عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 12-28-2015, 11:43 AM
oud
 
الـشّابتر الـسابع و العـّشرون

ـ فقطّ إذّا كنتّ ملكاّ ليّ ـ


تلكّ الأنوار المتلألئةّ بتأنقّ تّلمعّ فيّ الأفقّ منيّرة بـاريس عـّاصمة فرنساّ بأكملها قدّ جالتّ ماريّ بعينينّ واسـعتينّ
منّ شّرفتهاّ كلّ ماّ التقطتّه و كلّ ماّ جذبّ إنتباههاّ ، حينّ تّساقطتّ حبّات ثّلج على حضّنها لتّرفع يدّها للأعلى نـّاحية السماءّ
الشيءّ الوحيدّ الذيّ يذّكرها بلندنّ هوّ هـذّا الجـّو البّارد كّقلب نايت تماماّ أماّ الأمرّ الوحيدّ الذيّ يّقلصّ من وحدّتهاّ هوّ أنهماّ
تحتّ نفسّ السمـّاء لكنّ المنـّاظر تّختلفّ فقطّ ،
تقّدم فرانسواّ منهاّ بخـطّوات هـّادئة و وضـعّ غطاّءا على كتفيها لّيقيها منّ الإصّابة بالّرشح بينماّ لمّ تظهرّ أيّ ردّة فعلّ
بلّ إكتفتّ بّالنـظرّ صّامتةّ نـّاحية الأفّق ، ليتنهدّ فرانسواّ بّقلة حيلةّ إذّ أنهّ قدّ مر أسّبوع على وصّولهماّ لباريسّ و هماّ الآن
يقّطنانّ بهـذاّ المـّستشفى فيّ الجـّناح الخاصّ حيثّ يّعتبر فرانسوا مّرافقاّ لهاّ ، تّحدث بنبّرة عـّملية بّها قّليل من الحـّنان
ـ سيدتيّ يجدرّ بك الـدّخول للغـّرفة هـذاّ أفضّل لصّحتك
لمّ تتحركّ قيدّ أنملةّ فّعـّاد فرانسواّ لّيتنهد بّيأسّ أينّ تلكّ الفتاة التيّ كانتّ تودع نايتّ بإبتسامةّ و ضحكاّتها تّملأ المطّار ؟
لكنّه سّرعان ماّ تفهمّ حزنهاّ و قدّ إنهالتّ إلىّ مسامعه كلمّات البّروفيسورّ المعـّالج لماريّ ، لقدّ قّال بّوضوحّ تامّ أنّ أملهاّ فيّ
استعادة قّدرتها على السيّر ضئيل جدا أيضّا لقدّ أخبرتهاّ طّبيبة النفّسانيةّ أنّ صدّمة التيّ تلقتها إثرّ الحريقّ هوّ العـّامل الأسّاسيّ
فيّ جّعلها تفقدّ السيرّ لذلّك يجبّ عليها أن تبذلّ جهدّها لّتتخلى عنّ حزنهاّ هـذاّ ، حكّ جبينه بقّلة حيّلة إذّ أن الأمرّ يسترعي الكثيٍّر
من العـملّ الجـّاد و الكثيرّ من الوقت أيضّا لكنّ كلاهماّ لا يمتلكّان الاثنين معـّا فّفرانسوا بالـرغم منّ أن مهمته الأسّاسية هي
حرّاسة ماريّ لكنه قّلق علىّ نايتّ و ماريّ بالّرغم منّ أنّ الأمرّ كله لأجّلها لكنهاّ لا تستطيّع أنّ تعيشّ بدّونهمّ ، إنهّم المصدرّ
الذيّ تستمدّ منهّ قّوتهاّ ،
فتحتّ الممـّرضة بّاب غـّرفتها بكلّ هدوء ثمّ تّقدمت منهاّ بّخطّواتّ رشيّقة ، وضـعتّ حبّة الدواءّ أمامّ ماريّ و طـّلبت بّلهجةّ شديدةّ
التهـذيبّ فيّ غـّاية الحـذرّ أنّ تشّربها لكنّ ماريّ تجاّهلتها و هيّ تراقبّ الضّوضاء بّلا مبّالاة ، حينهاّ أخذّها فرانسواّ و شكرّها
ليّضع الدّواء أمامّ ماريّ قـّائلاّ بّتأنيبّ
ـ سيدّتي لقدّ احترمتّ الممرضةّ حزنكّ و لمّ تطلبّ منكّ العودةّ للغـّرفة لكنّ أنّ لا تأخذيّ الدواءّ هذّا أمرّ مبّالغّ فيه، أرجّوك كافحيّ
كّي نعـّود بّسرعة إلىّ لندن
تنهـدتّ ماريّ بأسىّ هذاّ ليسّ منصّفا بحقّ فرانسواّ أيضّا إذّ حتىّ هوّ لمّ يرغبّ فيّ أنّ يأتيّ إلىّ فرنساّ ، لذّلك أمسكتّ بكأسّ الماءّ
بكلّ غـّيض رافّضة أنّ يتمّ معّاملتها كالعـّاجزة و وضعتّ حبةّ الدواءّ بّفمها لترتشفّه فيّ ظرفّ ثّانية فجأةّ رنّ هاتفّ فرانسواّ كاسّرا
ذلكّ الصمتّ الموحشّ لتستديرّ ماريّ ناحيّته بّسرعةّ و قدّ ظهرت علىّ ملامحّها الحزينةّ ابتسّامة مشّرقة مليّئة بالشّوق و الحماسّ
بينماّ ترددّ فرانسواّ فيّ الردّ حالماّ رأىّ ردّة فعلهاّ المبالّغ بهاّ لذلّكّ مد الهاتفّ ناحيّتها قّائلاّ بّتردد
ـ سيدتيّ يمكنكّ الردّ إنّ أردتّ
اتسعتّ ابتسامتهاّ إشّراقاّ لماّ لمحتّ إسمّ نايتّ يّعلوا شّاشته فاستنشقتّ أكبرّ كميّة من الهّواء تستطيعّ رئتيها أخذّها و وضعتّ يدّها
علىّ قلبهاّ بّمحاولة فّاشّلة فيّ تخفيفّ دقّاته المسّرعة قدّ حدثّ كلّ هـذاّ أمامّ أنـظارّ فرانسواّ الذيّ كتمّ ضحـّكاته بينماّ أجّابت الأخيرّة بسّعادة
ـ نـّايت ، لقدّ اشتقتّ إليكّ ..
