عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 12-27-2015, 11:42 AM
oud
 
ذّكرى الـخمّسينّ السنـّوية للافتتـّاح


صـّوت المـّوسيـّقى الهـّادئة الكلاسيكية قـدّ انتشر في الأرجـّاء بينمـّا و فيّ تـّلك الصـّالة الكـّبيرة حيـّث
المـأكولات و الشـّراب المجـّاني ، فّي تـّلك الطـّاولة الممـّيزة التـّي بهـّا كـّعكة صـّنعت من قـّبل أفـّضل
الطـّباخيـّن ، كتب عليـّها إحتفـّال ذكـّرى السـّنوية لـ 50 لافتتـاح شـركة لبيـر
بـعدّ أن ألقـى الجـدّ خـطـّابه إجتـّمع العـدّيد من رجـّال الأعـمّال في جمـّاعات متـّفرقة يـتّحدثون عن صـّعود
الأسـهم أو عـّقد شـّركاتّ فيمـّا بينهـمّ ، بينـمـّا كـّايل و إليـزابيـّث يتصـدّران الغـّرفة و يـّقومـّان بـّرد التـّحية
و على وجهيهمـّا أجـمّل ابتسامة و قد كـّان مـاّري و نـايت عكسـّهما ،
بالـّرغم من أن نـايتّ مـدّير العاّم لشـّركة فـقدّ كـّان منعـّزلا فـّي إحـدّى الطـّاولات المـّنتشرة بـكـّثرة ،
جـّالسـّا بكـّل كـّسـّل و عينيـّه تـّجولانّ المـّكان بـجـّانبه كـّانت مـاّري تـّقف متـّوترة ممسـكّة بكـّتفه و هـّي
خـّائفة من الهمسـّات الـتّي تـّعلوا شيء فشيء عنهمـّا غـّير أنّ نايت لّيس مبـّالي كعـّادته
فـّي الـجّهة الأخـّرى كـّان ويّليـام يـّقف مـّرحبـّا بـكّلا من السيـدّ روبّرت و الآنسة روبـّرت فقـدّ وصـّلا تـّوا
، رفـّع هـّاتفه و إتصـّل بنـّايت و حـاّلمـّا رأى الأخـّير اسـمّ ويـّليام يـنير شـّاشة هـّاتفه ابتسـمّ ببـرودّ . نظر
إلى ماري بطّرف عينه و قالّ
ـ أنـّت ، إتبعـّيني
تـمسـّكت مـّاري بـّذراعه خـّائفة بينمـّا كـّان هو يـّـتقدم بـكّل ثـّقة نـحو المـّنصة التـّي قـّام جـّده تـّوا بشـّكر
الحـّضور على متـّنها .
أمسـكّ مـّيكّروفون فنـّظر إليه جميـّع الضيـّوف دون استثناء ، شـدّت مـّاري قّبضتها على ذراعه و هـّي
تـّرى هـذّه النـّظـّرات ، معظمها حـّاقدة و الـكثـّير منهـّا سـّاخرة لكّنها لا تـّخلوا من الخـّوف و الـّرعب
فرّغما من أنهمّ يكرهونه إلا أنّ قّلوبهم تقدّح خوفّا فقطّ بمجردّ نظرة منه ، قـّـال بـّنبرة مبـّحوحة هـّادئة
ـ أودّ شـكّر جميـّع ضّيوفنا الكـّرام على حضـّورهمّ لافتـّتاح الخـمسينّ و بمنـّاسبة هـذّه الـذّكرى الـّسعيـدّة
قـّررت إعـّلان خـّطوبتـّي رسميّآ أمامكمّ من الآنسة مـاّري روبرت
صـّفق الكـّل من هـذّه النبـأ الغـّريب مـطّلقـّين أحـّر التهـّاني ، فتـقدّم نايت من مـاري المـّنصدمة ثـمّ وقّف
أمـّامها و قـّام بـتّقبيـّل خـدّها بـكّل رقـّة بـعدّ أن أمسكّ خصّرها ، كـّان يّعـلم أنهـّا سـّوف تنصـدّم و قدّ تنـهّار
حـّتى ، قـّال بـحدة
ـ تـماسكي ، مـاذا بـك ؟
لـمّ تـكّن مـّاري مندّهشة بـّسبب إعـّلان الخـّطوبة المفـاجئ أكثـّر من تفـاجئها بـقدوم والدهـّا و أختها إلى
هـذه المناسبة ، كـّانت مـّلامحّ وجهيهـمّا شـّاحبة و لمّ تـّختلف عنهمـّا أيضـّا لكّن تـّذكرت أنهـّا ليسـّت
بموقف يسمـّح لها بـّتفـكّير فابتسـمت بلطّف مصطّنع حينهـّا قـّام نايت بتركها
نـّزلا من المنـّصة و هو يشـعّر بنـّظرات تـحـّرق ظّهره فالتفت نصـّف دورة و رمـّق كـايل بسخرية لاذعة
ثـم ابتسـمّ بكـّل بـّرود و قـّام بـّوضع يدّه حـّول كـّتف مـّاري .
