عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 12-28-2015, 11:25 AM
oud
 
جـد بيتر يتـرأس المكتب و يـرمق سيدة سيليا بـنـظرات مبـاشرة خلفها كـان سيد روي و الذي بالـرغم من أنه يرفض فكرة إعتراض قرار ماري
و لكنه وجد نفسه يقف جانبا إلى جنب مع صديقته القـديمة ، كـذلك كايل قد أظهر اعتراضه التام بينما فـضلت إليزابيث إتخـاذ موقفا حيادياّ
ويـليام يستند على الجـدار و يـوجه نظره في كل فترة إلى شخص ماّ بينما بدى عليه الانزعاج الـواضح قد ضـاق ذرعا بتدخلاتهم اللامتناهية ، بجـانبه تقف
فلور التي فـضلت هي الأخرى أن لا تتحدث ، سوى ترى إلى أين قد تصل نقـاشات كبـار العـائلة بـعدها سوف تهمس برأيها الآن لا يهمـهاّ الـزفاف من عـدمه
، كل ما تـريده هو سـعادة ماري و لأن ماري تـحب نايت فهي فـعلا لا تبالي بآراء الآخرين لكنها مغتاظة فقط لأن آختها الصغرى ستـأخذ شخصا بـارداّ
كـزوج لها ، بـعد مرور فـترة من الصـمتّ الـموحشّ ، تـحدثت سيدة سيليا بصـوت هـادئ بـاردّ قـليلا لكن به صفـة اللبـاقة ، إذ أنها لم تّنس أنها الآن وجها
لـوجه أمامّ سيد بيتر لبير
ـ سيد بيتـر أنا أعتـذر على تصرفي المتـهور سابقا إذ أنه كان خاليا من تهذيب لكن أنا لست نادمة أبدا على ما تفـوهت به ، إذ أنيّ لا أرغب بـأن يقام هـذا
الـزفاف على الإطـلاق
نـظرت إليها فـلور بصدمة ، لقد تـغيرت كثـيرا لقد أصبحـت أكثر جـرأة و أكثر قـوة كـأنها ليست والدتها في حين ردّ عليها بيتر بـبرود
ـ سيدتي العـزيزة ، أنـا أهتم فقط بـما يـريده حفـيدي.. لا أهتم كم من معـارض أو كم من مـؤيد له كل ما يهم هو رغبته و بـالرغم من أنني لست أنا بنفسي
موافقا لكن و لأجله التزمت الصمت
قطبت حاجبيها بـغيض و تحـدثت بـنبرة غـاضبة
ـ أنـا لن أقف مكتوفة اليدين بينما حفيدك يـأخذ ابنتي لن أجـعل المـاضي يعـيد نفسه سيد بيتر ، إن كانت ذاكرتكّ لا تـسعفك فـدعني أنعشها ، أنا سيليا زوجـة
جوناثان روبرت ذلك الـرجل الذي تـعرفه جيدا
صمت الجـد بيتر بدهشة ، بـعد أن ذكرت هـذا .. سيليا تلك المـرأة التي كـانت تأتي له باكية ألآلاف المـرات قد كبرت لتصبح بـهذا الكبـرياء الشديد ؟ إنه لا
يصدق ذلك ، قـال بصدمة
ـ أنت سيليا ؟ مستحيل ، كيف سمح زوجك لابنتك بـزواج من نايت إذن ؟
ردت ببرود و غيض
ـ لم يسمح بذلك قط ، ماري تتصرف من تـلقاء شأنها و لم تـعطي إهتماما لرأينا فلو فـعلت فـلما وجـدتها قد وطـئت قصرك أبدا لكنها عـنيدة ، أيضا جوناثان
لم يعد زوجي منذ زمن لذا أرجوا منك أن توقف هذه المهزلة من فضلك
تنحنح الجـد قـليلا و قد إرتبك ، إنه يـدين لها بالكـثير فـقد كان هو و إبنته سكارليت سببّا في تعـاستها لكن أن يمنع زواج نايت فهـذا مستحيل لذلك رد بـلهجة
مترددة نوعا ما
ـ أنا بالفعل أسف لما سببته سكارليت من طيش لكن أنا لست مخولا بـإيقاف هذه الـزيجة ،
وقفت سيليا بـعصبية و ضـربت الـمكتب بيديها بكل قـوة إمتلكتها و صـاحت بـنبرة غـاضّبة ، بينما قد إحـمر وجهها منّ ثوران أعصّابها
ـ كيف تقول ذلك ؟ لقد أخذت سكارليت سابقا مني زوجي و الآن تـريد مني أن أسلم ابنتي لابنها هل جننت أم فقدت عـقلك ؟
همس ويليام بـصوت سـاخر متـهكم نـّاحية فـلور الصـامتة
ـ أظنّ أن جننت أو فقدت عقلكّ لهما نفسّ المـعنى ،
تـنهدت فـلور بـأسى فـشحب وجه ويليام و قد تـذكر أنّ تلك المـرأة تـكون والدتهاّ ، إنها لم تحببهّ سابقا و الآن بعد الـسخرية من والدتها سـوفّ يزدادّ
عـمق كراهيتهاّ له ، تـّبا كم هو أبله هـذا مـا حـدث نفسه قـائلا ، قـال كـايل بـبرود
