عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 12-27-2015, 11:56 AM
oud
 
شـآبتر السـآبع عـّشر
ـ غـّريبة كيّفية الخّلاص ـ


بمغيب الشمس الهادئ و اضمحلال النهار تدريجيا .. شعت ابتسامتها بسعادة غريبة و قد خلى ضميرها من أي تأنيب ،
فـرفعت كـأس النبيذ عاليا بفخر عجيب مقيمة حفلة وداع أخيرة برفقة زوجها لحصـولهما على جميع نفوذ عائلة لبير
العظيم لهما و لوحدهما و فقط لهما بـعد رحيل الشخص الوحيد الذي كان مـعرقلا لهدفهما ، همست إليزابيث بنبرة ساخرة
ـ على الـرغم من أن نايت لم يكن أبدا هـدفي لكن من الجيد ضرب عصفورين بحجر واحد أليس كذلك عـزيزي ؟
رمقته من خلف رموشها الطويلة بنظرتها الجذابة الساحرة و قد شـغلته ملامحها الجميلة عن أي شيء آخر فأومـأ بهدوء
موافقا إياها ، اقترب منها ببطء عندما و فجـأة قد دق باب جناحهما ، فسارعت إليزابيث بدفع النبيذ جانبا و رفع كايل ملفا كان
مرميا بجانبه لكي يتظاهر بقراءته فيجب أن لا يشك أحد بهما ، ليدخل الجد بيتر و علامات الاستفسار قد ملأت وجهه فقال باستنكار
ـ أيـعلم أحدكم أين من المعقول قد يكون نايت ؟ فرئيس الحرس فرانسوا لم يسمح له بمرافقته أتظنون أن مكروها قد أصابه ؟
زفرت إليزابيث بغيض بينما قال كايل مكشرا عن أسنانه و قد ضاق به الكيل من نايت فحتى بـعد موته هو يرفض تركه ، إنه الآن
لشديد السـعادة لقتله ،
ـ و لمـا قـد نـعلم أين يكون ؟ كم مرة أخبرتك أن نايت يعـمل وحيدا و خير دليل هو فصخه لعقدنا مع شركة جونسون بفرنسا دون أن يستشير
أي أحد منا
قطب الجد بأسى ، إن كايل محق فحتى لو كـان الخطأ من طرف شركة جونسون فهو لا يحق له فعل أي شيء بدون استشارته ، أومـأ برأسه
إيجابا و قد بدى متـضايقا فعلا من تصرفات نايت الغير مفهومة ليعود إلى جناحه مفكرا بعمق ، و في حين لحظة خروجه تنهدت إليزابيث بكره
و هي تتحدث بكل برود
ـ كان يجب علينا قتله هو أولا
ضحك كايل بـقوة على عبوس وجهها ، فعلا للأسف فهما لا يستطيعان فعل شيء له فجميع الخدم مخلصون له و هو محاط بحراسه طوال الوقت
لذا قتله لن يكون سهلا لكن ليس مستحيلا فقال بمكر
ـ دعي حادثة نهاية نايت تنتهي كي لا توجه أصابع الاتهام لنا ثم ربما بعد سنة سنقتله أو أقل لنرتاح من وجـوده
وافقته فورا و أخرجت الزجاجة لتضعها على الطاولة بينما شغل كايل مسجل الأغاني فوقفت إليزابيث ليمد كايل يده ناحيتها ، شد أصابعه على
خصرها النحيف بكل رقة في ين وضعت هي رأسها على كتفه و أنغام الأغنية الهادئة تنساب شيئا فشيئا إلى قلوبهما مصاحبة بنشوة الانتصار ،
غـريب كيف طغت هذه الموسيقى على قلوبهم بكل سهولة في حين قتل فرد من أسرتهم لم يجعل عين تدمع أو أسى يلمح حتى لو لفترة بسيطة
من الزمن فـأغلقت إليزابيث عينيها العسليتين ببطء منسـجمة مع خـطواتها السـلسة في الرقص ، حدق بها كايل بهدوء ثم أشاح نظراته إلى
الشـرفة و قد كان وجهه حينها خـاليا من أي تعبير

~.~.~

بـعد أن قـام ويليام أخيـرا بكـتابة أغنيته الموعودةّ ذهب مسـرعا لزيـارة مدير أعماله و لم تستطع رؤيته منذ ذلك الحين ، كـانت تقف أمام شـقة
