عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 12-28-2015, 11:44 AM
oud
 
شـآبترّ الـثّامن و العـّشرون
ـ يّـوم واحدّ فقطّ


بّليلةّ ظلماءّ سّقط ثلّج فيهاّ بكثّرة كذلّك أبرّقت السّماءّ كّان هوّ يجلسّ فيّ أعلى تلكّ السّلالم الطّويلة غيرّ قاّدر على النـّوم و عينيهّ
ذاّت اللونّ الأخضرّ واسّعتينّ ذاتّ دّهشة لمّ يستطعّ إخفاّئهاّ بالّرغم منّ مرورّ أسبّوع ، فّلا يزالّ كلامّ جـدّه بيترّ يدّور فيّ رأسهّ
طّوال الوقتّ دونّ أنّ يتركّ الراحةّ تّطرقّ قّلبه و لاّ يزالّ غيرّ قّادر علىّ تصديّقه ليسحبّ منّ جيبّ سترتهّ الرسميةّ صّورة ماّ صّارت
ترافقّه يّومياّ ، نايتّ بالخامسةّ عشرّ من عمرهّ بجّانبه يجلسّ رجّل ماّ فيّ منتصفّ الثلاثينات على شّفتيه ابتسـّامة فّخر و اعتزاز
بينماّ نـظرّات نايتّ باّردة فّارغة لكنهاّ عمـّيقة و ذّات لمعـّة غـّريبة ، أفّعلا هـذاّ هوّ الفتى الذيّ عـّاش طفّولته معه ؟ بالكادّ يستطيعّ
معـّرفته الآنّ ، لاّ بلّ لطاّلما لمّ يستطعّ فهمّه
عنـدّما سّمع صّوت بـّوابة الإلكترونيةّ تفتحّ منـّبئةّ بّمجيء شّخصّ ماّ ، لحظاتّ حتىّ رأى نايتّ يتقدمّ بّخطواتّ سّاكنة لاّ صوتّ لهاّ فيّ
الظـّلام حينماّ لمحـّه كايّل ابتسمّ بكلّ تهكمّ دوماّ ماّ كانّ لتحّركاته نغمّة خاّصة مرفقّة بّصمت مخيفّ فقطـّع نايت طّريقه بهدوء لما وجـّه
نظراّته نحو كـّايل الجالسّ على غيرّ عّادته دونّ أنّ تكون إليزابيثّ من حـّوله فّكاد أن يستمرّ فيّ خـطّواته لولاّ أنّ كايلّ تحدثّ بّنبرة جافةّ
ـ أنتّ بالفـعلّ مخيف لاّ الأصحّ أنّ أقولّ عنكّ وحشّا
رمـّقه نايتّ بطرفّ عينهّ بدونّ مبالاّة ثمّ نزعّ ربطّة عنقّه التيّ تكادّ تخنقه و عـبرّ منّ جانبّ كايلّ غيرّ آبه لكّلماته حينّ تـّحدث الآخيرّ
مجدداّ بنبرةّ أشدّ جفوة
ـ حتىّ لو كنتّ تملكّ مبرراّ لكنّ ما فّعلته لا يغتفرّ،
توّقف نايتّ عن السيرّ لوهلة لمّ يعتدّ أنّ يهتم لكلماتّ آحد خصوصاّ كايلّ فكلّ حرفّ يتفوه به يكونّ لاستفزازهّ و إثّارة أعّصابه لذّلك أنّ
يقوم كايلّ بالثيران خلالّ هذّه الأيّام التيّ سوفّ يتمّ فيهاّ ترشيحّ الرجلّ المناسبّ لّأخذ منصبّ رئيسّ كلّ شركـّات لبيرّ في جميعّ أنحاء
العـّالم لذّلك لمّ يعر كلامه اهتماماّ عنـدّما سّارع كايلّ بّإمساك ذّراعه مانعاّ إياه من المرورّ فّإستدار نايت بكلّ كسّل نـّاحيته ، تحدثّ بّحدة
ـ ألاّ تشعرّ بشيءّ و أنـّا أهينكّ ؟ ألاّ تملك قّلباّ أمّ أن وضيفته معطّلة لدّيك ؟
نـظرّ إليه نايتّ بطرفّ عينه ليبتسمّ فجأة بّعدما عّلت ملامحّه صّفة التهكمّ و الاستهزاء ، وضّع إصّبعه علىّ قّلبه بّسخرية ثمّ عـّاد يّرفعه
إلىّ عـّقله مديراّ إياه فيّ شكلّ دائريّ دلاّلة على وصّفه لابن خاله بالمجنونّ حينهاّ شعـرّ كايلّ بالغضبّ العـّارم ينسابّ تدريجياّ إلىّ قلبه
، ما الشيءّ الجيدّ بكتلة الجليدّ هذه لتقعّ كل فتياتّ بّحبه ؟ عـدىّ مـظّهر و الوسّامة فّهو لاّ يملك شيئاّ ، زفرّ بكّره منّ برودة أعصابه
و قدّ أفحمته ثمّ قالّ
ـ إسمـعّ نايت أنـّا أكرهكّ لاّ بلّ منّ الأصّح القّول أننّي أمقتكّ لكنّني لنّ أستوليّ على الشّركة بّملفات قّذرة هذّه المرةّ أناّ ألعبّ بكلّ نزاهةّ ،
صمتّ نـّايت لوهلةّ من الزمنّ ثمّ نـظرّ إلىّ تلكّ الصّورة التيّ كايلّ يمسكها بكلّ إحكام فّإنتزعهاّ من بينّ يدّه بّكل بّرود و ركزّ عّليهاّ عندّها
تغيرّت ملامحّه خلالّ ثانية حيثّ بّعد محاولات كايلّ الفاشلةّ فيّ إثارة أعّصابه نجّحت هذّه الصّورة فّي قّلب كيّانه رأسّا على عقبّ فاحتدت
