عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 12-27-2015, 11:50 AM
oud
 
تـّوقفت تـّلك الشـّابة ذات الشـّعر الأصّهب المنـسدّل على ظهّرها أمـّام تـّلك الـشّقة الصـّغيرة ذات الـّرقم
406 ، تـّرن الجـرّس مـّرارا و تـّكرارا دونّ أن يـّرد عليهـّا أحـدّ و عنـدّما شّعرت باليـأسّ يتسـلّل إلى
قـّلبهـّا جـّلست على الأرضّ مستنـدّة على الجـدّار الذي خـّلفها و تـّضع قـدّما على الأخرى بـكلّ راحـّة ،
أمسكـّت بـّهاتفها النـّقال و نـظرّت إلى كمّ تـّشير السـّاعة ،
لقدّ أتّت منـذّ حـّوالي سـّاعة إلاّ ربـّع و لمّ تـفتحّ ماري مهمـّا طـّرقت أو رنتّ الجـّرس ، أظنّ أنه الـوقتّ
المنـّاسب لاستسـّلامها لكنهّا لم تـّستـطّع الـرحيل و هي لم تـّرها حـّتى يبـدوا أنّ و بّسببّ عدم تـّقبل
والدها لّزيّارة مـاري ذلكّ يـجّعلها لا تـّجدها في كل مـّرة تـّحاول أن تـّزورها، حسـّنا هي لنّ تـّرحل سـوف
تـّبقى و تنتـظـّرها حتى تـّحصل على استفسـّار منها،
كيـّف لها أن تتـزوج بـنايت آل لبيرّ و من أينّ قـدّ جـّلبت الـ 500 مـّليون دّولار و كيـّف أصّبحت خـطّيبته
و أينّ بالضبطّ قدّ تـعّرفت على ويليـّام و نايت فتصـدّيق أنهّ حبيبها صّعب خصوصـاّ و أن ماري فـتاة غير
اجتمـّاعية منـذّ أن كانت رّضيعة
أغلقت عينيها ثمّ فتحتهمـّا لتجدّ ويليـّام يّقف على مبـّعدة متـّر منها ينـظرّ إليها باستغـّراب و بينّ يديّه
مفتـّاحه قـّالت له فلور بّسخرية
ـ يـّا رجـّل هل تتـّعقبني أم مـاذا ؟
صـمتّ ويليام مفـكّرا للحـظات في كـّلامها ثمّ أومـأ نـّفيا و على شفتيه ابتسامته المشـهورةّ التي
يستعملها مع النـّساءّ ثمّ قـّال بمرحّ
ـ لمّ أركّ منذ مـدّة طّويلة آنسة روبرت ، كيـّف حـّالك ؟
وقفّت فلور و نـّفضت الغـّبار عن مـّلابسها بينما ملامح البرود تعلوا وجهها ، كمّ تـكرهه لقدّ خـدّعهما
هي و والدها و الآن يّرسم هذه الابتسامة البلهاء على شفتيه كما لو كـأنه بـّريء لمّ يّفعل شيئـّا لذاّ
ردّت بـّغيض
ـ كنت أفّضل حالا عنـدّما لمّ أركّ لكن الآن أشّعر بالغّثيان ، على كلّ حـّال ما الذي تـّفعله هنا ؟ أتريدّ
أن تـّملئ رأسّ أختي بالمـّزيد من ألاعـّيبك السخيفة ؟
رفّع حـّاجبه بـاستنكـّار من كلامهـّا ثمّ وضـّع المفتاح أمام أنـظارها و هو يـّقول بـّغيض
ـ أنـّا أعيشّ هنا و تلك هي شّقتي التي تـجّلسين بجـّانبها كمـّا أنني لا أظن أنّ الشّخص الذي يـحاول
ملء عقّل ماري بالألاعيب هو أنـّا ،
تـأففتّ فـلور و مرتّ بجـّانبه لتـّدفعه متـّعمدة بينما رمقها ويليام باستغراب ثمّ هز رأسه و تنهـدّ بكل قلة
حيلة ليتجه إلى شقته ، حيـنّ رن هـّاتف فلور فجـأة و يّعلوا الشـّاشة اسمّ والدّها ، ارتبكت لفترة عندما
انتابها شعور أنه يّعلم أين هي الآن لكنّها نفت هـذه الفكرة سـّريعا و ردّت عليه بـّهدوء
ـ أهـّلا والدّي، ما الأمـّر ؟
فيّ الطـّرف الآخر كـّان سيدّ جوناثانّ يكحّ باستمـّرار و قدّ أهلكه التـّعب بينما قدّ ازداد وجهه شـّحوبـّا
و هـّالات حول عينيه سّوادا و قدّ قـّال بـّنبرة خافتة متعبة
ـ فلورا أحضري لي رويّ فـّورا
ثمّ أغلّق السـماعة حينّ أهلكه التعبّ ، رّفعت فلور حاجبها مستنكرة فعلته هذه ثمّ تذمرّت بـّكره و هي
تغير وجهتها منّ البّقاء أمام شقة ماري حتى عودّتها إلى منـزلّ السيدّ غلوري رويّ الـرجّل البـّائسّ

/

بـّعد مرورّ أسبـّوع على زيـّارة مـّاريّ لقّصر لبيّر ، عـّادت الأوضـاعّ إلى طـّبيعتها كـّما لو كـأنّ زيـّارتها
لمّ تحـدّث قطّ حيثّ أنّ إليـزابيثّ لم تـهتمّ فعـّلا بـوجودّ هـذّه الدّخيلة و لا كـّايلّ مـّا دمـّت مجـردّ إمرأة مـّارة
فيّ حيـّاة نايتّ لنّّ تـّوجدّ أيّ مشـاكلّ

