عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 12-28-2015, 11:32 AM
oud
 
بـّعد مـّرور أسبّوعينّ عـّادتّ أجـّواء القّصر الهادّئة المفـّعمة باّلحياة لتّزور أرّكـانه فّهاهمّ الخدمّ يّتسامـّرون حـّول مبّاراة الهوكي
التيّ أذيّعتّ فيّ التلفـّاز و منّ بينّ أولائكّ الخـدمّ كّانت سوزيّ نائمةّ فيّ الرواقّ مسندةّ رأسها على الجداّر و تمسكّ بين يدّيها مزهـّرية
فّخمة تّعود للقّرن الثامنّ عـشّر ، حينّ اقتربتّ منها ماريّ مـّرتدّية سّروالاّ قّصيرّا أسودّ و كنزه صّوفية طّويلة زرقّاء اللونّ فّوضعت يدّها
على رأسّ سوزي و بّعثرت شعرهاّ قليلا لتفتحّ الآخيرة عينيهاّ بتعبّ ، لحـّظات حتىّ استوعبتّ منّ هيّ التيّ أيقظتها فكادّت أن تّقف لولا أنّ
ماريّ هـزتّ رأسهاّ نفيّا و هيّ تّبادرّها بّإبتسامة لطّيفة مـّرحة ، قـّالت سوزيّ بّأسّف
ـ أنـّا فعلاّ أسّفة سيدّتي ، أرجوكّ أخصميّ هذاّ من راتبيّ
ضحكـّت ماريّ و جلّست بجاّنبها مسندةّ ظهرها على الجـداّر حيثّ كانّتا مختبئتينّ فيّ زاوية ماّ من ذلكّ الـرواقّ الطـّويل ذّو البسّـاط الأحمـّر ،
تحدثّت ماريّ بّمرح
ـ لاّ عـّليك فـّكلتانا تتهّرب من واجّباتهاّ ،
نـّظرت سوزي إليهاّ بّدهشة ، إنهاّ عـّكس الإشاعات تمّاما فّالكلّ يّقول أنهاّ أتتّ لتنهبّ ثروةّ لبيّر لكن ربماّ يجدرّ وصّفها بالخرقّاء أكثّر من نعتهاّ
بّالداهيةّ الماكرّة ، قهقهتّ سوزيّ بّصوتّ خافتّ فّضحكتّ ماريّ معهاّ عندّما وقفّ ظلّ أمامهماّ ، نـظرّتا إلىّ فرانسواّ الذيّ يّعقدّ يّديه إلى صدّره
بّصبرّ ، تحدثّت ماريّ بّضحكة
ـ هل تـّبحث عن مخبأ فرانسوا ؟ يمكننّا أنّ نصنـّع مكاناّ لك
رمقّهما فرانسواّ بّتعبّ ثمّ جلّس بجاّنبهماّ مغّلقا عينيهّ و محـّاولاّ أخذّ قسطّ من الراحـّة لتدهشّ الاثنتينّ فلم تكنّ لّتظن ماريّ أو سوزيّ أنه بالفـعّل
سيجلسّ لكن هاهوّ مثّلهماّ تّرهقه أعبّاء أعمالهّ المتراكمةّ ، و لكلّ منهمّ شيءّ يثقل كاهله
بّعد دّقائق غفّى فرانسواّ من شدّة تعبه مسنداّ رأسه على الجـداّر الذيّ خلفه و سوزيّ بدّورها كـّانت تّنامّ بعمقّ هي الآخرى ممسكـّة بذّراعه بينماّ
لفتّ ماريّ ذّراعيها حولّ ركبّتيها لتّضع رأسهاّ بّهدوء عليهماّ ، فكـّرت بّأسى
بّعد أنّ قامّ نايتّ بطرّدها صّارت تتجّنب أيّ لقّاء أو احتّكاكّ معه فلمّ تحاولّ أنّ تّرمي ابتساماّتها المرحةّ و لاّ نكّتها كعّادتها بّل إكتفت فقطّ بالابتعـّاد
عنه و تنفيذّ مطّلبه ، إنهاّ لا تملكّ الشّجاعة لكيّ تواجّهه و لاّ الجرأة لتسأله ، فـّزفرت بّقليلّ من الغيضّ و رفـّعت عينيهاّ لترى كاّيل يّقف على مقّربة
منهاّ مبتسماّ بكلّ مرحّ بّرطبة عنقه الماّئلة و سترتهّ السّوداءّ فّقالت ماريّ بّبرود
ـ ما الذيّ تّريده ؟
وضـّع يدّه على فمهاّ فجـأة و سحّبها فّحاولت المقّاومة لكنّه كّان أكثّر قّوة منهاّ ، إلى غاية ابتعادهما كّفاية عنّ فرانسواّ فّتركهاّ لّتتنفسّ صّعداء
فاستعدت لشتمه بّعصبية لّيعيدّ وضـّع يدّه على شّفتيها مانعّا إيّاها منّ الحـّديّث أو إصّدار أّي صّوت ، حيّن لمحّتهما إليزابيثّ و قدّ كانت تسّير بّرفقة
نايتّ و كّلاهما تّعلوّا ملامحهماّ صّفات الجـدّ إذّ أنّ الموضوّع الذيّ كاناّ يتحدثّان بهّ يستدّعي هذّه الجديّة ، لحـّظة وصّولهماّ تّرك كاّيل ماريّ بّسرعة
دّافعا إياهاّ للخلفّ و فتحّ ذّراعيه على وسّعهما قـّائلاّ بّنبرة ماّزحةّ متلاعبّة
ـ حبّيبتي الشخصّ الذيّ كنتّ أبحثّ عنه تماماّ ،
فّرمقته ماريّ بّنـظرّة ناّرية خطّيرة و لوّ أنّ الأمّر بيدّها لقـّامت بّقتله دونّ تـّردد لكنّ كل هـذاّ اختفى عنـدماّ لمحتّ نايتّ الواقفّ بجاّنب إليزابيثّ