بينمّا شـّهقت فـّلور و كـّادت أن تـّقوم بذهاب نـّاحية أخـّتها لولا وقـّوف ويـّليام المفـاجّئ أمـّامهمـّا و
على شّفتيه ابتسـّّامه هـادئة ، قـّال بـخـّفوت
ـ أنـّا لم أطـّلب منكمـّا الحـّضور لتـّخريب حـّفلة الخـّطوبة أو ذكرى الـ 50 لكـّن سـأكون ممـّتنا إنّ فقـطّ
وقفـّتما بـجـّانب ماري في هذه اللحـظة .
شـدّت فـلور على قّبضتهـّا و هي لا تـّصدق أن تـلكّ الشـّابة الواقفـّة هنـّاك هي أختهـّا ، تـّبدوا مخـّتلفة
و بشـدّة ، ابتسـّامة التـّي ارتسمـّت على مـلّامحهـّا أو خـّطواتهـّا الواثقـّة ، حـّولت نـظرها إلى الشـّاب
الواقفّ بجـّانب أختّهـّا ، غـّير مـّعـّقول .
هـذّا هو خـطّيبهـّا ؟ السيـد نايت أل لبيـّر المـّعروف بـأنه أقـّسى من الجـّليد ؟ ذّلك التـّي حـّاولت أحدّى
العارضـّات المشـهورات نيـّل قـّلبه لكـّنه رفّضها و باحتقار أيضـّا، مستحـّيل فـماري لنّ تستـطيع أبدا
الفـّوز بـحـّب شخصّ مثـّله، هّي لنّ تستـطّيع أبـدّا أنّ تـّنزع الجـّليد الذّي يـّغلف قـّلبه
أختهـّا الخـّأئفة و الغـير واثقـّة من نفسهـّا تـّبدوا مخـّتلفة تمـّاما الآن ، أليست هّي من تـّمنت أنّ تصبّح
على هـذه الحـّال ؟ أن تصبـح ماري تـّعتمد على نفسها أكثـّر و بعدها لنّ تقلق بشـأنها ، لكـّن لما و بهذه
اللـحظة بدت أمنيتها عديمة الجدوى ؟
تدّاركتّ شرودها فرمشّت بعينيهاّ لتعودّ إلى الواقّع ، رمقّت ويّليام المبتسمّ بغّضب ثمّ كّزت على أسنانها
محاولة الحفاظ على أعصابها و هي تحدثه بلهجة شديدة التهديد
ـ و من أنتّ لتـّقف وسـطّ شؤوننـّا العـّائلية ؟ فقطّ غـّادر قـّبل أن أقـّوم بصّنع خـّريطة في مـّلامح وجهكّ
الجميـّلة هـذه
ويليـام بـضحكة
ـ لا أعـّلم إن كـّان مـا قـّلته تـّوا يفّترض به أن يكـّون مديحـّا أو شتمـّا لكنّ أنـّا واثـّق أننيّ لن أتـحـّرك من
مـكانّي الآن ، إنّه يعـجبني
ـ حسنـاّ ابـقى هنـّا أنا من سوف يغـادر
كـّادت أن تّرحل لولا أنّ سيدّ جوناثـان أمسـكّ بذراعهـّا ، كـّان يـّنظر إلى مـّاري بـعدّم تصـدّيق لكـّن هـذّا لن
يـّغير شيئا ، كونهـّا على مقـّربة من الزواج بـّملياردير لنّ يغـّير كونهـّا فـّرد غـّير مرغـّوب فيه ، قـّال
ببرود
ـ كـفى فـّلور ، إن تـّقدمت خـطّوة واحـدّة نـّاحية تـّلك الحقّيرة فـأنّا لا أعـّرفك بـعدهـّا لـذاّ دعينـّا نـّرحل
بـهدوء كمـّا أتـّينا
ـ لكـّن والدّي ، إنّ مـاري ليسـّت .. هـذّه لّيست مـّاري أقسمّ لك ، دّعني فقط ّ أتـحدّث معها سوفّ لن أفّعل
شيئا غـّير الكـّلام معها فقط .
