عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 12-28-2015, 11:23 AM
oud
 
حـــــــّب حـّلو مـّر المـذّاق

حاولت عبثّا حاولت و رغما عني اجتهدت لكي أعلم لما قد ثبّت حبه في قلبّي كسيران الدمّاء فيّ عروقي ، و لما صـّارت كل نبضة تهمس بإسمه خفية
، و لما قد نبتت بذور العـواطف فيّ صدري ، لما أحببت شخصّا قاسيّا مثله ؟ مهما اقتربت أبعدني عنه مـائة خطوة للخلفّ كـأنه ابتلاء .. مصيبة حلوةّ
مرة المـذاقّ و هل يوجد طعم بمثل هـذه الصفات ؟
فتحت عينيها الـواسعتين بجهد ، رائحة الدواء المعقم و ذراعها مـزينةّ بأنبوب يّصل إلى دمهاّ كي يزودّها بالتغذية الملائمة ، مـرتدية فـستاناّ أزرق
اللون خفيف على جسدهاّ النحيل .. جلست بتعب و نـظرت حولهاّ بالرغم من أن المكان يشبه المستشفى لكنّه ليس كذلك على الإطلاق ، إذن أين هي ؟
نـزعتّ المصل بقوة و وقفت فأصابها الدوران لتعود كي تجلس على السرير بقلة حيـلة ، حين فتح باب الغـرفة و دخلت فلور بابتسامتها السعيدة ،
سـآرعت لاحتضانها بينما ماري ساكنة بلا حراك ، كلام فـلور يبدوا مبهما و الصورة مشوشة فلا ترى شيئا سوى الجدران المتمايلة همست بنبرة خـافته
قلقة متعـبة و بكلمات متلاحقة
ـ هل .. نايت ؟ بـ .. بـخير ؟
حالما انتهت من جملتها أنضم إليهما كلا من ويليام و نايت ، فـنـظرت إلى حضنها بهدوء يبدوا أن كل شيء بخير الآن ، فعـادت تغلق عينيها مجددا
ليغمى عليها .. أمسكتها فلور و وعدلت من وضعية الوسادة ثم غطتها جيدا ، بينما لم يصدقّ نايت أنها قد انهارت فقد بدتّ قوية جدا خلال بحثها عن
النـجدة أو عبر منعه من مغـادرة المستشفى ، تـقدم منها بخطوات متـرددة ثم أمسك بيده المضمدة البـاردة يدهاّ الدافئة ، شدّ عليها بقوة عندما تحدثت
فلور بقلق
ـ ما الذي حدث بالضبط نايت ؟ أنا لا أفهم شيئا ..
راحت أحداث الحـادث تعاد في ذاكرته مرارا و تكـرارا قبل أن يبتسم بكل استهزاء و سخرية ، لقد حـاولوا قتله هـذا ما جرى ، إنه لفي غاية الشـوق
لمعرفة هوية القاتل الذي تجـرأ على وضع شبـاكه عليه هو ، جلس في الكرسيّ الذي بجانب ماري و قال بشرود بينما عينيه الداكنتين مصوبتان نحوها
ـ ويليام ، نادّ فرانسوا فورا
أومـأ بالإيجاب و سـارع لمنـاداته ، خلال لحـظات كان يقف أمامه بكل إحترام .. ابتسم نايت ببرود و قد احتدت عينيه بشكل مخيف أكثر من المعـتاد ،
همس بنبرة مبحوحة ماكرة
ـ قلّ ما بجّعبتك فرانسوا
ـ سيدّي ، لقدّ علمنا من مصادر موثوقة أن رئيس شركة جونسون لم يغادر فرنسا قط كما أن السيارة التي قامت بالاصطدام بك تم شراءها من سـوق
العام قبل أسبوع من الحـادثة و السائق لم يعثر عليه بعدّ ، لذا سيدي لقد أبعدنا احتمالية رئيس جونسون و لم يبقى أمامنا سوى ..