عينيه فّرمقه كايلّ غيرّ مصدقاّ إذّ أنه حالماّ رأى تلكّ الصورة امتلكّ نفسّ النـظرّة منذّ ذلك الوقتّ ، أيعقلّ أنّ لذّلك الرجلّ هذاّ المدى منّ
التأثيرّ ؟ مزّقها إلىّ عديدّ من القطّع ثمّ رماهاّ أرضّا ليقومّ بّدوسها ، تحدثّ بلهجةّ حـّادة نـّارية
ـ يستحسنّ أنّ تبعدّ أنفكّ عنّ شؤوني كايلّ ما دامّ ليّ مزاج لذّلك ، أيضّا قبلّ أن تهددنيّ أنظرّ حولكّ جيداّ
عـّاد ليرسم على شفتيهّ ابتسامةّ ساخرةّ حـّاقدة مستهزّئة ثمّ بخـطّوات هـّادئة كسّولة غـّادر .. حالماّ إختفى عنّ أنـظارّ كـّايل سددّ لكّمة
قّوية علّى الجـداّر بينماّ أناملّه ترتجفّ من العـّصبيةّ فيّ حينّ أنّ عينيهّ تنبّئان بّهبوبّ عـّاصفتهّ ، استنشقّ أكبرّ كميةّ من الهـّواء و
أمسكّ بيدّه كانّ يرتجفّ بكلّ جنونّ قدّ كانتّ قدّميه بالكاد تحمّلانه، هـذاّ لاّ يحتملّ لقدّ تجاوزّ ديميتريّ حدودّه .. همسّ بنبرةّ مبحـّوحّة حّاقدة
ـ سحقّا ، فقطّ سحقّا
شّعر بّقدوم شّخص ماّ فّسارع بّتعديلّ وقوفّه حـّينماّ توقفّت سوزيّ أمامهّ كانّت تستطيّع أنّ ترى بّوضوحّه كيّف هوّ ثـائر الآنّ بالّفعل
قدّ تمكنّ منه كايلّ هذّه المرةّ لكنّ ما الذيّ يجّعل رجلّ الفولاذيّ يّثور بّمثل هـذّه الطّريقة حتىّ أنّ قدّميه لاّ تستطّعان إسناده ؟ هزتّ رأسهاّ
ناّفية هذّه الأفكارّ فلاّ شيءّ يجّعل سيدّها غاضّبا أكثرّ من شخصّ يحـّاول نبّش حولهّ لذّلك ابتعدتّ عنّ طـّريقه كيّ تدّعه يمرّ أولاّ إذّ كاّن
أمامهاّ ، بقيّ لمدّة من الزمنّ على تلكّ الوضّعية عنـدّما ّنظرّ إليهاّ بّبرود بّعدما استعـّاد أعّصابه ، قـّال بّنبرةّ مّبحوحة
ـ سوزي ، لقدّ تغيّر هدفكّ .. الشخصّ الذيّ يجبّ أنّ تضعيه نصّب عينيكّ فيّ المرتبةّ الأولى هوّ كـّايل لاّ تدّعيه يّغيبّ عنكّ لّدقيقة أهـذاّ واضحّ ؟
أومأتّ بالإيجابّ فّسـّارع نايت بالمغـّادرة بينماّ تنهدتّ سوزيّ و ماّ الذيّ سّوف يّتجرأ كايلّ على فعله بينماّ تلكّ الحرباءّ تقودّه فيّ الأرجاءّ
كماّ لو كأنهّ حيّوانهاّ الأليّف ؟ الأجدّر أنّ تّضع إليزابيثّ أمامهاّ لاّ كايلّ فّهيّ العقلّ المدبرّ لكلّ مكيدةّ و جميعّ المصائبّ فيّ القصرّ ،
اتجّهت إلىّ الأسفلّ لترى كايلّ جالساّ فيّ مكانهّ يّسند بذّراعيه رأسه و يبدواّ أنهّ يفكرّ بّعمق ، زمتّ سوزيّ شّفتيهاّ بّإنزعاجّ ثمّ انزوت فيّ
ركنّ مظلمّ كيّ تتمكنّ من رؤيته دونّ أنّ يلمحّها عنـدّما مرتّ إليزابيثّ كانتّ كعّادتهاّ ترتديّ فستانّ سهرةّ جّميلّ ذوّ لون قّرمزي و ترفّع
شعرهاّ الأسودّ للأعلىّ على شكلّ كعّكة ، أجلّ إنهاّ بالفّعل ملكةّ لكنّ بصّفات سافلةّ ، تقدمتّ من كايلّ ثمّ وضعّت يدّها على كتفهّ بحركةّ
مغـّرية لترسمّ على شفتيهاّ ملامحّ الحزنّ قّالت بنبرةّ تعيسةّ
ـ كايلّ ماذاّ بكّ ؟ لاّ تبدوا بّخير هذّه الأيام ؟ هلّ هذاّ بسببّ نايت ؟
رفعتّ سوزيّ حاجبهاّ بّسخرية ، ردّة فعل إليزابيثّ تخبرهاّ بأنها كانتّ تستمع لنقاشّ الذيّ دارّ بين القّريبينّ هـذاّ مؤكدّ فّزمت شفتيهاّ بعبوسّ
هيّ الآخرى إذّ أنّ كايلّ سرعان ماّ يستسلمّ لحركاتّ إليزابيثّ الجّريئةّ لكنّ هذّه المرةّ فقطّ وقفّ بكلّ برودّ مبعدّا يدّها عنّ كتفهّ بعدمّ مبالاّة
ثمّ تحدثّ بنبرة جاّفة
ـ أبتعدي عنيّ ليسّ لي مزاجّ لسماعّ ترهاتك
شّهقت سوزيّ بّصدمةّ بينماّ نـظرتّ إليه إليزابيثّ غيرّ مصدّقة ، ما الذيّ يحدّث هناّ ؟ بينماّ غـّادر كايلّ الردّهة متجّها إلىّ الـّشركة أوّ لأيّ
مكانّ يكونّ قادراّ فيه علىّ تصفية أفكارّه و الاستعداد إلىّ إجتماع الذيّ سيقامّ غداّ

/

دوّى صّوت صرخةّ قدّ قطعّ سكونّ الغّرفة عندّما ارتطّم وجّهها بالأرضّ لمّ تكنّ قاّدرة على فّعل شيءّ لمنعّ سقوطّها فّسارعّ فرانسواّ
