عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 12-27-2015, 11:41 AM
oud
 
نـحـّوك ـ عـزيزي


أحيانا بل في معظم الأحيـانّ لا يستـطيع الإنسـان الإستمـّرار حينهـّا يكونّ قدّ أعلنّ الفـشّل و رفـّع رايـة
الاستسلام ليـّس لأنه فقـدّ الأمـّل أو يـأس من الحيـّاة بـّل يـمكنّ الـقول أنهـّا النهـّاية و النهـّاية فقط .
أجـّل إنهـّا تـلك النهـّاية التّي تـجّعل الشـّفاه عـّاجزة عن التـّعبير و تـّصبح الـعّينينّ بالـّرغم من صـحتهمـّا لا
و لنّ يـّستـطّيعان الـرؤية سوى الـظّلام من الآن و صـّاعدا .
فـّي ذلك الـّركن الـّصـغير ، حيـّث لا يـّقدر أحـدّ على لمحـّه كـّان هو جـّالسـّا مستنـدّا على الجـدّار الذّي
خـّلفه و الـشـهـّقات تصـدّر منهّ كمـّا لو كـأنهـّا سيمفـّونية حـّزينة و مـّؤلمة ، يـمسكّ رأسهّ بين يدّيـه و
يـّضغط عليه بـكّل قـوة .
ضـغطّ على قـّبضته و إنهـّالت فـكّرة جـّنونية إليه فجـأة ، مـاذّا عن الإنتحـّار ؟ مـاذّا عن قـّتل نفـّسه ؟ مـاذّا
عن رفـّع الـسكين و قـطـّع شراييـّنه إلى آخـّر قـطّرة دّم ؟ لـكّن و إنّ فـعّل فـهل سيـموّت ميـّتة هـنيئة ؟
ارتسـمّت على شـّفتيه الجـّافتين و البيّضـاوتين من شـدّة المـّرض و الألمّ مـعّا ثـمّ همـّس و نبـّرته
المحـطّمة قـدّ وأنسته وحـدّته المـّروعة هذه
ـ أنـّا قـّادم إلـيكّ يـا عـزيـزتـّي ، أنـّا قـادّم انتظريني فقـدّ حـّان مـّوعد لقـائنـّا

/

فّي ذلك المنـّزل البسيـطّ كـّانت فـّلور تـلكّ الشـّابة ذّات الـّشعر الأحمـّر المـّرفوع إلى الأعـّلى تـحـّضر
الغـذّاء بـكّل هـمة و نشـاطّ فـالسـّاعة تشيـّر إلى الثـّانية عـّشر و لمّ يبـقى على قـدّوم والدّها سوى ربـّع
سـّاعة ـ عـندّما رنّ الـجّرس و كـّان نـّادرا مـّا يـّرن لإنعـّزال عائلة روبرت عن بـّقية الحّي .
