عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 12-28-2015, 11:49 AM
oud
 
الشـآبــّتر الواحدّ و الثّـلاّثينّ

ـ حـّلوى منّ الغّريب


بّعيدا عن أجواء باريسّ المتوترةّ تحتّ سماءّ أميركاّ حيثّ سوفّ يّقام ذلكّ المهرجانّ المنتظرّ ، بإحدى الفنادق المنتشرة بكّثرة كانّت
غـّرفته الفخمةّ تـطلّ علىّ شّوارع لوس انجلوس المذهلة رغـّم أنّ جّمالها يّفوق الخيالّ إلاّ أنهاّ لم تثرّ إهتمامّ ويليامّ على الإطّلاق
بلّ بّقي طـّوال الرّحلة هناّ بهذّه البقعةّ يّبذل جّهده لإنجاح أغنيته الجديدّة و يتمرنّ كلّ ليلة على الكلماتّ فّهو لاّ يّرغب أنّ يّخفقّ بّعد
كلّ ماّ مر بّه ،
وضـّع منشّفة علىّ شعرهّ الأشقرّ الحريريّ المبللّ و تـّوجه نحوّ السريرّ لكيّ يرميّ بجسدّه المرهقّ عليهّ ، بّعد لحظاتّ رفّع هـّاتفه و
نـظرّ إلىّ الشـّاشة بّأسى شديدّ إذّ يبدواّ أنّ أحداّ لم يحاولّ الاتصال به حتىّ أن ماريّ توقفتّ عن إرسالّ تلكّ الرسّائل النصّية القصيّرة
المشجعةّ و يبدواّ أن نايتّ مشّغولّ جداّ بّمنصبّه الجديدّ إذّ لاّبد أنه قدّ عين كّمديرّ لشركاتّ لبيرّ بأكملهاّ و بالّرغم من محاولة ويليام الاتصال
به إلاّ أن هاتفه خارج مجال التغطية أو مغلقّ ، بينماّ فلورا غـّاضبة جداّ لكيّ تكلمه ، ياّلهم من أصدقاّء فّكاد يرمي هاتفه جانباّ عندّما رنّ
و ظهرّ إسمّ فلوراّ ليشّعر بالصّدمة ماّ هذاّ ؟رفـعّ السماّعة بتّردد و الهواجس تراودّه ثمّ تحدثّ بنبرةّ مرعوبةّ قليلاّ
ـ نعـّم أقصدّ ألوّ ، أعنيّ مرحباّ
فيّ الجاّنب الأخرّ كاّنت فّلوراّ متّرددةّ كّثيرّا إذّ أنّ خطّوتها هـذّه بالنّسبة لهاّ حركّة جّريئةّ منّ قّبلهاّ لكنّ إنّ أرادت كسبّ حّب ويّليامّ فيجبّ عليهاّ
السعيّ لهّ ليسّ كّأنهاّ لمّ تحاوّل سابقاّ الاتصالّ بهّ لكنّ عـّدم رفعه لسماعةّ فيّ كلّ محاولةّ لهاّ جّعلها تشعرّ بالراحةّ قّليلاّ كّأنها تّؤجلّ المحتومّ
أخـذتّ نفساّ عميقّا مستجّمعة أفكاّرها و قـّالت بّإبتسامةّ تعّلو شّفتيهاّ
ـ صبّاح الخيرّ ويّليامّ ، كيّف حـّالكّ ؟
نـظرّ ويّليامّ إلىّ الشّاشة بّعدم تصديّق فهلّ فـّعـلا منّ تحدّثه هيّ فلورّا ؟ فّلوراّ العـّصبية الثّائرة علىّ مـداّر الأيّام ؟ شّعرّ بالقّلق ينسابّ لّقلبه إذّ
كّانت غّريبة جداّ لهّ مماّ جّعله يتسّاءل مّا إن حـدثّ مكروهّ ماّ ، فّردّ بّنبرة قّلقة
ـ ماّ الأمرّ فّلورا ؟ هـّل حدثّ شيءّ ماّ ؟
حـّاولت فلوراّ التماسكّ و الإبقّاء على ابتسامتهاّ فّجملةّ ويليامّ تّثيرّ أعّصابهاّ فّعلاّ ، ماّ الذيّ يعـنيه بّحدثّ شيّء ماّ و هلّ يجبّ أنّ يكون هناكّ
شيء لتتصّل بهّ ؟ زمتّ شفتيهاّ بعبوسّ و رفـعتّ خصّلات شعرهّا الأصّهب بحركةّ تنمّ عنّ العّصبيةّ لكيّ تّربطّه على شكلّ ذيّل حصّان ، تحدثتّ بنبرةّ بّاردة
ـ لاّ ، أنـّا أسّفة إنّ كنتّ قدّ أزعـجتكّ لمّ أقصدّ ذلكّ إذّ أننيّ أردتّ فقطّ الاطمئنان عليكّ ، أعـّلم أنكّ رجلّ مّشغولّ لذّا وداعـّا
شعـّر ويّليامّ بالحزنّ فيّ كلماتهاّ مماّ جّعله يرتبكّ حيث أنهّ لمّ يكنّ يتوقّع أبداّ أنّ تّقولّ فلوراّ فيّ يوم ماّ أنهاّ تّريد الاطمئنان عليّه ، حكّ جّبينه بّتوترّ
لاّ يّعلمّ سّببه ثمّ أجـّابها مسرعاّ قبلّ أنّ تقومّ بّغلق السماعةّ
ـ لاّ انتظري لستّ مشّغولاّ علىّ الإطـّلاقّ،
عـمّ الصمتّ لمدةّ من الزمنّ فلمّ يجدّ أحدّهماّ موضوعاّ لمناّقشتهّ ، عنـدّما فّتح أوسكاّر البّاب بّطريقّة فّوضوية تدلّ علىّ عدمّ اهتمامهّ أوّ بالأحرى