بالـّرغم منّ أننـّا أشخّـاص مخـّتلفون نـّعّيش بـطّرق مخـّتلفة و لنـّا شخصّيات متـّنوعة لكّن سيجدّ الحـّزن
طـٍّريقـّا نحو حيـّاتنـّا ، لتـجدّ أن مـعّظم البشـّر يتخبـطّون في مشـّاكل لا حًّصر لهـّا ، مشـّاكل بالنسبة لنـّا
نحنّ قدّ تكونّ بسيطة و لا تستـحّق
الاهتمـّام و للبعضّ إنهـّا كل شيء و بّسبب هذه المشكّلة لنّ يستـطّيع التقدّم أو حـتّى المضي قدّما فّي
حيّاته فكـّان ذلكّ الشـّاب ذو الشعـّر البني المـّصفف بشكل رائـّع ، و تلكّ السترة الجلدّية الجّميلة معّ
سـّروال الجيـّنز و حـذّاء تصميمه مشـّابه لسترة فكـّان رمـّزا للأنـّاقة و الجـّاذبية الخّاصة ، إنهّ ذّلك
الـبيسبـّول الشهيـّر سيدّ كـّايل آل لبيـّر الذّي قـّاد فـٍّريقه للنّصر
يجـّلس فّي مكـّتب فخمّ جـدّا ، و خـّلف هـذّا المـكّتب يـوجدّ ذلكّ الرجّل ذو شـّعر الأسودّ الحـّالك فابتسـّامتهّ
السـّاخرة فنـّظرته المليئة بالكبـّريـّاء و عينيهّ الزرقاوتينّ شديدتا الدّكنة ، يرتـدّي قميصـّا رمـادّي اللونّ
خـطّى بقلمه مسـّرعا على الـّورقة ليتشكّل إمـّضائه المميـّز، ثمّ سحّب الملّف الأخر ليّعطيه نـّظرة
تفحصيه بينمـّا لا يبـّدوا عليه الاهتمـّام بتغّير ملّامح كـّايلّ إلى السخطّ و الغـّضب، فقـّال الأخير بحدة
ـ يـا إبن العمة ، متى تعيرني القليل من وقتك ؟
ـ حينمـّا تستـأذّن لدّخول
رفع كايل حاجبه دلالة على استنكاره فوضع يده فوق مكتب نايت الزجاجي و طٍّرق بواسطة أصابعه
عليه فـتوقف نايت عن الكتابة بقلة صبر و عقد ذراعيه منتظرا ، فابتسم كايل واضعا قدما على الأخرى
بغرور
ـ كما ترى فنحن لم نتبادل الكلام منذ فترة و قد قادني اشتياقي الرهيب نحوك دون دراية لذا ، أخبرني يا
ابن العمة ، كيف حالك ؟
تنهد نايت ببرود ثم نزع نظارتيه و وضعهما جانبـّا ، يفضل استماع الى كلام ماري الفارغ بدل
استفزازات كايل ، فتجاهله كعادته حيث ان نظره لا يزال مركزا عليه ليكمل كايل حديثه
ـ إليزابيث ترسل تحياتها لكّ ،
رنّ هاتف نايت فـّامتدت يدّ كايل و التقطه قبلّ أن يقوم نايت برفع إصبعه حتى ، ابتسمّ كـايل مستفزا إياه
ثمّ نـظر إلى اسـمّ المتصـّل كان صديقه ويليـامّ و صـورته تعلو الشاشة ، رّفع السمـاعة ببرود و نظراته
تلاحق نايت ثمّ ردّ بابتسامة
ـ أهلاّ ويليـّام ،
قطّب ويـليام باستغراب ثم نـظر إلى شـاشة هاتفه متـأكدا أنه اتصل بنايت لا أحد غـّيره ، تنهد بخفوت و
تخلخلت أصابعه شعره الأشقر الذهبي ليقـول بـتعاسة
ـ أهلا كـّايل ، هل تقوم بإزعاجّ نايت مجددا ؟ كم مرة أخبرتكّ ان تتـركه و شـأنه ؟
ـ و لا مرة ، اسمـّع أنّا ضجّر لدّرجة الموتّ و أريدّ الذهاب إلى الحانة بـّرفقتكمـّا و لأنكـما لمّ تقيما لّي
حفّلة وداع العـزوبية فلا تستطيعان الرفّض
أجـّابه نايت بّسخرية لاذّعة و هو يـأخذّ الهاتف من بين يدّيه ،
ـ لا داعيّ ، جميـعنا نـّعلمّ انكّ فـعلت بدون حاجة لمساعدتنـّا ،
ضحكّ ويـليام في الطّرف الآخر و كـادّ أن يـّرد لولا أن نايت قطّع الاتصـّال و أطفـأ هاتفه ليـرميه جانبـّا
ثمّ يـأخذّ ملفـّا أخرا ليدّرسه ، قطّب كايّل بانزعاج و وقفّا مـغادّرا قـّائلا بـّصوت عالي
ـ أنا أنتـظرّك ، لا تتـأخر

/

شـّهر أكتوبرّ ، حّيث تهبّ ريـّاح لندّن فيّ كل الأرجـّاء فيهـطّل المـطّر بدّون توّقف و تتسـاقطّ حبـّات الثلجّ
الصـّغيرة تلكّ فيّ الأرضّ ، و لهـذّا كـّان يـّرتدّي معطّفه و يضـّع الوشـّاح حـّول رقّبته مـّانعـّا أيّ منفذّ
للهـواء بالمـّرور ، أنفه محمرّ و خدّيه كذّلك رّن الجـّرس عدّة مـّرات حتىّ فتحّت سيدّة فرانسيسّ بـّابهـّا
أخيـّرا و نـظّرت مطـّولا إلى ويـّليـام ، يرتجّف فيّ مكانه من شدّة البـّرودة فقـّالت باستغراب
ـ ويـّل ما الأمر ؟
ـ سيدّة فرانسيس التدّفئة لا تـّعمل و الشبكـّة كذّلك أيضـّا ، لذّا هلّ يمكنكّ مناداة سيد بول لكّي يّصلحها ؟
قطّبت سيدة فرانسيس ثمّ أومـأت بالنفيّ و هي تقـّول بلهجة جمعّ فيها كلّ الأسى و الشـّفقة ، كّيف لا و
الموضوع يّخص جـّارها الوسيمّّ ؟
ـ للأسف زوجي ليّس هنا و أنـّا ذاهبة إلى إجتمـّاع سيدّات الحيّ الآن كمـّا أن إصـّلاح التدفئة يستغـّرق
أيـّاما خصوصـّا لأن الأنابيبّ قديمة
طـأطأ رأسه بخذّلان فتحّسرت فرانسيسّ ثمّ أمسكّت مفتاح شّقتها و قدّمت إليهّ لتضع بين يديه البـّاردتين
و اللّتين تكادّ أن تتجمدّا ، قـّالت بابتسامة
ـ إبقى في شقتّي ريثّما يقومّ بول بإصلاحّ التدفئة ،
أبتسم ويليـام ، ابتسامته الجذابة المشهورة بين النـّساء و التيّ أطاحّت بالعدّيد ثمّ عـّانقها بـّخفة و هو
يّشكرها صـّادقّا بينمّا خّجلت سيدة فرانّسيس و ضّربته بحّقيبتها طّالبة منه الابتعـّاد ضـّاحكة
فدّخل إلى الشـّقة و جّلس على الأريكة ثمّ لفّ نفسه بذّلك الغطـّاء الموجودّ هناك ، من الجميل ان يمتلكّ
الإنسان جيران يـّراعونه و يسعون لراحتّه ، فجـأة أعطّـته سيدة فرانسيس كوبّ من القهوة الساخنة و
قاّلت مبتسمة
ـ ستـساعدّ على إعادة توازنّ حرارتكّ و إنّ لم تتحسن اتصل بي أو بماري فبالرغم من إنها بلهاء لكنها
ممرضة جيدة ،
ـ حسنا سيدة فرانسيس إنني ممتنّ لكّ و لا أريدّ أن أتعبك أكثر من هذا
ـ عـزيزي أنتّ بمثابة ابن لّي لذا لا تقل مثل هذه الامور مرة أخرى و الا سـأغّضب
ابتسم ويليام و لم يقّل شيئـا فـّربتت فرانسيس على شعره الأشّقر المتموجّ و رحـّلت مسرعة إلى
الاجتمـّاع ، بينمـّا استلقى ويليام و هو يضّع يده على عينيه بكل تعب مفـكّرا فـّيما حـدّث سّابقا زيـّارة
إليـزابيثّ تـّقلقه و ثـّورانّ فـلورا أيضّا فـّتنهـدّ بـّأسى ، لمـّا هو محـّاط بـّنسـّاء مخيفـّات مّثلهن ؟ يجـّب
عليه التـّصرف فـّورا قـّبل أنّ تتـطورّ الأمـّور إلى مـّا لايحمـدّ عـّقباه

