عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 09-22-2015, 09:52 PM
 
الفصل الخامس

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




5-رحلة عمل
*********************
توجهت سابرينا الى جهاز الاستريو وادارت بعصبيه المؤشر لتوقفه.
لم تجد في الانغام الموسيقيه ما يرضيها بل لم تجد ادنى رغبة في الطهو أوالتنظيف..
.حتى لو احتاج الامر الى ذلك.

وسئمت كذلك القراءة لانها تحتاج الى تركيز كثير منها في حين انها كانت شاردة الذهن وقلقة.
وهتف بها صوت داخلي يلقي اللوم على باي كاميرون لانه كان السبب الحقيقي
وراء هذه الصورة التي الت اليها ولم تعرف لماذا اثرت عليها رحلة العمل التي قام بها باي
الى لوس انجلوس كل هذا التأثير.

كانت نوبات القلق تنتابها كثيرا من قبل وحتى قبيل الحادث لكنها كانت تعرف كيف تتغلب عليها
بتكريس كل طاقتها للرسم اما الان. فليس لديها اي متنفس ترجع اليه.
" هل حاولت تشكيل اي تمثال بالنحت؟"

خيل لها صوت باي يتحدث بوضوح في عقلها كما لو كان يقف الى جوارها.
واحست ان البذرة التي غرسها منذ عدة ايام بدأت تؤتي ثمارها.
وقبل ان تغير رأيها اتصلت بالهاتف بمخزن الادوات الفنية
وطلبت سام كارليل وتقلصت اصابعها بعصبية على حبل الهاتف
وبعد عدة دقائق سمعت صوتا فأردفت تقول:
" اهلا سام...انا سابرينا"

فصاح بدهشة تخالجها الشجاعة:
" سابرينا....كيف حالك؟"
ثم تغيرت نبرة صوته في الحال وقال:
" اسمعي...انا اسف. مضت مدة طويلة لم اتصل بك هاتفيا
أو اتوقف للسؤال عنك ولكن على اي الاحوال..."
فقاطعته بسرعة وقالت:
"كل شئ على ما يرام. في الواقع انني اطلب منك ان تؤدي لي خدمة"
" اطلبي ما تشائين وسوف البي طلبك"
" هل في وسعك ان تبعث لي رسولا معه صلصال وادوات نحت زهيدة الثمن؟"

فسألها مشدوها:
" هل عزمت على ممارسة النحت؟"
قالت سابرينا:
" سأحاول.ولهذا اطلب منك ان ترسل لي الادوات الضرورية حتى ارى
ما اذا كانت المحاولة تستحق الاستمرار او انفض يدي منها"
فقال سام:
" اعتقد انها فكرة رائعة...ضربة عبقرية"
" هل يمكنك ارسال الادوات مع رسول؟"

" اتمنى ان آتي بنفسي لو سمح لي العمل ولكن عندي موظف
سيغادر المخزن بعد عشر دقائق وسيكون منزلك هو اول محطة له"
وشاعت البهجة في وجهها وهي تقول:
" شكرا لك يا سام"

قال وهو لا يعير اهتماما لايات الشكر التي طوقت عنقه بها:
" اسمعيني...انا اسف لانني لم اقدم لك اقتراحا كهذا من قبل.سوف تصلك الادوات حالا.
سوف نلتقي قريبا. اليس كذلك؟"
فقالت سابرينا:
" اجل يا سام...قريبا"

وبعد مضي نصف ساعة وصلت الادوات وكانت سابرينا
قد نظفت مكانا صغيرا في الاستيديو حيث تستطيع ممارسة عملها
اما في المساء ستعهد الى ابيها برفع بقية الادوات الثقيلة.
وكان الرسول تطوع بحمل الطرود الى المكان الذي ترغب به سابرينا
حتى يوفر عليها مجهود نقلها الى الاستديو.
تراقصت رعشة من الاضطراب في سلسلتها الفقرية وكان قميصها الفضفاض القديم
معلقا وراء الباب تنبعث منه رائحة الالوان الزيتية وسوائل التنظيف حيث كانت ترتديه فوق ثيابها
اثناء الرسم لحمايتها من الاتساخ فارتدته ثم سارت نحو مائدة العمل
وهي تحدث نفسها قائلة: قريبا سوف يمحو عبير الصلصال هذه الرائحة.

