عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 07-04-2015, 12:35 AM
 
الفصل الرابع : [صُراخٌ فَجّرَ الحنجرة ومامن سامعٍ قَد سَمعْ!]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_06_15143500863837462.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_06_15143500863837462.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



تتنازع الأرواح فيما بينها , تحت أنين الرياح المخيف , لِأمدٍ طويل قد أستمرت حتى بَلُغَتْ الكهالة , وتلك حُرُوبُ النفسِ لا تنتهي , شَدَختْ الوجوه وتسرمد الزمن مطاوعاً للضالة , مطيعاً لِلنَجاسة !
تحتَ أهوار المحبة الزائفة قد تموهَ كما تتموه الحرباء في الصحاري المقفرة . في تابوتٍ قد حُفِظَ جَسَدهُ , ألذي باع ما فيه لِبراثن اللا مرئيينَ .

الفصلِ الرابع : [صُراخٌ فجّرَ الحُنجرة! وما من سامعٍ قد سَمَعْ!]

أُغشيَّ عَلَيها تقريباً بينما هيَ في حَوملَة أفكارها فقد صارت كقتامة سواد غمامة الغيث الاسود . لمّا رأت أخيها بشكلٍ رَجيــم ! حاولت تماسُكَ نفسها ففي مداركِ الذاتِ هيَ تراه بهيئتهُ المقبلة اليها قبل قليل , بتلك الأبتسامة الصافية والتي لا تشوبها شائبة , لكن الواقع يَسرُد الأبتِلاء وغيرها من دون الأكتراث لمشاعر بَني الوَهَن الدائم .
ما زالا على مَقْرُبةٍ مِن المقبرة , والليلُ ما إنجلى بَعد وكأنه ليس له نيةٌ في التلاشي هو وظلامه المقيت . تراجعت خطواتٍ مُحافِظةٍ على المسافة بينهما , لم تكن ترى إلا الوميض الأحمر اللامع متمركزاً في عينيه . نَكَسَ رأسهُ أرضاً مُغِلقاً منارتا دُنياه , تحدث أخيراً لعله يعطي لخوفها شارة الأكتفاء لتتوقف عن إرتجافها
ــــ ناتاكي , ليسَ وقتَ الأسفِ لكن , اخاكِ الذي قضيتي عشر سنوات معه لم يعد له وجود , فهذا هو شكلي الأصل كما ترينه الأن , لا اعلم ان كنتِ تعرفين بأن كنتُ أخوكِ حقاً أم لا , لستُ على قرابةٍ منكِ وعائلتكِ بأكمَلِها , أشعر بأنك تتوهمين حلماً ولو كانَ حُلُماً لأيقظتُكِ لكن ..
ــــ لكن؟؟!!
شد على قبضته ندماً ’ فــ إستأنفَ
ــــ اعلم انه ليس لديَّ حقٌ في قول ذلك وانا لا اعلم شيئاً كي أُعلِمَك ...لكن , لن تعودي للمتزل لانه لم يعد هناكَ أحدٌ فيهِ , فقد .. قتلتُ والديكِ لأن مطلب من أخذكِ ودفنك قريبةً من قشرة الأرض كانَ هذا .
لوعة دبت قلبها فما سَمِعتْ بهذا الكلام قبلاً , كانت مكمن ومستودع افكاره , غدر غبائها بها , طوال السنين التي إنقَظتْ , لم تشعر بِألمه ولم تَستفسِر عَن سَبَب إنطوائيتهِ وقلة اكله وشربه , نومهُ نهاراً ونفور الناسِ عَنه .
أسترجعَ عَقلُها ماضيه , وتنمر العائلة عليه بينما كانت معاملتهما لها جيدة , تلك الدموع ألتي بدأت بالطوفان في عينيها ظنّها هو حسرةً لفقدان والديها , لم يدرك أنّها تبكي لأجله ! . تقدمت مُحَدِقَةً بشحوب وجهه ونتوء عينيه , رفعت يدها لتلمس أُذُنه اليمنى لكنه صدها بكفه, إبتَسَمَتْ لَهُ فزاد هذا التصرف من تفاجؤهِ !
لِمَ عليهِ أنْ يَرى تلكَ الأبتِسامة دوماً , هيَ تهزء به .. هذا ما خطر في باله . أرتدت معطفه الأسود الملامسة نهايتهُ لِرُكبَتيها ,وبعد ان اغلقت ازراره , أزاحت ذاك الشئ المشابه للكفن عن جسدها مِنَ الأسفل . راقب تحركاتها ونظّرتهُ لَم تَتَغيّر .. مزيجٌ مِنَ التفاجؤ , الندم .. وكذلك الخوف! خوفه من ردة فعلها القادمة والأهم أسوف تكرهه أم لا.
تقدمت نحوه تحاول ترتيب شعرها المتشعث الأطراف
ـــ إذن ألن تُخبرني بقصتك؟
ــــ لا , لا احب تذكر ما حدث , في وقتٍ لاحِق .
ردة فعلٍ سَريعة جداً , علمتْ إنّهُ خائف من سرد ماضيه فلم تشأ الضغط عليه كي يجيب سؤالها , دققت في ملامحه , بينما أشاحَ وجهه .. لا يريد النظر في عينيها !
رأت قسماته بدقة , بعد أن أُزيحتْ الغيوم عن باعِث الضوء الوحيد إلا وهو القمر !
لتُذهلَ بأُذُنان طويلتان مدببتا النهاية , معكوفتان قليلاً ليستا كأُّذني البشر, وجهٌ أبيضٌ يكسوه الشحوب , شَعرٌ أكثرُ بياضاً من وجهه وأشدُّ ما لَفِتَ إنتباهها هو الحلقات المحفورة حول عينيه الحمراوتين بلونٍ أسودٍ قانٍ
لمعت عيناها انبهاراً فبشغفٍ قالتْ
ــــ كم هذا المنظر جميل ! اريد سماع قصتك بِأقرب وقتٍ مُمكِن , يوتاكا الــ .. أقصد هان.
بدأتْ باللف حوله تضحكُ بينما هان لم يحرك ساكِناً , نَفَذَ صَبرُهُ فبأيِّ مما مضى مزحت كهذا المزاح من قبل ومعه تحديداً ! فهيَ تَخافهُ مُعظم االأوقات .
مدَّ ساعِدَهُ الأيمن ليجرها بعنفٍ , تفاجأتْ لرؤيتها تلك العقدة المخيفة بين حاجبيه . زمَّ على شَفَتيهِ لتتسع حدقتيها أكثر !
ـــ هـ هان ما بك؟
كشر أسنانهُ ليبدأ خِطابَ توبيخه المعتاد صارخاً
ــــ ما بي؟ انا ما بي!! ما بكِ انت وليسَ أنا! أتظنين انّي العب وأنا هنا؟ قطعتُ كل هذه المسافة لأنقذكِ وأنتِ تقابلين هذا بالضحك واللهو بينما القلق يقتلني, صحيح , فالحقُ عليَّ , كان لمن الأفظل لو أكلتك الذئاب عارية هه !
ترقرقتْ عينيها بدموعٍ كاذبةٌ مَشاعرها لتستدرج عطفه
ــــ تأكُلُني الكلاب , هذا قاسٍ جدا ..
ــــ قُلتُ ذِئاب لا كلاب , ايظا لا داعي لدموع التماسيح هذه لقد حفظتُها .
أدارتْ رأسها للجهة الأخرى هامسة بكتمان غيظٍ وعدم حيلة
ــــ ذاك ألـ هان سوف أقتله!
ــــ سَمِعتُكٍ !
ــــ لا عجب إنَّكَ سَمِعتَني بأُذنيك اللتيّن بطول ساقي !
حكَّ أُذُنيه سابقتيّ الذكر ليضع يديه بجيبيهِ سائراً وبلا أيّةِ مُبالاة , ساخراً قد قالَ
ــــ يعني انكِ مجرد قَزم كذاك المعلم , حسناً أنتما متشابهان بالبلاهة على أيّةِ حال .
تجاهلتْ كلماته الأخيرة فلن تخرج من شجارٍ كلاميٌّ معه إلا بِخاسِرةٍ , بكل بساطة لسانه
ـــــ بِطول ساقي !
مُحِقة في هذا التشبيه .