/

فيّ تلك الطـّريق الطـّويلة التـّي عـّبرتهـّا بـّاحثة ، لمّ تـّكن تعلّم أنهـّا و خّلال تـّلك الفـّترة التـّي أمضتهـّا
مـّلبية طّلب والدّها بجّلب روبرتّ له ، لمّ تكّن تـّعلم أنّ مـا أحتاجه فعـّلا هو وجودّ ابنتيه بجـّانبه يّخففان
منّ ثقـّل المـّوت ، و من هـجّرانّ روحـّه
لجسدّه مـدّ يدّه إلى هـّاتفه محـّاولا الوصوّل إلى رقّم احدّيهما ، لكّن كّيف ؟ كيـّف و هـّاتين العينينّ قدّ
غشاهماّ الـظّلامّ و هـّاتين الشّفتينّ اللتـّان اعتـاّدتا على تلفتّ بوبرّ من الشتـّائمّ طـّوال الـّوقت همـّا الآنّ
تنـّاجّيان للفّظّ كلمة واحدّة فـقطّ ، واحدة فقطّ لا غـّير هـذّا الجـسدّ الذّي كـّان معه طوال رحّلته بّهذه الدّنيـّا
هوّ الآن على وشكّ تـّركه ، فصـعدّ إلى السـّريرّ بصـّعوبة و قدّ أهلكته المقـّاومة لا فـّائدة الآن ـ لا فـّائدة
فـّلا مجـّال للـهرب منّ المـّوت .
ابتسـمّ بـألمّ موجـّع ، ثـمّ و تـّدريجّيا تـّوقف عنّ المقـّاومة و تـّوقف عن انتـظاّر فّسكّنت أصـّابعه بالقـّرب
من قـّلبه و تسّربت البـرودّة إلى عـٍّروقه فانكسر ذّلك الأمل الذّي حـّمله للحظة مـّوته فيّ أنّ تّفهمه ابنتيه
، تتفهـّما سّبب قـّسوته و جفـّاءه بدّون أن يّضطر للكـّلام
ـ تلكّ اللحـظة لمّ تـأتي أبدّا

آنتهـى ـ حـّروف منّ نـدمّ ـ حـّروف لمّ تـّقّل أبـداّ
برديس likes this.

شـآبتر الثّالث عشّر

هـّجران الـروح لمـّولاها

كـّان يومّا ممطـّرا من أيـّام أكـّتوبر الجميـّلة ، فزّينت الأرّصفة بحّبات من ثـّلج نقـّية ببيـّاضهـّا و بجـّانبهّ ورّيقات ذّبلتّ لتنمـّوا
بمكـّانهـّا ورودّ أجمـّل و أشدّ عبقا ،تّقفّ فـّلور الابنة الكبـّرى أمـّام منـّزل السيدّ رويّ و تـّرن الجـّرس منذّ ثـّواني قّليلة حتى
تفتحه كلير غلوري التي ما إن رأتّ فلور أمامهّا حتى كّشرت بّغضّب و كـّادت أن تـّغلق البـّاب لولاّ يدّ الأخيرة التي منعتهـّا ،
قـّالت بلهجة محذرة و بـّاردة
ـ هلّ عمي روي موجود ؟
قطّبت كلير و رفّضت أن تخبرها بـأي شيء ، فقدّم سيدّ روي من الخّلف لينظر ناحية فلور باستغراب ؟
ألّيس جوناثان الآن يّرفضّ أنّ يكلمه ؟ مـّا سبب وجودّ ابنته هنا إذّن ؟ و لمّ تطّل فلور من تساؤلاته بلّ قـّالت بتهذيب
ـ عمي روي لقدّ أرسّل والدّي فيّ طّلبكّ لرؤيته وجها لوجهّ،
ـ مـاذا ؟ إذّن لمـّا لم يّرسل بذّلك عـبّر الهـّاتف ؟
ـ لا أعلمّ لمـّا لا تـسـأله بنفسكّ حين تّصل ؟
فكـّر معـّمقا فيّ السبّب الذّي قدّ يجـّعل السيدّ جوناثان يتـّحدث معه مـجددا ؟ فـّجون ذوّ كبـّرياء عـّالي و إنّ أراد سوف
يّرمي بّصداقتهم المتينـّة أدّراج الـّرياحّ من أجلّ كـّرامته و لنّ يكون السببّ جيـدّا لكنهّ دّخل لكيّ يـّحضّر أشيـّاءه وسطّ نـظرّات كلير
المعـتّرضة ، قـّالت بـحدة تـّكلم فّيها فـّلور اللامبّالية
ـ لمـاذاّ لا تتـّركوننّا و شـأننـّا ؟ أنتـمّ كّكلابّ بالـّرغم منّ أنّ أصّحابها يّطردونها إلا أنها تـّعود بذلّ لتـّلعب بأذّيالهم من
حـّولهم
رفـّعت فلورا نـظرّها إلى كلير ببّرود و قدّ بدا أنها تـّمسك أعّصابها كيّ لا تتـّهور لكنّ فيّ النهاية لم تسّتطعّ أن تـّبقى محافظة على
هدوءها لتمدّ يدّها ناحية رّقبة كلير و تـّدفعها إلى الجـدّار الذّي خلّفها بكل قـّوة ، اقتربت منها بغضبّ و النيّران مسـّعرة تـّجول بـّكل
قّطرة في دمّها لتـّتحدثّ بنبرة مخيّفة
ـ جرّبيّ أن تـّقولي هـذاّ مجدداّ لأريكّ ما الذي يّمكن للكـّلاب أن تـّفعل إنّ أرادت أن تـّنقلب على أّصحابها
ثمّ دّفعتها لتـّسقطّ أرضّا بإحتـّقار و كره حيّن أتى العـمّ روي مسّرعا و لمّ يلحـظ تـّلك المعـّركة التي حـدّثت تـّوا منّ أفكـّاره العـّميقة
اتجـّاه صـّديقه ، تـّبعته فـّلور ببـّرود و هي تـّرمق كليرّ بّسخرية شديدّة ، كـأنهّا تـّقول أينّ قّوتك التيكنتّ تتّسلحين بها ؟

