عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 09-23-2015, 04:26 PM
 
الفصل العاشر

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477445341.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].















.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477448283.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



[/ALIGN]
[ALIGN=center]





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اضحى مبارك
وكل عام وانتم بخير
وعساكم من عوادة
وهذا هو الفصل الاخير من الرواية
اتمنى انها عجبتكم وحبيتوها







10- تقييم فني

*****************
نادى غرانت لين على ابنته من الطابق الاسفل:
" سابرينا...هل يمكنك ان تنزلي اود رؤيتك دقيقة واحدةة"
فتنهدت سابرينا بتثاقل وقالت:
" الا يمكنك الانتظار يا ابي؟"
اجاب:
" لا...ان الامر بالغ الاهمية"

قامت سابرينا بتغطية التمثال الذي اوشكت ان تتمه.
وكات في وسعها ان تقنع اباها بتأجيل ما يراه مهما ان هي اصرت على عدم النزول.
ولكن الاعياء بلغ بها حدا لم تستطع معه مواصلة النقاش فخلال الاسبوعين السابقين
كانت تعمل بجهد كبير وتنام قليلا.

قالت:
" سأنزل حالا. ماذا تريد مني يا ابي؟"
وراحت تهبط السلم وعندما بلغت منتصفه شعرت بوخزة في ظهرها
والقت اللوم على اعصابها المتوترة وتوقفت عند الدرجة الاخيرة
بينما كان رأسها يندفع اتجاه نهاية السلم عندما فوجئت بصوت باي المتهكم يكبح من سرعتها
وهو يقول:
" اهلا...سابرينا...اعتذر لتعطيلك عن العمل"

احنت سابرينا رأسها وهبطت الدرجة الاخيرة وهي تدس يدها المضطربتين في جيبها وقالت:
" انها مفاجأة لي يا باي. ماالذي اتى بك الى هنا؟"
بدأ ابوها يوضح الموقف وقال:
" توقف باي لـ..."

ولكن باي قاطع حديثه وقال:
" يمكنك ان تسمي هذه اخر خدمة مفيدة اقدمها لك. اريد يا سابرينا ان تقابلي هاول فلتشر"
سمعت صوت رجل ينم عن ثقافة يقول:
" هل هذه هي السيدة الشابة التي تحدثت عنها؟"
وتقدم لتحيتها واستطرد يقول:
" الانسة لين ارجو ان يكون لقاءنا من دواعي السرور لكلينا"

وقدمت سابرينا يدا مرتبكة لتحيه وقالت معتذرة:
" انا اسفه...لا اظن انني ادرك تماما سبب زيارتك!"
فقال باي موضحا:
" جاء الى هنا ليرى اعمالك الفنية ويدلي برأيه في مهارتك الفنية وتفكيرك"

وافتقدت سابرينا الدفء الذي تعرفه في صوت باي فبدا لها شخصا غريبا
ولم تتسم نبرته بالسخرية او الصداقة اللتين اعتادت عليهما.
" لا اظن...."

وتوقفت عن مواصلة الحديث وكأنها كانت تعترض بخشونة على ان تكون اعمالها الفنية هدفا لتقييم احد النقاد المختصين فقال هاول فلتشر:
" يمكنك ان تكتشفي الان ما اذا كنت بددت وقتك في الرسم او النحت
ام انك قد انجزت عملا فنيا عظيما"


حدثت سابرينا نفسها بما قاله باي بأنه يؤدي لها خدمة مفيدة.
رفعت رأسها وقالت:
" احتفظ بكل اعمالي في الاستديو بالطابق العلوي. هل انت قادم معنا يا باي؟"
ويبدو ان باي لم يترث كثيرا حتى يعرف نتيجة التقييم
وانما استأذن في الانصراف من غرانت وهاول وتجاهل سابرينا تماما.

قادت سابرينا هاول فلتشر الى الاستديو ولم يتفوه الرجل بكلمة واحدة
وهو يقوم بدراسة كل قطعة فنية ولم تهتم هي بالامر بل انها لم تكترث لرأيه المرتقب رجل واحد فقط يهمها انه باي
الذي جاء وانصرف قبل ان يخفق قلبها المحطم مرة ثانية.
كان عملها الفني يملأ ساعات الوحدة والفراغ وكان سببا يدفعها الى النهوض من فراشها كل صباح.
وكانت تأمل ان يأتي اليوم الذي تساعدها فيه اعمالها الفنية على الاستقلال عن ابيها.