بقيّتْ طوال مسيرههما تصرخ وتسأل الى اين هو ذاهب ولِمَ عليها أن تتبعه , لم يجب على أيِّ تساؤل بل كاد لا بنتبه لها أصلاً .
غرق في التفكير فيها , وفي تصرفها أنفاً . ليس هناك شخصٌ يموت له أحدٌ ويكتفي بذرف دموعٍ قليلة . زفر حالماً بتلك الجملة [منظركَ جميل]
ـــــ عَنْ ايّ جمالٍ كانت تهذي ! أين رأت الجمال في شكلي , لا بد انها مصابة بالحمى او إن ذاك القبيح الأسود قد فعل لها شيئاً حين أخذها , لا لحظة ربما ...
سقط أرضاً جراء ضربةٍ قد خمن فاعِلها , نهض مزمجراً
ــــ نــــأتـــــاكي !!! ما الذي فعلته؟!!
ـــــ ماذا افعل لك انت لا تسمعني , بكل طول أُذُنيك هذا ولا تسمعني؟
ـــــ أخرسي!
مشى بسرعةٍ لدرجة إنها ركضت لتلحق به , نادته لكنه تجاهلها , يبدو ان غضبه قد زاد أكثرَ مِن ذي قبل . فكَّرَ ملياً ’ لن يصل بهذا المشي البطيئ , حتى وأن ركض سيستغرق اسبوعاً ليغدو هناك وفوقَ ذلك معه شخصٌ بليد .
خطرتْ في بالهٍ فكرةً , فـ إنحنى حامِلاً ناتاكي بين ذراعيه , أُصيبت بالذهول فهذه أولُ مرّةٍ يحملها من دون سبب _ كما توقع عقلها المتواضع_
تمزق قميصهُ قليلاً من جهتُه الخلفيّة لينبت له جناحين أبيضا اللونِ , لم تنتبه البلهاء لذلك إلا عندما طار فبدأتْ بالصراخ , حاول هان الصمود إلى ان يصلا بسلام وبعدها فليقتلها افظل من سماعه لصوتها رفيع النبرة .



شَرَّزهُ ما أختاره بدوام التأنيب الذي يلاقي ضميره فيه مصرعه كلَّ ليلةٍ , يسمعُ صدى وطئاتهِ بينما هو ماشٍ ’.
في نهاية الرواق توقف بأمرٍ من حراس البوابة ,. أخافته بشدّة فـ رؤوس الشياطين الحجرية تملئ نواحيها , وفوق ذلك ضخامتها ولونها الأسود المحمر !
أمرتْ مَن تقف بجانبه بالسماح لهما بالدخول فهو _التلميذ المنتظر_ فتحا البوابة بعد سماعهم لهذا التصريح , بينما يوتاكا لم ينطق بحرف فقد أطنَبَ في تفكيره الدائم عن مصيره لدرجة إنه زاد الحد وعظمَّ الأمر , ليس له مفر عما أقترفت يداه , إضافة الى تفكيره بـ [آي] أهي انتبهت لخلوّ البيت أم ماتت كما حلَّ بـ آنجل قبلاً؟ .
دخلا أخيراً , أندهشَ من حجم الغرفة لو صح تسميتها بغرفة ! فقد طرأ عليه أن يلمح ما مشى به , فلهوسهِ وخوفه لم ينتبه لتفاصيل المكان الذي قد مشى به مع ذات القرنين .
أنحنتْ الفتاة إحتراماً لتتحدث بوقار
ـــــ سيدي , لقد أحظرت أبن عائلة يوري كا طلبت مني وهو الماثل بجانبي .
ألتفتَ يوتاكا إليها سائلاً
ـــــ مَنْ تُحَدِثين؟ لا ارى احداً .
جرتهُ لِينحني مثلها مشيرة بيدها نحو مكانٍ مُرتفع عنهما قرابة مترٍ ونصف , خلف ستارٍ أسود , طرف بأهدابه بتفاجؤ فترى من يكون ليخفي نفسه خلف ستارٍ كهذا؟
ـــــ ألا يشبه هذا الشئ الافلام قليلا؟
وضعت كفها على فمه لتسكته هامسة بكَيد
ـــــ هُش! كُنت كالأبكم قبل أن ندخل , يستحسن أن تعود أبكم .
نظر إليها بحنق الى أن سمع من يقطن خلفَ الستار يضحك ! إستمر ضحكه بينما علت الدهشة شيئاً فـ شيئاً لـ تغلب باقي ملامح يوتاكا .
رُفِعَ الستار ليخرج من خلفها شابٌ في العشرينيات من عمره , ذو جسدٍ رشيق قويم الوقفة , فضيُ الشعر والعين , أبتسم ليوتاكا ليقفز واقفاً قُبَيلهُ
ـــــ كُنت في إنتظاركَ يوتاكا يوري , أهلاً بكَ ضِمنَ عائِلتنا .
ـــــ عائلة؟؟
ـــــ ولِمَ كل هذا التفاجؤ يو _سان , لا أعلم ما كان ظنك بنا , لكن لسنا إلا بشر مثلك ولنا أهدافنا لننتقم ممن عذبونا وأسلافنا , توشيما ستسقط قريباً وعلى يدك أنت !
فهي مجرد ثمرة فاسدة مبهرة المظر فحسب , السلطات فيها محطمة والمتحكمين توابع أمريكية تريد الخراب كما حلَّ قبل سنوات , اشعر إني تحدثتُ كثيراً ’ والوقت مبكر على هذا الحديث , لذا فلتسترح قليلاً ثم إذهب لتتّمّ العقد , [ميليفاي يو آوري] أرجو منكِ الإعتناء به , أرشديه لغرفته .


