عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 12-27-2015, 11:37 AM
oud
 
الـ 500 مـّليون دّولار


صـّوت الـموسيـقى النــّاعمة فيّ وسـطّ ذلكّ الـليـّل كـّانت بـمثـّابة سيـمفونية لجمـّيع الحـّضور
جميـعهم باستثناء مـاري فـلمّ تعدّ أذنيهـّا تـّلتقـطّان شيئـا بـعدّ تـلك الـجمـّلة المـريبة الـتّي سمعتهـّا ،
و كـأنهـّا قدّ غّابت عنّ عـّالمهـّا فـّلم تستـطّع فـّعل شيء سـّوى البـّقاء في مكـّانهـّا بـّلا حـّراك ،
فجـأة فـتّح بـّاب الـغـّرفة و أنيـّر المكـّان لتظـّهر إليـزابيثّ التـّي مـا إنّ رأتّ وضـّع مـّاري المـّريب
حـّتى شـهـّقت بـصدّمة ، بجـّانبـّها كـّايـل و مـّعه رجـّل كـّبير في الـسنّ تـبدوا عليه الـصّرامة و
الـجـدّية
أمـّا مـاري فـمّا إنّ رحـّلت الـظّلمة التّي كـّانت تحـجّب عنهـّا رؤية صـاحّب هـذّا الـصّوت إستـدّارت
نـاّحيته و عينيهـّا قد أغـّرقت بـالدموع كعـّادتها ، لمّ يـكّن يـّفصل عنهّا و عنّ هـذا الـشـّاب شيء
ذّو شـعّر أسـودّ لامـّع إنسـدّل على جبّهته بـكّل عنفوان و حـّرية أمـّا عينيهّ كـّانتـّا مـّلتفـّتان بـّغموضّ
موقّد كـانتّا حـادّتين جـدّا و خـطّيرتـّان بينمـّا مـّلامحّ وجهه تـنـطّق بالـّرجوّلة و الجـّاذبية تـدّل على
الإنـزعـاّج و مـّاري فـّوقه يـدّيها على صـدّره و لا يـّبعدّ عنه بشّبر واحـدّ حيثّ أنّ أنفـاّسه الـباردّة تـّلفحّ
وجنتيهـّا ،
لابدّ أنّ الـله قدّ عـّاقبها لتـّفكيرها الـمنـحّرف في فـّضح آرثـّر و لذلكّ هي قـدّ وقـّعت في هـذه المـصيـّبة ،
سـمّعت صـّوت إلـيزابيثّ و هي تـّقول بـغّضب
ـ مـا هـذا الـذّي تـّفعـلانه ؟ نـّاي أخـّبرني ما الذّي تـّفعله لـّيـلة زفـّافي ؟
وضـّع نـّاي يـدّه حـّول خصـّر مـاري و جـذّبها نـاحّيته أكـّثر فـأّصبح وجههـّا غـّير ظـّاهر لـكّن
إليـزابيـّث لمّ تـنسى الفـتّاة التّي إصـطحّبها عـدوهـّا ، قـّالت بـصدّمة أكـّثر
ـ مـاري روبرت ؟ أنـتّ رفـيقة ويـّليـام ما الذّي تـّفعلينه بـحّق الـجحيم رفـّقة نـايت ؟
تنهـدّ نايتّ بـكـّل بـّرودّ ثـّم استقـّام فيّ جلّسته و نـّزع خـّصلات شـّعر مـّاري العـّالقة بـّزر قـمّيصه ،
فّي مـّعظم الأحيـّان إنّ سـأل نـّايت شيئـّا فـّهو لنّ يـجّيب و سـّوى يـّجدّ السـّائل فقطّ الصـمـّت كـّإنـذّار
لتـّدخله فيّما لا يـّعنيه لكّن .. لكّن هـذه المـّرة ابتسـمّ نايتّ بجفـّاء و قـّرر الإجـّابة بـكـّل لا مـّبالاة
و عـدّم اهتمام
ـ هـذّه خـطيبـّتي أنـّا و طـّلبت من ويـّليـام إحـّضارها مـّا دمنـّا قدّ قررنـّا أنّه لا يـمكّن لأحدّ اكتشاف عـلاقتنا بعد
وقـّف و جـذّب مـاري من ذراعهـّا لتـّقف هي أيضـّا ، كـّانت آثـار الصـدّمة واضـحّة على وجوههم
جميـّعـا دون إستثـناء و حـّالمـا تـداركـّت مـاري الـموقّف قـّالت محـّاولة الـتوضيح
ـ لا إنّـه أنـّا
عـمّ السـكونّ عنـدّمـّا انـحنى نـّايت بـطـّوله نـّاحيتهـّا و امتـّزجتّ شفتيهمـّا فّي قـّبلة عـمّيقة و
رومـّانسية جـّعلـّت ثـّلاثتهمّ تـّلجمهمّ الصـدّمة و يصّبحونّ عـّاجزينّ عن التـّعبير ،
و فّي نفـّس اللـّحظة دّخل ويـّليام إلى غـّرفة نـّايت بـّعدّ أن استعصى عليه إيجـادّ مـّاري ليبهّت
وجهه هو الآخـّر من الدّهشة ، قـّال الـرجـّل العـجوز بـحدة مستـدّركا الـوضّع
ـ دّعنـا من هـذه المـهـّزلة ، كـّايل إليـزابيثّ إنـزلوا إلى الأسـّفل فـضيوفكمـّا في إنتـظاركّم أمـّا
أنت يـّا نـّايت فـلي حـدّيث آخـّر مـعك .