ثمّ صمتتّ بإحراجّ عندّما تذّكرت ماّ فّعلته آخر مّرة فيّ المطاّر و لمّ تستطعّ أنّ تتفوهّ بأكثرّ من هـذّه الكلّمات ، بينماّ وضـعّ نايت نّظاراته
جاّنباّ فّلعلمه بّشخصية ماريّ منّ المستحيلّ أنّ تصمتّ الآنّ لذّلك تّوقف عنّ التركيزّ فيّ أوراّقه الموجودّة أمامهّ بمكتّبه و أجـّابهاّ بنبرةّ هـّادئة
ـ حسناّ ، أعـلمّ .. ماّ الذيّ قـّاله الأخصّائيّ عنّ حالتكّ ؟
لدىّ سماّعها لّصوته الهـّادئ المخّمليّ شّعـّرت بّقطّرات حاّرة تّنهمر علىّ وجّنتيهاّ لقّد مرّ هذاّ الأسبوعّ عليهاّ كّدهر بدّونه ، مجردّ فكرّة
تّركه بّعد إنهائهاّ لدورهاّ تحطمّ قلبهاّ لأشلاءّ فّحبّها نـّحوه لاّ يستطيعّ أحدّ تّقديره لاّ حملّه بالّرغم منّ دموعهاّ إلاّ أنّ ابتسّامة رقيّقة علتّ
شفتيهاّ فقدّ سّألهاّ نايتّ و لأولّ مرةّ منذّ رحلّتهما معاّ عنّ حالّتها ألاّ يستحقّ الأمرّ الثّناء ؟ صّمتت لوهلةّ ثمّ أجـّابته بنبرةّ مرحةّ
ـ لقدّ أخبرنيّ أنّ سببّ عدمّ قدرتي على السيرّ لاّ يعود لّخلل بجسديّ بلّ لصّدمة أثرّ الحرقّ لذلّك سّوف لذّلك يجبّ علي الحصّول على استشارة
نفسيّة أو شيءّ من هذاّ القبيلّ ، يمكننيّ العودةّ إلى لندنّ
قطبّ نايت حاّجبيه غيرّ قّادر على استيعابّ كلامهاّ فأيّ علاجّ هذاّ يدوم لغاّية أسبوعّ و ماذاّ عن تلكّ الحّروق الخطيرّة التيّ أصيبت بّها ؟
فقدّ سقطّ الفولاذّ على قدّميها ، بينماّ ضحكّ فرانسوا بخفّوت فقدّ حرفتّ ماريّ جميعّ أقواّل الأخصائيّ قبلّ أن تحاولّ بثّ الأملّ فيّ نايت
يجدرّ بهاّ أن تبثّ الأمل فيّ قلبها فيّ حين تحدثّ نايت بّإستنكارّ
ـ ما هذاّ الذيّ تقولينه ؟ أعطيّ السّماعة لفرانسوا
زمتّ ماريّ شفتيهاّ بّإنزعاجّ منّ ردّه المفحمّ بّشتى أنواعّ البّرود كأنهاّ لّم تغّادر جاّنبه قطّ ، كأنّ هذاّ الأسبوعّ لمّ يّمضي عليه أبداّ
لذلّك علاّ ملامحّها عبوسّ و يأسّ منّ شخصّيته السّاكنة فتّرددتّ كثيراّ قبلّ أنّ تتحدثّ لكنهاّ قّاومت ضّعفها قـّائلة بنّبرة خجلة
ـ نـّايت أريدّ فقطّ أنّ أخبـّرك .. أنـّا أحـ
قّاطعهاّ نايتّ و هو يّعيدّ جّملته بكلّ برودّ طالبّا منهاّ إعطاءّ السّماعة لفرانسواّ فمدتّ الهاتفّ ناحيّة فرانسواّ بّهدوء حينّ سمعّ صّوت
ناّيت كادّ أنّ يسقطّ الهاتف من بينّ يدّيه لولاّ أنهّ تداّرك نفسهّ ، تحدثّ بنبرةّ مرتبكةّ
ـ أهـلاّ سيديّ ، .. أجـّل أناّ أسمـعكّ .. حسناّ
ثمّ سّار بخـطّوات سريعـةّ مغـّادراّ الغـّرفة بينماّ اتجّهت ماريّ إلىّ سريرّها و بـّعد محاّولات عـّديدةّ استطاعتّ أخيـراّ أنّ تضّع جسّدها عليهّ ،
أسندتّ رأسها على وسّادتها و أغّلقت عينيهاّ بّشدة رافّضة أنّ تسبحّ فيّ بحرّ دموعهاّ مجـدداّ ، بالّرغم منّ أنّ نايتّ لمّ يقلّ شيئاّ جّعلها تّبكيّ
لكنّ فقطّ الضّغط الذيّ تتعرضّ إليهّ يّضعها فيّ حزنّ دائّم ، إنهاّ تّرغبّ أنّ يّخبرهاّ نايتّ كلمةّ لطيّفة رقيقّة لعلهاّ تستعيدّ ثّقتها بنفسهاّ حتىّ فلورّا
أختهاّ لم تقمّ بمراسلتهاّ أو الاتصال بهاّ للاطمئنان عنهاّ ، ويّليامّ كذلّك و أيضّا السيدّة فرانسيسّ .. الوحيدّ الذيّ اتصلّ هو نايتّ بّعد مرور أسّبوع
علىّ وصولهاّ لفرنسّا ليسّ للاطمئنان على حالّتها و إنماّ مجردّ أعمالّ ، هـذاّ يجّعلها تعتقدّ أنهاّ لاّ تعنيّ شيئاّ لهمّ ،

/

بينّ ثّناياّ فسّتانهاّ الأسودّ المخمليّ قدّ انسّدل بّانسجامّ متناغّما معّ تفاصيلّ جسدّها النحيلّ المثّاليّ تنـظرّ بعينيهاّ الواسعتينّ الّساحرتين
نـّاحية ذلّك الإسمّ الذيّ له مكانةّ مميزةّ بداّخل قّلبها الصّغيرّ فرّسمت علىّ شفتيهاّ المثيرتينّ ابتسـّامة رقيقةّ لطيّفة لتضغطّ علىّ زرّ الإرسّال
كأنهاّ مراّهقة فيّ السّادسة عشرّ من العمرّ ، إنهاّ تلكّ المرأةّ الذيّ عشقهاّ يجريّ كسّريان الدماءّ فيّ عـّروقه ، المرأةّ نفسهاّ التيّ أخذتّ روحه
و كيّانه معهاّ ، عنـدّما لمحّ ضحكاّتها الخافتةّ رسمّ على شفتيهّ دونّ إدراكّ ابتسّامة وله و حبّ شديدّ متناسياّ خيانتهاّ العظيمةّ لهّ ، فجـأةّ تداركّ
نفسهّ فّسارع بّإخفاءّ مشاعرهّ الواضحةّ بقناعّ منّ الجمودّ و منّ أحسنّ تمثيلاّ للبرودّ أكثرّ منّ عـّائلة لبيّر ؟
نـّزع أنـّظاره عنهاّ مرغماّ علىّ تجاّهلهاّ و رفعّ ملفّا أحمرّ اللونّ كانّ قدّ وجدّه بداّخل مكتّبه اليومّ صّباحاّ ، كمّ هـذاّ غريبّ فّقد أخبرهّ سكرتيرهّ
