عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 12-24-2015, 12:26 AM
 
المغامرة 1 : اتجاهات فوضويّة (الفصل الثانِي) .. تابع

[TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_12_15145090317730542.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
.
.


كان لايزال مغمى عليه وهو يستلقِ على سرير أبيض مائل للصفرة, فتح سامي عينيه ببطء وهدوء, إنه لايزال يشعر بألم طفيف في رأسه, بدا السرير بقمة النعومة, حاول سامي أن يتذكر ماجرى سابقاً, ظهور تلك البوابة الغريبة ومن ثم الحشرة الحمراء والأقزام التي ترمي بعصيّها, ثم افتراقه عن رفاقه في الغابة وسقوطه أخيراً حتى فقد وعيه.

نهض جالساً وهو يلتف حوله حتى بدأ يستوعب المكان الذي هو فيه, حجرة ضيقّة ذات سقف منخفض جدرانها بيضاء بلون السرير ذات نقط صغيرة سوداء, حدّق بالجدران قليلاً فإذا بها تهتز بعض الشيء, اتسعت عينه وهو يشهق حينما أدرك بأنّ الحيطان عبارة عن كائنات بيضاء صغيرة اللون ذات عيون سوداء تحدّق به, صرخ وهو يتحرّك عن السرير بعشوائيّة, لقد تحرّك السرير أيضاً حيث فقد توازنه ووقع على الأرض, أصيب سامي بالصدمة فالسرير أيضاً عبارة عن تلك الكائنات الصغيرة التي لاتتجاوز العشرين سنتيمتراً مجتمعة فوق بعضها البعض وقد تفرّقت الآن وهي تتحرّك كقطع قطنيّة منفوشة, تراجع إلى الخلف وهو يهمس بهلع: مـ مالذي.. يجري؟

اصطدم بشيء خلفه, أدار برأسه فإذا به حائط من تلك الكائنات, فصرخ فإذا بالكائنات الصغيرة تفرّقت بسرعة, وتجمّعت حول بعضها أمامه وهو تتحوّل إلى اللون الأسود, فاختفى الحائط, ليجد سامي نفسه وسط الغابة الموحشة حيث تلتفت حوله وأظلم المكان, فابتلع ريقه وقال بتردد وقلق محاولاً إخفاء خوفه: من.. من أنتم؟

تلوّنت الكائنات تدريجيّاً إلى اللون الرمادي وهي تتجه نحوه بهدوء واحداً تلو الأخر, راقبهم سامي بعينيه محاولاً أن يحتفظ بهدوئه حتى اصبحوا قريبين منه, فقال بقلق: هل.. هل أنقذتموني؟

قفزت الكائنات عشر سنتيميترات وهو تصدر صوت كتكتة وتتلوّن بالأبيض وبعض الضوء يصدر منهم, لقد بدا مظهرها لطيفاً بحيث لم يرعب سامي لكنه كان لايزال يشعر بالقلق نحوهم, لقد شعر بالألم في رأسه للتوّ, فتذكّر بأنه أثر الصدمة التي تلقاها حين سقط من الجرف.

وضع يده على جبينه, على تلك العصبة التي يرتديها فدُهش حينما شعر بشيء ما تحت العصبة, خلعها عن رأسه فوجد قطعة قطنية ملطّخة بالدماء, فأدرك بأنه دمه حينما لامس الجرح على جبينه وهو يغمض إحدى عينيه حيث تألّم, ففكّر بذهول: حتى أنّهم قد طببوني

حوّل بنظره نحوهم حيث كانوا لايزالون قفزون بسعادة, فأعاد القطعة القطنيّة لئلا ينزف أكثر ووضع العصبة عليها, ثم أقبل أحدهم مقترباً نحو سامي بهدوء حيث ظلّ ينظر إليه حتى توقّف عند قدميه وابتعد بهدوء, بعد أن وضع شيئاً ما عند قدميه, انحنى سامي والتقطه وهو يفكّر: هذا الشيء!

لقد كان الشيء أشبه بترس معدنيّ بحجم اليد, مثبّتاً على حامل معدنيّ قد غطّى ثلاثة أرباع الترس, فتذكّر سامي بأن هذا قد التقطه حينما كان في المكان الفاصل بين عالمهم وهذا العالم, وفور أن أمسك به حتى سقط أرضاً عابراً البوابة, فأدخله في جيبه ونسيه.

