عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-15-2015, 06:40 PM
 




الفصل الأول


نحو السماء المتلبدة رفعت رأسها, ضاقت عينها وجسدها لا يتوقف عن الارتعاش , لما يتوجب عليها رأيت تلكم المشاهد المحرقة لفؤادها كل ليلة , هي لم تحظى بنوم مريح منذ زمن بل لم يتسنى لها إغماض جفنها فعلى السهر اعتادت خائف مما قد تبصره في بعد ذكرياتها المظلم حيث لا وجود إلا لها وللجثث المحترقة وسط ديجور عكس جوا متناقض بالزمهرير المكتسح قلبها مع حرارة الجثث المشتعلة بلهيب النيران , تجمعت الدموع بأحداقها وهي تأب الإذعان لآهاتها , فهل حقا يحق لها البكاء على حالها وهي التي أودت بهم إلى التهلكة رغم عدم فقهها لجرمها , أطبقت جفونها بسرعة محاولة بيأس إيقاف دموعها , وهل سينفع هذا ؟! نحوه الأرض وجهت نظرها وخصلات شعرها القاتم أخفة معالمه الفاتنة رغم الغبار الذي يعلوه, لتعاود بعد لحظات النظر ناحية السماء المسودة بالكامل أثر الغيوم المحملة بالأمطار, حركت الريح عاصف بقسوة خصلات شعرها الطويل الداكن وأطراف ثوبها الأبيض البالي قدماها عاريتان لا شيء يحميهما من تضاريس الطريق وهي مترعة بالغبار من أطراف قدمها حتى نهاية شعرها , ألتفت بكامل جسدها للجهة الأخرى وقد سلب ذهنها عن الوعي, ضائعة بين طيات ماضيها و لا تعلم من أين لها الخروج منه حتى تبدأ برسم مستقبلها المجهول, فهل الماضي سيبقى مقرونا به , بقيت تسير و الوجهة لا تزال مجهولة , تتساءل كيف أودى بها الحال لقرية فقيرة في كل يوم يموت بها أكثر من شخص لقلة الطعام , وهي من كانت تعيش في طبقة أرستقراطية , بدأ المطر يتساقط بغزارة و البرق يمض كل عدة دقائق ويضرب دوي الرعد بعده , ومن الناس من هجع إلى بيته و الآخر يتوجه راكضا يبحث عن مكان يحميه من هيجاء العاصفة , حتى بقى صوت الرعد المهيب يصدع في الأرجاء وهي تتابع سيرها ملابسها التصقت بجسدها النحيل و قدمها أترعت بالطين وشعرها تبلل بالكامل ,أحدى يدها ممدودة إلى الأسفل و الأخرى متمسكة بها ,وهي تنظر للأرض الموحلة, دخلت أحدى الغابات دون وعي لتخطو على أحد الأغصان اليابس فتكسره استيقظت من شرودها مندهشة نظرت إلى الغصن تحت قدمها , لتعاود رفع رأسها وتبدأ بالتلفت محاولتة التعرف على موقعها , وأين لها معرفته و المكان معتم بالكامل أثر ما سببته الغيوم الحالكة , ضرب البرق فجأة فيصعد صوت الرعد المهيب , غطت أذنها بيدها وأغمضت عينها بشدة وهي ترتجف,شعرت للحظة بشيء يلامس قدمها اتسعت عينها رعبا و وجسدها يرتجف بجنون , عاودت إغلاق عينها وهي تطبق على أُذنها أكثر ثم بدأت بالركض فلا رغبت لها بأبصار ذالك شيء, و كان من بعيد شخص يتهافت لشدة التعب , قد أبصرها توا فقد كانت ضالته المنشودة , بدأ ينادي باسمها صارخا وهي لا تسمع له صوت فقد سلبت لهواجس عقلها.