أنّ هـذاّ الملفّ عندّ قدومه كانّ موجوداّ و لمّ يرى أحداّ يدّخله كماّ أنّ الكاميراّ لمّ تلتقطّ شيئاّ ، فتحـّه بكلّ فضولّ لتتسّع عينيهّ بصّدمة
لاّ مثيلّ لهاّ كيفّ لاّ و قدّ أحتل الملفّ مقاّلات عديدّة عنّ نايتّ ، رفّع الورقةّ الأولىّ ليجدّ صورةّ لنايتّ بّعمرّ الثّامنة عشرّ قدّ كانّ محتوى
المقّالة بّلغةّ غيرّ الإنجليزيةّ و ليستّ حتماّ فرنسيةّ لكنّ ما هـذاّ الذيّ يّراه أمامه ؟
كيفّ استطاع أحدّ أنّ يجلبّ معّلومات فيّ غاّية السّرية عنّ نايتّ ؟ و الأهمّ منّ أيّ بلدّ هذّه المقّالاّت ؟ ركزّ كايلّ نـظرّه و قدّ علتّ ملامحـّه
الجديّة و التصميمّ عندّما سقطتّ قطعّة ورقّ صّغيرة حمّراء اللونّ ألتقطها بّإستغرابّ ليّجدّ ملاحظة كتبّ عليهاّ بلونّ أسودّ [ إنّ كنتّ تّري
د خلعّ نايتّ منّ سلطّة لبيّر بّأكملها فّأناّ أملكّ المزيدّ ، معّ تحياتيّ صديقكّ ] شعـّر كايلّ بالصّدمة أشدّ عمقاّ ، ما هذاّ ؟ يبدواّ أنهاّ وثائقّ تّمنعّ
نايتّ من أخذّ منصبّ رئيسّ شركـاتّ لبيرّ لكنّ من هذاّ الرجلّ الذيّ يملكّ شيئاّ كهذاّ ؟ و لماذاّ يّساعدّه هوّ ؟ أيعقلّ أنّ لنايتّ أعداءّ غيرّه ؟
زفرّ كايلّ بّعدم استيعاّب هـذّه الوثائقّ الموجودّة بينّ يدّيه و باّلرغم من أنهّ الآن غيّر قّادر على قّراءة محتواهاّ إلاّ أنهاّ النقطّة الفاّصلة بينه
و بينّ نايتّ بّهذا الملفّ يستطيعّ أنّ يبعد نايتّ عنّ طريّقه دونّ أيّ عناءّ ، يّمكنه القّول رسمياّ أنهّ قدّ ضمنّ منصبّ شركّة لبيرّ ، يمكنهّ القولّ
دونّ أيّ خوفّ أنّه سوفّ يصبحّ مديراّ بعدّ جدّه ، هـذاّ .. هـذاّ لاّ يصدقّ، رفـعّ الملفّ بّسرعة و بخـطّوات متوترةّ قطعّ مسّافة جناحّه خلالّ دقيّقة،
اتجـهّ إلىّ مكتبّ جدّه مسّرعا ثمّ فتحّ البابّ بأقصى قّوته ، دّخلّ ليجدّ بيترّ يّحتل مكتبهّ بهدوء و بينّ يدّيه ملفاتّ عدةّ يستعدّ لتوقيعهاّ لماّ رأىّ
تـّصرف كايلّ الغريبّ توقفّ عنّ ما كانّ يّفعله لينـظرّ إلىّ حفيدّه و علاماتّ الاستغرابّ تعّـلوا وجههّ فمنذّ حادثةّ فلادميرّ لمّ يّأتيّ أحدّهما لهّ
، كادّ أنّ يسأله لولاّ أنّ كايّل دفّع بكومةّ المقاّلاتّ تلكّ إلىّ جـدّه واضعاّ إيّاها أمامّه قـّال بّنبرة حـّادة
ـ ما هـذاّ جديّ ؟
رفعّ الجدّ حاجبه بّإستنكارّ ثمّ أمسكّ بّمقالة ماّ بينّ يديّه لكيّ يشحبّ وجههّ تماماّ فّيصبحّ كأنهّ خاليّ منّ أيّ دماءّ ، أمسكّ بّقلبه الضّعيفّ غيرّ
قادرّ على احتمال الأمرّ و أخـذّ يّستنشقّ كميةّ معتبرةّ من الهواءّ كيّ يّهدأ نفسهّ عنـدّما عـّاد كايلّ يتحدثّ بكلّ غضبّ
ـ لقدّ سألتكّ عنّ محتوى هـذّه الأوراقّ ؟ ما هذه اللغة ؟ جديّ يستحسن بكّ أن تخبرني بالحقيّقة
نـظرّ الجـدّ بّصّدمة واضحـّة إلىّ تلكّ المقّالة التيّ احتوتّ على صّورة لنايتّ و هو بالّثامنة عشرّ من العمرّ ، شّعر أسودّ حريريّ و بشّرة
بيضّاء صّافية مـعّ عينينّ حـّادتينّ ذاّت فّطنة و ذّكاءّ تعّلوا شّفتيه ابتسّامة سّاخرة ، حينهاّ كادّ أنّ يغمى علىّ بيترّ فّكيف وصّلت أخبارّ مثلّ
هذه إلىّ كايلّ ؟ لمحّ تلكّ الرسّالة الحمراءّ الصّغيرة ليّقرأهاّ بعدم استيعاب ، ما هـذاّ ؟ هلّ هناكّ شخصّ يستهدفّ نايت ؟ فكـّاد كايلّ أنّ
يصيّح مجدداّ معرباّ عنّ انزعاجه عنـدّما قّال الجدّ بعصبية باّلغةّ
ـ منّ أعطاكّ هذاّ الملفّ كايّل؟ أخبرنيّ فوراّ ،
زفّر كايلّ بكلّ غيضّ ثمّ هز كتفّيه دّلالة علىّ عدمّ المعّرفة ليمسكّ الجدّ رأسه بّقلة حيّلة و آثارّ الدّهشة لاّ تزالّ على محيّاه ، إنّه الوحيدّ
الذيّ بجاّنب نايتّ يّعلم مدىّ خطورة هـذّه المقاّلاتّ فلو انتشرت هناّ بإنجلترا لرّبما قدّ تنتهيّ سيّرته المهنيةّ فيّ ظرفّ ثّانية ، هلّ يعلمّ نايتّ
بهذاّ ؟ حاولّ أن يتمالكّ أعصّابه فالتزم الصمتّ لعدةّ دقّائق ، ثمّ تـحدثّ بنبرةّ هـّادئة خافّتة
ـ كـّايلّ عدنيّ أنهّ و مهماّ تطلّب الأمرّ فإنكّ لن تستخدمّ أبداّ هذّه الوثائقّ ، أنـّا أعلمّ أنكّ لست علىّ وفاق معّ نايتّ لكنّ أرجوكّ مهماّ حدثّ
فّلاّ تستخدّمها لأنكّ لو فّعلتّ .. أرجوكّ
اتسعتّ عينايّ كايلّ بّعدم تصديقّ فجدّه بّوقاره بّكرامته العّالية و بّفّطنته السّريعةّ يترجاه هوّ فقطّ لأجلّ نايتّ ؟ هـذاّ يجّعله يّسعى لمعّرفة ما تّخبأه
