذلك أن يرقَ قلبُ ميلان فيبدأ بالإستثمار معه , ولكن هيهات فلم يكن سيقبلُ بمحادثته لولا ذلك الأمر الذي يريده ..
أمسكَ بكأس العصير الذي أمامه والذي قدمه له شيمون فشربه دفعه واحدة دونَ أن يهتم باللباقة ,فاهي بعضُ القطرات تتساقطت من فمه .. فأخذَ يمسحها بكمِ ملابسه دونَ أيّ اهتمام .. وهو يتابع حديثه البائس .
ـ أتعلم .. ! حتى محل الحليّ الذي افتتحه منذُ فترة قريبة لم يحضى بمبيعات جيدة .
هنا وجدَ ميلان الفرصة .. فقالَ له سريعاً لكيلا يضيعها .
ـ ما رأيك لو تستأجر بعضَ خدمي للعمل هناك , ربما ستحققُ إرتفاعاً ولو بسيطاً .
علمَ رولند الذي كان يستمع للمحادثة بينهما مقصد ميلان من جملته تلك .
رفعَ جايد عينيه المرهقتين التي قضاها في السهر واللعب آخر الليل نحو رولند , ليقولَ وقد تذكره .
ـ هذا الشاب ! .
نظرَ إلى ميلان ,, وأرادَ أن يقولَ له شيئاً لكنه تذكرَ أينَ رآه آخر مرة أشارَ بيده نحو رولند وتحدثَ ضاحكاً بسخرية .
ـ نعم ! هوَ إنني أتذكره , لقد رأيته من فترة وهو يضحكُ ويمرح مع بعضَ أصدقائه .. كيفَ لي أنسى ذلك وهو يعملُ تحتَك خدمتك .
أغاضت جملته ميلان فقد كان يسخرُ منه لأنه يعلم بتصرفاته مع الخدم ,.. لكنه كتمَ غيضه وقالَ بابتسامة مزيفة تخفي وراها الشرَ لرولند .
ـ إذاً ما رأيك لو تستأجره حتى حينَ عودتي !؟ .
اتسعت ابتسامة جايد كثيراً .. وهو ينظرُ لوجهه رولند ويحدقُ فيه ..وقالَ سريعاً دونَ أن يتردد للحظة .
ـ سيكونُ ذلك جميلاً , بذلك سأضربُ عصفورين بحجر واحد , سأزيد من مبيعاتي ,,و أيضاً .
رمقَ رولند وأتبعَ قائلاً بحماسِ شديد .
ـ بوجهه الوسيم هذا سيجلبُ العديد من النساء الحسناوات .
في تلك اللحظة , لم يكن رولند أي حقِ في الحديث ,, فيبدو أن فرحته لن تتم بالأيام القادمة التي يريدُ قضائها بعيداً عن سيده , نظرَ بكلِ برودِ نحو ميلان التي اتسعت ابتسامته الساخرة .. وكأنما أحرزَ نصراً ,
لم يكن لديه حقُ الإعتراض , أو أن يخوضَ في ذلك فكما قالَ له السيد هايدن تماماً فمقامه يختلفُ كثيراً عنهما .
تمَ الإتفاقُ بينهما أمامه .. ومن الغد سيعملُ هوَ تحتَ امرةِ ذلك الشخص جايد لكن بوظيفة مختلفة .


ودعَ جميعُ من في القصر ميلان الذي جاء عمه لاصطحابه مع حلول المساء أمّا اليسا فقد كان من الجيد عدمُ تواجدها بما أنّه ستودعه في المطار .
غادرَ ميلان وعينه معلقةٌ على رولند ونفسه تشعرُ بالإنتصار , لكن ما أثارَ استغرابه قليلا .. هو هدوء رولند الغريب رغمَ كلِّ ماحصل فهوَ لم يرد عليه ببعَض الكلام الذي يستفزه قليلاً.. لم يهتمَ لذلك كثيراً فلو بقيّ ليومِ آخر , فسوفَ يجزمُ ميلان بأنّه قد بدأ يتغير تدريجياً .