و عينيهّ الداّكنتين تّبادلانها بّسخريةّ و استهزاءّ فّاستدّارتّ معطّية إياهمّ ظهرهاّ و هيّ تسيرّ بّخطّوات سّريعة و متعـّثرة ، قدّ كان واضحاّ مدى
توترهاّ و بالأحرى غّضبها المكتومّ ، عندّ اختفائهاّ تحدثّ كايلّ باستغرابّ
ـ نايتّ ما الأمرّ مع زوجـّتك ؟ إنهاّ تتصرفّ بّغرابة أكثرّ من المعـّتاد
تجاّهله نايتّ سّابقّا إياهماّ إلى طاّولة الإفطـّار فّتبعه كاّيل ليحيط كّتفي نايت بّذراعه اليمنى ، قّال بنبرةّ مستنكرة و خبيثّة فيّ آن واحدّ
ـ هلّ تشاجّرتما ؟ يـّاله منّ أمرّ مـذّهل و هيّ الآن غـّاضبة منك ؟ هـذاّ مدّهش لمّ أكنّ لأتخيّل أبداّ أنّ ماريّ ستغضّب أعنيّ دوماّ ماّ أعطّيها منـظرّ
القطّة الوديّعة لكنّ أظنّ حتى للقطّة الوديّعة مخالبّ ، إذّن ما الموضوّع الذيّ أدى لشجّاركما ؟ أخبرّ آخاك الكبيّر
زفـّر نايتّ بّحدةّ و أنزلّ ذّراع كايّل بّصبر فّنظرتّ إليهما إليزابيثّ بمكرّ هي الأخرى و اقتربتّ منهما لتلفّ ذرّاع نايتّ مسندةّ رأسها على كتفهّ قاّئلة
بكلّ دلالّ
ـ يمكنّني المساعدّة إنّ أردتّ فـأناّ هنا كماّ تعلم
أغّلق عينيهّ بّقلة صّبر ثمّ دّفع إليزابيثّ جاّنبا و سّار بّخطوات سّريعة إلىّ حيث لا يتواجدّ هذّين الإثنينّ ، عبرّ الـرواقّ و نـزلّ الّسلالمّ بخفة
بينماّ كايل ينادّيه بسخريةّ و صوتّ ضحكاّت إليزابيث كّصدى رنينّ فيّ ذلك القّصر حينّ لمحّ ماريّ تعودّ أدّراجها حالماّ رأتهّ لكيّ تختفيّ إلى حيثّ
لاّ يزعجّ وجودّها عينيهّ ، صـاحّ بنبرةّ مبحـّوحة حادة
ـ مــاريّ
تـّوقفّت عنّ السيّر و نـظرّت إليه منّ أسفلّ السّلالمّ فّتنهدّ بّبرود و سّار ناحيّتها لكنهاّ استدّارتّ معطيّة إياه ظهرهاّ كـّان الأمرّ واضحاّ أنهاّ تحاول
تجّنبه منذّ أسبوعينّ و قدّ فلحت في ذلّك إلى غاية هذّه اللحظةّ حينماّ اقترب منها كفّاية كادّ أن يتحدثّ لولاّ صّراخ كاّيلّ القادّم
ـ مــاريّ انتـظرينيّ
ركضّ متخطيّا نايتّ و احتـّضن ماريّ من الخلفّ بّقوة واضّعا يديّه حولّ رقبتهاّ ، لمّ يكنّ هذاّ أمرّا عـّادياّ لسكان القصّر أنّ يجدوا الشخصّ الذيّ
عـّارضّ وجودّ ماريّ بقوة فيّ القّصر يّتودد إليهاّ كما لو كـأنهاّ صدّيق قديمّ و لمّ يكن هـذاّ صّائباّ حتى لماريّ فحاولت أنّ تفّك ذّراعيه لكنّه
كان ممسّكا بها بكلّ إحكـّام ، قـالت بنفـّاذ صّبر
ـ ما الذيّ تـّريده بّحق الله ؟
سحّبهاّ إلى الأسـّفل مبتعـداّ عن أنـظاّر نايتّ النـّارية الخـطيّرة ، أمـّام بـّاب المّؤدي إلىّ المخرجّ تّوقفا عنّ السّير ليّمسك كايّل كّتفيّ ماريّ و
يّجعلها تواجههّ ثمّ همس بّنبرة جديّة
ـ مـّاريّ ، أريـدّ منكّ مـعروفاّ
رمقّته بعينينّ بّاردتينّ ثمّ زفّرت بكلّ تعبّ و أومـأتّ رأسهاّ فهي لن تتخلصّ منه إلا إذاّ وافقّت علّى تـّنفيذّ مطلّبه لذّلك أجابته بّكلّ هدوء
ـ حسناّ لقدّ كنت أعّلم منذّ البداّية أنكّ تـريدّ مني شّيئا ، إذنّ أخبرنيّ ما الذيّ تتمناه ؟
ابتسـمّ بكلّ مرحّ ثمّ احتّضن ذّراعهاّ اليمنىّ لّيسيراّ خـّارجاّ فيّ الحـدّيقة ، تنهدتّ مفكرّة ما السببّ الذيّ يّجعلهاّ تّسير علىّ هواه ؟ إنهّ دوماّ ما
يّفتعل الشجاّر مع نايتّ و يحـّاول أنّ يخرجهاّ من القّصر كماّ أنهّ كّان منّ المعـّارضين علىّ زواجّهماّ ، هوّ شّاب لّعوب خانّ إليزابيثّ فيّ فترة
خـّطوبتهماّ برفقة تلكّ النادلّة ، لكنهاّ تجاّهلت كلّ هـذاّ عندّما بدأّ هو بالكلاّم
ـ ماّ رأيكّ لو نذّهب جميـعّا فيّ رحلة كيّ نرتاحّ قليلاّ من أعبّاء العملّ ؟ إنهاّ فّرصة رائـّعة لتعويضّ عنّ عدمّ ذهابّك معّ نايت فيّ شهر عسّل ؟
