عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 12-27-2015, 11:40 AM
oud
 
ـ المسـّرحية و الـدّمى ـ


نـّور تلفـّاز المـّوضوع ّ على قـنـّاة بهـّا فيـلمّ رومـانّسي أمـّامه تـلكّ الـشـّابة تـأكّل المـثلجـّات
و الحمـّاس بادّي على ملامحّ وجهها الطـّفولية
لـمّ تستـطّع النـّوم و تّفكيـّر في مستقّبلها المجـّهـول يؤرقـهّا ، تـورطّهـا مع عـائلة آل لبير جّعلهـا تـحّرم ّ
من الـراحـّة و كلّ ما يجـّول في رأسهـّا هو متـّى الـخـطّوة التالية ؟ مـتّى يأمرهـّا نايت بـّفعل شيء مـّا
؟ لذّلك قـّررت أنّ تـّقوم من على سريرهـّا و تتـجّه إلى التـلفـّاز أنيس وحدتهـّا
و بالـرغمّ من أن قـّصة الفلمّ رائـعة تمّس جـوانّب عدّة من الحـّياة فـمـّاري لمّ تلقي لهـّا بالا و عـكّس
مـلامحّ وجهها المتـحمّسة كـّانت دّقـات قـّلبهـّا تنبـّض خـّوفـّا ، إنهـّا ماريّ الفتاة التّي بـٌّقت ثـمانية عشـّر
عـامّا تستـجمّع شجـّاعتهـّا لتغـادّر المنـّزل لكنهـّا طّردت منه و عـّامين محـّاولة تـّوضيح لكـّنهـّا طّردت
مجددا منـّه ، و هـّل يعقل أن تـّستطيع مجـّاراة مهمـّا كانت خـطّة نايت ؟
قـطّبت حـّاجبيهـّا و هي تـأخـذّ قضمة أخرى ، لاّ طّبـعا لا .. تـّعلم ذلكّ و هو يـّعلم هـذّا لكـّنها لا تستـطّيع
الاستسـّلام الآن خصـّوصـّا بـعدّ أخـذّهـّا الخمسين مـّليون دولار لتسـديدّ ديون والدّها و في النهـّاية فـّلور
لمّ تـأتيّ لتعيّش معهـّا ، إنهـّا مجـّرد غفـّوة أخرى تسـقطّ بهـا
فـكّرت قـليـّلا ، لا لـّيست غـّفوة و لا خـطـأ في النهـّاية هي خـّلصت والدّها من الدّين و بالـرغمّ من أنهـّا لا
تـحّبه فهي لا تـّكرهه أيضـا ، هيّ بكل بسـاطة لن تستطيع التـّخلص من رابـّطة الدّم التّي تجمّعهمـّا .
وّقفت و إتجـّهت إلى الـّشرفة المـّوجودّة في صـّالة الاسّتقـّبال ، كـّان بهـّا وّردّ جمّيل الـرائـّحة قّررت أن
تقّوم بـّزرعه عنـدّما أدّركت أنهـّا لا تستطيّع تحمل مسـؤولية تّربية حّيوانات أليّفة ، جـّلست فّي ذّلك
الـكّرسي الـهزاز الّذي وّضع عـليه ملاءة قـدّيمة صّوفية ثّـم رّفعت قـّدميـّها على سّور الـشّرفة و أغـّلقت
عينيهـّا فتـراءت لها ّ صـّورة نـّايت عنـدّ نـّافذة غـّرفته و القـمّر قـدّ أسدّل ستـّار ضـّوءه عليه فإبتسمت
بـحالمية كعـّادتها
ـ وسيـمّ و جـذّاب جـدّا
ـ من هـّو هـذّا ؟
فّتحت عينيهـّا بدهشة و استـدارت مّسرعة مسـّتقيمة في جّلستهـّا إلى حّيث مّصدر الصـّوت ، رأتـّه يـّقف
بكـّل ثقـّة و بـّرود ، يـّرتدي معـطّفا متوسطّ الـطّول رمـاّدي اللـّون مـّع قـمّيص أسـودّ خّفيف و وشـّاح
