عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 12-28-2015, 11:35 AM
oud
 
شـآبترّ الـ 24 -

فيّ ليّلة ظّلماءّ يفقدّ البّدر

ركنّ داّكن لمّ ينره سوىّ نيران ملّتهبةّ إلتهمتّ كل شيءّ وقع بّطريقها قدّ كانتّ تتقدّم ببطّء ناّحية ماريّ فكاّن جسدّها
بأكمله يّرتجفّ و عينيهاّ لاّ تّقويانّ علىّ النـظرّ إلىّ هذّه المجّزرة الواقّعة التيّ تحدثّ أمامّ نظرّيهاّ ، و لمّ تستطعّ أنّ تّضع
يدّيها علىّ أذنيهاّ لتمنعّ صّراخ الضّيوف و الخّدم منّ الوصوّل إليهاّ
أيعقلّ أنّ هذّه هي نهايتهاّ ؟ يّالها منّ حيّاة قدّ حظيت بهاّ ، شّاقة و مّؤلمة مهماّ حاولتّ بجدّ أنّ تعّيش لحظاّت من سعادّة قّابلهاّ
التعّب و الحزنّ ، فّذرفت دّموعا عديدّة لا حّسر لهاّ و قّلبها يّنزف ألماّ حينماّ حاّول كايّل رفّع ذلكّ البابّ عنّ قدّميهاّ لكن و لذّهوله
الشّديدّ قدّ خارتّ قواهّ ، فّهمسّ بنبرة مرتجفّة
ـ لاّ تقلقيّ ماريّ سّأجدّ لناّ مخرجاّ ،
ثمّ وقفّ و رّكض ناحيّة تلكّ القلة التيّ لاّ زالت بالقاعة طاّلباّ منهمّ المسّاعدة لكن هيمتاه فمنّ سيستجيب و الكلّ يّريدّ إنقاذّ نفسه ؟
بينماّ و عندّما سّقط بّكل قوة على قدّميها ، لسّعاته تحّرقها و ألامه لاّ تطّاقّ فلمّ تدريّ أينّ الخلاصّ ، لذّلك حّاولت أن تبّعدّه لكنّ حرارته
كانتّ غيّر طّبيعية النيّران تّحيطّ بها منّ كل جّانب فّشهقت و هيّ تضّع رأسهاّ بينّ يديّها صّارخة بّعذابّ لاّ يّفوقه ألمّ فّعادّ نحوها كايّل
بّسرعة ، حاول أنّ يمسكّ البابّ لكن لسعاته حارّقة فّصاحتّ ماريّ به بّحدة
ـ ما الذيّ تّنظر إليه ؟ هياّ أسّرع بالّخروج قّبل أنّ يّغلقّ المخرجّ ، أيضّا جدّ نايتّ و إليزابيثّ قدّ يكونان فيّ خطرّ
أومأّ نفياّ و نزعّ قميصهّ ثمّ لفه حول قّبضتيه لّيحاّول منّ جديدّ ، ألماّ لمّ يقّدر على وصّفه و بالّرغم منّ ذلك استمرّ بمحّاولاته العديدّة
فّرفعه قّليلا عنّ قدمي ماريّ ليصّرخ بّإرهاقّ
ـ هياّ أسرعي
أومأتّ ماريّ و حاّولت أنّ تحركّ قدّميها لكنهماّ أبتاّ الحراكّ ، كأنهاّ لاّ تشعرّ بوجودّهماّ بّعد الآن لكنهاّ أبتّ الاستسّلام فّزحفّت مستندّة
علىّ معصميهاّ فّرفعّ كايلّ البابّ أكثرّ غيرّ أنّ أنامله قدّ التهبتّ بّشدةّ ليّتركه يّقع مجددا و ليتعالىّ صوت صّراخه بّعد أنّ سقطّ البّاب
على كلاهماّ ، يدّيه و قدّميهاّ ،
أغلقّ جفنيه بّألمّ كاتماّ صّراخه ثمّ نـظرّ إلىّ ماريّ التيّ بدّورها كانتّ تّذّرف دّموعاّ ، فّغطتّ وجّهها و بدأتّ بالأنينّ لّيتقدمّ كايلّ منهاّ ، ي
ديّه مليئتينّ بالدماءّ و منـظّرهماّ لاّ يسرّ أحداّ غيرّ قاّدر على تّحريكّ أنامله لكنهّ وضّعهماّ حولّ خصّر ماريّ ليّحاول جذّبها ، فّصاحتّ هي بّيّأس