فكّر سامي بأنه من الممكن أن يكون في وقع منه حينما فقد وعيه, وكان هذا ماحدث حيث وجدته هذهِ الكائنات وحمته حتى استيقظ, حوّل سامي بعينيه نحو الكائنات التي تبدو أشبه بكرات قطن حيّة , وفكّر وهو ينظر إليها باهتمام: هذهِ الكائنات لاتبدو عدائيّة مثل تلك الأقزام

كانت الكائنات تنظر إليه وهي تقف حوله, فابتسم سامي بلطف نحوها, فجأة أقبل أحدهم بصوتٍ وحشيّ وهو يقول: إذاً, أنتم وصلتم فعلاً!

أدار سامي برأسه نحوه بسرعة وهو يشهق بدهشة واتسعت عينيه حيث كان يقف على يسراه, ذلك الجسد البنيّ ذو قوائم الحصان و جذع بشريّ, وشعر طويل أشقر مسرّح كذيله الحصانيّ, حملق سامي نحوه بدهشة فقد بدا مظهره مرعباً حيث كان ضخم الجثة, وهو يحمل بأحدى يديه البشريّة سلاح ضخم ذو أربعة فتحات, مغطّياً وجهه كله بمعدن حديديّ لايظهر عينيه, وكذلك فهو يرتدي درعاً حديديه على صدره, ظلّ سامي ينظر نحوه بخوف حيث اهتزّت أطرافه, وكذلك فقد اتخذت كرات القطن لوناً رماديّاً وهي تتجمّع حول بعضها, فوضع ذلك الكائن سلاحه على كتفه وقال بهدوء: لقد صدقت الشائعات إذاً, على الرغم من أنّهم قالوا بأنّهم أربعة ولكني لم أجد سوى واحداً, قل لي أيها الصبي, أين بقيّة رفاقك؟

سامي بتردد وقلق: هـ هاه!

أشهر سلاحه نحو سامي وهو يعيد سؤاله بنبرة أكثر حدة: أين هم رفاقك؟

شهق سامي بدهشة ثم قال بهلع وهو يرفع يديه مستسلماً: لا.. لا أدري!!

قال الكائن الأشبه بالحصان بنبرة أحدّ: لقد دخلتم أربعة عبر البوابة, أخبرني أين البقيّة!

سامي بهلع: أقسم بأنني لا أعلم, لـ لقد تفرّقنا, لقد هاجمتنا تلك الأقزام و حينما هربتُ منهم سقطت إلى هنا

صمت الكائن الغريب لوهلة فقال سامي بتردد وقلق محاولاً الاحتفاظ بشجاعته: و ولكننا سنعود من حيث أتينا, نحن لن نزعجكم, لن نأتِ إلى هنا مجـ...

ولم يكمل كلمته حتى قال الكائن بنبرة أكثر حدة: لا بأس, سأقتلك الآن ثم أجد البقيّة بنفسي!

شهق سامي واتسعت عينيه بشكل أكبر وهو يكزّ بأسنانه, فانطلقت تلك الكرات القطنية الرماديّة متجمعة أمامي سامي بينه وبين ذلك الكائن المريب, وهو تصعد فوق بعضها البعض تكتكت والاثنان يراقبان بذهول حتى كونوا حائطاً بينهما, ظلّ سامي ينظر بذهول وهو يفكّر: إنهم.. يحاولون حمايتي!

ضحك ذلك الكائن بغطرسة وهو لايزال يشهر سلاحه فقال بثقة: ابتعدوا من هنا! جئت لأقضي على هذا الدخيل, لاتتدخلوا في عملي!

لم تتزحزح كرات القطن من مكانها, فضغط ذلك الكائن على الزناد فانطلقت قوة نحو كرات القطن وأصابتهم لينهار الجدار, وسامي يقف مذهولاً حيث سقطوا فوق بعضهم البعض, وتحوّل بعضهم إلى جزيئات تلاشت في الهواء, ازداد قلق سامي وهو يراقب مايحدث, فضحك الكائن وهو يقول بغطرسة: قلت لكم أن تبتعدوا من طريقي!