كانت ترغب في ان يتزوج من ديبورا وينعم بالسعادة معها.
ومن العدل ان يفوز احدهما بالانسان الذي يحبه. اما هي فقد فقدت باي.
سألها الرجل بعمق:
" ما مقدار العمل الذي انجزته منذ ان اصبحت عمياء يا انسة لين؟"
قالت وهي في غيبوبة:
" النحت. اما اللوحات الزيتية فقد انجزتها قبل ان اصاب في الحادث"

قال معقبا:
" فهمت انك تعرفت الى السيد كاميرون منذ بضعة شهور"

دعكت سابرينا ظهرها في قلق ثم قالت:
" اجل...هذا صحيح"
" كيف صنعت هذا التمثال النصفي؟"
فاعتلت ابتسامة شاحبة شفتيها وقالت:
" ان الاعمى يرى بيده يا سيد فلتشر"
" انت لم تسأليني بعد عن رأيي في اعمالك الفنية الست في لهفة الى معرفته يا انسه لين؟"

هزت كتفيها باستخفاف وقالت:
" تعلمت من تجربتي ان الناقد يدلي بنقده دون ان يسأله احد كما ان الثناء يمنح بلا سؤال"
فقال معقبا:
" لك قدر ملحوظ من الحكمة"
" ليس في جميع الاحوال"

وكانت تعني انها لم تتدبر امر حبها بحكمة.
وبدأ هاول فلتشر بالحديث - او بالاحرى – في النقد.
ولم يحتد في كلمته وانما كان يقوم بتشريح كل قطعة فنية على حده دون ان يبالي انه يقوم بتقطيع مستقبلها الفني الى شرائح.
كان يجذب انتباهها الى كل عيب يشير اليه مهما بلغت دقته. وكان كل موضوع يطرحه بين يديها يعد امتحانا لها .

واستمر صوت الناقد المثقف في نقده حتى ودت سابرينا ان تصرخ فيه حتى يتوقف عن الاسترسال في حديثه.
فقد بدا الفشل الذي منيت به في اعمالها الفنية يثقل كاهلها وبذلت جهدا كبيرا حتى لا تتلقى الضربة القاضية منه.

كان يكفيها الآم قلبها المهجور والضربة القاضية كفيلة بأن تزيد كأبتها ولكن شعورها بالكبرياء دفعها الى ان ترفع رأسها عاليا
وهي تستمع الى تشريح الناقد للقطعة الفنية الاخيرة.

واطبق صمت عميق بعد ان تفوه عبارته الاخيرة فتنفست سابرينا الصعداء:
" حسنا...انني لم اعرف الا انني فنانة هاوية غير مقتدرة"
ضحك الناقد وقال:
" يا الهي... انت لست غير مقتدرة... ولست هاوية... من قال لك ذلك يا طفلتي؟"

واردف يقول:
"هناك بعض القطع الفنية التي ينقصها الاتقان وبعض القطع التي تفتقد الحياة وتحتاج الى بذل المزيد من الجهد
ولكن بقية القطع مذهلة للغاية ولا يمكن ان نصدق مبلغ الكبرياء والقوة اللتين تعبر عنهما ملامح الوجه الذي قمت بتشكيله في التمثال النصفي الذي يصور باي.
كما ان العاطفة بالغة الاثر في تمثال السيدة.
انت تحاولين ابراز ملكتك الفنية في الاشخاص مثلما برزت في لوحاتك.
انت تبعثين الحياة فيهم وترتفعين بلسمات الى الدرجة التي تجذب اليهم انظار الناس"

لم تستطع سابرينا ان تصدق ما يتفوه به هاول فقالت:
"اذن...هل تظن انه من المحتم علي ان اواصل العمل؟"
اعلن هاول فلتشر قائلا:
"اذا حافظت على هذا العمل وهذا المستوى فانني استطيع ان اعدك بأنك ستقيمين معرضا خلال ستة اشهر"
فقالت سابرينا:
" لابد انك تمزح"



" عزيزتي...انني لا امزح في مسألة المال وارجو ان تغفري لي عندما اقول ان عماك سوف يلعب دورا كبيرا في الدعاية لمعرضك
الذي سيكون مزيجا بين افضل لوحاتك مع افضل تماثيلك ثم نشرع في دعوة الاشخاص المنصفين"