ـ لاّ فاّئدة، كايلّ غادرّ قبلّ أنّ تتراكمّ النيران منّ حولناّ إذّهب و سّاعد نايتّ أرجوك
صمتّ لوهلةّ من الزمنّ و قدّ بدأ اليّأس بالتسللّ إلىّ قلبه هو الآخرّ ، تماماّ كماّ قّالت ماريّ لاّ فائدّة من المحاّولة فّيديه تّؤلمانه بّشدة
و هو بالكادّ يستطيّع شّعور بهماّ بينماّ حرارةّ المنبّعثة منّ الفّولاذّ تّمنعه منّ التقدّم ، فّأسندّ رأسه علىّ ركبتهّ بّقلة حيّلة ثمّ وقفّ
و تحدثّ بنبرة قلقة
ـ ماريّ ، سوفّ أذهب لجلّب المسّاعدة سّأعود حتماّ لذلّك أصبريّ قليلاّ حسناّ ؟ أناّ لنّ أدعكّ تموتينّ هناّ
كانّ شاحباّ بّشدةّ و خاّئفاّ بلّ مذّعوراّ من فّكرة تّركها هناّ لكنّ ليسّ بيدّه شيءّ ليّفعله ، فّتخللتّ أنامله خصّلات شعرهّ البنيةّ لّتختلطّ دّمائه
بّعرقه ، عندّما ابتسمتّ ماريّ لهّ بّلطفّ مشّجعة إياه دونّ اللجوءّ إلى الكّلمات ، فأومأ إيجابّا و سّارعّ بالركضّ ناحيّة المخرجّ قبلّ أن
تّعيقه النيرانّ أكثرّ منّ هذاّ لتّمر عديدّ من تسّاؤلات بّذهنه فّكيف لتلكّ الفتاة التيّ يّسعى لقتلهاّ أن يحاول إنقاذّها فيّ هذه الفترة ؟ هوّ
من كان سّببا فيّ سقوطّها من الجرفّ بّل منّ أرادّ موتها بّشدةّ لماذاّ يحاول إنقاذّها ؟

/

بّليلة هـّادئة فيّ ذلكّ الحيّ الشعبيّ الذيّ تّقطّن فيهّ فلوراّ ، كّانت تّشاهدّ التلفازّ بكلّ هدوءّ تضّع حّول كّتفيها غطاّء تحميّ نفسهاّ
منّ نسمّات لندّن البّاردة حينّ سمعّت دّقا عنيفّا عندّ بّابهاّ لتّزم شّفتيهاّ بكلّ كرّه فّلابدّ أنّ ويليامّ قّد علمّ بّكسّرها لّمفتاحّه و مّقبضه
و هوّ الآن يسعى لتّعنيفها كعّادته ففّضلت عدّم مّقابلتهّ ، لكنّ الدقّ استمرّ و صيّاحه العّاليّ باسمها مناديّا إياهاّ فتحّاملت علىّ أعصّابهاّ
الناّرية و إتجّهت إليهّ لتفتحّ لهّ البّاب ، وجـدتّه يّرتديّ ملابّسه مستعدّا للخروجّ و وجّهه شّاحبّ بشدّة حينهاّ أيقنت أنّ هناكّ خطّباّ ماّ قّالت
بّنبرةّ مشكّكة و خاّئفة
ـ ماّ الأمرّ ويّليام ؟
نـظرّ إليهاّ ويّليامّ بّقليلّ منّ الأسىّ و حـّاول التقاط أنفاسهّ قبّل أنّ يصّرح بّالخبرّ الذيّ سّمعه تواّ ثمّ تـحدثّ بنبرةّ متـّرددّة و قّلقة
ـ إنّ الحفّلة التيّ ذّهب إليهاّ كلاّ من نايتّ و ماريّ قدّ هوجّمت ، فـّلورا بمختصّر الكّلام هناكّ ضحايّا
شهقتّ بّرعب و كادّت أنّ تهوى على الأرّض مغشّيا عليهاّ لولاّ أنهّا تماسكتّ فّخرجتّ مسّرعة بّرفقةّ ويّليامّ إلّى سّيارتهّ و وجّهتهماّ
معـّلومّة ، بـّعد نصّف سّاعة منّ زحمةّ السّير و قّيادة ويليامّ الجّنونيةّ وصّلا إلّى قّلب الحدثّ و قدّ كانّت الصحاّفة تغطيّ المنطقّة بأكملهاّ