ماري حاملة المفتاح و عينيها متجهتين إلى حيث يعيش ويليام ، رفعت حاجبها باستغراب و هي تميل رأسها واضعة يدها على قلبها
ـ إنها المرة الأولى التي ينتابني فيها هذا الإحساس ،
فجـأة دخل آرثر المبنى حـاملا أكياسا بين يديه و يضع السماعات في أذنه ، كان يبدوا غـير مباليا فرمقته فلور باستنكار ، أين ذهب كرهها
الشديد له ؟ و ماذا عن مزاجها المتعكر دوما ؟ ثم لما تشعر بخيبة الأمل ؟ .. نـظرت جيدا إلى آرثر الذي تجاهلها كعادته ثم صاحت برعب و هي
تستند على ركبتيها مبعثرة خصلات شعرها الأصهب
ـ يـا إلهي إنني أنتـظره ، لابد أنني جننت بحق
بينما تـوقف آرثر أمامها مستنكرا حركاتها المجنونة ، أخـرج من إحدى الأكياس عـلبة مثـلجات صغيرة و قدمها إلى فـلور ، قـال بـبرود
ـ يبدوا أن زواج أختك القريب قد أثر عليك كثيرا خصوصا و أنت لديك عقدة الأخوة لذلك سـوف أعطيك هذه ،
أمسكت فلور العلبة بصدمة ، إنها نكتها المفضلة فراولة ..عادت تنـظر إليه و هو يضع يده على شعره بقليل من الإحراج و عـزة النفـس،
ـ لا تفهميني خطـأ فـأنا لا أريد أن أكون صديقك أو شيء من هذا القبيل ، أنا فقط أريد أن أكون صفحة جديدة معك
زمت شفتيها بعبوس واضح للعيان لكنها لم تعد العلبة بل أخذتها معها و هي تفتح الباب بـكل عصبية ، صـاحت بـصوت حاد محتقن الغضب
ـ غبي ، لا تظن أنني سـأعجب بك الآن
ثم أغلقت الباب خلفها بكل قوة خيل له أن جميع من في حي سمعها ، بقي يحدق في المكان الذي كانت جالسة به بيـأس ، كانت تبدوا وديعة
و لطيفة جدا أما الآن فقد عـادت فلور الشرسة و العتيدة ، يا ليته لم يعطها العلبة لكان استمع قليلا برؤية ملامحها المضطربة ،
هز كتفيه بعدم اهتمام ثم قـال ببرود
ـ ليس كما لو كـأنني أحبك يـا غبية ، المرة القادمة سـأخبرها أن تعطيني ثمن العلبة المثلجات تلك ناكرة الجميل
إتجه إلى شقته ببطء مفـكرا ، بـعد أن طرده والده صـار يعرف من أصدقائـه الفعليين و الذين يعـادلون الصفر حاليا و صـار يـعلم أيضا مدى
صعوبة العيش ، كيف أن يجني النقود بعرق جبينه ، شغل التلفاز ببرود لتـظهر صـورة رئيس شركة جونسون و نسبة انخفاض أسهمها الضخمة
التي تقدر بالملايين ، ثم كتب بـخط عـريض هجوم من قبل شركة لبير لتـظهر صورة آخرى تخص نايت ، أنف مسلول و شعر كحلي لامع غطى
على معظم ملامحه ، عينين داكنتين حادتين خـطرتين ، في منتهى الجاذبية و بغاية الوسامة ، شـرب آرثر قليل من المياه و هو يقول بسخرية
ـ لا يـزال مصدر الإشـاعات
انسلت لذاكرته لمحة صغيرة ، عنـدما كان بالثانوية في السنة الأخيرة إلتقى بكلا الشـابين كايل و نايت و ويليام، لكن و بالرغم من ذلك كان هم الأربعة
الأكثر شهرة و بالـرغم من أنهم لم يقوموا بمحادثة فعلية مع بعضهم البعض إلا أنهم كانوا يعلمون تماما من يكون الآخر ، كـايل لاعب البيسبول الشهير ذو
صيته الخاص بين النساء ، ابن خالته نايت الذي بالرغم من كونه التحق في السنة الثانية إلا أنه سرعان ما أصبح مشهورا أيضا عـبقري نال الدكتوراه
