عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 12-28-2015, 11:29 AM
oud
 
شـّابترّ الـّواحد و العـّشرين
منّ بينّ عّالم الأكـّاذيبّ هيّ الحـّقيقة الوحيدّة التيّ يّجب عليكّ تّصديّقها

فيّ قـّاعة كبيّرة ذاّت جـدّران ذّهبية اللونّ بزخّرفات هندّسية تّمتدّ منّ أسّفل الأرضّية إلى أعلىّ السّقف الذيّ تّوسطّه ثّرية عـّملاقةّ آثريةّ ،
علىّ تلكّ الأرائكّ العّديدّة ذّات القّماش الفّخم و الحّريريّ كآنت تجلسّ هيّ و معـّالم القّلق قدّ غّزت ملامحّ وجههاّ بينماّ عينيهاّ البنيتينّ تّجولان
فيّ كلّ ثّانية على السّاعة التيّ زّينت معّصمهاّ ، همستّ محدّثة نفسهاّ
ـ لقدّ مرّت سّاعتينّ ، ما الذيّ يّفعلونه خّلال كلّ هذّه المـدّة يّا ترى ؟
فيّ الطّرف الآخرّ كآنتّ تلك المرأة الشّابة تّجلسّ بكل راحةّ واضّعة قدّما على الأخرى و لا يّبدوا أنهاّ تّهتمّ فعلا لمّا قدّ يصّيب زوجهاّ فهاهيّ
تّقلم أظّافرها بّحرصّ تامّ عندماّ انتقّل إلى مسّامعهاّ كلّماتّ ماريّ المتلعثمةّ ، فقّطبت حاجّبيها بّإنزعاجّ و قّررتّ تجّاهلهاّ لكنّ ماريّ لمّ تّستطعّ
التّوقف عنّ القلقّ فّوقفّت بّتوتر عّارم و أخذتّ تجيّء و تّروح فيّ الغّرفة ، عادتّ تحدثّ نفسهاّ بخوف
ـ يّا إلهيّ ، أناّ السّبب فيّ كل ماّ حدثّ لو أننيّ فقطّ لم أنـّزل إلى الفطّور لماّ حدثّ كل هـذاّ يا إلهيّ نايتّ يـّواجه المشّاكل
بّسببيّ و أنّا التيّ كنتّ أريدّ أن
قّاطعتهاّ إليزابيثّ بّعصبية رامـّية مقّلم الأظاّفر جّانباّ ، رفّعت صّوتهاّ الّرقيقّ بنبرة متـّعاليةّ و متـّكبرة نوعّا ماّ
ـ ما الذيّ تقصديّنه بّسببك ؟ أتظنينّ نفسكّ فّعلا بتلكّ الأهميةّ لتأخذّك عّائلة لبيّر على محملّ الجدّ ؟ أرجوكّ كلناّ نعلمّ أنكّ
لست سّوى نزوّة عّابرة لّنايتّ سّرعانّ ما تزولّ ، أصمتيّ
رمقّتها ماريّ بتعجبّ من إنفجاّرها فقدّ كانتّ هادئة طّوال الوقّت و لمّ تتفوه بحرّف إلاّ الآن ، فلمّ تّحاول أنّ تجّيبها بلّ تّظاهرت
بّعدمّ سماعهاّ لثّورة أعّصابهاّ و جلّست فيّ مكانهاّ السّابقّ ، حيّن أتتّ خادمة مّا و قاّّمت بّوضع الشّاي لكتلاهما ثمّ غادرّت مسرعةّ ،
ارتشفتّ ماري القّليل من الشّاي ببطّء متمنّية أنّ تكونّ الأمور بّخيرّ ، و فيّ الأعلّى حيثّ كـّان الّثلاثة يواجّهون بّعضّهم بّعضا
فّي مـّعركة حـّامية منّ أجلّ السّلطة و إظهاّر من الأقّوى فقدّ كّان كاّيل يستندّ على حاّفة الأريكـّة راّمقاّ جدّه بنّظرات غّير مبّالية
لانفجاره العّاصف و فيّ الجّهة الآخرى منّ تلكّ الغّرفة العّملاقة كاّن نايتّ يجّلس علىّ الكرّسي مبّادراّ جدّه بنّظرات تفوقّه حدةّ