فيّ حينّ توجدّ العديدّ من سيّارات الإسّعافّ و شرطّة تحاولّ منعّ المدّنينّ من الدّخول ، كاّن الأمرّ بأكمله مهـّولاّ و غيّر قّابل لتصدّيق ،
اتجـّه ويّليامّ إلىّ ضابطّ محاولّا أنّ يجّعله يّمر و هو يّعطيّه بطّاقة الهويةّ فلوراّ فّسمحّ له التقدّم إلّى الأمامّ قليلا فقطّ ،
كاّنت فلور غيّر مصدّقة لمّا تراه من حّولها ، الكلّ مصّابّ هلّ يعقّل أنّ ماريّ بخيّر ؟ تلكّ الفتاةّ لاّ تّعلمّ كيفيةّ الاعتناء بنفسهاّ فّكيّف لها
أن تنجواّ فّوضعّ ويليّام يدّه حولّ كتفهاّ محاولا أنّ يجّعلها تهدأ و لوّ قليلاّ حينّ لمحّ نايتّ حامّلا إليزابيثّ بينّ ذّراعيه و جدّه يتأبطّ ذّراعه
بّرفقته فلادميرّ ، إتجـّه ويّليامّ مسّرعا ناحيّة صدّيقه و حّضنه بكلّ قوة ثمّ همسّ بنبرةّ مرتجفّة
ـ حمدّا الله على سّلامتكّ
كانّ نايتّ مصّاباّ فيّ أماكّن متّفرقة كّغيرهّ فّوضّع يدّه علىّ ظّهر ويّليامّ بهدوءّ مطّمئنا إياهّ ، و عندّما لمحتّه فلورّ سّارعت بالركضّ ناحيّتهمّ
و هيّ تّمسكّه منّ ذراعه صّارخة بّذعر
ـ أينّ ماري ؟ أيّن هيّ ماري ؟ ألمّ تكن معك ؟ أجّبني أين هيّ ماري ؟
قطّب نايتّ حاجّبيه و نـظرّ حّّوله بينماّ بادّره الجد بنّظرات مصدّومة فيّ حينّ أنّ ملامحّ فلادميرّ قدّ شحبّت و قدّ لاحظّ أخيّرا غيّابهّا ، همسّ
نايتّ بنبرةّ حذّرة مصدّومة
ـ ألمّ تخرجّ قّبلنا ؟
أومـأّ ويّليام بالنفيّ فّشهقتّ فلورّ بّرعب و سّارعتّ بالركضّ إلّى قصّر محـّاولة إنقاذّ أختهاّ الصغرى لولاّ أنّ ويليامّ أمسكّها منّ خصّرها
مانّعا إياهاّ من الحـّركة ، جلّس الجدّ على الأرضّ بّعد نفاذّ الهواءّ من رئتيه ، نـظرّ نايتّ إلىّ الخـّلف حيثّ كانتّ و لا زالتّ ألسنةّ اللهبّ
مشتعلةّ و رجاّل الإطفّاء لمّ يّقوموا بإخمادّها بّعد ، أيّن يّعقلّ أن تكون ؟ قّبل الإنفجاّر لمحّها تقفّ أمامّ طـّاولة المقّدماّت و التيّ كانتّ أقّربّ
إلّى المخرجّ فأينّ هيّ الآنّ ، إنّ لمّ تكنّ منّ الأوائّل الذينّ تداّفعوا إلّى المخرجّ فأينّ هي ؟
تدّافعتّ عديدّ من الأحداّث إلّى ذّهنه ، أولاّ ذلكّ الصحافّي الذيّ استهدفّ ماريّ ثمّ ارسّاله لجميعّ الحرسّ بّرفقة فرانسواّ لامسّاكه و جلّبه
حيّا له ثمّ سّحب إليزابيثّ لهّ إلىّ حّلبة الرقصّ ، أخيّرا و الحّركة النهاّئية ظهورّ ذلّك الشّابّ الذيّ دّعاها إلىّ الرقصّ ليّنتهي الأمرّ بإختفاء
مارّي ، نظرّ حّوله بّصدّمة ليّلمحّ وجودّ نفسّ الشّاب مرتديّا قناعّا أسوداّ و يبتسمّ بكلّ سخرية و استهزاءّ فلمّ تمرّ سوى ثّانية ليختفيّ بعدّها
كسّرابّ ، ارتجفّ جسدّه بأكمله و شحبّ وجّهه ليصبّح غيّر قّادر علىّ الوقوفّ أو التفكيرّ حتّى .