ناحيّتها قّلقاّ ثمّ كّاد أنّ يمدّ يدّ العونّ لهاّ عندّما أشّارت لهّ ماريّ بّعدم الاقتراب ، بينماّ تنـهدّ الطّبيب بّكل يأسّ هّز رّأسه نفّيا و أشّار
على قدّميها قّائلاّ بحدة
ـ آنسة ماري لقدّ مضى أسبوعينّ و لمّ تستطيعيّ التحركّ خطوةّ واحدةّ للأمامّ ، أرجوكّ حاوليّ فّإن استمررت بهـذاّ الوضّع نحنّ لن
نتـّقدم أبداّ ، حسناّ سيدّ فرانسواّ استدعينيّ عندّما تكونّ آنسة ماريّ مستعدةّ نفسياّ
ثمّ غـّادر الغـّرفة شّاتماّ علىّ عدمّ تعاونّ ماريّ معهمّ إذّ أنها تّرفضّ المساعدةّ كماّ أنهاّ لم تجربّ حتىّ الآنّ أنّ تسيرّ بلّ تكتفيّ بّجلوس
علىّ كرسيهاّ المتحركّ غيرّ مباّلية لأوامرهّ، لاّ يستطيعّ التعاملّ مع شخصّ لاّ يبذلّ أيّ جهدّ بينماّ كتفت ماريّ ذّراعيهاّ بّغضب كيفّ له
أن يتحدّث معّ مرضاه بهذّه الطريقّة المتعجرفةّ ؟ لمّ يقتصّر الأمرّ على اليومّ فقطّ بلّ طّوال الأسبوعينّ يعاملهاّ كّما لوّ كأنهاّ آلة عّاطلة
عنّ العملّ ليسّ مريضةّ بحاجّة لّعنايةّ ، كادّت أنّ تتحدثّ لولاّ أنهاّ قررتّ إلتزامّ الصمتّ فيّ آخر لحـظةّ حينهاّ تنهد فراّنسواّ بقلة حيّلة و
بالّرغم منّ أنه يّفضل عدمّ التدّخل إلاّ أنه وجدّ نفسه يتحدثّ بقليلّ من الإستياءّ
ـ سيدتيّ ما الذيّ يحدثّ لكّ ؟ الآنّ بعدّ أن وصّلنا إلىّ هناّ لاّ يمكنناّ التّراجعّ و أنتّ تعلمينّ فلماذاّ لاّ تبذّلين جّهدكّ ؟ سيدتيّ لمّ أكنّ يوماّ
أعتقدّ أنكّ بهذاّ الضّعف .
نـظرتّ إليهّ ماريّ بّعينينّ واّسعتينّ قدّ عكسّا مدىّ الألمّ الذيّ تّشعرّ به حتّى لو أنهاّ رفضتّ البوحّ به لكنّ استمرارّ نايت فيّ صدّها قدّ
كسرّ آخرّ بريقّ أملّ كانتّ تتمسكّ بهّ فأطرقّت رأسهاّ للأسفلّ ثمّ أحكمتّ القبضّ على فستانهاّ الأبيضّ البسيطّ لتبدأّ دموعهاّ بأخذّ وجّنتيهاّ
مّؤوى لهماّ تلكّ الدموعّ التي استمرتّ في كتمانهاّ هاهيّ تّنطلقّ الآنّ غيرّ مبالّية ، بينماّ ارتبك فرانسواّ إذّ أنه و بكلامّه أرادّ لماريّ
أنّ تتشجعّ و تستعيدّ رباطّة جأشهاّ لاّ أنّ تبكيّ فكادّ أنّ يقتربّ منهاّ إلاّ أنهّ لمّ يستطعّ الحراكّ فقّال بّتوتر
ـ سيدتيّ آنا أسّف أرجوكّ لا تبكيّ ، أناّ آسفّ
كانّ يلومّ نفسه بشّدة علىّ فتحّ فمهّ و كمّ كانتّ سوزيّ محقّة عندّما تنادّيه بّأبلّه إذّ أنهّ مهماّ حاولّ فهوّ ليسّ قادراّ على فهمّ مشّاعرّ
النّساءّ لذّلكّ لمّ يجدّ ماّ يّفعله غيرّ التأسفّ بإستمرارّ حينماّ تحدثّت ماريّ بنبرةّ بّاكية
ـ فرانسواّ ، أظنّ أنهّ يكرهنيّ
رفعّ حاجبّيه بّإستنكارّ ألمّ تكن تبكيّ لأنّه نعتهاّ بالضّعيفة ؟ إذّن سببّ حزنهاّ طوالّ هذّه الأيامّ هوّ أنّ نايتّ لم يتحدثّ معهاّ ؟ لكنّ و هلّ هذاّ
سببّ يدعواّ للحزنّ ؟ عندّما رأىّ عينيهاّ اللامعتينّ و هي ترمقّه بنظراتّ مرتجيةّ فّسّارع بالنفيّ قّائلاّ بكلّ إرتباك
ـ لاّ بالطبّع لاّ سيدتيّ إنهّ فقطّ مشغولّ لأنّه يّريد نيلّ منصبّ الرئيسّ بشدّة لاّ أعتقدّ أنه يتجاهلكّ عنّ عمدّ
زمتّ شفتيهاّ بعبوسّ شديدّ و قدّ عـّادت دموعّها تسقطّ عندّما أدركّ فرانسواّ أنهّ أخطأ مجدداّ فلمّ يكنّ يجدرّ به قّول الجملّة الأخيرّة فّضربّ
جبّهته بّندمّ و إنحنىّ بكلّ استياءّ من فشّله متأسفّا ، رفعتّ ماريّ يدّيها و قّامت بمسّح دموعهاّ بكلّ عصبيةّ لتتنهدّ .. لمّ يّقل فرانسواّ
أيّ شيءّ خاطئّ فّهي تّعلم أنهاّ تدفعّ بّنفسهاّ نحو نايتّ بينماّ هوّ غيرّ مباليّ بتواجدّها منّ عدمهّ ، أطرقتّ بّرأسهاّ للأسفلّ غيرّ رّاضية
عنّ ضعفهاّ هيّ كذلكّ، إلىّ متى ستستمرّ بهذّه الطرّيقة ؟ تطاّرده دون جدوىّ تعتمدّ علىّ فلورّ و تّعلم دوماّ أن ويليامّ بجّانبها ، لماذاّ