خـّرج العـجوز و تـّلاه كـّايل الذّي يصّحـّب إليـزابـيث مـّعه بـعـنّف بـعدّ أن رفـّضت تـّرك المكـّان إلا
و هّي تـّعلم ما الذّي يحـّاول نايت الـوصّول إليه ، أغـّلق ويـّليـام الـبـّاب خـّلفه ثـمّ تـقدّم نـّاحيتهمـّا
حـّيث كـّانت تـّقف مـاري المـشدوهة ، نظــّر إلي نايت و قـّال بـهدوء محـّاولا الحّفاظ على آخر
مـا تـّبقى من أعــّصابه
ـ نـّايت أخـّبرني بـّصراحة ما هـذّه المـسرحة الـهزّلية التـّي قدّ قدّمت بـتّمثيلها تـّوا ؟
و رفقـّة من ؟ رفـّقة مـّاري صـديقتي
جـّلس نأيت على الكـّنبة حـّيث كـّان مسـّتلقيا قـّبلا غـّير مـّعير إي إهتمـام لإنفـجّار ويـليـام الذّي
نـادرا مـّا يحـدّث و وضـّع قـدّما على الأخـّرى ، قـّال بـلا مـّبالاة
ـ لا عـّليك يمـكّنك الـحصـّول على واحدة أخرى الـّليـلة كالـعادة
سـدّد ويـّليـام قـّبضته نـّاحية نـّايت الذّي تـفـاجئ لكّن هـذا لمّ يمـّنعه من صدّها أو التـّخلص من بـّروده ،
أمـّا ويـّليـام فـقـّال بـّعصبية بـّالغة و هو يّشير نـاّحية مـّاري التّي لمّ تستوعب شيئـا بـعدّ
ـ جـّميعهن لـكّ لـكّن هـذه لا ، إلا هـذّه .. إنهـّا فـّتـاة بـريئة فـلمـّاذا قـّمت بـحق الـسماء
في إقـحامهّا بـخططك الـغّبية ؟ أفـّق أيـهّا الأبـّله أفقّ من عـّالم أحـّلامكّ
ـ سـأسـامحكّ هـذه الـمّرة فـقطّ لأنّ الـصدمة آثـّرت عليكّ
صـّرخ ويـّليام بـّقهر و كـادّ أن يـّضربه لوّلا أنّ مـّاري أمسكّت بـقـّبضته ، وقفـّت أمـام نـايت
و نـظّرت إليه بـكّل تـّصميم و تـمعنّ
ـ كمّ ستـدّفع ؟ مـّقابل أنّ أصبحّ خـطيبتك الـوهمية كمّ ستدّفع ؟
صـدّم ألجـّمت لسـّان ويـليـام بينمـّا ابتسم نـايت بـّسخرية ، جميـّعهن متشـّابهـّات ..
أمسـكّ بكـأس النـبيذّ و إرتشف القليـّل ثـمّ قـال ببحة
ـ كمّ تـّريدين ؟
ـ 500 مـّليون دولّار و الآن
رمـّى نـّايت الـشيكّ عليهـّا بـعدّ أن كّتب الـّرقم بـلا مـّبالاة فـأمسكّته و هي تـشدّ عليه ،
لا بـأس مـا دامّ هـذا يـعني التـّخلص من الـعـّار الذّي يـّلاحّق أختـّها فـلا بـأس بأنّ تـّجثو على ركبّتيها
و تـطّلب المـّال ، لا بـأس ، قـال ويـليام بصدمة
ـ مـاري
ابتسمت مـاري و هي تـّعلمّ أنه و بـهذه اللـحظة قـاّمت ببيـّع كـرامتـّها و عـزّة نفسهـّا لكن ما
الذّي قـدّ تـّفعله غـّير ذلك ؟ لقـدّ حـّان وقتها هي لـّتضحي من أجـّل العـائلة ، قـالت ماري بـبلاهة
ـ لا داعي لتـعجـّب ويـّلي فـأنـّا فقطّ أنفـذّ وعـدّي ، بالمنـّاسبة لمّ نتـّعارف بـشكّل لائـقّ ..