لبّاقته كانّ يسيرّ بكلّ كسّل عنـدماّ لمحّ ويليامّ ممسكاّ بهاتفهّ فاتسعت عينيهّ من الصدمةّ و ركضّ نـّاحيته كيّ يّأخذّ الهاتفّ من بينّ يدّيه مماّ جّعل
ويليامّ يّشعر بالّغضبّ فّأمسكّ هاتفه هوّ الآخرّ صّارخاّ بّعصبية
ـ سحّقا ماّ الذيّ تـّريده الآنّ ؟ أتركّ هاتفيّ اللعينّ و شّأنه
بينماّ كاّن أوسكاّر يسحبّ الهاتفّ بّكل قّوته خوفاّ منّ كونّ الشخصّ الذيّ ويليامّ يتحدثّ معه الآنّ هوّ نايتّ و لوّ علمّ ديميتريّ بالأمرّ لسوفّ يّثورّ
كعـّادته ، إذّ ان أوسكارّ حاولّ إقناعّ ديميتريّ بّعدم التعرضّ لويليام أوّ محاولة قّتله و ذلكّ بّمراقبته طّوال الوقتّ و إبّعاده عنّ نايتّ ، ماّذا سيفعّل إنّ
فشل فيّ مهمته هذّه ؟ و بإرتباكّ ضّغط على زرّ مكبرّ الصوتّ دونّ درّايته ليصّيح بّتوتر
ـ أنتّ ماّ الذيّ تفعله ؟ لقدّ أتيناّ للعّب لا للمغـّازلة فأترك هـذاّ الشيءّ جانبا
بالرغمّ منّ أنّ ويليامّ ناّدرّا ماّ يغضبّ لكنّ أوسكارّ بتصّرفاته الغـّريبة هـذّه يجّعله يّفقد أعّصابه ، فّبعد أن إتصّل شخصّ ماّ بّه أخيـّرا هاهوّ يسحبّ
الهاتفّ منه لذّلك لاّ لنّ يّنصاع لطلبه هذه المرّة و كـّاد أنّ يصّيح بّغضّب هوّ الآخرّ عندّما تحدثّت فـّلورا بّنبرةّ نـّأرية
ـ أنّت أيهاّ السافلّ أوسكاّر ماّ الذيّ تظنّ نفسكّ فاعلاّ بأخذّ هاتفّ ويليامّ ؟ ألهـذاّ السببّ كانّ مطّفئّا طّوال الوقتّ ؟ لماذاّ تستمرّ بالتقربّ من ويليامّ
و إبعادّه ؟ أيّعقلّ أنكّ شّاذّ ؟ أنتّ لاّ تحبّ الرجالّ أليسّ كذلك ؟
عـمّ صمتّ عـميقّ و ثقيلّ فيّ أركانّ الغـّرفة كيّ يسقطّ الهـّاتف علىّ السريرّ بينماّ أحمر وجّه أوسكاّر لاّ من الإحراجّ أوّ الخجلّ بلّ من الغـّضب الذيّ
يّتأججّ فيّ كلّ قطرّة دمّ تسيرّ بّعروقهّ إنهاّ بالفعلّ وقحةّ بالنسبةّ لفتاةّ فيّ مثلّ سنهاّ ، أليستّ تبلغّ الـثّالثة و العـّشرينّ ألاّ يعنيّ أنه و بهـذاّ الوقتّ يجدرّ
بهاّ أنّ تكونّ قدّ تعلمتّ أسسّ الكلامّ ؟ شّعرّ ويليامّ بالجوّ و هو يّصبحّ كئيبّا و غـّريباّ قـّليلاّ لكيّ يضحكّ بّتوتّر متحدثّا بكلّ لطفّ
ـ لاّ بالطبّع لاّ ، ماّ الذيّ تّقولينه فلوراّ أرجوكّ اعتذري منه
تـجاّهلت فلوراّ كـّلماتّ ويّليامّ المحـذرّة و المّؤنبة لهاّ أكثرّ من كونهاّ لطيفةّ إنّ تواجدّ أوسكارّ بجانبّ ويّليام يثير غّيضهاّ فلماذاّ يسّتمرّ دوماّ بالاقتراب
منهّ دونّ ألسمأّح لأحدّ آخرّ بّذلكّ كماّ لو كّأن ويّليام ملكاّ له لاّ يجبّ عليهّ لومهاّ هيّ أفّلا يرى تصّرفات أوسكاّر الغـريبةّ ناحيته ؟ قـّالت بّكل عـنادّ
ـ و لماذاّ أعتـذرّ ؟ أنه لاّ يستحّق ذّلك ، ثمّ لماذاّ تستمرّ بالدّفاع عنه ؟
نـظرّ ويليامّ إلّى أوسكاّر كيّ يجدّ ملامحّ وجّهه مسّعرة بالغـّضب خصّلات شعرّه الأسودّ سقطتّ بكلّ فوضوية علىّ جبينه بينمّا يدّه اليمنىّ تـطرقّ بكلّ
عصبية علىّ ركبّته ، عندّما لمّ يستطع أخيرّا احتمال الأمرّ كيّ يّصرخ بّحدةّ
ـ أيتها.. لاّ أصدّق ذلكّ، أنتّ بالفعلّ وقحةّ لاّ بلّ حقّيرة يجدرّ بكّ الشكرّ لأننيّ لستّ فيّ لندن الآنّ لكنتّ جّثة مّيتة،
حـّاول ويّليام تّهدّئة الأوضّاع عبرّ سحبّ أوسكارّ لكنّ الآخيرّ لمّ يتحركّ قيدّ أنملة منّ مكانه حيثّ استمرّ بالنظرّ بشررّ نـّاحية الهاتفّ و لوّ كانّ فعلاّ
بلندنّ لأمرّ رجالّ ديميتريّ بالقّضاء عليهاّ هذّه الحقّيرة تّقف كالعلقمّ فيّ الحلقّ ، بينماّ أخذتّ فلوراّ تّضحكّ بّقوة علىّ كـّلماتهّ ثمّ تحدثّت بنبرةّ سّاخرة
ـ يّا رجلّ حتىّ أناّ أستطيعّ الشتمّ أفضلّ من هـذاّ ، أتّريد سماعّ شتائمّ حّقيقيةّ إذّن دعنيّ أسمعكّ إيّاهّا أيهاّ المـ ..