جلس على سريره , يتفحصُ مظهر الغُرفة . طلاؤها أسود , سريرها واثاثها حُمرُ اللونِ .
أزدرد ريقه , فقد بدتْ لهُ أشبه لِغُرفةِ إعدامٍ بل أسوء!
زَفَرَ نفساً عميقاً ليحيلَ نظرهُ لـ من تعبث بِمِقبض الباب , سائلاً بصوتٍ صاخب
ـــــ هــــي أنت ! أخبريني مالذي يحدثُ هُنا؟ هذه الغرفة تنذرني بشئ سيئ , دعينا نخرج من هنا او أعطيني غرفة أخرى .
مشت ميليفاي ’ كفها على خاصِرتها حتى أصبحت امامه فردت نبرته اليهِ
ـــــ أسمي ليس "هي"! تنذرك؟ .. أنت الشؤم السئ مِن يوم ولادتك , تريد غرفة أُخرى؟ كل غرف السكن هنا بهذا التصميم , فلا تنسى أنت الأن في مأوٍ للشياطين والسحرة .
ـــــــ هيـــــــه!! غضبتِ كثيراً مِنْ لكنتي , يبدو إنَّكِ صَعبةُ المِراس .
ـــــــ لا تُغيّر الموضوع !
اشاح بنظره بعيداً فتنهدت مستسلمة
ـــــ نمْ الأن , ينتظركَ عملٌ حافِلٌ .
خرجتْ , فوضع رأسه على الوسادة المتشعبة بلونٍ أسود , فكّرَ فيما ينتظره , بالرغم إنه كان يكره التفكيرَ في القادم اليه لكنَّ شعوره بالفراغ قد أنساه طبعه !
يمزح ويتحدث , وكأنه ما فعل شيئاً , لم يقتل أُمهُ , تذكَّرَ شكلها , وكيف رمقتهُ حينما غرسَ السكين في قلبها . تلك الذكرى تؤلمه , تشوش كُلَّ ما يرى . ما من ذكرى بعد تلكَ , فالزمن الذي كان فيه الفتى المرح والجاد , ألمُخلِص لأمه وأهله أجمعين , قد تلاشى!
أغمضَ عينيه , متوقِعاً رؤيتهُ للكوابيس التي إعتادَ أن يراها , خابت توقعاته فقد إستيقظ على سماعه لـ صوت ميليفاي .
نهضَ يتثائبُ , لَم ينم جيداً أو لعل قصر المدة التي غفا بها جعلته ناعِساً بعد نومهِ فما هي إلا أربعُ ساعاتٍ !
تلفت يمينه وشماله , لا يعرف ما عليه أن يفعل الأن , ألغُرفة كبيرة جداً , ولأنه مُعتادٌ على غُرفته السابقة رأى إن البحث بعينيه عصيباً بسبب دكانة الألوان .
ـــــــ ميــ .. صحيح أسمك ميليفاي , كنت اريد أن أسئلك ولا تنظري إليَّ بغطرسة هكذا ..
مالذي عليَّ فعله الأن؟ وأين نحنُ بالضبط , سمعتُ أننا في غابة اوكيغاهارا , لكن لم أسمع قبلاً عن وجود هكذا مبنى هنا بل أهوَ مسموحٌ بناء المباني هنا؟
ــــــ بما انك سئلت , فما عليكَ فعلهُ تغيّر ثيابك بتلك الملابس السوداء المعلقّة في خزانتك , ومن ثم الأتجاه لقاعة العقد فقط لترضي شيطانك فأنت لا تحتاج لتعقد معه لإنك شيطان أصلاً . وبعد ذلك تتجه لجناح سيدنا . وبالنسبة لسؤالك عن المكان فـ أنت الأن وكما سبقتني وقلت في اوكيغاهارا , لكن تحت الارض , تستطيع اكتشاف هذا بمجرد نظرك من النافذة , لا يوجد إلا الأحجار والأتربة . على كلٍ لقد تأخرنا , عليك تغيّر ثيابك بسرعة , سأنتظرك خارِجاً .
ـــــ لستُ شَيطَاناً !
ملّتْ مِن تجاهلهُ لكل ما تقول وإنتباههِ لما يغضبه فقط ! وكَأنّهُ يَتَقَفى خلفَ حديثها كلمة.
ــــــ كفَّ إمتعاضاً واعتراضاً على كلِ أمر ! هيــــا غير ثيابك بسرعة .



