عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 12-24-2015, 12:15 AM
 
المغامرة 1 : اتجاهات فوضويّة (الفصل الثانِي)

[TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_12_15145090317730542.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



غابت الشمس وسحبت أشعتها الملونة ليسود الغابة ظلام دامس, سار ضوء القمر الشاحب على أشجار متشابكة الأغصان وكأنّها ظلّ أيادي مخيفة, تبدو الغابة موحشة في مثل هذهِ الساعة, الهدوء يخيّم على المكان, و لعلّ سماع صوت جريان النهر يسلي الصمت, أشواق تسير بخطى هادئة صغيرة بمحاذاة النهر ويبدو عليها الخوف فهي تحلّق ببصرها حولها خشية أن تفاجئ بشيء ما, وترفع يديها إلى صدرها وهي تقبضها بقوة وتوتر, مازالت تشعر ببعض البرد فملابسها لم تجف تماماً, فكّرت وهي تقطّب حاجبيها: الرؤية تبدو أصعب الآن, ولكن يجب ان أواصل السير حتى أصل إليهم, لابد أنهم قلقون الآن

داست على أحد الأغضان الصغيرة الملقاة أرضاً, مما أثار صوت تكسّرها الرعب على الطيور التي كانت على الأشجار فطارت بسرعة, سمعت أشواق حركتها فشهقت وولت مسرعة تجري نحو الغابة بدون دراية حتى تنبّهت لنفسها حيث وقفت تلهث مسندة بجسدها على أحد الأشجار, لقد كانت ترتجف خائفة كما بدا من اهتزاز جسدها, رفعت برأسها إلى الأعلى حيث القمر يختبئ خلف سحب كثيفة في سماء الليل المسودّ, مجرجراً بأذياله من أرض متعطشة لضوءه, ففكّرت بقلق: هذا مخيف, يجب أن أعود على الأقل إلى النهر

فجأة سمعت صوتاً غريباً من الحشائش, حوّلت بعينيها نحوها فإذا بها تهتزّ وكأنّ هناك أحداً ما خلفها, شعرت بالخوف فتراجعت بضع خطوات إلى الخلف وعيناها لاتفارق النظر هناك, فرأت ثلاثة أزواج من العيون الحمراء تبرز ثم ظهر صوت وحشيّ, تسارع نفسها ودقات قلبها فتراجعت إلى الخلف ببطء, فظهروا ثلاثة ذئاب مسعورة ذات أنياب طويلة ولديها ذيول كالسهام ومخالب حادة ذات فرو أحمر مرعب, كانت أشواق ترتجف بشدّة وهي تتراجع.

ثم فجأة استدارت وبدأت تركض بدون هوادة, وبالتأكيد فقد تبعهتها الذئاب, جرت أشواق بسرعة من بين الحشائش والأشجار في الظلمة الحالكة, وهي تشعر بنهايتها المحتومة وتسمع ضربات قلبها المرتجف, ومستوى الأدرينالين في جسدها في تزايد, لقد تمزّق جزء من فستانها من الأسفل بعد أن اشتبك بالحشائش وهي تركض, لم تبالي لذلك بل لم تنتبه وهي تركض فقد كانت تتخبّط في الظلام بعشوائيّة بين الحشائش والأشجار وبالكاد يمكنها رؤية طريقها بدون وعي وبدون إدراك أين ستخطو قدماها, وهي تسمع أصوات الذئاب يركضون شرهين خلفها, فهي بين حين وآخر توازن نفسها حيث كادت أن تقع بضع مرات وهي تمرّ تلك الهضبة نزولاً, حتى سقطت أرضاً وهي تصرخ حيث لم تستطع منع تعرقلها, وما إن ارتطمت بالأرض حتى سقط شيء من جيبها, وظهر ضوء ساطع جعل من الذئاب أن يتوقّفوا أماكنهم وهم يغلقون بأعينهم.

أدارت أشواق برأسها إلى الخلف لتراهم على حالهم مغمضي أعينهم لثوانٍ, فانتهزت الفرصة للهرب وأسرعت بالركض أمامه, أدارت برأسها فإذا بالذئاب في عاودت الركض نحوها مجدداً, جرت مسرعة مرعوبة والخوف يملأها حتى شعرت بظلّ ما يمرّ بقربها قد قفز من الأعلى, توقّفت مكانها وهي تستدير لتنظر إليه فقد وقف بينهما وبين الذئاب التي تطاردها, فقال بحزم: اهربي!

كان صوتاً ذكوريّاً لذلك الشخص الذي لم تتمكّن من رؤية ملامحه فقد كانت تقف خلفه, وبسبب الظلام فقد كانت ترى هيئته الخلفية فقط وقد كان شاباً أطول منها, طالت اللحظة والذئاب تقترب, فقال بحزم بنبرة أكثر حدة: اهربي الآن!

أشواق بتردد وقلق: وــ ولكن..

ردّ بحزم: بسرعة!