قاطعته سابرينا وهي تخشى ان يكون باي قد بالغ في تقدير كل هذا فقالت:
" انك تقول هذا ارضاء لباي. اليس كذلك؟"
سألها وكأن كرامته قد جرحت :
" هل تسألين عما اذا كان باي قدم لي رشوة لكي اقول لك ذلك؟
اعلمي اذن ان باي كاميرون بذل ضغوطا مضنية لكي يحملني على الحضور الى هنا اليوم.
انني لست مستعدا لاغامر بشهرتي من اجل احد واذا لم تكن لديك الموهبة او الفكر السديد فأنني قادر على ان اخبرك برأي بصراحة"

صدقته سابرينا واصبحت تشعر أنها تمسك بكأس النجاح في قبضة يدها.
وتركت الرجل يرسم لها خطة اعداد المعرض لكنها لم تستمتع بحلاوة النجاح لان الرجل الذي تحبه لم يشاركها فيه.
كان الانتصار يبدو لها مثل الطبل الاجوف....كحياتها تماما.
********
اعلن هاول فلتشر بأن المعرض سيقام خلال ستة اشهر وحدد موعد افتتاحه بالاسبوع الاول من شهر ديسمبرــ كانون الاول
واختار هذا التوقيت لانه يناسب فصل الاجازات وانطلاق الاموال من جيوب اصحابها.
وادركت سابرينا ان تقدير هاول للفن يسير جنبا لجنب مع تقديره للمال.

تمتم ابوها حتى لا يسمعه المحيطون بهما:
" لقد نجحت يا سابرينا. سمعت ثناء وراء ثناء يطري قطعك الفنية"
فابتسمت سابرينا ابتسامة شاحبة لنبرة الفخر العظيم الذي اتسم به صوته وليس لكلماته التي قالها عن نجاحه وكانت تتصور ابتسامته المشرقة التي علت وجهه.

وقال هاول فلتشر الذي كان يقف في الجانب الاخر من سابرينا:
" كلمات الاطراء رخيصة يا سيد لين ومع هذا حققت نجاحا عظيما يا عزيزتي سابرينا.
لان ضيوفنا دفعوا اموالهم امتثالا لما حكمت به اقوالهم"

قالت سابرينا بنعومة:
" شكرا لك يا سيد هاول"
" انت تعرفين يا سابرينا ان الدبلوماسية تستحوذ دائما على عقولنا لذا سأضطر الان الى القيام بجولة اما انت فيمكنك المكوث هنا.
وتناهى الى سمعها صوت نسائي دافئ قائلا:
" سابرينا...انا باميلا تايسن. كنت مدعوة في حفل منزلي منذ عدة اشهر"

مدت سابرينا يدها تحيها وقالت:
" طبعا يا سيدة تايسن. اذكر ذلك تماما. كيف حالك؟"
زجرتها السيدة وهي تقول بسخرية:
" اشعر بضيق قليل اذا كنت تريدين معرفة حالي. انه لامر رهيب الا تفضي لي بموهبتك الرائعة
وانتظر حتى اضع يدي على حفيدي باي وسألقنه درسا او اثنين لانه اخفى سرك عني"

ابتلعت سابرينا ريقها وهي تقول:
" ليس هناك ما يمكن ان يقال"
كان قلبها يخفق بضربات متوثبة ويد باردة تمسك بعنقها في كل مرة يذكر فيها اسم باي.
قالت باميلا:
" اظن ان باي سيأتي هنا الليلة ليشاركك الاحتفال بنجاحك.
انني واثقة بأنه سيقطع رحلته البحرية التي يقوم بها الى باجا بولاية كاليفورنيا حتى لا تفوته مناسبة كهذه."

وحاولت سابرينا ان لا يبدو على صوتها نبرة الاهتمام وهي تقول:
" اوه...هل كان باي يمضي هذه الفترة هناك؟ لم اره في الاونة الاخيرة. كنت منهكة في الاعداد لهذا المعرض"

وكان من الواضح ان السيدة تايسن لم تكن تعرف ان باي وسابرينا افترقا منذ عدة شهور مضت كما ان سابرينا بدورها لم ترد ان تفضي لها بهذا الامر
. وابدت السيدة تايسن لها بملحوظة قائلة:
" ان التمثال النصفي الذي يمثل باي يخطف الابصار وكل انسان يتحدث عن مدى الشبه بينهما.
ولابد ان هاول يدرك مدى نجاح التمثال وهذا واضح من الثمن الباهظ الذي قدره له."
وهزت سابرينا كتفيها دلالة على انه لا يعنيها كثيرا مسألة الثمن.
وقالت:
" انا مجرد فنانة" .