بـنّفس لونّ المـعطّف مع سـّروال جينز أزّرق و حـذّاء ريـّاضي، تحّت عينّيه تـّوجدّ هـّالات بّنفسجية قّليلة
أخّفاها بخّصلات شّعره التّي انسدلت على وجهه كالعـّادة ، سـحّب كـّرسيـّا و جـّلس ثـمّ نـّزع القفـّازات من
يـدّيه و هو يقـّول بـبحّة و خـّفوت
ـ قـّهوة سـوداء مـّع مـّلعقة من الـسكّر
ـ آ حـاّضر
أسّرعت إلى المـطّبخ و حـظرت القـّهوة سـّريـعّا بينمـّا هنـاكّ سـؤال يـدّور في رأسهـّا ، كيـّف دّخل إلى
شّقتهـّا و هي متـأكدّة من أنهـّا أغلقتهـّا بالمفـّتاح ؟ هـّزت كّتفيهّا دلالة على عدّم الإهتمـّام ، لّيس هو
الشّخص الأول الذّي يدّخل بدّون إستئذّان ،
وضـّعت كـّوب القـّهوة أمـّامه على تّلك الطـّاولة الصّغيرة ذّات الـزينة و إعتـذّرت لتـأخّرها ، جـّلست أمـّامه
على الكّرسي الهـّزاز و رّفعت قـدّميهـّا لمّستوى صّدرهـّا محّتضنة إياهمـّا أمـّا عينيهـّا فكـّانتا تـّراقّبان
بـفّضول نـايت
كّيفية إمسـّاكه بالفنجـّان ، طـّريقة إرتشـّافه القـّهوة ، نـّظرته ذّات الكـّبريـاء العـّالي ، كـّل شيء به مـثـّالي
ـ مـّا رأيكّ ؟
رّمشت مـّرارا و تكـّرارا ثـمّ قـّالت مـّتعـّلثمة : أرجـّوا المـعذّرة ؟
ـ ألّست كّنت تتفّحصنني تـّوا ؟ أردّت أخـذّ تـّقييمك
إحمـّرت وجّنتيهّا من الإحـّراج و أطـّرقت بنـظراتهـّا للأسـّفل بينمـّا هي تـّلعب بـأنامّلها دّلالة على تـّوترها
فـّرمقهـّا نايت بغـّيض ، هـّل هي بـّلهـاء ؟ أمّ هو قـّال مـدّيحا تّوا ؟ زّفر ثـمّ قـال ببـّرود
ـ لا يـهمّ ، لقدّ أتيت لأنـّاقش بّضعة أمور ، أوّلهـاّ هيّ هـذه التـمثّيلية .. لا أعـّلم كّم ستـّدوم و لا كيّف
سينتهّي المـطّاف
لمّ تـّعلم مـاريّ لما شـّعرت حيّنها بنوّع من عدّم الاطمئـّنان فـأخذّت تتحدّث بصـّورة متوتـّرة و خاّئفة
ـ ما الذّي تقّصده ؟ هـّل لا تعـّلم حقـّا ما هذه المـدّة التّي يجّب فيهـّا أن نـّلعّب دّور المتحـّابين ؟ أقـصدّ مـاذّا
إنّ اضطررنا للقّيام بهـذّا إلى الأبد ّ ؟ أو مـاذّا إذا تـّم كّشفنـا ؟
ـ لمّ يـحدّث ، لأنـكّ سوف تـّقـومينّ بإحـتّراف التـمّثيلّ و إتـّقان دّوركّ لدّرجة المثـّالية
تقـدّم منّهـا ثـمّ إنحنى بـكّل هدوء لمّستوى وجههـّا ، عينيه داكـّنتينّ تجّولانّ بكـّل بّرود حـّولها منّ
ابتسـامّتها المـّرتبكة إلى حـّاجبيهـّا المـّعقودين بكـّل تـسـاؤلّ إلى نـّظرتهـّا الخـّجولة ، وّضع يدّيه حـّول
كـّتفيهـّا وجـذّبها فيّ تـلكّ اللحـّظة سـّارعت ماّري للإبتعاد متـذّكرة ما حدّث في المرة السـابقة .