تفرقَ جميع الخدم من بينهم شيمون الذي ودّع رولند متجهاً إلى مكانِ آخر ,, حيثُ عائلته كما أخبره من قبل .. وبقي رولند وحيداً يفكرُ في الأحداث التي جرت ..
فليسَ لديه الآن مكانٌ سوى الذهاب لزيارة ميدوري والتوأمين ... لكنّه فضل عدمَ فعلِ ذلك في الوقت الراهن فقررَ المشي حتى تتعبَ قدماه ..

ـــــــ
وكعادة الحياة لدى ميدوري , فها هي تستذكرُ بعضَ دروسها بينما تراقبُ التوأمين اللذين يتحركان ذهاباً وإياباً وكأنما يشعرون ببعضِ الضجر , فقد كانت هذه المرة الأولى التي لا يكون فيها إيفان موجوداً فهو الآن في مناوبة للعمل .. كما أنّه هو الذي كانَ يقومُ بتسليتهما ..
اقتربَ لير من ميدوري .. فكان يقتربُ خطوة ويتراجع خطوتين وكأنما يريدُ قولَ شيء ما ولكنه متردد فلير مختلف عن توأمه فهو خجول على عكسِ أخته لين التي تتميز بالجرأة .
.
في الأخير شدّ على ملابسه ليزيدّ الثقة في نفسه ,, وتقدمَ نحوها قائلاً بصوتِ منخفض .
ـ أختي .. متى سيعودُ أخي إيفان ! ومتى سيزورنا أخي رولند ! .
بتلكَ الكلمات البريئة سأل لير ميدوري وهو يتمنى أن تجيبه , نظرت إليه وشعرت بالحزن .. فهي لا تستطيع اللعب معهما بما أنّها مشغولة قليلاً , أرادت أن تجيبه .. فقاطع ذلك لين القادمة وعلى وجهها ملامح البكاء فقد سمعت سؤال أخيها وها هي تريدُ أن تشاركه.
ـ يبدو أنه لا يشتاق لنا , لذا هو تركنا !! .
قالتها بصوتِ باكيِ حزين وهي تجبرُ نفسها على عدمِ البكاء ..
علمت ميدوري أن مشاعر الحنين والفقد بدأت تتسلل إلى قلبُ التوأمين ... لم يكن أمراً غريباً بالنسبة لها ..
لكنها لا تستطيع أن تعملَ أي شيء , فكما أنهما يحملانِ هذه المشاعر في قلبيهما فهي تحملُ أيضاً كذلك , هي لم تكن تعلم من قبل أنّ مشاعر كمشاعر الحب ثقيلة لدرجة أنّ ذلك يؤلم القلب .. لكن بما أنّها قد تعودت على ذلك منذُ زمن بعيد فهي تعلمُ بمشاعرِ التوأمين .
أعينهما البريئة الممتلئة بالبكاء .. وهما ينظران إليها ... لم يجعلها تملكَ سوى أن تحتضنهما وتهمسُ لهما لتجعل قلبهما الصغير يطمأن.
ـ سوفَ يأتي قريباً , أنا واثقة من ذلك .
, هي لا تريدُ أن يبكوا أمامها فما إن يفعلا ذلك فهي لن تتمالك نفسها أيضاً وربما ستبكي معهما ! .
هدأ كليهما ورفقتهما نحوَ الفراش ليناما مبكراً , فهي لا تملك شيئاً سوى أن تدعهما يغطان بالنوم ليبتعد عنهم شعور البكاء .
ـــــــ

