عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 12-27-2015, 11:43 AM
oud
 
فـّي غـّرفة بيضـّاء نـّاصعة البـّياض تـحتـّوي على مـرآة كبـّيرة كـّانت ماري أمـّامهـّا واقفـّة و هي تـمسكّ
طـّرف السـّفلي لثـّوبها غـّالي الثمنّ بين يدّيهـّا و هـّي على وشكّ البـكـّاء من شـدّة الإحراج ،
نـظّرت إلى المـرأة بواسـطة عينيهـّا الزجـّاجيتينّ البنيتيـّن ، شـهقـّت بـّرعبّ عندمـّا لمـحتّ طـّلاء أزرّق
عـّلى شعـّرها فأفسدّ التسريحـّة بـأكملهـّا بينمـّا هنـاكّ بـّضعة منه على ثـّوبهـّا فجـّعله يبـدوا كمـّا لو كـأنه
ممسـّحة .
بـدأت بالأنيـّن ، كيـّف لهـّا ان تـّخرج الآن للـحفـّلة ؟ بل ما الذّي سـتّقوله لنـّايت الذّي سـّعى جـّاهداّ لتـّغيير
مظهرهـّا ؟ يـّاله من إحـّراج كـّبير . فجـأة طـّرق بـّاب الحمـّام ثـمّ تـّهاوى إلى مسـّامعهـّا صوتّ نايت
الهـادئ
ـ مـّاري ، هل أنت بالدّاخل ؟ لقدّ أخبـّرتني الخـادمة أنكّ ترفضينّ الخـّروج ، ما الأمـّر ؟
و كـأن أسوء كوابيسّها قدّ تـحّقق فأخـذّت تشتمّ الخـادمة بهمسّ و هيّ تحـّاول العثـّور على شيّء مـّا
أو حـّل ، قـّالت له بنبـّرة عالية و ارتبـاك
ـ لا شيءّ إنهّ لا شيّء
قـطّب نـايتّ ثـمّ قـّال بشكّ
ـ إنهّ لا يبدوا كـّلا شيءّ بالنسبـّة إليّ
فتحـّت صنبـّور الميـّاه و أخـّذت تمسـّح بـّقعة كـّبيرة من الطـّلاء لكـّن و لأنهـّا ترتدّي الكـّعب العـّالي و
لأن الماء و رغـّوة الصـّابون قـدّ تـّسربت إلى الأرضّ فسـقطّت بكـّل قوة ليـصدّر صوّت عمـّلاق ،
شـحبّ وجـّه الخادمتين من الصدّمة و كـذّلك نـّأيت فـأمـّرهم بإخـّلاء المنـطّقة فـّورا و منعّ الضـّيوف
من الدّخـّول ، كـادّ أن يفتحّ بـّاب الحمـّام لولاّ أن مـّاريّ صدته في الجـّهة الأخـّرى ، قـّالت بإحـّراج و تصـّرخ
ـ لقدّ قـّلت أننـّي بخـّير ،
ـ مـّاري لقدّ بتّ الآن تثيرينّ أعصابيّ فابتعـدّي عن البـّاب فوّرا و دعينّي أرى ما الذّي يحدّث بحّق
الجحيمّ
ـ لا
تنهـدّ ثـمّ دّفع الباب بكّل قوته فسقطّت مـّاري للخـّلف ، نـظّر نايت حـّوله بدهشة .. الأرّض مليئة بالصابون
و هنـاكّ طـّلاء أزرقّ فّي الجـدّران أمـّا ماريّ فكـّانت في حـّالة يّرثى لها ، أمسكّ رأسهّ ثمّ قـال بأسى
ـ ما الذّي فعلته ؟
استقـامتّ مارّي فيّ جلستها ، ثمّ قـّالت بتـّوتر و إحـّراج
ـ لقدّ ، لقدّ .. لقدّ جذّب انتباهي عـّلبة صـّغيرة فّي أعـّلى رّف فحـاّولت استراقّ النـظّر إليهـّا ، و بينمـّا أنا
أحـّاول سحّبها نحوي سـقطّ إناء الطـّلاء علي ، فـحـّاولت أن أجدّ شيئا أنّظف نفسي به .. فأخذّت مناديل
ورقّية و عنـدّما أخذّت رفّضت الآلة التوقف عن إخراج المناديل فـحـاّولت إطفائها لكـّنها سحـّبت الثـّوب