و قبّل أنّ تكملّ جّملتها أغلقّ ويليامّ السماعةّ بّإرتباكّ فإنّ كان يّعلمّ أحدّ بماّ يستطيعّ فمهاّ الصغيرّ ذلكّ التّفوه بهّ فهوّ ويليامّ إذّ أنه أكثرّ شخصّ
تعرضّ لشتمّ و النعتّ و الركلّ منّ قبلهاّ ، فرمقّه أوسكارّ بنـظرّة خـطيّرة نـّارية ثمّ وقفّ و غـّادر الـغّرفة قـّائلاّ بنبرةّ حّادة ،
ـ أتجّه إلىّ القاعةّ الرئيسيةّ فّرئيس شركّة التّرفيهّ يريدّ لقّائناّ
حينهّا تنهدّ ويليامّ براحّة لكيّ يّهزّ رأسهّ نفياّ بعدّ فترةّ ، دوماّ ماّ تنتهيّ نقّاشاته معّ فلوراّ دونّ الوصولّ إلىّ الهدفّ فهوّ حتىّ الآنّ لمّ يعرفّ السببّ
الذيّ دفّعها للإتصّأل بهّ يّا لهاّ من امرأة معّقدة الفهمّ ، دفّع هـّاتفه جّانباّ على المنضدّة كيّ يتجّه نـحوّ الخـّزانة ارتدى بذلّة رسميةّ سوداءّ دون
رّبطة عنقّ و أغلقّ البابّ خلفه ، لماّ رنّ هـّاتفه مجدداّ كيّ يرتدّ كالصدّى دونّ مجيبّ ،
نـظرّت فلوراّ إلىّ الشّاشةّ بّعدم استيعابّ عندمّا صّرختّ بّأسى و هي تكادّ أن ترميّ نفسهاّ من تلكّ الشّرفة ، مّا الذيّ قالته تواّ إنهاّ بالكادّ تستطيعّ
التذّكر كماّ لو كّأن شخصّاّ قدّ استحوذ عّليها ، أينّ اللبّاقة ؟ أينّ ذهبّت فكرةّ كسبّ قلبه ؟ لماذاّ تستمرّ بالفشّل الذّريع هكذا ؟ لاّ تصدقّ ذلك .. أخيراّ
بعدّ أن ردّ ويليام على مكالماتها تنعت صديقه بالشاذ و ترفض الاعتذار أيضاّ ثم تتفوه بشتائمّ سّوقية ، همست لنفسها بأسّى
ـ وداعاّ لحبيّ و أناّ التيّ أردتّ كسبّ قلبه بلّ بالأحرى كسبّ كرهه بجداّرة
زفرتّ بحزنّ لماذاّ دوماّ ما تقول كلاماّ لاّ تقصدّه أبداّ ؟ ألا تستطيعّ التصرفّ كفتاة و لوّ دقائقّ ؟ إن استمر الوضعّ هكذاّ فّستبقى طوالّ عمرهاّ ّ دون
أن تكون قادرّة على الاعتراف بحبهاّ

/

بأحدّ الأزقّة المّظلمة فيّ بّاريسّ حيثّ يعمّ السكونّ فّي تلكّ البّقعة المـظلّمة تماماّ بجّانب نهرّ سين كـّانت جـّالسة على كرسيهاّ المتحركّ و يحيطّ بهاّ
ثـّلاثة رجاّل ضخامّ الجسدّ ، جالّت بّعينيهاّ الواسعتينّ في المكانّ بينماّ قّلبها يّخفق بكلّ قوّة عندّما انتقلّ إلىّ مسّامعها صوتّ خطّوات هـّادئة سّلسة و
كسّولة فّرفعتّ نـظّرها نـّاحيته ، جونسونّ بّابتسـّامة حاقدّة على شّفتيه لاّ تدرّي لماّ لكنّ شّعرت بالخوفّ لماّ رأتّ ملامحّه كانّ لاّ يبدواّ إنسّانا على
الإطلاقّ و تلكّ الصّفات المليّئة بالغضبّ تّغزوه ، تّرددتّ ماريّ كثيراّ قبلّ أن تتحدثّ بنبرةّ متوترةّ
ـ لقدّ أخبرّتنيّ أنّني إنّ أتيتّ معكمّ فّسوفّ تّسّاعد نايتّ أليسّ كذلكّ ؟ أنتّ ستنفذّ بّوعـ
قبلّ أنّ تكملّ كّلامها صّفعها بّقوة علىّ وجّهها ثمّ تخللتّ أناملهّ الطّويلة القّاسية خصّلات شعرهاّ البنيّ كيّ يجذبّ وجّهها ناّحيته فّلم يصرّ يّفصل بّينهماّ
إلاّ إنش أو إثنينّ بينماّ تنفسهّ يّلفح وجّنتيهاّ بّقوة فاتسعت عينيهاّ من الصدّمة إذّ لم تدرّك حتىّ الآنّ أنه قاّم بضّربهاّ ، تّلعثمتّ قّبلّ أن تتحدثّ بّخوف
ـ ماّ الذيّ تـّفعله ؟ هلّ تنكثّ بوعدّك ؟
ابتسمّ بكلّ سخريةّ ثمّ ضحكّ بقوة كمّ لذّة الإنتقامّ ممتعةّ ، مثّيرة جداّ تغّمره بالنشّوة و السّعادةّ سّابقاّ قامّ نايتّ بّتسديدّ لكماتّه نحوهّ دونّ مباّلاة كّما لوّ
كأنه كيسّ ملاكمةّ لإفّراغ غّضبه .. لاّ بلّ حشّرة لاّ تستحقّ حتىّ اهتمامه فّكلف فرانسواّ يدّه اليمنى بتعذيّبه للحصولّ على معلوماتّ تخصّ ديميتريّ
و كمّ كانتّ تلكّ الأيامّ سّوداءّ فيّ نـظرّه ، فّأخذّ ينظرّ إلىّ ماريّ باحتقار لماّ تحدّثت بّصدمة
ـ لقدّ أخبرتنيّ بأنكّ ستساّعدّ نايتّ ،