فّأكّمل الجدّ كلامهّ
ـ بحقّ الله نايت ما الذيّ تحاّول فّعله ؟ تدّمير العـّالم بأكّمله لترتّاح ؟ لقدّ خسرتّ معظم الشركاّت أسهمّها بّسببكّ و قدّ صّار الكلّ
يخافّ منّ أنّ يقيمّ عقدّا معّنا فقطّ رّعباّ إن انقلبنا عليه يّوما ، الـزواجّ و منّ فقّيرة معـّدمة لا تّليقّ بمكاننا و تحـّويل ذّكرى الخمّسين
إلى حفّل خطّوبة ثمّ إدّخال رئيسّ شركة جونسونّ فيّ غيبوبةّ ؟ أتكفيّك هذّه المصائب أمّ أذّكركّ بّأخرى ؟
ابتسمّ نايت بّسخرية عندماّ لمحّ تّعبير وجـّه كاّيل المستهزئّ به كأنهّ قدّ حضّر هـذاّ المشهدّ بعناية ، مشهدّ إذّلاله منّ قبلّ جدّه
فأماّل رأسه قّليلاّ و تحدثّ بنبرة مبحوحةّ
ـ منّ لاّ يريدّ أن يعقدّ شراكـّة معناّ خوفّا منّ انقلابنا الشيطّاني عّليه ألاّ يعني هذاّ أنهّ ينويّ خيّانتنا يوماّ ؟ ثمّ الـزوجّة زوجتّي و لا أهتمّ
إن كـّانت صّماء ، بكـّماء معّ أننيّ أفّضل ذلكّ أو حتّى متسّولة أّيضا لمّ أكنّ أنا من أدّخل رئيس جونسونّ المستشفى بلّ ارتفاع ضّغطه
الشديدّ ، حسناّ جديّ أتّكفيك هـذّه الأّسباب أمّ أعطيكّ آخرى ؟
صمتّ الجدّ بّغيضّ و قدّ باتّ ضغطّه هو بالارتفاع، فوقفّ و صّرخ بـأعلىّ صوتّه الجّهوريّ الحـّاد و الغّاضب
ـ بحقّ الله نايتّ ، متّى ستكفّ عن هذه التصّرفات ؟ ألمّ تنتّقم مسّبقاّ ممّا كانّ السببّ في تعاستكّ ؟ ألمّ تمضيّ قدّما فيّ حياتكّ بّزواجك ؟
ألاّ تنويّ أبداّ أنّ تّترك الماضيّ و شـأنه ؟
تنهدّ نايتّ و إزدادّ شحّوب وجههّ فّوضع يدّه على صدّره قّليلا ضّاغطّا عليهّ ثمّ فتحّ عينيه مجدداّ و نـّظر إلى جـدّه بّدون أن تعبيّر على وجههّ
ـ تّريد منيّ أن أنساهّ و أنتّ لا تّنفك تّذكيريّ به ، فما الذيّ نادّيتنيّ به سّابقاّ ؟ نايتّ روفسّ ماكاروفّ ألا يعنيّ هذاّ أنكّ لا تعتّرف بّي كحفيدّ لك ؟
قطبّ الجدّ حاجّبيه بّضيقّ عندّما لاحـّظ مـدىّ الألمّ الظاهر على نايتّ و الذيّ يحّاول جـّاهداّ كتّمانه فّقال بّهدوء
ـ أناّ قلتّ ذلكّ لأنكّ استفزتني فقط و تّعلم جيداّ أننيّ لا أقصدّ ذلك لذّا دّعنا لا نتّطرق إلى هذاّ الموضوّع أكثّر من هـذاّ
تّقدم كاّيل منهماّ و استندّ على المكتـّب بكلّتا يدّيه لّيقول بّنبرّة مستفّزة حادّة و خّبيثة فيّ آن واحدّ مستمتعّا بماّ يحدثّ من حوله
ـ أناّ لستّ ملبّ بمّا يّدور بينكماّ لكنّ دّعنا نلعّب لعبة الصّراحة قّليلا ، جديّ ألستّ خائّفا من كونّ هـذاّ الوحشّ الذيّ ربّيته بينّ يدّيك سوفّ
ينقّلب يوماّ عليكّ كماّ إنتقمّ ساّبقا من أقربّ الناس إليه ؟ ماذاّ عنكّ نايت ؟ ما السّر خلّف هذه التّحرّكات الخّفية وسطّ الظّلال ؟ أليسّ