ــــــ أماهرٌ أنتَ في جعل الدمِ مِدراراً؟
تسمَّرَ في محلِِّ وقوفه , بسماعه لصوتٍ غليظ مُصهرج , إرتعد يوتاكا كالمقرور بمرض مباغت , فما يرى إلا فراغٌ اسود ! . همس بنبرة متخلخلة
ــــــ أ .. أين رمتني تلك اللعينة! لا أكادُ أرى شيئا , لأسلخن جلدك بعد خروجي! سحقاً لك!
مشى يتلمسُ ما صُدمت يداه به , وصار كالضرير تماماً , توقف أثر إرتطامه بجثة صَلِدة آلمتْ جبينهِ , نهضَ غيرَ متجانف لشيء لكنه تعثَّرَ مجدداً ولم يخطُ إلا إنشات قليلة , شعرَ كما لو إنهُ غارقٌ , مغموسة ذراعيه في شيءٍ لَزج , نهض بعد فتورٍ شديد , فكلما حاول الإستقرار في وضعيته تتزحلق قدمه من جديد .
جلس القرفصاء بعد يأسٍ , مفكراً كيف يكتشف كل ما يجري حوله , هوية من كلمه ومادة ما يجلس عليه أو بالأاحرى ما غامساً للرِجل فيه !
رفع يده ’ كالمبتلة بشيء كانت ! لعقها فتحولت تعابيره , مُشمئزة , متقززة من ذا المذاق الملّحيَّ , عَرَفهُ هو طعم الدم لكن , أيجلسُ في بحر دم؟
ترتطمُ أفكارهُ ببعضها , فلن يعلم ما سيفعله , بقيَّ مطولاً بجلسته تلك , إلى اللحظة التي قرر فيها النطق وليحدث ما سبحدث فصرخ جاهراً
ـــــ هي أنت ! إلى متى تنوي الأاختباء يا صاحب الصوت القبيح؟ تظنني فارغ الوقت مثلك , لديَّ ما اقوم به فخلصنَّي ! قلْ ما تريد , لن أسمع .. أريد الخروج من هنا فحسب !
ــــــ أتنادينِ بتلك الوقاحة , أوتعلم مَن أكون؟ صار تهذيبك صفراً لتزمجر بوجه والدك هكذا
أنت فارغ الوقت مثلي , ليسَ لديك أيٌّ مما قد يفعله البشر العاديّ فلا تحاول اختلاق اعذار لتخرج من هنا ’ إنَّكَ لَحبيسٌ لي وحدي وفي هذا المكان !
ــــــ ها ها وأخيراً أبهرتني بصوتك ! لا يا صاحي لا أعلم من تكون , كلُ عِلمي إنّكَ شيطانٌ بَخسُ الثمن , والدي ميتْ لا تحاول معي بهذا , أنت لي لا أنا لك فنحن لكلينا
ــــــ إذن عرفتني , أنا من كان يلعب بك طيلة الشهرين الماضيين , كنت تضحكنِ وأنتَ باكيٌّ , مثل الضال قد بدوت , إنسقتَ لأوجاعكَ وقتلت أُمَكَ فـ إنصَعتَ لي! لكن إعلم لن اساعدك حتى تأكُلُها , هكذا ستصيرُ جزءاً منك وأرضى بأن تكون تابعا لي .



خرجَ مِن تلك الغُرفة , وقَد جمت الدماء فاههُ ,رفع رأسهُ فرأها تنظرُ إليه بِأساً , لا طريقٌ طويلٌ بينهما , مجرد خطواتٍ عبرتها لتكون أمامهُ مُباشَرَةٌ .
بلغت الدموع محجريّ عينيه , فقد آبتْ الذكريات سُرّاقةً , همس كالمستهيم بوقعٍ متنحنح في الصوت
ــــــ أ.. أُمي
سَقَط مُغشاً عليه , من أهوال صدمته ليقع جسده بلا حول , أمسكته ميليفاي لتحملهُ صوبَ غرفته ,فـ إستدعت مما أوتيَّ من رجال المكان طالبةً غسله فالدم يغطيه ويملئ كل مسافة في جسده .
’’بعد كل هذا , ذاك الحلمُ مازالَ يتداعى في منامي , يُراخي ذكرياتي وكأنها تتلاشى شيئا فشيئا , أبتسم بينما هم يطردونِ ؟ ما هذه البلاهة! وكأنَّ حياتي توقفت في ذلك اليوم , ألمرة ألاولى لمشاهدتي لهذا الحلم .. وقتها أخذتهُ هزواً كباقي كوابيسي , لكنه لا يتلاشى! بعد تركي لكل ما سبّببَ معاناتي , كلما أُغمض عينيَّ أرى تلك الصورة , أسمعُ تلك الأصوات الصديّة حتى أُمي تنظرُ كما ينظر الأخران ! لِمَ لا زلتُ مُبتسماً لا بل وأصبحتُ أضحك , .. عجباً ! .’’