استدارت لتركض هاربة مكملة طريقها, أدارت برأسها لتنظر إليه فإذا بشيء ما يحمله يلمع , أدركت لاحقاً بأنه سيف كان سليله يتردد في الأجواء مع احتكاكه بمخالب الذئاب, ركضت وهي تسابق قطرات دموعها مبتعدة والخوف يملأها تاركة ذلك الهجوم خلفها, ركضت بسرعة بأقصى قوتها وهي تتخبّط حتى وصلت إلى نهاية طريقها, فقد كانت هناك بحيرة صغيرة أمامها وحولها أرض عشبيّة, توقّفت وعينيها تهتزّان قلقاً وأنفاسها تتسارع, ودقات قلبها لاتزال تنبض بقوة وسرعة, أدارت برأسها إلى الخلف حيث لا أحد, ثم بكت وجسدها يرتجف ووقعت على الأرض هابطة وهي تضع يديها على وجهها,حيث بدت تبكي كطفلة صغيرة خائفة لامأوى لها تأمن فيه ولارفاق يخففون وحدتها.







وبعيداً بجانب بحيرة أكبر, وبالقرب كانت النار تشتعل وهي تأكل بعض الخشب وأوراق الشجر التي تحوّلت إلى رماد, كانا أيهم وأمل يجلسان حولها, حينما كانت الأخيرة تتفحّص سلاحها بعينيها وقد كانت فيه بضع أزرار وسحابات, وأيهم بجانبها يرسم على الأرض بعود صغير وهو يقول بهدوء: إذاً فقد حصلت أنتِ أيضاً على السلاح في تلك المنطقة الفاصلة

أجابت أمل وهي تتفحص سلاحها: أجل, إنه لايبدو سلاحاً على كل حال, ولكنه أقوى من سلاحك

ترك أيهم العود ورد بانفعال: ماذا؟ هذا ليسَ صحيحاً!

أمل بابتسامة ساخرة: بلى, إنه أسرع وأدق وذو تأثير متواصل

أيهم بابتسامة ساخرة: ولكنّ النار أقوى مادة في الوجود

أغمض عينيه بثقة وقال: كما أنّ سلاحك يصيب نقطة محددة وليس كسلاحي الناريّ

أمل بغيظ: تشه, سلاحك بدائيّ وليس فيه أي مميزات متطورة

أيهم بغيظ: أنتِ تقولين ذلك لأنّكِ تعرفين بأنّ سلاحي أفضل

أمل بانفعال: إنها الحقيقة, كما أنّ تأثير الليزر أقوى من النار

أيهم بانفعال: هاه!

صوت عواء طويل تردد في الأرجاء, فاتسعت عينيّ أمل وأيهم وقد تجمّدا مكانيهما, نهضا وتلفتا حولها وأيهم يقول بحزم: يبدو أننا على وشك الدخول في معركة جديدة

أشهر أيهم بسلاحه نحو الحشائش, وكذلك فعلت أمل وهي تقول بابتسامة واثقة: الآن سنرَ أي سلاحينا هو الأقوى

ابتسم أيهم بثقة وقال بابتسامة: قبلتُ التحدي

تلفتا حولهما بترقّب نحو الحشائش, حتى اهتزّت فاحتدت عينيّ أيهم وقفز من هناك ذئب مسعور أحمر الفرو باتجاهه, وهو يفتح فاه بشرهة, أطلق أيهم النار فأصابت الأرض حيث تفاداها, وتقدّم الذئب نحوهما وهو يقفز باتجاههما, تفاداه أيهم وهو يبتعد عنه, في حين كانت أمل مشغولة بإطلاق الليزر على آخرين قد ظهرا لللتوّ, أصابت ساق أحدهما فتوقّف لكن الآخر يتقدّم نحوها, فتفادته وهي تنحني إلى الجانب حينما قفز, فأصبح خمسة من الذئاب يحاصرونهم بينما أصبحا أمل وأيهم يقفان ظهراً لظهر, أيهم بحزم: الفائز بيننا من يقضي على ثلاثة أو أكثر

أمل بابتسامة واثقة: هه لاتتحدث بكل هذهِ الثقة, يمكنني إصابتهم جميعاً وحدي

أيهم بحزم: تشه! أنتِ مغرورة جداً, احذري ألا تُصابي فحسب, لا أريد التورط معكِ لاحقاً

أمل بحزم: احذر أنت أيها المتعالي

كانت أصوات الذئاب تنبئ بجوعهم الشديد, بمظهرهم الأحمر وعيونهم الحمراء يبدون مرعبين, بينما كانا أمل وأيهم يحاولان إخفاء قلقهما, فقفز أوسطهم نحوهما فجعلهما يتفرّقان أمل إلى اليمين وأيهم إلى اليسار, اختار الذئب الانقضاض على أيهم وهو يستدير نحوه, خطف أيهم نظره خلفه فإذا بذئبان آخران يتقدّمان نحوه بحذر.