في الأعمال بسن الخامسة عشر و عاد من بريطانيا فقط بطلب من جده ذلك الوقت ، ويـليام سجل في المدرسة بالسنة الأخيرة كان رفيق نايت المخلص ذو
صـوت مدهش و مظهر جـذاب ،
قطب ببـرود و أمـال رأسه للخلف نـاظرا إلى السقف ، الكل قد صنـع دربه بنفسه إلا هو لما لم يفكر بذلك قبلا ؟ كل كان المال فعلا يعمي عينيه عن الحقيقة ؟
حقيقة أنه اعتمد على والده طوال فترة عيشه ، همس بخفوت
ـ لو أنني درست قليلا لكانت لي شركتي الخاصة
فجـأة رن هاتفه فتنهد بضجر ، إنه يعلم تماما من المتصل فبعد طرد والده له لم يـعد أحد يريده سوى أخته كلير أو والدته ، رفـعه إلى مستوى نظره و قد
صدق حدسه فهاهو إسم كلير و صورتها تعلوا الشاشة بأكملها ، أجاب بصوت بارد
ـ مرحبا ،
بـعد فترة كان يجلسان كلاهما في إحدى المقاهي الموجودة بالحي يشربان قهوتهما بغيض و غبن ، فكلاهما حتى الآن لم يريا ماري و كـأنها تجاهلت
تحذيرهما و هذا يثير غضبهما ، أن يكون المرء بلا نقود أمر صعب فعلا ، تحدث آرثر
ـ آه لقد نسيت أن أخبـرك ، فـلور تعيش بنفس المبنى الذي انتقلت إليه
شهقت كلير برعب و إلتفتت حولها لتنظر إلى ذلك المبنى الذي يقصده آرثر بريبة و قليل من الخـوف ، همست له بـنبرة متوترة مرتبكة
ـ لا تقل أنها لا زالت تـطاردك ؟
أومـأ بالنفي و قد تذكر ويليام جاره أيضـاّ ، فخلال فترة عيشه البسيطة هنا وجد أن و حول هـذين الاثنين شيء غريب فهما يمضيان الكثير من
الوقت معا ، و بمعرفته الجيدة لفلور فهي لا تستطيع أبدا الإنسجام مع الشباب ، هـز رأسه نافيا هذه الأفكار من باله فيجب عليه أن يركز
في كيفية جمع المال بهذه الفترة ، قـال بعمق
ـ ربما يجدر بنا الذهاب إلى نايت و إطلاعه على أسرار خطيبته العـفيفة ؟ لا لن ينفع هذا فذلك الرجل شخص خبيث و شيطان ماكر ما إن نسلمه
ما بحوزتنا حتى ينهي حياتنا
نـظرت إليه كلير بملل شديد و أجـابته
ـ و هـا نحن نعود إلى نفس النقطة ماري ، إنها الهدف الأضعف من بينهم لذا يجدر بنا فقط استدراجها هي فقط هـذا أفضل لكي نحافظ على
أرواحنا و كي لا نعبث مع أفراد لبير ، هم خطيرون بما فيه كفاية
توقفت سيارة سوداء طويلة أمام المقهى لينزل منها ويليام بابتسامته الدائمة ، برفقته رجل يرتدي بذلة سوداء ضخم الجثـة ، نـظر
إليه بهدوء ثم ابتسم مرحبا و هو يتقدم منه
ـ أوه يالها من مصادفة جميلة ، آرثر أليس كذلك ؟
أراد آرثر أن يتجاهله فهو يجذب الكثير من الانتباه كما أنه يثير أعصابه نوعا ما لولا أن كلير قد ضربته في كوعه بعصبية ، فقطب ثم
رسم على شفتيه ابتسامة ساخرة قائلا
ـ مرحبا يا صاح ، لا أراك برفقة فـلور ؟
قهقه ويليام و قد تذكر ملامح فلور العصبية و شتائمها النارية ، ألقى التحية على كلير بينما لا يزال ذلك الرجل واقفا خلفه منتـظرا إنهائه
لحديه فتحدث بنبرة مرحة
ـ لا أظن أنها ستقبل الخروج معي بعد ذلك اليوم ، بالمناسبة من هاته المرأة الجميلة ؟ لما لا تعرفنا عليها ؟
وضع الرجل يده على قميص ويليام من الخلف بـبرود ثم سحبه ليقف على قدميه و قد اتضح في النهاية أنه فـرانسوا ، اليد اليـمنى لنايت ..