أكلّ هذاّ من أجلّ تشتيتّ إنتباهه ؟ ماذاّ عنّ ماريّ ؟ أيّعقلّ أنهاّ كانت مستهدّفة منذّ البدّاية ؟ فّبدونّ تأخرّ ركضّ إلىّ داّخل القّصر لّيحاولّ ويّليام
إيقّافه بعدّما ألجمه تصرّف نايت المتهورّ ، أمسكّه منّ ذّراعيه و قّال بّنبرة مّذعورة
ـ إلّى أينّ تنويّ الذهابّ بحقّ الله ؟ ألاّ ترى النيرانّ ؟ إجلّس مكانكّ و دعّ رجاّل الإطفّاء يّقومونّ بعمـّلهمّ ، لقدّ قالّ الجدّ أنهاّ ربماّ قدّ تكون عـّادتّ
لتبحثّ عنكمّ أناّ واثقّ أنهاّ ستعودّ فقطّ إنتظرّ
حدقّ فيهّ نايتّ بعينينّ باّهتتينّ ، كلّماته هذّه لا مّعنى لهّا و لاّ صحّة لهاّ فّماريّ فيّ خطرّ و فّرصة إيجادّها على قّيد الحّياة تّعادل الصّفر الآن ،
إنهّ خطئه لأنهّ أهملّها .. لقدّ كانتّ دوماّ ما تبحّث عنه و دوماّ ما يجدها بجّانبه لذّلك اعتقدّ أنهاّ لنّ ترحلّ ، سّتبقى تتبّع خطّواته الواّثقة بّخطّواتها
الخّرقاء و ابتسّامتها تّعلو شّفتيهاّ ، لذّلكّ دّفع ويّليام بّقوة و ركضّ إلىّ المدّخل متجاّهلا نـظرّات الكلّ المندّهشة
وضّع كّمه علىّ أنفهّ و فمه مانّعا تّسربّ الغاّز إلى رئتيه ثمّ أخذّ يركّضّ محاّولا تخمين مكاّن وجودّها ، إنهّ هو منّ أدخلهاّ إلّى عّالمه و لنّ
يسامحّ نفسه إذاّ حدثّ مكروه لهاّ فإتجه ناحيّة طاّولة المّقبلات ليجدّها مدّمرة بأكملها ، زفّر بّقّلة صّبر و أخذّ يّنظر فّي كل زاويةّ لعلهّ يلمحّها بينماّ
و بّأذنه صّوتها الخاّئف المّرتعبّ يترددّ كصّدى فيّ أذنه
حينما اتجه رجال الإطفاء إلى الخلف حيثّ كانتّ الردّهة فّدخل بّعضهم محاولين إخماد الحريقّ إذ أن مركزه الثاني كان المطبخ الرئيسي عندما
التفت أحدّهم ناحية ذلكّ البابّ المرميّ علىّ الأرضّ محاولا إبّعاده فّوجد إمرأةّ فيّ منتصفّ الخمسينياتّ جثة بّلا روح قد أحترق ظهرها فيّ
محاولة لحماية شيء ما إذ أن ذراعيه كانتاّ ملتفتين بكلّ قوة حولّ ماريّ ، فّوضع يدّه على رقبتها متحسسّا نبضّات قلبهاّ ليجدّها تكادّ تعاّدل الصّفر
، صّاح بّهمةّ
ـ يّا رجالّ توجدّ فّتاة هناّ
بينماّ كان ناّيت يّبحثّ فيّ كلّ ركنّ عندّما مرّ منّ أمامه كايلّ و هو يّركضّ بأقصى طاّقته خّلفه الطبيبّ ماّ استطاعّ أنّ يّقنعه بّالدخول فّوجه نايت
نـظره ناحيّتهم ليجدّ رجلّ الإطفاء ذلّك يحاّول رفّع تلكّ الفتاة بّكل حرصّ خوفاّ من إصّابتها المّلتهبة و كايلّ يّسارع نحوهاّ هو الآخرّ أيضّا ، كانتّ
بالكادّ تعتبرّ حيّة إذّ أن قدّميها مصّابتين بّشدة حيثّ هناكّ دماءّ تنزفّ منهماّ و قدّ حرقّ أطرافّ فستانهاّ فيّ حينّ أنهاّ نجتّ بنوعّ من الأعاجيبّ ،
صّاح كايلّ بقلقّ
ـ ماريّ ، هلّ أنتّ بخيرّ ؟