ثم صمت على مضض ، وقفت فلورا بإنزعاج و غادرت الغرفة عندما علمت أنها المعنية الوحيدة التي لا يجب عليها سماع بقية الحـديث ، عند خروجها
أكمل فـرانسوا كلامه ببرود
ـ سيدي ، بقي أمامنا احتمالات عدة تستهدفك بشـأن اقتراب زفافك منهم راسكلانكوف و شركات التي تبعت جونسون و سقطت معها ، إنهم حوالي تسعة
أو عشرة شركات ليست بذلك الثـراء لكن لها مبلغا محترما و أسهما أيضا .. سيد كايل آل لبير
زفّر ويّليام بـّغيض ، و هل يمتلك ناّيت أصدقاءا ؟ بينمـّا ابتسمّ هو بّسخرية و نظـّر إلى مـّاري ، قــّال بـبرودّ
ـ كون السيارة قد اشترت قبل أسبوع من الحادثة يجعلني غير معني ، فأنا كنت في فرنسا و موعد عودتي كان مجهولا كما أن شركات لن تخاطر بخسارة
سمعتها إلى جانب أموالها لذا استبعدهم جميـعا ، الشخص الوحيد الذي كان يخطط لقتله في ذلك اليوم هو ماري ، لذا أريد منك أن تتحقق من تحركات
السيارة قبل الحادثة فلابد أنه كان يراقبها منذ مدة ، صمت للحـظات و همس بنبرة حـاقدة مبحـوحة كاتمـاّ غضبه الجامح
ـ أيضـّا .. فـرانسوا حـاول جلب ذلك السـافل لي في أسرع وقت ممكن
أومـأ فرانسوا بالإيجاب و غـادر مسرعا في حين ابتسم ويليام بهدوء ، أجل هذا هو نايت الانتقام يسري كالدم في عروقه و لن يرتاح له جفن إلا
بجلب ذلك الرجل حيا يرزق له ، تنهد و قد تذكر شيئا مهما قد أغفله طوال هـذه المدة .. لم يبقى الكثير لموعد الزفاف ، كم هذا مرهق ، حالما رأت
فلور فرانسوا مغادرا كـادت أن تـهم بالدخول للاطمئنان على أختها لولا سماعها لصـوت ويليام المتحدث
ـ ماهو رأيك نايت ؟ أخبرني بصراحة فـأنا أظن أنك تعلم تماما من خلف هـذه الحـادثة
صّمت نايتّ و لمّ يّقل شيئّا ، لّيس قّبل أن تتأكد شكوكه فـعادّ بعّينيه يجّول حولّ مـّاريّ و تنهدّ بـهدوء ، يبدوا أنهّ اكتسّب نقطـّة ضـّعف أكثر مما هي
نقطة قوة .. شدّ على قّبضته بكلّ قوة ، عندما لمحـه ويليامّ ليهمس له قـائلا بلطف
ـ نايت ، لم يكن خطـأك ..
التفت إليه نايت بعينين باهتتين و ملامح خالية من أي تعبير قد تّساقطت خصّلات من شعره الأسود على جبهته مـانعة ويليام من معرفة أفكاره لكنه
آكمل حديثه بنبرة أشد ليونة
ـ نايت ، لم يكن بوسعك فعل أي شيء لذا أنا واثق أن ماري لن تلومك ،
رمقه ويليام بأسى ، كم يكره نـظراته الخـالية من معاني الحياة كـأنه لا يملك حقا في العيش تمعن النظر ناحيته ليرى إمساكه المحكمّ ليد ماري ،
تنهد بغيض و همس بصوت خافت
ـ أبله

/

بـعدّ مرورّ يّوم آخر كـّان قدّ آتى موعدّ الـزفّاف فـأصّبح الخدمّ فّي ضجة عـّارمةّ يحّاولونّ تصليّح كلّ شيء و جـّعل المكـّان مثّاليّا حسّب أوامـّر