إستفاق فاتحاً جفنيه , نهض ولم يسأل نفسه كيف وصل لغرفته وأينّ ما كان مُظرجاً به .
نحوَ مِرأة وُضِعَتْ أمام سريره مُعلّقة على الحائِط قد وجّهَ خُطاه , أطال النظر بصورته والتي ما كانت لهُ فكل ما يراه سوادٌ يشبههُ , لم يعد له إنعكاس ! وظلّهُ بقرون وذيل !
خلعَ قميصهُ والذي كان أسودُ اللون أيظا ليتأكد من تلك العلامة الموسومة على ذراعه اليسرى , كقطعة النقود سوداء تناقض لون بشرته .
عَرَفَ حينها إن العقد تمْ , لكن ما أثار تساؤله كم من الوقت قد إنقضى وهو بداخل تلك الغرفة؟
قاطع تفكيره طرقاً على الباب , دخلتْ قبل أن يأذن حتى بذلك فشعر إنهُ باتَ صاغِراً لكنه تجاهل ذاك الشعور ليبدأ بالسؤال وبطريقة ليست بعادته , فقد أخذ البرود محلّاً فيما قال
ــــــ شكراً لك لحملي , أعلم انك من فعلتها و ..تعهدتُ بسلخ جلدك بينما أُصارع ظلام تلك الغرفة , إذن ..
التفتْ لها مستأنفاً بخبث وأبتسامة ساخرة
ـــــ أتسمحينَ لي بهذا؟
إنفجر مستكمن صوتها ضحكاً فبدا الأستياء على وجههِ , إستأنفت الضحك لترد
ــــــ وانا كنتُ أتسائلُ من أين أُنزِل عليك ك أدآب الحديث تلك ! إسلخني كما شئت لكن ليس الأن , إرتدِ ثيابك ولنذهب , فالسيدُ في إنتظارنا .
إبتغى الردّ لكنَّ شعوره بالأختناق قد قطعَ نفسه! حاول صامداً ان لا يفقد وعيهُ , دوران كلُ شيء من حوله أدى لجثوّهِ على ركبتيه يسعلُ بشدة!
سمعت صوت سعاله فألتفتتْ لتراه بوضعيته تلك, لم تتفاجئ كثيرا! لأن هذه الحالة تصيب الكثيرين .
بعد وقتٍ ليسَ بكثير , إرتاح من تلك النوبة فأخذ نفسهُ يتثاقل ورغماً عن هذا فعلى الاقل إستطاع التنفس .
رفع رأسهُ فوجدها تعبث بشعرها دون أدنى مبالاة , رمقها بغضبٍ فتكشيرة أسنانه جعلها قريبة من أن تعاود ضحكها
ـــــــ سحقاً لك! ساعدينِ بدلاً من صبِّ إهتمامك على شعرك القبيح هذا .
أومأت بِرأسها تفهماً لوضعه لتجيب بغير تراتبية في ما تسعى إليه
ــــــــ اها فهمت , تريد منّي السعال محلّك , سأفعل ذلك في المرة القادمة .
ضمَّ شفتيه محاولا كتمان غيضه زائد الحد إستباقاً لما قد تتفوه به بعد كل ذا الذي قالته وهو على معرفةٍ إنها تحاول جعله إجتماعيّ وأن لا يبقى صامتاً طيلة وقتهِ , مُتأثراً بتوالي الكوارث عليهِ , وقسوة المشاهد التي هو شهدها وللأنِ يشهد!
إرتدى قميصه دون أن ينبس بحرفٍ , تُعزف أصوات أُسرتِهِ وتتردد في أُذنيه , تسائل فيما إذا كان ما يحدث معه الأن إختباراً من الرب ..
حِملهُ ثقيلٌ , ما وارتْ حياته وأُلفتهُ السابقة رغم إنهُ عزمَ على المضيّ في هذا الطريق الذي إختارهُ وما زال مجهولاً نِسبةً إليه .
طرقتْ الباب بخفة لتدخل بعد أن أُذِنَ لها بفعل ذلك . سمعتْ جملتهُ التي أعتادت ان تسمعها منه
ــــــ إخفي شكلك هذا , لا أحبذا هذا الوجه كثيراً .
أبتسمت لهُ , تحبُ لطافته وحسن معاملته للجميع , وبالاخص جلسته تلك , يضمُّ ساقيهِ للبةِ صدرهِ , غيرَ مُتَكلفٍ أو ما شابه كـ سيدٍ .
راقبهما المكتف لذراعيه , مُستَمِعٌ وتقطيبة علت حاجبيهِ , يتمتم بنفاذ صبر وما بلحظاتٍ راحتْ وبطرف عينه إنبلج الفاه صارخاً لرؤيته لشكلها , أشارَ بسبابتهِ منتفضاً
ـــــ هـ هــ هـــ هذه أ_أنت!! مــستحيل .
رمقته بنفاذ صبرٍ هيَ الأخرى , بنظرةٍ ماكرة يكتسحها دهاءٌ حاد
ـــــ لا , أنا شبحُها ... أنتَ أبله خِلاف ما بنيتهُ عنْ شخصيّتُكَ , ألا تريد أن تصبح ساحِراً من الدرجات العليا ؟ مع هذا الغباء لن تصبح ! .
إصطلكتْ أسنانهُ غيظاً , كمن أصابهُ زمهريرُ رحياح عاتية , لم يستطع الإحتمال أكثر مع سماعِه لقهقهتها فأشاح يدهُ جانبياً مزمجراً
ــــــ لا تسخري منّي!!
تحركّتْ مُعظم أغراض المكان متطايرة في الهواء مع إنتهاء صدى صوته! . تجمدتْ ميليفاي في مُنتَصَبِها بينما جحظتْ عينا السيد تعجباً !
إنتبهَ يوتاكا لما حدثَ , ولم يكن بِإرادته فظنّهُ هواءٌ ولم يعلم إنَّ غضبهُ مَنْ فَعَل!
وجومٌ رهيبٌ قَد دبّ القشعريرة في نفسه بسبب ولاسيّما نظراتهما الفارغة صوبهُ !
وجّهَ سؤالاً عابراً : ما بِكُما تَنظرانِ هكذا إليَّ , لم أفعل شيئاً خاطِئاً.
شعرت السيد بصهوبهِ في ألتحديق به , فأصدر حمحمةً مِن حُنجُرَتِهِ لينهض من أرضهِ مُتجه لعرشه إن صحَّ تسميتهُ بذلك
ـــــــ حري بي بدءُ ألشرح الأن , هلّا جَلسُما مِن فظلِكُما؟
إنصاعا لطلبه وكلُ من هما يبعد نظرهُ عن الأخر فشرارة مشحونة بغضبٍ تدعوهما ليكملا الصراخ ,
جلسا على مقاعد سوداءُ اللونِ بعد أن عدلّا إعوجاج إستقامتها بسبب صيحة يوتاكا في الوقت السابق آنَذاك . بدء شرحه بنظرةِ جدٍ
ـــــــ أُدعى [إمِلِتويا سايتوك] , مُؤتَمَرٌ على إدارة هذا المكان من توشيما , فأجدادي من بنوه , يبدءُ الأمرُ بنية جدي لمّا كان شاباً , فقد إستعرت أوارُ الحرب حينذاك وما ظلَّّ لهُ أحدٌ غير إبنِه أي والدي , شَرُّ ما أضحكهُ مُقاتلة البشر لِأندادهم مِن البشر وقد أغضبه كذلك! فالحروب الأهلية أكلت بنهم ما يعتبرهُ عزيزاً عليه , فخطرتْ في بالهِ فكرة إستخدام العالم الغيبيّ عوناً له خِفيةً , وشاورَ فكرتهُ مع من كان مُقربّاً له في الجيش فأُعجِبوا بالفكرة , لكنَّ بعضهم ظنّوها ظرباً خياليّ , لرجلٍ مهووسٌ !
كان إبنُهُ قي الخامسة من عمرهِ , يخاف عليّهِ من وخزِ إبرة ,
بعد مشاوراتٍ كثيرة إتفقوا مع مجموعة من رؤساءِ توشيما وأصحاب المالِ ليبنوا مقرّاً دراسيّ , يتعلمون فيه انواع المقاتلة وبالطبع لم يتمّ التصريح بالمسعى الحقيقيَّ إلا وهو أُلفَةً بَينَ ألجن والبشر! بنوه في هذه الغابة [أوكيغاهارا] , كونها غابة مليئة بالأرواح المتخفيّة , ومركزها بعيدٌ عنْ أن يكونَ مُزاراً , بالطبع لم تكن حِججاً ذات أهميّة لكن , إمبراطور اليابان السابق وافق على ذلك كونها محمية طبيعية , وأخلى مسؤوليته من الجبل البركانيّ [فوجوسان] وبالرغم من هذا وافقنا نحن المنشئون للفكرة لأن هذا الجبل خاملٌ نشاطُهُ . ولم يكن ليحدث هذا لولا علاقة جديَّ الوطيدة برئيس توشيما , بعد أن تمَّ بناؤها أُوكل الرُئساء مهمة إدارة مبناً كبير كهذا لعائلتي , وبعدها أصبحَ الطلاب يتوافدون من كلّ انحاء اليابان لسماعهم أنَّ المدرسة تُخرج محترفين بكل بشيء .
بسريةٍ تامة , تمَّ إجراء عِدةِ تجارب حولَ الجن , كان صعباً في مدرسة تعجُّ طلاباً , فبنى جدي قبل أن يموت مبناً تحت الأرض وهو سريٌ لا يعرفهُ غيرُ من نستدعيهم نحن .