كـّيف أخذّ منهـّا قّبلتهـّا الأولى بدّون مشـّاعر .. كـّان يّرمقهـّا حينهـّا كمـّا لو كـأنهـّا و المـّزهرية واحدّ لا
يحـّركان بـّقلبه نبّضـات ، بينمـّا كّان هو يـّحاول أنّ يّجّرب رّدة فعلهـاّ فقط قـّال نـايت بّسخرية لاذّعة و
شدّيدة اللهجة
ـ قّبلة و أنت خـّائفة ؟ مـاذّا إنّ تمـادّيت أكثـّر هل سيـّغمى عليك ؟
أجـّابته مـّاري بـغّضب محّتقن كّيف لا يكّسوها الـغّضب و هو يهّين أحـّلامهـّا ؟ أمنيـّاتها التّي تخص
فـّارسّها ؟
ـ لا أنت مخـطئ ، القـّبلة لّيست مجـّرد قـّبلة .. إنهـّا تـلكّ اللـحظة التـّي تتـّولدّ فيهـاّ أشـّواقكّ تـلكّ الـثـّانية
التّي يـطّغوا فيّها حـبكّ على كّل كيـّانكّ فـتـّقوم بّتقبيـّل حبيبـكّ بـكّل رقـّة ، كـّل عـّشق و غـّرام لمشـّاركته
أحاسيـسكّ ، لجـّعله يـؤمنّ بأنّ قلبكّ لمّ يـعدّ ملككّ .. ليّصدق أنكمـّا صّرتمّا كيـّانا واحـدّ
إستنـدّ على الشـّرفة و هو يـّقابلهـّا ، إنهـّا تلهُّث كـأنهـّا قـامت بمجهـّود عـظيمّ .. شـّفتيها تّرتجفـّان و
تـوشكّ على البـكّاء فقطّ لأنهّ قـال أنّها لا تعنّي شيئـا ، أكـمّلت حديثّها بـتّوتر
ـ لا يمكنـكّ تقبيـل من تشـاء سـّاعة من تشـّاء ، و أنتّ تصّف قـبـلتّنا الأولى كمـّا لو أنكّ قبلتّ كّلبـا ازدرى
لعابه على ثيابكّ
ابتسـمّ بخـّفوت و همـّس قـّائـلا
ـ لقـّولكّ كلامـّا كهـذّا أنت مجـنونة و إنّ صـدّقت بـتّراهات مثـّل هذه فسّينتهي بكّ المطـّاف بـّميتة وحيـدّة
تعيسـّة ،
إنعكّس من خّلال عينيهـّا الزجـّاجيتن الصـدّمة الواضـحة و التّي حـّاولت إخفـائهـّا ، شـدّت بواسـطّة
قّبضتهـّا على فستـانّها و هيّ تقول بتّصميم
ـ لا أنـت مخـطأ ، أنـّا لنّ أمـّوت وحيـدّة .. سـأجـدّ شـخّصا أحبـّه و حـّين أفـعّل لنّ أتـركّه يغـّفوا عن نصـّب
نـظّري ، سـأقـاتّل من أجّل حبي أنتـظّر و سـتّرى
ضحكّ قـليـّلا إنهـّا متّرصدة و لوهـّلة ظنـّت ماّري أنهّ هو المـطّلوب ، من كـّانت تبحّث عنه لكّنهـّا استعادتّ
واقعهـّا عندمـّا رأتهّ يتجـّه إلى الصـّالة ، تـّبعته
ـ معتقـداتكّ و أنـتّ حرة لكّن لا تـّفسدي مخـططّي
ـ أجـّل أعـلمّ ، الآن أنا أوفّر روحيّ القـتالية من أجـّل حـّربكّ لذّلك لا تـّقلق لكـّن نـّايت .. مـا سبب هـذّه
التمثـيلية ؟
أجـّاب ببـرودّ و هو يـّهم بالـرحّيل : لّيس مهمـّا معـّرفتكّ بسببّ
ـ إنتـّظر لمّ ينتهي نقـّاشنا بـعدّ ،
أمسكته من ذراعه مانـعة إياه من الذهاب إلى أيّ مكـّان ، فـتّوقف و نـظّر إليهّا منتـظّرا ما ستـّقوله ،