نـّظرت من الـعّين الـسحـّرية نـحو القـّادم فـرأتّ شـّابا ذوّ شـّعـّر أشـقر لامـّع يـمّيل للـّون الـذّهبي رّفع
نصـّفه و تـّركّ القـّليل ، يـّضع ذّراعه على الجـدّار و تبـدّوا عليه مـّلامح الـسـخطّ و الـغَّضب ، بدا لفـّلور
كشـّاب مشـّهور فـما الذّي يـّفعله هنـّا ؟
نفـّضت يـدّيهـّا من الـطّحين و نـّظفت وجّهها ثـمّ فـّتحت البـّاب ، إعـتـدّل في وقفـّته لـّكن لمّ يـغـّادر الضـجّر
وجـّهه فقـّال بـّغيض
ـ هـّل هـذّا منزل السيـدّ جونـاثانّ روبرت ؟
توخت حينهـّا فـّلور الحـذّر و قـّدّ ظهـّرت ملامـحّ البـّرود على وجههـّا ، كـّانت عـكّس مـّاري تمـّاما ،
ـ و إنّ كـّان ؟ ما الذّي تريـدّه ؟ مـّن أنت ؟
قـطّب الشـّاب بـعصّبية و نــّزع نـّظارتيه ، دومـّا ما يكـّلف بالمهـّمات السـخيـّفة .. لمـّاذا ؟ تـأفف ثـمّ قـّال
بـغّضب
ـ ليّس لدّي وقـّت للـعّب الأطـّفـال ، نـادّي سيدّ جونـّاثـان
ـ و لا أنّا أيضـّا يـّا سيـدّ ، فـما رأيكّ أن نخّتصر الحـدّيث و نصـّل إلى المـّطلوب .. ما الذّي تريـده من والدّي
؟
زفـر ويـليـام ، و فتحّ البـّاب على مصراعيه ثـمّ دخـّل .. المـطّبخ ثـمّ الصـّالة ، صـعدّ إلى الأعلى و فـّتح
جميـّع الغـّرف بينمـّا فـلور تصـّرخ بـّرعب و هيّ ترى هذا الشـّاب المجـّنون يـقتحمّ منـزلهمّ عـّنوة بينمـّا
هيّ موجودة ؟
عنـدّمـا لمّ يستـطّع إيجـاده تـأففّ بصـّوت مسـّموع ثـمّ كـادّ أن يــرحّل لولا أنّ فـلور وقّفت بـطّريقه ، رمقـّها
بـسخـّرية ، ليسـّت مثـّل أختهـّا على الإطـّلاق .. أمسـكّته من يـّاقته و سـحّبته نـحوهـّا ، بالـّرغم من أنهـّا
ليست بالقـّصيرة لكـّن لمّ تستـطّع حتى أن تـّصل إلى مستوى كـّتفيه ، قـّالت بـحدّة
ـ بـحّق الجحيـمّ من تـظّن نفسك ؟ لتـقتحـم منزلي عنـّوة و أنـّا موجودة به؟ ألمّ أملئ نـظّر عينـّيك ؟ أمّ
أبـدوا مخـفـّية ؟ سـأتصـّل بالشـّرطة
أبـعدّ يدهـّا عنه باحتقان شديد ثـمّ فجـأة ابتسـم كمـّا لو كـأنهّ قدّ عـاد إلى وعـّيه ، ضحكّ بـخفـّوت دومـّا مـّا
يـّخرجه نايت عن طـّوره ، إنحنـى و قـّال بـنّبرة سـّاخرة
ـ حـّاولي عـّزيزتّي ، أنّ متـأكدّ أن الشـّرطة ستـحّل مشـّكلتنـّا ، و إن كـّنت تـّردينّ سوف أتصـلّ بهـّا أنا
شتمت بعصبيـّة و ابتعدت ، لابدّ أنه من الدائنينّ و إن كـّان كـذّلك فـّلا يجّب إقـحام الشـّرطة لأنهّا و بكـّل
تـأكيد ستـخّسر القـّضية ، رأتهّ يـغـادّر فتمـّتمت
ـ تـّبا حتى و أنتّ بمنـّزلك لا يـّتركونـكّ و شـأنكّ

/