ـ مهـلا لحـظة ، لقد جـعلتمونا فيّ حـالة من الذهول .. فل يّخبرني أحدكم ما عـلاقة عمتي سكارليت بوالد ماري ؟ أعني ما الأمر بـحق الله ؟
تـقدمت منه فـلور بهدوء و وضعت يدها على كتـفه لتبعده عن مـرمى رؤيتها لـوالدتها و تحدثت بـلا مبالاة
ـ والدي كان معـجبا بـآنسة سكارليت و رغب بالـزواج منها لكنها لم تـقبل قط ، أعني أنه لم يكن من نوعها المـفضل لذلك سيدة سيليا كانت تشعر
بالغيرة و ما إلى ذلك من إحباط مما أدى إلى طلاقهما ،
اقـترب ويليام ببـطء من نايت الجـالس على الأريكة و انحنى قـليلا ليهمس بـكل مـرح فيّ أذن نايت كاتماّ ضحكاته
ـ كلا من الوالد و الابنة رفضا ، أعتقد أنك و لوالدتك نفس الـذوق هاهاها
كشـر نايت بحدة معـربا عن انزعاجه فالتزم ويليام الصـمت و هو يـعود تدريجيا بكل بـطء إلى حيث كان واقفا منذ فـترة و قد نـدم على حس فكاهته الغير
مناسب ، نـظرت سيليا إلى فـلور بدهشة ثم قـالت بـعدم استيعاب
ـ فلور ، أنت ؟ لما لم تمنعي أختك من ارتكاب هـذه الحماقة ؟
تجـاهلتها تماما و هي تـعود مجددا لتـقف بجانب كلا من نايت و ويليام ، قد كان واضحاّ من نـظراتهاّ أنها ليست بجـانبهاّ أبدا و لن تـكون فتنهدت سيليا
بـغيض ، عندما قـال كايل ببرود
ـ أرى أن هـذا ليس سببا يجعلك تمعنيها، أعني إن قلت أن مستواكم مادي كان أو ثقافياّ فقدّ أوافقك لكن هـذه هي الحماقة بعينيها و أعذريني لقول هـذا
صمتت سيليا للحـظات ثـم تـحدثت بـنبرة حـزينة متـألمة
ـ أنت لا تـعلم أبدا ما الذي قد حـدث فـلا تـقل عن معاناة الغير حماقة ، بالـرغم من أنني أحببت جوناثان حتى الـنخاع و بالـرغم من أنني زرعت حبه في
قلبي كما لو كـأنني ولدت به إلا أنه لم يلتفت قط نـحوي ، كانت سكارليت دوما و أبدا مركز اهتمامه فإن تـألمت أو حزنت أو حتى مرضت فـهو لن يهتم
بي على الإطلاق .. أنت لا تـعلم كم كانت حياتي مليئة بالذل بسببها ، لقد فعلت المستحيل فقط لتبتعد سكارليت من أمام مرأى جوناثان فحدثت سيد بيتر
و ترجيته لكن للأسف بـاءت كل محاولاتي بالفـشل ، في النهاية استسلمت و انفصلنا مسلمة إياه ابنتاي
تنهد الجـد و نظر إلى سيليا بـحزن ، إنه يعلم تماما مدى ألمها فكم من مرة قـدمت في منتصف الليل طالبة منه تـحرير زوجها من تعويذة حبه لابنته ،
كم من مـرة كـانت تـأتي و تحدث سكارليت طالبة منها أن تـمنحه و لو القليل من حبها .. في النهاية و بعد مرور سبعة سنوات فقدت الاتصال بهذه العائلة
للأبد ، و هاهي الآن تعود لتـظهر مجددا ، قـال روي بـلطف
ـ سيليا ، أعتقد أن ماري واثقة مما تريده فـهلا وثقت أنت بها أيضا ؟ الأمر مختلف هـذه المرة فـنايت يحب ماري أليس كذلك ؟
التفت الجميع نايت ، شعره الـداكن الحـريري المنسدل على جبهته و بشرته الـشاحبة تماما كوالدته ، عينيه الـحادتين و نـظرته الخـطيرة كلها يذكرها
بماضيها الأليم ، بقتالها المستمر في حب من طرف واحد ، فجـأة وقف هو بـبرود و كسل ثم قـال بـبحة
ـ لست مجبرا على تبرير مشاعري لكمّ ، كل ما يهم بالنسبة لي أن ماري موافقة و لست أبالي برأي الغـير لذا إن انتهيتم من جلسة إفصاح المشاعر
هـذه دعونا نعد إلى حفلة
صمت كلا من روي و سيليا بـصدمة من رده المفعمّ بـشتى أنواع الـجمود بينما شعر الجد بالإحراج من رده في حين ابتسم ويليام ببلاهة فمهما كان
الموقف شديدا و عصيبا نايت لن يعترف بمشاعره ، خرج من الغـرفة فصـاحت سيليا بـغضب عـارم