إنخفض فرانسوا و تحدث بخفوت مع ويليام لثواني فابتسم الأخير و أشـار عليه بإرتباك
ـ هذا فرانسوا ، إنه ممتع إن أراد ذلك لكن الآن مزاجه معكر بعض الشيء لذلك أرجوا أن تـعذرونا على تطفلنا ، أراك لاحقا آرثر .. آنستي
عاد يتحدث مع فرانسوا بخفوت و سار الاثنين مبتعدين تدريجيا عنهما ، بينما رمقه آرثر بحقد فـهذا المدعو بويليام شخص مثير لريبة ، ما الذي
يفعله برفقة ذلك الرجل ؟ و ماذا عن فلور ؟ فهي لم تكن أبدا نوعه الخاص من النساء ، يبدوا أن هناك شيء يدور حول عائلة روبرت و نايت
أيضا ويليام معني بالأمر لأنه صديقه لكن ما هـذا الشيء الذي يدفع العبقري لتحرك ؟

~.~.~

سـكون فضيـع و هدوء ، تهب نسمات الرياح في كل اتجاه حاملة برفقتها صوت ذلك الأنين الخافت المتـألم الذي يصدر من تلك البقعة
الصغيرة فاقترب بفضول ليرى إمرأة ربما ببداية الأربعينات تبكي و قد وضعت ورودا حمراء شديدة الجمال على ذلك القبر ، فابتسم و
هو يقف بجانبها قـائلا بكل لطف ـ كنت أتساءل متى قد تظهرين سيليا
رفعت سيليا إمرأة في غاية البساطة و بمنتهى الرقة نظرها إلى روي صديقها فيما مضى ، عينين عسليتين زجاجيتين تعكسان مدى ألمها و
شعر بني ناعم مع شفتين ورديتين صغيرتين ، ابتسمت بحزن ثم أجابته بنبرة متحشرجة
ـ هل لي بمكان غيره يا روي ؟
جلس بجانبها مستندا على ركبتيه و وضع هو الأخر ورود بيضاء اللون شديدة الصـفاء ، ثم رسم على وجهه ملامح حزينة وحيدة لتذكره رحيل
صديقه ، تحدث بمرح متـألم
ـ لم يـعلم يوما كيف يبقي أحباءه حوله ، على كل حال ماهية أخبارك سيليا ؟ لم تردني أية رسالة منك
لم تجبه بل اكتفت بصمت موحش و قد أبت شفاهها بقول أنها بخير بعد موته ، كيف تكون بخير و قد رحل حب حياتها عن هذه الدنيا قبل أن تستطيع
عينيها رؤيته ، قبل أن تقول له أنها تحبه للمرة الأخيرة ، فضحك روي فجـأة محاولا سحب هذا الجو التعيس بعيدا عنهما و أكمل حديثه بينما الذكريات
تنهل عليه من جميع الجوانب
ـ أتذكرين يا سيليا يوم راهن الجميع بـأنك و أنت وحدك فقط قادرة على كسب قلب هذا العتيد الغبي ؟
ـ كنت ساذجة حينها ، لم أدرك أن المحبة لا تفرض يـا روي فقد أخبرتكم أنني قادرة على جعله يقع في غرامي لكن أنا من وقعت في عشقه فهيامه
فصار كل شيء بالنسبة لي
هز روي كتفيه فليس بيدهم حيلة ، ثم قال بخفوت
ـ عند أيامه الأخيرة كان لا ينفك لسانه ذكر اسمك فخلته يهذي و لم أفهم أنه و أخيرا قد زرع حبك في قلبه لم تذهب محاولاتك سدى
ـ بعد فوات الأوان بعد أن تحطم كل شيء
تنهد ثم أخرج من جيب سترته البنية هاتفه و وضعه أما سيليا فنظرت إليه مستفسرة ، أمسكه مجددا بغيض و أراها صـورا عـديدة لجوناثان لم