فـّي صـّالة كـّبيرة بـهـّا طـّاولة عـّليها عـدّة كـّراسيّ وضـّع فـّوقهـّا عـدّة أطـّباق من أشـهى المـأكولاّت
و قـدّ زيـّنت بـّبضعة أزهـّار فّي الـوسـطّ
تـرأّس الـطـّاولة الجـدّ و قـدّ كان يـّرتدي بـّذلة عـّملة الـرسمية بـجانبه الأيمن جـّلس رجـّل ربـما في
منتصف الأربعنيـات كـان يـشبه الجد لحدّ كبيـّر من نـاحية الـوجه أو الجـسمّ او حـّتى تـّعابيرّ بجـانبه
كـّان كـّايل الـذّي بـرفقة إليـزابيث الـمرتدية فسّتان سـّهرة أبـّرزّ بـّشرتها البرونزية أكـّثر
و فيّ الجـّانب الأخـّر و بالـجّهة الـيسرى للجـدّ كـّان يـجـّلس نـّايت و شـّعره الأسودّ قـدّ غـطّى
حـدّة عينيـهّ ، يـّضع وشـّاحـّا و يـّرتدّي قـميّصا خفـّيفا مـّع سـّروال جينـّز ،
أثـّناء فـّترة الـغـذاء لمّ يسمـّع سوى صّوت المـّلاعـّق و منّ حانية إلى أخرى صـّوت أحـدّهم يـأمر
الـخـادّمات الواقفـّات في الخـّلف بـجّلب صـحنّ ما كـّان بـعيدّ عن مـتّناول يـدّيه ، تحـدّث الجـدّ فـجأة
مكـّلما نـّايت
ـ ألنّ تـأتيّ خطيبـتكّ لـزيـّارتنـّا إلا بـدّعوة أم مـّاذا ؟
تنحنـّح كـّايل و علىّ شـّفتيه إبتسـامّة سـّاخرة ، قـطّب نـّايت بينمـّا رفـّع حـّاجبه دّلالة على عـدّم
حيازة حركة كايل على رضاه ثـمّ التفت إلى جـده و قـال بـلـباقة و تهذّيب شديد
ـ لـديهـا محـاضّرات و عـمّل لذّا هيّ غـّير مـتّفرغة معـظم الـّوقت لكّن إن كـنّت تـّريدّ
رؤيتهـاّ فـيمكننّي الإتصـّال بها
كـّايل بـسخرية : حقـّا ؟ و من هـذّه التّي تنشـّغل عن خـطّيبهـّا الملياردير ؟
ألّيست كـّل الفتيـّات يـّردن الـخّروج و الاستمتـّاع ؟
نـايت بـبرودّ : تـّلك هـّي زوجـتّك ،
أكمـّل طـّعامه غـّير آبه بـتّغير مـّلامحّ إليـزابيّث أو بهيـجـّان كـّايل الـواضـحّ ، فقـّال الجـدّ بعـدّم راحـّة
و هو يـّرمقّ حفيديه
ـ لـدّينـّا حـّفـّل الـلـيـلة بـمنـّاسبة ذّكـرى الـسنوية لإفتتـّاح الـشّركة لـذّا أريـدّ من الـجّميع الـحضـّور
دون استثناء
كايل بـسخّرية : أسـمعـّت هـذّا الكـّلام موجـّه لـكّ يـاّ أيهـّا المـدّير الّعام
قـطّب كـّايل و شـدّ قبضته عندما لم يرى أي انفعال من قبل نايتّ ، كمّ يثير غّضبه برودّه الدّائم لذّا قـّال
مجددا بلهجة مستفزة
ـ لا تـّنسى إحـضـار متسّولة الصغيرة
رمقــّه نـايتّ ببـرودّ شديدّ غـّير آبـه لإهـّانته لـكّنه شـّعر بنـّظراّت متّجهة نـّحوه فرّفـع عينيـه الحـادتين
لمـّهما كـّان ذلكّ الـشخّص يـّقف ، كـّانت إليـزابيـّث بـكّل ثـّقة تـّقف و يـدّيهـّا ملتفتيـّن حـّول ذّراع كـّايل ..