ـ ما الذي قـاله ؟ رأيي لا يهم ؟ ماذا ؟ ماذا ؟ أنـا بكل تـأكيد لن أقبل به كـإبن في القانون هـذا الـرجل بليد الأخلاق و الأحاسيس ، سوف لن أقبل به أبدا
أتفهمون ؟
ضحكت فـلور فجـأة فـشاركها ويليام الـضحك و هما يـخرجان خلفه ، أليس واضحا ؟ كل ما يريده أن تـكون ماري بجانبه فقط ، بينما تـنهد كايل بـأسى
و خرج الجميع في النهاية ، راضيين أم رافضين الـزفاف سيتم
في نهايةّ الـرواقّ كانت هي تـجلس بكل ألم مسندةّ رأسها على ركبتيهاّ و فستـّانها قدّ تناثر في الأرضّ من حولها كسحبّ بيّضاء شديدة البهـّاء ، فاقتـرب
بهدوء و خـطواته تضاهي الرياح في خفتهاّ ثم انحنى مقرفصاّ و وضـع ذراعه حـولّ كتفيهاّ المـرتجفتين، أمال رأسه قـليلا ناحيتها و نـظر إلى عينيها
الـواسعتين الممتـلئتين بالـدموع، زينت شفتيه ابتسـامة خـافتة لا تـكاد تـظهر و هو يتحدث ببحة
ـ أنت لن تتخلصي مني بهذه السهولة
التفت نـّاحيته، كـان وجههاّ ممتـلئاّ بالـدموع و عينيهاّ تنـطّقان بـمدىّ الحـزن الذيّ تـّشعر بهّ وجنتيهاّ الوردّيتينّ و أنفهّا المـحمرّ بـّشدة، ابتسمت بـلطف
فـوضع يده على وجهها قـائلا بإنزعاج
ـ لقد قلت لك سابقا ألا تـضعي هـذه التعبير السخّيف مجددا على ملامحكّ
فجـأة قفز ويليام من الخـلف واضعاّ على كتّف كل منـهماّ ذراعيهّ ، ابتسمّ بـسـعادّة عـّارمة و قـال بـنبرة خّبيثة
ـ ما الذي تّحاولان فـعله ؟ ألا تستطيعـّان الصّبر بـّعد مّراسمّ الـزفافّ ؟
بّقبضتهّا الـصغيّرة و القـّوية قـّامت بّضربه على رأسهّ حّينما ثـّارت أعصّابها من مـزاحه الغـيرّ ملائمّ فيّ كل المـواقفّ ، عندماّ استدار لّيلمح من هـذا
الذي تجـرأ على تسديد ضّربة له سّارعت فـلور بإمساكه من ربطـّة عنقه و هي تّصيح بعصبية ملوحـّة بّقبضتها أمامه
ـ أيهاّ المنـحرفّ، أختيّ لن تّفعل مثل هـذه الأشياءّ الطـاّئشة و ألم أخبركّ سّابقّا أن لا تّقترب منّها ؟ أنت و أفكـّارك الغيّر أخّلاقية
ابتسم ويليام بإرتباك ثم احتضنها بّخفة و وضـّع يدّيه حـّول خصّرها لّيرفعّها فيّ الجـّو مـديّرا إياهّا فيّ جميـّع الإتجـّاهات ، قـّائلاّ بمـّرح
ـ أعـّلم أنكّ قدّ شعرت بالـغّيرة لأننيّ لم أحتضنكّ معهماّ ، لذاّ سـأمنحكّ حضّنا خـّاصاّ ها ها ها
كاّنا كلا من نايت و ماريّ يقفان بجّانب بعضهمّا يراّقبان فـّلور و ويليامّ باستغراب فمنذ متى تّحسنت علاقتهما إلى هـذا المستوى ، فجأة لكـّزته ماريّ
من ذّراعه فنظر إليها بّنصفّ عينيه ، وجـدّها تمدّ يدّيها نـّاحيته بـكلّ حماّس فـسـارع بالـمغّادرة و هو يقول بـبرود
ـ مستحيـّل ، دّعوناّ نـذهب للقـّاعة فّالضّيوف بإنتـظارناّ
عنـدماّ لم يّسمع أصّواتهمّ ، استـداّر بـمّلل ليجـدّ ويلّيام ممسكـّا بـماريّ و يدّور بهاّ فيّ الأرجـّاء بينماّ هي تـّضحكّ بسـّعادة و فّلور تّصرخ بـأنّ ينزلّ
أختها فوراّ و هي غـّير قّادرة على استعادّة تـّوازنهاّ ، ابتسم بـخفوت
بالـرغم من أنهاّ مجردّ تمّثيليةّ لكنهاّ تـّبدوا حـّقيقية جـداّ ، و أنّ يكون هوّ محـّاطا بّهـذا الكمّ من الأشخّاص الذّين يّساندونه ، ضحك قليلا ببحـة عندما
اختل تـوازن ويليام و سقط الثلاثة على الأرض ،
يكفيّ وجـود هـؤلاء الثـلاثة فقط بجـانبه ،

/

ـ مـّاري روبـّرت هلّ تـّقبلينّ بنايتّ لبيرّ زوجّا لك في الصحة و الـمرّض فّي السـّعادة و الحـزنّ
إذّا سـألها أحدّ هـذّا الـسؤالّ قّبل شهرينّ سّوف تـّقول بكلّ إحـّراج، أناّ لن أتزوجّ أبدّا لكنّ الآن و قدّ سـّلبها قّلبها فـتدّريجّيا كّيانها بـأكملهّ، ابتسـمتّ
بمحّبة و قدّ لمـّعت عينيهّا
ـ أجـّل
