عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 04-01-2015, 10:03 AM
 
تكملة الفصل الثاني من رواية أنت منزلي

ليلى كانت دائما الإبنة المثالية لفاروق و لميس ، شابة جميلة خلابة واثقة من نفسها خلوقة رزينة مسالمة عاقلة هادئة و في نفس الوقت مرحة ضحوكة رقيقة و ناعمة كالوردة تتصرف بعفوية و صدق أما قلبها فقد كان طيبا نقيا كالثلج الابيض الناصع و مع ذلك كله فهي قد فقدت كل تعقلها بعد أن تعرفت على حسام الذي استطاع و بكل سهولة أن يجذبها إليه و يجعلها تتعلق به و تحبه بجنون . نظر فاروق الى الباب المغلق أمامه و هو يفكر ترى كيف حالة ابنته الآن؟ ليته يستطع الدخول إليها و الإطمئنان على صحتها فهو لن يرتاح ابدا حتى لو قال الطبيب بأن ليلى قد تحنست هو لن يرتاح إلا إذا رآها بعينيه الإثنتين .
قالت لميس بحنان و حب و هي تضع يدها على يد زوجها : " فاروق هيا ادخل إليها أشعرها بوجودك الى جانبها و بحبك الكبير لها أرجوك عزيزي لا تجعل غضبك و كبريائك يسيطر عليك و يبعدك عن ابنتك ليلى ".
تنهد فاروق و بعد صمت طال لمدة دقيقة واحدة نهض فاروق بتمهل و قال ببرود : " لميس أنا لا اشعر أني بخير سأذهب للمنزل لكي ارتاح قليلا " . نظرت لميس الى وجه فاروق الشاحب فقالت بقلق : " عزيزي هل أنت بخير ؟ هل تريدني أن استدعي الممرضة لتفحصك؟ ". هز فاروق رأسه بمعنى لا فقالت لميس : " لن ادعك تذهب و أنت بهذه الحالة أنا من سيسوق السيارة لأوصلك الى البيت حتى اطمئن عليك بعدها سأعود الى هنا ... انتظر لأخبر الفتاتين " .
لم يعترض فاروق كثيرا و ترك لميس توصله الى البيت فهو لم يكن يري أي شيء سوى الخروج من ذلك المستشفى فهو في هه اللحظة بحاجة أن يبقى بمفرده و يفكر ...
في تلك الغرفة الدافئة حيث كانت إسراء جالسة على الكرسي المجاور لسرير ليلى و هي ممسكة بيد شقيقتها مبتسمة بحنان و عطف تضغط عليها بقوة لتعطي ليلى الأمان و الدعم الذي انتظرته طويلا ، صوتها كان أجشا و هادئا عندما قالت :
" حبيبتي كيف حالك؟ هل تشعرين بأنك أحسن؟ ليلى هل أخبرتك ماما أن أبي قد تبرع بدمه من أجلك " .
أجابتها ليلى بصوت خافت و تبرة غامضة : " اجل أخبرتني و لكن ... " .
تمعنت إسراء ملامح شقيقتها الوحيدة فقالت برقة : " و لكن ماذا ؟ لولو افصحي لي عما تشعرين فنحن بمفردنا الآن و أنا مستعدة لكي اسمعكِ يا أختي " .
ابتسمت ليلى و لكن ابتسامتها لم تكن تدّل على الفرحة و البجهة لم تكن تلك الابتسامة الرقيقة التاعمة التي تسحر قلوب الناس بل كانت ابتسامة حزينة كئيبة ساخرة : " أين هو الآن إسراء ؟ لقد ذهب دون حتى أن يراني آآآه يا إسراء لو تعلمين كم أنا مشتاقة إليه في هذه اللحظة! كم أنا نادمة لأني قد صدقت ذلك المخادع الذي كان زوجي في يومٍ من الايام! و لكن أكثر شيء يؤلمني حقا هو ابتعاد والدي عني ".
لا تستطيع إسراء أن تحدد موقفها أو رأيها من الذي يحدث الآن ففي بعض الأحيان تشعر بأنها غاضبة جدا من ليلى بل تشعر بانها تكرهها بسبب ما فعلته و احيانا اخرى لا تستطيع الإحساس سوى بالشفقة و العطف تجاه شقيقتها الوحيدة.
أرادت إسراء أن تقول : "أنت من ابتعد عنه أولا ".
إلا أنها لم تستطيع فجانبها المتعاطف مع ليلى قد أجبرها على كبت هذه الجملة ، تنهدت و قالت : " ليلى فقط أعطيه بعض الوقت أنت تعرفين بأن طباع أبي صعبة و لا أحد يفهمه جيدا سوى أمنا أظنه بحاجة الى القليل من الوقت ، صدقيني لابد ان يسامحك فهو لن يبقى مبتعداً عنك الى الأبد هذا مستحيل ".
أغمضت ليلى عيناها بقوة و قالت و هي تضغط على أسنانها : " لقد سئمت الانتظار " .
إسراء : " أعرف ان الأمر صعب حبيبتي أنا اشعر بك اعرف جيدا ما تعانينه صدقيني أنا أشعر بك يا ليلى و افهمك ... و لكن ...".