سّبب الرئيسّي لهّا هو اعتلاء عّرش عّائلة لبير ؟
عندّ انتهاء كاّيل لّحديثّه شّعر بنشّوة الفّرح و هو يّرى ملامحّ جدّه المّصدومة و المتألمّة كأنهّ قدّ أصّابّ نقطـّة الصّحيحةّ الصّادقة بّداخله
بينماّ كانّ نايتّ مندّهشاّ بشدّة عندّما لمحّ ردّة فّعل جدّه ، فابتسمّ بّهدوءّ للحظاّت ثمّ وقفّ معطّيا كّلاهماّ ظهرهّ لّيتكلمّ بنبرته ّالمبحّوحة البّاردةّ
ـ و ما الذيّ سوف أتّوقعه مّن عّائلة أخذتّني إجبارا ؟ إذّا كّان هـذاّ ماّ تخاّله جديّ فأناّ سوف أتنحى عنّ جميّع أعمـّال المتّعلقة بّلبير لّكي
ترتاحّ أنتّ و يرتـّاح كـّايلّ أيضّا ، إنّ رّغبت سأغّادر الّقصر حاّلا
أمسكّ بّمقبضّ بابّ ثمّ استداّر ناحيّة كاّيل و ردّ على كّلامه المّسبقّ بّبرود
ـ تّقول أننيّ أناّ من أحاول اعتلاء عرشّ لبيرّ ؟ لكن أليسّ الأصحّ القّول أنّ زوجتكّ هي من تـّريد ذلكّ و هي من خططّت لهذا الأمرّ فأنّت
يّا كاّيلّ لمّ و لن تّكون أبداّ ندّا ليّ بدونها
عندماّ دوىّ صوتّ عّاليّ فيّ أرجاّء القصّر جّعلّ الرجّفة تّسّربّ إلى قّلوبّ سكّانه ، فجـأةّ فتحّ بّاب مكـّتبّ بّقوة و قدّ كادّ أن يّخلع من مكّانه
لّيّخرجّ نايتّ بّسرعة عّابرّا القّاعة فيّ ظرّف دقّائقّ و خـّلفه كانّ جدّ بيترّ واّقفا واضّعا يدّه على صدّره و كاّيل يسندّه الذيّ صّاح بّنبرة هادّرة
غّاضبة
ـ نـايت ، تّـعال إلى هنـّا أيهـّا الجّبّـان
صّعدتّ إليزابيثّ الدّرج بّسرعة و أمسكتّ بيترّ عندّما تّركه كاّيل و سّارع هو الآخرّ خلفّ نايتّ راكضّا بينماّ تاهتّ ماريّ بين ّالثـّلاثة ، و لمّ
تّعلم ما الذيّ يجّب عليهاّ فعله فيّ هذه اللحـظةّ ؟ لكنهاّ استجمعّت شجاّعتها و ركضّت هي الأخرى خلّفهما
خـّارجاّ فيّ حديّقة الواسـّعة لّقصر لبيّر كانّ الاثنينّ يّقفان مواجّهان لبّعضهماّ البّعض ، كّايل ممسّكا بّيّاقة نايتّ ساحبّا إيّاه ناحيّته فيّ حين
كانّ نايتّ يبتسمّ بكلّ سخريةّ و عينيهّ تنطّقان بّرودةّ ، لكّمه فّكادّ أن يّسقطّ لولا أنهّ عادّ يّجذّبه إليهّ ليلكّمه مجدداّ و لمّ يتجرأ أحدّ الخدمّ على
إيّقافهماّ ، فكيّف سّوف يّفعلون ذلكّ و همّ يّرون مّدى غّضب أسيادهم الهـاّدر و المـّدمرّ لمّا حّوله ؟ عندماّ وصّلت ماّري و وقعّت أنظاّرها على
زوجّها الذيّ ينـّال ضّرباّ مبّرحاّ بدونّ أنّ يّقوم بصدّ أيّ ضّربة ، شّهقت بّرعب عندماّ سددّ كاّيل قّبضته لصدرّ نايتّ تماماّ مكاّن جّرحه مماّ جّعله
يتـأوه بّشدة و هو يّبصق دماّ من فمه ،فركضّت بّسرعة و جّعلت نفسهاّ بينهماّ محتّضنة نايتّ بّقوة ، صـّاحتّ بّرعب
ـ نايتّ هل أنتّ بخيّر ؟ يـّا إلهيّ جرّحك ينزفّ مجدداّ ما الذيّ فعلته كاّيل ؟ ألاّ تّراه مّريضا ؟ فّل تنـّازلّ بّعدالة