استدار نـّاحية نـّأيت و أعـّادّ نفّس السـّؤالّ ، لمّ يستـّغرق نـّايت دّقيقة للإجـّابة بّل قـّاطعّ الرجـّل مخـّبرا إيـّاه بالإيجاب ، ليـّقتربّ ويّليام و بـحـّوزتهّ
الخـّاتمينّ ، وضـّعه نايتّ فيّ يدّ مـّاريّّ ببـرودّ ثمّ انتـظرهاّ هيّ كـّانت تحـّاول إدّخال الخـّاتمّ في إصبـّعه لكنّ ارتجافها منعها من ذّلك ، مـجردّ لمسّه يّجعل
قّلبها يّضطّرب و أنفّاسها تّحبّس فـكّيف لها أنّ تّكون بـهذا القـّرب منه ؟ حـتى سـّاعدها ويّليام ثـمّ عـّاد إلى مـكـّانه و على شـّفتيه ابتسامة سـعيدّة ،
ـ الآن أعّلنكماّ زوجاّ و زوجـّة ، يمكنكّ تـّقبيل الـعّروس
أفّلت نايتّ يدّه و كـّاد أنّ يـمتنـّع عنّ هـذّا الفـّعل بـّعد تلكّ المحـّاضرة الطـّويلة حولّ الأدبّ و الحّب لولا اقتراب مـّاري منهّ فجـأة ، وقفّت على أصـّابع
قدّميها و قّبلتهّ بكلّ بسـاطّة و خـّفة فيّ حينّ شحبّ وجهه منّ الصـدّمة بينمـّا تهافتت التهـّانيّ بكّل ضجةّ فّي القـّاعة و ارتفعت الكـؤوس حيّن شهقـّت فـّلور
غـّير مصدّقة أن هـذه فعلا أختهاّ ، و تـّعلى ضحكّ ويّليامّ بينمـّا ابتسمّ كـّايل لأولّ مـّرة بدون أيّ خبّث أو مـكّر لكنّ بضحكـّة على هـذّه الـعّروسّ الجـريئة
و نـّايت الشـّاحبّ ، أخرجّت مـّاري لسانهاّ بكلّ شـّقاوة حينّ كشـّر نايتّ عن مـّلامحـه و قدّ أحرجته ، بينمـّا نـّزل ويليام إليهماّ مهنـّئا من أعمـّاق قّلبه
و بكلّ صدّق أيضّا ، أتتّ فلور من الخـّلف و ضـّربت ماّري على رأسها قّائلة بـسخرية
ـ ما كانّ ذلكّ توا ؟
تـّقدم الجدّ بيتر و خّلفه صدّيقه المقّرب و أبنه توماّس مهنئـّا و كـذلّك كـّايل و إليـزاّبيثّ بينمـّا لا يـزاّل نـّايت شـاحبّا ، ضـّربه ويّليام على ظهره بـّقوة
فـأجّفل كـأنهّ قدّ عـادّ للحيـّاة ، رمقّ ماري بـبرودّ فإبتسمت هي بكلّ سذاجة ، فقـّال بحدّة
ـ ما كـّان ذاكّ تـّوا ؟ ألستّ أنـّت من كـّان يّثرثر قّبلا عنّ معـّاني
عندمّا لمحّ ابتسامتهّا زفرّ بـبرودّ فـلا فـائدة منهاّ ثمّ تـحدثّ قّليلا مـع جدّه و عمـّه ، يـّالها من إمرأة سخّيفة بينمـّا أسرعت مـّاريّ لكّل من سيدّة فـّرانسيسّ
و بولّ متحمـّسة تـّريهمّ الخاتمّ و قدّ تزوجـّت في النهاية عـكسّ توقّعاتهمّا و ّ آرثـّر يبوحّ بإعجـّابه لفتاة أوّلهاّ جمـّالا تيها و دّلالا ، و ذّلك شّاب صدّيق كّايل الـلعّوب
يّستعدّ لمحادثة حسناء مستحضرا إلى حافظته أعذب الألفاظ و أرقّ المـعانّي ، الـعمّ رويّ يطّلب من الموسيقيين إعـادّة مـّقطـّع قدّ ذّكره بـّشابّه و رفيّق دّربه بينمـّا
كلّير تـّنظر بأطّراف أجفانها إلى ويّليام المنسجّم فّي حدّيثه مـّع فـّلور و إليزابّيث قدّ سّلبّ لبّ عقلّها
حيّن تـّقدمّ نايتّ من مـّاريّ مـدّ ذّراعه نـّاحيتها بكلّ لّباّقة ، فاحمرت وجنتيها و الجميـّع ينتـظّر أنّ يـزفّ العّـروسينّ إلى قـّاعة الـرّقص فـأمسكّتها بإحكـّام ليسحبّها ،
وضـّع يدّه على خصّرها و يدّها هي على كـّتفه ، ابتسمـّت بهدوءّ بالـّرغم من أنّ هـذّه مجردّ تمّثيلية و هـذّه التمنيات بالسـّعادة الأبدّية مزيّفة كـذّلك تـلكّ النـّظراتّ
الفـّرحة الموجـّهة لهمـاّ لكنهـّا سـّعيدّة ، فضحكـّت بـّسذاجة على نفّسها لينحنيّ نايتّ ناحيتهاّ ، قـّال ببرودّ
ـ أشّربت شيئاّ ماّ قبّل القدومّ إلى هنـا ؟
رمشـّت قّليلاّ و لمّ تـفهمّ المـّعنى الخفّي من كّلامهّ فـظنتهّ يحـّاول أنّ يفتحّ مجـّالا للحدّيث معهـّا لكّي تجيبـّه بابتسامة وسيـّعة و بلهاّء
ـ لاّ ، لمـّا ؟
أجـّابها بّسخريتهّ الدائمـّة و اللاذّعـّة