هذّه الوثائّق أكثرّ و أكثرّ فإصّراره الشديدّ علىّ إخفاءّ الأمرّ أيقضّ شيئاّ كانّ كايلّ دوماّ ما يتّجاهله لطّبيعته اللامبّالية ، مـاضيّ الذيّ يّقبع خلفّ
نايتّ أسّراره كلّها لاّ يعلمهاّ غيرّ أنهّ ابن سكارليتّ عمته أيضّا أنّ والدّه قدّ توفيّ فّلا شيءّ آخرّ ، لذلّك جذبّ كايلّ كرسياّ إلىّ الأمامّ و جلسّ عليه
واضّعا قدّما على الآخرى لتعلواّ الجديّة مّحياه ، أسندّ ذّراعيه علىّ ركبتيه و قـّال بّنبرة بّاردة
ـ جديّ إنّ لم تقّنعني فّسوف أكونّ أناّ من ينشرّ هذه المقّالات على الانترنيتّ فوراّ ،
عـّاد الصّمت يّعم المكانّ إذّ أنّ تّردد الجد بدى واضحاّ فّتنهدّ بّقلة حـيّلة مجدداّ إذّ أنه لا يملك خياراّ آخراّ ، ليناديّ بّصوته على سوزي فإقتربتّ
الآخيرة و أغلقتّ بابّ المكتب خلفهماّ لتقفّ أمامهّ فيّ الرواقّ مراّقبة بعينينّ فّطنتين الخـدّم ، حكّ الجدّ جبهته ثمّ قّال بّأسى
ـ فقطّ عدنيّ كايلّ أنكّ ستكونّ إلىّ جانبّه إنّ وافتنيّ المنيةّ، أرجوكّ سوفّ يحتاجّ إلىّ الكثيرّ من الأشخاصّ لجانبهّ إنّ أرادّ أنّ يمضي بّمستقبلّه ..
تّردد كايلّ فيّ إبداّء موافقتّه لكنّ تلكّ النـظرّة اليّائسة و الحـّزينة التيّ علتّ ملامحّ وجّه جدّه أجبّرته علىّ الموافقّة ، فّتنهدّ بيترّ بّآهةّ مليئّة بشّتى
أنواعّ الألمّ ثمّ ألقىّ بّعينيهّ علىّ نـّافذته الواسّعة التيّ احتلت الجدارّ بأكمله ، لمّ يكنّ ليتخيلّ أبداّ أنهّ و فيّ هـذاّ العمرّ سّوف يجبرّ علىّ محـّاربة
مجدداّ .. لمّ تعدّ يدّيه تقوى علىّ حملّ أيّ شيءّ فكيفّ له أنّ يحميّ حفـّيده العّزيزّ ؟
بينماّ و خلفّ ذلّك الباّب كانتّ سوزي تّقف بّكل صّرامة فيّ حينّ أنهاّ تراقبّ الرّواق بّعينينّ حادتّين عندّما لمحتّ إليزابيثّ بطّلتها السّاحرة
كعاّدتها تّقدمتّ نحوهاّ فكشرتّ سوزيّ معربةّ عنّ عدمّ رضاهاّ لتّتحدثّ إليزابيثّ بنبرةّ متكبرةّ كونهاّ الآنّ تتكلمّ معّ شخصّ أقلّ مستوى عنهاّ
ـ ابتعدي دعيني أمرّ ..
نظرتّ إليهاّ سوزي مّن أسفلّ قدميهاّ إلىّ أعلى رأسهاّ بنظراتّ مستفزةّ مثيرّة للأعصابّ ثمّ ابتسمتّ بكلّ سخريةّ لتثبتّ قدميهاّ أكثرّ على الأرضّ
كأنهاّ لمّ تسمعّ كلماتّ إليزابيثّ منذّ قليلّ مماّ جعلّ الأخيرّة تشعرّ بالإهانةّ العّميقة فكشرتّ عنّ أسنانهاّ لتـظهرّ شخصيّتها الحادةّ قّائلة بّكل عصبيةّ
ـ أيتهاّ السّافلة لقدّ أمرتّك بالإبتعادّ لذاّ غادريّ قبلّ أنّ أطرّدك
تجاّهلتهاّ سوزيّ فّرفعت إليزابيثّ يدّها لتصّفعها عنـدّما أمسكتّها سوزيّ بكلّ خفةّ ثمّ أداّرتها لخلفّ ظهرهاّ بّعدها ثّبتتها علىّ الجـداّر فّصّرخت
إليزابيثّ بّألم و هي تشعرّ بذّراعها تطّحن تحتّ آثرّ ضغطّ سوزيّ التيّ اقتربتّ منهاّ أكثرّ لتهمسّ فيّ أذنهاّ بّنبرةّ بّاردة
ـ أنـّا أيتهاّ السّافلة لاّ أخضعّ لأوامرّ غيرّ تلكّ التيّ يطلّبها سيدّ نايتّ أوّ السيدّ لبيرّ لذّلك لاّ تحاوليّ تهديديّ فّأناّ و كماّ ترينّ
الآن أناّ أفقدّ أعصابيّ بسّهولة .
دّفعتهاّ جاّنبا و عـّادت تقفّ أمامّ الباّب كماّ لو كأنّ شيئا لمّ يكنّ مما جّعل إليزابيثّ تندهش لذّلك ابتعدتّ قّليلاّ إلىّ الخلفّ و عـّادت أدّراجّها بالفّعل
فّسوزي لاّ تخضّع لأوامرّها و كذلّك فرانسواّ لكنّ أن تّقدم علىّ تّصرف مثّل هـذاّ يجعلها تتسّاءل إن كانتّ سوزي بالفعلّ مجردّ خادمة أمّ أكثرّ من هذاّ ؟
توقفّت فجأةّ مترددةّ إذّ أنهاّ إنّ لم تدخل الآن إلىّ مكتب الجدّ فربماّ لن تّعلم ماّ الأسّرارّ التيّ تخبأهاّ تلكّ المقّالات لكن تواجدّ سوزيّ هناكّ يمنعهاّ
، زفرتّ بّعصبيةّ و غـّادرت مسّرعة لا بأسّ سوفّ تلحّ على كايلّ ليخبرهاّ عنّ تلكّ الأسّرار ماّ إن يّعود .. ابتسمتّ بكلّ غرورّ بالطّبع فّهو لنّ
يرفّض لهاّ أيّ طلبّ، إنهاّ ملكـّته
بّعد رّحيلها زمتّ سوزيّ شّفتيها بّكل غيضّ كم تمنتّ أنّ تكسرّ ذّراعها فيّ تلكّ اللحـّظة منّ الجيدّ فعلاّ أنهاّ تمالكتّ أعصّابها ، حكتّ جبّهتهاّ بّتوترّ إذّ
ماّ علم فرانسواّ فسوفّ يّصرخ و يصّرخ حتىّ تّصابّ بالصممّ إذّ أنهما الحـّرس لاّ يسمح لهمّ بّممارسةّ أيّ حركةّ عنيفّة ضدّ أيّ شخصّ إلاّ لغّاية
الضّرورة أوّ لحمايةّ سيدّهم ، هزتّ كتفيهاّ بلا مبّالاة فلاّ بأسّ لنّ يعلم لأنهّ ليسّ هناّ ..