هي بهذاّ السوء ؟ بّهذا القدرّ من الغباءّ ؟
صمتّ فرانسواّ لوهلةّ من الزمنّ ، إنهّ أكثرّ من يدرّك قّتالهاّ لّقلبّ نايتّ فلطالّما كانّ بجانبه و لطالماّ رأىّ محاولاتّها المستمرةّ فيّ لفت
إنتباهه لذلّك إنّ أرادتّ أن تستسلمّ فلهاّ كلّ الحقّ فيّ ذلكّ ، لكنهّ هوّ الآخرّ لا يستطيعّ أنّ يتركهاّ ترحلّ فإنّ غـّادرت من سوفّ يقفّ فيّ
وجّه نايتّ ؟ منّ سيعيدّ له إنسانيته ؟ تقدمّ منها بّبطء ثمّ جلسّ أمامهاّ مستنداّ على ركبتهّ ، كانّ يبدوّا متردداّ لكنهّ رفعّ رأسه و نـظرّ
إليهاّ بكلّ قـّوة مليئّة بالرجاءّ ، قاّل بنبرةّ هادئّة
ـ سيدتيّ أرجوكّ إنتظريّ قّليلا فقطّ فّأنا أثقّ أنّ نايتّ سوفّ ينظرّ نحوكّ مماّ طالّ الزمنّ ، أعلمّ أنكّ ستنجحينّ فيّ نيلّ قلبه فلا تستسلميّ الآنّ
كانتّ كلماتّ فرانسواّ رقيقةّ جداّ مليئّة بالعطفّ و الحنانّ كيّ تنسابّ إلىّ قلبهاّ محاّولة أنّ توقدّ شعلة الأملّ الصغيرةّ تلكّ التي انطفأت
لكنهاّ لم تكنّ كافّية أبداّ لّإنارة زواياّ المّظلمة بّقلبهاّ ، فاكتفت ماري بّابتسامة لطيفة تّشكره فيهاّ ثمّ رفّعت عينيهاّ نـّاحية الشّرفة لترىّ
برجّ إيفل المشهورّ كمّ كان جميلاّ بأضوائه المشّعة ، حركتّ عجلاتّ كرسيهاّ إلىّ الشّرفة بّجهدّ لتمدّ يدّها تحتّ سماءّ باريسّ ، زمتّ
شفتيهاّ بقلّة حيلة فّتقدم فرانسواّ ليقفّ خلفهاّ ، قـّال محاولاّ إبهاجهاّ
ـ ماّ رأيكّ أنّ نذهب هناك ؟
أومـأّت ماريّ نفياّ مكتفية بّمراقبةّ الشوارّع دونّ رغبة لهاّ فيّ مغّادرة هذهّ الغّرفة ، تنهدتّ ثمّ نـظرتّ بعزمّ إلىّ فّرانسواّ يجبّ عليها أنّ
تحاول منّ أجلّ حياةّ أفضلّ ، قّـالت بنبرةّ حـّازمة
ـ لاّ بأسّ استدعيّ الطبيبّ سوفّ أحاولّ مجدداّ،
دّهش فرانسواّ فيّ بداّية الأمرّ منّ تغيرّ المفاجئّ بمّزاجهاّ لكنهّ سارّ بخـطّوات سريعةّ مغـّادراّ كيّ يلبيّ طلبّها ، لاّ يدريّ لماّ لكنّ قّلقه الشديدّ
عليهاّ قدّ إختفىّ بالّرغمّ من أنهّ وصّفها بالضعيفّة لكنهّ يدركّ تماماّ أنّ ماريّ ليست كذلكّ على الإطلاّق هيّ أقوىّ مماّ تّبدوا عليهّ ،
بينماّ فيّ تلكّ الغرفةّ ذاتّ رائحةّ الأدويةّ المعّقمة كاّن وجّهها حزيناّ جداّ باّلرغم منّ أنها تحاولّ جاهدةّ أنّ تبذلّ ماّ بوسعهاّ لكنهاّ لا تستطيعّ
تحتاجّ بشدةّ لرؤيتهّ لسماعّ صوتهّ ، تّريد بشدةّ أن تسمعّ صراخّ فلوراّ الغاضبّ لقّراراتها الغبيةّ ، تّريد أنّ تّرى ابتسّامة ويليامّ المطمئنة
الهادّئة ، لماذاّ هذاّ صعبّ ؟ حملتّ هاتفهاّ ثمّ نـظرتّ إليه بكلّ حزنّ ، لقدّ اتصلتّ بهمّ جميعاّ لكنّ لمّ يجبّ أحدّ على إتصاّلاتهاّ أو حتىّ رسّائلها
القصّيرة . همستّ لنفسهاّ بنبرةّ إمتلأت بالشّوق تّحن للماضّي
ـ يبدواّ أننّي أشبهّ أبيّ فيّ النهايةّ، كلاناّ يجيدّ إبعادّ من حولهّ

/

كانّ يقفّ أمامّ مبنى السيدةّ فرانسيسّ يّضع وشّاحا يّغطى نفسّ ملامحّه معّ قّبعة ذاتّ طبع روسيّ أيضاّ معطفّ رماديّ ، نـظراتّ عينيه
الحاّدتين لاّ زالتاّ نفسهماّ عندّما انتقّل إلىّ مسامعهّ صوتّ فلوراّ الحادّ المتذمرّ و الشاتمّ إذّ لاّ رغبة لهاّ فيّ الذّهاب إلىّ المتجرّ لّشراء
مستلزماتّ البيتّ الضّروريةّ منهاّ لماّ لمحتّه منّ طرفّ عينهاّ ، كانّ يبدواّ لهاّ غريباّ و ليسّ كأيّ متسكع عّادي فّكادتّ أنّ تتجّه نحوهّ
لتسأله عنّ غّايته لكنّ و فيّ نفسّ الوقتّ وصلّ ويليامّ حاملاّ كيسّ لجميعّ أنواعّ الطعامّ الجاهزّ فّنستّ فلوراّ ما كانتّ سوفّ تفعله و
اتجّهت مسرعةّ نحوّ ويليامّ ، قـّالت بنبرةّ غـّاضبة
ـ لماذاّ لم تّخبرني أنكّ ذاهبّ لمتجر الموادّ الغذّائية؟ كنتّ لأعطيكّ لائّحة بماّ أناّ بحاجةّ إليهّ ، أيضاّ ..