رمقّها منّ أسفلّ قدّميها إلىّ أخمصّ رأسهاّ إنهاّ بالفعلّ كماّ وصّفها ديميتريّ فتاةّ ريفيةّ من الطرّاز الأولّ الأمرّ الذيّ حيره كيّف لنايتّ صاحبّ الذّوق
الصّعب أنّ يختارّ هذّه الفتاةّ كزوجّة لهّ ؟ أيعقلّ أنهّ يحبّها ؟ لكنّ ذّلك الرجلّ متجردّ من جميعّ المشّاعرّ حينّها ابتسمّ بكلّ سخريةّ قّائلاّ و التهكمّ
يلفّ كلماته
ـ لمّ أصدقّ ماّ قّاله ديميتري عنكّ حتىّ رأيتكّ بعينايّ ، جـّاهلة و غّبية تثقّ بالغيرّ بكلّ سهولة و للمرّة الثالثة بّسبب حماّقتك أنتّ تّضعين نايتّ فيّ
موقفّ لاّ يحسدّ عليه
اتسعتّ عينيهاّ بّصدمة إذّن هوّ تـّابع لديميتريّ الـّرجل الذيّ زودّ مكبراتّ الصوتّ بّمفجراتّ فيّ حفلة فلادمير أيعقلّ أنهاّ وقعتّ مجدداّ فيّ شّباكه ؟ و
هيّ التيّ أرادّت بّشدة أن تساعدّ نايتّ لذّلك وثّقت بهذاّ الشّاب فٌّقالت بنبرةّ مترددةّ
ـ لكنكّ وعدتّني ،
ضحكّ بـّشدةّ على ملامحّها الطّفولية المتمسكةّ لآخرّ لحظةّ بكلماتّه الكاذّبة ، فّإقتربّ منهاّ أكثرّ و وضـعّ يدّه علىّ ذّقنها لكيّ يجذبّها ناحيّته أكثرّ نـظرّ
إلىّ عينيهاّ و قدّ عكستاّ خوفها الشديدّ منه لاّ يدريّ لماّ لكن لقدّ خابّ ظنه قّليلاّ ، لقدّ ظن أنّ زوجّة نايتّ ستكونّ بمثلّ قوته و صلاّبته مهماّ إزدادّ
الموقفّ صّعوبة عليهّ يرفضّ الانصياعّ لكنّ هذّه الفتاة عكسّ توقعاتهّ ، فّأجـّابها بّابتسامةّ مستهزئة
ـ نحنّ البشرّ نستطيعّ الكذبّ ماريّ
أخفضتّ ماريّ رأسهاّ بّخيبّة أملّ كبيرّة و الصدمةّ واسّعة قدّ احتلت فكرّها ماّ الذيّ عليهاّ فعله ؟ فّهي بالكادّ قادّرة على السيرّ و هزيمةّ ثّلاثة رجالّ
ضّخام الّجثة أمرّ خياليّ بالنسبةّ لهاّ أيضّا لاّ يمكنهاّ أنّ تّثيرّ قلقّ نايتّ مجدداّ ، فّتّشبثت بّكرسيهاّ كّأنه منجيهاّ الوحيدّ و أخذت تّصيحّ بّصوت عـّاليّ
ـ فـّرانسواّ .. فـٍّرانسواّ
إنهاّ تـعلمّ جيداّ انه يّبحثّ عنهاّ فّإن غـّابت أكثرّ من دّقيقة عنّ مرمى نـظرّه سّارعّ بّالبحثّ عنهاّ، يجبّ عليهاّ أن تصّرخ بّأقصى ما تملكه كيّ يّستطيعّ
سماعهاّ و إنقّاذهاّ، كلّ مّا عليه فعله هوّ الثّقة به فهوّ دوماّ ماّ يجدّها عندّما تحدثّ جونسون بّسّخريةّ قّاطعاّ أخرّ خيطّ أملّ لهاّ
ـ لاّ تتعبيّ حنجرتكّ بالصياّح أكثرّ فقدّ قّتلته،
حينهاّ أدركتّ ماريّ أنهّ لاّ مفرّ لهاّ فّكادتّ أن تسقطّ الدموعّ من عينيهاّ سوفّ يّلقى القبضّ عليهاّ عندّها سيهددونّ نايتّ أكثرّ من هـذاّ ، فكـّرت بّخذّلان
و هو يّدفعونهاّ للأمامّ إنّ لم تكنّ مصدرّ قّوة لنايتّ فلاّ يجبّ عليهاّ أن تكونّ مصدرّ ضعفّ أيضاّ ، إنهمّ لاّ يعلمونّ أنها لا تعنيّ شيئاّ لنايتّ أكثرّ من صّفقة
عملّ لكنهاّ هيّ تعّلم جيداّ ذّلك و لهذاّ السببّ بالتحديدّ موتهاّ لن يعنيّ شيئاّ له ، نـظرتّ بطرفّ عينهاّ إلىّ النهـّر ثمّ و بـحركةّ مفاجّئة حركتّ عـجلاتهاّ
بّقوة لتدفّع نفسهاّ أمامّ ذلكّ النهـّر ،
صـّرخ جونسونّ بذّعر و هوّ يرى ماريّ تّغرقّ دونّ مقّاومة إذّ لم يكنّ لّيتوقع هذاّ أبداّ فّأمرّ رجاّله بالغطسّ بحثاّ عنهاّ ، ماّ الذيّ سّيفعله إنّ توفيت هناّ
و الآنّ ؟ بكلّ تأكيدّ سوفّ يّقتل من قبلّ ديميتريّ ، عندّما رفـعّ أحدّ الرّجال ماريّ للأعلىّ كيّ تستطيعّ التنفسّ فّتنهدّ جونسونّ بّراحةّ ،
بّعد لحـظاتّ كانتّ ماريّ مستلقيةّ علىّ الأرضيةّ تكحّ بّقوة فتقدّم منهاّ جونسونّ و الغضبّ بادّي على ملامحّ وجههّ مقطبّ الحاجّبين و ذوّ نـظراتّ حاّقدةّ
أمسكّ بّشّعر ماريّ و كادّ أن يّضرب رأسهاّ بّالأرض لولاّ أنّه تمالكّ أعصّابه فيّ آخرّ لحظّة ، تنهدّ محاولا استجماّع أفكاّره ثمّ تحدثّ
ـ إنّ كنتّ تّريدين الموتّ إلىّ هذّه الدرّجة فانتظري بعدّ انتهائي منك