أنـا أدعى مـاري روبرت جـّارة ويـّليام كمـّا ترى ، مـاذا عنك ؟
ـ نـايت آل لبير
حـّالمـّا قـال نـايت إسـمّ عـائلته اتسـعت عينيهـّا من الدهـّشة و الـصدّمة ، عـائلة آل لبـّير إنهـّا تلك
العـائلة المـّالكة ذّات الدّم العـّريق و النـّبيل تـّمتـلكّ البـنوكّ العـّالمية و تسيـّر السّوق و التـّي تمـّتلكّ
العـدّيد من المشـّاريّع المذّهلة و الفـّخمة ، الـتّي ثـّروتهـّا لا تـّقدر بالأرقـّام ،
أفـّراد عـّائلة جميـّعا مـّعـّروف عنـهمّ بالشدّة و الصـّرامة ، سمـّعت شائعات عنّ نايتّ منهـاّ
من يقـّول أنّ نـظرة من عينيه سـتـؤدي بـكّ إلى الجـحيم و الآن هي تتجـاذّب أطـّراف الحـدّيث معه
بـكّل سهولة كمـّا لو كـأنهّ ليس شيء يـذّكر ، ابـتسمّت بسـعادة و قـالت بدون أي شـعور
ـ تـعـال لتـّقـابل والدي ، سيـجّن بكل تـأكيد
أمسـكّ ويـليـام رأسهّ غـّير متـّقبل لمنحـى الأحـدّاث و إسـتلقى ببـطء على الكـّنبة المـقـابلة لهمـّا ،
لمـاذا أحـّضرها إلى هنـا ؟ ما الذّي ستقوله سيدة فرانسيس عنـدّما تـّعلم بهـذا ؟ لـقدّ أخـذّها فقطّ
لتـّخرج من تعاستها و تشـّارك الـعالم أخـّباره لا أنّ تـخطّب من نـايت ، إنّ كـان شخصّا لطيّفا لكـان
هـذا ليّسره لكنّ نـايت نـقيض الـلطـّافة بـأكملها ، هو صـدّيقه و لا يتـحمّله في كـّثير من الأحيــّان إذن
مـاذا عن مـّاري ؟
مـاّري الـفـّتاة اللـطّيفة ما الذّي قـّالته تـوّا ؟ كم تـّدفّع ؟ 500 ملـيون دولار ؟ لتشـّارك من في هـذه
المسـّرحية الفـّاشلة التّي ألفها ذلك الـغـّبي ؟ قـّال بـأسى
ـ لا أصـدّق ، أحتـاج إلى طـبيب نفـساني
ضحكـّت مـّاري بـتّوتر و هي لا تـعّلم مـاذا تـّفـعّل الآن ؟ تـّريد أن تـّركض مـّسرعة إلى
والدّها لكّنها خـّائفة من نـايت ، جـّلست على الكـّرسي ثـمّ تنحنـحّت قـليـلا .. قـّالت بـّصدق
ـ أنـا آسفة ويـليـامّ لمّ أكن أريـدّك أن تخـطئ الـظّن بي لكّنني و في هـذه الـفّترة بـحاجة عـّارمة
للمـّال و لا يـهمّ كـّيف أجـّمعه ، لـذّلك أريـدّكمّا ألا تـظنا بـي سـوءا فـأنـّا لـّست كمـّا في ذهنـكّ
على الإطلاق ،
ـ مـاري ؟
/
في نـّفس الـليـلة تـّوقفت سيـارة أجـّرة أمـام مـنزل روبرت لتـّخرج مـّاري منهـاّ و هي تـحمـّل
بين يدّيهـّا حـقيبتين سـوداوتي الـلونّ ، رّنت الجـّرس ثـمّ إنتـظرت قـليلا و قـّد عـّلت نـّظرة الـعزم
مـلامحّها ، فـتّح الـباب لـتـّظهر فـلورا بجّسمها الهـزيل و شـحّوبها الـغّير طبيعي
تجـّاهلتها مـّاري نـّظرا لقـرار والدّهما الـصّارم بـعدّم رؤية بـّعضهما الّبعض من الآن
فـّصاعدا و إنّ تـجّرأت إحداهمـّا فـستـدّفع الأخرى الـثّمن غـّاليـّا هـذّا مـا وضحّه خلال كـّلامه
الفّترة الـسابـّقة ،
دّخلت إلى المنـزل و نـادّت والدّها ، أتـى من الطـّابق الـعـلوي و على وجهه الـضـجّر و الـعبوس ،
رمـّت مـّاري الحـقيبتين في الأرضّ و قـالت بـتصميم
ـ 500 مـليون دولار ، الآن أعـدّ أخـتي إلي
