عرض مشاركة واحدة
  #62  
قديم 12-28-2015, 05:23 PM
oud
 
الشـآبتـّر الـ 36

ـ حرّية المّؤقتة


وضعتّ بّاقة الأزهارّ أمامّ قـّبر والدّها بّهدوء ثمّ جّلست بينماّ عينيهاّ لاّ تفارقانّ إسمّه المنحوتّ علىّ الحجرّ ، لاّ تـّزال حتىّ الآنّ
غيرّ قادّرة علىّ تـّصديقّ أنّ والدّها فعلاّ قدّ توفيّ لكنّ و بالنـظرّ نحوّ هـذاّ القـّبر فّلا مفّر لهاّ من الهروبّ ، تّنهدتّ بّأسىّ مفـّكرة
كيّف كانتّ و كيفّ أصبحتّ إذّ أنه سابّقا أولويتهاّ الأولى هيّ أّفراد عـّائلتهاّ لاّ يهمّ أيّ طريقّة أوّ سبلّ تتّبعه إنّ كان ذّلك سيكون
حلاّ لّمشاكلهمّ لكنّ الآنّ ..
إنهاّ أنانـّية للغـّاية لاّ تـّفكر بشيءّ سوىّ كيفّ تّجعل ويليامّ يحبهاّ و لاّ غـّاية لهاّ إلاّ الفـّوز به فّلم تّعد تّريد الإهتمامّ بّماريّ فتاتهاّ
الصّغيرةّ أوّ أبسطّ الأشياءّ كزياّرة قّبرّ والدّها مّثلا ، فّعلا الحبّ قدّ يجّعل الناسّ أقوياءّ و فيّ أحيانّ ماّ ضّعفاءّ كماريّ بينماّ هناكّ
من يجعـّلهم الحبّ أنانيينّ محبينّ لّتملك ربماّ مثلهاّ هي ، قطبتّ حاجبيهاّ و هزتّ رأسهاّ نفياّ إذّ كونهاّ السببّ فيّ اختطاف ماريّ
يّثير أعـّصابهاّ ،
أخـذت تـنظرّ لّقبرّ والدّها بّألمّ لاّبد أنّ ظنه قدّ خابّ بهاّ فّهو لطالماّ أرادّ لفتـّياته أنّ تكن قّوياتّ لاّ يّهزهنّ مشّاكل الدّنياّ لكنّ هاهماّ
الأولىّ تّغار منّ أختهاّ و تـّبتعد عنهاّ خطّوة بخطّوة بينماّ الأخرىّ ألقتّ بكلّ شيءّ لتتزوجّ من أحدّ هي لاّ تـّعرفه مـّعرفة صحيحّة حتىّ
أنـظرّ إلىّ ماّ قّادها تهورهاّ أليستّ الآن بينّ يديّ ألدّ أعداّءه ديميتري ؟ فكـّرت بّتعّاسة يجدرّ بهاّ تركّ جنازة الجدّ تمرّ على خيرّ ثمّ
بـّعدها ربما بـّعد يومينّ ستخبرّه بّأمر اختطاف ماريّ كهذاّ أفضلّ حتىّ يظن ديميتري أنهاّ خاّئفة منهّ ..
فجـّأة سمعتّ صّوت خـّطواتّ خلفهاّ فّاستـدارت لكيّ ترى من القّادم بالٍّرغم منّ أنهاّ بالفعلّ تّعلم منّ يكونّ ، وجدتّ السيدّة سيليّا قـّادمة
مـّرتدية مـّعطفاّ أسودّا و شّعـّرها الأشـقرّ القصيرّ تـّلاعبّه نسّماتّ الـّرياح الخافتةّ كانتّ بّمثابةّ إمرّأة بّغايةّ الجمالّ و الأنـّاقة فّكشرت
فلوراّ باحتقار ثمّ وقفتّ تـّقدمت بّسرعة إليهاّ لتتوقفّ أمامهاّ حينهاّ رفعتّ سيليّا حاجبهاّ دلالة علىّ استنكارّ تصرفّ ابنتهاّ ، تـّحدثت بّهدوء
ـ لقدّ مرتّ فترة طـّويلة أليسّ كذلكّ ؟
منّ أعـّلى رأسهاّ إلىّ أسّفل قدّميها مـّكسوةّ بأغلى الحليّ مرتديّة ملابسّ لأشهرّ المصممينّ نـظرّاتهاّ الهـّادئةّ أوّ نبرةّ صوتهاّ الغـّريبة
كلّ شيءّ بهاّ يجّعل فلوراّ تـّرغبّ فيّ لكمهاّ لكنّ و لكونهاّ أمهاّ حتىّ ولوّ كان الأمرّ لفترةّ قصيرّة منّ حياتهاّ إلاّ أنهاّ حـّاولت تمالكّ