_

تسير بتبختر وغرور رافعة أنفها للأعلى صوت خطوات حذائها تصدع بإيقاع في أرجاء القصر و شعرها الذهبي يتراقص وفقه , عيناها الزرقاء رصعت بالذهب , و ملامحها الآسرة للناظرين قلبت إلى سوداء مكفهرة وهي كادت تتعثر بفستانها الأبيض الطويل للمرة الألف, تكره وبشدة هذه الفساتين لكن من قد يقف بوجه والدتها أن قررت شيء , تبسمت برضا عندما أبصرت الباب البني المحروق ذو المقبض الذهبي , فقد وصلت أخيرا إلى وجهتها دون أن تسقط هذا يعد انجازا بالنسبة لها, لكن الفرحة لم تدم ففور وصولها مقربة الباب سقطت على أنفها متعثرة بالفستان , و ما جعل الأمر مأساوياُ على قلبها سماع تلك الضحكات الهسترية , فلقد كان صاحبها خارجا لتوه يبحث عن المغررة المتأخرة عن مواعيدها, ولقد فكر لوهلة بأنه أختار الوقت المناسب , لكن غير رأيه عند مشاهدتي عينها المتوعدة بقطع رأسه , حاولت النهوض بدفع جذعها الأعلى مستخدمة يدها وشعرها قد أصبح كله أمام وجهها لتبان فقط عيناها وأنفها المحمر من أثر السقطة , سعل هوة بطريقة متأنقة ليستدرك نفسه , بينما أمد يده لها محاولا أنجادها على الوقوف , نضرت إلى يده باشمئزاز مصطنع لم يلحظه , لتشيح وجهها بغرور فلا ترغب بالظهور كلتي تلهث عليه, أعادة شعرها إلى الخلف لتحاول النهوض , ولكنها تعثرت مرة أخرى وضربت رأسها بالباب , كادت تبكي دما وهي تتساءل لما يحدث معها هذا وأمامه هوة بالذات , حرك رئسه باستسلام من هذه العنيدة فلو قبلت بمساعدته ما تعثرت مرة أخرى , لكن لا فائدة ترجه ,تحرك ممسكا بكتفها ثم يساعدها على النهوض , أحمرت خجلا وهي تشعر بأنه أطال أمساكها , فأبعدت يده ضاربة بطنه بقبضتها ثم دخلت الغرفة أغلقت الباب بوجهه, وضع يده على بطنه متأوها من شدة الضربة , عليه أن يعيد التفكير أن كانت هذه حقا فتاة بالفعل, فما بالها تعامله هكذا دوما , ولج للغرفة بجمود تعبيره , وقد تكونت الغرفة من ثلاث جدران وضعت أمامها المكاتب المترعة بالكتب أم الرابع فكان من نصيب الباب, ويوجد مكتب بني يتوسط الغرفة, كانت هي تقف بجانبه تطرق فوقه بأصابعها النحيفة بملل رغم رغبتها بالبكاء لشدة إحراجها , ضاقت عيناه قائلا وهو ينظر لها بجمود

هيا لندخل

لم تكلف نفسها وتنظر له حتى رغم أنه كان لطيفا وساعدها هي تأتي وتضربه بتلك القسوة ثم تتجاهله أليست هذه الفتاة مستبدة, فكم تغضبه بتصرفاتها اللعينة, وقفا أمام أحدى المكاتب لتقوم بريان بجر كتاب ذو غلاف من الجلد أسود كتب على جانبه بلغة بدت غريب , فتحركت المكتبة كاشفة عن باب, أخرج رفيقها مفتاحا للباب من سترته الزرقاء ثم يقوم بفتحه , لضربتهما موجة هواء ثقيلة وحالكة, أمسك بيده شمعة موضوع بالجانب الأيمن له ثم وجه رأسه إليها مشيرا لها بأتباعه لتسير خلفه ببرود , توجها نحو الأسفل باستخدام السلالم الموضوعة ليصلا إلى باب فولاذي, ولجا للغرفة خلف ذلك الباب لتتسع أحداقهما مع أفواههم كان يوجد فجوة في أعلى الحائط الموضوع , والحجرة فارغ لا وجود لأي شيء نظرت للواقف بجانبها والحيرة والتوتر سيطر عليه , حاولت التكلم من دون أن تصرخ وهي تكاد تموت من الهلع فكيف بحق الجحيم خرج: آ-ألبرت كـ كـيف خرج بحق هذه الجدران معدة حتى لا يستطيع أمثاله من الوحوش عبورها؟؟!

نظر لها بحيرة فكلامها صحيح من المستحيل أن يخرج بمفرده يجب أن يساعده أحد وليس أي شخص كذالك , لكن من يا ترى قد يفيده أخذ ذالك الوحش , هز رأسه نافرا أفكاره هذا ليس بالوقت المناسب للتفكير بهذا يجب أن يجد ذالك المخلوق وبسرعة فالاعتناء به هو أمر قد كلفه كونستا لهما .


التعديل الأخير تم بواسطة صديقة أم خالد ,, ; 05-15-2015 الساعة 07:08 PM
رد مع اقتباس