___________________
_____________________

ولم تكن سابرينا راغبة بعرض التمثال ولكن هاول كان صلب الرأي في مناقشاته معها واصر على الا تتيح الفرصة لمشاعرها بالتدخل في قرارها فأذعنت له بشرط الا يعرض التمثال للبيع.

وكانت سابرينا تعرف ان تفكيره في مجالي الفن والمال لا حدود له.
وحتى لا يثار التساؤل في عدم عرض التمثال للبيع اقترح هاول ان يضع ثمنا باهضا له حتى لا يستطيع احد شراءه. واخيرا وافقت على اقتراحه.

وسألتها باميلا:
" ما هو ردة فعل باي عندما رأى التمثال الذي يصوره ابلغ تصوير؟"
واختار احد الضيوف هذه اللحظة ليقدم التهاني الى سابرينا فاستطاعت ان تتجاهل السؤال الذي وجهته اليها باميلا
ولحسن الحظ التقت باميلا بأحد معارفها فانتحيا جانبا واخذا يتجاذبان اطراف الحديث
فاصبح في وسع سابرينا ان تهرب من الاجابة على سؤالها تماما.

قالت لها احدى السيدات:
" كل اللوحات والتماثيل مدهشة يا انسة لين مذهلة تماما. انها تثير الاعجاب"
هزت سابرينا رأسها بأدب وقالت:
" اشكرك"

وتدخل هاول فلتشر في الحديث وامسك مرفق سابرينا وقال:
"اسمحي لي يا سيدة هاملتون. لابد ان اسرق سابرينا منك لدقائق معدودات"
وقدمت سابرينا اعتذارها للسيدة وسمحت لهاول ان يقود طريقها.
واخذت العصا العاجية تتحسس السبيل امامها وكان هاول ينسى احيانا انها عمياء فيتركها تصتدم بالاشياء التي تعترض طريقها.

سألته:
" من هو الشخص الذي تدفعني الى رؤيته هذه المرة؟"
فقال بصوت يشوبه الوجل:
" لا اعرف كيف اخبرك بدقة يا سابرينا لدي مشتر للتمثال النصفي وهو يرغب في رؤيتك"
قالت بحدة:
" مشتري؟ انت تعرف ان التمثال ليس للبيع"

فأجاب مدافعا:
" حاولت ان اشرح له انك غير راغبة في التخلي عنه لان ثمنه الحقيقي اقل مما هو مقدر له
وخشيت ان تبلغ هذه الحقيقة اسماع الضيوف فتتعرض الاسعار الاخرى للمساومة"

فقالت سابرينا متهمة اياه:
" اما كان يجدر بنا الا نعرض التمثال في المعرض. انت تدرك مقدار شعوري نحوه."

وافق على كلامها بهدوء وقال
" اجل...ادرك ذلك تماما. يمكنك ان تناشديه نخوته الطيبة واقناعه باختيار تحفة فنية اخرى.
انه ينتظر في مكتبي حيث الخلوة التي تتيح لكما المناقشة الحره"

قالت سابرينا باصرار عندما خلفت وراءها اغلب الضيوف لتدخل احدى القاعات الخلفية:
" لن ابيع التمثال. ولن اهتم كثيرا بما قد يترتب على قراري "
ولم يحاول هاول ان يعقب على كلامها وابطأت خطواتها عندما بلغا بابا مفتوحا ودخلت القاعة ورفعت رأسها في عزم واصرار
وتمتم لها بكلمتي حظ سعيد وهو يغادر الغرفة ويغلق الباب وراءه
فتلفتت حولها وارتجفت وهي تنشد معونته.