أعّصابها ، أجـّابتها بّنبرة بّاردة
ـ و يّا ليتهاّ كانتّ أطـّول ، لقدّ سمعتّ أنكّ قدّ تزوجتّ أهنئكّ
ابتسمتّ حينهاّ سيلياّ بّهدوء قدّ عـّلمت فّورا السببّ وراءّ تصرفاتّ فلوراّ بّالغة الثّوران فّأومّأت بالإيجابّ هيّ لم تستطعّ أن تّجعل حياتهاّ
تتوقفّ فقطّ لأن جوناثانّ رفضّها ، تـّحدثت بّلطفّ
ـ شكـّرا لكّ ، بّالمنـّاسبة أينّ أختكّ فّأنا لمّ أرهاّ طوالّ الّيوم ؟
نـظرتّ إليهاّ فلوراّ بّحدةّ ثمّ ابتعدّت قّليلاّ عنّها مّفسحة المجالّ لهاّ بالمـّرور لطالماّ كانّ لدىّ سيليا اهتمامّ كبيرّ بّماري و لعلّ هذاّ الاهتمامّ
هوّ ما دّفعها لاقتحام حّفلة الزفافّ من أجلّ إيقافهاّ أوّ ربماّ لأخذّها معهاّ إنّ تطلّب الأمرّ حاولتّ سابقاّ جّعل ماريّ تعيشّ معهاّ و فّعلا ذّهبت
لكنّ لتعودّ بعدّ فترة من الزمنّ فيّ حالةّ يرثى لهاّ مماّ أغضبّ جوناثاّن الأمرّ الذيّ كان السببّ فيّ قطّع كلّ صلتهمّ بوالدّتهما ، بالّرغم من
أنّ ماريّ رفضتّ الإفصاحّ عن ماّ حدثّ لّكن تلكّ الحادّثة تّركتّ جرحاّ واسّعا بداّخلهاّ حتىّ لوّ لمّ تّقل بالكلماتّ إلاّ أن ذلكّ الّجرح لديّها هيّ
أيضّا ، أجـّابتها بّحدة
ـ و لماذاّ تـٍّردين رّؤيتها ؟ يكفيهاّ ماّ لديّها فّقط أغـّربيّ عناّ أيتهاّ..
قطعتّ كلامهاّ قبلّ أنّ تتفوه بّأيّ شيءّ بذيء كعاّدتهاّ ثمّ استدارتّ لتنظرّ إلىّ الجـّهة الأخرىّ بغضبّ هيّ لن تسامحّها أبداّ على تّركهمّ بينماّ
قطبّت سيلياّ حاجبّيها بّإستنكارّ هيّ تعلمّ تماماّ ماّ يدورّ بّخلدّ بناتهاّ إذّ أنهنّ كوالدّهن لاّ يجدّن إخفاءّ مشاعرهمّ ، اتجـّهت إليهاّ و وضعتّ يدّها
على كتفها قّائلة بّتساؤل
ـ ماّ الذيّ حدثّ فلورا ؟ هـّل أنتماّ بخيرّ ؟
صمتتّ علىّ مضضّ لاّ تـّريد رّؤية ملامحّ والدّتهاّ لاّ تـّريد تّذكرّ الماضيّ، لا ّتـّريد تّذكر أنهاّ خذلتّ والدّها.. ضّربتّ يدّ سيلياّ بّخفة لكيّ تّبعدّها
عن كتفهاّ ، كمّ هـذاّ صعبّ لماّ لاّ تّستطيّع أنّ تّنفيّ كلامهاّ ؟ لماذاّ تّشعر بالضعفّ كلماّ رأتهاّ ؟ نـّزلت دّمعة وحيـّدة شّاقة طريّقها لكيّ تتحدثّ
فلورا بنبرةّ باّردة
ـ بالّطبع نحنّ بخيرّ مادّمت بّعيدّة عناّ ماّ دمناّ أصبحّنا أفضلّ و أفضّل
أخفضتّ سيلياّ رأسهاّ للأسفلّ بّقليل من الندّم هيّ تعلمّ كمّ كانتّ أمّا مرّيعة لهماّ تـّبكي طّوال الوقتّ لّفقدان حبّ زوجّها وّ تستمرّ بالنحيبّ كمّ
مرةّ نستّ ماريّ فيّ الحضانة ، كمّ مـّرة نستّ حضور حفـّلة تّكريم فلوراّ لّكن لمّ تكنّ لتتعمدّ ذلكّ أبداّ فّبدأتّ بذّرف دموعهاّ كعّادتهاّ لكيّ تنظرّ
إليهاّ فلوراّ بدهشةّ ارتبكتّ قليلاّ يبدواّ أن كلماتهاّ كانتّ قاسيّة هـذاّ غريبّ حيثّ أنهاّ لم تستعملّ أيّ ألفاظّ سوقية كماّ تصفها السيدة فرانسيس ،