في حين قفز أحد الذئاب نحو أمل فأطلقت عليه الليزر, لكنّ عينيها اتسعت وشهقت بدهشة حينما لاحظته يسير بطريقة غير مستقيمة, حيث أصاب الليزر الأرض وانقضّ عليها ومخالبه نحوها وهو يفتح فمه والأنياب بارزة, لم تستطع أمل الهروب في لحظة, وحالما لامسها حتى فتته الليزر لجزيئات مالبثت إلا أن تلاشت في الهواء بسرعة, ووقعت أمل على الأرض على ظهرها وهي تشهق متألّمة, لاحظ أيهم ماحدث بالرغم من أنه لايزال محاصراً من قبل ثلاثة, فجعل الوحيد على يساره و الباقيان على يمينه, وهمس بحزم: حسناً, من يريد أن يموت أوّلاً؟

قفز الاثنان باتجاهها بسرعة وهما ينقضّان عليه معاً, فأطلق أيهم الكرات الناريّة التي اندفعت بسرعة على أحدهما, فأصابته وتلاشى في الهواء بينما أكمل الآخر هجومه, فتفاداه أيهم وهم ينحني إلى الجهة الأخرى مبتعداً, حتى أصبح الذئب بجوار الآخر خلف أيهم, وبينما كانت أمل لاتزال على الأرض حيث سقطت للتوّ إذ وجدَ الذئب الجريح أنّ الفرصة سانحة للهجوم, فبينما كانت تنهض إذ انقضّ عليها فأخذت أمل قبضة من التراب بيدها وألقتها عليه, فوقع الذئب على قوائمه مغمضاً عينيه, فابتسمت أمل بثقة وهي تقول: عذراً, لا أحب أن أضيّع فرصي!

أطلقت عليه الليزر فتحوّل لجزيئات صغيرة تلاشت في الهواء, أدارت برأسها بسرعة نحو الذئبين الأخيران اللذان انطلقا معاً نحو أيهم, فأطلق أيهم النار على أحدهما فتلاشى في الهواء, وبينما كان الآخر في الهواء وهو يقفز قفزته الأخيرة نحو أيهم, كان أيهم مشهراً بسلاحه نحو وجاهزاً للضغط على الزناد, وهو يفكّر: الثالث!

ولكن قبل أن يطلق تحوّل الذئب الأخيرة لجزيئات تلاشت في الهواء, اتسعت عينيّ أيهم متفاجئاً ولكن مالبث أن اختفى الذئب تماماً, حتى وجد أمل من خلفه مشهرة سلاحها وقد قضت عليه, فقال أيهم بغضب: ماذا تفعلين؟ لقد كان لي!

أبعدت أمل سلاحها وقالت بابتسامة ساخرة: حقاً! لم يكن التحديّ ينصّ على هذا, لقد اتفقنا أنّ من يقضِ على ثلاثة هو الفائز وليسَ من يحاصره ثلاثة

أيهم بغضب: لقد كنتُ على وشك القضاء عليه ولكنكِ سرقتهِ منّي

أغمضت أمل عينيها وقالت بافتخار: لقد أنقذتك ياعديم الامتنان

فتحت عينيها وقالت بنبرة مغرورة: الآن عليكَ الاعتراف بقوة سلاحي وأنني أفضل منك

أيهم بغضب: هاه! لقد غششتِ!

أمل وهي ترفع حاجباً: لم أغشّ, لكنني كنتُ أسرع وأمهر منك

أيهم بغيظ: تشه! لو أنّهم لم يحاصروني لقضيتُ عليهم بأسرع من ذلك

أمل بابتسامة ساخرة: هذا شيء والواقع شيء آخر, هيا اعترف بما لديك لقوله

كان أيهم ينظر إليها بغيظ بينما كانت تنظر إليه بابتسامة واثقة, وفجأة وبدون صوت أو مقدّمات قفز ذلك الذئب من بين الحشائش منقضّاً عليهما من خلف أمل حينما كانت قريبة منه, وبينما أدارت أمل برأسها إلى الخلف إذ أشهر أيهم سلاحه وأطلق عليه النار ليصيبه, فتلاشى في الهواء بسرعة قبل أن يسع أمل فعل شيء, ظلّت أمل صامتة لوهلة, فقال أيهم بثقة: لقد أصبحنا متعادلين, ولو أنه من المفترض أن يكون الفائز أنا

أدارت أمل برأسها نحوه بسرعة وهي تقول بانفعال: هيه! هذا الذئب لايُحتسب, لم يكن مضموناً ضمن التحديّ

أيهم بابتسامة ساخرة: هذا شيء, والواقع شيء آخر

ضحك أيهم فرفعت أمل حاجباً وبرز عصب على جبينها, فقال أيهم بابتسامة واثقة: أو.. يمكننا إعادة التحدي ولنرَ من سيكون الفائز, إلاّ كنتِ غير واثقة بفوزك في المرة القادمة

أمل بحزم: حسناً إذاً اتفقنا فعل كل حال ستعترف بأنني أقوى

ظلاّ الاثنان ينظران نحو أحدهما الآخر بتحدٍ و النار لاتزال تأكل الحطب بجوارهما.

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT]
رد مع اقتباس