/

كـّانت فلورا روبرتّ تجلسّ بكلّ هدوء علىّ الكرسيّ بينّ يدّيها يوجدّ كتـّاب ماّ باللغـّة الفّرنسيةّ يتحدثّ عنّ الشـعرّ و أنواّعه إذّ كـّان
ملكاّ لّماريّ أختهاّ أمـّامها سيدةّ فرانسيسّ التيّ تحضرّ القـّهوة بّنوع من الهدوءّ حينماّ رنّ جرسّ شّقتهاّ لكيّ تتقدّم الآخيرةّ ببطّء شديدّ نحـّوه ،
وضّعت يدّها على المقبضّ و أداّرته لتجدّ كليرّ تّقف بأنـّاقتها و شّعرهاّ الأشقرّ الطّويل مموجّ مرّفوع علىّ شكلّ ذيلّ حصّان فّأثّار الأمرّ استغرابّ
فلورّ إذّ أنّ كليرّ دوماّ ما تفادت مواجّهتها لكنّ هاهي الآن تقفّ أمامهاّ دونّ مبالاّة لذّلك اعتقدتّ أنّها هناّ للبحثّ عنّ أخيهاّ فقـّالت بّنبرة جـّافة
ـ أنـّا لاّ أعلمّ مكانّ آرثرّ فّلا فائّدة من سّؤاليّ ،
ثمّ تركتهاّ بّكل بّرود لتعـّود كيّ تجلسّ علىّ الأريكـّة حينّ دّخلت كليرّ منّ بّحلتها البّهية و حـّضورها الطاّغي المشٍّرق تّضع نـّظارتين و سـّاعة
رولكسّ غـّالية الثّمن فّزمتّ فلورا شّفتيها بّتعاسّة مفكرّة لوّ أن كليرّ تّعطيّ القليل من المالّ لأخيهاّ لكان هـذاّ أفضلّ لهم جميعاّ و لّعله كان قدّ
استطاعّ أنّ يّبدأ مشروعه ، لماّ رمقتها كليرّ ببرودّ لولاّ أنها توقفت لوهلة حيثّ بدى عليهاّ الترددّ الشديدّ ، بّعد فترةّ تحدثتّ بنبرةّ متوترةّ مرتبكّة
ـ هـذاّ ليسّ من عـّادتيّ و أناّ لاّ أهتمّ فيّ الكثيرّ من الأحيّان لكنّ فجأةّ وجدتّ نفسيّ قّلقة لذاّ أرجواّ..
أخـذتّ نفسّا عميقاّ حيثّ قدّ إحمرتّ وجنتيهاّ من الخـجلّ لتشعرّ فلورّ بّقليل من الدّهشة فّإعتدلتّ فيّ جلستهاّ محاولةّ الإنتباهّ لحديثّ كليرّ
و أشـّارت لهاّ أنّ تجلسّ مقّابلة لهاّ بينماّ كانتّ فرانسيسّ تّراقبهماّ بكلّ حذرّ بطرفّ عينهاّ ، تحـدّثت كليرّ بّإحراجّ
ـ أنـّا أعلمّ أنهّ لا يحقّ ليّ أنّ أسّأل لكّن.. هلّ ماريّ بخيرّ ؟ فهيّ لمّ تعدّ تأتيّ للمحاضّرات و الكثيرّ من الأساتذّة يّتساءلون عنّ حالتهّا بعدّ
حفّلة فلادميرّ ،
نـظرتّ إليهاّ فلورّ بّحدةّ حالماّ ذّكرت إسمّ ماريّ على لسانهاّ لكنّ سّرعان ماّ ارتسمتّ صّفات الحزنّ و الألمّ عليهاّ إذّ تذّكرت أنهّ لم يتسنى لهاّ
وداعّ أختهاّ تمنتّ لوّ رأتّها لّثانية فقطّ لكنّ يبدواّ أنهاّ دوماّ متأخرّة خـطّوات للخلفّ ، لماّ لاحظتّ أنهاّ تأخرتّ فيّ الـردّ سّارعت
بالإجاّبة بّنبرة هـّادئة مبحوحةّ
ـ ليسّ تماماّ، إنهاّ مقعدةّ لا تستطيعّ السيرّ فكيفّ لها أنّ تكون بخيرّ ؟ و أعتقدّ أنهاّ سّوف تّدرس عنّ بـعدّ بطّريقة المرّاسلة أوّ شيءّ من
هذاّ القـّبيلّ لكنّ لماذاّ تسألين ؟
أومـأّت كليرّ بالإيجـاّب دّلالة على أنهاّ تتفهمّ سببّ عدمّ رغبة ماريّ فيّ الـعودةّ لمقـّاعد الدّراسة ، هيّ مقعدةّ فيّ النهـّاية و أنّ ترى نفسهاّ
عـّاجزة أمامّ جميـعّ زملاّئهم شيءّ مثيّر لشّفقة فّهزت كتفيهاّ و قـّالت
ـ هـكذاّ فقطّ ، لقدّ سمعتّ أنكّ قمتّ ببيعّ منزلكمّ لأخيّ ؟ هلّ هـذاّ صحيحّ ؟
زفـّرت فلّور بّحدةّ إذّ أنهاّ تكرّه أنّ يتدّخل أحدّ فّشؤونهاّ و بهـذّه الفّترة يوجدّ العديدّ من الأشخاصّ الذّين يحشّرون أنوفهمّ فيّ حيّاتهاّ كّويليام
مثّـلاّ و آرثرّ أيضاّ إلىّ جـّانب أخـّته كليرّ ، لكّن بالّرغم منّ ذلكّ أومأتّ بالإيجـّاب علىّ سّؤالهاّ و حـّملت آلة التحكمّ عنّ بعدّ بين أناّملها لتديرّ
القنواتّ بكلّ مللّ فّتّقدمت كليرّ أكثرّ و جـّلست بجّانبهاّ ، تنحنتّ لوهلةّ من الزمنّ غيرّ قاّدرة على التخلّص منّ خجلّها ثمّ قـاّلت بّتردد
ـ فلورّ ، أنـّا لاّ أعلمّ كيفّ أخبركّ بهذّا لكـنّ ..