ـ لقدّ رأيتّ أنكّ تتصّرفينّ بـجنونّ أكثّر من المعتـّاد ،
قطـّبت حاجّبيها باستياء ثمّ ضـغطّت على قدّمه فتـأوهّ بـألمّ و نـظّر إليها شرارا، فضحكتّ عليهّ بلّ و حـّتى أنهاّ احتّضنته بـخفّة ، رمقهّا نايتّ بعدمّ استيعابّ
أهيّ فعلا مـّاري ؟ فحـّاول إبعادها عنهّ و هو يـّرى بطّرف عينهّ الصحّافة تلتقطّ بضعة صورّ لهماّ ، قـّال من بينّ أسنانه
ـ ماري ابتعدي عني فورّا ، ما الذي أصّابك ؟
و قدّ انتقل إلى مسامـّعه أصواّت رجاّل الأعمـّال يتهامسونّ بكلّ ضجةّ حوله ، عندّ انتهاء الأغنيةّ كادّ أنّ يسـّارع بالمغـادّرة لولا أنّ ماري أمسكتّه من ذّراعه
و تـّبعته فيّ الجهة الآخرى ، كانّ ويّليام و فلورّ ، سيدّة فرانسيس و زوجهـّا يجلسونّ حول طـّاولة يحمـّل بـّعضهم الـعّصير و الآخرّ قطـّع حلوى شهية المذاّق
قدّ قطـّع أحادّيثهم الجانبيةّ صوتّ ضحكاّت ويّليام المتـعّالية فرمقته فلور بغّيض قامتّ لكزه حينهاّ قّال بألفاظ متقطعة من شدّة ضحكه
ـ انظروا إلى نايتّ ، ألا يبدوا متورطّا ؟ أقسمّ أنه الآن يقول في نفسه لقد ارتكبّت أكبّر غلطة في حيـّاتي يـا ليتني كنت أنا من أعترض على هذا الزفاف
وافقه سيد بول فوراّ بينما عـاّدت فلور تلكزهّ و هي تخبره أنّ لا يقول أشياء سيئة عن أختهاّ ، حينّ اقتربت منهّم كليّر ، ألقت تحيةّ بكلّ رقّة على ويّليام الذيّ
بادرها بابتسامة لطيّفة ثمّ عـرفت عن نفسها قائلة
ـ أدعى كلير غلوري ، لقدّ أريت أنهّ من اللباقة أنّ ألقي التحية عليكم أرجواّ أن لا أكون قد أزعجتكمّ
زمـّت فلور شّفتيها و هي تلاحظّ نظرات الإعجاب فيّ عينيها ، و ويّليام الساذّج يّبتسمّ بكلّ براءة فـقّالت بإنزعـّاج
ـ بلى، لقدّ أزعجتنا لما لا تـذهبي إلى أينّ اختفى أخيك
رمقتها سيدة فرانسيس بلومّ من عدمّ تهذيبها بينمّا ابتسمّ بولّ يخبثّ و هو يلاحظّ شعبية ويّليامّ الكبّيرة ، من الجميّل أن تحضي بفتيات يتقاتلنّ لأجلّك ، رفّعت
كليّر حاجبها كـأنها تقول و ما شـأنكّ لتقفّ فلور و تمسكّ ذراّع ويّليام بتملكّ ، فوقّف هو الآخر بـبراءةّ لتّقول فلورّ بـحدةّ
ـ ويّليامّ خطّ أحمرّ لا تـّقتربي منهّ أيتهاّ الحقّيرة
أمسكتّ كليّر بفستانهاّ الأرجوانيّ الفخمّ بكلّ عّصبية ثمّ قّالت بـتكبّر
ـ و من أنتّ لتتحدّثي ؟
قطّبتّ فلور بـغّضب ، فقطّ من فكرة إستيلاءّ كليّر على ويّليام فّصحيح أنهاّ لا تـطّيقه و تكرّهه فيّ أغلبّ الأوقـّات لكنهّ شخصّ لطّيف و لنّ تسمحّ لساحرة
كـ كلّير بـأنّ تسّحبه لقّبضتها فمرّت من أمامها و دّفعتها عمدّا محدثّة ويليامّ
ـ دّعنا نتـأكدّ من قّائمة الحضّور
فـّوق فيّ جنـاحّ الخاّص بهمّا ، كـّانت إليزاّبيث قدّ رمتّ ذلكّ الكـأسّ بكلّ عّصبية على الجـدّار فـكيّف لخـطّتها المثّالية أن تفشلّ بمنتهى السـهولة ؟ ألمّ يكنّ ميتـّا ؟
إذن مـاذاّ عن ذّلك التسجّيل الذّي أرسله الـرجّل ؟ و هـّل عـادّ من المـّوت للانتقـام أم ماذا ؟ حسنـّا لا يهمّ سوفّ تجدّ خـطّة آخرى محكمـّة لأخـذّ نقودّه و منصّبه
من أمامّ عينيهّ ،
المـهمّ الآن هو أنّ لا يـّعلم أنهاّ هي خـّلف كلّ شيء ، يجّب أن تـّبقي جميـّع أسّرارهاّ فّي بئر عـميّق و لنّ يجدّها أحدّ ، لكنّ كيّف نجا من ذلك الاصطـّدام الدموي ؟
شتمتّ بـّعصبيةّ ثمّ تخللتّ أصّابعها شعرها الأسودّ المموجّ الـطّويلّ بكلّ قّهر
لمّ يـّعدّ فيّ يدهاّ فعل شيّء في هـذّه الفترةّ لكنّ لا تظهرّ أوراقها للعـّيانّ، لقدّ حانّ دورّ كـّايلّ فيّ التقـدّم و رفـّع سّيفه عـّاليّا ، إنهـّا حـّرب السـّلطة و النفوذّ يجبّ