ـ فـّلور ، من تـّخلى عنـّا تخلينا عنه نحنّ أيضـّا ، و أنا الذّي كنت أتسـاءل من أينّ لها جميع هـذه النقّود ؟
قـطّبت فـّلور بعدم رضـى ثم غـادرتّ مع والدهـّا و هي تـّرمق ويـليـام بحقـدّ واضـحّ ،

/

كـّانت مـّاري تـّجلس على نفـّس الطـّاولة سّابقـّا ، تـنـّظر نـّاحية كـّلا مـّن والدهـّا و فـّلور اللذان يتحـدّثان
مـّع ويليـّام ، إلى حيـّن مغـّادرتهمـّا لابدّ أن لنـّايت يـدّ بهـذّا فـهو لاينفكّ مفاجئتهـّا ، نـظّرت إلى يـدّها حيّث
زّين اصبعها خـّاتم جميـّل مرّصع بالألماس الخـّالصّ ، ما الذّي أقحمت نفسها به ؟
ـ نـايت ، أريـد منكّ شرحـّا مفصـّلا لمـا يحدث و لا تحـاول الـ
قـطّبت عندمـّا لمّ تـجده بجـّانبهـّا و فجأة انتابها الذّعـر كـأن قـّوتها التّي كانت تتسلح بها قدّ اختفت ،
وقفـّت بسـّرعة ثـمّ نـظرت إلى السـّلالم حـّيث أشـّار قـّلبها و رأته .. أسـّرعت فيّ سّيرهـا لكّي تـّلحقه
صّعدت السـّلالم و عـّبرت الـّرواقّ ، فـّي تـّلك الزاوية المـظلمة كـّان يقّف نايت و لمّ تـكن ماري لتلحظه
لوّلا نبـّرته الحـادّة المـّبحوحة ، هو بـّرفقة شخّص مـّا .. كـاّدت أن تـناديه لولا أن شخصـّا ما أمسـكّ بها
لتصبـّح هي أيضـّا فيّ ركنّ ،
كـّانت تـّصرخ بـّصّوت مـكّتوم و هي تـّقاوم بكـّل ما تـّمتلك من جـّهد لولا أن ذّلك الخـاطّف همـّس في
أذنهـّا بانزعاج
ـ إخـّرسي سحـّقا ، لا أستطيـع سمـاّع شيء
رّفعت ماري عـّينيها الزجاجيتين و اللتان في هذه الدقيقة كانتا تعكسان مدى خوفهـّا الشديد ناحية كـاّيل
فقدّ كـّان هو الأخر ممسكـّا بها بكـّل إحكـاّم و يّضع يدّه على فـّمها بينمـّا يبدوا عليه التـركيز ، قـطّبت و
قـّامت بضّربه بواسطة كوعها في معدته فـتأوه بـألم و تركها ، تحدثت ماري بهمس غاضب
ـ ما الذي تظن نفسك فاعلا بالتنصت على خطيبي ؟
ـ اخرسيّ سحقـاّ لقد فوت كـّل الحـديث ثـمّ من هـذّا الذّي يحـّاول التنصـّت على خـطيبك ؟ أنـّا فقـطّ
أريدّ مـّعـرفة ما الذّي كانا يتحدثان عنه بكـّل هذه السرية
ـ أجّل و هـذا لا يـّعد تنصـّتا يـّالك من كـّاذب
زفّر بـّغيض و دّفعها إلى الجـدارّ ثـم اقـتّرب قـّليلا فـّصرخت مـّاري بـسـّعادة مصـطنعة و هّي تنـاّدي
نـّايت بينمـّا رمقهـّا كايل بكل غـّيض
ـ نـّايت عـزيزي لقدّ بحثت عنكّ في كـّل مـكان ،
ابـتّعد نايت عن الظـلام فظـّهر رفـّيقه ، كـّانت إليزابيـّث بجمالها المـّبهر و الخـّيالي تـّقف على مقربة
شديدة منـّه و على قدّ بدا عـّليها الانزعـاج ، التفت ماري ناحية كايل مستغربة خـّروجه من الـركّن
فقـّال هو بضـجّر هامسا لمـاري
ـ تبـّا إليـزابيـّث ، لقـدّ ظننـّتها شخصـّا آخر
نـّايت ببـرود
ـ مـاري ، مـا الذّي تـّفعلينه هنـّا ؟
كـّانت لا تـزال مستغـّربة من تـّواجدّهم معـّا ، نـّايت و إليـزابيث و هـّي مـّع كـّايل ، تـقـدّمت بإتجـاّه