يكن مبتسما في معظمها كذلك فـلور محاولا إبهاجها فابتسمت أخيرا بلطف ، ليتحدث روي بمرح
ـ ألن تسـأليني عن أبنتيك ؟
لم تجبه ، بل لم تستطع إيجاد الشـجاعة لقول نعم لأنه بكل بساطة لم يعد لديها الحق بالسؤال عنهما عندما قررت تركهما في رعاية والدهما ،
عندما قررت ترك جوناثان بالرغم من حبها الكبير له ، هي فقدت القدرة على التدخل في شؤونهما ،
عندما لمح روي ملامحها المترددة شعر بالغضب ، طريقتهما في إظهار حبهما لأبنائهم فعلا غريبة ، فصـاح بنبرة عـالية حادة
ـ سيليا كفي الرثاء عن حالك رجـاء و أنظري إلى ابنتيك و لو قليلا ، انصحيهما .. أخبريهم بمدى حبك لهن ، لا تكتفي بقلق فقط و النظر من
بعد كما لو كـأنك ارتكبت جريمة لا تغتفر ، بحق الله لما أنتم أفراد روبرت بهذا السخف ؟ جوناثان ، فلورا و أنت أيضا ؟
رمشت بدهشة و هي تراقب وجهه المحمر من الغضب و نبرته الحادة ، فلم يسبق لروي أن حدثها بهذه الطريقة إلا عندما قررت الرحيل و ترك
عائلتها ، عـاد يتكلم بعصبية
ـ تبا سيليا لقد حاول جوناثان إيقاف ماري من إرتكاب غلطة عظيمة بحياتها لكنه لم ينجح فهي لا تـزال تسير على خطى مليئة بالأشواك
نظرت إليه بإستغراب مستنكرة قوله ، ماري ؟ أيتحدث عن ماري ؟ طفلتها المطيعة التي دوما ما تنفذ أوامر الغير بدون تردد رفضت الانصياع
لرغبة والدها ؟ لو أنه قال فلور لكان الأمر معقولا لكن ماري ؟ قـالت بـتوتر
ـ ما الذي تتحدث عنه ؟
رمقها بأسى ، إن كانت بهذا القلق فلما لا تزورهما ؟ فتحدث بنبرة هادئة خافتة
ـ ماري سوف تتزوج من نايت لبير ، إبن سكارليت
فتحت عينيها على أقصى اتساعهما و وقفت بصدمة ، ماري سوف تتزوج من ابن سكارليت ؟ بينما أخذ روي هاتفه الذي قد سقط على الأرض
ثم استدار راحلا قـائلا ببرود
ـ لقد فات الآوان بنسبة لك أيضا لإنقـاذها ، ابنتكما و إبنها قد اجتمعا في النهاية فما الذي أنت قادرة على فعله الآن ؟

~.~.~

كان موعد عودة فلور من عملها فهاهي ترتقي السلالم بتعب حاملة بين يديها كيسا من مـأكولات جاهزة التحضير و شيكولاته لأختها الصغرى فلابد
أنها قد عـادت ، أخرجت المفتاح من حقيبتها البنية و رفعت عينيها لتـجد ذلك الشاب الذي يقف على مقربة منها ، ذو شعر بني تتخلله خصلات رمادية
حاملا غيتارا ، أمالت فلور رأسها قليلا بإستغراب ثم قـالت بإستغراب
ـ أتبحث عن ويليام يا سيد ؟
نظر إليها أوسكار بعينين ساخرتين رامقا إياها من أسفل قدميها إلى أعلى رأسها فنبرتها و ملابسها لا توحي أبدا بـأنها قد تكون من رفيقات ويليام