تـّنـّظر إلـّيه بـطـّريقة لمّ يسـتطّع أن يـّفسر أحدّ غـّيرهمـّا سـّرهـّا ، ابـتّسـم نـّايت بـهـدوء ثـمّ قـّال بـّلهجة
غـّامضّة
ـ و لا تـّنسى الإنتـّباه لـتّصـّرفـّات زوجـّتك
تـّخطى كـّايل المـّسافة التـّي بينهمـّا فيّ ظرّف ثـّانية و قـّام بإمسـاكّ الاخـّير من يـّاقته و رفـّعه ليّسقط
الـكـّرسي الـذّي كـّان جـاّلسـّا عليه ،
ـ إيـّاك و إيـّاك إهـّانة إليـزابيثّ و إلاّ سـّترى ما الـذّي يمكننيّ فّعله ؟
ضّرب الجـدّ الطـّاولة بـّعصبية بـّالغـّة بينمـّا لا تـّزال مـّلامحّ نايـّت بـّاردة غـّير متـأثـّر من أخناق كـّايل له
ـ سـّحقا لكّ كـّايل كمّ مـّرة يـجّب علي القـّوّل لكّ أن تـّحتـّفظ بـّتصرفـّاتك المـّجنونة لنفـّسك ؟ ألا يـّكفـيني
مشـّاكلك الـتّي بالعـمل فــّتقوم بإضـّافة مصـائب أخرى ؟
قـطّب كـايل و تـّرك نـايتّ الذّي قـّام بتـّعديـّل يـّاقته ثـمّ إنحنى بـّلباقة نـّاحية جـّده و قـّال بـبـّرود يشـّابه
الـّصقيع
ـ عـذّرا جـدّي ، لدّي أعـّمال مّهمة أستـأذّنك
بـخـطّوات كـّسولة و واثـّقة مـغـادّر الغـّرفة بـعدّما لمـّح كايلّ ابتسامة سـّاخرة و حـاقدّة ارتسـمتّ على
مـّلامحّ وجـهه الجـّامدة ، دومـّا مـّا يـّجعله يّفقد أعـّصابه و دّومـّا مـا يـظهره بـمـّظهر الـرجّل الـشّرير الذّي
يـّسعى للإنتقـّام لكنّ أليسّ هو من يـّسعى لذّلك ؟ أليس هو من بنـظّراته الـيومية رغـّبة واضـحّة في قـّتلهم
فـّردا بـّفرد ؟
لمـّا لا يـّرى أحـدّ غـّيره و غـّير إليـزابيثّ خططه المستـمّرة و المـّخفية المحـّاولة الاستيلاء على عـّرشّ
الـشّركة ؟ لمـّا لا يـّلمح أحـدّ تـّلك النـّبرة المستهزئة التّي تـّلف جـّميع جـّمله ؟ إنه هو من يسـّتحق النـّفيّ
و الـتّوبيـّخ ليسّ كـّايل

/

في قـاعة حيـّث كـّان أستـاذّ يشّـرح بـكّل تـّعمق فّي أسّرار الشـّعر الفـّرنسي ، حيّث الـرومانسية و العـّشق
و حـّيث عـّرفت قـّصة رومـّيو و جـّوليت الـمّشهورة ، و لمّ تـّكن هي الفـّتاة الوحيـدّة المسـّتمعة إلى
المحـّاضرة بـكّل حمـّاس و حـّب بّل مـّعظم الفـّتيات و قـّليل من الشـّباب ،
الـّشعر الفـّرنسي هو الـجّودة ، هـّو من عـّرف العـّالم على أسّس الـحـّب و الرغـّبة .. عّلى أسـمى أنـّواع
الـّروايـّات و أفـّضل القـّصـائد الـتّي ألقـّاها المحـّبون لأحبـّائهم ، و فّي هـذّه اللـحظّة بـالذّات عنـدّما كـّان
الأستـاذّ و بـكّل سـعّادة يّصف هـذّه المـّشـّاعر الـسـّامية الخـّالية من الـحقدّ أو الـكـّراهية ، مـّنّ الانتقـّام أو
الـجفـّاء ـ كـّانت ماري تّتمنـى لو أنّ خـطّبتها حقّيقية لا تـّوجدّ بها هـذه التعـّقيدات
فقـط هي تـّحبـّه بـكـّل جـّنون و هـّو يبـّادلها الـّشـعور أيضـّا لـكنّ لّيس كـّل مـّا يتمـّناه المـّرء يـدّركه و في
كـّثير من الأحيـّان تـجدّ نفـّسك واّقفـّا أمـّام أمـّر الـواقـّع و هـذا هو حـّال مـاري
زمـّت شّفتيهـّا بأسـى و نـّظرت إلى كـّلير ، هـذّه الفتـّاة التـّي يحـيطّ بهـّا الـكّثير من الـمعـّجبين و لوّ رغـّبت
لأشـّارت بأّصبعهـّا فـأتى أحـدّهمّ لّيضعها فـّوق كـّل اعتبار لـّيس مثّلها هـّي الـطّفلة الـّريفية بالمـّلابّس
القـّروية و صـّفات الصّبيانية
لاّبد أن الجمـّيع يتـّساءل كيـّف استطاعت نيـّل حـّب نـّايت ؟ حسنـّا هـذّا لّيس صـحيحـّا على كـّل
حـّال و هّو لا يحّبهـّا على الإطـّلاق .