/


قـّصر آل لبيّر ، الذّي شيدّه الـزمن جمـّالا تلفه الورودّ من جميـّع الأنحـّاء و تعـّلوه أشجـّار ذّات نسيّم عليـلّ ، فّي أحدّى غـّرفه الكثيـّرة بالطـّابع الثـّانيّ
، كـّانت ذّات ديكور يـّختلف عن القّصًر اختلافـّا تامـّا و جـّو ، فالرياح عاتية تهب مزمجرة فتلطم نوافذّها فـّاتحة إياها و أبوابهـّا مغلقة إيـاها مصـّدرة
صوتاً مخفياً ترتعد له الفرائص ، بدء المطر ينهمر بغزارة ؛ و الأنواء تنطّفئ و تعـّود للانـّارة كمـّا لو كـأنها لـّعبة الغمضة ، برد قارص يزلزل الإقدام
ذّلك الـّجناحّ ذو الجـدّران الـسّوداء الـداّكنة و الفـّارغ الموحّش ، ذات السقف الخشبي الرائع والمرسوم باليد والذي يعطي بعدا أعمق ورقي محددا مقياس
هذه الغرفة وكذلك إحتوائها أنتيكات فرنسية وقطع أثاث مطبوعة بنقوش حيوانية و سـّرير واسـّع صّنع بواسطة خشب الماهوغني يشد الانتباه ،
السجاد التابستري جميـّل ينمي عن ذّوق رفيـّع ، مستلقـّيا على الـسّرير و فيّ حـّضنه حـّاسوبه المحـّمول بينمـّا يده التيّ زّينها بّساعة كبيـّرة من
المـّاركة المشهورة رولكّس تخـطّوا على لوحة التـّحكم بـّكل سهولة ، قطّب ثمّ تنهدّ و هو يـّفركّ رقّبته من التعبّ ، فجـأةّ فتحّ بابّ الجنـّاح
ليدّخل جـدّه فقـال نايت ببرود
ـ ما الأمر ؟
تقدّم الجدّ بيتر منه ثمّ جلّس على الـّسريرّ بجـّانب نايتّ اللامـّبالي و قال مباشرة محدُّثـا إيـاهّ و نبرة الصـّرامة تعـّلو كلاماته
ـ ماهي خـطّتكّ هذه المرة نـاّيت ؟ ما الذّي تريدّه بحق السماء ؟
احتدّت نـظراتهّ الموجهة نحو جدهّ بشـكّل مخيّف و ارتفـّع حـّاجباه دّلالة على النكـّران بينمـّا تـّقوسّت شفتيه بـّعبوس ، ليكمل بيتر حديثه
ـ أريدّ أن أعلمّ ما إنّ كنت استعملت تلك الفتاة كتمويه لكّي لا تـّلبي لي طّلبي ؟
تنهدّ نايت بغّيض عندّما علمّ الموضوعّ و أكمـّل الكـّتابة مجيـّبا جده
ـ و لماذا انت حانّق هكذا ؟ ألست أنت من تـريدّ زواجي بـأي طّريقة كـّانت ؟ لقدّ أخبرتني و بّكل وضوحّ سـّابقـّا و أنا أقّتبس منكّ
' أريدّ منكّ أن تتـّزوجّ مهما كـاّنت الفتاة أريدّك أن تـّعيشّ حيـّاتكّ '
هـزّ الجدّ بيتر رأسه بـّعدم رضي ثمّ أشـار على نايتّ بحنقّ و هو يقـّول يـائسـا
ـ لكن لا أراكّ متغـّيرا، عندما أردّت منك الـزواجّ ذّلك بـّقصدّ أن تتـغير و تصبّح إنسـّانا أن تشـّعر أكّثر و تحّب و تـّثق بالنـّاس
لا أن تبقى منغـّلقا على نفسكّ
لمّ يتحدّث نايتّ فـرمقه جده بـّاستنكـّار ثمّ وضـّع يدّه على كتفه و قـّال بتسـاؤل
ـ الا تـّحبهـا ؟ مـاري ؟
ابتسمّ بسخرية شديدّة ، يحّبها ؟ فتاة مثـّلها ؟ بلهـّاء و غـّبية ؟ حمقـاء لدّرجة الجـّنون ؟ تّصّف نفسها بالمتـّرصدة
و تعيشّ في عـّالم الأحلام ؟ تـّبحث عن فـّارسّ أحلامهـّا و تـّغّضب عندّ تـّقبيلها ؟ أي إمرأة هذه ؟ أجـّابه
ـ أجـّل ، أنـّا غـّارقّ فيّ حبّها تمـّاما و أريدّ الـزواجّ منهـّا
ـ أنـّا أنتـظّر إذّن ، و متى قدّ حددّت موعدّ الزفـّاف إذن ؟
ـ قـّريبـّا جداّ ، أقّرب مما تتصـّوره
صمتّ الجـدّ على مضضّ ، لا يـدّري لما لكـّن دائمـّا إذا كان موضوع الحـديّث نايتّ فإنهّ يّحّاول فّهم المـّعنى خلف كل كلمة يّتفوه بها
إلا أنّ محاولاته دائما ما تبوء بالفّشل بينما قـّال نايت ببّرود غير مهتم لشّرود بيتر
ـ لديّ رحـّلة عـملّ بـعدّ سـّاعة لذا أستـأذنكّ
وقف الجدّ بهدوء و خـّرج ، لقدّ طرده بـّطريقة مبّاشرة متى .. متى سيذوب هذا الجليدّ ؟ هز رأسه بـّأسى و هو
يهمس لنفسه
ـ أخـّاف أن يستمر للأبدّ

/

ظـّهرّت الشمـّس من خـّلف تـّلك الغـّيومّ ببطـّء كـأنهـّا خجّلة من تـأخّرهـّا و غيـّابهـّا الطـّويل فرّفعـّت هـّاتفهـّا و التقطت صـّورة
لهـذّا اليـّوم الغـّير عـّادي ثمّ نـظّرت إليهـّا ،وضـّعت يدّها على قـّلبهـّا الذّي يستمـّر بالخفقـّان ، متـألمّـّا و متـّنبـئـّا بمصيـّبة قـّادمة ،
فقـّادّهـّا قـّلبهـّا إلى حّيثمـّا يـّريدّ ، أو إلى أينمـّا هي تـّريدّ لكّن عقـّلهـّا يـأبى تـّركهـّا و كبـّريـّائهـّا المـّجروحّ يـّرفضّ إفـّلاتهـّا ،
قدّميها تسيران بخطى مضطربة و لا تّعلم لمـّا ، يدّيها ترتجّفان بشدّة غّير قادّرة على إمساكّ قلم و لا تّعلم لمـّا ، قّلبها يّنبض بّسرعة
كـأنهّ شهدّ الموتّ بينّ هاتينّ العينينّ و لا تّعلم لما فّوسط تّلك الضّجة فيّ هـذا الدّرس الذي تّعتمد عليه معظم علاماتها قدّ وقفتّ بإضّطراب
لا تدّرك ما الذي يجّب عليها فّعله ، أنفاسها تخنقهاّ و أفكاّرها ترعبها حينّ تقدمتّ منها كليّر مكتفة ذراعيها و ملامحهاّ يغزوها الاحتقار متـذّكرة
ما الذي فّعلته أختها فلور صّباحا بهاّ لتّقول بـسخريةّ و حقدّ
ـ ألمّ تسمـعّي الأخبار مـّاري ؟
رمقتها ماري باستنكار و رفّضت التحدث معها بـعدّ آخر موقفّ لها معهاّ لكنّ كليرّ آبت إلا الانتقام عندما لمحتّ ماري تخـّرج كتّابها لكيّ
تذاكر لهذا الامتحان المهمّ و قدّ خطـّرت فيّ بآلها فـكرّة قدّ تكونّ كذبة تفوهت بهاّ لحظة غّضب لكنهاّ حقيقّة،
ـ أنتّ تجلّسين هناّ لا مبّالية بينماّ والدّيك يّرافقّ الموتّ ،
تّوقفت ماري عن المـذاّكرة و قدّ شحبّ وجههاّ بشدّة ، كيّف لا و الموضوعّ يخصّ والدّها فـّعادتّ تّقف و هي الآن تّعلم
ما سّبب إضـّطرابّها و قـّالت بتوتر
ـ مـّا الذّي تـّقولينه أنت الآن ؟ والديّ ما بـه ؟
ابتسمتّ كلير بّخفوت و هي تتـذّكر مجيء فلور و طلّب سيدّ جوناثان لرؤية والدها ثمّ رفّعت كّتفيها بلا مبّالاة
ـ لقدّ آتت آختك و آخبرتنا أنه يّحتضر
نـظرّت إليها غّير مصدّقة فكّيف لوالدهاّ رجلّ القاسيّ أن يّصبح مّريضا بينّ ليلة و ضحـّاها ؟ لكنهاّ قدّ قالتّ أنه يحتـّضر ؟
ماذا إذاّ كـّانت صّادقة ؟ لكنّ الامتحـّان يترتبّ عليهّ نصّف عـّلامة هـذا الفّصل لا تّستطيّع المغـّادرة و من جـّهة آخرى ماذا
إذا كان حـّقا يّحتضر ؟ قد لا يتسنى لها رؤيته مجددا ؟
-