وفجأة سمعت شخصا ينهض واقفا ولما كانت قد تردتت على المكتب عدة مرات فانها كانت تعرف ان المشتري كان يجلس على الاريكة الفكتورية
الصنع الواقعة مقابل الجدار.
ورسمت سابرينا ابتسامة على شفتيها وتقدمت تخطو نحو الصوت. ومدت يها لمصافحته وهي تقول:
" انا سابرينا لين كيف حالك؟. اخبرني هاول بانك حريص على شراء قطعة فنية اثيرة الى نفسي"

" هذا صحيح يا سابرينا"
وصعقت لسماعها الصوت وسقطت يدها الممدودة لترتد الى جانبها حتى تظل رابطة الجأش.
وكادت الارض تميد بجنون تحت قدميها وكانت ركبتيها تهتزان هلعا.
"باي....باي كاميرون!"
رددت اسمه بأنفاس متقطعة وان كانت نبرة الفرحة تشوب صوتها واردفت تقول:
" يالها من صدفة! باميلا تايسن اخبرتني منذ لحظات بأنك تقوم برحلة بحرية في باجا. انه من الصعب ان يتواجد الشخص في مكانين في وقت واحد"
ثم حدثت نفسها قائلة: (هاول هذا الخائن. لماذا لم يخبرني ان باي هو الشخص الذي يترقب انتظاري؟ ولا عجب ان يتسلل ويتركنا وحدنا.)

سمعت باي يقول بنبرة اشاعت القشعريرة في اوصالها :
" انه خطأ اقترفته باميلا فقد اعددت العدة للعودة بعد مضي بعض الوقت.
ارى انك حققت النجاح الذي كنت تنشدينه. ما شعورك الان؟"
فقال قلبها: شقية. لكن لسانها كذب وقال:
"سعيدة!"

قال باي بسخرية:
" يبدو مظهرك انيقا ومتخما للغاية وانت في ثوبك الاسود وقد التف عقد من اللؤلؤ حول عنقك الطويل فأضفى عليك لمسة بسيطة ولكنها رائعة.
وقد اجتمع الفستان والعقد ليبرزا الشحوب والجمال على بشرة وجهك.
وكأنما كنت تكابدين مأساة عظيمة ونجحت في التغلب عليها. ولا شك في ان الصحافة وجدت في قصتك ما يشغل صفحاتها"

وتاقت نفسها الى ان تقول له بأن مأساتها تكمن في فقدانها له وليس فقدانها لبصرها ولكنها التزمت الصمت
وهي تحاول ان لا تسمع سخريته التي تختفي وراء نبرة صوته.
واستطرد يقول:
" يراودني التفكير في انك سوف تنبذين عصاي وتستعيضين عنها بأخرى"

وكانت اشارته الى العصا العاجية التي تحملها تدفعها الى ان تتشبث بمقبضها بشدة وكأنها كانت تخشى ان يحاول استعادتها منها.

فقالت سابرينا باستخفاف:
" ولم افعل ذلك؟ انها تؤدي غرضها"
قال باي بجفاء:
" لن اتهمك فأقول انك ترتبطين بها ارتباطا عاطفيا للغاية ولكنني عندما تتطلعت الى التمثال النصفي الذي صممته لي ادركت انك تنظرين الى علاقتنا السابقة بشغف كبير"
قالت:
" شئ طبيعي...."
ونم اهتزاز صوتها عن مبلغ عمق ولعها به.

واردفت تقول:
" هذا علاوة على انني سبق واخبرتك مرة بأنني احب وجهك. ان ملامحه قوية وشامخة."
قال:
"هل اخبرك هاول انني ازمع شراء التمثال؟"
قالت ضاحكة:
"اجل. ولكنني لم اعرف انك اناني يا باي, تخيل انك تشتري صورة لنفسك"

" سيكون تذكارا جميلا.."
قالت متلعثمة:
" باي...انا..."
وتحركت قليلا حتى دنت منه وهي تشعر بعينيه تتفرسان في وجهها الذي راح يهتزمن القشعريرة والبرد.
واستطردت تقول:
" هناك خطأ. هاول جاء بي لان...حسنا...التمثال ليس للبيع"

سألها باي وكأنه لم ينزعج لصوتها المتلعثم:
" ولماذا ترفضين بيعه؟ اظن ان الهدف من هذا المعرض هو بيع المعروضات"
قالت:
" المعروضات للبيع فيما عدا التمثال النصفي الذي حددنا له ثمنا باهضا حتى لا يستطيع احد شراءه"

فقال بهدوء:
" انا استطيع شراءه"
فقالت في يأس مميت:
" كلا...لن ادعك تأخذه مني..فقد اخذت كل شئ عندي.. ارجوك دعني احتفظ به"
قال ضاحكا:
" آخذه منك!"