إذّا ما الذيّ قلته ؟ ماهو رأيك ؟
ابتسمـّت فجـأةّ بكلّ سعادة و أمسكتّ يدّيه حيّن بدأ الحماسّ يّعتريها ، بلّى إنهاّ فرّصة رائـعةّ لتّقترب منّ نايتّ أكثرّ و تّفوز بّحبه ، فبّعد موقفّ طرّدها
كاّنت الأجواءّ متوترةّ و غّريبة لكنّ إذاّ ذهبت فيّ رحلة لتزلجّ أوّ الشـاطئّ قدّ تستطيعّ التحدثّ مع نايتّ مجدداّ لذّلك أجاّبته بّفرح
ـ كايلّ ياّ لك من عبقريّ، أناّ موافقّة بكلّ تأكيدّ إذنّ متى سنـذّهب ؟
رمقّها كايّل بّخبث رافّعا حاجّبيه بكلّ مكرّ و قدّ نجّحت خـطّته فيّ استمالة موافقة ماريّ ، إنهاّ أغبّى من أنّ تشكّ بشيء لذّلك قّال بّحزن مصّطنع
ـ لكنّ هناّ تكمنّ المشكلةّ فجديّ لا يريدّ الذهابّ لأنّ نايت لا يريدّ ذلكّ و هنا تكمنّ مهمتكّ ماريّ ، حاوليّ أن تقنعيّ نايتّ بّأخذّ قسطّ من الراحـّة
، أنـّا أعتـمدّ عليكّ
ثمّ لوحّ لهاّ بّكل مرحّ مغـّادراّ بينماّ ماريّ تّقف بكلّ بلاهة تحدقّ فيّ المكان الذيّ كان كايّل متواجدّا به ، كيفّ لها أنّ تقنعه بينما هي بالكاد تتحدث
معه ؟ بلّ بالكادّ تلمحه ؟ صّاحت بّعصبية و هي تّهز رأسهاّ نفّيا
ـ لنّ أهتـمّ بـعدّ الآن حبّ كان أمّ كـره
اتجـهتّ إلىّ جناحهاّ صـّاعدة الّسلالمّ مسرّعة راجّية ألاّ تّصادفّ أحدّهم، فتحتّ بّاب غـّرفتها ثمّ أغلقتهّ خلفهاّ لكيّ تّرميّ بجسدّها على السّريرّ
موجـّهة أنظارهاّ إلى السـّقف ، لمّ يسبّق لهاّ أنّ تجاّهلت أحداّ أو تّصرفتّ ببّرود للغيرّ لكنّ الآن أصّبح الأمرّ كماّ لو كأنه عـّادة و هذّه العادة اكتسبتهآ
من ذلكّ الشّاب الذيّ يّرفض أخذّ اعترافها بحبّها على محملّ الجدّ ، استداّرت بّتعبّ لتنظرّ إلىّ الـّشرفةّ و قدّ كانتّ الريّـاح تّهب بقوة حاملة معهاّ ستارّ
الأبيضّ فابتسمتّ بّخفوت و أغّلقت عينيهاّ بهدوءّ محاولة أخذّ قسطّ من الراحـّة ، إلىّ أنّ غـّادرتّ واقّعها متجهّة إلىّ عـّالم خيّالها الواسـّع حيثّ كل
شيءّ ممكنّ ، حيّث يمكنهاّ أن تحـّلم بحبّ نايتّ المتبادّل لهّا دونّ ألمّ و بـّغير خوفّ ،

/

وضـّع حقّائبه علىّ الأرضّ ثمّ مسحّ عـّرق جّبينه بّكمّ سترتهّ السوداّء ، رفـّع يدّيه عـّالياّ محـّاولا طـّرد الكسّل لكن ذلكّ لم يجدّيه نفّعا فهاهو يتجّه
إلى الأريـكة ليستلقيّ عليهاّ بّكل راحـّة بـّعد دقّائق إمتدّت أنامله لآلة التحكمّ الموجودّة أسّفل الأرضيّة و ضـغطّ على زرّ التشغـّيل ،
بقيّ يّقلبّ القّنوات بلاّ اهتمام ثمّ وقفّ بكلّ كسّل ليتجّه إلى غّرفة نومّه و بـّعد فترة عندّما فتّح البـّاب على وسـّعه و دّخلت فـّلورا بّرفقة سيدّة فـّرانسيسّ
قدّ كـّانتا الإثنينّ تتحدّثان عنّ إرتفـّاع أسّعـار الخضّراواتّ و كيفّ أنّ الباعة يحاولونّ أنّ يكسبواّ المـّال من خلفّ ظهور المـواطّنين ، حينّ لمحتّ
فرانسيسّ حقّائب المّلقاة جاّنباّ بّفوضوية فّقالت بّتسـاؤل
ـ فلورّا هلّ أخبـّرك ويّليام بّموعد عودتّه من أستراليّا ؟
أومأتّ فلورا نفّيا و هيّ تفتحّ الثـّلاجـّة لتّضع عـّلب الطّعام بدّاخلها و العديدّ منّ الخضّرواتّ التيّ ذّهبا لشّرائها تواّ ، ثمّ قـّالت بنبرّة غـاّضبة
ـ ذلّك الرجلّ كمّ أتمنى سّحقه، إنهّ غبيّ و بّلا فـّائدة فماّ إنّ تشتدّ الأمورّ صـّعوبة حتىّ يحملّ سترتهّ و يدّعي ذّهابه فيّ جولة موسيقيةّ و منّ هذاّ
الذيّ سيصدّق عذّرا تّافها كهذا ؟ علىّ أيّة حاّل لمّ يتحدثّ معيّ منذّ أسبوعينّ كماّ لو كأنّ قياّمه باتصال من استرالياّ سيكّلفه ثّروة ذلكّ الأحمقّ
رمقّتها فّرانسيسّ بنـّظراتّ ماكـّرة و هيّ تحـّاول أنّ تـّكتمّ ضحكّاتهاّ علىّ ملامحّ فلور المنزعجّة و قدّ كان واضحـّا مدّى غّيرتهاّ التيّ و بالّرغم من أنهاّ