رمقّها كاّيل بحـدةّ و قدّ التمعتّ عينيهّ بحقدّ ، بّغضّ لّعدوه الواقفّ أمامهّ فّدّفعها جاّنبا لّيمسكّ نايتّ مجدداّ ، قّال بّنبرة غّاضبة حاقدّة
ـ أيهاّ السـّافلّ لوّ لمّ تكنّ هذهّ الأعينّ العديدّة تّراقّبناّ لّقتلتكّ فوراّ و الآنّ
ابتسمّ نايتّ بّسخريةّ ثمّ نـزعّ يدّ كاّيل لّيعيدّ تّرتيبّ ملاّبسه بّهدوء و بّرود مستفّزا إياهّ ، اقترب منّه بّهدوء و همسّ بّنبرة مبّحوحة خّبيثة خاّفتة
ـ إنهّ أنتّ ، أليس كذلك ؟ أنتّ من حـّاول قّتلناّ و قدّ اعترفتّ تواّ أيهاّ الأبله
شحبّ وجّه كايّل و أبيضّ تماماّ كأنّ عّروقه قدّ توقّفت عنّ دفّق الدّماء فوجه نظّرات تاّئهة مصّدومة لّنايت الذيّ يبتسمّ بكلّ برودّ معّلنا انتصّاره ،
فّتّلعثم كايّل بّتوتر شديدّ و هو يّنظرّ فيّ كلّ اتجّاه عدىّ ملامحّ ابن عّمته
ـ ما الذيّ تقصدّه ؟ أنا لا أعلمّ عنّ ماذّا تتحدثّ
ضحكّ نايتّ بّنبرة صّوتهّ المبحـّوحة و هو يّربت على كتّفه سّاخراّ بينماّ تجمدّ كاّيل غيرّ قّادرا علىّ قّول أكثّر من هـذاّ فأجاّبه نايتّ على نكّرانه الفظيع
ـ أنتّ تّعلم تماماّ ما الذيّ أتحدثّ عنه و لقدّ برهنتّ هذاّ ليّ تـّوا لذاّ نكّرانكّ أو حتىّ اعتراّفك فلاّ فـّائدة منهّما الآن ، لكنّ ثّق أنّ ما فّعلته لنّ يمر
مّرور الكّرام فأناّ سـأحرّص علىّ ردّ ديّن لكّ أضّعافا
استـداّر و أمسكّ بّيد ماريّ المصدّومة بّدورّها ثمّ غـّادرا معـّا ، حيّنما بّقي كاّيل شّاحبا غيّر قادرّ على النـطقّ أو حتىّ الدّفاع عن نفسهّ ، فكّر
قّليلاّ بّرعب .. ألمّ يكنّ هوّ من حـّاول قّلبّ جدّهم بيتر عليه ؟ و ألمّ يكن هوّ منّ حرّض الجدّ على أفعـّال نايتّ الغيّر معقولةّ و عنّ تّصرفاتهّ الأنانيةّ
فيّ إدارة الشـّركة ؟ لكنّ كيّف إنقلبّ كل شيء عليه فّي ظّرف ثـّواني فقط ؟
أيعقـّل أنّه أثـّار شجـّارا معّ جـدّه و تّحدثّ بعـّجرفة قّبلا فيّ المكتّب مثّيرا أعّصابهماّ فقطّ لكيّ يّجعله يّضربه ؟ لجّعله يتـأكدّ منّ أنه هوّ من خـططّ
لحادّثة السّيارة ؟ لحـّادثة قّتل ماري ؟ أمسكّ رأسه و قدّ داهمهّ صّداعّ مفاجّئ ثمّ جلّس مستندّا على ركّبة قدّمه اليمنّى قّائّلا بّعدم تصدّيق
ـ ذّلك الوغدّ ، لقدّ أرادّ منيّ أنّ أسددّ اللكّمة لصدّره
بينماّ و تّعمقّا فيّ تلكّ الحدّيقة كاّنتّ ماريّ تسيّر بّخطّوات متّعثرة غّير متـّوازنة و هيّ تّسحبّ منّ طرفّ نايتّ فيّ حينّ يدّه محكمـّة القّبض علىّ
أناملهاّ و لمّ تّستطّع أنّ تلمحّ تعّبيرّ وجهه فيّ هذهّ اللحـظةّ مماّ جّعلها قّلقة ، خاّئفة منّ كّون لكّمة كاّيل قدّ أصّابتهّ بشدّة فّعّادت لّتفتحّ ذلك