وزحفت يده لتقبض على رسغها ثم اردف يقول:
" ماذا اخذت منك؟ هل نسيت انني الشخص الذي عرفتي كيف تستغلينه من قبل؟ لماذا لا تأخذين نقودي؟ لقد اخذت كل شئ ثمين قدمته لك"
قالت:
" ماذا قدمت لي؟ الشفق؟ العطف؟ الاحسان؟"

وراحت تضرب الارض بعصاها في حدة واضحة وكانت كل ضربة تتردد مع كل كلمة غاضبة تتفوه بها.
ثم استطردت تقول:
"متى يكون للأشياء المهنية قيمة ثمينة. ولمن تقدم الاشياء الثمينة؟ بالتأكيد لا تقدمها لي.
انك لم تكترث بي كثيرا. انني في نظرك مجرد حالة تقدم لها الاحسان"

وانطلقت تنهيدة عميقة من صدره وهو يتسائل:
" هل ما زلت تؤمنين اني اشعر بالاسف نحوك؟"
قالت سابرينا:
" كنت بالتأكيد لا تحبني"
وقبضت يداه على كتفيها وادار وجهها نحوه ثم قال:
" واذا كنت احبك فهل سيختلف الموقف؟"

وقالت سابرينا لنفسها لو لم تبعث لمسة يده ومضة نارية لتجري في سلسلتها الفقرية لاستطاعت ان تصمد امام الام الذي كان يمزق قلبها
اما وهي تشعر الان بالعجز في اعماقها والكبرياء لا تستطيع ان تشد ازرها فليس امامها سبيل الا ان تلقي بنفسها على صدره.


وقالت له وهي تتنهد:
" لو انك احببتني قليلا يا باي...لما توانيت على ان احبك بجنون ولكن ماذا تفعل فتاة عمياء مع رجل يشعر بالشفقة نحوها...لانها عمياء؟"

وخفت حدة صوته وتركت يده كتفيها لتمسك برسغها بينما دغدغت اليد الاخرى برفق وجنتيها وقال:
" انني لم اشعر مطلقا بالشفقة نحوك كنت غارقا لاذني في حبي لك حتى بت اخشى ان افقد قطرة من هذه العاطفة"

وانتحبت سابرينا في ألم وهي تحاول ان تنفلت من ضمته الرقيقة وقالت:
" باي. لا تكذب علي. الم تخجل من سلوكي الذي كان يدفعك الى السخرية مني؟"
قال باي:
" لا اكذب عليك صدقيني. ان الجحيم الذي كابدته خلال الشهور السابقة لم يدفعني الى السخرية منك"

قالت تسأله حتى يتوقف عن تعذيبها:
" انا فتاة عمياء يا باي. كيف يكون في وسعك ان تحبيني"
" يا ملكتي العمياء...الجميلة والشجاعة هل تسألين كيف استطيع ان احبك؟"
وكان صوته دافئا صادقا وبددت نبرة الاخلاص فيه الخوف الذي كان يملأ قلب سابرينا فقالت له:
" لن تحاول خداعي مرة ثانية اليس كذلك يا باي؟
لا تفعل ذلك معي اذا كان التمثال هو كل ما تبغيه سأهبك اياه عن طيب خاطر اذا توقفت عن الكذب علي"

واطبقت يداه على كتفيها وجذبها الى صدره ووضع يدها على قلبه الذي ترددت نبضاته فوق راحتها.
وكان نبض قلبها في سباق جنوني مع نبض قلبه واخيرا القت وجهها بين يديه.
وهمس في اذنها قائلا:
" كونك ضريرة لا يقلل من شعوري بأنك امرأة عندما اضمك بين ذراعي"

فتمتمت قائلة وهي تلقي برأسها فوق قلبه:
" لم تدعني اشعر بذلك مرة...."
ضمها الى صدره بيدين قويتين وكأنه يخشى ان تحاول الهروب منه ثانية وقال لها:
"احببتك حبا عميقا من البداية وربما بدأ ذلك في تلك الليلة التي لجأنا فيها الى زورقي هربا من المطر. لا ادري...
ولكني قلت لنفسي يجب ان تأخذ الامر بهوادة فانك تتصفين بالكبرياء والعناد والتحدي. لذلك لم احاول ان اؤكد لك في البداية بأنني احبك لانك ما كنت لتصدقين مشاعري.
ليس هناك شئ مستحيل ما دمت قد عقدت العزم على تنفيذه وبعد تلك الانجازات فكرت ان ادفعك الى ان تحبيني. ولا يمكنك ان تتصوري مدى عنف الصدمة التي تلقيتها يوم ان اخبرتني بأنك لم تعودي في حاجة الي.