وانهمكت في العمل وتلاشت من حسابها مشكلة الزمن
وواصلت تشكيل تماثيل بسيطة واتخذت الفاكهة التي حملتها معها من المطبخ نماذج راحت تتلمسها بيدها.
واستفاقت من استغراقها عندما نادى عليها ابوها للمرة الثانية. فأجابت:
" انا فوق...في الاستديو"

وتراجعت خطواتها وهي تمسح يدها في قطعة القماش وسمعت اقداما تصعد الدرجات بسرعة فالتفتت نحو الباب ووجهها يكسوه الخوف والاضطراب.
وعندما رآها ابوها تنهد ثم قال:
" كدت اجن. لماذا لم تجيبي على ندائي؟ ماذا تفعلين هنا؟"
اجابت سابرينا:
" اعمل"
______________
_____________

وخيم صمت مطبق افصح لسان حاله عن ان التفسير ليس ضروريا بعد ان راى بنفسه.
وانتظرت سابرينا بضع ثوان ليدلي بالتعليق على اعمالها الفنية ولما طال انتظارها سألته وهي لاهثة الانفاس:
" ما رأيك؟"
فقال لها:
" لا كلام عندي.كيف؟...متى؟...."

وانفجر ضاحكا عندما تعثرت اسئلته على لسانه فألقى ذراعه على كتفيها وقبلها قبلة عنيفة واسترسل يقول:
" انت فتاة رائعة...وانا فخور بك"
واضطرب صوته مشوبا بحرارة عواطفه.

فقالت بشوق:
" طبعا...ولكن ما رأيك؟"
فابتسم ابوها قائلا:
" اذا كنت تسألين عما اذا كان في وسعي ان افرق بين التفاح والاجاص فأن جوابي: نعم بالأكيد استطيع.
وفي وسعي ايضا ان ارى عنقود العنب الذي تقومين بتشكيله الان.
ولا حاجة بي الى ان اقول انه يصعب على المرء ان يميز بين الطبيعة الحية والطبيعة الصامتة"
" هل حقا تعني ما تقوله يا ابي؟"

قال مؤكدا على كلامه:
" اعني ما اقول. والان اسألك: متى قررت القيام بكل هذا؟ لم تشيري لي بكلمة واحدة عنه؟
متى حصلت على كل هذه الادوات؟"
" في الاسبوع الماضي سألني باي اذا كان بوسعي استعمال الصلصال في تشكيل التماثيل
وفكرت مليا في اقتراحه واتخذت قراري هذا الصباح فقط لكي ابدأ المحاولة
وطلبت من سام في مخزن الادوات الفنية ان يبعث لي بأدوات نحت مع رسول"

" هذا الصباح؟ انت تعملين منذ هذا الوقت؟ لابد انك مجهدة؟"
" مجهدة؟؟"
وادارت وجهها نحوه وعلى شفتيها ابتسامة عريضة واردفت تقول:
" كلا يا ابي..احس بأنني ما زلت على قيد الحياة. هذه اول مرة اعمل فيها من فترة طويلة"
وران الصمت لفترة فالتقط ابوها نفسا عميقا وقال:
" في الواقع انت استغرقت في العمل يوما كاملا ولا معنى لبذل المزيد من الجهد
وخاصة انك نسيت تناول وجبة العشاء"

قالت مستسلمة:
" انا طوع امرك"
وامضت سابرينا كل دقيقة من وقتهاعلى مدى اسبوع في حجرة الاستديو
وكانت النتائج النهائية اقرب الى الفشل منها الى النجاح
ولم تأبه عندما اصر ابوها على انها لن تتوقع الكمال
وهي في بداية الطريق ولكن سابرينا كانت تبذل كل جهد لكي تحقق الكمال
مهما كلفها الامر ولا شيئ اقل من الكمال يرضيها.