رمقـّها سيدّ جوناثان ببـرودّ ثـمّ نـزل لفـّتح الـحقيبتين لابدّ أنهـّا تـمزحّ فلا يمـكّن لأي أحـدّ أن
يـجمع 500 مليـون دولاّر خـلال ثـلاثة أيـّام لكنّ مـا إنّ فتحهمّا حتى سـقـطّت ذراعيه جّانبـا
و هو لا يـزال منـّدهشـّا
ـ إنـّه مـال حـقيقي ألـيس كذلك ؟ لـّيس مـزورا ؟ لـيس مـسّروقـا ؟
نـظّرت إليه مـاري بـكّل حقـدّ ، لـّقد سلبهّا الشعور بدفء العـائلة و سـّلبهـّا حقّها في العـّيش بجـّانب
أختهـّا أمـّا الآن فـشبابهـّا و أحلامهـّا جميعـّا ، حـتى و إن بـكّى دمـّا لنّ تسامحه ، قـالت بإحتـّقار
ـ نـعمّ ليس مـّسروقـا فـلا تـّخف
ـ كيـّف حصّلت عليه ؟
ـ ليـّّس مهمـّا ، المـهم أنّ ديـونّ سـتّدفع و الـصفقة مـّلغـاة أمـّا أخـتي فستعودّ معـي
و أنـّت من الآن فـصـاعدّا ممـنوع عليك الـحدّيث أو الكـّلام معـها كمـّا وعدّت تـماما . هيـا فـلورا
كـّانت فـلورا تـّقف منصـدّمة من كّمية المـّال المـّلقـاة في منـّزلهم الـصّغير هـذا ، ما الذّي قدّ فـعلته
مـّاري لـتحّصل عليه ؟ ، استقضت من صدّمتها عندمـا وجدت مـاري تسحبهـّا معهـا ، صـّرخت فجـأة
ـ اتركيني
تـّوقفت مـاري عن سـحّبها و استدارت لتـنظر إليهـا حيثّ كـانت فـلورا مـّرتعبة و خـائفة ،
ليّس بـّسبب المـال لكّن لشيء آخـر تكتمـّه في قـّلبها بينمـّا كان جونـاثان يـّراقب إبنتيه
بـقلة حـّيلة فـأكـثر ما يـهمه هو المـّال و وعـدّه هو مـجّبر على تنفـيذه لـذّا لا حـّيلة له ، قـالت
فـّلورا بـتصميم
ـ سـأبقى هنـا
تـركّت مـاري ذراعّ أختهـّا بـعدّم تصـدّيق جميـّع ما عـانته في طـّريقها لجّلب المـّال هي لمّ
تقدّرها و لمّ تـحـاول الذّهـاب معهـا ، أكمـّلت فلورا كـلامها بـّتوتر و هي تـّرى ملامحّ ماري المـتـألمة
و المصدومة
ـ أنـا لا أستطيع المغـادّرة آسـفة مـاري فـّعلا ، لقدّ إعتدت العيش هنـّا و لا أريدّ الـرحّيل إفـهميني
أرجوك ، أنـا أنــا لا أستـطيع
ابتسمت مـاري بـهدوء ، رغـمّ كـل شيء هي لا تـزال مـكـّروهة من قـّبل عـائلتهـّا ..
لقدّ حـّاولت مـّرارا و تـكرارا أن تـّثبت نفسها كـفّرد من عـائلة روبرت ، منـذّ نشـأتها لكنّ الآن
و هي تـّراهم يـنظرون نـاّحيتها بـعدّم تصديقّ و يتـفادّيان عينيهـّا ، كيـفّ ستشعر ؟ ،
دّمعت عينيهـّا ثـمّ رحـّلت بـدون كـّلام . و هـذه المـّرة للأبد دون عـودة
فتحـّت البـّاب و أغـّلقته خلفها بـكل هـدوء ، تـّقدمت فّي خـطّواتهـّا قـّليـّلا ثمّ تـّوقفت .
ضحكـّت بـّخفوت و الدّموعّ قدّ أغرقتّ عينيهـّا الزجـّاجتين فـّظهـّر ألمها، قـّالت بهمسّ
ـ حـّتى أنتّ يـّا فـّلور ، حـّتى أنـّـت تـّخليتّ عنّي
أكمـّلت طـّريقهـّا بدون وجـّهة ، كيـّف سيكـّون إحسـّاسكّ عنـدّما يتـّخلى عنكّ جميع أفـّراد عائلتك ؟
عنـدّما تـّفعل المسـّتحيل من أجـّل سـّعادتهمّ ، عنـدّما تـّضـّع حيـّاتكّ أنت على المحـكّ لأجـّلهم لكّن
فيّ النهـّاية همّ يـّرمونـكّ كمـّا لو كـأنّ وجودّك أو عـّدمه سيـاّن .
__________________