نـّفت هـذّه الأفكـّار من رأسهـّا ، لـيست بـحـّاجة إلى تـفكـّير سّلبي يـّكفيهـّا مـّا تـّلقته من أختهـّا الوحيـدّة .
فجـأة رّن هـّاتفها بـّرقم غـّريب و بصـّوت مـّزعج أيضـّا ، التفت اليها جميع رفقاءها في الدرس فتمتمت
باعتذارات عدة و هي تقوم بوضعه على الصامت .
عـادّ يتحرك فّي جيب معطفها فأخرجته و نظرت إلى تـلك الـرسـالة التّي وصّلتهـّا تّوا ، فّتحـّتها ثـمّ قـرأت
بـكّل فـّضول
ـ ارفعي السمـاعة حـّالا
قطـّبت ، من هـذّا الذّي يـّرسل جملة سخيفة كهذه ؟ قررت أن تـطفئ هاتفهـّا لولّا أنه رنّ مجددا . رفعـت
السمـّاعة و انحنت متـظاهرة بـّالتقـاط قـّلمها بعدمـا أسقطتّه ثـمّ أجـّابت بهمّس و خفـّوت شدّيدين
ـ مـّرحبـّا ، منّ معي ؟
ـ المـّرة القـادمة التي يـّرن فيها الهـّاتف أريدّ منك رّفع السمـّأعة فورا و قّبل أن يّرن ثانية ،
هـل هـذّا مفـّهوم ؟
هـذه النبرة المبحوحة، كّيف لها أن تنساها ؟ و هـذه اللـهجة ذات السخرية اللاذعة و المشبعة بالنهي و
الأمرّ كـّيف لهـّا أن لا تتـذّكره ؟ إنه سيد نايت آل لبير خطيبهـّا حالّيا و زوجّها المستقـّبلي ، قـّالت بهمس
ـ ما الذّي تريده ؟ إنني في وسطّ محاضرة مهمة و لا استطيع التحدث معك الآن
ـ و من يـريد تـّبادل الكـّلام معـّك ؟ أخبريني في أي قـّاعة أنت ؟
ـ لمـاذّا ؟ لقدّ أخبرتك أنني وسطّ محاضرة مهمة جـدّا و لا استطيع تـّفويتها كمـّا أن الأستاذ صّارم
لذا سوف اتصل بك بـعد أن أنتهي حسنا ؟
سمـّعت صوتّ إغلاق الهـّاتف بـّعنف فرمّشت عدّة مرات غيّر مستوعبة ما الذّي فـّعله توّا ؟ كيـّف له
أن يـّغلق السمـّاعة و هي لمّ تنهي جملتهـّا بـعد ؟ أليست لديه ذّرة لباقة ؟ و يقال عنها أنها خطيبته ؟
و المدة التي استغرقتها لتـّرفع رأسها و تضع هاتفها فّي مكانه القـديم كـّان نـّايت قدّ إقتحم القـّاعة
و اتجـّه إلى الأستـاذّ بينمـاّ كل مـّتعجب و أكثّرهم استغرابـا و ذهولا هـّي ماري التـّي سـّارعت بالـوقوف ،
اتـجه نـايت نـّاحيتـّها ثـمّ رفّع حقّيبتهـّا و أمسـكّها من ذّراعهـّا ، سـحّبهـّا مـّعه إلى الخّارج و الهمـّسات
حولهمـّا تـّعـّلوا ، ـ هـذا نايت أل لبير ـ إذن الإشاعات صـحيحة ؟ ـ أهذه خطيبته ؟ ـ يـال ذّوقه الـرديء ،
ركـب السيـارة و بجـّانبه مـّاري ثـم أنـطلق مسـّرعـا .