عـّلت التصـّميمّ مـّلامحهـّا و هي تقـّول بجدّية
ـ أعتـقدّ أنني أستـحّق إجـّابة واضحـّة ، نـايت هلا أخبرتنيّ من فـّضلك ما سبب الذّي جـّعلك تـّقومّ بصنـّع
هـذه التمثيـّلية ؟
تّردد للحـّظاتّ ثمّ تنهـدّ و قـّال بـهدوء بينمـّا عـّقله مبحر فّي ذّكريـّاته
ـ إنهّ سـّر
فتـحّ البـاب مسـّتعدا و خرّج فإرتـدّت ماّري معـطّفها الأحمـّر و حـذّائهـّا مـّع وشـّاح خفيفّ بّسرعة مـذّهلة
و أغـّلقت الشـّقة خّلفهـّما ، فّرمقهـا نـّايت بغّيض و سـّارع في خـطّواته .. أمسكـّته مـّاري من ذّراعه و
إحتّضنتهـّا فيرى النـاّظر أنهـمّا فـعّلا حّبيبينّ و هـذّا ما لمحّته سيدّة فرانسيسّ عندّمـا كـّانتّ خـّارجة هي
أيضـّا حـّاملة حّقيبتهـّا و بّرفقتها كلا من السيدّ بول و ويليـامّ ، قـّالت بدّهشة
ـ يـا ألاهي هـّل هـذّه فعلا أنت مـّاري ؟ لا أصـدّق بـعدّ سنواتّ من فقدّان الأمـّل تجـّدينّ شابا و شديدّ
الوسـامة أيضـا ؟ ظننّت أنّه سينتهي بكّ المـطّاف في دّار المسنين بـعدّ عـجّزكّ عن العّيش لوحدّك
إحـمّر وجّه مـارّي من الـخجّل و تـّوردّت خدّيهـّا باللـونّ الـوردّي ، تـركّت ذّراع نايتّ و لمّ تلاحـظّ نـّظرات
الغـّامضة بينّ الصدّيقين ، قـّالت بإحـراج
ـ سيدّة فرانسيسّ توقفي عنّ هـذّا ، لقدّ أخبرتكّ سابقـا أنني أنتـظر الـرجّل المنـّاسب أم نسيت ؟ ثمّ لماذا لا
ينفك الجميع ذكر دار العجزة ؟
ـ أعـلمّ ممتـطّيا حصـّانه الأبيـّض و حـّاملا وردّة الأوركيد هـائمـّا الكـّرة الأرضيـّة بـّاحثـّا عنـك ، كلنـّا نعـلمّ
ابتسـمّ نايتّ بسخـّرية لمّ ليلمحـّها سوى ويليـام المـقطّب بشّرودّ ، إنهـّا لمّ تخبره هو فقـطّ بمواصفـّات
فـّارسهـّا و إنمـّا جميـعّ من تـّعرفه ، أو ليسـّت بلـهاء ؟ اقـترب من سيدّة فرانسيسّ و إنحنى بخفـّة مـّعرفـّا
عن نفسه
ـ أسـعدّ صبـاحكّ سيدّتي ، أدعـى نـّايت أل لبيـّر و أنـا خـطّيب الآنسة مـّاري روبرت .. تشـّرفت بـلقـائكّ
شـّهقت سيدّة فرانسيّس من الـدّهشة ، لّيس لأمّر الخـّطبة بّل لمـدّى لبـّاقة هـذا الشـاب الواقفّ أمامهـّا ،
كــّان جـذّابـا بـوقفـتهّ الواثقـّة و نـّظرة الكبـّريـاء مـّع شـّعره الأسودّ الحريري اللامـّع كسـوادّ الليـّل تمـّاما
، يـذّكرها بـالرجـّال الارستقراطيين قـدّيمـا فهـّو و بـطّريقة مـّا يـّتـركّ هـّالة من الجـاذّبية و النبـّل تـحومّ
حـّوله ، قـّالت بلا إستوعاب
ـ حقـّا ؟ لو كـّنت ثـلاثّّين سـّنة وراء لمـّا تـّركتكّ تـذّهب بسـّهولة ،
