عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 08-23-2015, 02:50 PM
 
[tabletext="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/15_08_15143963850860731.png');"][cell="filter:;"][align=center]



موسيقَى لَحنُها الوَجع !



أغمضتُ عيناي، مسنِداً ظهري على ظهرِ الكُرسي، ورحتُ أحلم.. كما الكرسي.. راح يهتزُ بهدوء.. رحتُ أغوصُ في عالمٍ ليسَ عالمي.. في دُنيا أشَبهُ ما يكُون عالمٍ مُختِلف.. عالمٍ صنع من أخيلَة البَشر..

هَذا العالمْ.. الذي لطالَما تمناه بَشرٌ كُثر.. نَعم، هَذا العالم..
الذي أشَبهُ ما يكونُ حلُماً.. حُلمٌ جَميل.. ليتهُ يدوم، ليتنا نَكون في هَذا العالم..
هَذا العالم.. التي لطالَما تمنيناه !!

أنا حقاً ما زلتُ مستغرِباً.. وكأنها يا الله مُعجِزة.. كَيف وَزمنُ المُعجزات قَد انتهى؟!!!
كيفَ سمعتُ صَوتَ تلك الدندَنة.. صوتَ ارتطام قطرات الماء على المغطَس..
كيفَ سمعتُ كُل الجمل التي قَالتها.. ؟

الفُستان.. لأولِ مرةً أرى ذلك الفُستان..
آه، لَقد تذكرتهُ !.. لقَد كانَ لها، تلبسهُ دائِماً.. كثيراً ما كنتُ انزعِج حينما أراها ترتديه بشكلٍ مُستمِر..
سألتُها: ألا تَملكين غيرهُ.. ؟
فَـ تُجيبُني بابتِسامة.. ما زلتُ إلى الآن أذكُرُها:
- هالفُستان يخليني جميلة.. شَكلك نسيت يا " حنين " شو قِصة هالفُستان ؟!

تتبَدلُ نبرِةُ صوتِها كما ملامِح وجهها من الخجَل والفَرح.. إلى حُزنِ شَديد يُقشعُ ابتسامتهُا تدريجياً !
فأتساءلُ باستغراب شديد.. ما قِصة " هالفُستان " ؟!
أذكرُ أنها مسَكتْ يَدي بِكلتا يداها بِقوة شَديدة.. فَأصابني الذهول المُفرط..
ليسَ بسبب أمساكِها لِيَدي.. أنما من تلك الدموع التي تُبلل عينيها الجميلتين..
آه.. كم تَبدو قَبيحة.. قبيحة جداً، هذهِ الدموع قَد خَرَب جمالها الآخذ..

- حَنين.. هالفُستان كنتْ لابسته أول يوم ما شوفَتك فيه .. يَوم ما كنتَ رح تكون روحي.. يوم ما كنا رح نَكون مع بعض.. حنين!

فتأخذنُي إلى حُضنِها.. الذي ملؤهُ الدفء..
دفء.. الاطمئنان.. ذلك الشعور أنها ما زالت معي.. هي لا تزال موجودة، لن ترحل !
- حَنين.. ما إلي غيرك بــ هَدنيا

آه.. فقد لو كانت تلك الكلمات التي تلفظنها شفتِيكِ.. روحِك الطيب..
حقاً.. لُكنا مَعاً .. لا يُفرِقُنا سِوى الموت.. لكن الأمر كان مكتوب مُسبقاً.. كان مُقدراً أن.. أكون وحيداً..
مُقدر أن ترحلي.. كان مُقدراً أن لا نبقَى معاً لوقتٍ طويل.. لقَد أخذكِ الموت مني.. " زهراء"..

تلك الموسيقى المؤلِمة.. الموجِعة..
كيفَ سمعتُها.. طرقاتهُ ونجدتهُ.. كل هذا كيفَ سمعتهُ ؟

يا الله !! بُكاءهُ، تلك الشهقات الموجِعة..
كان لَحنُ تلك الدموع.. ذلك الوَجع الذي لم نَستطع نسيانهُ..
ذلك الفتى أعادَ لي الذكريات.. رُغم مُحاولات النسيان..
لَم أستَطع أن أنسى.. لَحظات الأبوة.. العائِلة وَالحُب.. هذا الشعور لَم أستطِع نسيانهُ !!