أمـّر رجالّه بّحملهاّ ثمّ سـّار بخطّوات سريعة نـّاحية سّيارته، إنّه يّقاوم رغبته الشديدّة فيّ قّتلهاّ بلّ قتلّ كلّ ماّ يمدّ لنايتّ بصلة فّبسببه هوّ انهارت شركّته
و فقدّ فّخره و عـّزته الثمينةّ ، كانّ يريدّ سّلبه أغلىّ ماّ يملكّ لكنّه لاّ يستطيعّ ليسّ و ديميتريّ يتحكم به كالدّمية ، وضـّعوها فيّ المقعدّ الخلفيّ و لمّ يكلفّ
أحدّهم النظرّ إليهاّ أو الاطمئنان عليهاّ إذّ أنها عـّاجزة بالنّسبة لهمّ ، عندّها فتحتّ ماريّ عينيهاّ بوهنّ شديدّ قدّ أدركتّ أنّ حركتهاّ تلكّ كانتّ غـبيةّ أكثرّ
مماّ هيّ خطيّرة لكنهاّ لم تكنّ تملكّ خياراّ آخرّ فهيّ لاّ تريدّ عّرقلة تحركاتّ نايتّ بعدّ الآنّ يكفيهاّ ماّ فعلته ساّبقاّ ، نـظرتّ منّ خلالّ النافذّة بّأسىّ لاّ تصدقّ
أنّ فرانسواّ قتـّل و من قّبل هذاّ الرجلّ أيضّا ، إنهمّ لاّ يرحمونّ أحداّ و لاّ يباّلون كّأن الحيّاة و المـّوت مجردّ لعبةّ ،
همستّ بشيء ماّ فأقترب جونسونّ منهاّ محاولاّ الاستماعّ لكلماتهاّ عندّما رفـعتّ يدّيها و جذّبته منّ خصّلات شّعره المصففةّ بكلّ عـّناية فّصرخ بّألم بينماّ
كان يّكسوها الغـّضب ، ارتبكّ السّائق و كذلك الحرسّ إذّ أنهمّ لم يستطيعواّ الوصولّ إليهاّ و ذلكّ لجّلوسهاّ بالقربّ من النافذّة بجّانبها كانّ جونسونّ الذيّ
يحاولّ أن يفكّ يدّيهاّ ، فّأخذتّ تّتحدثّ بنبرةّ حـّاقدةّ
ـ أتـمنىّ أنّ تتّعفن فيّ الجحيمّ ، كيفّ تتجّرأ علىّ خداعيّ ؟
كانتّ تّجذّبه للأسفلّ و هيّ تّركز بّثّقلها علىّ رأسهّ بأكمله فيّ حينّ يدّيها تستمراّن بّسحبّ خصّلات شعرهّ للأعلى ، إذّ تّساءل جونسونّ بألمّ أينّ ذّهبت
تلكّ الطفّلة الوديّعة المطيّعة ؟ كيفّ تّحولت لتصّبح متوحّشة هكذاّ ؟
ـ هـّل غيرتّ إستراتجيتك بهذّه السّرعة ؟
سددتّ صّفعة قّوية لهّ ثمّ اعتدلتّ فيّ جلّوسهاّ بينماّ نـظراتّ جونسون المصدومةّ تّراقبهاّ بّدهشة ، ماّ هـذاّ ؟ لقدّ هّاجمته فجّأة كّأنهاّ ليستّ نفسهاّ لتتغيرّ
بّعد دقّائق لتصبحّ شّخصا آخرّ ؟ أكلّ ماّ أرادتّه هوّ ردّ صّفعته لهاّ ؟ رمقّها بكلّ حقدّ بينماّ بادرتّه ماريّ بنـظراتّ نـّارية أشدّ كرهاّ ، قـّالت بّحدةّ
ـ سوفّ تندم علىّ هـذاّ ، إنتـظرّ و سترى يّا كومـةّ الـ ..
زمتّ شفتيهاّ قبلّ أن تكملّ كلّماتها و أدارتّ وجّهها بّعيداّ عنهّ فسحبتّ يدّيها بّعيداّ مخفّّية إيّاهما فيّ حّضنهاّ إذّ أخذتّ أناملهّا ترتجفّ و شّحبتّ بشرتهاّ
بشدةّ ، هيّ لم تغيرّ إستراتجيتها أوّ أيّ كان الأمرّ بلّ كلّ ماّ أرادتّ فّعله هوّ إثباتّ له أنّها ليستّ بذلك الضّعف الذيّ يّتخيله و لكيّ تربكّهم تّريد أن تتصّرف
بّقوة ، كتمتّ أنفاسهاّ المضّطربة مفكرةّ لوّ أنهاّ كانتّ شبيهة قّليلا بفلوراّ لكان هذاّ فيّ غـّاية السهولة بالنسّبة لهاّ ، يجبّ عليهاّ أنّ تصبّح أقوىّ لكي
تّكون جديّرة بّلقب سيدّة لبيرّ زوجـّة نايتّ

/

عينيهاّ تحدّقان بهّ و الرعـّب يّلف قّلبها الصّغيرّ حـّاولت أنّ تتقدمّ نحوهّ خطوّة أوّ إثنينّ لكنّها سقطتّ على ركبّتيها بذّهول ، لاّ تصدقّ أهـذاّ الـرجلّ المضجع
فيّ دماّئه نفسّه فرانسواّ الذيّ كانّ تواّ قيدّ الحيّاة ؟ مـدتّ يدّها المرتجفّة لكيّ تمسكّ بّمعصمه محـّاولة جسّ نبّضه ، كـان ضّعيفاّ لكنهّ على الأقلّ لاّ يزالّ
حياّ فّتساقطتّ دموعهاّ غيرّ مصدّقة .. رفعتّ رأسهّ لتضعّه فيّ حضنهاّ كيّ تنظرّ إليهّ عنّ قّرب عندّما لمحتّ تلكّ الكدمةّ العنيفةّ التيّ بجاّنب عينيهّ اليسرى
و لوّ كانتّ اللكمةّ أقربّ لكانّ قدّ فقدّ النظرّ فيّ عينه ، رفعتّ الهاتفّ و إتصلتّ بالإسّعافّ ..
