عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 03-05-2015, 08:56 AM
 
Smile الفصل الثاني من رواية أنت منزلي

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://vb.arabseyes.com/backgrounds/11.gif');background-color:green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]الفصل الثاني


نظرت إلى انعكاس صورتها في المرآة هذه الفتاة لا يمكن أن تكون ليلى بل هذه واحدة أخرى ، الفتاة التي في المرآة وحيدة ضائعة منكسرة وغارقة في بحر آلامها و تعاستها . قبل ساعة واحدة فقط تركها والدها و رحل تركها تصرخ و تناديه : " أبي لا تذهب أرجوك سامحني أبي عُد أبيييييييييييييي سامحني ". إلا أنه ذهب دون أن يلقي عليها نظرة واحدة فقط لتقع على الأرض المغطاة بطبقة كثيفة من الثلج فتسرع والدتها لميس بضمها الى صدرها و هي تقول : " حبيبتي إهدأي هيا انهضي عزيزتي هيا يا عمري ، إسراء تعالي ساعدي أختك يا ابنتي ". نهضت ليلى و هي تلهث أنفاسها بقوة ركضت بسرعة الى غرفتها أغلقت الباب و استندت عليه و هي تبكي بألم و حرقة . عادت بذاكرتها الى ذلك اليوم عندما قررت العودة الى منزل العائلة بعد طلاقها من حسام في ذلك اليوم عاد والدها متأخرا من عمله و تفاجئ عندما رآها واقفة أمامه و أول شيء قاله هو : " ما الذي تفعله هذه الفتاة بمنزلي ". لتقوم لميس بسحبه الى غرفة المكتب و تخبره بما حدث مع ابنتهما . كانت ليلى متوترة و مرتبكة من ردة فعل والدها و بعد ربع ساعة خرج الاب من غرفة المكتب و هو يقول بهدوء : " أخبروها بأنها تستطيع البقاء هنا و لكن لتعلم جيد بأن علاقتنا لن تعود كما كانت ابدا ". كان الامر مؤلما جدا و لكنها تقبلته فهي لم تكن تتوقع أن يرحب والدها بعودتها و يقبلها و مع ذلك ظنت أنه و بمرور الأيام سيامحها و سينسى ما فعلته و لكن الأمر لم يكن كذلك .
تمعنت ليلى وجهها الشاحب في المرآة و عيناها المتورمتان بفعل البكاء الشديد ، قالت بصوت مسموع : " ما الذي فعلته بنفسك أيتها الحمقاء ؟ أنتِ تستحقين كل ما حدث معك يا ليلى كل شيء ". مسحت دموعها و جلست على طرف سريرها بعد أن أخرجت مقص صغير من الدرج الذي بجانب السرير قربت المقص من معصمها أغمضت عينيها بقوة ثم جرحت نفسها قطعت أوردتها محاولة الانتحار أرادت التخلص من الحية من التعاسة من الألم أرادت الذهاب الى عالم آخر غالم لا يوجد فيه سوى الحب السعادة و الأمان . ذهبت لميس الى غرفة ابنتها للاطمئنان عليها طرقت الباب و بعد ثانيتين فتحته بهدوء لتصدم برؤية ليلى مرمية الارض غارقة بدمائها و كأنها تعوم في بحر من الدماء . دخلت الى الغرفة بسرعة و سجدت على الأرض بجانب ليلى و هي تصرخ بهلع و خوف : " ياإلهي ... ليلى ما الذي فعلته بنفسك يا ابنتي ليلى أجبيني افتحي عينيك ليلى ، إسراء إسراء تعالي الى هنا إسراااااء ". سمعت إسراء صراخ والدتها فأسرعت بالذهاب الى الطابق الثاني حيث غرف النوم ، وصلت الى الغرفة و هالها ما رأته هناك فجلست بجانب والدتها و قالت بصوت عالي : " أمي ما الذي يحدث هنا ؟ ". قالت الام بصوت مرتجف : " لقد حاولت الانتحار يا إلهي لقد حاولت الانتحار ، إسراء اتصلي بالإسعاف و بوالدك فورا هيا إسراء تحركي بسرعة هيا " . اتصلت إسراء بالإسعاف ثم بوالدها الذي جاء في اللحظة التي كانوا فيها يخرجون ليلى من البيت و يضعوها في سيارة الإسعاف. وقف مصدوما لا يصدق ما حاولت ابنته أن تفعله لقد حاولت الانتحار بسببه هو ابنته و حبيبة قلبه أرادت الموت . لو لم يتركها و يذهب في الصباح لو حاول مسامحتها لما حاولت هي أن تقتل نفسه . لحقت العائلة بسيارة الإسعاف و بعد خمس دقائق وصلوا الى المشفى و أخذوا ينتظرون خروج الطبيب من غرفة ليلى . السيدة لميس و إسراء كانتا قلقتين جدا و لم تتوقفا عن الدعاء لله تعالى أن ينقذ ليلى و كادت لميس أن تنهار من خوفها و قلقها على ابنتها ، أما بالنسبة للأب السيد فاروق فقد كان صامتا و هادئا طوال الوقت و لم ينطق و لا كلمة واحدة و كأن تلك الفتاة التي كانت في منزله و حاولت الانتحار بقطع أوردتها ليست ابنته و لا يهمه أمرها. بعد عدة دقائق خرج الطبيب من الغرفة فأسرع الجميع إليه و كانت لميس أول من تكلم قائلة : " حضرة الطبيب أخبرني أرجوك كيف حال ابنتي الآن ؟ هي بخير صحيح ؟ ". أجابها الطبيب بصوت هادئ : " سيدتي نحن نحاول أن نبذل قصارى جهدنا لإنقاذها و لكنكم قد تأخرتم في إحضارها الى هنا لذلك الآنسة ليلى قد خسرت الكثير من دمائها و الآن هي بحاجة لعملية نقل دم في أسرع وقت ممكن و لكن فصيلة دمها هي -o و هذه الفصيلة للأسف نادرة نوعا ما ". الشخص الذي تحدث هذه المرة كان فاروق الذي أسرع يقول بلهفة : " يا حضرة الطبيب فصلية دمي هي -o و استطيع التبرع لها ". أومأ الطبيب برأسه و قال : " حسنا هذا رائع و لكن أولا يجب أن نفحصك لذلك انتظر قليلا سأخبر الممرضة و هي ستأتي فورا ".
فتحت ليلى عيناها ببطء شديد و أدارتهما لترى معالم الغرفة التي ترقدُ بها فوقع بصرها على لميس التي أسرعت إليها و مسكت يدها و هي تقول بصوت حنون و هادئ : " حبيبتي و أخيرا استيقظتِ بماذا تشعرين الآن ؟ ". نظرت ليلى الى والدتها و قالت بصوت خافت : " أين أنا ؟ و ما الذي حدث لي ؟ آآآه رأسي يؤلمني ". قالت لميس : " أنتِ الآن بالمستشفى و لكنكِ بخير و الحمد لله يا عمري لا تخافي لابد أن رأسك يؤلمك بسبب المخدر لا تتحركي حبيبتي سأستدعي الممرضة فورا ". تدفقت الذكريات بسرعة كبيرة لعقل ليلى فشدت على يد والدتها تستمد منها الدعم و الحب . قالت بنرة خافتة و مترتجفة : " لا داعي أنا بخير لا تذهبي ماما لا تتركيني بمفردي أنا بحاجة إليك الآن فلا أحد يفهمني و يحبني مثلكِ أنتِ ". ابتسمت لميس و قبلت يد ابنتها الغالية بحب كبير ثم بدأت تلعب بخصلات شعر ليلى الأسود الطويل و هي تقول : " ليلى أتعرفين كم خفنا عليك يا ابنتي؟ لماذا فعلت هذا لماذا ؟ حياتك لا تعنيكِ أنتِ فقط يا ليلى لماذا لا تفكرين بنا ؟ ماذا كنتُ سأفعل إن حدث لك شيء ما ثم يا ابنتي ألا تعرفين أن الانتحار حرام وأنه مهما كانت الأسباب ما كان يجب عليك أن تستسلمي لضعفك و تفكري بقتل نفسك " . دمعت عينا ليلى و قالت بألم و صوت مقهور : " أنا أسفة أمي لقد كنتُ محبطة و ضائعة جدا حقا لا أعرف كيف خطرت تلك الفكرة اللعينة على بالي أرجوك سامحني على كل ما حدث بسببي سامحيني على ما جعلتكم تعيشونه من ألم و خوف أنا أحبك كثيرا يا أمي و اعتذر منك بشدة أرجوك سامحيني ".