رمقّته بنظرّة تفحصيه من أعلى رأسه إلىّ أخمصّ قدّميه كانّ يرتديّ ملابسّ نومّ المكونةّ قّميصّ أزرقّ اللونّ لاّ يكادّ يكونّ له وزناّ لّيقيه
شدةّ البردّ معّ خفيّن ، ضّربت جبّهتهاّ بّقلة حيّلة ثمّ نزعتّ معطّفها الأسودّ و وضّعته حولّ كتفيه ، حركتّ شعرهّ الأشقرّ بكلّ خفةّ إذّ أنها
استطاعتّ أن تخمن بأنه مريضّ و لا شكّ فيّ ذلك ، قـّالت بكلّ أسىّ
ـ ماّ الذيّ تفعله ويّليامّ ؟ هلّ أنتّ أخرقّ ؟ عـدّ إلىّ المنزلّ .. سوفّ أجلبّ لكّ الدواءّ،
نـظرّ إليهاّ ويليامّ للحظاتّ ثمّ لفّ ذّراعيه حولّ رقبّتها كيّ يضّع رأسه بكلّ راحةّ على كّتفهاّ ، كانّ يبدوا محموماّ و وجّنتيه حمراوتينّ بشدّة
، ماّ الذيّ يحدثّ له؟ فّأسندتّه فلورّ بّهدوء و عـّادت إلىّ المبنى ، إتجّهت إلىّ شقته ثمّ جعلتهّ يستلقي على الأريكةّ جذبتّ غطاءّ و لفته بهّ
، وضعتّ كماداتّ على جّبينه لّيستديرّ ويليامّ للجّهة الأخرى بّعدما أزعجـّه صوتّ التلفازّ العاليّ فسقطّ منّ جيبهّ هاتفهّ ..
حـّملته فلوراّ كادتّ أن تّضعه جاّنبا لولاّ أن شاشته كانتّ منيرةّ فنظرتّ إليه بفّضول على غيرّ عّادتهاّ لتّرى رسّالة نّصية منّ ماريّ
تّطلبّ منهّ بّترجيّ أنّ يردّ على اتصالاتها أيضاّ تريدّه أنّ يعتنيّ بّها هيّ ، بّفلور نفسهاّ فّشعرتّ بقليلّ منّ الغيضّ لماّ رأتّ أنهّ رسّالة
قدّ وصلتّ على السّاعة الرابّعة و النصفّ أماّ الآن فهيّ الثامنةّّ هلّ بقيّ طوالّ هذّه الفترة خارجاّ ؟
نـظرتّ إليه فلوراّ غيرّ مصدّقّة لماذاّ يستمرّ بنكرانّ حبه الجنونيّ نحوّ ماريّ ؟ و الاسوء لماّذا تستمرّ هيّ بّكشفّه كأنهّ صفحةّ بيضاّء بالنسبةّ
لهاّ ، لماذاّ لاّ يحاولّ أن يحبهاّ هي عوضّا عن ماريّ ؟ أليسّا أختينّ ؟ لوّ حاولّ فقطّ أنّ ينظرّ ناحيتهاّ لإستطاعّ أنّ يشعرّ بحبّها العميقّ نحوهّ ،
كـّادت دموعهاّ أن تسقطّ فّوقفتّ لترحلّ رافّضة ضّعفهاّ عندّما مدّ ويليامّ يدّه ممسكاّ بمّعصمهاّ ، كّان بالكادّ يستطيعّ التنفسّ لماّ تحدثّ بصّعوبة
ـ فلوراّ إلىّ أين أنتّ ذاّهبة ؟ أرجوكّ إبقيّ قّليلا
صمتتّ لوهلّة من الزمنّ مقّاومة دموعهاّ لكنهاّ لم تستطعّ إذّ أنّ قّلبها لمّ يحتملّ أنّ يكونّ دوماّ مركزّ الثانيّ ، فّشهقتّ و وضعتّ يدّها علىّ
فمهاّ كيّ تكتمّ صوتهاّ ، رفّع ويّليام أنامله المرتجفةّ كيّ يمسحّ دموعهاّ قاّئلاّ بّحنان
ـ فّلوراّ ماّ الأمرّ ؟ لماذاّ أنتّ حزينةّ ؟
أمسكّت بيدّه و وضعتهاّ علىّ جّبينه بّكل عصبيةّ أوّ بالأحرىّ مخفيّة ألمهاّ ، دفّعت بالغطاءّ أكثرّ نحوّه ثمّ ضّربت كمادّة بقوة قـّائلة و
الغضبّ يلفّ كلماتهاّ
ـ و لماذاّ أحزنّ ؟ بلّ أناّ غاّضبة أيهاّ الأبّله فكيفّ لكّ أن تخرجّ بمّلابسّ رثة كهذّه ؟ هل أنتّ طفّل ؟
زفرتّ بغيضّ شديدّ بينماّ ابتسمّ ويّليام كعّادته ثمّ إقتربّ منهاّ ببطءّ و قّبلهاّ برّقة على خدّها لّيغلق عينيهّ بّهدوء فيّ حينّ أخذتّ فلور
تسيرّ بخطّوات سّريعة غيرّ مصدقّة أفّعال ويّليام اللا مبّالية ، لحظاتّ حتىّ كانّت خـّارجا تعبرّ الطريقّ بخفة متناهيةّ لماّ عّادت تلمحّ نفسّ
الرجلّ يقفّ هناكّ ينظرّ ناحيةّ نافّذتها مماّ جعل الريبّة تّنسل إلىّ قلبهاّ لكنّ لم تكن تمتلكّ الوقتّ لاستجوابه فّقررتّ تجاّهله فّغادرتّ راكضّة
تّبحث عنّ أقربّ صّيدلية تستطيع أنّ تجدّها ،

/

لّيلة قدّ برزّ فيهاّ ضّوء قمرّ في تلكّ الشّرفة الواسّعة تّحديداّ علىّ ملامحّ وجّهه الهاّدئة المسّالمةّ ، ينامّ بعمقّ مستلقياّ علىّ أريكةّ مريّحة
بجـّانبه حاّسوبه المحّمول قدّ كانتّ شاّشته تّظهرّ عديدّ منّ منحّنيات وّ تقاريرّ شّاملة بكلّ ماّ يخصّ شّركة جدّه ، شّعر أسودّ حريريّ
أسدل علىّ جّبهته بكلّ عنفوان و بّشرة شّاحبة قدّ كانّ مقطبّا حاّجبيه بّإرهاقّ شديدّ حينماّ فتحّ عينيهّ واسعتينّ حادّتين ذاتّ لونّ أزرقّ
داّكن نـظرّ من حوله غيرّ قادرّ على استيعابّ مكانهّ ثمّ أعتدل فيّ جلّسته كيّ يسقطّ غطاءّ ماّ علىّ الأرضّ،
يبدّوا أنّه أصيبّ بالزكامّ بّالتـأكيدّ سيصّاب بهّ ما داّم قدّ غفي هناّ فيّ هـذاّ الجوّ البّارد حـّوله كميّات صّغيرة متّراكمة منّ الثـّلج بينماّ كانتّ
السماءّ مليّئة بالغّيوم منبّئة بّعاّصفة ثّلجيةّ آخرى حيثّ بدأّ ضوءّ القمرّ فيّ الإختفاءّ تّدريجيّا ، وضـعّ أناملهّ علىّ رّقبته محاولاّ إخراجّ
صوتهّ فّيتحدث بنبرةّ مبحوحةّ بالكادّ تسمعّ
ـ مـّاري ..