انتهى إيفان من مناوبة عمله لهذه المساء , فقد تعلمَ كثيراً في أول يوم , رغمَ أنّ الفتاة المدعو جولي لم تأتي اليوم .
استغرب من ذلك , فقد وكلها ألفريود بأن تشرحَ له هي عن العمل , لكن بما أنّ عرف كل شيء فيبدو أنه مامن داعي لتفعل ذلك ,, بدلَ بذلة المطعم بملابسه العادية .. وعندما أرادَ الخروج أرادَ أن يستفسر عن جولي ,, رأى السيدة روزا فاقتربَ منها سريعاً حتى لا حظته .
ـ المعذرة ,, ولكن تلكَ الفتاة جولي ! ألا تعملُ هنا ! .
ضحكت السيدة روزا وقالت .
ـ هذا اليوم الذي لا تعمل فيه .. كما ترى إنّه موضحٌ في هذه الورقة ..
التفت ليرى ما تشيرُ إليه السيدة روزا فقد كانت الورقة حيثُ الأيام والمناوبات لجميع من في المطعم ..
هو اختار الصباح الباكر بما أنّ التوأمين في رياضِ الاطفال , وكذلك في المساء ..
انتبه لاسم جولي فرأى العلامة التي تدل على أنها لا تعمل اليوم , شعرَ بالفضول لمعرفة الاوقات التي تعمل فيها فكانت تعمل بعد الظهيرة إلى وقت مبكر من المساء , أما في الأيام التي لا تذهبُ فيها إلى المدرسة فتختلفُ الأوقات .
ابتسمت السيدة روزا وعلقت وهي تنظرٌ مع إيفان لتلك الورقة المعلقة التي تتغير كل شهر .
ـ إنها في المدرسة الثانوية .. لذلك يتحتم عليها النومُ باكراً كلَّ مساء .
ابتسمَ إيفان .. وشكرَ السيدة روزا بينما هي بادلته ذلك قائلة .
ـ شكراً لعملك لهذا اليوم .
لم يكن ألفريود موجوداً في هذا اليوم , ولكن إيفان شعرَ بالراحة لهذا العمل , رغمَ أنه اليوم الاول له .. فهو واثق بأنّه سيكون ذلك ممتعاَ في المستقبل ..


مشى بخطواته حتى وصلَ للمكان الذي يعيشُ فيه ... ومنه إلى بيته الصغير الحالي.. قبل أن يدخل نظرَ إلى الباب الذي تعيشُ خلفه تلكَ الفتاة .. فقد شعرَ بالإمتنان لها .
أسقط نفسه على الأرض حيثُ الفراشِ البسيط الذي ينامُ عليه , هو لا يمتلكُ سريراً بما أنّه انتقل إليها بالأمس , شعرَ بالتعب يتسلل إلى جسده فأغمضَ عينيه ليستريح ... ثوانيِ هيّ حتى طرقِ بابه ..
فتحَ عينيه سريعاً واستغربَ من ذلك فمن سيطرقُ بابه وهو لا يعلم أحداً ممن يعيشُ هنا, نهضَ سريعاً وتوجهه نحو الباب ليفتحه فوجدَ جولي هي من تقفُ خلفه ..
تحدثت سريعاً بصوتِ خجول وهي تتجنبُ النظرِ إليه ..
ـ ... إننّي أقومُ بإعداد العشاء وقد قمت بحسابك أيضاً بما أنّك انتقلت حديثاً , سيستغرقٌ ذلك وقتاً لذا ... أرجو ألا تنام حتى يحين ذلك .
قالت جملتها ثمّ انطلقت مبتعدةً عنه وأغلقت الباب من خلفها .
ضحكَ إيفان لتصرفها فقد كانت لطيفة أمامَ ناظريّه فطريقة حديثها المرتبكة وأيضاَ جملتها تلك التي كانَ مغزاها أنّها بذلك ترحبَُ به بما أنّه قدمَ حديثاُ .
عادَ إلى مكانه وجلسَ على الأرضية مقرراً أن ينتظر بدلَ أن ينام ..