وفي صباح يوم الاحد امرها ابوها ان تغادر الاستديو قائلا:
"بالله عليك استريحي يا سابرينا فلقد ارهقت نفسك طوال الايام الستة الماضية"
وسقطت مستسلمة لمنطقه وشعرت اصابعها بالالم من الصلصال الذي غطى راحتها
وادركت ان اباها على حق وقال لها:
" لدي عمل اريد انجازه في الزورق. لماذا لا تأتين معي اليوم
ستكون ديبورا مشغولة في المطبخ وانا واثق انك ستتسللين الى
هنا عقب رحيلي اذا لم يكن لديك اي شئ تقومين به"

وضحكت سابرينا وقالت:
" لن افعل ذلك"
فقال ساخرا:
" اوه....اعلم ذلك..اذن ستأتين معي؟"
قالت بعتاب:
" اعتقد انه امر رهيب اذا كنت لا تثق بي... انا ابنتك.
وخير لي ان اذهب معك ما دمت ترى اني لم اعد موضع ثقتك "

اضاف ابوها قائلا:
" البسي ثيابا كافية لان هناك نسمة شديدة تهب من المحيط الهادي
واختاري منها ما يتحمل الاتساخ لانني فكرت في ان اعهد اليك بتنظيف قاع الزورق"
وهزت سابرينا رأسها وقالت:
" لهذا السبب تريد مني ان اذهب معك"

فقال لها وهو يتجه الى السلم:
" الا تظنين حقا اني ابغي صحبتك؟"
واكتشفت سابرينا ان الريح كانت قارسة وضباب الصباح
لم ينقشع بعد لذلك فشلت حرارة الشمس في تدفئة الجو.

وعندما هبطت الى قاع الزورق لم تشعر بتلك النسمة الباردة فبدأ العرق يتصبب فوق جبهتها....
مسحته وبدأت تطوي اكمام بنطال العمل الازرق الذي كانت ترتديه وشرعت في تنظيف ارضية الزورق
وتعلقت قطرات من العرق بالياقة الصوفية لسترتها التي اخذت تدغدغ جلد ظهرها الحساس
ولم تستطع ان تحكه اذ كانت يداها تغطيهما رغوة الصابون وما ان انتهت من اداء مهمتها
حتى قررت ان تنادي اباها ليتناول فنجان من القهوة
وادركت من الاصوات التي تناهت اليها انه يتحدث مع احد هواة الرحلات البحرية .

وفكرت ان تحمل دورق القهوة وبعض الفناجين الى سطح الزورق لتقديم لهم القهوة
ولكنها سمعت خطوات هادئة لشخص ينتعل حذاء مطاطي
وهي تقترب للهبوط على الدرجات المؤدية الى قاع الزورق
فأسرعت سابرينا تزيل الصابون الذي يكسي الارضية
وعندما بدأ يهبط السلم توقفت ثم التفتت في اتجاه الخطوات القادمة:
" فكرت ان اقدم لكم القهوة على سطح الزورق يا ابي حالما انتهي من التنظيف هنا.
وسوف احضر معي فناجين اضافية اذا احب الاخرون مشاركتنا في احتسائها"
" هذا اقتراح جميل"

" باي عدت ثانية"
واطلقت صرخة السرور والفرح بلا وعي من شفتيها!
فقال لها باي:
" عدت متأخرا بعد ظهر امس وتوقعت رؤيتك هنا اليوم مع ابيك
ولكنني لم اتوقع ان يجعل منك جارية تقوم بتنظيف ارضية الزورق "
ابتسمت سابرينا وقالت:
" هل امضيت رحلة طيبة؟"

" نعم ... قمت بمراجعه حسابات بعض العقارات المستثمره و تفقدت بعض الاراضي التي ارغب في شرائها.
ثم التقيت بصديق قديم كان صديقا لي في الجامعه و تركته يتحدث مع ابيك على سطح الزورق.
لما لا تأتين لمقابلته ؟ "

و كانت تتوقع ان يكون هذاالصديق امرأه و خشيت ان ينعكس شعورها في تعبيرات وجهها
و ودت من اعماقها الا يحدث ذلك حتى لا يشعر باي انها غيوره .
انهما مجرد صديقين و اخيرا قالت :
" سأنتهي خلال دقيقة. اذا كنت تحب ان تتناول القهوة احمل معك الدورق
وهناك فناجين اخرى في الخزانة خذها معط. وانا سأحمل معي علبتي السكر والحليب"

ووافق باي قائلا: " حسنا"
وبعد مضي دقائق انضمت سابرينا الى الاشخاص الاخرين المجتمعين على سطح الزورق
وعندما رفعت الريح خصلت شعرها من فوق جبينها ادارت وجهها لتستقبل لفحة الهواء البارد فقال لها ابوها:
" سابرينا...دعيني اتناول منك هذين العلبتين"

وتناول العلبتين منها وساعدها في الوصول الى سطح الزورق.
فقال باي:
" هذه الانسة سابرينا لين...ابنة السيد غرانت لين وهذا اخي الصديق العجوز الدكتور جو براوننغ"

قال صوت اجش في لهجة ساخرة:
" انا معروف لدى جميع مرضاي واصدقائي باسم جو او الدكتور جو"
وسرت رعشة باردة عبر سلسلتها الفقرية وقالت:
" كيف حالك"

وكانت تحيتها جافة منذ ان اعتادت ان تنأى عن كل العاملين في مجال الطب
منذ اللحظة التي وقعت فيها الحادثة ولقاءتها المتتالية لسلسلة الاطباء.