ــــــــ إذن فالحكاية هكذا , لكن ما دخلي بالموضوع؟
ــــــــ علاقتك يا صغيري , بعد أن مات جدي , قام إمبراطور اليابان بـ إختِطاف أطفال ميتمٍ كامل , حوالي الخمسين طفلاً يحتمل العدد الزيادة والنقصان فليس عندي معلومات ثابتة عن الأعداد , بمساعدةٍ من جدك [السيد _يوري] والعميل الأجنبي جدُ الميتة [آنجِل] وأخرون سيتم الأفصاح عنهم , إستعملهم لإخفاء التهم فإمبراطور اليابان كان شخصا صائت السمعة ولم يحبذ تلويث ماضيه المشرّف , أراد دِمائهم لسبب ما زِلنا نجهلهُ ولم نكن لِنعلم لولا ألناجي الوحيد من تلك الحادثة وهو ..
قاطعه شخصٌ دَخَلَ تواً , يُكملُ عنهُ بذكر إسمِهِ : [نوتــيل وآنيــكـ] !
إلتَفَتَ يوتاكا له مُنبهراً ! أهذا ملاكٌ أم بشر؟ ليس شكلهُ بالعاديَّ ! . إبتسم [نوتيل] ليكمل بعد أن وقف بجانب إيميلتويا :
ــــــ مات والديَّ في سنٍ كنتُ فيه صغيراً فعشتُ في ميتم كان يدعى [دارك كاميليا] , أعلم إنّكَ مُتفاجئٌ , لأنه يحمل الإسم ذاتهُ لِمدرستك الحالية! ويعود السببُ لِبناء المدرسة محلَّ الميتم المردم بالتراب .
رغم كوننا كُنّا في ميتم , إلا إنّا عِشنا حياة لطيفة خالية من أيّةِ متاعب , إلى إن حدثَ ما حدث!
في ليلة مُظلِمة , بُثَّتْ رياحٌ غريبة تحوي مواد مُخدِّرة , أنامت الجميع عِندها! , وأنا مِنهُم , ولمّا إستيقظتُ صُدِمت مِمّا رأيتُ! حُجرةٌ تشغَرُها أشِعّةٌ حمراء, كُنتُ مُكذبّلُ اليدينِ والقدمينِ , أُشاهدُ ما يحدثُ في رُعبٍ شديد !
أصدِقائي , من أعتبرَهم عائلتي الثانية يُسحَبون واحِداً تِلوَ أخر ثُمَّ يوضعون في قوارير عِملاقة بعد أن يقطعوا رؤوسهم!
دِماؤهم تُسحبُ بأنابيب مُتَصِلة بتلك القوارير الزجاجية .
مليئةٌ بالأجهِزَةِ كانت! , أراهم .. تُفرَمُ أجسادهم إلى أن خالطتْ دِمائهم ما تبقى مِن عِظامهم . مات نصفُُنا تماما بنفس العشرة قوارير هذه!
سَمِعتُ صوت الألآتِ قد إنخفض إلى أن إنقَطَعَ تماماً , لحظاتٌ فقط ورُشّتْ فوقنا نحنُ الباقين حشراتٌ غريبة !
والأعظمُ أمراً .. طُلِبَ منّا أكلها .. من دون أيديٍ بل نلتقطها مِن على الأرضِ !
نفَّذَ قليلون ما أُمِروا بهِ بينما الذي أبى ذلك أطلقوأ ألنار على عنقه فيسقطُ رأسهُ متدحرجاً .. طعاماً لمخلوقٍ غريب أيظا!
لم يكُ بغوريلا أو قردٍ أو حتى كَلب! . ألاخيرَ كنتُ فلم يلحظوا وجودي , خائفٌ , متُوتِّرٌ , مرعَبٌ من تلك المناظر ولم أكن إلا طفلٌ لم يتجاوز العاشرة من عمره , أرى ألألتِهامَ هذا , وبوحشيتهِ تلك! وكأنّهم في مَخمصة قَد كانوا!
مُهامسةٌ دارتْ بينِ وبينَ شخص جَهِلتُ هُويتَهُ , قال لي "أترى هذه الفتحة المربعيّة خلفك؟ تكفي لكي تدخل فيها فأفعل إن كُنتَ تريد النجاة!"
إرتبتُ مِنهُ ومن حديثه هذا بِدايةً , لكن , إن متُّ بداخل هذه الفتحة لأهونُ عليّ من الموت حيّا أو أن أُصبِحَ طعاما للكِلاب!
إنتَظَرتُ إبتعاد ألمُلَثَم عنّي , لأدخل جسدي فيها بشق الأنفس! شعرتُ بيدٍ تسحبُني ,
أغمضتُ عينيَّ فـ بكل الأحوال ظنّيَّ الأولُ والأخير هو ألموت!
ولما فتحتُ عينيَّ من جديد وبالرغم من إنّي لم أحسب حدوث معجزة وأنجو , وجدتُ نفسي مُمَددٌ على عُشبٍ أخضر , ناعِمُ الملمسِ .
تَلَفتُّ فوجدتُ على يميني شابٌ بجانبهِ طفلٌ يبتسمُ لي , سمعتُ الرجل يقول :
كان عصيباً أليس كذلك؟ تعال معي وسأجعلك تنتقمُ منهم .
ذاك الرجلُ كان والدك والرضيع هو أنت .