تـمسكـّت ماري بالمـقـعدّ و أغـلقت عينيهـا بـذّعر تـّام ، يـّبدوا مـّجنونـّا و قدّ لا يكون بـوعيه
ثـمّ كيـّف عـّلم بمـّكان تـّواجدها و القـّاعة أيضـّا ؟ ما الذي قد قـاله للأستاذ كي يسمح لها بالخـروج
وسط هذه الفوضى ؟ و ما الذي جلبه في المقـام الأول إليها ؟ هـل حدث أمر طارئ ؟ سـألته بـترددّ
ـ نايت ما الأمـر ؟ ما الذّي حدث ؟ تـبدوا غـريبـا
قـّال بـلهجة جـادّة و هو يـقـّود بكـلّ تـّركيـز بينمـّا يبـدوا عليه تـّفكير العـمّيق
ـ هنـاك فـّستـان فيّ الـمرتبة الخـّلفية ، بـعدّ أن أخفف السـّرعة اقفزي للـخلف و ارتـديه ،
نـحن لا نـمتلك الـّوقت
شهقت بّرعب شدّيد و وضعت يدّها على صّدرها ثمّ هزت رأسها ناّفية و فيّ نبرتها الكّثير من الخوف
ـ مـاذا ما الذّي تقوله أنت ؟ لا يـمكنني تـّغيير ملابّسي في السيـّارة أمام الـملء و أيـّضا أمـامكّ مسـتحيل
أن أفـّعل هـذّا ثـم ما الذّي يحدث ؟ نايت أنت تخيفني
استـدّار بـّسرعة نـّاحيتها تّاركا السيـّارة تسّير لوحـدّها ثـمّ قـّام بإمساكها من خـّصرها بـّكل سـهولة
غـّير مـّعير أي اهتمـام للمـخاطرة التي يـّقوم بهـّا ، رفّعها و دّفعها للـخـّلف ثـمّ قـال ببـرود
ـ السيـارة مضللة و أنـّا لنّ أنـظر إلى فـّتـّاة لا تـّمتلك أي مقّومات للأنوثة لذا اطـمئني
صـّرخت بـغّضب و لكّن لمّ تـّستطّع أن تـّقول المـّزيد أو تـّعترض أكثّر عـندما قـّام بـّرفع حـّاجز بينهمـّا
فـأصّبحت لا تـُرى ، فـّتحت العـلبة بإنـزعاج و أخـّرجت الفـّستان ، كـّان ورديّ اللون قـّصير لحدّ
الـركبتين و منفـّوش ، إرتـدته فـّوق ثّوبها على عـجّل و هي تـّختلس النـظر في كل ثـانية نـّاحية نايت
لتـّرى مـا إن كـّان يـنظر ، نـّزعت ثّوبها بـّعدما اطـمئت ثـمّ ارتدّت حـذاء ذو الكـّعب العـّالي .