حكتّ خصلات شعرهاّ بّتوتر ثمّ تنهدتّ لكي ّتجلسّ بجانبّ قبرّ والدّها قـّائلة بّنبرة صّادقة لمّ تهتمّ فيهاّ كمّ كانتّ كلماتها قّأسية علىّ مسامعّ سيليا
ـ لأخبركّ الحّقيقة أنـّا لاّ أحبكّ علىّ الإطلاقّ و لاّ أريدّ تـّذكركّ لأنك تشكلين ماضيا تعيسا من حياتناّ ، أردتّك أن تكونيّ معناّ عندّما علمّ والدي
بّمرضه أردتّك أن تكوني أول من يّواسيه ليخبره بّأنه هنا لجانبه ، عنـّدما هربت ماريّ من المنزلّ أردتّك أن تكوني هناّ لتوجيههاّ وّ للإمساكّ
بيدّها ، عـندّما علمتّ بّمرضّ والدّي أردتّك أنّ تكوني بجانبيّ تخبريننيّ بّأن كلّ شيءّ سيكون علىّ ماّ يرامّ و بأنكّ مهماّ حدثّ فّإن نظرت من
حولي حتما سّأجدّك لكنّ للأسفّ أنتّ و مهماّ بحثت عنكّ ، مهماّ أردتّ رؤيتكّ إلاّ أننيّ لم و لنّ أستطيعّ أبداّ إيجادكّ ..
سّقطت سيليا على ركبتيهاّ دّهشة منّ قـّوة وطأة كلماتّ فلوراّ على قلبها لطّالما أخبرهاّ رويّ بأن بناتهّا بحاجّتهاّ لكنّ ظّنت أنّه بتواجدّ جوناثان
حولهماّ فّلن يّفتقداهاّ أبداّ شـعرتّ بّقليلّ من السّعادة لكونّ فلورا تعترفّ بحاجتهاّ إليهمّ غيرّ أن نبرتهاّ البّاردة أوّ ملامحّها المتّألمة جّعلاها تّشعر
بّألم هيّ الأخرى ، كتمتّ شهقاتهاّ فّوقفت فلوراّ بهدوء لكيّ تتحدثّ مجدداّ
ـ لاّ تقلقيّ لأنهّ لاّ يحقّ لكّ ذلّك، أخبارناّ لم تّعدّ من شّأنكّ بعدّ أنّ تركتناّ أميّ لكنّ دعينيّ أخبركّ بهـذاّ.. لّأنك تّركتناّ التقيت بّأناس أصبحّوا مصدٍّر
أمل ليّ ، أناسّ يّسعون لّسعادتيّ .. لقدّ صارّ لديّ أمّ بالرغم منّ أنهاّ لم تّلدنيّ إلاّ أننيّ سّأضحيّ بحياتي منّ أجلهاّ ، لقدّ صـّار لديّ أصدقاءّ
بالّرغم من قّلتهمّ ، منّ بّرودة أعصابهمّ إلاّ أنهم يّهبون لمساعدتي دونّ أنّ أصرخّ طاّلبة النجدّة .. فّشكراّ لك
السيدّة فرانسيسّ و السيدّ بولّ ، ويليامّ و نايتّ حتىّ كليرّ كّلهمّ عـّائلتها لذّلك لنّ تشعرّ بالألم بعدّ الآن .. استـّدارت راحّلة تسيرّ بخطّوات هـّادئة
واضعّة كلتّا يدّيها فيّ جيبّ معطّفها مرددةّ ترانيمّ أغّنية شّعبية قـّديمة تّاركة الشّخص الذيّ لطالماّ بحثّت عنهّ و الذيّ لطالّما أرادتّ أن تجـّده خلفهاّ ،

-/

مطّر يّهـطلّ بّغزارة كـذلّك كانتّ دموعهاّ فلمّ تتّوقف لوهـّلة عنّ ذرفهاّ، تـّلك الدّموع المليّئة بالحـّسرة وّ الأسىّ كمّ هيّ غـّبية لتـّظن بّأنها فيّ يومّ
مـّا قدّ تّكسبّ حبّ نايّت لهاّ إلىّ جانبّ كونهاّ غـّبية كانتّ حـّالمة أيضّا ، كلّ ذلّك الجـّهد الذيّ بذّلته مرفقاّ بحبّها لاّ بلّ بعشقهاّ الـّجنونيّ نحوهّ .. لمّ
يكنّ أبداّ لينجحّ ، حـّاول أليكساندرّ وضـعّ المطريةّ فوقّ رأسهاّ إلاّ أنهّ لمّ ينجّح لقّصرّ قـّامته فّكتمّ رغـّبته الشديدّة فيّ البكاءّ وّ أمسكّ بيدّها يّريد