وضـّعت يدّها على قـّلبهـّا الذّي يستمـّر بالخفقـّان ، متـألمّـّا و متـّنبـئـّا بمصيـّبة قـّادمة ، فقـّادّهـّا قـّلبهـّا إلى حّيثمـّا يـّريدّ ،
أو إلى أينمـّا هي تـّريدّ لكّن عقـّلهـّا يـأبى تـّركهـّا و كبـّريـّائهـّا المـّجروحّ يـّرفضّ إفـّلاتهـّا ، فـو بغضون سـّاعة من الركض لمّ تـّدركـّها
، وجـدّت نفسهـّا تـّقف أمـّام ذلّك المنـّزل الذّي وعـّدت بـّعدم المجيء إليه ثـّانية ، تـّرددّت كثيـّرا قـّبل أن تـّقبل على تـّقدم خـطّوة واحدة
للأمـّام لولا سـّماعهـّا فجـأة لصّراخّ أختهـّا المتـألمّ لحدّ الوجـّع ، و بالـّرغم من سـّماعهـّا لصوتّ بـكـّاء فـّلور المـّرير و العـّالي إلاّ
أنّ قدّميهـّا لا زاّلتـّا تـّرفضـّان الدّخول ،هـذّا غـّريبّ فـّعلا ، فهبّت نسـّمة ريـّاحّ من خـّلفهـّا كـأنهـّا تحّثهـّا على الاستمـّرار لتعقدّ العـّزم
و شدّت بّقبضتها على فستـّانهـّا المتـّراقًّص مـّع نغمّات الّرياح لتخطوا خـطّوة فخطّوتين فـّثلاثّ لتجدّ نفسهـّا تفتحّ بــّاب منـّزلهـّا قدّيمـّا
مـدتّ يدّها المـّرتجّفة بّترددّ لكنهاّ أنـزلتها سّريعـّا مديّرة رأسها ، لا تّستطيّع سوف يّرفضونها مجـدداّ هي لن تـّقدر على تحملّ رّفض
الكّل لها حينّ انتقل إلى مسامعها صّوت صّرخة فلور المستغـّيثة و المتـّوجعة فـفتحتّ عينيها على وسعهماّ قّلقا و دفّعت كبرياءها جـّانبا ،
ذلك الكبّرياء الذّي لا طالّما حـذّرها نايت من رميه و الذيّ لطالما أنبهاّ لأجلّه قدّ رمته
فصـّعدت الـّسلم ركضـّا إلى حيّث استغاّثة أختها المـّتألمة، إلىّ حيثّ يـأمرهاّ قّلبها بالذّهاب ، إلى حيّث نـّادتها روحّ والدّها المـوجوعّة نـّظرت
من خـّلال عينيهـّا البنيتينّ الواسـّعتين إلى جّسم فـّلور المـّرتمي على جّثة والدّها و التّي تهـّزه باستمرار رافـّضة تـّركه بالـّرغم من محـّاولة
روي المستميتة لدّفعهـّا جـّانبـّا ،تقدّمت بـهدّوء إلى دّاخلّ غـّرفة والدّها ، التّي لمّ تدّخلهـّا منذّ سنينّ ، و كمّ انتابتها من مشـّاعـّر حّينهـّا
، مشـّاعرّ نسّتهـّا .. الدّفء ، الحـّنينّ ، الأبوّة ، العـّائلة
وقّفت أمـّام جسـدّ والدّها الممـّدد بـّلا حـّراكّ و شّفتيه قدّ انقّلبتا للـونّ الأّزرقّ ، ثمّ وضـّعت يدّها على كّتف السيدّ روي و قـّالت بـّعدم استدّراك
ـ ما الذّي يحدّث ؟
و بينّ سـّؤالهـّا البريء و الجـّانبي تسمـّع صـّوت فـّلور المبـّحوحّ الحـّزينّ و هي لا تـّزال تهـّز ذّراع والدّها بقـّوة واهية
ـ لقدّ أحضـّرت عمي روّي ، أرجوكّ أفق ، أبّي أعدّك أننّي لنّ أضـّع كـّوب القـّهوة على الطـّاولة و هو سـّاخن ، أعدّك أننيّ
سـّوف أتوقفّ عن إعـّادة كّلامكّ بسـّخرية من خـّلفكّ و أعدّك أنني سـأعيدّ مـّاري إلى المنـّزل و أعدّك أنني سـأبقى بجـّانبكّ
و لن أترككّ أبدّا ، لذّا فقطّ افتحّ عينيكّ هـّاتين من أجـّلي ، أرجوكّ لا تـّرحـّل
سـقطّت مـّاري على ركّبتيها و قدّ خّذلتها قدّميها بّذهول و صـدّمة قدّ ألجـّمت لّسانها ، ما الذيّ تقصدّه
فلور بّلا تّرحل ؟ أفعلا هو قّد ذهب ؟ لكنّ إلى أينّ ؟ ما الذّي تتفوه أختهاّ من تّفاهة ؟ إنهّ هنا أمامهمّا
فّلما تّصرخ هـكذاّ كما لو كـأنّ الحّياة قدّ انتهت ؟ بينماّ احتّضنها عمّ روي بّخفة و هو يّهمس بّنبرة خاّفتة
ـ لقدّ تّوفي
الذّهول قدّ سـّيطـّر على ذّهنهـّا ، فّي هذه اللحـّظة بالذّات أدركـّت أنّهـّا فقدّت فـّردّا أخـّر من عـّائلتهـّا دون أنّ يتسنى لهـّا وداعه
، دّون أن يتسنى لهـّا طّلب الغـّفران منه ، دّون أن يتسنى لهـاّ أنّ تـّشرحّ لهّ ، لقدّ تـّوفيّ هكـذّا ببسـّاطة ،
، لقدّ فقدّت فردّا من عـّائلتهـّا ، أمسكـّت بيدّيه و قـّبلتهـّا كـّانت تعّلم لوّ قدّمت مـّرارا لطّلب الغّفران لماّ
استطّاع رفّضها و لنّ يخّيب ظّنها بّه لكن لمّ تكنّ لدّيها تلكّ الشجـّاعة و هو يـّعلم ، إنهاّ لم تستطـّع أن
تواجّهه فـّلما رحّل هـكذا دونّ أن يّدّعها تجّلس في حّضنه و لو لمـّرة واحدّة ؟ أنّ تنـادّيه بـأبيّ و هو
يبتسمّ بكلّ لطّف ، أهـذّه أمنيّة كبّيرة ؟ أهيّ مستحيّلة ؟ أن تكونّ وسطّ عـّائلتها و أن تبتسمّ بكل سـّعادة أهي مستحـّيلة فّعلا ؟
حـّاولت فـّلور إسناده على الوسـّادة التّي خّلفه كيّ توقظه فتـّقدمّ عمّ رويّ و صـّفعهـّا بـأقصى قـّوة
يمتـّلكهـّا ، فنـّظرت إليهّ فـّلور لّوهلة بسيـّطة من الـّزمنّ ثمّ عـّادت تنـّظر إلى جسّدّ والدّها الممـدّد بـّلا
حـّركة ثمّ إلى أختهـّا التيّ قـّادها القدّر
مسحـّت دّموعهـّا بهـدّوء ظـّاهري و تمّتمّت بـّكلمات شـّكر بسيطّة لعمهـّا تـّشكـّره لإيقـّاظها من
غـّفوتهـّا ، أو منّ جـّنون الذّي أصـّابهـّا ، بـّعدهـّا تـّقدمـّت إلى أختهـّا الـّصغرى مـّاري و وضـّعت يدّيها
على كّتفيهـّا
إلتفتت إليهـّا مـّاري المـّنصدمةّ و بعينيها الكثير من التساؤلات ، لتجّتنب النـّظر إليهـّا فليسّ كمـّا لو أنها
تمتلكّ الإجـّابات بنفّسها ، فـّلم تستـطّع مـّاري التـّفوه بشيء ، كمـّا لو كـأن الدّموع قدّ جفـّت و قّلبها
قدّ تّوقف عن العـّمل ، كمـّا لو كـأن الكّلمات تلاّشت و العبّارات إختفت
إنهّ والدها من تـّوفى الآن ـ و هيّ لا تـزاّل على خّصام مّعه، هلّ من شيء يّستحّق الثـّراء أكّثر من هذا ؟ كيـّف لها ان