رُغم أنني قَد تَخلَصتُ.. تَخلَصتُ من كُلِ شيء يُذَكرني بِهما..
الذكريات تَبقى محفورة في الذاكِرة.. كيفَ أنسى وهذه الذكريات لا تنفكُ بالتسللُ داخِل عقلي..
وتأتيني على شكلِ حُلمٍ جميل.. جميلٍ إلى حدِ أنني لا أريدُ الاستيقاظ !!

مرةً جاء إلى باكياً.. فأخذَ بعناقي بشكلٍ مُفاجئ..
فَسألتهُ: ما الذي حَصل؟

فأجابني بُبكاء هيستيري.. لا يَتوقَف..َفما كان مني إلا أنني بادلتهُ العناق بشكلٍ قَوي..
أخذتُ أهدئ رَوعهُ بكلماتٍ لَطيفة.. لا أحتَملُ رؤيتهُ يبكي..
بُكاءه بهذا الشَكلِ يؤلِمني.. كان مؤِلماً سماع ذلك اللحن.. تلك الموسيقى !

- بابا.. أنتَ ما رَح تتركني.. صح بابا..
فاستغربت من هَذا.. كان هذا السؤال مُفاجئ جداً..
فأُجيبه مُبتسِماً.. ولِما أترُكك يَا فَلذَة كبدي.. أنا أبيك.. أبيك يا " نور "..
والأَب لا يتركُ فلذات أكبادهِ أبداً..

أذكرُ أنني وبَختهُ على هذا التفكير.. يبدو أنه حَلم حلما سيئاً، أو فكر بتفكير سيء..
أخذتُ أمسحُ تلك الدموع.. أُخفف من ألمهِ..
" هَذا التفكير لا تُفكر بِه مُجدداً نور حبيبي.. "
قُلتها لهُ.. أذكرُ أنه هَز رأسهُ مُطيعاً.. فابتَسمت...

- بابا.. أوعدني أنك ما رح تتركني..؟
- ليش.. ما قلت لَك تَبطل هالتفكير نور ..
- بابا أنا بس خايف.. خايف تتركني أنا وماما لوحدنا..
- نور !

صرختُ غاضِباً.. هو أغمضَ عينيهِ خائفاً..ما زلتُ أذكرُ ملامح وجهه الخائف.. آه نور..
" نور.. أنا لن أترككما.. أنتَما أغلى ما أملكُ في هذهِ الدُنيا.. "
آه.. كنتَ صغيراً، جداً.. تُشبهُ أمَك إلى حد كبير..

لِما؟ أغلى ما لدي.. كنتُما حياتي.. الأكسجين الذي أتنَفسهُ..
الآن.. ما أتنفسهُ فقط.. اليأس.. الحُزن.. الألم والَوحدة !

أذكرُ أنني.. بكيت بكيت بشدة.. بُكاء لم أبكيه في حياتي..
بدا أنني وقتها لَم أبكي على فُراقِهما.. لَكن في تلك ليلةٍ ٍ..
بكيت.. بكيت بشدة، وتمنيت لو أنهما يرجعان.. اشتقت إليهما..
زَهراء زوَجتي.. نور ابني.. كِلاهُما.. !

وأذكرُ أنني اشتقتُ.. اشتقتُ للحكي..
أودُ أن أحكي ألمي.. هَذا الوجع الذي في قلبي لا يُحتَمل !!
... اشتَقتُ إليهما..



[/align]
[/cell][/tabletext]
__________________
~ الوداعُ ما هُو إلّا لِقاءٌ آخر أعزائِي.
مُدونتي، معرضي

Tumblr, @Niluver, @Ask.fm@
رد مع اقتباس