ويّليامّ أمـّا فـّرانسوا فكّان بـّرفقة نايتّ الذّي لمّ يـظهرّ للعـّيان أبدّا ، يحـّاولونّ الـحصّول على بـّضعة إجابات غّير مبّالي بزّفافه ، مـّاريّ تـّجّرب
فستانّها الأبّيضّ و فـّلور بجـّانبهـّا ، إليزابيّث و كاّيل يتساءلان عنّ هذه الجّلبة التّي يقومّ بها وّيليام و قدّ أصابهما الشكّ في موتّ مارّي و نايتّ ،
آرثّر قدّ بدأّ فيّ الخوّف منّ تجاهل مـّاري لطّلباتهّ فأخذّ يحـّاول تدّبير لقّاء معهـّا مهمّا كلفه الأمرّ

/

فّي سـّاعة حـادّية عشـّر ، كانّ نايّ قدّ ارتدى بذّلتهّ الرسميةّ السودّاء بكّل إهمـّال تـّاركّا ربطّة عنّقه و قدّ غـّادره ذّلك الشحوبّ بينمّا لمـّعت عينيهّ
بخـطّر محدّق و زيّن فمـّه بإبتسامة سّاخرةّ لا تنبـأ بخيّر ، أنفهّ المسلول و شـّعره ألكحلي الحرّيري المنسـدّل على جّبهتهّ قدّ رّفعه هـذّه المـّرة
بتصفيفه أكّثر عصّرّية ،
دّخلّ إلى القـّصر بجـّانبه ويّليامّ و قدّ كـّان الاثنينّ يتنافسانّ فيّ الجاذّبية ، بّشعره الأشّقر المـّرفوعّ و بدّلتهّ الـمرتبة بـّعنايةّ ، خّلفهماّ فـرانسوّا
بـّرفقتهّ رجـّاله و همّ يسيّرونّ قدّ أثاروا الضجة من حـّولهمّ بينمـاّ بدأ الضّيوف بالوصـّول ،
حيّن لمحـّه كـّايلّ ، سقطّ كـأس النبيذّ الذّي يمسـّكه من الدّهشة ، أهـذّا فـّعلا نـّايت ؟ إنهّ بالكـّاد قد أصيب بـخدّش ؟ ما الذي يـّعنيه هـذّا بحّق الجحيمّ ؟
ألمّ يّرسل الرجّل لهمّا صـّور للحادثة مرفقة بفيديو لكيفية سقوط تلك السيارة اللعينة من أعلى الجرف ؟ أمسكّ قبّضته بإحكـّام لمـّا اقترب منهّ نـّايت ،
تـّبـّادلا النـظّرات ، و لو أنّ النـظرة تـّقتل لكـّناّ كّلاهمـّا ميتينّ عندّما أتت إليزابيّث من الخـّلف بحّلتها الـّبهية فسّتانّ أحمـّر جميـّل يّظهر تناّسق جسدها
كعـّارضة أزيّاء مشـهورة و شعـّرها مـّرفوع على شكّل ذّيل حصّان ، رأتهّ فاتسعتّ عينيهاّ و شّحب وجههّا لتـزدادّ ابتسامة نايتّ اتسـّاعّا ، قـّال بـبرودّ
ـ ألاّ توجدّ تحيةّ أو تهنئة ؟
حيّنها ارتبكّت إليزابيّث ثمّ تقدّمت منهّ و احتضنتهّ بخفّة لتعودّ مكانهـّا بينمّا كّشر كـّايّل و تجّاهله مغـّادر باتجاه أصدّقاءه فقّالت بلطّف
ـ عـذّرا ، تّعلم جميـّعا أننّا معـّارضونّ لهـذّا الزّفافّ و تـّقديمّ تهنئة لهو أمرّ صـّعب جدّا عندماّ لا تـّكون صـادّقا بمشـّاعّرك ، لكنّ على كلّ حـّال
أنّا أتمنى لكّ السـّعادة من أعمـّاقّ أعمـّاق قّلبيّ
نـظّر نايتّ حـّوله مستخفّا بـأقوالهّا و عندّ انتهاءها من الحـدّيث ، وجهّ عينيه الداكنتينّ نحوهاّ وردّ عليهّا بسخّرية بينمّا وّيليامّ يكّتم ضحكته
ـ لا أعـّلم ماذا أقولّ لقدّ جـّعلتنيّ عاجـزاّ عن التعبيّر بكّلامكّ المنـّمقّ هـذّا ، شكـّرا على المحّاولة