وافاقت على صوت الدكتور وهو يقول:
"جو....اسمي جو. اخبرني والدك انك عمياء منذ عام واحد. ارى ان امورك تسير على مايرام"
فقالت له:
" ليس لدي اي اختيار. هل هناك سبيل اخر؟"
" بالطبع يوجد هناك سبيل اخر وهو ان يسوء بك الحال"

كانت اجابته هراء بعثت ابتسامة شاحبة الى شفتيها وكانت دائما تتوقع من الطبيب ان يكون- حتى في بيته – حازما..غير عاطفي.. يؤدي واجب الاحسان لمريضه ولكن هذا الطبيب يبدو مغامرا تماما فقالت له:
" كنت اندفع الى الاثاث والمباني اول مرة"

" وهل تستعملين عصا او تستخدمين كلبا يكون بمثابة عينك المبصرة"
ولم يتح لها الفرصة للاجابة عن سؤاله وتابع قائلا:
" اسمع ان العميان يستخدمون كلاب البودل مثلما يفعل رعاة الغنم وتكون هذه الكلاب عيونهم المبصرة.
هل تتخيلين شكل كلب البودل بتسريحة بومبادوروخصلة من الزغب تعلو ذيله يقود رجلا اعمى؟
ان منظر الرجل يبدو لي في قمة السخرية على حين لا اشعر بأي امتنان لذكاء الكلب"

و ضحكت سابرينا من تلك الصورة التي رسمها الطبيب في ذهنها فقد كان تصويره لا يدعو الى الاحترام
بقدر ماكان يبعث على الضحك مما بدد القلق الذي سيطر عليها ولاقى ضحكها ارتياحا لدى الجميع
مما جعل الحديث يتدفق طبيعيا بينهم.
وهيمن الدكتور جو على دفة الحديث بموضوعاته المتعددة الا ان الحديث كان يتركز في بعض الاحيان
حول موضوع فقد بصرها والضرر الذي لحق بالاعصاب البصرية نتيجة لاصابة رأسها.
عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيل
وادركت فجأة ان هذه التساؤلات لم تكن عرضية وانما كانت موجهة اليها بفكرة مدروسة
وقاطعت الطبيب في منتصف حديثه قالت:
" انتظر دقيقة. اخبرني بالضبط اي نوع من الاطباء انت."
قال:
" واحد ممتاز..جراح متخصص"
بعدها رفعت رأسها مستوقفة وسألته بنبرة اتهام:
" من اي نوع؟ انتظر....دعني اتكهن. انت جراح عيون."
قال جو براوننغ بلا ادنى حرج:
" تقديرك في محله وهذا دليل على انك فتاة شديدة الانتباه"

" علام كل هذه الاسئلة هل هو امتحان خبيث؟"
فقال ببساطة:
" اجل"
عندئذ تملكها الغضب فاستدارت تجاه المقعد الذي يجلس عليه باي وقالت:
" هل طرحت الموضوع عليه, اليس كذلك يا باي كاميرون؟
وانت يا ابي لابد انك طرقت الموضوع معه ايضا؟"

فأجاب ابوها بصوت يشوبه الندم:
"كانت فكرتي انا في اخفاء سبب قدوم الدكتور جو لرؤيتك.
باي قام بالاتصال به فقط اما بقية الفكرة فكانت من عندي"
قالت سابرينا:
" ولكنك ادعيت يا باي انه زميل دراسة قديم!"
فقال الدكتور:
" اجل انها الحقيقة. الحقيقة ايضا اننا التقينا مصادفة في لوس انجلوس
ولم تكن لديه اي فكرة بانني عدت الى هناك منذ غادرت المدينة لاقضي عدة سنوات في الساحل الشرقي.
وفي لقائنا نوه عنك في الحديث الذي دار بيننا وبحكم المهنة...تاقت نفسي الى رؤيتك"