وابتسم باي بينما ازدادت سابرينا اقترابا منه وتمتمت بحرارة:
" انا محتاجة اليك انا اريدك بجنون. كنت ارتعد عندما يراودني الاحساس بأنك تشعر بمزيد من الشفقة نحوي"
" لم اشعر بالشفقة نحوك بل بالفخر بك"

واستدارت برأسها نحوه في تساؤل وحيرة وقالت:
" بالفخر بي؟"
" كنت دائما فخورا بك لانك كنت دائما تقبلين التحدي الذي اوجهه لك"
وراحت تذكره بابتسامة:
" كنت اقبل التحدي مع الاحتجاج"

قال باي ضاحكا:
" لا يستطيع احد ان يتهمك بأنك ليتة العريكة.
اجل انت عنيدة ومحبة للاستقلال ولست سهلة الانقياد.
كان ذلك واضحا منذ اول مرة التقينا فيها وصفعت وجهي"
وتركت سابرينا اصابعها تداعب وجنتيه وهي تقول:
" وانت رددت لي الصفعة التي اثارت غضبي واثارت معها حبي لك"

وطبقت اصابعه بسرعة على يدها وطبع عليها قبلة حارة وقال:
" هل يمكنك ان تخبريني الان لماذا هربت مني عندما كنا في حفل باميلا؟ اريد ان اعرف الحقيقة هذه المرة."

ووثب قلبها وثبة مفاجئة لانها في هذه اللحظة لا تريد ان تتحدث ولكنها قالت:
" سمعتك تتحدث الى فتاة تدعى روني وقالت انك اتيت بي الى الحفل لانك تشعر بالاسف لي وانك استخدمتني وسيلة لتثير الغيرة في قلبها. وانت لم تنكر ذلك يا باي
وتعلقت بأمل ان تقول لها انني على الاقل صديقتك ولكنك تركتها تتحدث عني كانسانة مسكينة سيئة الحظ وتستحق الاحسان وظننت انها تقول الحقيقة.
وهذا ما دفعني الى الهروب"

" ان اول شئ سوف اتذكره عندما نتزوج هو حدة سمعك.
ولو انك انصت قليلا لكنت سمعت بقية حديثي فقد قلت لها انني لا احب ان اسمع منها اي تعليقات على المرأة التي ازمع الزواج منها"
وشابت صوتها موجة من الحب الدافئ وهي تقول:
"باي...هل تنوي الزواج مني؟"

" انوي الزواج منك..اذا وافقت على طلبي"
فهمست وهي تلهث الما:
"لا تسخر مني...."
وعانقها برقة اشعرتها بأن حبه بدد كل الظلام الذي يسود حياتها.

وبعد مضي لحظات دفعها باي بذراعيه لكنها ترنحت نحو صدره لتنعم بلمسات اصابعه
واخيرا امسك جسمها بحزم على مقربة منه فقالت له هامسة:
" حبيبي...كم احبك ارجو ان تمسك بي فترة قصيرة اخرى"

فقال بصوت ينم عن عمق حبه:
" ان الفترة القصيرة ستدوم طويلا"
وانفجرت شفتاها عن ابتسامة تتراقص بالسعادة الفياضة وقالت:
"باي... الباب له قفل"
فقال باي يذكرها:
" هناك عدد كبير من الناس يتساءلون ماذا حدث لنجمة المعرض"

فأجابت:
" لا اريد ان اكون نجمة..."
وسألها باي:
" وعملك..."
لكنها قاطعته قائلة تتم كلامه:
" سيملأ اللحظات التي تكون فيها بعيدا عني. سيرضيني كل الرضا"

دمدم باي:
" انت تعرفين ان العمل الفني ليس امرا هينا وانما يتطلب دقة الاحساس"
وهمست قائلة:
" اعرف ذلك...."

النهاية
*******
تمت والحمد لله

استودعكم الله


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:109%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_09_15144281477447062.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.










.
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]










التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 09-25-2015 الساعة 04:54 PM