ـــــــ

وأخيراً وصلَ شيمون إلى حيثُ وجهته فالمكان كانَ بعيداً بعضَ الشيء عن قصر سيده , فها قد جائته الفرصة ليقضي بعضَ الوقت مع عائلته كما أخبرَ رولند من قبل .. مشى بخطواته .. فرأى بعضَ الأشخاصِ الذي يعرفهم والذينَ سعدو بعودته .. كما أنّهم كان يذكرونَ له أنّ ابنته تبليّ جيداً وكانَ سعيداً بذلك .. بما في ذلك صاحبُ البناية .
توقفت قدماه أخيراً .. فرفعَ يده ليطرقَ الباب ,, ثوانيّ هي سمع صوتها من بعيد .
ـ ألا يمكنك الإنتظارُ قليلاً !!؟ .
استغرب شيمون من جملتها تلك ولكن ما إن فتحت الباب رفعت تلكَ الفتاة عينها ورأت من أمامها حتى غمرت السعادة قلبها وارتمت في حضنه غيرَ مصدقة .
ـ أبـــــــــي !.
ابتسمَ شيمون بحبّ .. وربتَ على شعرها بحنان .. فأخيراً سيقضي بعضَ الوقت مع ابنته العزيزة على قلبه ..
دخلا سوية .. فاشتمَ شيمون رائحة طيبة وبينما هي لا تزالُ لم تفارقُ حضنه قالَ لها بكلِ لطف .
ـ يبدو أنّي جئتُ في الوقتِ المناسب فابنتي قد أعدت العشاء .
ابتعدت عنه والابتسامة لا تفارقُ شفتيها .. سارعت نحو الطاولة الصغيرة المسطحة في وسطِ الغرفة , أبعدت ما فيها وحملت مفرشاً صغيراً ووضعته على الأرض ليجلسَ عليه والدها .. أمسكت بيده .
ـ انتظر قليلاً سيجهزُ سريعاً .
انطلقت مسرعة نحو المطبخ فقد كانت زيارته لها مفاجئه , كما أنها متحمسه لذلك جلسَ حيث الموضع الذي أعدته له وأخذَ ينظرُ إلى المكان التي تعيشُ فيها عائلته الوحيدة المكونة من ابنته فقط .
وضعت أصناف الطعام أمامَ والدها فاستغربَ من ذلك ! فهي لم تتوقعَ أنه سيأتي مما جعله يسألها بابتسامة لطيفة .
ـ أرى بأنّ هنالك بعضَ الأصناف المتنوعة .
جلست على الأرض بقربه وقالت بخجل ووجنتيها قد توردتا ..
ـ في الحقيقة , لقد انتقل شخص إلى الشقة المجاورة لنا , لذا قررتُ أن أعطيه بعضَ طعام العشاء كترحيبِ له .
ابتسمَ شيمون ضاحكاً , فمن ردة فعلها وتورد وجنتيها فمن انتقل هو شاب .. رأها تحاولُ حملَ بعضِ الطعام له .. فقالَ له .
ـ ما رأيك لو تدعينه إلى هنا ليتناولَ العشاء معنا .. ! بهذا سيتعرفُ عليه والدك أكثر .
لم تكن تخالف أيّ أمر أو أي قول يطلبه منها .. وقفت على قدميها سريعاً .. وانطلقت بساقيها النحيفة نحو الخارج ..
طرقت الباب لكن هذه المرة كان بقوة أكثر من السابق .. نهضَ إيفان وفتحَ الباب .. ليصلَ صوتها إلى مسامعه .
ـ لقد جاء أبي , وهو يدعوك لتناول العشاء معانا .
هذا ما قالته جولي .. لإيفان وعلى وجهها الفرحة والسعادة .. لم يكن فرحاً بدعوته فقد جائته إليه أول مرة ..
لكنها الآن هي ممتلئة سروراً والإبتسامة ملازمة لوجهها .. تردد عندَ علمَ بدعوة أبيها إلا أنّه كانَ يتحتم عليه الذهاب ..
تبعها بكلِ هدوء ودخلَ ورائها ..كانَ مرتبكاً قليلاً وما إن لمحَ الجالس والذي كانَ يدعى والدها حتى طأطأ رأسه باحترام دونَ أن يرى وجهه .
ـ آسف على التطفل , وشكراً لدعوتك .
لم يكن ذلك الصوت بالغريب على شيمون بل قد سمعه , التفت ليرى من هو الشاب .. فتفاجأ عندما رأى أنّه صديق رولند ! كذلك الحال مع إيفان الذي رفعَ رأسه ووجدَ كبير خدمِ قصر ماليان , وبجانبه جلست جولي سريعاً فلم تكن جولي تلكَ الفتاة سوى ابنته وهوَ والدها !! .