نـظرتّ إليهّا فّلورا بّنظرّاتها النـّارية المشّهورة التيّ تنبّأ بّإقترابها الشديدّ من فقّدانها لأعصّابها فّحـّاولت جاّهدةّ أنّ تّحافظّ على هدوئهاّ و
هي تستمعّ لحديثّ كليرّ التيّ تجرأتّ بالّرغم من العدّاوة التيّ بينهماّ إلىّ طلبّ المسّاعدةّ بلّ حتىّ أنّ تظهرّ أمامهاّ ، هلّ نستّ من تكون
فلوراّ روبرت ؟ هزتّ فلور رأسهاّ نفياّ لتطرّد هذه الأفكارّ السوداءّ و حـّاولت التركيزّ لتقولّ كليرّ بّنبرة مرتبكةّ
ـ أنتّ تذّكرين أنكّ قلتّ بأنكّ سوفّ تساعدّين آخي على العودةّ للمنزلّ من أجلّ معرفّة مكان والدّتك ؟ و بماّ أنّك قدّ نـفذتّ وعدّك و قدّ صّار
آرثرّ جاّهزا للعـّودة إلىّ المنـزلّ أريدّ أنّا أيضاّ أنّ أفيّ بوعديّ ..
وضـعّت فرانسيس صّينية الشّاي علىّ المـّائدة و قدّمت واحدّا لكليرّ إذّ أنهاّ شعرتّ بمدى توترّ الجوّ حالما ذّكرت كليرّ على لسانهاّ والدّة
فلوراّ فّجلست بجانبهاّ مسّتعدة لسماعّ الاسوءّ عنـدماّ قـّالت كليرّ بّتردد أكبرّ
ـ فلورّا ربـماّ سوفّ تكذّبين مّا أتفوه بهّ لكنّني أقسمّ أننيّ أقولّ الحـّقيقة و لاّ شيءّ غيرّ الصدّق ، فـّلورا والدّتك سيليا يبدوا أنهاّ كانتّ تعيشّ
طّوال فّترة تركهّا لكماّ هنا لكنّ و بـعدّ أنّ إنتهى زفافّ ماريّ غـّادرت إنجلترا نهاّئياّ و بّصّراحة نحنّ لا نعلمّ أين هيّ
رفـعتّ فلور حاجبّها بسخريةّ فلاّ أحدّ يفوقّ والدّتهما أنانّية بلّ غباء كيفّ لها أنّ تتركهماّ بّهذه المحنةّ ؟ بالتفكيرّ في الأمرّ فحتىّ بّعد أنّ
احتلّ خبرّ عدّم قدرةّ ماري على سيرّ و الحروقّ التيّ أصابتّ قدّميها الجّرائدّ إلاّ أنهاّ لمّ تّقم بالإتصال لذاّ هي تّوقفت عنّ البحثّ عنها منذّ مدةّ
ليسّ لأنهاّ استسلمتّ بلّ تيقنتّ إذّ كانتّ والدّتهما تحبّهما فّعلا فلنّ تتركّ جانبّ والدّهما منذّ البدّاية فّهزت فلورا كّتفيهاّ دلالة على عدمّ الإهتمامّ
و هي تتحدثّ بكلّ تهكم و نبرةّ جـّافة
ـ منّ يهتمّ ؟ و إنّ كانتّ وجّهتهاّ هي الجحيمّ نفسهّ فلن أهتمّ ، حسناّ شكراّ على إخباريّ لكن كماّ تريّن لقدّ توقفتّ منذّ زمنّ عنّ محاولةّ البحثّ عنهاّ ،
هيّ لا تستحقّ قطّرة من تعبيّ
نـظرتّ إليهاّ كليرّ بدّهشة لكنهاّ تمالكتّ نفسهاّ ثمّ وقفتّ لتّشكر سيدّة فرانسيسّ على الشايّ و لإستقبالهاّ أيضاّ بّعد ذلّك غـّادرت بّخـطّوات هـّادئة
مـطّمئنة الآنّ نفذتّ دّين فلوراّ نحوهمّ و الآن فقط تستطيعّ أن تطّمئن على مسّتقبلّ عـّائلتها فّآرثر سوفّ يعودّ بالّرغم منّ أنها تشعرّ بالقليلّ من
الشّفقة نحوّ عـّائلة روبرتّ التيّ و طـّوال فترةّ عّيشها لمّ تعرفّ السّعادةّ فمنّ تّرك سيلياّ لهمّ إلىّ غـّاية إصّابة جوناثانّ بسرطاّن الدمّ و محاولتهّ
اليائّسة فيّ تأمين مسّتقبلّ ابنتيه ثمّ و أخيراّ عجزّ ماريّ و فقدّانهم لمنزلهمّ الذيّ لطالماّ احتواهم ،
فيّ حينّ زفّرت فلورّ بكلّ غيضّ لتّغـّادر هيّ الأخرى المبنى و قدّ وضعتّ سماعاتّ على أذّنيهاّ مشّغلة الموسيقىّ دونّ أن تـأبهّ لكميةّ المّعلومات
التيّ قدّمتها كليرّ لهاّ عنّ والدّتهاّ سيليا ، أخذتّ تسيرّ في الطـّرقاتّ دونّ مبّالاة و يديّها فيّ جيّبها مفكرّة .. لاّ تصدقّ أنهاّ قامتّ ببيع منزلّ والدّهم إلى
آرثرّ الـرجلّ الذيّ تـكرّهه ، لكنّها تّحاول مّواساة نفسهاّ و ذلكّ بّجعلها تّظن أنّ آرثرّ قدّ عـّاد لّشخصيته القّديمة ، ذلكّ الـرجّل اللطيفّ المحبّ
لعـّائلته الذيّ كانّ صديقاّ لها فيّما مضى لكنّ و بالّرغم منّ أنهاّ تصدقّ تغيّره إلا أنّ هناكّ شيءّ يثيرّ قّلقهاّ ، أيّعقلّ أن كلّ هـذاّ الألمّ و القلقّ الذيّ
تشعرّ به فقطّ لأنه لم يتسنى لهاّ وداعّ ماري ؟
شّتمتّ بنـّبرة حـّادة محدّثة نفّسها فكيفّ لها أن تكونّ بهاّ الضـّعف ؟ أيّن اختفت فلوراّ المرأةّ الصّلبة التيّ تدافعّ عنّ عـّائلتها دون كلّل أو مللّ ؟