نايت و هي تـّقول بتـّردد
ـ ما الذّي كـّنت تتحـدّث معه مع السيدّة إليزابيث ؟
نـظّر نايت ناحية إليزابيث المنزعجة بّبرودّ ثمّ أجـّابها بلهجة جـّافة ، فإنّ كانّا لوحدّهما لمّا كان لّيعير
سـّؤالها اهتماما لكنّ وجودّهما بجّانبّ كاّيل و إليّزابيثّ أجبّره على الكّلام
ـ لا شيء مـّهم ، فقـطّ عنّ مـدى تـّفاجئها بالخـّطبة فهـّي كـّانت تّـريدّ أن تـّقيم الحفـّلة بنفسهـّا أليـس كـذّلك
؟
رّفعّت عّينيهـّا بتشـّامخّ و حـّركتّ شّعرها الحّريري الـطّويل بكّل غـّرورّ قـّائلة
ـ ما الذّي تـّقوله أنت ؟ طـّبعـّا لا . أنـّت فقـطّ خـّربت ذكـّرى السنوية لافتتـاّح بإعـّلانك لـخـّطوبتكّ
هـذّا مـّا قـّلته
ابتسـم نايت بـسخرية
ـ أنـّت الا يّـمكنـكّ المجاملة ؟ فـأنا لا أريدّ لخـطيبتي أن تأخذ انطباعا سيئا عن الـعائلة بـعدما
أصبحت فرّدا منها
شّعرت ماري بجوّ من الحقدّ و الكره يّعمّ المكّان فـإقتربت من نايت و أمسكّت بذّراعه بلطّف شديد
لتقّول بنبرتها المازحـّة
ـ لقـدّ ظننـّت أنـكّ تـركـّتني و رحـّلت
تحـدثت إليزابيث بحقد
ـ لا تـقلقي عـزيزتي فـّلن يستغـرق الأمر الكثير من الوقت قبل أن يقوم بالتخلص منك سّريعـا ،
هـذّا ما هو نـايت ماهر في فـّعله ، رمي النـّاس بـعيدا و خصـوصـّا الريفيون منهمّ
كـّايـل بهدوء
ـ إليـزابيث دّعينـّا من هـذا الجـدال العـقيـمّ فـّهذا لّيس بالـوقتّ المنـّاسب و الـضـّيوف في الأسـّفل
ينتـظرون كمـاّ أن جـدّي يـتّوقع منـّك تـّفسيرا
نـايت بسخريته اللاذعـةّ
ـ منـذّ متى و انت تستخدمّ عقلك ؟
تـحول الأمر من مـجّرد كـّلام إلى عـّراكّ فهـا قدّ تـّقدم كـّايل من نـّايت بـعد أن دّفع مـاري لـتّسقطّ أرضـّا ،
حـّاولت إليـزابيث أن تـّبعد كـّايل لكنهـّا لم تستـطّع فإبتعدت بدورهـّا خـائفة من أن تتـّلقى لكـّمة من لكـّمات
كايل المتـّهورة بينمـّا أمسكّ نـّايت قـبضة كـايل بـهـدوّء قـّبل أن تصـّل إلى وجـهه ،
عـادّت إليـزابيـّث بـعدّ أن رأت الأمور تـّخرج فـّعلا عن السيـطّرة و لن يتـّوقف كـّايل هذه المرة عنـدّ
إمساك ياقة نايت فقط فتشجّعت قّليلا و وقفـّت أمـّام فـّردي لبيّر المشهورينّ بحدة المزاجّ بكّل جـرأة ثـمّ
قـّالت بحـدّة
ـ أتريدان أن تـّصل هذه الأحداث إلى الصـّحف غـدا ؟
ارتبـكـّت ماريّ و وقفـت هي الآخرى أيضـا لكّن لمّ تتقـدّم ، لأنهـّا ببسـاطـّة لّيست فـّعلا فـّرد بهـذه العـّائلة
و كمـّا قـّالت إليزابيث هي ليسـّت سوى مجـّرد فـّتاة مؤقتة لـذّا
بينماّ ظهر ويّليام فجـأة خـّارجّا من إحدى الـغّرف فـرأى الشـجـّار ليتجـه إلى حيـّث يـّقف الأربـّعة و
قـّبل وصـّوله ابتـعدّ كـّايل عن نـّايت و كـذّلك فـّعل الآخر ، زفـّر بـّغيض من تّصرفـّات كايل غـير مدروسـّة
و قـّال بـصـّوت عـّالي مـّرح محـّاولا إخفـاض الجـوّ المشحون