وقال باي بهدوء:
" انا آسف يا سابرينا....انني اعرف مسبقا انك سوف تضيقين ذرعا عندما تكتشفين الامر"

" اذن....لماذا حاولت خداعي؟"
" شعرت ان من واجبي احترام رغبات والدك وكان هناك احتمال قوي بأنك لن تكتشفي جلية الامر
اذا لم يكن الدكتور جو على يقين من وجود امل ان تستعيدي بصرك"
فسألت:
" هل تعتقد يا دكتوران هناك اي امل؟"

ورفعت رأسها في خيلاء نحو الطبيب في محاولة لاخفاء اي ردة فعل لقراره.
قال الطبيب بصدق وامانة:
" احب اجراء بعض الفحوص في احدى المستشفيات قبل ان اصدر قراري الاخير.
واعتقد انه توجد هناك فرصة ضئيلة تبلغ نسبتها عشرة في المائة..تتيح لنا اجراء عملية"

فقالت سابرينا متحدية:
" ادرك ما تقول..فأنت تظن ان هذا ما حدث معي تماما......."
قال:
" لا اعرف تماما ولكن من واجبنا الا نتجاوز هذا الاحتمال وللتأكيد ستدخلين المستشفى لاجراء بعض الفحوصات.
انا لا احب ان ابعث امالا كاذبة في نفسك يا سابرينا
وانما توجد امامك فرصة ضئيلة لاستعادتك بصرك والقرار متروك بين يديك"

******
لم تتغلب رائحة الزهور التي حملها ابوها معه على رائحة العقاقير الطبية المنتشرة في ارجاء المستشفى.
وانتهت ساعات الزيارة واطفئت الانوار وازداد عالمها المظلم سوادا في هذه الليلة وشعرت انها وحيدة..
فريسة للآلام. كانت تخشى ان تتعلق بأمل ان يأتي الغد ويخبرها بنجاح الفحوص
ولكن لماذا كل هذا الخوف وقد جاءت الى هنا بمحض ارادتها لاجراءها.

واطبقت سابرينا اصابعها حتى استحالت الى قبضة استكانت الى جوارها.
ولعنت باي لمقابلته صديقه الطبيب. لقد رضيت بالامر الواقع وبدأت تعيش حياتها الجديدة.
ومنذ ان كان باي هو المسؤول عن وجودها جزئيا في المستشفى فان اقل ما كانت تتوقعه منه
ان يأتي لزيارتها ولكنه لم يفعل واكتفى بارسال رسالة شفوية مع الدكتور جو متمنيا لها حظا سعيدا
ثم سار في سبيله لحظة ان سمحو لها بدخول المستشفى.

واعترى جسمها الاضطراب وادركت انها خائفة وودت ان تصرخ او تبكي ولكن الوضع انفرج قليلا
ودخل شخص الى الغرفة اخذت خطواتها تقترب من فراشها وخالجها شعور ان هذا الشخص ليس بالممرضة
وتأكد لها ذلك عندما نفذت رائحة عطر ما بعد الحلاقة الى انفها.
وسألها برقة:
" هل انت مستيقظة؟"
فهمست سابرينا:
" اجل"

ورفعت جذعها ليتخذ وضعا قائما وهي تحاول تسوية ثوبها الرقيق على جسمها واردفت تقول:
" ساعات الزيارة انتهت وليس مفروضا ان تكون هنا الان"
فابتسم قائلا:
" صحيح واذا شوهدت هنا فسيطلبون مني الرحيل. كيف حالك الان؟"
قالت كاذبة:

" بخير...."
وشعرت بثقل جسمه على حافة الفراش واستطردت تقول:
" خيل الي ان الدكتور جو اشار عليك بالذهاب الى حفل او اي شئ من هذا القبيل"

فقال باي:
" ذهبت...لكني تسللت لاراك. هل هذا يرضيك؟"
فأجابت سابرينا:
" يرضيني...مادام يرضي السيدة التي كنت بصحبتها"
" وما الذي يدفعك الى الاعتقاد بانني كنت بصحبة احدى السيدات؟ بالتأكيد كنت اتمنى ذلك"

" ولكنك لم تفعل...لانك لو كنت مع احدى السيدات لتعطرت بعطر باريسي باهظ الثمن."
وكانت تحاول بحديثها اخفاء مخاوفها عنه.