الجرح الذيّ لمّ يندّمل قّط ،
فجأة اصطدّمت بّظهرهّ و كـّاد الاثنينّ أنّ يسقطّا لوّلا أن نايتّ تمالكّ نفسهّ في آخر لحـظّة و هو يتمسكّ بّغّصن شجّرة مّا ، التفتّ إليهاّ و نـّظراتهّ
البّاردة لا زالتّ تّلازمه فّتوترتّ ماريّ لتهمسّ بّترددّ
ـ هلّ أنتّ بخير ؟
فّتح شّفتيهّ لّيقول شيئّا ماّ لكنّه صمتّ فجـأة علىّ مضضّ ، نـظرّ إلى الأعلىّ قـّليلاّ ثمّ تنهدّ و اقتربّ منهاّ ليمسكّها منّ كتفيهاّ و يقّرب وجـّهه منهّا
بّهدوء ثمّ قّال بنبرةّ حـّادة
ـ لا تتدّخلي فيمّا لا يعنيكّ مجدداّ ماريّ، أنتّ لستّ سوّى ضّيفة هناّ بهذّا القّصر و مـّدة إقّامتكّ لا تتعدّى زيّارة طّفيفة لذّلك لاّ تحاوليّ مجدداّ أنّ تّلعبّي
دورّ البطّلة
صّمتتّ للحـّظّات مّخفضةّ رأسهّا للأسّفل ، ثمّ رفّعته و نـظرّت إلى نايتّ بعينينّ ممتّلئتينّ بدّموعّ حـّاولتّ كبّحهمّ لكنهاّ لمّ تستطّع ، دوماّ ما يّدفعهاّ
بعيداّ عنه.. دوماّ ماّ يّرميّ بكلمّاته المّسمومة إلىّ قّلبها كأنهّ يتلذذّ بّرؤيةّ حزنهاّ لكّنها لنّ تسّتسلمّ له ، لن تستّسلم حتّى تّعرفّ تلكّ الأسّرار التي
قصدّتها إليّزابيثّ و حتّى يّعلم بمدىّ حبّها اللا محـّدود التيّ تكنّه له فّاحتّضنتّه بّقوة لاّفة ذّراعيهّا المرتجّفتين حوله ثمّ صـّاحت بنبرة قّلقة مرّعوبة
ـ لقد كـّنت قّلقة عليكّ أيهاّ الأحمقّ
تنهدّ بّخفوتّ ثمّ مـدّ يدّيه ليمسكّ بكّتفيهاّ و يّبعدها عنهّ ثمّ أخفضّ رأسهّ لكيّ يّلتقيّ مستّوى نظّريهماّ ، عّينيه الـداّكنتينّ كسماّء العّاصفة فيّ غّضبها
و عّينيهاّ الواسّعتينّ اللتاّن تعكّسان مدىّ عمقّ حبّها له ، فّتحدثّ بنبرة بطّيئة و بّاردة
ـ أناّ لا أحبّ هذاّ، لاّ أحبّ نّظرتكّ هذّه ماريّ.. تّرمقيننيّ بّقلق كأننيّ زجاجّ هشّ سينكسّر فيّ آية لحـظةّ بينماّ أناّ ذلكّ النوع من الرجاّل الذيّن
يّلقبونّ بالذّئاب
صمّتت ماريّ بّدهشة و لمّ تجدّ من الكّلمات ما تّراه مناّسبا لقوله له ، لماذاّ يتصّرف بّهذه الطرّيقة ؟ ما العمـّل معه ؟ حينماّ ظهرتّ إليزابيثّ
من خلّفهماّ قادّمة بثّوبهاّ الأسودّ الحريريّ المنسدّل بكلّ عنفوانّ و حرّية علىّ جسدّها النحيّل و على مّلامحّها تعبيرّ الغّيض و الحقدّ فإقتربتّ منهماّ
كقّاية و صّاحتّ بنبرةّ صّوتهاّ الرقّيقة
ـ أرجّوا أنّ لاّ أكونّ قدّ قّاطعتّكماّ ؟
نـظرّ نايتّ إلى ماريّ ببرودّ كأنه ينبههاّ أنّ لا تنسىّ ماّ قّاله تّوا ثمّ التفتّ ناحية إليزابيثّ و هو يّسير باتجاهها قّائلا بّلا مبّالاة
ـ لقدّ انتهيّنا ، ألمّ تخطّئيّ فيّ المكانّ ؟ فّمن المفّترضّ أن تكونيّ الآن بّرفقة زوجكّ تّواسينه علىّ خفـّة عقّله