تجمّعت كرات القطن مجدداً وهي تصنع حائطاً آخر وسامي يراقب, فقال الكائن وهو يضحك ساخراً: يالكم من حمقى! أتريدونني أن أقضي عليكم جميعاً؟

أطلق مجدداً وأصاب الجدار وسامي يقف عاجزاً عن فعل أي شيء سوى المراقبة, وجسده يرتجف خائفاً ومندهشاً من فعل كرات القطن وهي تحاول حمايته, ففكّر: إنهم.. يحاولون حمايتي فعلاً, لو أنني أستطيع فعل شيء ما, أو ان أملك سلاح ما

اتسعت عينيه فجأة حينما تذكر كلمات أيهم "لقد وجدتُ مسدّساً أثناء مروري تلك المنطقة", ثم تذكّر حوار أيهم وأمل وهما يقاتلان الحشرة الحمراء حيث سألها أيهم:"أنتِ أيضاً تملكين سلاحاً؟", فأجابت أمل بحزم:"ماذا؟ هل اقتصر ذلك عليك وحدك؟", حوّل سامي بعينيه نحو ذلك الشيء الذي التقطه من المنطقة الفاصلة, والذي أصبح ملقى على الأرض الآن, حدّق نحوه بحيرة وعينيه تهتزّان قلقاً, وحينما أطلق الكائن نحو كرات القطن للمرة الثالثة حيث تساقطت وقضى البعض نحبهم, قال بغطرسة وهو يضحك: لايهمني لو قضيتُ عليكم جميعاً الآن .. هاه!

بدأ أنه قد دُهِش حينما رأى سامي من خلف الحائط يشهر بسلاحه نحوه, وهو ينظر نحوه مباشرة, لكنه حينما لاحظه يرتجف و ظل لوهلة على وضعيته حيث بدا متردداً, ضحك الكائن وقال بكبرياء: هل تريد قتالي الآن أيها الصبي؟

اهتزّت أطراف سامي وهو يشهر سلاحه حيث كان تثبيته صعباً, لم تكن كرات القطن اللحظة قادرة على تكوين الحائط فقد قلّ عددها وأصبحوا جرحى, ولكن بالرغم من ذلك كانوا يحاولون التجمّع أمام سامي محاولين حمايته وهم يتحرّكون ببطء, فقال سامي محاولاً تصنّع الشجاعة: كـ كلا! ابتعدوا!

نظرت كرات القطن إليه فقال سامي: يكفي مافعلتموه لأجلي حتى هذا الوقت, إنه.. يجب عليّ أن أقاتله بنفسي

تذكّر كلمات أمل حينما بدأ الأقزام بمهاجمتهم "فلنقضِ عليهم جميعاً من الواضح أنّهم ليسوا كائنات حقيقيّة", ابتلع سامي ريقه محاولاً تحديد هدفه حيث صدر الكائن, لعلّها الأمرة الأولى في حياته أن يقف ضد من يعاديه وجهاً لوجه بهذا الشكل, فلطالما كان يسمح للآخرين بإذائه مقاوماً آلامه دون أن يدافع عن حقوقه, إنه لم يتجرأ يوماً للوقوف حتى لأخذ حقه, شعر بالرهبة أمامه ولكنه ظلّ واقفاً مواجهاً لهذا الكائن الغريب الذي قال بغطرسة: لايمكنكَ إصابتي أو حتى الإطلاق وأنت ترتجف هكذا, سأقضي عليكَ الآن!

أشهر بسلاحه الضخم نحو سامي, فقرر الأخير أن يطلق حيث ضغط على زر ما, التمع السلاح بشكل خافت ثم انطلق الترس من حامله بسرعة البرق, متجهاً نحو جسد هذا الكائن الذي اتسعت عينيه ولكنه لم يتمكّن من تفايديه حيث ظلّ مكانه واقفاً, ولكن في لحظة صادمة فهو لم يصيب جسده بل مرّ بجواره وانطلق بعيداً حيث أخطا سامي في التصويب, فشهق واتسعت عينيه حيث شعر بأنّ فرصته في تلاشت, كان الكائن قد أصيب بالرعب لوهلة ولكن حالما أخطأه الترس حتى ارتاح, فضحك وقال بغطرسة: لقد كدت أن تصيبني فعلاً, ولكنّك حقاً ليسَ قوياً كما يبدو, والآن .. حانت لحظة نهايتك أيها الأسطورة!