أرادتّ إخفائهاّّ بسيلّ الشتائمّ إلاّ أنهاّ لم تّستطّع فّملامحّ المـرأةّ الواقـّعة بالحبّ واضحـّة كشّروق الشمسّ ، لذلكّ ترّكتها فّرانسيسّ تفرغّ ما بجّعبتهاّ
منّ أسى مستـّمعة لّحديّثها و هي تعّبر الـّرواق متجّهة إلىّ غـّرفة المعـّيشة ، صّاحتّ بنبرةّ مرحـّة
ـ أنـّا لا أفّهم ما إنّ كنتّ قلقة بشـأنه أوّ تـّريدينّ قّتله ؟
رفـّعت قّميصّا مرّميا على الأرضّ و قدّ استغربت وجودّه فكلّ ثلاثة أيّام تـأتيّ هي بّرفقة فلورا لتنّظيف الشّقة ، عندّما اتتّ فلورا منّ الخلفّ و هي
تّتحدثّ بكل عّصبية
ـ أقّلق بّشـأنه و هل أنا غّبية لأفعل ذلك ؟ ذّكريني لماذاّ نقوم بتنظيّف شّقته ؟
تنهدتّ سيدّة فرانسيسّ بّهدوء و هي تعـّلم تماماّ ما الذيّ سوف يأتيّ خلفّ جّملتها هـذه ، سّيل من بّوابل الشتائمّ كعـّادتها و مهماّ نصّحتها بالتحلّي
بّصبرّ إلاّ أن لسانّ فلورا البذيء يّرفضّ تركهاّ ، فقـّالت بّبرود
ـ حسناّ لا أحدّ يجّبرك على فّعل هـذاّ فلوراّ ثمّ ألم تّقولي أنهّ لديّك أعماّل ماّ ؟
راقبتهاّ فلورا منّ طّرف عينهاّ و زفرّت بكلّ غيضّ عندّما تذّكرت موعدّها لتسوقّ مع آرثّر الذيّ بات يّستغلّ أمرّ تّقربها منّه و لطّفها الوهميّ لجّعلها
تقومّ بمختلفّ مهماتّ كغسلّ ملابسه أوّ إحـضّار الغـذاّء من المـطعّم أو حتّى تّنظيفّ شـّقته ، شتمتّ بّحدّة لتّقوم فرانسيس بّضربها على رأسهّا بقوة
و وجههاّ محمرّ منّ الغضّب
ـ كّلمات كهذّه لا يجدرّ بّفمّ شّابة أنّ يتفوه بهاّ ،
قطـّبت حّاجبيها و هيّ تّحكّ مكانّ الضـّربة قـّائلة بّنبرة سّاخرة مستهوية و هي تّقومّ بمسّح الغـّبار منّ شّـاشة التّـلفاز
ـ لقدّ بتّ أشعرّ أننيّ فيّ الآونة الأخيـّرة أصبحّت ربّة منـّزل أكثّر مماّ أنـّا صّحافيةّ ، سيدّة فرانسيسّ أتّعلمين ؟ ربمّا يجدرّ بيّ أنّ اكتبّ تّقريرا علّى طرّيقة
عيشّ ويليامّ دويلّ المشهورّ سأفكرّ بها كمكافئة على جّعلي أكدحّ مؤخرتيّ فيّ تنظيفّ شقته
زفـّرت سيدّة فرانسيسّ بتشّاؤمّ و قّررتّ تجّاهلهاّ ، بالـرغمّ من أنهماّ أختينّ إلّا أنهماّ مختلفتينّ تماماّ فّماريّ فتاةّ ساذّجة خـجّولة لا تّجرؤ على قّول لاّ
لأحدّ بينماّ فلورّ جّامحة تّنهيّ كلّ من يّقف بطّريقهاّ و ذّات مزاجّ حـادّ لكنّ كلاهماّ لا يعلماّن كيّف يخبئان حّبهما
دّفعتّ فلوراّ بابّ الغـّرفة بّقوة ليصطدّم بالجّدارّ ثمّ رمتّ بّسّلة الغـّسيل علىّ الأرضّ و هي تسيرّ بخـطّوات غّاضبة اتجاه الخـّزانة متمتمةّ بشـيءّ ماّ
عنّ نشرّ صّور لشّقة ، استدّارت ناحية السّرير و جذبّت الغـطاّء بّقوة لتفاجئ بوجودّ ويّليامّ الذيّ يّرمقاها بنـّظرات لا تبشّر خيّرا فّصّرختّ بذّعر و هي تصّيح
ـ يا إلهي ويليام ألا تّعرفّ كيف تستأذن ؟ أيهاّ الوغدّ لقدّ أفزعتني
رفـّع الوسـادّة و سدّد بكلّ قوة لوجّهها فّسقطّت أرضّا ، وقفّ و قـّام بّسحّبها منّ يّاقة قّميصها من الخلفّ مجّبرا إياهاّ على السّير ثمّ دّفعها خـّارج
الشـّقة صّارخاّ بّعصبيةّ
ـ لاّ تعـوديّ أبـداّ إلى هنـّا
بّقيت فلورا لفترةّ مستندةّ بّذراعيها على الأرضّ و تنـظرّ إلى ذلكّ البّاب الذيّ أغلقّ بكلّ قوة فيّ وجّهها المحمّر بينماّ الغـّضب يتصـّاعد تّدريجيّا حيـّن
وقفّت بّهدوء ثمّ ركـّلت البـّاب لتكسّر المقّبضّ و المفتـّاح معّا ثمّ صـّاحت بّصوت هـّادر
ـ أيهـّا السـّافلّ الوقـّح، أتجرؤا على طّردي أناّ ؟ أنـّا فلورا روبرت؟ سـّوف أريكّ يا نـاكر الجميّل ، يـّا جـّاحد المـّعروف ،