فجأةّ لمحتّ سيّارة ويّليامّ قـّادمة فوقفتّ أمامّه ملّوحة لهّ ليّضغط على الفّرامل بّكل قّوة ، وضـعّ ويّليام يدّه على قّلبه بكلّ ذّعر بينماّ تمسكّ أوسكارّ
الذيّ كان يجلسّ بجانبه بالكرسيّ و ملامحـّه كّانت لا تّقدر بثمنّ ، حينّ تقدّمت فّلورا منهماّ فتحتّ البّاب بلا مبّالاة و حّيته قـائلة
ـ ويلّ لقدّ أتيتّ فيّ الوقت المناسبّ ، أريدّ منكّ أن توصّلني إلىّ مقّر عـمليّ
لفترة من الزمن بّقي ويليام على حاله ممسكا بّقلبه و وجـهه شّاحب جداّ حتىّ استدارّ ناحيّتها راسمّا على شّفتيه ابتسـّامة مرتبـكّة
لكنهاّ جـذّابة فيّ نفسّ الوقتّ ، أشـّار على المقعدّ الخلفيّ بّإصبعّ مرتجف و قالّ
ـ بالطـّبع تفضلّي
بينماّ وضـعتّ فلورا ذّراعها علىّ سقف السّيارة بحركةّ صبياّنية لا مبّالية و هي ترمقّ أوسكارّ المندّهش بّنـظرّات حـاّدة نارّية ، أيـعقلّ أن يتعرفّ
ويليام على أشخاصّ مثلهاّ ؟ إنهاّ مجنونة بالكاّمل فقدّ رمتّ نفسهاّ أمامّ سيّارة ؟ لكنّ و من النـظرّ إليهاّ فّهيّ لا تّبدوا عـّاقلة تماماّ ، أيضاّ كيفّ
لوليامّ أن يتعاملّ معها بهـذّه الطرّيقة ؟ كماّ لو كأنّ شيئا لمّ يكن ؟ فتحدثّت فلور بحدةّ
ـ يّا رجلّ ماذاّ بك تتصرفّ مثلّ الفتيات ؟
قطبّ أوسكارّ حاجبّيه بغيرّ رضا و كادّ أنّ يردّ عليهاّ لولاّ أنّ ويّليام أمسكّ بمّعصمهاّ لّيقودّها ناّحية المقعدّ الخلفيّ مثلّما أشّار سابقاّ فدّفعهاّ
و أغلقّ البابّ خلفهاّ ليّعودّ إلىّ مكانه ، أدارّ السّيارة متجهاّ إلىّ مقرّ عملهاّ عندّما توسطتّ فلورّ المقاعّد و جذبّت أوسكارّ منّ حلقّه الموجودّ فيّ
أذنه فصّرخ متّألماّ و إلتفت ناحيّتها صّارخاّ بّقهر
ـ ماذا تّريدين ؟
أخذّ ويليامّ يقودّ بكل تّوتر فّتصرفاتّ فلورّ غـّريبة منذّ أنّ غاّدرت ماريّ و هي على هـذّه الحـّال ، حينماّ اقتربتّ فلورّ من وجـهّ أوسكارّ أكثرّ
و رسمتّ على شفتيهاّ ابتسامة حـّاقدة
ـ ذلّك مكاني الذيّ تجلسّ عليه، إنه ملكي
استنكرّ أوسكارّ ردّة فعلها و نـظرّ إلىّ ويليامّ الذيّ يشيرّ له بأنّ لاّ يأخذّ كلامها على محملّ الجـدّ فّيبدوا واضحاّ له أنّ فلور تّبحثّ عنّ الشجـّار
لاّ غـيرّ ، إنهاّ تّريد الحـّصول علىّ شيءّ تفرغّ فيهّ حزنها و ألمهاّ حيثّ و خـّلال هـذاّ الأسبوعّ صّارتّ فلور تّعود متأخرةّ للمبنى تّدخل إلىّ شقته
بلاّ مبالاةّ ، بلّ حتىّ أنهاّ قامتّ بلكمّ موصلّ البريدّ لإزعاجّها فيّ الصباحّ الباكرّ و لو لمّ تكن فرانسيسّ هناكّ لّصار الحيّ حلبّة مصّارعة ،
بعّد مرورّ نصفّ سّاعة تّوقفّ ويّليام أمامّ مقّر عملّ فّلورا فّنزلتّ الأخيرّة منّ السيّارة بملامحّ بّاردة ، نـظرتّ إلىّ أوسكارّ الذيّ لاّ يزالّ
يّرمقهاّ بّكل حدةّ فّرفعّت حاجبهاّ دلاّلة علىّ رغّبتها الشديدةّ فّلكمه لّيديرّ أوسكارّ رأسهّ متأفّفا ، اقتربت فلوراّ من ويّليام و ربتتّ على كتفه
بكلّ سخرية قّائلة
ـ اعتني بّحبيبتكّ جيداّ قّبل أنّ تنقضّ عليناّ حسناّ ،
ثمّ استـدارتّ راحـّلة غيرّ مبّالية بينماّ تنهدّ ويليّام بأسىّ ، متىّ سوفّ تعودّ إلىّ رشدّها؟ متىّ ستكفّ عنّ إثاّرة الصخبّ فيّ كل مكان تذّهب إليه ؟
نـظرّ إليهاّ لوهلةّ من الزمنّ و هي تعبرّ الطريقّ بّبرودّ فجأةّ استدارت ناحيّته لتّرمقـّه بنظراتّ غّامضة لمّ يستطعّ أنّ يجدّ لهاّ تفسيراّ ثمّ
رفعـتّ يدّها ملوحـّة له بّالوداعّ ،
بينماّ شـعرّ ويليامّ بّيأسّ شديدّ تنهدّ ويليامّ بأسى حالماّ إختفتّ فلوراّ من مرمى عينيهّ ليّضع رأسه علىّ المقودّ بّقلة حيّلة ، فتاتيّ روبرتّ تثيرّان
جنونهّ فـّأحدّهما ضّعيفة لدرجّة الهشـّاشة يّخافّ عليهاّ منّ ملمسّ القطّن الناّعم بينماّ الآخرى مجنونةّ تّفقدّه عقّله مندّفعة بكلّ ما أوتيتّ من قوةّ
لاّ تأبه منّ عدوهاّ حتىّ لو كانّ رئيسا و بالّرغم منّ قوتهاّ المثيرّة للإعجابّ إلاّ أنه يجدّ نفسّه قّلقاّ عليهاّ ، ماّ الأمرّ معّ عـّائلة روبرتّ ،
ما الذيّ يتوجبّ عليه فعله ؟ لإنقاّذهما ؟





برديس likes this.