زفرّ بّغيضّ حالماّ تذّكر ماّ قدّ حدثّ ليتوقفّ عنّ الحديثّ فوراّ، فّرك جبيّنه بّتعبّ إذّ أن تواجدّ ماريّ حولهّ صارّ كشيءّ ضّروريّ ربماّ حيثّ
أنهّ إعتـّاد إزعـّاجهاّ الدائمّ له لاّ يعلمّ لماّ لكنّ إعتقدّ أنهاّ ستبقىّ دوماّ إلىّ جاّنبه ، تّنهدّ لماّ شعرّ بّألمّ فيّ حلقه ، فجأةّ رن هاتفهّ معلناّ عنّ
وصّول رّسالة نصّية .. فتحّها بّقليلّ من الاستغرابّ كان المرّسل فّرانسواّ و هـذاّ غريبّ نوعاّ ماّ ،
قدّ احتوت الرسّالة تّقاريرّ عن حالة ماريّ الآنّ إذّ يبدواّ أنهاّ بالكادّ قّادرة على الاستمرارّ في هذاّ العـّلاج أيضّا حالتهاّ النفّسية ليستّ بخيرّ على
الإطلاقّ، حكّ جبينه بقلة حيّلة ما هذّه المصّائبّ التيّ تّلف حوله ؟ إنهّ بالكادّ يستطيعّ التنفسّ، فجـأةّ عاّد هاتفهّ يرنّ لذّلك رفعّ السماّعة
قـّائلا بنبرةّ مبحوحةّ
ـ فرانسواّ ماّ الأمـّر معّ ..
سمعّ ضحكاتّ خافتةّ فّقطّب حاجبّيه بّإستغرابّ ، نـظرّ إلىّ الشاشةّ كانّ رقماّ غريباّ لكنّ هذاّ الصوتّ و تلكّ الضحكاتّ السّاخرة ليسّ غريبين عّنه
، أجلّ لطالما كانّ ديميتريّ الرجلّ الذيّ يعلم تماماّ متىّ يتصلّ كيّ يزيدّ همومهّ ألماّ ، فّهز رأسهّ بّبرود إذّ لاّ رغبة لّه فيّ الحديثّ معه لكنّ
بالّرغم من ذلكّ لم يستطعّ أنّ يغلقّ لديّهماّ أمورّ مشتركةّ ليهتماّ بهاّ ، تكلمّ بّنبرة تّهكمية شديدةّ السّخرية
ـ حسناّ كنتّ أرغبّ فيّ الإتصّال بك علىّ آية حالّ ، إذّن لقدّ أرسلتّ ملفاتّ عن ماضيّ بأكمله إلىّ كايلّ ؟ هذّه خطّوة لطيفة منّ قبلكّ ، شكـّرا
زمّ ديميتريّ شفتيهّ بعبوسّ إذّ أنه يكرهّ لهجةّ نايتّ السّاخرة التيّ يتحدثّ بهاّ فّهي تثيرّ أعصّابه ، حركّ أوراقّه بّلا مبّالاة ثمّ أجـّابه
ـ لاّ شكرّ على واجبّ ، إذّن كيفّ وجدتّ المفاجّأة هلّ هي راّئعة ؟
وقفّ نايتّ و إتجـّه إلىّ الدّاخل لاّفا الغطـّاء حولّ كتفيهّ قدّ كانّ طّويلا يسحبّ من خلفّه علىّ الأرضّ ، إتجّه للحمامّ و رمى قّليل من الميّاه
الداّفئة علىّ وجّه ثمّ مسحّه بالمنشّفة كيّ ينتعشّ قّليلاّ ، سحبّ خصّلات شعرهّ السوداءّ المبّللة بّعيداّ عّن مرمىّ عينيهّ ، أخيراّ أمسكّ
الهاتفّ و أجـّابه ببّرود
ـ ماذاّ قّلتّ ؟
رفعّ ديميتريّ حـّاجبه بّغير رضى حيثّ كانّ يستمعّ لحركاتّ نايتّ المستفزةّ بلّ و لا مبّالية كعّادته ، ألّن يتحركّ قطّعة الجّليد هـذّه ؟ فيبدواّ أنه
و مهماّ حـّاول لنّ يستطيعّ أنّ يصيبّ قّلبه ، بينماّ عّاد نايتّ يتحدثّ
ـ آجلّ تذّكرتّ ، إنهاّ مفاجّئة غريبةّ من نوعّها ديميتريّ ألاّ تّدرك أنكّ و بّكشفّك لجميعّ أوراقيّ فّأنتّ تسحبّ نفسكّ للأسفلّ معيّ ؟ أعنيّ هلّ
أنتّ متأكدّ من أنّ هذّه الأوراقّ لن تكونّ سبباّ فيّ اختياري كّرئيسّ لّشركة لبيّر؟ لأننيّ أرىّ تلكّ المقّالاتّ ليس سوىّ برهان بأننيّ أتممّ عمليّ
على أكملّ وجّه فّأناّ رجلّ أعمالّ فيّ النهايةّ و تلكّ ما هي إلاّ إنجازاتّ ليّ ،
عـمّ سكونّ حيثّ كانّ ديميتري يحاّول جاهداّ الحفاّظ على أعصّابه ، ما تلكّ الإنجازاتّ التيّ يتفاخر بهاّ ؟ أهوّ فعل إنسّان ؟ كمّ يّرغب أنّ يـأخذّ
مسدسّا و يّسددّ طلقّة رّصاص ناحيّة قلبهّ هـكذاّ سيأخذّ انتقامه مباّشرة لكنّ إنّ رغبّ فعلا فيّ أنّ يردّ الصّاع لنايتّ يجبّ عليه التخـطيطّ تماماّ
كما فعلّ هو قّبلا ، لذّلك ردّ عليه ديميتري بّنبرةّ هّادئة قليلاّ و ملّيئة بالحقدّ