العديدات فهل أصبح ذوقه في النساء منعدما أم ماذا ؟ أجابها بنبرة متعالية مغرورة
ـ و أيعقل أنك تعلمين أين يكون يـا .. آنسة ؟
زمت فلور شفتيها بإنزعاج لقد ظنت أنه سيكون مثل ويليام لبقا في التعامل و لطيفا لكن مما يبدوا فهو مغـرور و لو علمت بكبريائه لما تجرأت بالحديث معه
، لذلك رفعت حاجبها باستنكار و هي تضع كلتا يديها على خصرها بجرأة و تحدي ، قـالت بلهجة حادة
ـ أجل أنا جارته فلورا روبرت ، ماذا بك ترمقني باستصغار هكذا كـأنني لم أنل إعجابك لأنني لم أطلبه في الحقيقة
شحب وجه أوسكار من الصدمة و انفلت من لسانه ما بدى كشتيمة من الدرجة الأولى مما جعل فلور تدهش من ألفاظه فرفعت أكمامها بقليل من
الاستعداد و هي تقول بنبرة غاضبة
ـ ويليام مشغول خلال هذه الفترة و قد لا يكون قادرا على مقابلتك لذا أترك له ملاحظة على ورقة و إرمها من أسفل الباب يا أحمق
تلعثم للحظات غير قادر على إيجاد شيء يصف به هذه المـرأة ، إنها كالمدفع .. ترمي ما بجعبتها دون أي إهتمام للآخرين ، حين استعاد هدوءه تحدث
ـ لست أنا من يحدد مواعيد للقاء الناس بل العكس تماما ،على آية حـال أخبريه أن مدير قد رفـض فصل العقد و أيضا أغنيته ، أخبريه أيضا أنني أنا
شخصيا أوسكار قد أتيت للعمل معه على ألبومنا الجديد
شهقت فلور بصدمة و سارعت برمي كيسها أرضا لتمسك أوسكار من ياقته بـعنف ، صـاحت بغضب
ـ لما ؟ إنها أغنية جيدة و كلمات من أفضل ما يكون كما أنها تمس القلب قبل الأذن فلما لم يقبلها مدير ؟
نزع قميصه من بين يديها بحدة و إستدار مغادرا بينما بقيت هي واقفة بدهشة فيّ مكانها غير قادرة على تصديق أنهم رفضوا أغنية ويليام ، لما ؟
لما بالرغم من أنها كانت رائعة ؟ أليس هذا ظلما ؟ ماذا عن ويليام ؟ لقد كان سعيدا جدا بإنهائه إياها بعد شهور من التعب و العمل ، لقد كان سـعيدا

~.~.~

كان منظرهما يجذب الانتباه ، رجلين طويلا القامة أحدهم شديد الجاذبية و الآخر شديد الضخـامة حيث بدا على كلاهما الجدية و التصميم ، في تلك
الطـاولة المعزولة بذلك المـطعم الهـادئ ، تحدث فـرانسوا بنبرة رخيمة عملية للغاية
ـ أعذرني على طلب رؤيتك المفاجئ هـكذا سيد دويل ،
أومـأ ويليام بهدوء ،الجميع يعلم أنه هو صديق نايت الوحيد و عاداه فلا أحد يهتم بـه إذ أن نايت ليس بذلك الشخص المحبوب لا من قبل أفراد أسرته
أو زمـلائه في العمل فـقال هو أيضا بملامح جدية خـالية من أية تعبير
ـ أخبرني فرانسوا ، ماهو الـظرف الطارئ الذي استدعى رؤيتي فـقد بدأت تثير الرعب بي
تنهد فرانسوا بألم و أخرج من حقيبته صورا ثم نشرها بكل ترتيب على الطاولة حسب التوقيت الظاهر أسفل كل صورة ، وضع أصبعه على صورة