ضحكّ نايتّ بوداعـّة مصـطّنعة و هو يقبـّل يـدّها ثـمّ سـحّب ماري من كّتفيهـا و قـّال بابتسامة بـسيـطّة
ـ للأسـف يـا سيـدّتي فـأنـّا مـّرتبطّ ، الآن أرجـّوا المـعذّرة لقدّ وعدّت أن أخذّها لمـطّعم فـاخّر تـعويضـّا على
ما فاتنـّا
ـ أجـّل ، طبـعا .. أعـذّر سخـافتي
تـقدّم الاثـنينّ و خـّلفهـمّا ويـّليـام ، إتجـّه الثـلاثّة إلى سيـّارة سـوداء مـّركونة مـضللة .. فصـعدّ ويـليـامّ
خـّلف الـمقّودّ بـعدّ إنتـزاعه المفـاّتيح من أصـّابع نـّايت الذّي جـّلس بجـّانبه ، تـّوقفت مـّاري بـتّرددّ ،
خصـّوصـّا عندّما لمحـّت نـّظرات ويـّليـام الغـّير طـّبيعية فقـّررت أنّ تـأجّل أسـئلتهـّا إلى مـّرة أخرى ،
قـّالت بـتّوتر
ـ آ لقـدّ تـذّكرت أنهّ لدّي مـحـّاضرة الـيّوم بـعدّ سـّاعة لـذّلك أنـّا أعـتّذر ،
رمّقهـا نـّايت بـّبرودّ شديدّ ثـمّ إلتفت نـّاحية ويـّليـامّ الذّي يكـّاد يـّنفجّر من الغـّضب ، و قـّال بـّسخريته الـدّائمة و اللاذّعة
ـ و منّ كـّان يـّنوي أخـّذكّ مـّعه ؟ أنـّت من عـّزمت نفـّسك ،
نـّظرت إليهّ مـّاري بـّغيض ، هو منّ كـّان يـتّحدث عن إحتـّراف التـمثـّيل حسّنا يـّاله من ممثـّل بـّارعّ ،
قـّالت ببـّرود هي الآخرى مـحـّاولة تـّقليدّه
ـ لا تـّظن أنكّ تخّلّصت منـّي، لنـّا لقـّاء أخـّر ، وداعـّا ويـّليـام
و حـّالمـّا أنهـّت جـّملتهـّا أدّار ويّليـام المقّود بـطـّريقة عـّنيفة فـأطـّلق المـحركّ صـّوتـّا مخّيفـّا ، عـّاد
للخـّلف ثـمّ إنـطّلق مسّرعـّا بـّسرعة خـّيـّالية جـّعلت مـّاري تـشّهق مـّرتعبةّ ، هـّزت رأسهـّا يميـّنا و شـّمالا
ـ تّسك تـّسك تسـكّ يـّالهمّا من صـدّيقينّ ، أنـّا أتساءل إنّ كـّان ويـّليـّام بـخّير؟

/

فّي ذّلك السـرير الـّضخم عـّليه عـّدة وسـّائدّ و غـّطاء أحمـّر أجوّري حّيث كـّان كـّايل نـّائمـّا و قـدّ إختـّفت
مـّلامحـّه الخـّبيثة التّي كـّان دومـّا مـّا يحـّملها ، فجـأة أنيـّر ضوء الغـّرفة مّسببـّا له الإزعـّاج ، قـطّب و
صـّرخ بـغّضب
ـ إليـزابيـّث أطـّفئيه
تقـدّمت مـّنه إليـزابيـّث، ـ الشـّابة التّي تـّوجدّ صـّورتهـّا على غـّلاف مـّجلة المّوضوعة فّوق الطـّاولة
الزجـّاجية ـ وّضعـّت يدّهـّا على كـّتفه و هـّزته بـّقوة بينمـّا كسى الانزعاج وجههـّا الجمـّيل ، قـّالت بـّحدة
ـ استيقظ إنهـّا العـّاشرة و أنـّت لا تـّزال نـّائمـّا
قـطّب و إستـدّار إلى الجـّهة الأخرى فتـأففـّت إليـزابيثّّ بـغّيض شـدّيد ، إتجـّهت إلى تـّلك المـّزهرة التـّي