و قدّ كانّ ويّليام على وشكّ الاستلقّاء عنـدماّ انتـّقل إلى مسّامعه صّوت فلورّ العّاصفّ فتنهدّ بّأسى و وضـّع وسـّادة على رأسه ملفّا الغطاّء
حّوله متمتّما بّبرود
ـ أهلاّ بّعودتكّ ويّليامّ إلىّ لندّن
أمـّا فيّ الـّرواق فقدّ كـّانت سيدّة فـّرانسيسّ تمسكّ بفلوراّ من خصّرها دّافعة إيّاها إلىّ الخـّارج و هـكذّا تـّم تأجيـّل تنـظيفّ الشّقة أوّ ربماّ عدّم
تنظيّفها أبداّ حينّ اقتربّ آرثّر منهماّ واضعّ يدّيه على أذّنيه مانعّا صوتّ فلور منّ التسّرب إلى أذّنيه مرتدّيا سّروالا ريّاضيّ و قميصّا مفتوحّ الأزرار
أزرقّ اللونّ بينماّ شعرّه البنيّ الذيّ اعتـّاد تّصفيفه بّعنايةّ كانّ مشعتا و شّبيها لماريّ سابقا ، قّال بّاستنكارّ
ـ ما الذيّ يجري ؟ ما الذيّ حدثّ للبّاب ؟ و ما الأمرّ مع فلور؟
نـظرّت إليه فلور بحدّة ثمّ رفـّعت قّبضتها أمامّ وجّهه لكنها تّراجعتّ و هي تبتعدّ إلى الخلفّ ثمّ استداّرت و غـّادرت باتجاه شّقتها تتحدثّ أثّناء سيّرها
إلى نفسهاّ
ـ ما الذيّ يظنونّ أنفسهمّ هؤلاءّ معشّر الرجاّل ؟ المرة القاّدمة التيّ سأراه فّيها سأحرصّ على تحّطيم ذّقنه و أسنانهّ بأكملها لكيّ لاّ يتفوه
بكّلمة أخرى طـّوال فترة عيشه
تنهـدتّ سيدّة فرانسيسّ بّأسى و هي تفركّ جبهتهاّ ثمّ اتجّهت إلىّ مطبّخهاّ كيّ تحضّر الغـذاّء بينماّ بقيّ آرثر واقفّا لوهلة غيّر قادرّ على استيعابّ
ما الذيّ حدثّ تواّ ثمّ هز كّتفيه بلا مبّالاة لّيعودّ إلىّ غـّرفته كيّ ينعمّ بّنوم هـادّئ بهـذّه الظهيرةّ

/

فيّ غـّرفتهاّ الكبـّيرة كـّانت مسّتلقية علىّ سّريرّها ذوّ الغـطاّء الحـّريريّ البنفسجيّ ، تّمسك بّحاسوبهّا المحّمول و تضّعه فوقّ معدّتها بينماّ
يدّيها تّقوماّن بطّبع الحرّوف بكلّ سّرعة حينّ تنهدتّ بأسى حاّلما لمّ تجدّ ما الذيّ كرّست نفسهاّ للبحثّ عنه و رمتّ بالحاّسوب جاّنبا لتجلّس
على ركبّتيها مفكـّرة ،
ـ دّيميتري ؟
هـذاّ غـّريبّ لكنهاّ لم تجدّ أيّ معـّلوماتّ عنه أوّ حتى من يكون ، هذاّ الشّاب يّريد تدّمير العـّائلات العـّريقة كماّ قـّال و إنّ كادّ يّريدّ تدّميرها فّيجبّ
عليهّ أنّ يّكون ثّرياّ أولاّ لكّن لماّ لا تستطيعّ اقتفاء أثره ؟ فّزفرت بّغيض و هي تفكرّ بكلّ جديّة ، لماذاّ التقط صورة لها ؟ أهذا يعنيّ أنه سيلتقطّ
صوراّ لجميع فتياتّ العائلات المترفة ؟ أماّري أيضّا ؟ حيّن تذّكرت كليرّ ماري ضرّبت رأسها بّقوة صّائحة
ـ يا إلهيّ لقدّ نسيتّ ، المّلفّ موجودّ لدى آرثرّ
قطّبت حاجبيها و رفعت هاتفها لتتصّل به لكنّ كعادته وجدّته خارجّ مجال التغطّية ربماّ قدّ وضعها في قائمة التجاّهل لأنهّ كلما اتصلت به وجدّته
مغّلقا أوّ مشغولاّ، ألاّ يريدّ أن يبتز ماريّ للحصول على النقود من أجل مشروعه الجديد ؟ أيّعقل أنه وجدّ خطة آخرى لا يريدّ منها أنّ تعملّ معه
عليها ؟ رمقتّ اسمه الذيّ احتل أعلى شاشتها بقّليل من العّتب ثمّ قّالت
ـ الفتيانّ دوماّ ما يحاّولونّ إظهار كرامتهم ، على أية حالّ أنّ لاّ آخذه على محمل الجدّ فهو لمّ يّنجحّ فيّ عملّ شيء طوالّ حياته لذّلك سّأتصرفّ
أنا معهاّ حالماّ أراهاّ ،
وقفّت و عـّبرت الرواّق متجـّهة إلى المـطبخّ حيثّ كانّت السيدّة ليكسيّ تّشرف علىّ الخـّادماتّ بّصّرامة مرتديّة عّقد لؤلؤا نادّر كانّ قدّ قدّمه لهاّ
رويّ فيّ عيدّ ميلادّها الأسبوع الماضّي و فستاناّ بّسيطاّ لكن فيّ نفس الوقتّ فخمّ مبّرزاّ مستوّاها الراقّي ، فجلّست كليّر على الكرسيّ مستندةّ بظهره
علىّ الطاّولة و تّلعبّ فيّ هاتفهاّ دون مبالاةّ لكيّ تتحدثّ ليكسيّ بّقليل من القّلق