اتسعتّ عينيّ نايتّ الداّكنتينّ و قدّ وجدّ نفسهّ عاجزاّ عنّ تعبيرّ ، بخّطوات سّريعة متباعدةّ إتجه نحوهّم ثمّ أبعد رجلّ الإطفاّء ذلّك ليّسارعّ بإمساكهاّ
، وضـعّ سترتهّ السوداءّ حول جسدّها النحيل متجاّهلا أحادّيثهم عندّما حاولّ أحدّ الرجّال أنّ يبعده قاّئلاّ بحدةّ شاتماّ إياه لتدّخله
ـ ما الذيّ تحّاول فعله بّحق الله ؟ ألاّ ترى أنهاّ مصابة بّشدة و أيّ حرّكة مفاجئّة قدّ تسببّ لهاّ إصّابات خطيّرة ؟ ثمّ ألست من المصّابين ؟
يجدرّ بكّ المغادّرة فّوراّ
بينماّ نـظرّ إليه كايلّ بكل برود فأخيراّ قررّ البطلّ الظهورّ ، دوماّ عندّ اللحظاتّ الحرجّة فّوضعّ ذّراعه كحاّجز موقفاّ ذلكّ الرجلّ مانعّا إياهّ من
الّعبور قّائلاّ بنبرة هادئّة
ـ إنه زوجّها
أفّسحواّ لهّ المجـّال فّإتجّه إليهاّ و جـّلسّ مسنداّ على ركّبته عندماّ لمحّ الحرّوق التيّ أصّابتهاّ و جسدّها الممتلئّ بالخـّدوشّ ، قدّ سقطّ عليهماّ
شيء ربما عندّما دفّعه رجاّل الإطفّاء بقوة فّأصابّ قدّميها و قدّ أحرقّ معّظم فستانهاّ فكيفّ استطاّعت هي النجـّاة ؟ نـظرّ إليهاّ غيّر مصدّق ،
نبضهاّ ضّعيف جداّ و هيّ لاّ تتنفسّ بّأصّابعّ مرتجّفة حملّها بّحرصّ شديدّ و ركضّ إلّى المخـّرج ، نـظرّ إليهّ الرجالّ بّدهشة منّ إصّاباته العديدّة
و محاولةّ إنقاذّه لهاته الفتاة بشدّة ، ركضّ ناحيّة المخرجّ ثمّ وضّعها بدّاخل سّيارة الاسعافّ ليستلمهاّ الأطّباءّ و قدّ وضع أحدّهم أنبوبّ التنفس
على أنفهاّ و فمهاّ بينماّ قّام آخر بّتفحصّ قدّميها الأكثّر إصّابة بينمّا بقيّ هو واقفاّ مكاّنه ، حينّ إتجّه إليه ويليام مسّرعّا صّارخاّ بّقلقّ
ـ هـّل وجدتّ ماري ؟
حدقّ فيه نايتّ لوهلة ثمّ أومأ بالإيجاّب ليّنظر ويّليام حيثماّ كان نايتّ مشدوهاّ ، ماريّ على رافعةّ محاّطة بّشتى أنواعّ الأجهزة ، فتحتّ عينيهاّ
ببطءّ كماّ لو كأن هناكّ جبّالا تّقفّ عليهاّ ثمّ نـظرّت إلىّ نايتّ الشّاحب بشدةّ ، بقوة واهنةّ مدّت أناملهاّ ناحيّته فّتقدم منهاّ و أمسكّ يدّها لتبتسمّ
بكلّ تعبّ محاّولة أن تطّمئنه ، ثمّ أداّرت وجّهها فّصفرت آلة معلنةّ عنّ توقفّ نبّضات قّلبها عنّ العملّ ، فّسّارع الأطّباءّ لمحاولة إنعاشّها
عبرّ جهازّ الصدماتّ لكنّ قّلبها أبىّ إلاّ و الاستّسلام ، لذّلك شّد نايتّ منّ قبضته فّسّارع ويّليام ناحيته و جذّبه مبعداّ إياه عنهاّ
كاّنت بمثّابة جّثة هامدةّ، هلّ سترحّل ماري؟ بابتسامتها المرحةّ و ضحكاّتها الرناّنة ، بمحاّولتها المستميّتة للفتّ انتباهه ، منّ الذيّ يعبثّ