محددة ليرى ويليام سيارة سوداء مضللة مركونة في أسفل المبنى و التاريخ يشير إلى البارحة ، قطب حاجبيه بعدم استيعاب و قال
ـ ما الأمر ؟
أمسك فرانسوا صورة أخرى لنايت و ماري كلاهما يقفان أمام سيارته و تبدوا على ماري ملامح الإستياء بينما توجد آثار لتلك السيارة خلفهما ،
همس بهدوء مخيف
ـ لآن سيد نايت يرفض أن نتـدخل نحن الحرس في خصوصيته فـأنا قد وضعت جهاز تعقب بهاتفه دون علمه و ذلك لكثرة أعدائه
شهق ويليام بذعر ، لو أن نايت يعلم أن تحركاته مراقبة من قبل فرانسوا لسوف يقوم بعدمه دون تردد غير آبه بأسبابه حتى لو كـانت لصالحه ،
لكن هذا ليس مهما الآن فـأشار له أن يكمل حديثه بينما هو يربط الخيوط ببعضها البعض
ـ قبل يومين بحدود الساعة السابعة و النصف مساءا انقطعت الإشارة فحاولت الإتصال بسيدي لكنه لم يجب و بحثت عنه في كل مكان اعتاد الذهاب
إليه و لم أجده و قد كان آملي الوحيد أن يكون برفقتك لكن
شحب وجه ويليام و وضع يده على رأسه غير مصدق لما يحدث من حوله و قد اتضحت أخيرا الأحداث ، لقد كان مشـغولا جدا بـأغنيته الجديدة و لم
يـعطي نايت أي أهمية فقد أتى له ليتحدث معه لكنه طرده ، لكن أن يصل الأمر لمؤامرة تحاك لقتله ؟ أهذا معقول ؟ فـأكمل فرانسوا بتردد
ـ بـعد أن عجزت عن إيجاده قررت القيام ببحث صغير فالتقطت هذه الصور عبر القمر الصناعي و وجدت أن هـذه السيارة كانت تتبع سيدي بخفاء ،
لا أعلم فعلا كيف لم يلحظها بالرغم من أنه يدقق في أصغر الأمور
زّفر وّيليامّ بـّغيّض ثمّ قـّال بكّل غّضب
ـ سحقا ، أنه ذنبي فلم يكن علي أبدا أن أجبره على الخـروج مادام بتلك الحالة ، تبا و الآن كيف نجده ؟ لما تنفك أشياء كهذه تحدث له ؟
هل من المعقول أنه قد اختطف ؟
ظهر توتر على وجه فرانسوا و قد كان ذلك واضحا من خلال نظراته التي تتجول في الأرجاء دون أن تركز على شيء ، قـال بتردد
ـ أنا فعلا لا أظن أن أحدا سيجرؤ على اختطاف نايت فالعالم أجمعه يعلم أن نايت وحيد نفسه و لن يتهم أحد بحياته أو بموته لكن جميع
شكوكي تدور بإتجاه شركة جونسون أظنهم يحاولون الإنتقام أو رد دين لما فعله لهم سيدي
جمع ويليام تلك الصـور و وضعهما بملفها الخاص ثم قال بهدوء متمالكا أعصابه ،
ـ فـرانسوا نحن وحيدين فـي هـذا لذلك حـاول تغطية على نايت و إن سـألك أي أحد عنه قل أنه بـرفقتي و دعنا نبحث عنه و عن ماري
وقّف فـرانسوا ثمّ انحنى بّلبّاقة و غـّادّر بينمّا بقى ويّليامّ هنـاكّ تـّراوده أفكـّار سّوداءّ و موحّشة عنّ فقدّان صدّيقه الوحيدّ و خطّيبته

،،،
__________________