ـ كليّر أينّ هيّ اللوحـّة التيّ أحضرهاّ والدّك منّ ايطاّليا ؟ أريدّ أنّ أعلقهاّ فيّ غرفةّ المعيشةّ قبلّ وصـّول الضّيوف ، أيضّا هلاّ ذّهبت و أحضّرت
الحلّوى التيّ طلّبت صنعهاّ خصيصّا فّخدمّ مشغولينّ
رمقّتها كليرّ بنظرةّ بـّاردة ثمّ عادتّ تّضغطّ على الأزرارّ دونّ هدفّ بينما ملامحّ الضّجر قدّ اعترتّ وجّهها ، تحدثّت بنبرة مخّملية هادئة
ـ إذّن انتظريهم حتى ينهوا أشّغالهمّ فـّلا رغّبة ليّ بالخروجّ فيّ هذاّ الجوّ الممطرّ
نـظرّت إليهّا ليكسيّ بّحدةّ و أمسكتّ هاتفهّا لتّقوم بّإطفائه ثمّ وضـّعته فيّ جّيبّ سترتهاّ الفخمـّة و أشـّارت علىّ المخرجّ ، تنهدتّ كليّر بّغيضّ و
وقفّت لترتديّ معطّفها و حذاّئها الرّياضيّ ، ثمّ اتجـّهت إلى سّيارتها المـّركونة جاّنباّ ذات اللونّ النيّلي و صّعدت على متنهاّ متمتمةّ بّكلمات ماّ
ـ ما هذّه الديّكتاتوريةّ ؟ ثمّ أيّ ضّيوف تتحدثّ عنهم ؟
شّغلت المـحركّ و سّارت بّسرعة معتـدلّة نـظرّا لّلمطرّ المنهطلّ بّغزارة محـّاولة تذّكر أيّ مخبزّ والدتّها دوماّ ماّ تطلّب منه صنعّ الكعكّ و الحلوى
لهاّ حيّن قّررت فجأة أنّ تغيرّ وجهتهاّ و لمّ تمضيّ سوى ربّع سّاعة حتىّ ركّنت سّيارتها أمامّ مبنىّ سيدةّ فرانسيسّ ،
طرّقت بابّ شّقت آرثرّ عدةّ مرّات لكنهّ لم يّفتح فّأخذتّ ترن الجرسّ بّكل إزعـّاج و هي تصّرخ بإسمهّ ، بّصوت مزعجّ و عـّالي قدّ رنّ كالصدىّ
فيّ ذلك المبنى البالي
ـ آرثّر ، آرثّر ، أعلمّ أنكّ بالدّاخل و لنّ أذّهب حتىّ تقومّ بمقابلتيّ آرثر
حينّ فتحّ البّاب فجـأة ليختلّ توازنهّا فسارع آرثرّ بالإمساك بهاّ منقذّا إياهاّ من سقوطّ وشيكّ بينماّ خرجّ شّـاب ماّ منّ شقتهّ يرتديّ معطفّا أسوداّ
طـّويلا و يضـّع وشاحّ على رّقبته بينماّ ملامحّ وجههّ تغطّيها قلنسوة ، تحدثّ بّكل هدوء
ـ أراكّ لاحقـّا
ثمّ غـّادر بّخطوات هـّادئة كـأنّه لمّ يكن هناّ قطّ لتّنظر إليه كليّر بّقليلّ من الريبّة فّشكله لمّ يكن مطّمئنا على الإطّلاق ، قـّالت بنبرةّ مشككةّ
ـ من ذلك الـّرجل آرثر ؟ و ما الذيّ يريدّه ؟
رمقّها آرثّر بّغضبّ منّ اقتحامها الغيّر عقّلاني لشّقته و صّراخها الذيّ قدّ فجرّ آذان سكّان المبنى ثمّ و آخيـّرا إحـّراجه أمامّ صديّقه بّتصّرفاتهاّ
الصّبيانيةّ و المشككّة لكنّ سرعان ما تلاشى غّضبه لتّظهر صّفات المرحّ و اللطفّ عليهّ ، أحطّها بذّراعه و سّحبها إلىّ داخل شّقته قـّائّلا بّكل لطفّ
ـ إنهّ صديّقي مالكّ الملهّى الذيّ كنتّ أقيم عندّه سّابقاّ ، إنهّ بحاّجتي و عّرض عليّ العملّ كنادلّ مقّابلّ بّضعة أموالّ ، على كلّ حال ما الذيّ تّريدينه كلير ؟
رمت بّجسدها على الأريكّة ملفةّ نفسهاّ بغطاّء داّفئ و شّغلت التلّفاز ، فّجلس آرثرّ بجـّانبها ممسكاّ بّالفشّار بّعد أن قاّم بجّلبه لتّستديّر كليّر ناحيته
و تتحدث بنبرة جديّة
ـ آرثّر ، أناّ أريدّ أن أعلمّ إلى ماذاّ تخطط ؟ ما الذيّ سّوف تفعله بّخصوصّ ماري ؟ و كيفّ ستستغّل معـّلومات التيّ فيّ الملفّ ؟
مرتّ دقّائق لمّ يجّبها آرثّر بل إكتفى فقطّ بأن يّربت على رأسهاّ بّخفة كّما لو كأنهاّ طّفلة تّبلغ الخامسّة من العـّمر ثمّ ابتسمّ بّحنان و نـظّر ناحّيتها
، أجاّبها بّنبرة دافئة و مبتسمّة
ـ لاّ تّقلقيّ كليّر و دعّي الأمورّ إلى أخيكّ ، أنـاّ أريدّ أنّ أكون نفسيّ دون اللجوءّ إلى هذّه الأسّاليبّ الخبيّثة و كماّ رأيتّ سّابقاّ فقطّ وافقّت على
أنّ أعملّ كنادلّ فيّ ملهى صدّيقيّ لذلكّ لا أظننيّ بحاجة إلى ذلّك الملفّ ،
نـظرتّ إليه كليرّ بّصدمة و زمتّ شفتيهاّ بالرغم منّ أنها غّير موافقة على قرّاره بّالعملّ كنادلّ لكنهاّ لم تستطعّ أن تعّارضّ رغّبته ، إنهّ يريدّ