معه بطرّيقة مثّل هذّه ؟ يّحاول قّتلّها و ابتسّامة سّاخرة تعلوّا شّفتيه متفاخراّ بّفعلته النكّراءّ ، أيعقلّ أنّ كايلّ من قّام باستئجار هذا الرجلّ ؟
أيعقّل بأنه منّ خططّ لهذه المكيدةّ بأكملها ؟ لنّ يصعب عليه فعلّ ذلكّ خصوصاّ و أنه قدّ حاولّ قّتلهماّ سّابقّا
بكلّ هدوءّ استدارّ مغّادراّ بينماّ غادّرت كذلّك سّيارة الإسّعاف ، عندّما توقفّت سّيارة سوداء مظّللة أمامهّ ثمّ خرجّ منهاّ فرانسواّ ملاّبسه
مليئة بالدّماءّ و يبدواّ مّصابّا فّي كتفه بطّلقة رصّاصة ، اتجّه إلّى نايت و قالّ بّذّعر
ـ سيدّي لقدّ أتيتّ مسّرعا حالماّ سمعتّ الأخبّار، هلّ أنتّ بخير ؟
نـظرّ فرانسواّ إلىّ نايت بّكلّ شموليةّ ، كان مصّاباّ بكل تأكيدّ فذّراعه تنزّف و يوجدّ عدة جروحّ متفرقة على مستوى جسدّه بينماّ صدّره
ينزفّ أيضّا فّاعتراه الرعبّ لكنّ نظرّات نايت الجامدّة و البّاردة أوقفتهّ لوهلة ، ليتحدثّ بّنبرة مبحّوحة جاّفة
ـ هلّ استطّعتّ إلقاء القّبض عليه ؟
أومأ فرانسوا بالنفيّ ، كاّن خيبّة الأملّ و الفّشلّ يحتلّ كيانه بأكمله فّكيفّ له و بّرفقة أبرع رجاّله أنّ يفشلوا بإلقّاء القّبض على رجلّ واحدّ ؟
لاّ يضاهيهمّ قّوة بلّ و أصّيب أغلبيتهمّ ، فّقّال فرانسواّ باعتذار
ـ أناّ أسفّ سيدي لقدّ فشلت ، لكنّني قدّ عّرفت هويتهّ إنهّ وريثّ شركة جونسونّ و تمتّ مباّغتتناّ بّشكلّ مفاجئ فّتعرضّ بّعضنا لإصّابات
متفاوتة ، أناّ لشديدّ الخجلّ سيديّ لفشّلي بّمهمة سهلة كهذّه
ابتسمّ نايتّ بكلّ سّخرية ثمّ و بحركة مفاجّئة قّام بّضربّ زجاجّ السّيارة بقّبضته ليزيدّ جرّاحه ألماّ ، جلسّ مستنداّ على ركّبته ممسكاّ بذّراعه
المصّابة و نـيّران الغّضبّ تتأججّ بّكل عنف فيّ قلبه ، ليسّ فرانسوا من فّشلّ بّل هو ، همسّ بنبرة غّريبة
ـ هدّفهمّ منذّ البداّية ، ماريّ
أخفضّ فرانسوا رأسه بّقلّة حيلةّ عندّما وقفّ نايتّ مجدداّ غيّر مدّرك لماّ يّفعله إتجّه حيثماّ كانّ كاّيل يّجلسّ بّرفقة إليزابيثّ و الجميّع ،
رّفعه منّ يّاقته و سحّبه مبعداّ إياه عنّ الكلّ ثمّ همسّ بنبرة حادّة هادرّة
ـ هلّ أنتّ من تسببّ بالإنفجاّر ؟ أكنتّ تستهدّف حّياة ماريّ منذّ البدّاية ؟ لأننيّ إنّ علمتّ بّصحة هذّه الفرضّيات فأؤكد لك أنّك لن تنجوا من بين يدايّ
أمسكّه كاّيل بّدوره منّ ياقـّته بّكل عّصبية ثمّ دفّعه بـعيداّ ، و صـّاح بهّ بكلّ عّصبية و نبـّرة لاّ تّقلّ غّضباّ عنّ صوّت نايتّ
ـ لاّ بكلّ تأكيدّ، ثمّ كفّاك نفاقّا أيهاّ الوغدّ فأنتّ لا تكادّ تهتمّ بموتهاّ منّ حيّاتهاّ ، ألمّ تكن هيّ محضّ حـّاجز وهميّ لعـّلاقتكّ معّ زوجّتيّ ؟
رمقّهما ويّليامّ بّدهشةّ غيّر قـّادر علىّ استيعاّب حديّثهماّ أكثّر من ذلّك ، أيّعقلّ أن نايتّ و إليزابيثّ ؟ مجـدداّ بّعد كلّ هـذاّ العناءّ يعودّ كلاّهما