كـادّ أن يرحّل لولا أنهاّ أمسكته منّ معصمه ، نـظّرت إليّه برجّاء رجـّاء أنّ لا يجـرحّ مشـّاعرها بردودهّ الحـّارقة ثمّ اقتربت منهّ أكثٍّر لتهمسّ قـّائلة بـّرقة
ـ هلّ أنتّ حقا تحّّبها نـّايت ؟ لأننيّ أعّرفكّ جيدّا ، أعّرفكّ عندمـّا كنـّت ذلكّ الشّاب المحبّ الذّي يطـّير بـجّناحيه إلى سماء المحبّة و الآن بـرؤيتكّ هكـذّا
أجدّك مـجردّا من الأحّاسيسّ فـمن الصـّعب علينّا فـّعلا التصدّيق بـأنكّ تحبها
ابتسمّ ساخّرا و قدّ نـظّر إليها فيّ عينيها مختـّرقّا صميمّ قّلبها ، ثمّ رّفع يدّه بهدوء و سحّب ذّراعهّا ليّقول بكلّ بـرودّ و قسوة
ـ بمجردّ أنكّ تّعرفينني منذ سنينّ هـذّا لا يعنّي أنكّ تّعرفينني جيدّا إليزابيُّث و إنّ كنتّ لا تّعلمين فـأنّا لّست ذّلك الشخّص الذّي يّغيره الحّب ،
و رحّل مسّرعاّ بينمّا ذّهب خّلفه فـرانسوا ، فـّرمق ويّليام إليزابيّث بّسخرية دوماّ ما تكونّ هكذّا ، فانحنى بـخفّة و لبّاقة ليّرفع رأسه و يتحدّث
ـ دّعي هذاّ اليومّ يمّر بسـّلام ، منّ فضّلكّ
ثمّ ابتسمّ بكلّ جـّاذبية أثارت معظمّ فتيات القـاّعة ، بينماّ أمسكّت إليزابيثّ أعصابهاّ بكلّ غّضب و هيّ تـّرمقهّ بنـظّراتّ لا خيّر منهاّ ، لوّ بيدّها
لقّتلته منذّ أمدّ لكنّ لنّ تستفيدّ شيئا سوى تلطّيخ يدّها بدمائه القذرة

/

فّي حيّن أنّ مـّاريّ ترتدّي فّستان كـأنهّ سحّابة بيّّضاء يدّاعبها لمـّعانّ عينيهّا المنـّيرتينّ و أشـّعة الشمّس بشّكل حوّرية ، رّفعّت شّعرها على
شكـّل وردّة بسيطّة و تـّركتّ بّضعة خّصلاتّ منسدّلة على وجههاّ ، تجّلس بهدوء على الكرسيّ و على فمها الوردي ابتسامة مرتبكة
في حّين أن فـّلور تّقف أمامهّا بثّوبها الأزرّق المخّمليّ و قدّ تركّت شعرها منسدّلا على ظهرهـّا و بـالرغم من أنهاّ وعدّت نفسها على أن
تسّاندّ ماّري في جميـعّ خطواتهاّ ، وجدّت أنهّا عـّاجزة على الابتسـّام أو إدّخاّل ذّرة سـّعادة إلى قّلبها
إنهـّا تسلمّ أختهّا الصـّغرى الوحيدّ مـرهفةّ الإحساس و ضّعيفةّ القـّرارات إنهّا بالنّسبة لهاّ مخّلوقة طـّاهرةّ لمّ يدّنس حّضورها سوىّ وجودّ الحّول
منّ غيّرها و محاّولتهمّ التأثير بهاّ ، إلىّ نايتّ ذلّك الرجّل القّاسي ، الذّي يّحنوا الـّرقّاب و تنقّبضّ الأنفّاس منّ وجودّه بنفّس البّقعة معّ غّيره ،
إنهّ شيطّان مّتشكل بهيئة إنسّان وضـّعت سيدة فرانّسيس يدّها على رأسّ مـّاري متمنيةّ الحظّ الوفّير لهاّ فيّ حيّاتها القادمةّ ، عندّما رنّ جرّس
الشّقة فـقّالت فلور ببرودّ
ـ لابدّ أنهمّ قد آتوا لأخذّناّ ،
فتحّته على مصّراعيه و نـّظرت إلى القادّم كـّان فرانسوا شخصّيا بعدّ أن أوصّاه نايتّ على إتباع جميعّ خطوات ماريّ و حّراستها بحياته ، تقدّم