أن يّثبت نفسه أمامّ والدّها و إنّ أرادّ أن يّفعل ذّلك فّهي ستسّانده حتما لكنّ ماذاّ عن ماري؟ و ماذاّ عن المعّلومات التيّ بالملفّ ؟ هيّ تقومّ
باستغلالّ نايت لّبيرّ دونّ علمه فهل من صّائبّ أن يتركوهاّ تفعل ما تشاء ؟
تنهدتّ باستياء و قّررت أن تتجـّاهل وجودّ ماريّ منّ حيّاتهاّ ، فيّ النهايةّ هي لمّ تفّعل لهماّ شيئّا لكنّ أخطاء والدّها تلاحقّها إلىّ حيثماّ ذهبتّ ،

/

مساءّ يـوم الإثنينّ فيّ غـّرفة المعّيشة الواسعةّ ذاّت الطـّراز القديمّ الفخمّ ،كـّانت ماريّ تجلسّ على الأريـكّة الحمـّراء ذاّت طـّلاء ذّهبي مرتدّية
فستانّ سهرةّ نيّلي طّويل عـّاريّ الظهرّ و عقدّ ألماسّ ذوّ أربّع و عشرونّ قّرطّا قدّ أعطّته لهاّ الخـّادمة سوزيّ بّطلب من فرانسواّ و جّعلتها ترتديّ
هذه الملاّبس الأنيّقة فيّ حين غّرة لكيّ تأمرهاّ أخيراّ بالجلوسّ هناّ ،
رمشّت بّعينيهاّ مراراّ و تكـّرارا بينما النومّ يداّهمهاّ لتّضع يدهاّ خلفّ رأسها بّبطء خاّئفة من أن تفسدّ تسريحتهاّ ثمّ أسندتّ نفسها علىّ ذّراع
الأريكـةّ و حاّولت أنّ تبقى متيقظة لماّ يحدثّ من حولهاّ ، حينّ لمحتّ سوزي تّركضّ مسرعةّ ناحيتها و هيّ ترفعّ مريّلتها البيضّاء لتتوقفّ أمامهّا
لاهثة قدمتّ لها هديّة مغـّلفة زرقّاء اللون و قـّالت بّنبرة متعبة
ـ تّفضلي سيدّتي و أحرصّي على تقدّيمهاّ إليهّ فيّ الوقت المناسّب ،
ثمّ غـّادرت كماّ لو كأنها لم تكنّ هنا قطّ لترفّع ماريّ الهدية الصّغيرة بّقليلّ من الشكّ ، هناكّ أمرّ غريبّ يحدثّ فيّ القصّر فّكل الخدّم مشغولينّ و يوجدّ
العديدّ منّ التجّهيزات كتغّير ديكورّ غرفة المعيشة هذاّ و تغيـّر بساطّ الأروقة أيضّا الكمّ الهائلّ من الأطباّق الجانبية الموضوعّة في المـطبّخ ، تنهدتّ
بّقليل من الغيضّ فّلم يخبرها نايت أيّ شيء عن هـذاّ و قدّ مضى يومينّ آخرين لمّ تحدثّه خلالهماّ و لمّ تلتق بهّ كثيّرا فوضعتّ يدّها على خدّها بّتعب
و أخذت ترّاقبّ التحضّيرات لفترة من الوقتّ
تتثاءب تـّارة و تّغلقّ عينيهاّ الواسعتينّ تارة آخرى متّململة منّ هذاّ الجـّو حينماّ طفّح بّها الكيّل فّوقفت و إتجّهت إلى إحدىّ الخـّادماتّ التي تـّنظفن
الردهة لتتحدثّ بّتوتر
ـ أرجواّ المعذرة لكنّ هلا أخبرتنيّ ما الأمرّ ؟
نـظرّت إليها الخـّادمة بّبرود و ثمّ عـّادت إلىّ عملهاّ غّير آبهة بّسؤالّ سيدّتها لتشعرّ ماريّ بّالإحراجّ فتـّوردتّ وجنتيهاّ خجـّلا و حركّت شعرهّا بّتوتر
واضحّ لتّتلعثمّ فيّ كلماتهاّ
ـ آنا أسّفة أزعجتكّ أثّناء عمـّلك ، سأغادرّ الآن
عـّادت إلىّ مكانهاّ لتجلّس كطفّلة مطيّعة و رأسهاّ للأسّفل ، إنهاّ ليستّ سوى ضّيفة مدةّ إقامتها قّصيرة تماماّ كماّ أخبرهاّ نايتّ فلماذاّ تطّالبّ سكان
هذاّ القصّر بتقبلها بينماّ حتىّ الشخصّ الذيّ اشترى تذّكرة الدّخول لهاّ لاّ يّريدّها ، تنهـدتّ بأسى بينماّ كانت سوزي تقفّ على مبّعدة مراّقبة ماّ يحدثّ
و قدّ ظهرّت علاماّت الكرّه بوضوحّ على وجههاّ فتقدّمت بّخطوات غّاضبة ناّحية تلكّ الخـّادمة لتّمسكّ بمعصمهاّ ، قـّالت بّصوت حادّ
ـ ما الذيّ تظنينّ نفسكّ فـّاعلة لسيدّة ماري ؟ إنهاّ زوجةّ سيدّ نايت لبيرّ و هي بّكل تأكيدّ فردّ من عـّائلة لبيّر فّما الذيّ تعتقدّين رئيسة الخدمّ ستفعل
إنّ علمت بّتصرفكّ المشين هذاّ ؟
نـظرّت إليهاّ الخادّمة بّغضّب و وقفّت لّتنزع معصمهاّ بكلّ قوة منّ بين يدّي سوزيّ ثمّ رمقّتها بّحدةّ و قـّالت بّعصبية
ـ و من تظنين نفسكّ لكي تتدّخليّ فيّ أفعالي ؟ أيضّا لا تتوقعيّ مناّ أن نعاملّ فتاة جّاهلة فقيرةّ مثّلها كّسيدّة فّالأمر واضحّ أنهاّ أتتّ لتهب السيدّة