بـطّريقة سحـّرية لا أعـّلم كـّيف فتـّمزقّ ، لمّ يكنّ ذنبيّ صدقـاّ أنا آسفة نأيت
نـظّر إليهـّا فطـأطأت ماري رأسها شعورا بالعــّار ، ضحكـّت الخادمتينّ بصوتّ خافتّ بينمـّا رسمّ نايت
على شفتيهّ ابتسـامة هـادئة ثـمّ أمسكّها من ذّراعهـّا ، قـال بحدّة
ـ لا أريد رؤية أحد المصّورين المتطفلينّ و لا الضيوف أيضـّا ، هـّل تسمعان إلى ما أقوله ؟ أمنـّا الطـّريقّ
ناحية غـّرفتّي
أومـأتا بالإيجاب و اختفتا عن أنـظاّره ، نـزعّ سترته و وضعهّا على كتفّي مـاّري التّي أنـزلت رأسها
للأسـّفل أكثـّر و هي تعتـذّر مجددّا بمشـّاعر صادقة
ـ أنـّا آسفة فـّعلا نايتّ لم أكـنّ أقصدّ
تنهـدّ و سحبّها مّعه ناحّية غـّرفته ، أغـّلق البـّاب خـّلفه بإحكام ثـمّ اتجـه إلى غـّرفة صغيرة أخرىّ ،
خـرجّ مجددّا حـامّلا بينّ يديه فستـانّا بسيطّا ذوّ لونّ أزرّق داكّن قـّصير يّصل إلى ما فّوق الـركبتينّ
و معهّ حـذّاء بنفّس موديل الفستان ، وضعهما على سـّريره الكـّبير ذو الغطاء الأسودّ ثـمّ قـال بـبـّرود
ـ إنّ الحمـّام جـّاهز ،
ركضـّت مسـّرعة منفـذّة أوامـّره ، و بـعدّ ربع ساعة أخـّرجت رأسهـّا من البـّاب و هيّ تخبئ جـسدهـّا
بكل إحتشـامّ ثمّ قـالت بـتوتر و ارتباك معّ تلعثم في كلماتها
ـ نـايت هلا تفضلت و مددّت ليّ الملاّبس ؟
كـّان جـّالسـّا على أريكة بيضـّاء فـّاتحـّا حاسوبه المحـّمول عـّلى بيانـّات و مخـططـّات ، يضـّع نـظارتيه
و يبدّوا مرّكزا فيمـّا يـفّعل ، فخـّرجت بكـّل بطء تـّسير على أطـّراف أصـاّبعها و هي تضـّم رداء الحماّم الواسعّ ،
أخـذّت الفستـّان ثمّ
استـدّارت مسـّرعة لكنهـّا سقطّت متعثـّرة
نـظر إليه نايت بطّرف عينهّ ثمّ قـّال بسخّرية
ـ هـّل لديكّ مشكلة في التوازن أم ماذا ؟
وقفّت مسـّرعة و ركضـّت نـّاحية الحمام ثمّ أغلقت الباب خّلفها ارتدّت الفستان على عـجّل و كذلك
الحـذاءّ، بعدمـّا خـّرجت وجـدّت خـادمتينّ ينتـظّرانهـّا لتسريحّ شعرهـّا من جديدّ ، قـالت بـارتبـاك
ـ نـّايت ألن نتـأخر هـكذا عن الحفلة ؟ ربما يجدّر بنا العودة
ـ ما رأيك أن تغلقي فمكّ و تـّقومي بمـّا أمرتكّ به يكفينـّا متاعب
صمتتّ رغمـّا عنهـّا ثمّ استدارت ناحية الخـادمتين لتجّلس على الكرسّي بكل انصياع ، بينمـا أخذّت الفتـاة
ذّات الشـّعر الذهبّي تـّقوم بتّسريحّ شعرهـّا أمـّا الأخـّرى ذّات القـّامة الطويلة و شـّعـّر الأسود القصيـّر جدا
بوضـّع لمساتّ راقية من الماكياج على وجههـّا .
بـعدّ نصّف سـّاعة عنـدّ انتهاء تجهيزهـّا مجددّا ، سـّارت بـّرفقته فّي ذلك الـّرواق الطـّويل إلى تـلكّ
السـّلالمّ نـّاحية مكـّان تواجدّ الضيـّوف .