تـّطلب منه السمـّاح الآن ؟ إنهـّا النهـّاية
بعـدّ مرور يـّوم واحـدّ ،
تـّكلفّ العـمّ روي بكـّل شيء يخّص صدّيقه الوحيدّ و العـّزيز ، منّ جـّنازتهّ البسيطـّة المقّتصرة على أفردّ
العـّائلة فقطّ المكـّونة من ابنتيهّ و زوجـّته السـّابقة سيـّليـّا التّي و بعدّ اختفـّاء دّام أعوّاما عـّادت لظّهر
فّي فترة الظهيرة
مـّرتدّية فستـّانا أسودّ طويّل و قفـّازينّ مع قّبعة بنفسّ اللونّ أيضـّا ، تـّقف على مبعدة من الحضـّور و
مكـّتفية فقطّ بإلقـاء نظرة أخيـّرة على زوجها السـّابق من بـّعيد .
لمّ تحتمّل ماّري منـّظر والدّها و التـّراب يـّرمى عليهّ ، التـّراب الذّي خّلق منه هاهو الآن يـّعاد إلى أصـّله
فأغلقت عينيهـّا بشدّة
أمـّا فـّلور ، كـّانت تّقف على مقـّربة من والدّها تّرفع ذّلك التـّراب و تـّرميه عليهّ بدّون أّن يـّرف لهـّا جّفن
، أجـّل قـّلبهـّا لا يحتـّمل فقدّان فردّ أخر من عـّائلة روبرتّ ، أجّل قّلبها لم يعدّ يتحمل كل هذا البعدّ و
هذه اللعنة التي قيدّتهم فلم يصّبح شخص الا و اسم عائلته روبرت يبتعد أقصى مسافة عن إخوته آو
والديه ،
جـّلست مـّاري على الأرّض بـعدّ انتهاء كل لمـّراسمّ و مغـّادرة الجميـّع لتـجّلس فـلور بجـّانبها و هي
تحمـّل ذّلك الدّفتر الأخضّر الصـّغير بينّ يدّيهـّا ، وسطّ هذا الهـدّوء الذّي عـّم المقـّبرة تحدّثت ماري بنبـّرة
لطّيفة محـّاولة تـّخفيف عن أختهـّا التي أخذت كل شيء على عاتقها
ـ مضّى وقت طّويل منـذّ أنّ جلّسنا إلى جـّانب بّعضنا هـكذّا، لقدّ اشتـّقت إلى تـّلك الأيّام
أومـأت فلور بـّهدوء و التفتّ ماري ناحية أختها بّشرود، لمّ تطّلب منه أن يّسامحها بـّعد و هو لا يـّزال
غـّاضباّ منها ، ابتسمت و أشـّارت على الدّفتر لتقـّول بنـّبرة مبحـّوحة حزينة
ـ أتـّعلمين ما هــذّا يـا ماري ؟
أومـأت ماّري بالنفّي مسّتغربة فـأكملّت فـّلور كـّلامهـّا ،
ـ إنهّ سببّ الذّي دّفعــّني للابتعـّاد عنكّ ،
رمّشت مـّاري بّعينيهـّا البنّيتينّ اللتـّان و على وّسعهـّمـّا أّصبحتـّا غـّير قـّادرتين على الانفتـّاح ، ثمّ مـدّت
أصـّابعهـّا الطـّويلة و أمسكـت بذّلك الدّفتر الأخـّضر ، الّسبب الذّي دّفع فـّلور بـّعيدا عنهـّا ثمّ فتحتهّ ،
الـّصفحة الأولى كـتب عـّليه بخطّ واضحّ دّفتر الدّيون ، قـّالت بتسـاؤل
ـ الدّيون ؟ أهـذّا الدّفتر يخّص والدّنـّا ؟
أومـأتّ فـّلور بالإيجاب ثمّ قـّلبت الصفحـّة الأخـّرى ، لمّ يكنّ دّفترا لدّيونّ بـّل دّفتـّرا كـّتب فيهّ جميـّع
مـّشـّاعره و رحـّلاتهّ ، جميـّع مـّا لمّ يستـطّع التـّفوه به يـّومـّا ، مـّا لم يسمحّ له كبـّريـّاءه بقـّوله ، نـّظرت
إلى اسمهـّا المّزينّ على اليسـّار
ـ عندّما أتتّ تلكّ الطـّفلة الصّغيرة إلى منـّزليّ ، كمّ شـّعرت بالفـّرحة العـاّرمة لـرؤيتهـّا فقطّ ، كّنت أريدّ
منهـّا العـّودة و أريدّ منهـّا أن تـطّلب منيّ الـعودة لكّن يـّا بؤس سـّعادّتي عندّما أخّبرتي أنهـّا أتتّ لأخذّ
فـّلذة كبّدي الأخرى منّي ،
أنـّا أريدّ مسـاّمحتهـّا ، و أربت على رأسهـّا لأخبّرها أنّها لمّ تـخطـأ أبدّا و مـّا حدّث في المـّاضي كـّان
مـّجردّ غـّفوة لكّن لا أستطيـّع بالـّرغم من أن هـذّا القّلب سـّامحها لكّن الكلمـّات تـأبى بالخـروج
مـّررت عدّة صّفحـّات و دّموعهـّا قدّ بدأت في التجـّمع ، أمـّا فـّلور فـّتنهدّت بـأسى و أخذّت الدّفتر عنهـّا
لتكمـّل بّصوت عـّاليّ ،
ـ اليـّوم لكّن يـّكون اليـّوم الذّي سـأرحـّل فيهّ بّل إنهـّا بدّاية لنهـّايتي، تـّلك النهـّاية التّي كّنت فّي
انتظارها لتـأتي و توقّظني من سّباتي العمّيق و هـجّرانيّ لكّن و عنـدّما أتتّ وجدّت نفّسي أنهّ ما كـّان
أبدّا يجّب علي انتظارها،
تلكّ اللحـّظة التيّ توقظني من طّغيانّي و الحقدّ الذّي طغّى على قّلبي مـّا كان يجّب عليّ انتظارها ،
بّل السـّعي خّلفهّا و المحـّاولة جـّاهدا أيضـّا
فالآنّ و بعدّ أن أدّركني المـّرضّ فـأصبحّت أصـّابعي هـذّه التّي تطـّاولت على الكـّثير من النـّاس عـّاجزة
عنّ كـّتابة كّلمة فـّما بّالكنّ بجّملة ؟ أو رسـّالة ؟
وأنـّا الآنّ أريدّ أنّ أعتـذّر إلى كّل مـّن أخطـأت فّي حقّه يـّوما مـّا و بالأخصّ إلى ابنتـّاي ، أكثّر من أوجّعتهمّ و ألمتهّم ،
إلـّى فـّلور ، تلكّ الطّفلة الصـغّيرة التيّ لطـّالمـّا حمتنيّ و بالـّرغم من أننّي كنت طّاغيّا و لا أنفكّ شتمها
أو ضّربهـاّ في بعضّ الأحيـّان إلا أنهـّا كـّانت تـّنظر إلّي بّشفقة و رحمـّة ، و بالـّرغم من أننيّ حـّاولت
كثيـّرا إبعـّادهـّا لكّنها كـالغـّراّء ، غـّراء جميـّل
أعـّلم أنكّ يـّا فـّلور ، مستـاءة من أمكّ لأنهـّا تـّركتنيّ و أعّلم أنكّ حـّزينة لأننّي ظّلمت مـّاري بّشتى
الطـّرق و أعـّلم أنكّ تـفهمينّ جيدّا لمـاذّا فـّعلت كل هـذّا ، أنـّا أسّف فـّعلا ، فقدّ حـّاولت تـّزويجكّ من
آرثّر باعتقادي أنه الرجّل الصـّالح الذّي سيحميكّ منيّ و من الجميـّع لكننّي كنتّ مخطأ
أنـا أسفّ
إلى مـّاري ، ابنتي الثـاّنية .. أنـّا أعلمّ أن لا ذّنب لكّ فيمـّا حدّث بالمـّاضي و أنـّا أعلمّ أنكّ ما كـّنت