نايت ثّروته
صّفعتهاّ سوزيّ لتلجمّ لسانهاّ عن الحديّث أكثّر لتعلو ملامحّ الصدّمة وجّه الخادّمة فّاقتربتّ بّسرعة و أمسكّت سوزيّ من شّعرهاّ جاذّبة إياهّ للأسّفل
، رمقّتهماّ ماريّ بّتوترّ و قدّ سمعت بّوضوحّ نقّاشهماّ فّركضـّت ناحيتهماّ و حاّولت أنّ تفرقّ بينهماّ قاّئلة بّرعب
ـ سوزي اتركيّ ذّراعهاّ ، آنستيّ أرجوكّ أتركيّ شعرّ سوزيّ .. توقفّا أنتماّ تخيفاننيّ ، لحـّظة
حينّ دوى صوتّ سقوطّ أثرية قدّيمة قدّ استرعى إنتباه الفتيات لتشهقّ ثّلاثتهنّ بّخوف و قدّ كان عّمر هذاّ المزهريةّ يتعدى نهاية الّقرن الثامن عشّر ،
تركتّهماّ الخادّمة لتسّرع بالفّرارّ بينما بّقيت كلّ من ماري و سوزي واقفتان تنظرّان بّكل رعبّ إلىّ آثر جّريمتهمّ همستّ سوزيّ بّقليل من الإرباك
ـ سيدّتي ربماّ يجدرّ بناّ الذّهاب نحن أيضّا
أومأتّ ماريّ بّالإيجاّب و استداّرت الاثنتينّ ممسكّتانّ بيدّي بعضهماّ بعضّا ليّركضا بأقصىّ سرعة حينّ لمحـّهم كاّيل و قدّ كان ماراّ ، نـظرّ إلى ماريّ التي
تواجّه صّعوبة في الهرب نظرّا لارتدائها الكّعب العاليّ بّرفقة إحدّى الخادّمات ثمّ نظرّ إلى تلكّ المزهرية التيّ لاقت حتّفها ،
ابتسمّ كاّتما ضحكـّته محدّثا نفسه
ـ لاّ يجدرّ بها الركضّ هكذّا فهذّه ليستّ المزهريةّ ليست سوىّ تّقليدّ قدّمت بّجلّبها بّعد أنّ كسرت المزهريةّ الحّقيقية ،
هزّ كتّفيه دّلالة على عدمّ الاهتمامّ عندّما طرّأت فيّ باله فكرةّ ماّ ، تلكّ المزهرية ثّمينة جداّ و عزيزّة على جّده فقدّ جلّبها صديّق قدّيم لأبّ جدّه
كتـذّكار علىّ نهايةّ الحربّ العّالمية الثّانية ، ثمّ لا أحدّ يّعلم أنهاّ مزيفة غيّره هوّ إذّا يمكنه استغـّلال هذّا لأجلّه ، ضحكّ مجدداّ و غـّادر حاّملا بينّ يدّيه ملفّا ،
اتجه إلى المصـّعد و ضغطّ على الطاّبق الثانيّ قدّ أتىّ خصّيصاّ من الشركّة خّصيصاّ لمّناقشة جدّه علىّ فكّرة قّضاء فّترة راحّة فإليزابيثّ تّرهقّ نفسهاّ بّكثّرة
جّلسات التصّوير و كّلاهماّ بحاجّة للراحةّ، لحـّظات حتىّ خرجّ عّابرا الأروقة ليصّل إلىّ مكـتّب جـدّه فّكادّ أنّ يّفتح البّاب على وسعهّ بكل صّخب كعادّته
عندّما انتقلّ إلى مسّامعه صوتّ إليـزابيثّ فجأة و هي تتحدثّ بّنغمتها المثّيرة الـّرقيقة المّغرية
ـ لماّ أنت هـكذاّ ؟ أريدّ فقطّ التحدثّ معكّ فّهلا أصّغيت إليّ ؟
اقتربّ كاّيل أكثّر منّ الثغرة ، ليّرى إليزابيثّ مرتدّية فستانّ السهرةّ قصيّرا يّصل إلى ركبّتيها و ذوّ لونّ قرمزيّ تمسكّ بّذّراع نايتّ الذيّ يحـّاول المغـّادرة
فّاتسعت عينيه على وسعهماّ بدّهشة ليسمعّ نايت يّتحدث بنبرته البّاردة المبحوحةّ
ـ ما الذيّ تريدينه إليزابيث؟ فأنا لست أمتلكّ الوقت الكافّي لّسماع تفاهتك يجبّ علي تحضّير للحفلة لذّلك أيّا كانّ ماّ تريدّ قوله اختصريه
أنزلّت إليزابيثّ رأسهّا و قدّ غطتّ خصّلاتها السوداّء مّلامحّها بينماّ كانّت قبضة يدّها تشتدّ حولّ ذّراعه رافّضة تـّركه ، لحّظات حتى استجمعّت
قّوتها ثمّ و بين يدّيها أمسكّت بّوجنتي نايتّ لتسحبّه نحوها على نحو مفاجئ لتّطبّع قّبلة عميّقة على شّفتيه ،
نـظرّ إليها نايت بعينينّ واسعتينّ عكسّتا مدىّ الدّهشة التيّ تركّتها إليزابيثّ بدّاخله فكانّ غيّر قادّر على الحـّركة ، بادّرته إليزابيثّ بنظرات
حزينـّة و أليمة لتهمسّ بكلّ أسىّ
ـ نـّايت ، أرجوكّ خلصّ قلبيّ من حبكّ فّأنا لمّ أعدّ قادرة علىّ الاحتمال أكثّر إنهّ يؤلمنيّ و يحطّمني ، إنـهّ يّؤرقنّي و يّصيبنيّ بالجنونّ ..
جنونّ حبكّ نايت


//
__________________