ـ أحقاّ تعتبرّ تلكّ الأفعال إنجازاتّ ؟ حسناّ لاّ بأس لكن هل أنتّ واثقّ أنهاّ ستكون ورقّتك الراّبحةّ ؟ أعنيّ حتىّ الآنّ شّركاءّ الشركةّ قدّ تقبلوكّ
فقطّ لأنّ مديّرها هوّ جدّك ، و إذاّ ماّ عـّلموا بّهذه المقّالاتّ إلىّ جانبّ عدمّ معّرفة أصّلك فّأنتّ لن تكون أبداّ رئيساّ لشركةّ لبيرّ
لماّ يّكون الانتقاّم حافزاّ قّوياّ فلنّ يّقفّ أيّ شيءّ أمامّ المنتقّم حتىّ لو كلّف الأمرّ حيّاته فتلكّ اللذّة المّليئةّ بّنشوةّ الانتصار لاّ تقدرّ بثّمن و
بّكل تّأكيدّ تستحقّ فّعل المستحيلّ لأجلّها ، هـذا هوّ مبدأّ الذيّ لطاّلماّ عملّ به نايتّ و لنّ يّغيرهّ كـّذلك اعتبره ديميتريّ مبدّأ لهّ بلّ أساسّا
لّقيام حيّاته و هـذّه المـّعركة القّائمة هناّ ليستّ سوىّ حربّ لهاّ نفسّ القوانينّ و المبادئّ لكنّ منّ يملكّ الرّغبة الأكبرّ فيّ الفوزّ هوّ حتماّ من
سيفوز ، رفـعّ نايتّ حاجّبه بّإستنكارّ أقّال تواّ أنه لن يكونّ أبداّ رئيسا ؟ فّإبتسمّ بّبرودّ كعّادته
ـ مهلاّ عزيزيّ لاّ تنجرفّ بّعيداّ فيّ أحلامكّ ، أناّ متـأكدّ لاّ بلّ يقين أننيّ سّأكونّ من يعتليّ عرشّ لبيرّ و لاّ أحدّ سيأخذّ هذاّ المنصّب منيّ
ديميتريّ لاّ أنتّ و لاّ كايلّ و لاّ غـّيرك .. لذلّك إنّ أردتّ فإنشرّ تلكّ المقالاتّ فيّ الانترنيت أوّ بعها لّصحفّ الفضّائح لأننيّ لن أهتمّ ،
كاّنت هذّه الكلماتّ مثلّ القطّرة التيّ أفاضّت الكأسّ فّثارت أعّصابّ ديميتريّ لّيضربّ مـكتّبه بّقبضته كيّ تتناثرّ أوراقّه فيّ كل مكانّ ، بّرود
ة نايتّ تّجعله كالمجّنونّ لذلّك صـّاح بّنبرة عّالية غـّاضبة
ـ سحقّا لكّ و لّغروركّ، أتعلمّ لاّ بـأسّ سّوف أفّعل ماّ يحلوّ ليّ من الآن و صّاعداّ لنّ يّعيقنيّ أحدّ.. سّوف أبدّأ بّأخذّ أكثرّ شيءّ غـّاليّ عليكّ
نايتّ ، و لنرى حينهاّ إنّ كنتّ ستبقى محاّفظا على بّرودك
أغلقّ السماّعة بكلّ عّصبية لاّ يّصدقّ ذلكّ ، لقدّ هـّاجم زوجتّه و سلبهاّ قدّرتها على السيرّ أيضّا تّلاعب بّه ، كشفّ مّـاضيه لألدّ أعداّئه
فلّماذاّ يبقى هـكذاّ ؟ دونّ القّيام بّأيّ حركةّ ؟ بينماّ و في الجـّهة الأخرى تماماّ كانّ نايتّ قدّ إتجـّه نـّاحية السريرّ رمى بجسدّه عليه و
الإرهاق بادي عليه ثمّ وضع ذّراعه على عينيه ،
أخـذّ نفساّ عميقاّ جدّا إستّرجع خلالّه طـّاقته التيّ فقدّها من الجدالّ معّ ديميتريّ أرادّ أن يجلبّ حاسوبه منّ الشّرفة لكنّ تقاعسه الشديدّ عن
الوقوفّ أحالّ ذلكّ ، رفـعّ ذرّاعه و نـظرّ بّكل زاويةّ فيّ جناحه أركاّن مـّظلمة بّاردة يتخللهاّ سكونّ هادئّ مّوحش بينّ جـّدرانها الواسـعةّ ،
مررّ أنامله علىّ عينيهّ لتقلّ حدتّهما ، تّنهد بّغيرّ رضى ليستديرّ نحوّ الجـّهة اليمنى قـّال بّأسى
ـ تـّبا ، هلّ أصبحتّ ضّعيفاّ ؟
إعتـدل فيّ جلوسه لّيقوم ببّعثرة خصّلات شعرهّ حالكةّ السوادّ فيّ كل إتجاّه ،لماّ اهتز هاتفهّ رمقّه بّبرود إذّ لاّبد أن يكونّ المتصلّ ديميتريّ
بـّعدما استعاّد ربّاطة جأشه غيرّ أنهّ وجـدّ رّسالة نصّية قصّيرة منّ ماريّ ، أسندّ رأسهّ علىّ الوسّادة التيّ خلفه مستعداّ لّفتحهاّ بينماّ
ملامحّه تدل على عدم إهتمامّ فّدوما ماّ تّرسل لهّ رسّائلّ تخبرهّ فيهاّ عن مدىّ حبّها الكبيرّ و الواّسع نحوهّ ، هـذّه المرةّ كان الأمرّ مختلفاّ ..