ربّت على رأسهاّ قّليلاّ مبّتسماّ بكلّ سّخرية لّيرحلّ بكلّ هدوءّ ، فّسّارعت إليزابيثّ بّتوجيهّ أنظاّرها إلى حيثّ ماريّ التيّ لم تّلتفت إليهاّ قطّ بلّ بّقيت
واّقفة تماماّ كماّ تركّها نايتّ تواّ فّركضّت مسّرعة إلى حيّثما كاّن زوجهاّ ، همستّ بّخفوتّ
ـ سأحرّص علّى جعّلك تّرى صدّق مشّاعريّ الحقيقيةّ نحوكّ نايتّ و لنّ أستسّلم قّبل أنّ أفعل ذلكّ ، لذاّ مهماّ قّلت و مهماّ قّلت فأناّ لنّ أبّالي بّعد الآن

/

خفّية بدأت تـّلك الـّظلال بّنشرّ سّوادها فيّ الأرجـّاء و بسـّكون مريبّ نجحتّ بالوصّول إلى مسّعاها أوّ مسّاعيهاّ إنّ صحّ القّول ،
فبيّن غّيوم المتّراكمة فيّ السماّء التيّ حّجبت أشّعة الشمسّ كعّادتها كآن يّقف و عيّنيه الـزرّقاوتين البّاهتتين مّليئتين بالّضياع
ذلكّ الرجلّ ذو البّذلة السـّوداء الـّرسمية و ربطّة العنقّ المّرمية بإهمـّال حـّول عنّقه و بالّرغم منّ منـظرهّ اللا مبالي كـّان قّد حاز على أنظار
الكّل فيّ تلك القـّاعة الواسعة ، فّسّلك بّخطوات هـادّئة و بـطيئة جدا و ماّ إن وصّل إلى غـّايته ، حتىّ جلّس باستقامة و عينيه لا زاّلتا تجـّولان
فيّ الفّراغ بّلا هوادّة و لا وجـّهة محددة
لحـظاتّ حتّى وصّل شاب آخر يّضع قلنسوة ماّنعا الغيّر من رؤية ملامحه ، اقترب منه ببرود ثمّ سحب الكرسيّ و جّلس واضعاّ قدماّ على الأخرى
زاماّ شفتيه بغيضّ و لا يبدوا أن المجيء إلى هنا كان بّرغبته ، قال بّحدة
ـ يستحسنّ أن يكونّ لديّك سّببا مقنعّا لكيّ تطلبّ مني القدومّ ديميتري
ابتسم ديميتري بّبرود و أخرجّ من جّيب معطفّه الرماّدي برقيةّ صّغيرة ثمّ رماهاّ بلا إهتمام نـاحيةّ ذلكّ الـرجلّ ، فمدّ الأخير يدّه لكيّ يحملهاّ لولا
أنّ ديميتري و في نفسّ اللحـظة أحكمّ القبضّ على يدّ الرجلّ قبّل أن تمتدّ إلى غايتهاّ ، سحّبه بّقوة ناحيته ثمّ و بخفة لوا ذّراعه ، مالّ رأسه قّليلا
و همسّ بنبرة غّاضبة محذّرة
ـ يستحسنّ بكّ ألاّ تستعّمل هذهّ النبرة مجددّا معّي و تّعلم جيدّا كّيف تتحدثّ مع أسّيادكّ أيهاّ السّافل
كتمّ الرجلّ صّرختهّ عندماّ شعرّ كماّ لو كـأن الدماّء تسحبّ من ذّراعه أومـأ مّسرعاّ دّلالة على الإيجاّب ليتركهّ ديميتري و شـأنه مبّتسما بّكل مرّح
ـ سوفّ تجدّ التعليماتّ بداّخل الـبرقيةّ لذّا خذّها و أغّرب عن وجهيّ الآن قّبل أنّ أكسّر رقبتكّ هذه المرة
نظرّ إليه الرجلّ بأعينّ حادةّ تلمعّ بالحقدّ و الكّراهيةّ لكنّ و بذّل وقفّ ثمّ غادرّ مسّرعا ، ليسّ بيده أنّ يفعل شيء و كيّف يتجرأ على التفكيّر
فقطّ بإيذائه و خصّمه هوّ ديميتري ،

/
__________________