إنهمرت دموعُ يوتاكا بغزارة , يشهقُ كطفلٍ أضاع والده ! بينما تلألأت عينا ميليفاي بـإعجاب قائلة بحماس : لطيـــــــف!
إنتبهَ لنفسه فكفكف دموعه بيده مشيحاً وجهه خجلاً ..همس بغيظ
ــــــ تلك لا تدع لقطةً إلا وعلقت عليها! متى تُغلقُ فمها .. لا أعلم!
أعاد نظرهُ ليستقرَّ على
إمِلِتويا ليسئله بشكٍ في عينيهِ
ـــــــ لو كانت عائلتي وخصيصاً جديَّ من فعل ذلك , فعجباً! أيساعدكم إبنه؟
ــــــ أجل , فقد كان رؤفاً ولم يرضَ البؤس لغيره لكن لسوء حظه إستطاع إنقاذ طفلٍ واحدٍ فقط ! هو يعلم بوجود هذا المكان قبل ولادتك حتى لكنّه لم يخبر أحداً قط!
أُعجِبَ يوتاكا بوالده وبنفس الوقت شعر بالحنق تجاهه , يريد ذاك العطف
له ! نوع من الغيرة .
مشى نوتيل صوب الغيّور ذاك مُبتسِماً بوجهٍ بشوش , إقترب من وجههِ فعاد يوتاكا للوراء لا إرادياً ,
ــــــ فعلاً , انت تشبه والدك كثيراً , وبالأخص عييناك الزرقاوتان , أنت وسيمٌ جداً سُعِدتُ بِمُقابَلَتَك [يوتاكا_كون]
توردت وجنتاه خجلاً بسبب كلامه اللطيف هذا , تهلل وجههُ فـإبتسم ! هو سعيدٌ بوجود من يذكرون والدهُ مثله .
رفع رأسهُ فوجد
إمِلِتويا يقف بجانب نوتيلا وهو الأخر مُبتسمٌ , لحظات سكونٍ لولا صوتها الجهوريُّ أفزعهم
ــــــــ يوتاكا !! الكلُ مُيتسمٌ لك وأنا ..
أمسكت بكفه بعينين نظرتهما وكأنّها تنظرُ لمعشوقها , رفع حاجبه في إنزعاج ولم يفهم ما تعنيه بتصرفها : هي.! مالذي تفعلينه؟
ــــــ أتغزّلُ بك كما يفعلان .
ضحكا بصوتٍ عالٍ , وللأن لم يفهم يوتاكا ما عنته! إلى إن مضت ثوانٍ فصرخ ساحباً يده بسرعة , إحمرَّ إحراجاً ليزمجر بهما
ــــــ مُنحرفان! كنتما تتغزلّان بي حقا؟؟

كاد نوتيل يموت ضحكاً لدرجة إنّهُ جثى على ركبتيه يعصر معدته التي آلمتهُ لشدةِ ضحكه! أما
إمِلِتويا إبتَسَمَ بهدوءٍ
ــــــ لم يكن كذلك , هذه الخرقاء تُحرّف فقط ومِخرفّة أيظاً .
إستدار فوجدها تصفر الهواء مِنْ فمها مُتجاهلة , غير مبالية
نظر إليها بسكون طرف ,عُقدةٌ توسطتْ جبهتهُ .. يريد إلتهامها فحسب!
لكن ما من منفذ لفعل ذلك . جرّه نوتيل إليهِ بعد أن نهض , رامقهُ بعينيه الإقحوانيتينِ ..
ــــــ تعال معي .
لم يعطه مجالاً للرد , حملهُ بين ذراعيه وسط دهشة يوتاكا , إعْتُقِل لسانهُ وكأنه إلتصق بجدار الفكِّ السفليّ , لم يستطع الأتيان بحرفٍ واحد!
مشى نوتيل وبنبرة خبثٍ همس
ــــــ سأستعيرُ الأميرة الصغيرة اليوم , لديّنا كلامٌ وحديثٌ كثير! .
صار يوتاكا يتصببُ عرقاً , لا يعلم ما ينبغي عليه فعلهُ الأن ! أعليه ركله؟ أم الصراخ ! يال إحراجه وشاب يكبره حاملاً له . لم يكن لديه إخوّة فلا يعلم ما معنى تصرفات هذا الرجلُ ألذي أُعجِبَ به قبل لحظة ! لا يريدُ ظلمه فسكت عن الكلام لتغطي خصلات شعره عينيه , نوتيل شعر إنه بالغ فيبدو من ردود فعله إنّ والده لم يفعل هذا به كما كان يفعل بنوتيل! . أنزلّهُ أرضاً لتتغير نبرته ألمرحة لنبرة باردة بحتة
ــــــ تعال معي , سوف أُطلِعُكَ على المكان !
إبتسمَ يوتاكا فتبعهُ دونما نطقٌ بكلمة! . نوتيل فَرِحٌ بوجود أحد ابناء من كان يعتبره أباً لهُ أما يوتاكا فلم يعد يميز بين شعورٍ وأخر إلا ما ندر!