عليها أنّ لا تستبـّعدّ مهماّ حـدّث ، كـّرقعة الشطّرنجّ ، هيّ المـّلكة و هو المـلكّ بينماّ نـّايت الملكّ و مـّاريّ بجانبهّ ، هيّ تـّفعل المستحّيل للحصوّل على الـّرقعة لهماّ
و هو يـّحاّربها بالمـّثل ، تنهدّت بّغبطة ،
فيّ تلكّ القـّاعة الكبّيرة التيّ عجّت بّضيوفّ من مـّختلف أنحاء البّلدانّ ، كانّ يّقفانّ بجاّنب بعضهماّ و هي تتأبطّ ذّراعهّ مظهرة ابتسـّامة بسيطّة على شّفتيهاّ
الوردّيتينّ حينّ لمحتّ بّقعة دماّء صّغيرة قدّ ظهرت على قّميصّ نايتّ الأبيّض ، شهقتّ بخفوتّ فإلتفت إليهّا الحّاضّرون الواّقفون مـعهم بينماّ قطّب نايتّ حاجبيه
و قدّ ضـّاع ذّرعا بّتصّرفاتها الصّبيانيةّ ، قـّالت بارتباك
ـ عـذّرا ،
كيّف تستطيّع أن تسحبهّ منّ وسطّ هذه المجموعّة دون أّن يلاحظّ أحد ؟ كيّف و هو العـّريس و هذه ليّلة زفّافه ؟ زفّرت بـّغيض و قدّ سئمت فـّعلا من هـذه
الأجواء، أنّ تـّرغم نفسها على التصّرف بمودّة و أنّ تنسى كلمـّات نـايت اللاذّعة و التيّ لا زاّلت تدورّ في رأسهاّ ، إنّ كلاماتّه شّبيهة بالسّمّ ينسل بّدقة إلى
القّلب فّيضعفه و قدّ يميت إنّ أكثّرت الجـّرعة و هيّ خاّئفة من أنّ ترتكّب أن شيء فيؤنبها عّليه و خـّائفة من أن تتصّرف على طّبيعتهاّ فـيجّعلها تذّوق الوّيلات ،
كلّ هـذا لأنهاّ أرادّت مـعرفة و التـّعرف على الشخصّ الذّي تحبّه فـهل هذه جّريمة ؟
نـظرّت إلى فلورا و ويليامّ يّسيران منّ بعيدّ و واضحّ من شكّلهما أنهماّ يتشاجّران فابتسمتّ بـخفة ، لمّ تسنحّ لها الفـّرصة للحدّيث معهما فـكادّت أن ترحّل
لولا أنهاّ تذّكرته ، أمسكتهّ من ذّراعه و هي تـّرجوا أن لا يّخيب ظنها و يّرفض
ـ عـزيزيّ دعنـاّ نـّلقي التحيةّ على أصدّقائنا هناكّ
نـظّر إليها بـبرودّ ثمّ انحنى بخفة و غـّادر بّرفقتهّا ، لا تـّدري لماّ لكنّ تشعر بأنهّ هدوء ماّ قّبل العـّاصفة و بعدّ ابتعادهما مسّافة كاّفية قـّالت بتقطيبه تعلوا وجهها
ـ لقدّ بدأت تتّسرب الدماّء من قميصكّ لابد أنكّ أجهدتّ نفّسك و وجهك بدأ يميل لشحوبّ أيضّا ، فهـّل أنتّ بخير ؟
لمّ يّقل شيئـّا بل نـظرّ إلى بدلته التي تظهر عليهاّ بقّعة قدّ بدأتّ تكبّر فأومـأ على أنـّه بخيرّ ، لكنّ لم يكّن فعلا واعّيا لماّ حوله ، رمقـّته بـقّلق لمّ تستطّع أن تـّخفيهّ
حين ـظهر كـّايل فجأة أمامهماّ بـعدّ أن كانّ يّراقبه من بعدّ قـّالت ماري بسرور
ـ كاّيل تماماّ الشخصّ الذّي أريـدّه ، إنّ كنتّ لا تمـّانعّ هلا تـّفضلت و أنهيتّ الحفّلة عناّ ؟ نايتّ مصابّ بالحمى و لا يستطيّع إنهاء السهرة
بقّي واّقفا بتهجمّ ينـظّر لهماّ ، فلمحّ بـقعة الدماءّ تـلكّ إذنّ لقدّ اصطدّم بـهمّ فـّعلا ذلكّ الرجلّ و ظنّ أنه أودى بحياتهمّ لكنهمّا نجيّا بـأعجوبة هـذاّ ما يستطيّع
تحّليله منّ تصّرفات نايتّ الليلة فهوّ لا يبدوا فعلاّ بوعيهّ فـقّال بهدوء
ـ حسنـّا لا بـأس فهي مملة على كلّ حـّال ،
ثمّ اتجـه إلى ويليامّ مضيّف الحفلةّ ، بينماّ أمسكتّ ماري بنايت جيدا و صـعدّت به إلى الأعلى فبـعدّ إرشادات الخدمّ وجدتّ نفسها تقفّ فيّ ذّلك الـّجناحّ ذو
الجـدّران الـسّوداء الـداّكنة و الفـّارغ الموحّش ، ذات السقف الخشبي الرائع والمرسوم باليد والذي يعطي بعدا أعمق ورقي محددا مقياس هذه الغرفة
وكذلك إحتوائها أنتيكات فرنسية وقطع أثاث مطبوعة بنقوش حيوانية و سـّرير واسـّع صّنع بواسطة خشب الماهوغني يشد الانتباه ، السجاد التابستري