أثـّناء سيـّرهمـّا الهـادئ و الخـّالي من تـّجاذب أطـّراف الحـدّيث ، كـّانت ماريّ و خلال هـذه المدّة تتمـاسكّ
كيّ لا تـّذّرف دموعهـّا فيتهمهـاّ بالضّعف ، ألا يفهم كمّ أن هـذا صعبّ عليهـّا ؟ أن تـكونّ وسـطّ أناسّ لا
تعـّرفهم و أن تـّضطر لتمثـّيل و أنّ تـّرى عائلتهـّا الوحيدة و المتبقية لها تـّرحـّل كـأنهّا ليسّت فردا منهّم ؟
ألا يـدّرك أنهّ هو الـوحيـدّ الذّي تـّستطيـّع الوثوق بهّ و الاعتمـّاد عليه ؟ أن تستمـدّ القوة منه ؟ كيـّف له
أن يعـّاملها بهـذه القـّسوة ؟ ،
سـقطّت دّمعة يتيمـّة و وحيـدّة فسـّارعت بمسـّحهـّا و هي تـّرسمّ ابتسـامة لطّيفة على شفتيهـّا قـّبل أن
يـدّخـّلا إلى تـلكّ الغـّرفة المـّليئة بالنـّاس ، تـلكّ الغّرفة التّي وضـّع فيها الجميـّع أقـّنعة ، و قـدّ رحـّل
معظم الـّضيوف فـّلم يّبقـّى سـّوى المقـّربين قـّالت بهمّس و هّي تقـّترب من مـكـّان جلوّس عـّائلة آل لبيـّر
ـ أدرّك أننّي لستّ خيـّارك الأول لكـّنكّ هنـّا معـّي ، لذّا هـّلا تـّصرفتّ كمـّا لو كأنكّ فـّعلا تـّحبني ؟
نـّظر إليهـّا نـّايت ببـّرود ، ثـمّ وضـّع يده حـّول كـّتفهـّا و اقتـّرب منهـّا .. قـال بـلهجة جـّافة و حـادّة
بينمـّا مـّلامحّ وجههّ تـّدل على الاستمـّتاع و المودّة
ـ إنّ قـّلت شيئـّا آنسـّة روبـّرت فـأنت تـّنفذينهّ دون نقـّاشّ ، اعتـّبري نفسـكّ بكمـاء هـذّا أفـّضل
جـّلسـّا بجـّانب بعضهمـّا البـّعض مبتسـّمينّ بكـّل لطـّف ، أمـّامهـّا كـّلا من كـّايـّل الذّي يـّضع يدّه حـّول
خصـّر إليـزابيّث التـّي تـّهمّس بشيء مـّا في أذنهّ بينمـّا همـّا يّرمقـّانهمـّا بنـظّراتّ سـّاخرة و حـّاقدة ،
قـّال الجـدّ فـجـأة محدثّا نـّايت
ـ أنـّت لا تـّخبرنّي أنكّ صدّقت مـّا قلتهّ و أجـّبرت هـذه المـّسكينة على فـّعله ؟
التفتّت إليهّ مـّاري و وجّنتيهـّا مـّتوردّتين من الخـجـّل كـّعادتهـّا عندّ تبـّادل الحـدّيث مع كبـّار في السـّن ،
و قـّالت بـتسـّاؤل و فضـّول
ـ عنّ مـاذا جـدّي ؟
رّفع ناّيت حـّاجبّه متذّكراّ ، ثمّ رّسمّ على شّفتيهّ ابتسـّامة سـّاخرة كـأنهّ من الصـّعب تّصدّيق أنّ فتاة مثّلها
سّوف يحدّث شيّء كهـذّا معهـّا فـّقـّال ببرودّ
ـ إنهّ لا شيء ، جـدّي أنـّت تـّعلم أنّ هـذّا ليّس من صفـّاتي
قـّهقه الجـدّ بصـّوت عـالّي غـّير مصـدّق أيـاه فقطّبت مـّاري و نـظّرت إلى ويـّليام ثمّ سـألته فإكتـّفى
بابتسـامة بسيطة و هو يـّقول ضـّاحكا
ـ ما قـّصة تـّغييركّ لمـّلابسكّ مـّاري ؟
إحمـّر وجههـّا كـّامـّلا و تـّلعثمتّ في كـّلمـّاتهـّا ليّضحك ويليام بصوت عاليّ جدا فـّوضع نـّايت يـدّه
على رأسهـّّا و أنـزله للأسـّفل قـّائـّلا بإنزعـّاج تـّام
ـ أنتّ تـّوقفي أن الإحمرارّ عندّ كل كـّلمة ،
ـ مـ مـ مـا الذّي تقصده أنا أنـّا إنهّ فقط الجـّو .
ضحكّ الكـّل لأنّ وجههـّا قد إزداد احمرارا فـكّشر نـّايت بـّغير رضي و وضعّ يده على خـدّها كـأنه يقومّ
بنـّزع ذّلك اللونّ الوردّي منه فشـّهقت عندّما سـّرت رجـّفة بجسدهـّا و قـّالت بـاندّفاع
ـ ما هذا ؟ يدّك بـّاردةّ كالجـّليدّ هـّل تعاني من حمـّى ؟ دّعني أرى ؟
ـ إننـّي بـّخير ، تـّوقفيّ
نـّظر إليهـّما الجـدّ بابتسـامة ، إنهمـّا يتصـّرفانّ بـعـّفوانية الآن .. يبـدوا أنّ نـايتّ فـّعلا قـدّ مضى
في حـّياته ، تنهـدّ بـّراحة يسـّعده أنه أوفى بـّوعده ،

/

آنتهّى ـ
__________________