ـ أهـلا بـمـاري و نـايت أهـلا ، كـّيف لكمـّا أن تـّخفيـا هذه النبـأ السـاّر عني أنـّا صديقكمـّا الوحيد ؟
نـّظرت إليه مـّاري براحة شديدّة ففقطّ و بوجودّ ويّليام تشعرّ بالـراحةّ ، نـّظر إليها جـارها متسـائلا
عنّ عينيها الخـّائفتين ثمّ قـّال بإبتسامة لطيّفة وسيعة مصّفقا بكلتا يديه
ـ ما الذّي تفعلونه هنا جميعا و الموسيقى المدهشة في الأسّفل ، دّعونا نحتّفل
ابتسمتّ ماريّ بسعادة لأنهّ يحاّول تلطّيف الجـّو فاقتربت من ويليام و وضعت ذراعها بذراعه مرتبكة
لكنها حاولت التمثيل فقـّالت باستياء
ـ أرأيت يـّا ويليام ؟ لقدّ أعّلن خطوبتنـّا و هو يّرفّض حتّى أنّ يّشاركني الـّرقّص ألا يستحقّ العـّقاب ؟
ركـزّ نـايت نـظره نـّاحية مـاري متمـّعنا فّي حركاتها فهي تـّقن دورهـّا لـدّرجة جـّعلته يّشعر بالـذهـّول ،
و هو الـذّي ظـّن أنهـّا سوف تـّبقى مـّرتبكة طـّوال الحـّفلة و فـّعلا هي كـذّلك لكّن على الأقـّل نـجّحت في
إخفـاءه . تـقـدّم منهـّا ثـمّ وضـّع يدّيه حـّول كـّتفيها مـّبعدّا ذراع ويـّليام و مـّقربـّا إياها منه كـادّ أن يقبلها
لولا أنها وضعت يدها على فمهـّا و ابتـعدت عنه ، قـال نايت بغـيض
ـ ماذا بـك ؟ إنه عـربون اعتذاري ؟
أحمرت وجنتيها من الخـجـّل و تـحـدّثت بلهـجة صـّاخبة و غـيّر متـزنة
ـ ماذا ؟ ما الذّي تـّقصده ؟ من قـال أنني كنت غـاضبة ؟ أنـّا
ركـضت مسرعة إلى الأسـّفل فتنهـد نايت بـبـرود ، من قـال أنها كانت تـجيد التـمثيل ؟ لـمسة واحدة منه
كـفيلة بجّعلها تفقـد الوعـّي ، تـحدّث بـبـّرود شديد إلى مـّاري التي تـّركض في الرواق غـّير مـّلتفة للخـّلف
ـ انتـظري ، هـّل أنـت واثقـة أنك لسـّت غـّاضبة ؟
صـّرخت بـإحـّراج
ـ لا
بـعدّ أن إختـّفى نايت و مـاري من أمـّام أنـظار الـثـلاثة ، تـغـّيرت ملامحّ ويـليـام الودّية و الـلطيفة إلى
أكـّثر جـدّية و صـّرامة ، كـّان يـّقف مستنـدا على الجـدّار الّذي خـّلفه و هو يـنـظر إلى كـلا من إليـزابيث
المنـّفعلة و كـاّيل الهـادئ عـلى غـّير عادته ، استقـام فّي وقفـّته و سـّار من جـّانبهمـّا عـائدا إلى الحـّفلة
بينما هو يـّقول بـّلهجة غـّامضة محـذرة
ـ إنّ نـايت جـّاد فـّي عـّلاقته مـّع مـاري لـذّا إليـزابيـّث ، كـّايل كـّفا عن اللـّعب بـذّيلكمـّا حوله فـأنـّا و
هذه إنّ أرادّ النّيل منكمـّا المـّرة لنّ أوقفـّه

/

كـّانت السـّاعة تشـّير إلى العـّاشرة و النـّصف تمـّاما قدّ أخـذّ خـادمي القـّصر جميـّع الضيـّوف نـّاحية
قـّاعة الطـّعـام ، حـّيث أنه فـّي قـّاعة كـّبيرة جـدّا وجـدّ طـّاولات مستـديرة عليهـّا أغـطّية باللـون الأحمر
ألأجوري و مـّّزهرية بهـّا زهـّور الأوركـيد النـّادرة و قدّ أخـذّ الخـدم كـّل شـخص إلى الطـّاولة المخصصة
إليه بجـّانب الشـّركة المتـّعاقد معهـّا و تـمّ تـجّنب وضـّع الشـّركـّات المتـّعادية بجـّانب بعضهـّا البـّعض .