إلّى بعضهماّ البعضّ ؟ هـذاّ مستحيّل و ماذاّ عن ماريّ ؟ ، عندّما رمقّت فـلورّا كلاهماّ بّعصبيةّ و استياء .. رّفعتّ قّبضتها و سددّت لكمـّة
لكليّهماّ وسطّ استغراّب الكلّ و منّ بينّ صّريرّ أسنانهاّ همستّ بّنبرة ثّائرة
ـ أيّا كّانتّ مشّاكلكمّ العـّاطفّية لاّ تدّخلوّا أختيّ فيهاّ ، فّأنتمّ و منذّ لحظّة لقّائكمّ لمّ تجلبواّ لناّ سوى التعـّاسةّ و إنّ حدثّ شيء لأختيّ فّثقواّ أننيّ
لنّ أترككمّ و شـأنكمّ حتىّ أستنزفّ آخرّ عملةّ نقديّة أسّفل مؤخراتكمّ كلّ هذاّ لأجلّ تلكّ الأموالّ التيّ سلبتكمّ آخرّ ماّ يمكنّ لإنسان أنّ يملكه
إتجـّهت إلّى ويّليام و سحبّت مفاتيحّ سّيارته لتتجـّه إلّى المستشفىّ الذيّ أخذّوا ماريّ إليهّ بينماّ رمقّ ويّليام كلا منّ نايت و كـّايلّ بنـظرّات عـّتاب
و غـّادر مسّرعـّا خلّفها ، شّغلواّ المحركّ و بّأقصىّ سّرعة قـّادتّ فلورّ محـّاولة التماسكّ، لقدّ كانت تتجّنب اتصالات ماريّ بّعد زفّافهاّ و لا تعلمّ
لمّا لكنهاّ دوماّ ماّ كانتّ تّحاول أن تتجنب الاحتّكاكّ بهاّ و هاهيّ الآن علىّ شّفاه الموتّ ، ضّربت المقودّ بّقوة عندّما تّوقفّت سيّارة الإسعاف
بّسببّ الزحمةّ ثمّ سّرعان ماّ أخذتّ الشرطةّ تفّسح لهمّ المجـّال بالعـّبور ، و فيّ غّضوان ربّع سّاعة كاّن قدّ وصلواّ إلّى وجـّهتمّ
ركضّت فلورّ عبّر الـرواقّ و إتجـّهت إلّى غـّرفة الطـّوارئ و قبلّ أنّ يّغلواّ الأبّوابّ لمحتّ ماريّ يتمّ إنعاّشها بالصّاعقّ الكّهربائيّ و نـّبضاتّ
قلبهاّ تعادلّ الصّفرّ بينماّ أخذتّ الممرّضة تحاّول أنّ تضعّ لها أنبوّب الأكسجيّن علىّ أنفهاّ ، بدأتّ دموعهاّ بالسقوطّ و لأولّ مرةّ سقطّ قناعّ
القوةّ بّسقوطّها علىّ ركبّتيهاّ ، كاّن الأمرّ مهوّلا و مخيّفا لمّ يستطّع قّلب فلورا احتمّاله . احتماّل فكرّة فقدّانهاّ لأختهاّ الصغرىّ ،
ركضّ ويّليام نـّحوها بّعد أنّ قامّ بركّن السّيارة و حـّاول أنّ يهمسّ بكلّمات مهدئةّ لهاّ لكنهاّ لمّ تسمعّ أي شّيء مماّ قّاله ، ماذاّ إن لمّ تنجوا
ماريّ ؟ منذّ أن كاّنت طّفلة و هي ضّعيفة لاّ تقدّر على كلامّ حتىّ ، ليتهاّ لم تتركّها تّتزوجّ نايتّ .. ليتهاّ أخذّتها و غـّادروا لندّن ، ليتهّا بّقيت
فيّ المنـزلّ معّ والدّهّما ، لكنّ الأمانيّ إلّا كلّماتّ لاّ تفيدّ
بـعدّ فّترة أتىّ نايتّ بّخطواتّ هادئّة لّيقفّ بجاّنبّ ويليامّ أمامّ غرّفة الطّوارئ تّلك ، أتىّ كّلا من كايّل بـّعد أنّ أطمئن على زوجـّته المغمىّ