فقال ساخرا:
" اه... من المخبرة العمياء"
وهزت كتفيها باستخفاف:
" واذا سلمنا مبدئي بأنك كنت في الحفل...فمن المنطق انك سحرت احدى الجميلات"

" الان اخطأت الهدف"
فمالت سابرينا برأسها جانبا وسألته بسخرية:
" لماذا؟"
فأجاب باي بخفة:
" لانني اركزكل سحري على فتاة عمياء اعرفها...انسانة جذابة للغاية"
فشعرت سابرينا بغصة في حلقها وهي تقول:
" اجد صعوبة في ان اعتقد....."

واحست بيده الدافئة فوق يدها وقال:
" يداك باردتان يا سابرينا.....ما الامر؟"
وبعث اتهامه رعشة في جسمها وتنهدت باضطراب ثم قالت:
" انا خائفة يا باي... من الغد"

ولم يتفوه بكلمة لدة دقيقة وشعرت به يغير من ثقله على الفراش
والتفت ذراعه حول كتفها وجذبها الى صدره وراح يهدهد رأسها وتمتم بهدوء :
" دعينا نفكر ماليا....مخاوفك ليست بسبب الفحوص التي سيجريها الدكتور جو
وانما هناك امران اولهما خوفك من ان تستعيدي بصرك والثاني خوفك من ان لا تستعيديه...اليس هذا صحيح؟"

وهزت سابرينا رأسها بالايجاب وشعرت بالسعادة وهي تستمع الى دقات قلبه المنتظمة تحت رأسها
والطمأنينة في كنف ذراعيه القويتين واسترسل قائلا:
" اعرف انك لا تخافين من عودت الابصار اليك لان ابصارك سيسعد الجميع بقي الامر الثاني..."

" انا...انا تقبلت وضعي في ان اكون عمياء وبدأت امارس تشكيل التماثيل بالصلصال هل اخبرتك بذلك؟ انا جبانة...ليتني ما رضخت لهذه الفحوص. ليتني ما قابلت الدكتور جو.
لا اريد ان اعاني الالام مرة ثانية التي تذكرني انني سأبقى عمياء الى الابد "
فقال باي ساخرا:
" اين تلك الفتاة الثائرة. انت لست جبانة يا سابرينا لان الجبان لا يأتي الى المستشفى
ولا يشترك في المغامرة الصغيرة التي يقدم عليها جو.
انت لن تنفجري بالبكاء او تلطمي صدرك اذا جاءت الفحوص سلبية.
اما الفتاة الثائرة التي اعرفها فستهز كتفيها باستخفاف وتقول: حسنا...انه قدري."

وشعرت به يبتسم وهو يردد عبارته ثم استرسل يقول:
" لن تزداد حالتك سوءا وما من شئ تخسرينه"
فتنهدت قائلة:
" هذا ما حاولت ترديده لنفسي"

" دورك ان تكفي عن الكلام وتستعدي لمواجهة الامر الواقع"
ولم يكن بحاجة الى جواب لانه امسك بيدها عدة دقائق فسرت
قوة عضلاته الى ساعديها لتطارد مخاوفها المفرطة"
واخيرا سأل:
" هل انت بخير الان؟"

وهزت رأسها.
ولمست ذقنها صدره وقالت مبتسمة:
" اجل"
فقال برقة:
" خير لي ان اذهب قبل ان تاتي الممرضة وتظن بنا الظنون "
واسند رأسها على الوسادة وقام بتسوية الغطاء حول صدرها
وعندما انتصب بقامته بحثت سابرينا عن ذراعه وهمست قائلة:
" شكرا لمجيئك يا باي"

" لا تشكريني على امر احب ان اقوم به. ليلة طيبة يا سابرينا سأراك ثانية"
وتناهى الى سمعها صوت خطواته الرقيقة وهي تبتعد وشعرت بتيار الهواء ينساب عندما فتح الباب واغلقه وراءه.

******
لاح لها فراش المستشفى وكأنه وسادة مملؤة بالدبابيس تغرز جلدها
وهي تتقلب فوقها وكانت تعلم ان الانتظار هو الذي يؤرق مضجعها.
فقد مر يومان ومازال الدكتور جو ينتظر نتيجة الفحوص
ولكن التجهم الذي بدا في صوته بالامس اكد لها ان النتائج غير مشجعة.