ماّ الذيّ حدثّ له ؟ منذّ فترةّ كانّ يّقف بّعيداّ عنهاّ يتحدثّ فيّ الهاتفّ بكلّ هدوءّ أماّ الآنّ فهوّ بينّ الحيّاة و الموتّ ، أينّ ماريّ ؟ ألمّ تكنّ هيّ في ركنّ
ماّ تنتـظرّ ؟ ماّ الذيّ حدّث لهماّ ؟ لماّ فتحّ فرانسواّ عينيهّ بوهنّ نـظرّ إلىّ تلكّ الفتاةّ الممسكةّ به بكلّ قوةّ ، كانتّ كليرّ غلوري الفتاةّ التيّ لمّ يحتملّ
التواجدّ بجّانبهاّ مسبقّا ، أهيّ تحاولّ الآن إنقاذّه ؟ تنفسهّ كانّ وهنّ عليهّ و الرّؤية مشّوشة بالكادّ استطاعّ معرفتهاّ ، لذّلك تحدثّ بنبرةّ متعبةّ مرهقةّ
ـ آنسةّ كليرّ .. سيدّة ماريّ منّ فضلك إنهـّا كلّ ما تبقى لسيديّ الصّغير.. أنـّا
حـّاول أنّ يعتدلّ فيّ جلّسته لولاّ أنّ كليرّ منعتهّ لكنه لمّ يستجبّ لطّلبهاّ لكيّ يستندّ على الجـداّر الذيّ خلفهّ بذلّك الزقاقّ المظلمّ ثمّ أخذّ يحاولّ فكّ أزارّ
قميصهّ لكنهّ لمّ يستطعّ ، أشّار لكليرّ بّأن تقتربّ فّنفذتّ أمره و الخوفّ يلفّ كّيانهاّ حيّن همسّ بنبرةّ هـّادئة
ـ سـّاعدينيّ ..
نـزعّ قميصهّ بمسّاعدة كليرّ التيّ شّعرت بّالصدمةّ لرؤية سترةّ واقيّة للرصّاصّ ، أكاّن يتوقّع أنّ يقومّ أحدّ بإغتياله أمّ ماذاّ ؟ نـزعّ السترةّ بّألمّ لو لمّ
يرتدّيها لكانّت الرّصاصة قدّ اخترقتّ قّلبه مباشرة ماّ مدىّ كميةّ الحقدّ الذيّ يكنه جونسونّ نحوه ؟ فّاقتربتّ كليرّ نحوه و وضعتّ يدّها علىّ كتفه بّتردد
ثمّ قـّالت بّتوتر
ـ لقدّ اتصلتّ بّالإسعافّ ، سوفّ يكونون هنـا قّريباّ لذلكّ أرجوّك إنتظرّ قّليلا ّفقطّ
ليسّ كماّ لو كّأنه قادّر على فّعل شيءّ فهوّ بالكادّ يستطيعّ رؤيتهاّ فكيفّ له أنّ يواجّه جونسونّ بقوة واهنة مثلّ هذّه ، لكنّ بالّرغم منّ ذلكّ لاّ يجبّ على
أنّ يّتخاذلّ الآنّ فقدّ حانّ وقتّ الجدّ فّوقفّ مستنداّ علىّ الجدارّ الذيّ خلفّه ثمّ أدّخل يدّه فيّ جيّبه باّحثا عنّ هاتفهّ لكنهّ لمّ يستطعّ إيجادّه ، زفرّ بّحدةّ فهوّ يكادّ
أنّ يفقدّ أعصّابه و لاّ يّلزمه فقداّنه لهاتفهّ فتقدّم خطّوة منّ كليرّ و سحبّ هاتفهاّ من بينّ يديّها بّعد لحـظاتّ كاّن قدّ أنزلّ بّرنامجاّ ماّ لكيّ يدّخل شفرة ماّ ليظهرّ
على شّاشة الطرّق العـّامة لفرنساّ تحديدّا تلكّ الإشّارة التيّ يقومّ بتتبعهاّ ، نـظر إلىّ كليرّ المصدّومة منّ ردةّ فعله فّأي شخصّ هذاّ يكون قادرّا على التحركّ
بعد الإصّابة بّرصّاصة علىّ مستوى الصدرّ ؟ قـّال بنبرةّ بّاردة
ـ هلّ تملكينّ سّيارة ؟
أومـّأت نفياّ فّهمسّ بّشيءّ ماّ كنعتهاّ بّعديمةّ الفّائدةّ ، خـّرج إلىّ الشّارع ثمّ إتجّه إلىّ سيّارة ماّ مركونةّ رفعّ ذّراعه و ضربّ الزجاجّ بّمعصمه بّكل قوةّ لكيّ
تكسرّ النافذّة بينماّ أخذتّ كليرّ تصرخّ بّذعرّ و هيّ تّراقبه يّقوم بّسرقة سّيارة دونّ مبالاةّ للماّرة أوّ حتىّ الشرطةّ ، جلسّ خلفّ المقودّ و عبثّ بأسلاكهاّ قلّيلا
لكيّ يشغلّ المحركّ .. ضغطّ على الكابح بقوة ثمّ وجّه عينيهّ البّاردتين نحوهاّ ، قـّال بنبرةّ غـّامضة مشّبعة بالجنونّ
ـ ألنّ تصعدّي ؟
تلعثمتّ قليلاّ و قدّ بدى عليهاّ الترددّ إنهّ بكلّ تأكيدّ مجنونّ لكنهاّ ركضّت مسرعةّ لتصّعد بجاّنبه ، قلبهاّ ينبضّ بدقّات مسّعورة و الخوفّ يملأ كيّانها بّأكملهّ
و لوّ استطاعتّ لأدارتّ رأسهاّ بعيداّ عنّ هذينّ الإثنينّ لكنّ هذّا الرجلّ مصّاب بشدةّ و الدمّ ينزفّ من صدّره بالّرغم منّ أن الرّصاصة لمّ تدخل جسدّه إلاّ
أنهاّ كسرتّ ربّما ضّلعاّ منّ قوتهاّ و ماريّ مفقودةّ ، قـّالت بّخوف
ـ سيدّ فرانسواّ ، أنتّ لاّ تنويّ مطاّردة الشخص الذيّ تسببّ لكّ بهذاّ ؟ أليسّ كذلكّ ؟
ضغطّ فرانسواّ على الكابحّ و انطلق مسّرعاّ غيرّ آبه بّإشّارة أوّ غيّرها فتمسكتّ كليرّ بالكرسيّ نـّادمة علىّ قرراّها و هيّ التيّ ظنتهّ رجّلا عـّاقلاّ ، حينّ