تدّركين مـّا تفعلينهّ لأنكّ صـّغيرة ، و أنـّا أسّف أيضـّا لأننيّ طردّتك من المنـّزل الذّي لمّ تعّرفي بهّ حبـّا و
لا دفء ، أنـّا أحبكّ يـا طـّفلتي الصـّغيرة ، أحبكّ جدّا لدّرجة جّعلتني أبعدّك عنّي كّيّ لا أؤلمك أكثر
أمـّا عن قّصة الـ 500 مليـّون تـّلك فـّلا وجودّ لهـّا بـّل هيّ مجرّد كذّبة منيّ كيّ ترضى فـّلور بالـزواجّ من
آرثّر و كّلانـّا أنا و سيدّ جورجّ غلوري نعّلم بهـذّا ، لذّا لنّ تـضطّرا لأنّ تّقلقّا بشـأن الدّّيون من الآن فّصـاعدّا ،
لقدّ اخترعت قّصة الـ 500 مليـّون دّولار لأننيّ رأيت فّي آرثر الـّرجل المنـّاسب الذّي سّوف يـّنقذّكنّ و
سـّوف يّقف بجـّانب فـّلورا ،
أنـّا أسّف لذّا مـّاري ، أعّلم أنّه لّيس لدّي الحّق فّي طّلب أيّ شيء منـكّ ، لكـّن أرجوكّ أعدّلي عن
هـذّا الـزواجّ و أتـركّي رجّل أل لبير و شـأنهّ ، أعّلم أنه هو الذّي دّفع المـّال و أعّلم أن مـّا تكّنينه لهّ ليّس
حبّـا ، لذّا أرجـّوكّ عّيشي حّياتكّ و لاّ تـّقبلّي بـأنّ تـكونّ خـادّمة
أنـاّ أسّف يـا ابنتـّاي فـّكل مـّا قّـاسيتنهّ كـّان بّسبب رجـّل أحبّ امرأة ،
رجـّل أحبّ امرأة و امرأة أحبتّ ذّلك الرجّل بـالرّغم من عـّيوبه ، لكّن بخيّانتنـّا لمّ نتعـّادل
ذّلك الرجّل كـّان والدّكم و تلكّ المرأة هيّ أمكمّ سيليّا ،فلمّ أعلّم قيمتهّا إلا بـعدّ رحّيلهـّا و بعدّ رحّيلهـّا تـّركتني
محّطّما مشتتـّا ، لمّ أدّرك معنى أنّ تفقدّ شخصّا يحّبك من أعمـّاقه قّلبه و يهتمّ بكّ قّبل الاهتمام بنفّسه ، لذّلك لا
تـّلوموهـّا على ماّ فعلت ، لقدّ كانت مجّروحة من رفّضي لحّبها بعدّ كل تلكّ السنينّ
أنـّا أسفّ لأنكنّ لم تّختبرنّ شعـّور العـّائلة
أنـا أسفّ لأننيّ لم أكّن لكّن أبـّا تستنـدّن عليهّ ، و أنـّا أسفّ لأننيّ أقول هـذّا الكـّلام بـّعد فوات الأوان
و أنـّا أسـّف على كلّ شيء
شـّعرت الفّتاتين بّصدمة عـّميقة من مشـّاعره ، لمّ تـكن لتـّظنا و لو لّيوم فّي حّياتهما أنّ هـذه هيّ
أحاّسيسّ والدّهما الحـّقيقية ، فـبدأّت دّموع فـّلورا بالسـّقوط و قدّ تـّهاوت جـدّران قّوتها من حـّولها فـّلم
تـّجدّ أي منجى سّوى حـضن أختهـّا الّصغرى لّيلمها بّكل حـّنان ، كلّتاهما قدّ عـّانتّا و قدّ حـّان وقـّت
وضـّع النقـاطّ على الـحرّوف لقدّ حان وقـّت لمّ شّمل عـّائلة آل لبيّر من جـديدّ بـّعد فـرّاق دامّ سنينـّا ،
بينمـّا وضـّع مـّاري يدّيها حول ظّهر فـّلور تّطـّب عليها بكّل خّفة عنـدّما هـمسّت بّصوت خـّافتّ و بـّعيدّ
ـ لكّن فـّلور لما قدّ يكتّب كلمـّات مثّل هذّه ؟ كـأنه كّان يـّعلم بـأن أجّله قدّ اقترب
تـّوقفت فـّلور عن النـّحيب كمـّا لو كـانّ كلمـّات ماريّ الـّهامسةّ قدّ أيقظتها من نـّوبة انهيارها الـوشيكة
فاعتدلت في جّلستها و رفعتّ يديها عاليا إلى السمـاء لتقول بنبرة لطيفة و رقيقة
ـ لأنه كـّان يـّعلم فّعـّلا ، والدّنا أصيبّ بسـّرطان الدّم اللوكيمـّيا منذّ ثـّلاثّ سنينّ قبّل رحّيلكّ بـّعامّ واحدّ
و أنـّا اكتّشفت ذّلك لهـذّا أردّت الـّوقوف بجـّانبه ، لأنّ والدّنا العـّنيدّ يرّفضّ تـّركنا جّانبه و لأنه والدّنا
السيدّ جونـّاثان روبـّرت فكّان عنيدّا جّدا لإخّبارنـّا ،
تلعثمت مـّاريّ في أحّرفهـّا ثمّ نـّظرت إلى قّبر والدّها ، لتقول بأسى
ـ لمـّا لم تـّخبريني بذّلك ؟
ـ لمّ أعلمّ كيّف أخّبرك ، فـأنتّ كنت مخّتفية لمدّة عامينّ و لمّ نستـطّع أن نـّعرف مكـّانكّ ثمّ أنتّ ظّهرت
فجأة في الآونة الأخيرة و لمّ أعلمّ حينهـّا كيّف قدّ انقـّل لكّ هذه الأخبـّار خصوصّا لأنّ والدّي يّرفضّ أن
نتقـابل نحن الاثنين
تنهـدّت فـّلور ثمّ مدّت يدّها ناحية مارّي ، أمسكتها الأخيرة بإحكـّام لتقّف و تـّلقي نـظرة أخيرة على
المكـّان ، ابتسمـّت بهـدوء و شدّت على يدّ فـّلور لتبتسمّ هي أيضـّا ، فقــالت ماري بّنبـّرة حـّاولت قدّر
الإمكان جعلها مرحـّة
ـ لا تـّقلق والدّي لقدّ تمّ لمّ شمـّل عـّائلة روبّـرت ، و سّّوف لنّ نفتـّرق أبدّا مهمـّا كانت الأسّباب و مهمـّا
طـّال الـزمـّان ،
صـّرخت فـّلور بّصّخب و هي تـّرفع يدّيهمـّا عـّاليـّا في السمـّاء ،
ـ إلى الأبدّ ،
كـّانت نـّظرات تلكّ المـرأة الصّهباء تـّلاحّقهمـّا باستمـّتاعّ و تـّنظر إلى حّركاتهمـّا الواهية فّي رفّع
معنوياتّ بعضهما بّعضـّا ، صّوتّهما و بـّفعل الريـّاح ينتقـّل إلى مسـّامعهـّا ليطمئنّ قـّلبها أخيـّرا على
ابنتيهـّا ،
ابتسمـّت هي أيضـّا بهدوء و أنـّزلت القـّبعة على رأسهـّا أكثّر لتـّغدوا مـّلامحها غـّير واضحة للعيـّان ثمّ
رّفـّعت مطريتها و غـّادرت المـكـّان ، لّيس للأبدّ لكنّ لأنّ يحينّ الوقت المنـّاسب للغـّفران ،