جميـّل ينمي عن ذّوق رفيـّع ، أجـّل إنهّ جنـّاحه الخاّص بلّ شديدّ الخصوصّية ، أسندته و اتجها إلى الأريكة كيّ يجلّس عليها بكلّ راحّة ، وضـّع يده على
جبينه مبعداّ شعره الأسودّ ثمّ قالّ بـبرودّ
ـ كانتّ هذه أسوء حفلة أقمتها بحياتيّ أكملها ، لابدّ لأنكّ موجودّة فيها
نـظرّت إليه صامتة و لم تّقل شيئّا متعجبة منهّ، كيّف يمكنهّ أن يردّ بهذه السخريةّ و العـجرّفة كمّ هو شخصّ فّريد منّ نوعـّه عندماّ يّمرض يّهينّ
جميـّع من حولهّ كيّ يبعدهمّ عنهّ بينما و الإنسانّ الطبيعي يّسعى لإيجـادّ أولائكّ الأقلية الذّين يستدّرون بجانبه
جلّست أمـّامه غّير قـّادرة على فعلّ شيء سوى النـظّر إليهّ ، لقدّ نستّ الكثّير من كّلامه فلماذا لمّ تستطـّع أن تنسى كلمـّاته فّي تلك المرةّ ؟ عندمّا
كاناّ بالمشفى ؟ ألانها هزتهاّ في صميم ؟ ربمـّا ، زفـّرتّ بـغّيض و رفـّعت قدميها فوقّ المـّائدة الزجاجّية ، صّفقت بيديها مـّعا فجـأة ثمّ وقفّت باستقـامة ،
ابتسمـّت بكلّ بساطة لقدّ تعرضت للاغتيال و نجت بكل أعجوبة و بـّفضّل نايتّ فّارسّ أحلامها فلماذا هي تعيسة في يومّ زفافها الموعودّ ؟
لا هيّ لن تحّزن ، مـّاريّ ليّست هـكذا على الإطّلاق فـّشمرت عن سـّاعديها و رسمـت ابتسامة وسيـّعة على شـّفتيها ، مجردّ قوله ذلك الكلام فهـذا
لا يعني أنهّ يعنيهّ لذاّ وقفّت بكلّ شجـاّعة ثمّ قـّالت لنايتّ المستغرّب من تـّبدلّ ملامحها وجهها فيّ كلّ ثانية
ـ زوجيّ الـعزيزّ لا تـّظن أننيّ سـأستسلمّ بهذه البسـاطة، أنـّت ملكي
شحبّ وجههّ من الـّرعبّ و قدّ ظنّ أنهّ قدّ تملكها شبحّ مـّا ، تصّرفاتهاّ الـغّريبة دومـّا ما تـّثيرّ استغـّرابه و جمـّلها التيّ لمّ و لنّ تكونّ دوماّ في محلهـّا هيّ
مـّا تجـّعله قّلقـّا أو منـزعجّا بالأحرى منهـّا فقـّال بـّبرود
ـ اسمـعّي أيّ مشهد درامي تحاولين تـّقليده الآن فقدّ فشلت
قطبّت حاجبيها و قدّ أحبطّت عزيمتـّها لكن حقّا ما الذي كانت تتوقع منه قوله ؟ حبـكّ قدّ ملكنيّ فـّكلّْ لكّ ؟ لكنّ هـزّت رأسها نفّياّ دلالة على عدمّ اهتمامها بمـّا
يّقوله فـّعلا ثمّ قـّالت بـّفضول
ـ من أينّ نـجّلب الدواء ؟
تجـّاهلهاّ كـعادّته ثمّ اتجـّه إلى ذّلك الدرجّ الذّي بجـّانب سريرّه ذو الـغطّاء المخمّلي الأسودّ ثمّ فتـّحه ، أخـرجّ الضمـّاداتّ و دّواء الذّي وصـّفه له الطـّبيبّ
ليتنـاّوله دّفعة واحدّة فاتجهتّ إليهّ مـّاري و أخذّت الضمـادّة من بينّ يديهّ ، ابتسمت و غمزت بعينها قائلة بكل مرح
ـ افتحّ قميّصكّ
رمقّها بـّبرودّ ثمّ حـّاول أنّ يمدّ ذراعه باتجاهها و يـأخذّ أشياّءه لكنهّا ابتسمتّ بـدهاءّ و أبـّعدتها أكثّر ، خـّلف ظّهرهاّ تمـّاما فردّ بحدّة
ـ سحقـّا ماري ، عـطّني إيـّاه
هـزتّ رأسها نفّيا فتطـّايرّت خصّلات شعرها البنيّ معهـّا بكلّ عنفوان و مـّرح فزفر بعصبية و الألمّ يـّعتصره ثمّ رّفع جسمـّه بأكملهّ ليأخذّه حينّ سقطّت
مـّاري على سـّريرّ ليسقطّ هو فّوقهـّا فـوضـّع يدّه على صـّدره بكّل ألمّ بينماّ شـّهقت هيّ آخرى
نـظّرت إلى عينيهّ الداكـّنتين اللتـّان قدّ احتدّتا و قدّ لمـّعتا بـّلون السمـّاء العـّاصفة عندّ غـّضبها احمـّرت وجنتيهاّ خـّجلا و كـادّت أن تبتـّعد لولا أنهّ أمسكّ
بيدّها الملقـّاة بجانبهاّ ، ثمّ تحدّث بهمسّ خطيّر
ـ إنّ استمـّررتّ بـّأفـّعال طّائشة مثّل هـذّه فـأناّ لنّ أضمـّن لكّ سلامتك ، لذّا مهماّ كان الذّي تحـّاولينّ فـعله فـتّوقفي
نـظرت إليه بعينين واسعتينّ محدقتينّ غيّر قابلتين على فـهمّ المعنى الخّفي من كّلامه فتنهد بقلة حيلة و وضـع رأسه على كتفها فدهشت ماريّ و