ــــــــ

/

بّعد مرورّ أسبوعّ آخرّ كانّ ذلكّ الرجلّ ذّو الملامحّ الحـّادة و الابتسّامة السّاخرة ممسكاّ بين يديّه بّجريدّة اليومّ قدّ عـّلاهاّ عـّنوان واضحّ
واحدّ حازّ على إهتمامّ جميعّ رجالّ الأعمالّ فيّ كل أنحاءّ العّالم ، اليـّوم تماماّ سيّقوم مجلسّ الإداّرة باستدعاء جميعّ مدراءّ فّروع لبيرّ بّخارجّ
لندنّ لإجّراء لمحةّ مستقبليةّ عنّ رئيسّ القاّدم الذيّ سيّقود فـّروع لبيرّ بأكملهاّ ، ضحكّ بكلّ قوةّ عندّما دّخل أوسكـارّ إلى الغـّرفة نـظرّ إليهّ بّقلة
حيّلة ثمّ هزّ رأسه نفياّ على حالّة ديميتري الذيّ قدّ أصيبّ بالجنونّ و تـّركه وحـدّه كيّ يّغادرّ فوراّ ، عنـدماّ تحدثّ ديميتري بّضحكة
ـ أوسكارّ ، متّى ستقاّم حفلتكّ الخاصّة و أينّ ؟
تنهـدّ أوسكارّ و عـّاد أدّراجه ليجلسّ بكلّ هدوء أمـّام ديميتريّ الذيّ لاّ يزالّ مبتسماّ بّسعادةّ ، للمرةّ الأولى يحدثّ شيءّ جيدّ لهّ كمّ يتمنىّ أنّ يرى
ملامحّ نايتّ الآنّ ، سوفّ ينتـظرّ دّقائق آخرى ثمّ سيضغطّ على زرّ الإرسّال و حينهاّ سيدمرّ نايتّ بكلّ تأكيدّ ، قّال أوسكارّ بهدوء
ـ فيّ لوس أنجلوس على ماّ أظن و بّعد يومينّ من الآنّ لكنّ ديميتريّ ألاّ تظنّ أنك تتسّرع فيّ قّراراتكّ ؟ دعّ نايتّ و شـأنهّ لهذه الفترةّ
رمـّقه ديميتريّ بّحدةّ دّلالة على أنّ كلامه لمّ ينلّ إعجـّابه فّكيفّ له أنّ يتركّ نايت الآن بّعد أنّ أصبحّ فيّ قبضته ، كلّ ماّ عـّليه فعـّله هوّ إخراجّ
أوراقه إلىّ العـّلن و حينهاّ ستنتهيّ حـّياة نايتّ حرفّيا و بكلّ ما تحملّه منّ معنىّ خصوصاّ أنّ كايلّ ّ يّريد أنّ يّأخذّ منصّب مديرّ لبيرّ بجّانبه ،
زوجـّته مقـعدةّ لا ّتقدر على الحـرّكة و حتىّ صدّيقه ويليّام لنّ يّقدر على فّعل شيءّ ليمنعه منّ تدميرّ نايتّ هـذّه هيّ اللحـظةّ المناسّبة الذيّ
أنتظرهاّ منذّ أمدّ بعيدّ ، بينمـّا حدقّ أوسكاّر بّه دونّ رغـّبة فيّ الاستمرار بالحـديثّ معه إذّ أنّ ديميتريّ عـنيدّ و لاّ يصّغي لهّ لكنّه بالّرغم منّ
ذلكّ تكلمّ بنبرةّ جـّافة ،
ـ حسناّ قدّ تكونّ محقّا ، قدّ تدمرّ نايتّ بّضغطكّ على هـذاّ زرّ لكنّ هلّ فعلا ستدمرهّ ؟ كأنكّ لاّ تعلمّ من هوّ لذّلك دّعني أنعشّ ذاّكرتكّ قّليلاّ ، نايتّ
لاّ يباليّ بّعائلته فّعلا و لاّ يهتمّ للأشخاصّ الذّين حولهّ إنهّ فقطّ يريدّ الوصول إلىّ هدفه مهماّ بّلغ الأمرّ من تّضحياتّ هلّ نسيتّ أنهّ الوحيدّ الذيّ
استطاعّ اختلاس أموالّ ماكاروفّ ، تدميرّ سّمعتهاّ و قّـتلّ ..
قـاّطعه ديميتريّ بّنبرة عـّاليةّ هـزتّ أركانّ الـمنزلّ بأكمله ، كيفّ لاّ و هو يهينه بّهذه الطرّيقة السّخيفة ؟ هلّ يظنّ أن نايتّ يّقارنه ؟ هـذاّ مستحيلّ ، ..
ـ قّلها و صدّقني أوسكارّ سّوف أضّع نصّب عينايّ
رّمقه أوسكار بنظرات بّاردة غيرّ مبالّية لّعصبيته المفّرطة كلماّ تمّ ذّكر إسمّ نايتّ و أفعاله علّى لسانه هوّ لكّنه تجاّهل غّضبه الغيرّ مبرّر بالنسبّة
لهّ لأنهّ لمّ يقلّ شيئاّ يستحقّ كل هذّه العصبيّة فيّ نظره ثمّ وضعّ ذرّاعه علىّ ركبّتيه بّهدوءّ ليتحدّث مجدداّ
ـ أستمع إليّ ديميتري أناّ لا أقصدّ الإسّاءة إليكّ إذّ أنكّ تعلمّ جيداّ أننيّ بجانبكّ لكنّ ألاّ ترى أن نايتّ غريبّ نوعاّ ما ؟ فّهو بالّرغم منّ أنكّ حاولتّ
قّتل ماريّ عدةّ مراتّ و جّعلتها مقعدةّ بلّ هاجمته عبرّ شركةّ جونسونّ لكنه يبدواّ غيرّ مبالياّ و حتىّ الآنّ لمّ يّبادر بّهجومه المضّاد ، أليسّ هذاّ غريباّ ؟
قطبّ ديميتريّ حاجبّيه بعبوسّ مخيفّ بعدّ تمعنّ فيّ كلامّ أوسكارّ يبدواّ محقاّ إذّ أن نايتّ لمّ يبدأ التحركّ حتىّ الآنّ و هـذاّ على غيرّ عـّادته فّهوّ
دوماّ ما كانّ يردّ الصّاع صّاعين ما دامّ الحديدّ حامياّ لكنهّ صّامتّ و ساكنّ لا حـّركة لهّ ، أهـذا ّفعلا نايتّ ؟ ربماّ صّار ضّعيفاّ .
تنهدّ و نـظرّ إلىّ النـّافذة ثمّ رمىّ بّهاتفه النّقال علىّ مكتبه ، حسناّ سوفّ يؤجلّ خطّوته القّادمة فقطّ ليرى ما الذيّ سيفعله نايتّ ليتصّدى لهّ لذلّك
و حاليّا فقطّ سيكتفيّ بتهديدّه ، عـّاد يّتنهدّ بكلّ كرهّ إذّ أنه يحتاجّ إلىّ محفزّ قّوي يثيرّ أعصابّ نايتّ و يّجعله يّنقادّ إلىّ لعبته هو ، لذّلك همسّ
ديميتري مجدداّ بّهدوء
ـ أقلتّ أنّ رحلتكّ بـّعد أسّبوعين ؟ جيدّ
لينهيّ كلامهّ بإبتسامةّ خبيثّة ماكرةّ ، خـّلال هـّذين الأسبوعينّ سيكشفّ أوراقّه الضّروريةّ علىّ الطـّاولة و لسوفّ دونّ رغبته سيتحركّ
ذلكّ الشابّ الجليديّ ، سيكسرّ فّولاذّ أعصّابه الباّردة . فقطّ لينتظرّ و يرّى كيفّ سوفّ تقلبّ حيّاته رأسّا على عقبّ ،

آنتـهىّ ـ

__________________