/

بـّعد مـّرور أّسبوع على وّفاة سيدّ جوناّثان روبـّرت ، كـّانت كلّير تـّجلس فّي مقـّهى عـادي تـّمسك بينّ
يدّيها كوبّ قّهوة تـّركية سـّاخنة و تتأمل المارة بمـّلل منتـظرّة وصـّول آخيها الذي أصّبح في الآونة
الأخيرة من صّعب رؤيته ، حـّين تـّقدم ذلك الشّاب ذو الـّشعر الّبني منهـّا و جلّس بـضجرّ أمامهـّا قـّائلا
ـ ما الأمرّ الطـارئ ؟
نـظرّت إليه كليّر ببـّرود ، لقدّ اتصلت به قـّائلة أنّه يوجدّ شـيء طارئ يجب عليها التحدث معه و هـاهو
الآن يـأتي لّيسـألها ما الأمرّ بـعد مرور أربعة أيامّ ؟ لقد أصبحّ آرثر فعلا مهمـّلا لكنها لم تهتم فـعلا فهذه
هي شخصيته لذلك ردتّ بابتسامة
ـ لقدّ توفي جون روبـّرت
قطبّ آرثر و نـظف أذنها كأنه لم ّيسمع الخـّبر جيـدا ثمّ رمش بـعينيه عدّة مرّات ، هل ذلك الـرجل قدّ
توفي ؟ لكن لطالما رآه بّصحة جيـدةّ ، هـز كـّتفيه بمللّ و أجّابها بـعدم اهتمام
ـ إذنّ ، أتـردين منيّ أن أعزي أبنتيه أم ماذا ؟
هـزت كلير رأسها نّفيا بـّقرف و مجـردّ كرة مصّافحة عائلة روبرت تصّيبها بالغّثيان ثمّ همـّست بـّحدة
ـ أجننت ؟ لا طـّبعا لكنّ بما أنّ ذلك الـعجوز قـدّ توفي أخيرا فـهو عقبةّ قد أزيلت من طـّريقنا و الآن نستـطيع أنّ تعذّب
ابنتيه و نقتلهما و لن يّقول أحدّ شيئا
صمتّ آرثر قليلا متـعجّبا من كـّلير بالـّرغم من أنهّ هو منّ طـّرد من المنـّزل و هوّ منّ حرمّ من النقـودّ و
جميـّع أملاكـّه إلاّ أنه لّيس غـاّضبـّا مثـّلها ، ابتسـمّ بسخـّرية حسنـّا غّضبها يّكفيّ لشخصّين أوّ أكثّر ،
قـّال ببـّرود
ـ إذّن ؟
زمـّت كليّر شّفتيها باستياء منه ثمّ وقفـّت و أنهـّت قّهوتها بّرشفة واحـدةّ لتمسكّ بـحّقيبتها و هي
تـّقول بـّغيضّ
ـ لا تـّهتمّ ، عـندماّ أجدّ خـطّة سـوفّ أعلمكّ
و سـّارت مسـّرعة ، رّفع آرثر كـّتفيه متجـّاهلا إيّاها و نـظرّاته مـّركزة على تـّلك النـّادلة الجـّميلة التّي
تصّب لهّ العـّصير
__________________