سار ابوها في غرفتها وكان القلق باديا في خطواته وفجأه توقف عن المشي واستدار نحوها
وبعد دقيقة هبت نسمة من الممر فمست وجنتها فأتجهت برأسها نحو الباب:
" صباح الخير سبرينا...صباح الخير سيد لين"

" انه طقس سئ اليوم ولكنكم يا معشر سان فرانسيسكو اعتدتم على ضبابه"
ولكن اباها تجاوز مزاحه وقال:
" هل وصلت نتيجة الفحوص؟"
" اجل"
ورفعت سابرينا رأسها استعدادا لسماع النتيجة ونادت بلا وعي قائلة:
"باي...هل انت هنا؟"

فأجاب باي بهدوء:
" مرحبا يا سارينا"
فقال الدكتور بعد لحظة ضاحكا:
" لا تخبرني بان المريضة هبة تبادل الخواطر مع الاخرين"
فقال باي مصححا:
"ابدا...لديها حاسة شم قوية تعرف بها رائحة عطر ما بعد الحلاقة"

ولم تصحح سابرينا كلامه...لانها لم تكن واثقة من ان هذا الشعور الذي خالجها
هو الذي حدثها عن وجوده هناك ام ان رائحة عطره هي التي اهدتها اليه
.
وتنفس الدكتور جو نفسا عميقا وقال:
" فلنعد الى المهمة التي بين ايدينا الان لقد قمت بتحليل نتيجة الفحوص مرتين"
وتوقف عن مواصلة الحديث قليلا فاندفع غرانت لين قائلا:
" وماذا بعد...؟"
" لا تنسى اننا نقامر يا سيد لين"

وكان التجهم الذي يشوب صوته يحمل بين طياته انذارا.....وودت سابرينا ان تسمع بقية الجواب بسرعة...
فأردف يقول:
" وعلى ما يبو انه ليس بامكاننا فعل اي شئ وانني لشديد الاسف ان افضي لكم بهذه الحقيقة"
وكان الصمت الذي ران على ابيها يحدثها بأن ابيها كان يتلو الصلوات من اجل حدوث معجزة.

وصلت هي بدورها ولكن النطق بالحكم الذي صدر منذ دقائق سحقها تماما.
ورسمت بسمة باهتة على شفتيها وقالت:
" كان علينا ان نتخذ الفرصة التي اتيحت امامنا....يا دكتور جو"

وازدادت ابتسامتها عندما استعات ذكرى اول ليلة امضتها في المستشفى
وتذكرت باي وهو يقول لها: يجب ان نهب الفرصة حماستنا.
وسار الطبيب نحو الفراش وامسك احدى يديها بدفء وقال:
" شكرا لك يا سابرينا"

وبعد ان قدم التحية لابيها رحل وهو يعتذرله مرة ثانية ثم سمعت باي يقترب من فراشها
ويتوقف بالقرب منها وشعرت بنظراته النافذة ترمق وجهها وسألها بهدوء:
" هل انت بخير؟"
فأجابت هامسة: " نعم"

وادركت انها تقول الحقيقة وليست مجرد كلمات شجاعة ترددها فقال باي لها:
" انا اعرف ان ملكتي العمياء الثائرة ستعيد صقل الموقف مرة اخرى"
فأجابت سابرينا:
" بمساعدتك استطات هذه الملكة ان تفعل الكثير"
فقال باي مستنكرا:
" لا يسعني ان اشهد الا انك ذات ارادة قوية ولكننا سنناقش الامر في وقت لاحق.
ما رأيك ان نلتقي في مساء السبت؟"
فكررت كلامه:
" مساء السبت!"

" اجل يمكننا ان نتناول العشاء سويا. سأمر بسيارتي حوالي الساعة السابعة."
سألته وفي حلقها حشرجة:
" هل هذا امر ام دعوة؟"
" كلاهما هذا يتوقف على ردك"

فقالت سابرينا مطأطئة الرأس:
" انا فخورة ان اتناول العشاء معك....يا سيد كاميرون"
واضافت تتحدث الى نفسها في صمت: بل انه اكثر من الفخر.
ثم اخذت تتطلع الى مساء السبت بشغف غير عادي.

********نهاية الفصل الخامس********


استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]









__________________

حينَ تتجاهلُ كوني لُغزاً....
فإياك وتجاهُلُ كوني همساتُ جنون....
مُدونتي||....тнιѕ ιѕ мє

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 02:58 PM