عليهاّ جدّه ليّنظرّ ناحيّتهم ، ويليامّ بالرغمّ منّ قّلقه إلاّ أنه كانّ يّحاول تهدئة فلورّ محتّضنا إيّاها بينماّ كانّ نايتّ يّسندّ علىّ الجـداّر الذيّ خّلفه
و خّصلات شعرهّ الأسودّ قدّ حجبّت رؤية ملامحهّ ، كيّف منّ بينهم جميّعا أن تصّاب ماريّ ؟
خـّلال سـّاعة آخرّ خرجّ الطّبيبّ ناّزعاّ قّفازيه إتجّه ناحيتهمّ و نـظرّ إليهمّ ، تنهدّ كمّ يكره هـذّه الأخبـّارّ التعيسةّ لذّلك تحدّث بنبرةّ مترددّة
و متأسّفة
ـ يّؤسفنيّ أنّ أخبركمّ أن المريضّة قدّ تّفقد قدّرتها على السّير و ذلكّ لضررّ الكبيّر التيّ تلقته على مستوى قدّميها أيضّا .. لاّ أعلم كيفّ
أخبركمّ بهذاّ لكننيّ قدّ بذّلت جهديّ غيّر أنّ آنسة ماريّ فقدتّ رغبتها بالعيشّ أيضّا ، إنهاّ بّغيبوبة
شعّرتّ فلورّ بصدّمة ، ماريّ لا تريدّ الكفاحّ من أجلّ حياتها ؟ إنهاّ لاّ تريدّ الاستيقّاظ منّ سباّتها ؟ لكنّ لماّ ؟ ما الذيّ حدثّ لها فيّ الحفلة ؟
حينّ مـّر بهاّ الممرضوّن و هي مستلقية علىّ السريرّ يدّفعونه إلّى غّرفتهاّ الجديدّة و التيّ قدّ تكونّ دائمةّ ، فتحتّ فلور عينيها على وسعهماّ
عندّما لاحـّظت شحوبّ ماريّ الفظيع و ملامحّ وجّهها البـّاردةّ كأنهاّ أصبحتّ فيّ عدادّ الموتىّ ، فتّبعتّ فلورّ الممرضونّ و هي تمسكّ
بيدّ ماريّ ، بينماّ الدموعّ تنهّمر من عينيهاّ و لمّ تتوقفّ و لو للحـظّة ، نـظرّ نايتّ بّكلّ هدوء ناّحية ماريّ المسيّرة رغماّ عنها إلىّ داخل
غّرفتها الجديدّة ثمّ و بخطّوات خافتةّ صّامتة اتجهّ بّعيداّ عن موقعّ هذاّ الحدثّ ، كادّ أنّ يصعدّ سّيارته مغادّرا عندّما أمسكه أحدّ منّ ذّراعه
ليديرّه بكلّ قوة ناحيّته ، كاّن ويّليام و علاماّت الغّضب تعلواّ وجّهه ، رّفع لكمتّه ثمّ أخفضّها متحكماّ فيّ أعصّابه لّيتحدثّ بّحدة
ـ ألاّ يفترضّ بكّ البقّاء بجّانبها ؟ إنهاّ زوجتكّ و هي فيّ عهدتكّ فكيّف لكّ أن تتركّها فيّ أكثرّ مواقفّ ألماّ ؟
حدّق فيه نايت بّنظرّات نارّية خطّيرة لكنهّ ابتسمّ فجأة بكلّ سخريّة حينماّ لاحظّ صّدرّ ويليّام الذيّ يّعلوا و يهبطّ من الغيضّ و الغّضب ،
أماّل رأسه ناحيته و قّال بّنبرة مستهزئة
ـ ماّ رأيكّ أن تفعل ذلكّ مكاني ؟ يّبدوا أنكّ جيدّ بّخصوصّ هذه الأمورّ
زفّر ويّليام بحدةّ ممسكاّ برأسه بينّ يدّيه ، ما هذاّ الرجّل ؟ ألا يملكّ قّلباّ ؟ ألاّ بشعرّ بمدّى حبّ ماريّ العميقّ له ؟ لماّ يّستمر بّالتمسكّ فيّ
الماضّي ؟ التفتّ معطيّا إيّاه ظهره ليتحدثّ بنبرة بّاردة متألمة
ـ ليسّ أناّ من تريدّه ماريّ و ليسّ أناّ من هي بحاجّته ، هيّ تّريدكّ أنتّ نايتّ .. أظنّ أنّ الوقت قدّ حانّ
لّتثبت نسّيانك للماضي بّوقوفّك إلىّ جانبهاّ
__________________