ـــــــ

وصل رولند إلى حيثُ ميدوري .. وطرقَ الباب بخفة مخافة أن يكونو نائمين ... لكن ميدوري التي كانت مستيقظة جعلها تستفسر عن القادم .
ـ من !؟ .
بصوته الهادئ الذي له لمسة مميزة في قلبِ ميدوري.
ـ إنه أنا رولند .
فتحت الباب سريعاً ما ان سمت صوته وكأنمّا أمنيتها لهذا اليوم قد تحققت لها .
ـ مرحباً بعودتك .
قالتها بكلِ حب .. وهي تراه أمامها .. أما هوَ فقد شعرَ بالدفء بمجردِ سماعه صوتها لذا قالَ سريعاً بتردد ..
ـ آسف على إزعاجك في هذا الوقت المتأخر .
أومأت برأسها نافية .
ـ كلا , إنّه منزلك أيضاً وليسَ لي فقط .
لم يكن لرولند أيّ طاقة فهوَ مرهق من التفكير ..لذلك قال لها بصوتِ متعب .
ـ أيمكنني البقاء هنا لعدةِ أيام ؟! .
شعرت بالسعادة لذلك , فهذا ما تتمناه حقاً .. هي تريدُ أن تطمئن عليه دائماً .. كما أنّه يمكنها أن تسهر لراحته .. كما كانَ يفعلُ لها ذلك في الماضي ..


نظرَ إلى لين ولير النائمين بكلِ براءة , فقد كانت ملامحهما الحزينة التي ناما عليها لا تزالُ واضحة عليهما ..
سارعت ميدوري نحوَ سريرها وبدات بترتيبه ... وسارعت قائلة .
ـ يمكنك النوم هنا , وأنا سأنامُ على الأريكة في الخارج .
أومأ رولند رأسه نافياً وعليه ابتسامة دافئة .. دنى إلى حيثُ التوأمين .. وهمس لها لكيّ لا يوقظهم صوته .
ـ سأنامُ معهما .. .
تلمست ميدوري جملة رولند المتعبة .. وكذلك شوقه للتوأمين .. لم تعترض على ذلك فيكفيها وجوده ..


بذلك أغمضَ رولند عينيه وهو ينتصفُ لين ولير النائمين , اللذين ما إن شعرت أجسادهم النائمة بقربِ أحدهم .. حتى تحركت أيدهما سوية نحوَ رولند ...
ابتسمت ميدوري لذلك , وحملت مفرشها الوردي الذي تتدفأ به .. ووضعته على رولند الذي غطى في النوم سريعاً ..
أرادت سؤاله عمّا حصل ! , ولماذا هوَ سيبقى هنا لعدةِ أيام ! .. لكنها اكتفت بأنّه الآن أمامَ عينيها وليسَ بعيداً عنها .
خرجت من الغرفة لتدعهم ينعمون بنومِ هادئ ومريح , فستعرفُ ذلك قريباً .. لذا لا داعي للعجلة بالنسبة لها .
نهاية الفصل الثاني عشر ..

~

أتمنى أن تكونَ هذيّ الجزئين طويلة رغم أنها ما تكفي بسببِ طول الغياب ..

~
ـ رأيكم بالجزئين !.
ـ غضب ميلان لم يكن سوى الغيرة التي يشعرُ بها في قلبه من صداقة ايفان ورولند هل يحقُ له ذلك ! وما رأيكم بذلك !
ـ ماذا سيحدثُ لرولند في وظيفته الجديدة ! هل ستمرُ على خير ؟

ـ وهل سيقضي رولند بعضَ الأيام الهادئة بعيداً عن ميلان! .
ـ جولي ووالدها شيمون ! هل كان ذلك متوقعاً !؟ .
ـ إيفان وجولي هل سيكونان مناسبينِ لبعضهما !؟ .
ـ صداقة اليسا و ميدوري هل ستكونُ على ما يرام ؟ .
ـ وماذا ستكون ردة فعلِ التوأمين عندما يستيقظانِ ويجدانِ رولند بقربهما؟

ـ هناك ذكرى من الماضي قادمة .. مالذكريات التي تريدوها أو تتوقعوها في الجزء القادم ؟!



رد مع اقتباس