كـادت أن تـطّرق على الحـاجز لولا أن السيارة توقفت فجـأة ممـا جـّعلها تـرتـطّم بالنـافذة ، أمسـكّت
جّبهتهـّا و هي تـتأوه مـتـألمة ،
و بـدّون أن يمنحـّها نـّايت فـّرصة لراحة قـّام بفّتح البـّاب ، سـّحبـّها من ذراعها مجددا و أدّخلها إلى
صـّالون حيـّث تـّم إعـادة تـّرميم شّكـّلها كمـاّ قـّالت سيدة فرانسيس مسبقا ،
وضـّعت قـليل من الماكياج النـّاعم و زادّت بّضعة خـّصلات لّشعرها الّبني فأصبحّ مسترسـّلا على
ظهرهـّا بكـّل نـّعومة ،
خـّلال هـذّه الفـّترة إرتـدّى نـّايت بـذّلة سّوداء رسميـّة بـعـدّم اهتمـام ، تـّاركـّا اليـّاقة مفّتوحة
و ربـطّة العـنّق مـّائلة إلى جـّنب فزادّه مـّظهره اللامبـّالي جـّاذبية أكـّثر

/

عنـدّما كانت الساعة تشير إلى السـادسة و النـّصف تـّماما ، كـّان ويليـام يـّقف مجـددا على
عـّتبة مـّنزل عـّائلة روبـّرت ، حـّاملا فيّ يديه عـّدة أكيـّاس .
رّن الـجـّرس فأتـّت فـّلور مسـّرعة ، نـّظرت من خـّلال الثقـّب و حـّالما رأته عـّادت أدّراجها
و قـّامت بإخفـّاض صـّوت الـتـّلفاز ثـمّ أطـفئت جميع أنـّوار الـّغرف ، اقتـربت مجـددا من البـّاب
و أخـذّت تـنـظر إلى ويـليـام منتـظرة رحـّيله ، لكـّن الأمـّر الذّي لمّ تتـّوقعه هو وصـّول والدّها ،
تـّوقفـّا جـّانبا يتحـدّثان معّ بعضهمـّا البـّعض ثـمّ قـّام السيدّ روبـّرت بدّعوته للـدّخول ،
ـ أهـّلا بـكّ سيدّ دوينّ تـّفضل بالدّخـول
ـ لا أشـكـّرك سيدّ روبـّرت لكّن أنـاّ على عـجّلة و لا أستطيـّع البـّقاء أكثـّر من هـذّا ،
عـّلى كـّل تـّفضـّل هـذّه الدعّـوات لكّ أنـتّ و ابنتـكّ مـطـّالبـّان بالحـّضور الافتتاح السنوي
لشـركّة لبير
ـ حقـّا ؟ هـذّا لشـرفّ كبيـّر لكـّن أنـّا متـّعجب قـّليلا فـنحن لا نـّعرف عـّائلة أل لبيـر على الإطـّلاق
لذّا هل أنت متـأكد من أنكّ تـّسلم الدعوات للمنزل الصّحيح ؟
ـ طـّبعا و لقدّ قـّمت بالاشـّراف على الأمـّر بنفسي ، كمـّا أنّه و من الضـّروري حـّضوركّ فقـدّ تمـّت
دّعوتـك من قـّبل نـايت أل لبـّير شخصيـّا المـدّير الأعّـلى و اليـدّ اليمنى لسيدّ أل لبير
ـ أهّ أنـّا لا أعـّلم مـّا أقـولّ ،
ـ فقـطّ إحضـّر الحـّفلة أنـّت و ابنتـكّ أيضـّا
ـ حسنـّا إذّن .
ابتسـمّ ويليـام بـّلطـفّ كعـّادته ثـمّ سـّلمه الأكيـّاس بينمـّا إزداد تـّعجب سيدّ جونـاثان أكـّثر ،
قـّال لـه بـاستغراب
ـ مـا هـذّا ؟
ـ إنهـّا هـدّية ، وداعـّا سيـدّ روبرت
غـّادر ويـّليـام مسّرعـّا متجّها إلى سيـّارته الفـّضية المـّركونة و حـّالمـّا إخـّتفائه عن الأنـّظار
فـّتحت فـّلور البـّاب و رمقـّت والدّها بـّتعجب و كـّذلك فـّعل هـّو ، كـّيف لنـايتّ آل لبيـر أن يـّعرف

أحدا منهـم ؟ لقـدّ بـّات مـّرعبـّا لكن يـّجب عليه الذهـّاب لمعـّرفة مـا الذّي قدّ يريده منه
__________________