جـّلست مـّاري مـّع كـّل من نـّايت و إليـزابيـّث ، كـّـايل و ويـليـام ، سيـدّ آل لبيـر و والدّ كـايل تـّوماس
مـّع صدّيق الجـدّ الـعزيز ألبرت .
كـّانوا يتـّناولون عـّشائهم بـهدوء و هـمّ يسـتّمعون إلى حـدّيث جـدّ و سيدّ ألبرت حـّول ذّكريـّات طـّفولتهمّ
أمـّا ويـّليـام الـجّالس على يسـاّر مـاري كـّان يـّريها و بـطرّيقة مضحكة و خـّفية أي شـّوكة تستـّعمل أو
أّي مـّلعقة فـكـّانت تـّنـظر إليه بـتّمعن و تـّقلده
سيـدّ تومـاس ينـّاقش أحـوال العـمـّل مـّع كلا من نـّايت و كـّايل ، أمـّا إليـزابيث فقـدّ كـّانت مـجّرد
مسـتّمعة لجميـّع أحـادّيثهم الجـّانبية ،
تنهدّت مـّاري بـّضجر و وضـّعت الشـّوكة جـّانبا بـّعد أن استعصى عليها حملها بالطريقة الصحيحة
التي أخبرها عنها ويـليام ثـم تـحدثت بملل واضح و هي تزمّ شفتيها
ـ إن لمّ أأكل فستحـّل المشـّكلة ، ويـّل دعنـّا من هـذا
ـ مـّاري مـاذا بـّك ؟ إنه لـّيس بالأمـّر المـّستحيل كـّل مـّا عـّليك فـّعله هو إمسـّاك الـّشوكة جيدا
على الـطّريقة التي أخبرتّك بهـّا توا و سـّوف ينـجح الأمّر ، هـّيا حاولي
حـّاولت مجـددّا رفـّع الـشوكة ثـمّ حمـّلت قـطّعة لحم بـهـّا كـّادت أن تـّقضمها لولا أنهـّا سقـطّت على
فستانها لترتعبّ بشدة فحاولت أن ترجّعها إلى الصحّن لكنها سقطّت أرضـّا بالقّرب من قدّم إليزابيث ،
رمقـّت ماري حينهـّا ويـّليـام بـغّيض فأبتسم هو بـكل ودية ،
مـاري بـبرودّ
ـ حقـّأ ؟
ضحكّ ويـليـام بـقـوة فالتفت إليه الكـّل بينمـّا ماري محـّرجة ، ضـّربته بكوعهـّا في معـّدته فـتوقف
عن الضـحكّ و كـحّ قـليـّلا ثـم قـّال باعتذار بـّعد أن وجدّ أنه محـط أنـظارهم
ـ نـكتة طريفة ،
رمقـته ماري بـإحراج كبير ثـّم وقفـّت بـخجـّل و انحنت بـكّل لبـّاقة .. قـّالت بـإحـّراج شديد
ـ عـذّرا
كـانت تـسير باستقامة و هي تضع ابتسـامة لطيـفة على شفتيها فمـّن يـّرها لـن يصـدق إنها مجرد فتاة
من العامة ، حيـّن اختفت عن أنـظارهم نـّزعت حـذائهـّا و ركـّضت نـاحية الحـمام بينـّما الـخـدّم
يـّرمقونها بكـّل استغـراب
تـّوقفت فجـأة فزادّهم استغـرابـّا، اقتربت من إحدى الفتيات الخادمـّات و قـّالت بابتسـامة بـلهاء
ـ عـذرا ، أين حـمام ؟
ـ من هنـّا سيـدتي ، دعـيني أرشـدّك