هبط بعد أن قطع ألدوَّ بسرعة خيالية , كان الفرق في كيلومترات شاسعة ! لكن ليس الأمر بمعضلة على الجن. لامست قدميها الأرض ونظرتُها سكِرة! كأنها مُصابةٌ بالغثيان .
حكت رأسها لتردف وهي ما زالت في ألأتزان محاولة
ــــــ آهـ ! أين نحن؟ يبدو مكاناً مهجور .. هآن أنظر ذاك هيكل عظميَ .
ـــــــ أعرف! كفي عن الثرثرة فلندخل .
ضاقت حدقتيّ عينيها لتصدر همهمة إنزعاج :
ــــــ مُزعِج ! بالفعل أنت البليد هنا , لست إبنتك كي تأمرني هكذا ومن دون تفسيرات!
أطلق الهواء غيظاً وما يكنُّه لها قد بات مُنْحَسِراً , أفي غباءها تعمهُ بينما يكادُ يذرفُ وافرٍ مِن دموعه على ما سيحدثُ لها؟ لم يلُمها بالكثير في داخله فهي لم تكن تعلم ما يحدثُ ولا هي بعالمة عمّا يرقص فرحاً لقدومها !
تجاهلها فحسب , فما من فائدة للخوض في شجارٍ معها الأن .
رأى سوداً من بعيد , فأمسك يدها ثم سار صوبه , إنتفض جسدها لمّا رأته ! ذاتهُ .. لهو ذاته الذي رماها قبلاً فدفنها حية ! أخفتْ جسدها خلف هان ترتجف! كيف لها أن ترَ الشياطين وهي بشريةٌ عادية؟
برمشةِ عينٍ تحول القبيحُ لحسنٍ شديد , شابٌ في مُقتبل العشرين , تقدّمَ ناحيتهما ليمسك ناتاكي من يدها
ـــــــ هيا صغيرتي , فلنذهب لدينا عملٌ كثير!
أرغمها على المسير وما أرقّ هان صراخها بأسمه , مُستنجدةً بهِ لكن لم يتحرك , أدنّى نظرهُ , إن راجع ما بين الصواب والخطأ فيما يفعل , لن ينفعه في شيءٍ فعلٍ كهذا!
سحبها مجهول الهويةِ لداخل المبنى الشبهُ واقفٌ فيبدو عليه القِدم . علقّها بحبالٍ فجلب سوطاً, ترجتهُ بتركها لكنّهُ باء إليها والسوطُ الحديديُّ يشتعل لهباً!
ـــــ تــ .. تمزح!
فاضت عينيها دمعاً , بينما هو إستعدَّ لجلدها مطمئنا إياها
ــــــ لا تقلقي , لن أقتلك , هذا فقط لجعلك أقوى [ناتاكي _ نتشان]!
لم يسمع هان إلّا الصرخات! وبكل إعلان إحداها كان قلبه يكاد ينشطر أزاء تئلمِها.
كم تمنى الدخول وجيرها مما صبت أليه في تلك اللحظة .
مضت نصفُ ساعةٍ تقريباً , ففتح باب المدخل ليصدم بها , دماءٌ تحيط بها بغزارة , شعرها متساقطٌ نصفهُ وما ترتديه شبه مغطٍ لها!
هرع راكضاً , حملها بين ذراعبه .. بكى لتعابيرها ! لا حياة فيها , بسخطٍ قد نظر للضاحك وكأنّهُ يشعرُ باللذة لتعذيب فتاة!
حملها فسمع الواقف خلفه يقول : "سأعطيها قدرتي , أعجبني بقاؤها مستفيقة طيلة تعذيبي لها! قد تتحمل ما أملك من مقدرة , أيظا لأستعادة عافيتها فستصبح كسيحة القدمين بهذا الحال! .
ــــــ شكراً لكرمك ! سحقاً أنت الفاعل وأنت من تشفق على قدميها الأن يال السخف!
ـــــــ بالفعل لهو سخف!
تجاهله ومشى فسيجلطه بغبائه ذاك! . تبخّرَ الشيطان لتفتح ناتاكي عينيها عل وسعِ قطرهما , شعرت بغصّةٍ لوهلة ثمَّ عادت لسباتها الوقتيُّ مِنْ جديد .



ــــــ سيدي , هل تلك الحكاية كاملة؟ . أقصد ما رويتموه لي قبل لحظات .
إلتفت له متسائلاً في قرارته عمّا يستفهم يوتاكا ليحكَّ شعره الأبيض وبأبتسامةٍ أجاب
ـــــــ طبعاً ليست كامِلة , لكن هذا ما يجب عليك معرفته الأن .. ولا تنادنِ بسيدي , [نوتيل] فحسب , إن لم يزعجك الأمر .
هزّ رأسه نافياً
ـــــ ليس مُزعِجاً نوتيل , صـ_صحيح بالمناسبة , أينَ سنذهب الأن؟ هذا الممر طويلٌ جداً لنا فيه وقتٌ كثير ونحن ماشيّنِ !
ـــــــ سأخذك أولاً لغرفتي , أريدُ إعطائك شيئاً مُهِماً .
لم يفهم يوتاكا حرفاً مما قال , فهو بالكاد تعرّفَ عليه الأن فأيُ شيءٍ مُهِمٍ قَد يُعطيه له؟
وصلا للغرفة , ولم تكن ألوانها مُختَلِفةً عن ألوان غرفته , همس في نفسه
ـــــ يبدو إن بانيها يحبذ الزيَ الموحد!
ظلَّ يحوم بنظرهِ أرجاء الغرفة إلى قدوم نوتيل إليهِ , مدَّ يده فلُحِظتْ تلك القلادة متموضعة في كفّهُ الأيسر .
ـــــــ أعطاني إياها والدكـ وقال لي إنّها تُساعِدني على النسيان والمضيّ قدماً , إن واجهت ما هو سيءٌ وصعبُ التجاوز فطلب منّي لمسها ,
ليس عندي ما هو مهم لأفعلهُ وتجاوزت تلك الأيام العسيرة فخذها لعلها تساعدك !
أمسكها يوتاكا , كانت دائرة مُفرغة فضيّة يتوسطها حرفٌ لاتينيّ .
إرتداها مبتسماً ليردف : شكراً لك , نوتيل .
ـــــ إعتبرني أخاً لك , وقلْ ما تشاء في ضيقك , لن أخبر أحداً فكلُّ ما هو غالٍ على قلب والدك غالٍ عليَّ !
كم أراد يوتاكا ضمّهُ! لكنّه هوى فاقِداً للوعيِّ من جديد !



[في توشيما]
فتح الباب بقوةٍ ليصرخ برجرجة في نبرته
ـــــ قلتَ لي ستتولى أمرهم , أم إنّكَ ستنكر؟ ماتت إبنتي الوحيدة وأنت جالسٌ في مكتبك تفكر كيف تنبت صلعتك تلك شعراً صحيح؟
رفع رأسه رامقا إياهُ بظجر
ـــــ صلعتي مميزة , لن أُنبِتها .
ــــــ إذن تتجاهل حديثي وتردَّ على المقطع هذا فحسب؟ سأبحث عن محقق غيرك هذا افظل لي , أنت لا تجيد التحقيق , لا تستحقُّ لقبك وشهرتك!
ظلَّ صامِتاً , أراد فقط خروجه من هنا! كيف له أن يحقق باللاموجود؟ لا ادلّةٌ ولا فاعل وحتى الجثة إختفتْ!
مع ذلك هو لم يقنط , فقد بدأ الأمرُ تواً ! .



السلام عليكم ورحمة الله
وأخيراً تمكنت من إنزاله
ليس فيه ما يستحق التوضيح فهو قصير كذلك
قراءة ممتعة > مع إني لا اظن فيبدو مملاً ><
















[/ALIGN]
[ALIGN=center]
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
جميع اعمالي وقصصي : тнe dαrĸ
لمن يُريد التواصل معي : georgette
سِلني : Ask me
سأدخل للرد لو إضطر الأمر = شَبَح فقط .
كيف أُسمي نفسي كبيرة خدم فانتوم هايف إن لم أستطع
فِعلَ شيء كهذا؟


التعديل الأخير تم بواسطة شَيِطَانَةْ ; 07-04-2015 الساعة 01:59 AM
رد مع اقتباس