كان فاروق جالسا أمام غرفة ليلى في المشفى يحاول أن يمنع دموعه من السقوط يحاول أن لا يستسلم لعاطفته التي تجعله يرغب أن يحضن حبيبة قلبه ليلى و يقبلها بقوة. السيد فاروق المهدي كان دوما رجلا قويا صارما عنيدا و الجميع يهابُهُ بسبب قوة شخصيتِهِ و طبعِهِ الناري إلا إذا تعلق الموضوع بحبيبةِ قلبهِ ليلى فإنه يتحوّل الى إنسان آخر إنسان رقيق حساس و لكن ما فعلته ليلى كان تقبله أمرا صعبا جدا عليه. ليلى خذلته طعنته في صميم قلبه و خانت ثقته العمياء بها و هو لم يسامحها على تخليها عنهم و زواجها من حسام بالسر و بالرغم من ذلك فهو ما زال يتألم من أجلها فليلى ابنته و ستبقى ابنته الى الأبد. صوت إسراء قطع على الأب حبل أفكاره فمسح دموعه بسرعة إلا أن إسراء قد لاحظت ذلك و استغربت كثيرا فهذه المرة الأولى التي ترى فيها والدها يبكي لقد تعودت أن ترى فاروق الرجل الرزين الواثق من نفسه و ليس الضعيف و الذي ليس بيده أي حيلة. جلست الى جانبه بهدوء و قالت مبتسمة بود و محبة : " أبي تفضل لقد أحضرت لك عصير البرتقال اللذيذ ". نظر فاروق الى وجه إسراء و قال مبتسما بإمتنان : " شكرا يا ابنتي و لكني لا اريد ". قطبت إسراء حاجبيها و قالت ممازحة بصوت طفولي ناعم : " ماذا تعني بلا أريد يا سيد فاروق هيا امسك يجب أن تشرب العصير لا تنسى لقد تبرعت بدمك اليوم و أنا لا أريدك أن تتعب ". أخذ الاب العصير من يد إسراء و هو يضحك على ابنته البريئة التي تتصرف كالأطفال. إسراء تلك الفتاة الرائعة الشابة الناضجة البالغة من العمر 21 عاما روحها البرئية كروح طفلٍ صغير هذه الفتاة دائما تذكره بالمرحمة والدته . بعد عدة دقائق فُتِحَ باب غرفة ليلى و أطلت منه السيدة لميس التي تحدثت موجهة كلامها لإسراء : " إسراء اذهبي و نادي الممرضة لقد اشتيقظت ليلى ". قام الطبيب بفحص ليلى و أخبر عائلتها أنها بخير و يستطيعون إخراجها غدا صباحا ثم بعد ذلك دخلت إسراء للإطمئنان على شقيقتها الكبرى و جلست معها اما بالنسبة للميس و فاروق فقد جلسا أمام غرفة ليلى و لم يتحدثا مع بعضهما ابدا حتى قرر فاروق أن يكسر حاجز الصمت : " كيف حالتها يا لميس ؟ هل هي بخير؟ ". أجابته لميس بهدوء قائلة : " لماذا لا تدخل و تراها بنفسك يا فاروق أنها بحاجة إليك الآن أكثر من أي وقت مضى ". عندما تنهد فاروق و لم يجبها أكملت حديثها بنبرة قلقة : " أنتَ تتألم يا فاروق أعرف هذا و لكن ماذا عنها هي ، أنا حقا خائفة عليها لقد أرادت الانتحار لقد أرادت أن تقتل نفسها ماذا إن حدث لها شيء ما ماذا كنا سنفعل يا إلهي كلما خطرت هذه الفكرة على بالي اشعر بأنني سأموت معك حق ليلى أخطأت كثيرا و ما فعلته كان مؤلما جدا بالنسبة إلي كما كان صعبا عليك أنتَ و لكنها قد نالت عقابها و ما حدث معها كافيا ليعلمها درسا لن تنساه ابدا ، أرجوك فاروق لا تقسو عليها أكثر من ذلك إنها ابنتك و ستبقى ابنتك الى الابد عزيزي هل تذكر ماذا قلت لي عندما ولدت ليلى قلت أن هذه الفتاة هي أجمل هدية قد قدمتها لك قلت أنك ستحبها و تحميها الى الابد هل تذكر يا حبيبي كيف كنت تغضب مني عندما أصرخ عليها أو أقوم بمعاقبتها و أنا كنت أغار منك لأنك كنت قريبا منها أكثر مني فاروف هيا ادخل إليها و أخبرها بأنك سامحتها أرجوك انسى الماضي و ابدأ صفحة جديدة ".