ظلّ سامي ينظر إليه بخوف يرتجف حيث لم تستطع ساقيه أن تبعده عن المكان, بل إنها لم تستطع أن تجعله واقفاً اللحظة فقد خرّ على الأرض مرتعباً وهو يشعر بنهايته, وكرات القطن لايمكنها فعل شيء الآن متحوّلة إلى اللون الأسود, ووقع حامل المسنن على الأرض وقد نُقرَ زر ما عليه جعله يومض مرتين بشكل لم ينتبه إليه أحد, وكذلك فقد ومضت نقطة ما في المسنن نفسه وهو يطير في الأعلى, فاستدار وعاد أدراجه إلى الغابة حيث وصل إلى نقطة بعيدة في السماء, وحينما أوشك الحصان على إطلاق النار وشارف على ضغط الزناد, إذ شهق وخرج المسنن من صدره فتحوّل إلى جزيئات طارت متلاشية في الهواء, شهق سامي متفاجأ حيث أكمل المسنن انطلاقه حتى استقرّ إلى حامله يدخل إليه.

كل ذلك جعل سامي في صدمة وهو يراقب كل شيء, مرّت لحظة من الصمت خرساء حتى زفر سامي بإنهاك ووضع يده على صدره وقال بملامح مذهولة: ياإلهي! لقد كاد أن يتوقف قلبي فعلاً

بدأت طرات القطن تتحوّل إلى اللون الأبيض, وهي تقفز بسعادة حوله مصدرة صوتاً كتكوتيّ ظريف, نظر سامي إليها فمالت ابتسامته تدريجيّاً وحوّل بعينيه نحو سلاحه, أحاطت به كرات القطن حيث كوّنت نفسها كحجرة صغيرة أمست مأوى لسامي متلوّنة بالأسود من الخارج وكأنهم غير موجودين في هذا الليل.

وبالنسبة لأمل وأيهم فقد قررا أن يقضيا الليلة بجانب البحيرة حول النار, حيث استلقى أيهم على الأرض مغطّياً وجهه بمقار قبعته, بينما كانت أمل لاتزال مستيقظة وهي تجلس بمحاذاة إحدى الأشجار وتنظر بشرود نحو النار المشعلة.

أما أشواق فقد سرقها النوم حيث لاتزال دموعها لم تجف عن خدّيها حتى وقت متأخر من الليل, فبعت أن بكت مطوّلاً نامت على الأرض أمام تلك البحيرة الهادئة, ونسيم الليل يحرّك أوراق الشجر والحشائش, اهتزّت الحشائش بشكل يوحي بأنّ أحداً يختبئ خلفها, حتى ظهر أحدهم قادماً من الغابة متجهاً بهدوء نحو أشواق, خطوة تلو خطوة وأشواق لاتزال نائمة.

انسلّ سيف من غمده بهدوء, ترنّح السائر في مشيته حتى انعكس ظلّه بسبب ضوء القمر على أشواق حيث اقترب منها, وقد بدا ضخم الجثّة وهو يرفع صخرة كبيرة بين يديه وهو عينيه تلمعان شرّاً وهو ينظر نحو أشواق, فجأة, طارت بعض الطيور هاربة بعد سماع صوت مدوي تعالى في أنحاء المكان.






وهكـذا أنهينـآ الفصل الثاني من المغامرة الأولى
لعلّهُ من أقصر الفصول ولكن أرجو أن يكون قد أعجبكم

ليست لديّ أسئلة معينّة فالساحة حرّة لديكم الآن
ولكن هو سؤال واحد غير خآص بالأحداث..

ما رأيكم باللون الأبيض للكتابة مع الخلفيّة الغامقة؟
هل هي مريحة للعين كـ بآرت ..؟


انتظر آرائكم وانتقاداتكم وكل مايجول ببآلكم





[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT]
رد مع اقتباس