حّصلا عليهـّا كـّهدية فـّاخرة من قـّبل مـدّير مـّجموعة هيـّون و نـّزعت الأزهـّار غـّير آبهة بـمدّى عبقّ
رائـحتهـّا ثـمّ أفـّرغت مـّياههـّا على كـّايل
شـّهق بـّقوة و استقـّام فيّ جـّلوسهّ ، و بـّحركة مفـاجئة كـّان يـّضع يـدّه حـّول رقـّبة إليـزابيّث كـّايـّل يـّعرف
بـالعصّبية الـشدّيدة و كمـّا أنّ جمـّيع منّ يـّعرفه يـّتجّنب إغـّضابه و يّسعى للحّصول على رّضـاه فـكّيف
لزوجـّته أنّ تـّفعل مـّا فّعـلته ؟ ، قـّال بـّصراخّ
ـ أتـّقي الشـّر يـا إليـزابيـّث ، إتقـيه قـّبل أنّ أقـّوم بـّقتلك و الآن
وضـّعت إليـزابيثّ يـدّيها حـّول رقـّبته هيّ الأخرى و احتضنته بـخـّفة فهـدأ ، ابتسـمّت ببـّرود قـّائـلة
ـ عـّزيزي أعـّلم أنـكّ غـّاضب بشـأنّ الـّصور لكّن لقدّ أخـّبرتكّ أن هـذّا هو عـّملي و لا خيـّار أخر لـّي ، و
أنـّا أسـّفة لأننّي رمـّيت المـّياه عليـكّ فـقدّ كـّنت أنـّا أيضـّا غاضّبة لأنـكّ قـّمت بـتجّاهلي ، أنـّا أسـّفة
عـّزيزي أعـدّك أننّي لنّ أكّررهـّا
تنهـدّ كـّايل و أبـّعدها عـّنه ثـمّ إتجـه إلى الحمـّام ، أغـّلق البـّاب خـّلفه بـّقوة .. و عنـدّما تـأكدّ أنهـّا لا تّـراه
ابتسـمّ بـلطـّف ثـمّ قـّال يـّحدثه نـّفسه
ـ تـّظنينّ أننّي لا أعـّلم لـكّنكّ مخـطـئة ، لـّو أنّ هـذّا القـّلب لا ينـّبض بـأسمـكّ و لو أنّ هـذّه الـعّروق لا
تسيـرّ بـأنفـّاسكّ لكـّان لّي حسـّاب آخـّر مـّعك ..

/

فيّ إحدى الحدائقّ المـّليئة بقطـّرات النـدّى و همسـّات القـّليل من الأطفـّال الذّين يـّلعبونّ هنا و هنـاكّ ، لمّ
يكنّ يوجدّ الكثيـّر من الأشخـّاص و هـذّا مـّا سـّاعد السيدّ جوناثان في أخذّ راحتـه معّ صديّق عـمّره
روبـّرت ، متـّناولا تـّلك السيجارة بينّ يدّيه ، فقـّال روبرت بهدوء و هو يـحاول أن يطمئنه
ـ يـّا صديقّي ، ألّيس الوقت منـّاسبـّا لدّخولكّ الى المستشفى ؟
رمقّه سيدّ جوناثانّ بحدةّ لّيبتسم روبرت و هو يـّهز رأسه نـّفيـّا ،
ـ لا ، لا تـّرمقني بتـلكّ النـظراتّ أنـّا أقـّول الحّقيقة ، أريدّك أن تـّهتمّ بـّعلاجّك فقطّ
ـ روي أنا لا أستطيـّع لدّي الكثّير من الأعمـّال و عّلاجّي هو آخرّ همّ بّنسبة لّي ، كمـّا أنهّ توجدّ مشـكّلة
ماري لإصلاحها ،
ـ أنـّا سـّوف أهتمّ بكّل شيء ،
قطّب سيدّ جوناّثان و هو يـّفكر ، ثمّ ارتشف نفّسا عميقـّا من سيجـّارته الأخيرة و رمـّاها أرضـّا بـّعدهـّا
قـّال بجدية