عاد فاروق بذاكرته الى الوراء قبل 26 عاما في ذلك اليوم الذي صادف السادس عشر من آذار يوم عيد ميلاد ليلى كان أصعب يوم يمر به فاروق في كل حياته خوفه على زوجته و ابنته سيطر عليه و جعله على حافة الانهيار . كان هناك الكثير من المشاكل بين لميس و فاروق في تلك الفترة و كادا أن ينفصلا لولا معرفة لميس بحملها كان ذلك الخبر بلسم لكل الجراح و دواء لنزيف القلوب حيث أن فاروق و لميس تصالحا بسرعة و أنهيا كل خلافاتهما. فترة الحمل كانت معقدة و متعبة جدا حيث أن الطبيبة قالت بأن حالة لميس صعبة و لديها الخيار إما أن تكمل الحمل و قد تدفع حياتها ثمنا مقابل هذا الخيار أو تجهض جنينها و إلا فتسوء حالتها أكثر و لكن لميس لم تستمع الى كلام الطبيبة و قررت أن تنجب الطفل في الوقت الذي كان فاروق خائفا و قلقا على زوجته و حاول إقناعها بإجهاض الطفل من أجل صحتها و سلامتها و لكنها رفضت هذا الخيار و قررت أن تكمل حملها حتى النهاية و تلد الطفل حتى و لو خسرت حياتها لا يهم المهم أن تعيش روح ابنها البريء فقد أحبته من كل قلبها و أرادته بكل جوارحها هذه هي غريزة الأمومة. في الشهر الأخير من الحمل نُقِلت لميس الى المشفى بسبب اقتراب ولادتها و لتبقى تحت العناية و بعد ليلة طويلة و شاقة و عند فجر ذلك اليوم الذي صادف السادس عشر من آذار وُلِدت فتاة بيضاء كالثلج جميلة بعيون زرقاء ساحرة كالسماء الصافية أسماها والدها على الفور ليلى و معناه ظلمة الليل متمنيا أن تكون حياتها مشرقة كالشمس . كان أروع إحساس يشعر به فاروق بكل حياته عندما حَمِل ابنته الصغيرة لأول مرة بين ذراعيه نظر الى وجهها الملائكي البريء دمعت عيناهُ فقال موجها كلامه للميس : " حبيبتي لميس ما زلت لا أصدق بأنني قد أصبحت أب أتعرفين هذه أروع هدية قد قدمتها لي أنا اشكرك من كل قلبي لا أعرف كيف أصف إحساسي في هذه اللحظة و ماذا أريد أكثر من ذلك أنتِ بخير و ابنتنا الصغيرة بخير الحمد و الشكر لله تعالى ، لقد كنت خائفا عليكما و لكني سعيدٌ الآن و سعادتي لا توصف ابدا أحبك كثيرا لميس و أنت يا صغيرتي أعدك يا ليلى أن أحميك أرعاك و أحبك مهما حدث حتى آخر يوم في حياتي ".


يتبع انتظروا تكملة الفصل الثاني قريبا انشاء الله
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة زهرة نزيف القلب ; 03-06-2015 الساعة 08:09 AM