كـّانت رّسالة فّارغةّ لم تحتويّ أيّ حرفّ ، قطبّ حاجبّيه بإستغراب لكن لمّ يدم استغرابه سوىّ القّليل عندّما رن الهاتفّ كيّ يعتـّلى إسمّ
مارّي شّاشته لمّ يسبّق لهاّ و إنّ إتصّلت بلّ كانتّ فقطّ ترسلّ رسّائل نصيةّ إذاّ أخيراّ قدّ استجمعت شّجاعة الكافّية لكيّ تتصلّ به ابّتسم
بّخبث و أغلقّ السماعةّ ،
استّغرقّ الأمرّ نصّف سّاعة قبلّ أنّ تّقوم بّإستجماعّ شجاعتهاّ مجددا لكيّ تتّصل فّعـادّ نايتّ يغلقّ السماعّة و على شّفتيه ابتسـّامة خبيثّة
ماكّرة ، مـّرت نصفّ ساعةّ آخرى ليدركّ أنهاّ لمّ تجرؤ على رفعّ الهاتفّ مجدداّ فّضحك و دفّعه جـّانبا لماّ سّمع صوتّ بّاب و هوّ يفتحّ
بكلّ بطءّ ، طلتّ سوزيّ برأسهاّ بّكل أرجاءّ الغـّرفة و لشدةّ ظلامّ لمّ تكن لتستطيعّ أن تلمحّ نايتّ فّرفعتّ تحدثتّ سوزي بّنبرة خـّافتة
إرتدّت كالصدىّ
ـ سيدتيّ إنه ليسّ فيّ الغرفةّ أيضاّ ، أتّردين منيّ الذّهاب إلىّ الشركةّ لتفقدّه ؟ .. لاّ أظن سيدتيّ فإليزابيثّ معّ السيدّ كايلّ طـّوال الوقتّ
تحاولّ أنّ تسحبّ المعلوماتّ منه كماّ أخبرتكّ سّابقاّ ، .. بالطبعّ حالماّ تلتقطّه كاميراتّ القصرّ فـسـ ..
تّوقفتّ عن الكلامّ لماّ رأتّ ظلاّ خلفّها فّمدت يدّها بّحركة غّريزية كيّ تّقوم بّتسديدّ ضّربة لولاّ أن نايتّ أمسكهاّ بلّ و أخذّ الهاتف منهاّ أيضّا
فّشهقت سوزيّ بّرعب و لمّ تستطعّ الحراكّ لّيرمقهاّ نايتّ بنظراتّ نـّارية حاّرقة جّعلتها ترتجفّ خوفاّ ، رفعّ السماّعة ناّحية أذّنه ليستمعّ إلىّ كلام ماريّ
ـ ماّ الأمرّ سوزي ؟ ماّ الذيّ حدثّ ؟
كانتّ ماريّ جـّالسة على كرسيّها المتحركّ بجاّنبها فرانسواّ يّحتسي القّهوة إذّ أنه هوّ من إقترحّ الفكرةّ مسّبقاّ لكن سيدّته كانتّ تّرفضّ
بإستمرارّ لأنهاّ خائفة أماّ الآنّ و بمرورّ أسبوعين لقدّ بدأّ صّبرها ينفذّ و خوفهاّ من كونّ إليزابيثّ تحومّ حول نايتّ يكبرّ لذّلك قررتّ أنّ تدعّ
سوزيّ تقتصي الأوضاعّ من أجلّها عّندما سمعتّ صوتّ نايتّ الحـّاد و السّاخر
ـ لستّ سّيئة على الإطّلاقّ ماريّ، لاّ بلّ يجدرّ بيّ القولّ لقدّ فقتّ تصّوراتيّ بأكملهاّ إذّ أنك تستعملينّ خـّدمي لتجسسّ عليّ ؟ ممتّاز فعّلا..
شحبّ وجـّه ماريّ بأكمله و إرتجفّت أناملهاّ غيرّ قّادرة على الإمساكّ بذلكّ الهاتفّ أكثر فّكادتّ أن تّغلق السماّعة لولّا أنهّ إنزلّق من بين
يدّيها ليسقطّ أرضّا فّرمت ماريّ بنفسهاّ لتلتقطّه بينماّ صّرخ فّرانسواّ بذّعر قّائلاّ و الّرعب يّعتليه
ـ سيدتيّ.. يّا إلهيّ تّوقفيّ عن التصرفّ بجنون ،
أمسكتّ ماريّ الهاتفّ و حاولتّ أنّ تضغط على زرّ الإغلاقّ غيرّ أنّه و لإرتجافّها الشديد لم تستطعّ ، نـظرتّ إلى فرانسواّ بعينين مرّعوبتين
و قـّالت متلعثمة
ـ نـ .. نـ نـايتّ يـ ـ
رمقّها فرانسواّ بإستغراب ثمّ أخذّ الهاتفّ و وضّع السماّعة على أذّنه لكيّ يهمسّ بـكلمةّ ألوّ ، بينماّ و فيّ الجـّهة الأخرى كاّنت تلكّ الابتسامةّ
السّاخرة لاّ تّزال تعتليّ ملامحّ نايتّ و الأغربّ فيّ الأمرّ أنهّ يبدواّ مستمتعاّ ، تـحدثّ بنبرةّ مستهزئةّ
ـ و أنـّا الذيّ أرسلتّك للإعتّناءّ بهاّ ، يـّال الغباءّ
شـّهق فرانسواّ بّرعب مثّلهما و دفّع بالهاتفّ ناحيّة ماريّ التيّ صّرختّ بدورهاّ و الخوفّ يّعلوهاّ ثمّ استطاعّ الاثنين أخيّرا أنّ يضغطاّ على
زرّ الإغلاقّ بلّ و نزعّ الـشّريحة معّ البطّارية أيضّا حينهاّ ضربّ فرانسواّ رأسه علىّ الجدارّ بينماّ أخـذتّ ماريّ تزحفّ بّبطء نـّاحية الّشرفة
مستعـدةّ لرميّ نفسهاّ كيّ تتفادى إحـّراج الذيّ سببته لنفسهاّ، نـظرّ نايتّ إلىّ الشّاشة التيّ تنبئ بّنهاية الاتصال رمشا بّغير تصديقّ ثمّ فجـأةّ
انـطلقتّ ضحكاتّ صّادقةّ من أعماقّ قّلبه ، أمسكّ بّمعدتّه غيرّ مصدّق و ضحكاتّه المبـّحوحةّ ترن فيّ الأرجاءّ ،
كانّ غيرّ قادرّ على التوقفّ كـأنه لمّ يضحكّ منذّ زمنّ بينماّ أخذتّ سوزيّ تنـظرّ إليه بّصدمة بالفّعل منذّ أنّ بدأتّ العـملّ هناّ لم تّره أبداّ يضحكّ ،
فّإبتسمتّ براحـةّ ربمّا .. ربماّ هناّك أملّ لماريّ ، أملّ أنهاّ فيّ ييومّ ماّ ستصّل إلىّ قّـلبه و ستجّعله يّعترفّ بّحبهّ لهاّ ،
__________________