رمى هاتفهاّ فيّ حضنهاّ قـّائلاّ بابتسامةّ غـّريبة
ـ ما الذيّ تقولينه ؟ يّجب عليّ تسديدّ الدينّ ،
بلعتّ ريّقهاّ بّرعبّ حينماّ أشارّ لهاّ فرانسواّ علىّ هاتفهّا كيّ تّقومّ بّإخبارّه بّتوجّيهات ، فّأمسكّته منفذّة طلّبه .. كاّن مجنوناّ بالفـعّل يتخطىّ إشاراتّ المرورّ
تّارة و يّسيرّ عكسّ السّيارات تارّة أخرىّ لكنهّ و المّثيرّ للذهولّ أنه مراوغّ بجداّرة ، لمـّا انحرفّ يمينّاّ بقوةّ حينهاّ تقلصّت المسّافة الموجودّة بينهّ و بينّ
ماريّ ، نـظرّ إلىّ تلك السّيارة السّوداء المظللةّ لاّبد أنهّا هناكّ ، نـزعّ يدّيه من المقودّ قّائلاّ بأمرّ
ـ تـّولي القّيادة ،
صّرختّ كليرّ بذّعر و أمسكتّ المقودّ فيّ آخرّ لحظةّ ، غيرا أماكنهمّا لكيّ يجلسّ فرانسوا فيّ مقعدّها وضـعّ يدّه أسفل ّقدمه بّجانبّ حـذاءّه الأسودّ ثمّ
سحبّ مسدّس منّ نوعية ماكاروف لمّ يتسنى لهّ استخدامه سابقاّ و ذلكّ لّأن جونسون استغل عاملّ المفاجّأة أيضّا و فيّ هذّا الموقفّ جونسونّ يمتلكّ
الأفضّلية عليه بالرّغم منّ أنه يّظن بّأنه قدّ قتله لكنّ ماريّ مـعّه ، حـّاول استنشاقّ أكبر كميةّ من الهواءّ مستعداّ لمطاّردة غيّر أن صّدره قدّ آلمه فّوضع
يدّه مكانّ الألمّ لاّبد أنهّ قدّ أصيبّ بالتهاب أيضّا .. حينّ قـّالت كليرّ بتوترّ
ـ فّرانسواّ أظنّ أنناّ اقتربّنا كافّية منهم ، إذنّ ما الذيّ عليّ فعله الآنّ ؟
ابتسـمّ فرانسواّ ببّرود ثمّ أنزلّ غـطاّء النافذّة ثمّ جلسّ على حـّافة البّاب ، ألمّ تّسأله فلوراّ عن عمله سّابقاّ ؟ لقدّ أخبرهاّ بأنهّ قائدّ بحريةّ سابقّ لكنّ هـذّه
مجردّ كذبّة ، هوّ فيّ الحقّيقة قـّاتل متمرسّ استخدمته والدّة نايتّ ليسّ لّعملية قّتل كّمعظم زبّائنه و إنماّ لّتحريرّ قيدّ ابنهاّ و حراسته بحّياته إنهّ ممتنّ
لهاّ لكونهاّ قدّ جذّبته بعيداّ عنّ عـّالمه المظلمّ لذلّك لن يتوانى فيّ دفّع دمه من أجلّ إنقاذّ نايتّ ، أطلقّ رّصاصتين نحوّ عـجلاتّ السّيارة فّأخذتّ تتأرجّح
بّقوة كيّ تتوقفّ أخيراّ علىّ الطـّريقّ العـّام ، فـتحّ فرانسواّ البابّ مستعدّا للخروجّ لكنه عـّاد أدراجّه وضـعّ يدّيه على كتفيّ كليرّ ثمّ قـّال بنبرةّ جـّادة جـداّ
ـ كليّر ، هلاّ أسديّت ليّ مـّعروفاّ ؟ أنـّا أعلمّ أننيّ قدّ لاّ أنجواّ لكنّ لاّ بأسّ فّحياتيّ كلهاّ فداءّ لسيديّ لذلكّ من فّضلك إنّ بدأ إطلاقّ النـّار هلاّ أسرعتّ نحوّ ماريّ ؟
أغـّلق البّاب خلفه بّقوة ثمّ سّار بخـطواتّ ثّابتة رافعاّ مسدّسه إلىّ مرمى نظرهّ ، حينماّ خرجّ جونسونّ و رجّاله بّرفقة مـاري التيّ حالماّ رأته أخذتّ تّصرخ
بّفرح و بسّمة سّعادة على شفتيهاّ بينماّ عبسّ جونسونّ بّكلّ حقدّ مراقباّ إياهّ بالّفعل لمّ يكن يتوقعّ موتهّ بتلكّ السهولة لكنّ لم يتوقّع أنّ يعودّ بهذّه
الّسهولة أيضّا ، صّرخ فّـرانسواّ بنبرةّ حـّادة
ـ يبدواّ أنكّ قدّ نسيتّ مكانكّ فّأتيتّ لأذّكركّ به ياّ جرذّ المجاري
احمرّ وجه جونسونّ من الغضبّ إذّ كان فرانسواّ يرمزّ له بجرذّ المجاريّ لكونهّ دوماّ ماّ يقتاتّ على ممتلكاتّ غيرهّ ، فّدفعّ ماريّ للأمامّ و وضـعّ فوهة
المسدسّ على رأسهاّ محذّرا إيّاه من تفوه بكلمةّ أخرى لكيّ تّصيحّ ماريّ بنبرةّ مشجّعة
ـ لاّ تقلقّ فرانسواّ لنّ يتجرّأ أحدّهم على قتليّ فقدّ قاليّ ليّ سابقّا أن حياتيّ ثمينةّ جداّ ، هياّ سددّ أفضلّ ماّ لديكّ
ابتسمّ فـّرانـسواّ يبدواّ أنهاّ بخيرّ و هـذّا مطّمئن فّحركّ مسدّسه بّعّشوائية ثمّ تقدمّ أكّثر عندماّ رفعّ رجالّ جونسونّ أفواهّ مسدّساتهمّ أمّـامه
، حينهاّ توقفّ فرانسواّ عنّ السيرّ نظرّ إلىّ جونسونّ الذيّ يّقف في الخلفّ ممسكاّ بماريّ ليستّ لديّه الأفّضلية بكلّ تأكيدّ لكنّ كيفّ سوفّ يواجّه نايتّ
ماّ إنّ لمّ يحاولّ ؟ قـّال بّهدوء