ـ لا ، هذه مشـّكلتي و هـذه عـّائلتي ، صدّقني روي أنـّا ممتـّن جدّا لـّوقوفكّ بجـّانبي طـّوال الوّقت و السيـّر
فيّ خطّطّي لكّن آن الأوانّ ليّ أنّ أتولى الأمـّور بـّنفّسي على الأقّل لهـذه الفتـّرة ، قـّبل أنّ تشـاهدّ عيناي
هـّاتين نـّهايتهمـّا
تنهـدّ روبـّرت بـّقـّلق و ضـّم صدّيقه بخـّفة بـّعد أن تـّلاشت العـّبارات من فـّمه لحـظة ذكر جون المـّوت ،

/

كـّان نـّايت جـّالسـّا فيّ مقـعدّه بـكّل راحـّة و الـّبرودّ ظـاهر على وجههّ ، يـّضع يدّه على حـّافة النـّافذة و
يـّراقـّب الـطـّريق كـّيف تـحتـّك عـّجلات السيـّارة بـهـّا مـّخلفة آثـار واضحـة ، تنهـدّ بـضجـّر عـندّما زادّ
ويـّليـام فيّ سـّرعة فإلتفت إليه لآنه تـّجاوز الحـدّ و قدّ يصـطّدمـّا بأي شـيء و بـالـّرغم من أنهّ لا يمـانـّع
فـّعلا المـّوت لكّن قـّرر الكـّلام
ـ مـّا الذّي يـّزعجـكّ لـدّرجة جّعلنـّا نموت مـّعا ؟
تـّوقف ويـّليـام و قـدّ ضـغطّ على الكابح فصدّر صـّوت مـّخيفّ و دّارت السيـّارة مـّرارا و تـكـّرارا قـّبل أنّ
تستـّقر فيّ وسـطّ الطـّريق ، رمقـّه ويـّليـام بـّغضب ثـمّ ابتسمّ فـجأة و وضـع يدّه على كـّتف نـّايت ضـّاغطـّا
بـّقوة
ـ عـزيزّي نـايت أل لبيـر إنّ كـّنت تـّريدّ مني خـّدمة فـّيمكنكّ الـطّلب و سـأكونّ سـعيدا لتّلبيتهـّا إن كـّنت
أستـطّيع ، لا أنّ تـأمـّرني بـّفّعل مـّا تـّريد و بالـطّريقة التـّي تـّريدهـّا وقتمـّا تـشّاء و لا يـحّق ليّ الـّرفض
ـ آه إذّن هـذا مـّا يـّزعجـك ؟
ـ بالـطـّبع لـّيس هـذّا مـّا يـّزعجني فـانـّا مـّعتـاد على وقـّاحتـكّ و إنعـدّام أخـّلاقك لّكن الأمـّر الذّي لمّ أقبـّل به
هوّ مـا طـّلبته بالـحدّ ذاته ، أخـّبرنيّ ما الذّي تـحاّول فـّعله لعـّلني أعـّذرك و أكونّ يـدّك الـيّمنى ؟
قـطّب نـّايت و نـّزع يـدّ ويـّليـامّ من عـّلى كـّتفه ثـمّ زفـّر بـغـّيض ، أحـدّ الأشيـاء الـتّي يـمّقتها هو تـّفسير
تـّصرفـّاته للآخـّرين ، فـإحتـدّت عـّينيه بـشكـلّ واضـحّ و أخـذّت هـّالة الخـطّر من حـّوله تـّنتشـّر أكـّثر قـّال
بـحـدّة
ـ إنّ لمّ تـّرد فـّلا بـأس أستـطّيع عـثورّ على شـّخص آخـّر
ـ هـذّا لّيس مـّا أعنـيه ، تّـبا لكّ تـّفسر الأمـّور على منـّحاكّ .. كـّل مـّا أقوله أننّي أحتـّاج تـّفسيّرا فـأناّ قلق
عليكّ و أنــّت تـّدركّ أنّ مـّا تـّفعله هو الخطـأ بعـّينه لذّلك أّريد منك التـّراجـّع قـّبل فـّوات الآوان
كـّز نـّايت على أسنـّانه بـعـّصبية ثـمّ قـّال بـهـدوء رغـمّ أنّ مـّلامحـّه و حّركاته عـكّس ذلك تـمّاما