و خلّفه العديدّ من الرجـّال عند رؤيته لماري انحنى بكلّ لباقة و قّال
ـ سيدّتي لقدّ حان الوقتّ لأخذكّ إن كنتّ تسمحينّ ،
ـ حسنا انتظر لحظة فقطّ
ركّضت بّفستانهـّا ناحيةّ غرفتهاّ فلمّ تجدّ شيئا لتـأخذهّ ، زفّرت بغّيض نايتّ اشترى جميـّع المّلابسّ و الأشّياء كّل ما عليها فعله هو الذهاّب ،
لكنّ أفعلا لا يوجدّ شيء قّيم لدّيها ؟ ذّهبت إلى ثّلاجتهاّ و فتحتهّا فلمّ تجدّ حلويّات ويّليام اللذيذةّ لذّا عادّت مجددّا أمام فـرانسوا و قـّالت باهتمام
ـ هـذّه هي المرة الأولى التي أراكّ فيها، مـّا اسمك ؟
تنهدّت فلورا ، إنهاّ تحاوّل تـأخيّر موعدّ ذهابها فـأشارّت فلورا عليه ببرودّ قـّائلة
ـ هذّا فرانسوا قائدّ ساّبق في البحّرية و رئيسّ الحّراسّ كماّ أنهّ المساعدّ الأيمنّ لخطّيبكّ المـزعّوم ، لقدّ سّبق و سـألتّ ويّليام عنه لذّا هيا لنرحّل
و ندّع هذا الزفّاف اللّعين ينتهي بحّق السماّء ، نـّظر إليها الجميّع و هي تحمّل حقيبتها بـعّصبية و تغّادر أولاّ فابتسمتّ سيدة فرانسيسّ و تـّبعتها
بينماّ قـطّّبت مـّاري و ركّضتّ خلفهمّا قّائلة باستياء
ـ لحظـّة، ألستنّ تنسينّ شيئا ؟ ماذا عنّ مشهد البكاّء ؟ انتظرا لحظة .. أريد أن أذرف دموعا
ابتسمّ فرانسوا بخفوتّ و أشّار لرجـّالهمّ بأنّ يسيّروا أمام و خلف بجانب ماري ، أغّلـقوا بـّاب الشـّقة و اتجهوا إلى تلكّ السّياراتّ المركونّة خـّارجاّ ،
أّربعة أحدّهاّ لعروسّ و أفّرادّ عائلتها بينمّا الآخرينّ لحّراستها و لمّ يـخلوا الشـّارع من المصّورينّ المتـطّفلينّ الذّينّ يحاولونّ التـقاطّ صورا لمكانّ
عيشّ مـّاري و إلى أينّ سوفّ تعيّش الآن في أكـناّف عـاّئلة مشبعة الثـّراء
لمّ يسمّح لهمّ فرانسوا بأخذّ الصـّور و كذّلك فـّلور فقدّ وّقفتّ أمامّ ماّري مغّطية إيّاها بالكّامل و تنـظرّ إليهم بمتغاض ، بينمـّا ماّري لمّ تبدوا مّبـاليةّ أبدّا
جّلست فّي مقعدّ المّخصص لهاّ و بجانبهاّ كلا من سيدّة جورجّيا و فـلورّا ، حيّن انطّلق موكّبها

/

جّلس المدعونّ على الطنافس الحريرية و الكراسي المخملية ؛ حتـى غصتّ تلك القاعةّ الواسعةّ بـأشكّال النـّاس و سـعّى الخدمّ بـأنيّات الحلوّى
و الشّراب فتصّاعدّت رناتّ الكـؤوس المتهافتة معّ هتافّ الغبطةّ ليّأتي الموسّيقيونّ و يّسلبونّ الأنفّس بـأنغامهمّ السحّرية و يبطـّنونّ الصدّور
بـألحـّانهمّ الشجّية المنسوجـّة معّ أوتـّار النـّاي و همسـّات الكمـّان يتـرأسهمّ ويّليامّ بـأّصابعهّ التيّ تترّاقّص بكـّل عـّفوان و قدّ أصبحّت فيّ عـّالمهاّ
الخاّص صّانعا موسّيقى آسرة تخطّف الأفكـّار فّالعـقولّ منّ ذلكّ البّيانو