قاطعتها ليلى بإندفاع و دموعها تتساقط على خديها بقوة كالشلال : " توقفي إسراء توقفي ، أرجوك لا تعاملينني كأنني قطعة زجاج قابلة للكسر في أي لحظة ثم إنك لا تشعرين بي ابدا في الحقيقة لا أحد يشعر بي لا أنتِ و لا أبي و لا حتى أمي لا أحد ، اتعرفين لماذا ؟ لأنكم لم تعيشوا ما عشته أنا ، أنت لا تشعرين بما أعانيه لأنك لست أنت من أحببت و وثقت بالشخص الخظأ ، لست أنت من تزوج برجل مخادع ، لست انت من خسر ابنه بل أنا ، لقد مات ابني قبل حتى أن يرى نور الشمس ، لقد وعدته أن أحميه أحبه و أرعاه و لكنني نقضت بوعدي لم استطع حمايته ، إسراء اعرف أنك غاضبة مني و في نفس الوقت تشفقين عليّ أعرف هذا و لكنني لا اريد شفقة أحد فلا داعي أن تحاولي مراعاة مشاعري و الآن أرجوك لا تقولي شيئا أرجوك ارغب بالبقاء بمفردي ".
سحبت ليلى يدها من يد إسراء و هي تحاول أن تمسح دموعها في الوقت الذي كانت فيه إسراء تفكر بمدى ألم و تعاسة شقيقتها الوحيدة ، هي و ليلى كانتا صديقتين مقربيتين من بعضهما البعض و لكن ليلى تغيرت الآن أصبحت باردة كئيبة و متباعدة نوعا ما وهي تعرف أن ما عاشته أختها لم يكن سهلا ابدا ، الله وحده من يعلم ما عانته ليلى و ما فعله ذلك الحقير حسام بها. بعد دقيقتين من الصمت القاتل نهضت إسراء و قالت بصوت هاديء : " أنا اشعر بالعطش سأذهب الى كافتيريا المشفى ثم سأعود لن اتأخر ". أومأت ليلى بتفهم فخرجت إسراء من الغرفة بعد أن أغلقت الباب بهدوء .
نظرت ليلى الى الباب المغلق ثم فجأة تذكرت حسام تذكرت أيام زواجهما الأولى
كم كان حنونا رائعا كم كان وسيما يغمرها بحبه و عطفه و هي كم كانت تحبه بجنون و تحاول دائما أن ترضيه و تسعده و لكن فجأة تحوّل الحلم الجميل الى كابوس فتحت عيناها على الواقع المرير لتجد أن كل شيء تغير و قلبها البريء قد تحطم فجأة تحولت حياتها الى أرض جرداء لأن الشخص الذي أحبته و وثقت به لم يعد يسقيها من حبه و اهتمامه بل بدأ يسقيها الألم و التعاسة الحزن و القهر حتى ذبلت و ماتت ببطء لقد حاولت أن تسامحه لقد أرادت أن تعطيه فرصة ثانية أرادت أن تصدقه فقط من أجل ابنها و لكن ضاع الحب في زمن الضياع أما الكذب فقد صار إبداع لدرجة أن الجميع قد أتقنه ... أناس يحبون بصدق و أخرون بخداع ... و كم هو صعب أن تحب إنسانا يرتدي قناع قد تظنه وجها حقيقيا .
الدموع هي كلمات من القلب عجز اللسان عن النطق بها و عجز القلب عن تحملها الآن لم يبقى لليلى سوى هذه القطرات التي أصبحت أعز صديقاتها منذ ... منذ أول لحظة قابلت بها حسام آه من الذكريات لماذا لا ترحمها لماذا الذكريات تتدفق الى عقلهاعليها الآن أن تتذكر خيانة حسام لها ، قسوته ، معاملته السيئة ، كذبه و كلامه المعسول المخادع ، ضربه المبرح لها و هي ما تزال حاملا بإبنه ... ابنها ... توقفت ليلى عند هذا الحد و هي تتذكر كيف خسرت ابنها بسبب حسام الذي الآن تكرهه من أعماق قلبها و تتمنى لو تستطيع أن تمحي آثار قبلاته و لمساته الدافئة التي كانت تثيرها و تجعلها تشعر بأنوثتها ، تتمنى لو تستطيع أن تحذف اسمه من قاموس ذكرياتها أن تنسى وجوده و تكمل حياتها من المكان الذي ....
صوت صرير الباب قد قطع شرود ليلى التي مسحت دموعها فور شعورها بوجود شخص ثاني معها في الغرفة و قد ظنت بأن إسراء قد عادت إلا ان الصوت الذي قال بهدوء : " كيف حالك الآن يا ليلى ؟" كان مختلفا تماما عن صوت إسراء . حركت ليلى رأسها باتجاه الصوت ليقع بصرها على المرأة الشقراء الواقفة أمامها و التي لم تكن سوى السيدة تولين زوجة حسام الأولى و لكن ما الذي تفعله هذه السيدة هنا ؟ ليلى في الوقت الحالي ليست مستعدة ابدا للتحدث مع أي شخص يذكرها بحسام و هي لا تريد أن تراها تولين بهذه الحالة
__________________
أتمنى من أعماق قلبي أن تنيروا روايتي بدخولكم وأتمنى أيضا أن تنال إعجابكم {قصة عشق 1(رواية أنت منزلي)}
http://vb.arabseyes.com/t476100.html