ـ ويـليّام أنـتّ قـدّ تـخـطّيت حـّدودّك إخـّرس
حـّرك ويـّليـام الـسيـّارة عـندّما لمـّح شـّاحنة قـّادمة من بـّعيد و سـّارع بالإبتعـّاد ، شـدّ على المـّقودّ
بـإنـزعـّاج و تـّحـدّث مـجّددا
ـ إستـمـّعّ إلى مـّا أقوله بـحـّق السمـّاء نـّايت ، أنـّت تـّلـّعب بـجّانب الهــّاوية و لـّيس لـوحـدّك بل بـّرفقة
مـّاري .. إنهـّا طـّفلة و لا تـّدركّ ما أقـحمـّت نفّسهـّا بـه و أنـّت تـّستعـمّلها كمـّا لو كـأنهـّا دّمية تّحركهـّا
مـّثلمـّا تـّشاء ، إنّ كـّان بشأن الـ 500 مـّليون دولار فـأنا مسـّتعد لدّفعهـّا عـّوضـّا عـّنهـا لذّلك أتـّركهـّا و
عـّائلتهـّا
ـ لّست مـّهتمـّا بالـنقّود و أنـّت تـّعلمّ أمـّا بالنـّسبة لهـّا فـلقدّ قـّامت بـتحديدّ ستّعرها بـّنفسها و قـّامت هّي
ببـّيع نفـّسها لّي لذّلك لّيس لهـّا الـحق فيّ قـّول لا ، كمـّا أن هـذّا لا يـّعنيكّ
ـ نـّايت أرجـّوك إفـهمنـّي ، أنـّت صـدّيقي الـّوحيدّ و الـّفرد الـوحيـدّ المتـّبقي من عـّائـّلتي أنـّا فـّعلا لا أريـدّ
أن أخـّسرك بـّرغبة انتـّقام الـتّي تـّغمركّ
ـ ويـّليـام بـحّق الـجحيـمّ إنّ لم تـخرس و الآنّ فـسّوف أحّرص عـّلى أنّ يـّكون أخـّر مـّا تـّراه هو فـّوهة
مسـّدس المـّوجهة نـّاحية قّلبك
رمقـّه ويـّليـام بـأسى و قـدّ ظـّهر الـوجـّه الحقـّيقي لنـّايت ، كـّان و بـهـذّه اللـحـّظة لا يـّقوى على التـّنفّس
أمـّا بـّشرته فقـدّ إزدادت شـّحوبـّا كمـّا لو كـأنهّ رأى المـّوت بـّعينيه ، حبـّات الـعّرق قـدّ شّقت طـّريقـها
نـحوّ ذقّنه ، ابـتسمّ ويـليـام و قـّال بـخـّفوت
ـ حسنـّا ، لا داعـّي لكّل هـذّا الإنفـّعال نـّايت أنـتّ تـّعلم جيـدّا أننّي مـعّك في كـّل خـطّوة تـّخطوهـّا و أنـاّ
مسـتّعد للمـّوت إنّ كـّان هـذّا يـعنّي سـّعادتـكّ فقـطّ ، فقـطّ أنـّا قـّلق عـّليكّ
أجـاّبه نـّايت ببـرود بعد أن وجه نـظراته إلى الأمـّام ،
ـ أنتّ كـّثير الـّقلق بـدّون أي شيء يـّذكر ،
ـ أعـّلم ، ألا يـحّق لي ؟ خـّصوصـّا و أنـكّ قـدّ بـدأت الـّتصـّرف بـغـّرابة ، فقـطّ عـدني أنـكّ لـن تـّذهب إلى
التـّهلكة ؟
ـ أجـّل أجـّل كمـّا تـّشاء فقـطّ إخّرس و قـدّ أنـّا جـّائع
ابتسـم ويليـام بـودّية و قـامّ بـضـّرب نايت على خصـّره فـتأوه الأخـير من شـدّة الألمّ و شتم بـحدّة ليضـحكّ
ويـليـام أخيـّرا ثـم قّال بـلهـجة مـّازحة
ـ هـذّا لأنكّ جـّعلتني أصّاب بالـجّنون
__________________