استدارت ناحيته لكنّ ملامحّه لمّ تكنّ ظاهرة لهاّ ، قـالت بـقلق
ـ نايت ألا تستطيع إحتمال الألم ؟ هل يجدرّ بنا الذّهاب لطّبيب أم استدعاءه ؟ دعنيّ أرى يـا ألهي أيعقل أن جرحّ قدّ فتـ
همسّ بشيء ما مقـاطعّا إياها ، تـوقفت عنّ الحديثّ و رمشّت مرارا تكرارا قبلّ أن تحـاول الـوقوف لكنّ يدّيه المـطّبقتين على ذّراعيها قدّ منعتها من
الحـّراك ، ما الذيّ يحاول قوله ؟ همس بّصـوت مـّبحوحّ ذوّ آنين مشـآبّه لّنغمة النـآي
ـ أنا آسف
فتحت عينيها البنيتين على وسعهما غيٍّر مصدقة و نـبضات قلبها تدق بجنونّ فإحمرت وجنتيها خجـّلا و ترددّت قبل أن تمدّ يدها لكنّها تغلبت على خوفها و
وضـعت أناملها على شـعره الحريري الأسودّ لتحـركه بخفة و هي تتحدث بنبرة محبـة
ـ و لما الإعتذار ؟ أنتّ بطلي
بقيّ فترة على وضعيته تلكّ حينّ تحاملّ على ألامه و وقفّ بّبطء مستندا على السريرّ ، أمسك رأسه عندما داهمه صّداعّ قوي فتمايلّ فيّ حركته قـليلا ،
بنظراته التائهة في المكان ثمّ قال ببرود
ـ دعيناّ نغـادرّ ، لا يجبّ علينا أن نتركّ ضّيوفنا لمدّة أطـّول
رمقته بإستغراب و هو يـتجه نحو المخرجّ غير آبه لما حـدّث تواّ أمّ كانّ ما حدثّ تواّ من محضّ خيّالها فقط ؟ لكنّ لقدّ سمعته يّهمس و بنبرة مضجعة
بالندمّ اعتذاره ؟ أيعقل أنها قدّ اخترعت ذلكّ لآنها ترغب و بشدة بسماع هذه الكلمة منه ؟ إذا .. ؟ شهقت برعب و هي تقف مسرعة لتركض خلفه

/

كـّانت فّلور جـّالسة تمسكّ كـأس بينّ يديها و تنـظر من حولها بّضجر تام قدّ افتقدت وجود أختها الصغرى بجانبهاّ حينّ لمحتّ من بينّ الجموعّ عمهاّ رويّ
و بـرفقته سيليا ، ألا تزال موجودة فيّ الحفلة ؟ الآن فقط قد لاحـظت أن روي كان معها في كل خـطوة قد خـطتها ، أيعقل أنها كـان على اتصال معها طوال
تلك السنين الماضية ؟ يجدر بها الحصول على تفسير لما يحدث هنا ، وقفّت كماّ لو كـأنّ نحلة قدّ لكزتها ثمّ أخذتّ تسير بخطواتّ سريعة جدا باتجاههما ما
الذّي تـّفعله أمها برفقة روي ؟ و لما لم تظهر طوال تلك السنين ؟
وقفّ فجـأة آرثر في طـّريقها فـتّوقفت هيّ عندما كـّادت أن تصطدم بهّ ، نـظّرت إليه شررا لكنهّ رّفع الهـدّية بكل براءة فيّ يده قائلا
ـ أتعلمين أين هي ماري ؟ أريد أن أسلمها هدّيتي
شتمتّ بّصوت عـّالي لماّ أختفى أثر سيليا كـأنها لمّ توجدّ قطّ ، فـرفـّعت فستانها الطـّويل الأزرقّ و ركضـّت مسّرعة غّير آبهة بآرثر المنصدّم من تصّرفاتها
الغير راقية كيّف كان معجبّا بها يوما ؟ ، بينما اتجهت هي إلى حيثّ كان يّقفانّ ،
حتى روي قدّ اختفى ، لكنّ لما قد أتت ؟ تنهدّت ثمّ عـادتّ أدراجهـّا إلى حيثّ يّقف آرثر ، قـّالت له بـاشمئزاز
ـ لطالما كنت نـذير شـؤم و بـؤس ، ما الذي قّلت أنك تـريده ؟
ابتسمّ بصّبر ثمّ أعـّاد كلماته على مسامعهاّ بكلّ هدوءّ حينهاّ وجهتّ فلور نـظرها ناحيّة نايتّ الذيّ يّقف مودعـا الحضـور ثمّ قالت بلا مبالاة
ـ يمكنك تسليمها لنايت هناك
رمقهـّا بـغّضب ثمّ استدارت راحـّلة فـأمسكها من معصمها بكل قوة مما جعلها تجفّل قّليلا ، أرخى قبضته و قال بابتسامة بسيطة تعلو شفتيه
ـ أناّ أفّضل أن أسلمها لماري شخصّيا ،
أومـأت ببرودّ و أشـّارت على أحدى الخـادّمات كيّ تـأخذه إلى حيُّث يريدّ بينما عـّادت هي تجـّلو بنظراتها هنا و هنـّاك بّاحثة عنّ أمهـّا أو روي ،يجبّ
عليها أن تّجدّ تفسّيرا واضحـّا لما كـّانا مّعا ؟ لا بدّ أنهاّ قدّ سمعتّ بزواجّ ماري منّ قبل رويّ لكن لما قدّ عـّادت ؟

/
__________________