حيّن فتحّت البواّبة و قدّ دّخلت مـّاريّ ببسـاطّتها قدّ أشـعّلت تلكّ القـّاعة صمتـّا و دّهشة ، شّفتيها المبتسمّتين و وجّنتيها المتـّوردّتين ، فّستانهاّ
الأبّيض الحّريري المنسدّل على جسمهّا كالحـّورية تمـّاماّ و رموشّها الطـّويلةّ معّ عينيهّا اللامـعّتين بـّرغبةّ فيّ الحّياة ، يـّرافقّها العمّ رويّ
و خّلفهمّا فـّلور التيّ قدّ بدأتّ تتّقبلّ الأمرّ تدّريجيّا عندماّ علمتّ أن كلّ ما ّيهم هوّ سـّعادة أختهاّ ماري و سـّعادتها تكمّن فيّ كونهاّ بجانب نأيت
فّي نهــّاية ذّلك البلاطّ كّان يّقف نـّايتّ بجـاذّبيته المعـّتادة منتـظّرا إياهاّ ، أغلق عينيه لبرهة محاولا أخذ قسط من الـراحة عندما شّعر بجسده يفقد
توازنه سارع ويليام في إسناد صديقه العـزيز بـعد أن ترك الموسيقى و قد ظهرت عليه تعـابير القلق بينما هذه الحركة لم تستطعّ أن تخفى من خلف
عينين كايل الحادتين ، و قد كانا كلا من ويليام و كايل واقفين بجانب نايت بصفتهما اشبينه و صديقه
اقـّتربّ العمّ رويّ و سلمّ يدّ مـّاريّ إلى نـّايت بكلّ استياء منّ مصيّرها لكنهّ أجّبر نفسه على الابتسـامّ ، ثمّ عـّاد أدّراجهّ إلى حيّث تجّلس سيدّة فّرانسيّس
بدموعهاّ الحّزينة و بّولّ ، خّلفهما السيدّ بـّاولو سيدّ المـطّعم و سيّليا بالـرغمّ من أنهاّ لمّ تكنّ تملكّ دعوةّ لكنّ تمكنّ رويّ من إدخاّلها بطّريقةّ مـّا
، فيّ الجـّهة الآخرى ، يجـّلس الجدّ بيتر بجــّانبهّ صدّيقه و إبنهّ تومّاس و كـّليّر أيّضا مّع آرّثر بّرفقة صدّيقته الجديدّة عـّارضة أزّياءّ على صّلة بإليزاّبيثّ
، و سيدّة ليكّسي أيّضا فكـّان الفـّرق واضحـّا فّي الطـّبقة الاجّتمـّاعيةّ ـ
وقّفتّ فـلوّر جاّنبا إلى جّنب معّ إليـزاّبيثّ ، فّي حينّ انحنى نـّايت بخـّفة و قـّبلّ مـّاري على خدّها ، ابتـّسمتّ له فـأشّار ويّليام لرجّل بـأنّ يبدأ كـّلامهّ ،
يقـرأ نذورّ الزواجّ لمّ تّسمـّع مـّاريّ منّه شيـّئا إلى حينّ لفظّ رجّل فأجّفلت و نـظّرت إليهّ بـتوترّ
ـ قبّل أنّ يتمّ هـذّا الـزواجّ إن كـّان هنـاكّ معّترضّ فليّقل أو ليّصمت إلى الأبدّ
نـّظر الكّل إلى أنفسهمّ لكنّ لم يتجـرأ أحدّ بّقول كلمهّ ، ليّس كـّايلّ و لّيس إليزاّبيثّ ، لا فّلورا و لا حـّتى آرثر أو كلّير ، لا رويّ فلمّ يكنّ أحدّ منهمّ موافقّا
لكنّ معظمهمّ صـّامتّ لأجلّ ماّري و الآخـّر لأن ليّس بيده فّعل شيء ، حيّن وقفت سيدّة سيليا فجـأة بقوة مصدّرة ضجيجاّ في القـاعة ،
استدارت ماري ناحيتهاّ كذلكّ نايت و قدّ رمقهاّ بنظرة بـّاردة خـطيّرة ، كـّانت تـّرتديّ فستاناّ أسودّا يّزيد من جمـّال بّشرتهاّ البيضّاء و رفّعت شعرّها
البنيّ للأعلىّ بّكل أناقّة ، همستّ بّصوت قـّوي شديدّ الـّوضوحّ