سـّارت بـّرفقتهـّا و هـّي تتـألمّ و تنـّظر تـّارة إلى الـطّريقّ و ثـاّنية إلى قـّدميهـّا اللـّتان قـدّ تورمـّتا من ارتـداء الحـذّاء ذو الكـّعب العـّالي

/

كـّان ويـّليـام لا يـزالّ مبتسـّما و هو يـّحتسي القـّليل من النبـّيذ ، فـّرمقـّه كـّايـّل بسـّخرية ،
إنـّه لا يتـّوقف أبـدّا عن الـضحـّك عـّلى شفـّتيه دومـّا و مـّهمـّا كـّان المـّوقف ابتسـامة عـّريضة ،
قـّال بـجفـّاء
ـ مـا الأمـّر ويـّليـام ؟ أخـبّرنـّا لمـّاذا أنـّت بـمزاجّ سـعيـدّ هـكـذاّ ؟ أيـّعقل أنـكّ قـدّ أنهيت اللـحّن
القـّادم و المـّوعود ؟
ـ لـحنّ ماذا ؟ آهـّ تـّقصّد البـّيانو لا لـمّ أنهـّيه بـّعد فـهـذا لـّيس سهـّلا ، لـكّن لمـّاذا تّبدوا مـهتما
بـمزاجّي سيـدّ كـّايل ؟
ـ لا شـّيء إنـّي و فقـطّ قـدّ اعتراني الفـّضول
ويـّليـام بـّودية : حـّقـا ؟
قـّاطعـّت إليزابيث حديثّ زوجّهـّا كـّايل و هـّي تـّضع مـّلعقة من الحسـاّء فيّ فـّمه بينمـّا ابتسـّم هو
بـكـّل هيـّام و قـدّ تنـّاسى كـّلامه ، فنـظّر إليهمـّا الجـدّ بفـّخر من هـذّه العـّلاقة السميـكّة و الودّية ثـمّ
قـّال بمـّزاح
ـ عـّلى الـّرغم من أنكمـّا قدّ تـّزوجتمـّا قـّريبـّا لكـّن أنـّا فـّعلا أتمنـّى وجودّ حـفيدّ
غـّص كـّايلّ و أخـذّ يكـّح بـّقوة فـمـدّ له والدّه القـّليل من الماء ليـّشربه دّفعة واحـدّة ، قـّال بإحـّراج
شديدّ و ذّعر فّي آن واحـدّ
ـ ما الذّي تـّقصده جـدّي ؟ أنـّا لسـّت مسـّتعدا لأكونّ أبـّا الآن
ضحكّ الجـدّ بيتـّر بـّخفوتّ و غـمـّز نـّاحية كـّايل
ـ منّ يـّحضر لّي حفـيدّا أوّلا سـّوف ينـّال نصيـّب الأسدّ ، لذّا
كـّايل بتلاعـّب : حقـّا ؟ إذّا لابدّ أن يكونّ أنـّأ
جـدّ بيتـّر بـسخرية : أجـّل ، أجـّل
ضحكّ الكـّل على مـّزاحّ جـدّهمّ حيّن لمـّح نـّايت وجـّود جـّلبة صـّغيرة بيـّن الخـدّم و ارتباك فيّ
عمـّلهمّ فوّقف بـهدوّء و هو يمـّسح بكـّل لبـّاقة فـّمه ، قـّال ببـّرود
ـ عـذّرا سـأذّهب للبـّحث عن مـّاري فلابدّ لنـّا أن نحـّاول جاهدين
و سـّارّع بالـّرحيـّل بينمـا لـّم يستـّوعب أحـدّ أنّ نـّأيت قدّ قـّال لتـّوه مـّزحة فـهـذّا ليّس من شيمه أبدّا ،
ضحك ويليام بتوتر لرؤيته ملامح الجميع الجامدة من الصدمة
ـ انه يمزحّ ، يـمزح لـمّّ يمر على خطبتهمـّا سوى سـّاعة ها إنه يمزح


/
__________________