ـ جونسونّ ، ماّ الذيّ تحـّاول فّعله ؟ أتظنّ أنه و بأخذّك لسيدتيّ سوفّ يستسلمّ السيدّ نايت ؟ ألاّ زالتّ لاّ تعّرفه بّرغمّ من مرورّ كلّ هـذاّ الزمن
؟ أنتمّ هـكذاّ تّجعـلونّه يغضبّ و صدقّا أنتّ فيّ غنى عن غّضبه ،
أحكمّ جونسونّ الشدّ على قبّضته فلماذاّ يضّخم الكلّ من حجمّ نايتّ ؟ كماّ لوّ كـّأنه ليسّ بشرياّ و ماذاّ إنّ غّضبّ ؟ هوّ لن يستطيعّ فعل شيءّ و زوجتـّه
لدّيهم ، تنهـدّ فرانسواّ عندّما أدّرك أنّ الحقدّ قدّ أعمىّ بصيّرته و لاّ فّائدةّ للكلامّ بعدّ الآنّ لكنّ بالّرغم منّ ذلكّ حـّاول مجددا ّقـّائلاّ بّأسى
ـ أنـّا فـعلاّ لاّ أرغبّ بّقتلكّ، فقطّ قمّ بتسّليم سيدتيّ ليّ و سأتغاضى عنّ الأمرّ ،
إنهّ بالكادّ يستطيعّ الوقوفّ فكيّف لهّ أن يّقتله ؟ ابتسمّ سّاخراّ منه و هوّ يرى خطّ دّما منّ شفتيه لأسفلّ ذّقنه، قّريبّا جداّ سينهارّ فّأيّ قوة يّقاتل بهّا
؟ نـظرّ بّطرفّ عينه إلىّ ماريّ لقدّ كانتّ تّضع كلّ أملهاّ على فرانسواّ بل حتىّ أنها واّثقة منّ فوزهّ مماّ جّعله يتسّاءلّ أيّ ثقّة هـذّه ؟ رفـعّ مسدّسه
الصغّير و وجههّ نحوّ ركبّة فرانسواّ الذيّ لمّ يتحركّ قيدّ أنملة منّ مكانه كّأنه يستخفّ بهّ حينهاّ تنهدّ بّقلة حيّلة و ابتسمّ نّاحية فّرانسواّ ، تحدثّ بّبرود
ـ حسناّ علىّ عكسّك تماماّ فّأناّ سّأقدم على أيّ شيئاّ ثمناّ لأخذّ روحكّ،
أغلقّت كليرّ عينيهاّ بّقوة عندّما ضغطّ جونسونّ علىّ الزنادّ غيرّ مباليّا بّأيّ شيءّ كماّ لوّ أنّ سلبّ حيّاة شخصّ ماّ ليستّ بالأمرّ الصّعبّ فّأصابتّ ركبّته
ليسقطّ أرضاّ مضجعاّ فيّ دماّئه بينماّ أخذتّ ماريّ ينظرّ إليّه بصدّمة و قدّ شحبّ وجههاّ فلّم تتخيلّ أبداّ أنّ تصّل الأمورّ إلىّ هذاّ الحدّ عندّما وقفّ فرانسوّا
مجدداّ رافضاّ الإنصّياع لألمهّ و وجهّ فوهةّ المسدسّ نحوّ جونسونّ بالّرغم منّ ألمه بالّرغم منّ أنه لاّ يستطيعّ الوقوفّ بعدّ الآنّ بالّرغم منّ أنّ كلّ
عضّلة فيّ جسدّه تّألمهّ لكنهّ يرفضّ الموتّ دونّ محاولةّ ، فـّصاح بّنبرة عـّالية و هوّ يطلقّ الرّصاصّ
ـ كـّليرّ الآنّ ،
كانتّ لاّ تزالّ مّغلقة عينيهاّ بشدةّ و الخوفّ يملّأ كيّانهاّ بأكملهّ فّداست علىّ المكابح بّقوة لمّ تعلمّ أيّ طريقّ تّسلكه إذّ أنهاّ خاّئفة و مّرعوبةّ فّأدارتّ
المقودّ بّشكلّ عـشّوائيّ و عـّادت للخلفّ بينماّ أخذّ جونسونّ يّصرخ بّعصبية محتمّيا خلفّ بابّ السّيارة و هوّ يرى فرانسواّ يصوبّ على رجالّه الذيّن
يّبادرونه بّطلاّقات أقوى أيضّا سائقّ السيارة المجنونّ الذيّ يّسير دونّ هوادةّ فقـّال بّحدة
ـ دّعوه و شّأنه فالأمرّ الأكثرّ أهميةّ لديّنا هوّ إيصاّل ماريّ لسيدّ ديميتريّ ، هياّ بّسرعة إلىّ السّيارة
لمّ تتركّه ماريّ لّيقودّها كماّ يشاءّ فّحاولتّ مقّاومته بّشتى الطرقّ إلاّ أنّ بنيتهاّ الضّعيفة لمّ تّساعدّها علىّ الإطلاقّ فّدفّعها جونسونّ ناحيةّ السّيارة
ثمّ اتجّه إلىّ مقعدّ السّائقّ ليّقوم بّغلقّ الأبوابّ أوتوماتكيا مانعّا إيّاها منّ الهربّ ثمّ انطلق بّأقصى سّرعة ، نـظرّ فرانسواّ إليهماّ و هماّ يبتعدّان
أكثّر فّأكثرّ عنّ متناولّ يدهّ شّعر بّالخذّلان يّسدلّ سّتائره علىّ جسدّه فسقطّ مسدّسه منّ بينّ أنامله معلناّ استسّلامه لقدّ بذّل جّهدّه لكن جّهده لمّ يكن
كافياّ علىّ الإطلاقّ ..
حاولّ رجالّ جونسونّ استغلالّ الفّرصة لّقتله ليقتربواّ منه عنـدّما أدارتّ كليرّ مقودّ السّيارة مجددّا ثمّ اصطدمتّ بهمّ داّفعة إياهّم جاّنباّ و كانّت هذّه
مجردّ ضربةّ حظّ ، فتحتّ باب السيّارة و نـظرتّ إلىّ فرانسواّ الذيّ قدّ أغميّ عليهّ فّمدتّ يديّها و سّحبته بّوهن ناحيةّ المقعدّ الذيّ بجانبّها ثمّ عـّادتّ
تحركّ السّيارة بّجنون ..

/
__________________