ـ أنـّا أعتّرض على هـذاّ الـزواجّ بـأكمله
فتحتّ فلور عينيهاّ على وسعهماّ بصدّمة و قد استطـّاعتّ آخرا آن تـّميز صّاحبة هـذا الحّضور القـّوي و تـّلك النبـّرة الصـّارمة بينماّ سـّارع رويّ
بالّوقوف راكضّا ناحيّتها محـّاولا منعّها ، تحدثت فـلور بـدهشة
ـ مـاري ، أترينّ ما أراه الآن ؟ أهي فعلا من أظنها تكون ؟
فيّ حين قـّطبت ماري حاّجبيها باستنكـارّ ، بينماّ وقفّ الجـد آمرا جميـع الحـّرس بمنعّ أي صحافي من الدخول و التـواجد بهذه القـاعة ، ابتسمت إليزابيث
بـخبثّ و مـكر أخيرا سيتقدم آحدهم لمنـع هـذه المسرحية السخيفة ، قـالت سيليا بصوت عالي غـاضب
ـ أنا يـا ماري روبرت أمنعك من الإرتبـاط بـهذا الـرجل من عـائلة لبير و لن أسمح لك بإتمام هذا الـزواج بأي ثمن
بدأ الحـضور بتـساؤل عن هوية تلك المـرأة المـجهولة و أثير الضجيج فيّ كل مكان لذا تـقدم نايت بكل برود نـازلا من المنصـة متجها نحـوها
كذلك فـعلت فـلور و برفقتها ويليام ، إتجه الثـلاثة ناحيتها و عند وصولهماّ إنحنى ويليام بكل لباقة و قـال بصوت شديد التهذيب
ـ سيدتي أرجوا منك القـدوم معنا إلى غـرفة لنتحدث بـشكل خاص أكثر ،
نـظرت إليه سيليا بإحتقار ثم رمقت نايت بكل غضب و استدارت بـرفقتهم ، تبعهم الجـد و من خلفه عـائلة لبير بـأكملها كـذلك سيد روي
فـلم يبقى سوى ماري الممسكة بـباقة الـورد ناظرة إلى الحـضور ،
كيف لأمها أن تتجـرأ بقول هـذا أمام المـلأ ؟ ألا تـدرك أن بإمكان هفوة واحدة فقط أن تـجعل نايت
مكانته في الـشركة ؟ و الأهم لما الجميع يتدخل في شؤونها الخاصة ؟ إنها هي من سوف تتزوج و
ليس أحدا أخر .. إنها هي من ستتـألم و ليس أحد آخر لذا رجـاء أن لا يتدخلوا بعد الآن ، لكن هاهي
تقف الآن لوحدها في حين الجميع يناقشون زفافها من عدمه بينما هي الـعروسة تلزم الصـمت ،
رفعـت فستانها الأبيضّ الناعم و أناملهاّ ترتجفّ من شدة التـوتر ، ثم ركضـت عبر تلك القـاعة إلى
الخـارج ، حين شاهد آرثر ما مدى تأثير الصـدمة على الحـضور وقف بثقة و إتجه ناحية المنصة
ليمسك بالمايكروفون و يقـول بنبرة لطيفة مـرحة ،
ـ أيها السـادة و السيدات أرجوا أن لا تـعيروا ما حـدث إهتماما ، سوف نـكمل الزفاف بـعد قليل و
إلى ذلك الحـين إستمتعوا بالحـفلة ، شـغلوا الموسيقى

/

في إحدى الغـرف المتـواجدة بكثرة في ذلك القـصّر ، كـان الجميـع يقّف في موقف متـوتر و حازم قد فـرق ما بين المعـارض و المـؤيد لهـذا الـزفاف
بينمـا كان نايت يجـلس بـكل بـرود على أريكة مستندا ظهره عليها يضع قدما على الأخرى نـاظرا نحوهم بـعينينّ زرقاوتين داكنتين حـادتين
__________________