أنّ يطّمئنهاّ بّوجودّه معهاّ فـّلا أحدّ يـّعلم معنىّ الّوحدة إلاّ الـّيتيمّ ، بينماّ ابتسمّ ديميتري بّسخرية الآنّ لقدّ نجحتّ خطّته و هاّ قدّ خسرّ نايتّ أكثرّ
الأشخاصّ وفاءّ لهّ إنهّ لخطّأ مميتّ فقدّان الأشخاصّ الذّين ينوونّ تخليّ عنّ حياتهمّ من أجلـّك ،
أرادتّ أنّ تّأخذّ فتّرة راحـةّ من هذّه الحيّاة ربماّ غيبوبّة مّؤقتة قدّ تّفيّ بالغّرض و إنّ كانتّ داّئمة فّلا شيءّ أفضلّ من ذلكّ ، أخفّضت بّصرهاّ للأسفلّ
ناحيةّ الأرضّ كمّ هـذاّ غريبّ كونهاّ تتمنىّ فيّ هذّه اللحظةّ لوّ أنهاّ في مكانّ إليزابيثّ ، لوّ أنهاّ كانتّ هيّ إليزابيثّ لّتحصل علىّ كلّ هذاّ الاهتمام فجّأة
هـزتّ رأسهاّ نفياّ محاولةّ تمالكّ أعصّابهاّ بينماّ رفضتّ دموعهاّ التوقفّ هلّ تمنتّ تـّوا أنّ تصبحّ إليزابيثّ ؟
نـظرتّ إلىّ نايتّ ذوّ الملامحّ الشّاحبة بّنوعّ من الألمّ ثمّ كـّادت أنّ تتقدّم ناحيتهّ صحيحّ أنهّ لاّ يحبّها بلّ بالأحرىّ هوّ تقريباّ يكرههاّ لكنّ بالّرغم منّ ذلكّ
هيّ لا ّتـّريد أنّ يّكون بّرفقة خاّئنة مثّل إليزابيثّ إنهّ يستحقّ شخصاّ أفضلّ يّريه معنىّ العـّيشّ ، زمتّ شفتيهاّ محاولّة كتمّ شهقاتهاّ بينماّ كانّ ديميتريّ
يّستمتعّ فّعلاّ برؤيتهاّ هكذاّ .. أمسكّ أليكساندرّ بيدّها قّائلاّ و الـقلقّ يلفّ كلماتهّ
ـ ماريّ سّوف تمرضّين إنّ استمريت بّوقوفّ هناّ هياّ دعيناّ نعودّ أرجوكّ ،
أومـّأت بالإيجابّ و أدارتّ ظهرهاّ لهمّ جّميعاّ حتىّ فيّ أوجّ لحظاتهاّ ألماّ لمّ تـّرد لّديميتريّ أن يراهاّ بّهذاّ الضعف إنّ يكنّ فّهذّه ليستّ المرّة الأولى
التيّ تّقبل ّفيهاّ إليزابيثّ نايتّ و ليستّ المرةّ الأولى التيّ تلفّ ذراّعيها حولهّ متمسكةّ به و بالطبعّ ليستّ المرةّ الأولى التيّ يـّظهر فيهاّ نايتّ ملامحـّه
المتّألمة المترددّة ناحيتهاّ تّنهدتّ راّفعة رأسهاّ للأمامّ كيّ تّرى كـّايلّ قادماّ ممسكاّ بكيسّ دواءّ و يبدواّ أنهّ يتذّمر بشدّة فجّأة تّغيرتّ ملامحّه بّأكملهاّ
حالماّ وقعّ نظرهّ على إليزابيثّ و نايتّ لكيّ يسقطّ ذلكّ الكيسّ الذيّ حافظّ عليهّ طّوال هـذّه المسّافة ، همستّ ماريّ لنفسهاّ بّابتسامةّ صغيرةّ حزينةّ
تعلوّ محياهاّ
ـ كّأن الماضيّ يعيدّ نفسهّ .. ، كـّايل
رّؤية إليزابيثّ تّحتضن نايتّ للمرةّ الثّانية محاولةّ جّعله يلتفّت نحوهاّ يّلقي بّمشاعره إليها .. رفّع حاجّبه بّغيضّ شديدّ هلّ تخلصّت منه منّ أجلّ فعل
هـذاّ ؟ تـّلك الحّرباء السّافلة تعـّلم تماماّ متىّ تختارّ الـّوقت المناسبّ لّلهجوم ، يجدرّ به تّأديبهاّ قليلاّ فكـّاد أنّ يـّركضّ ناحيتهمّ فلاّ أحدّ يوقفـّه الآنّ
عـّندّما لمحّ من طرفّ عينهّ تّلك المـّرأةّ ذاتّ الشـعرّ البنيّ و لأنهّ كانّ يركضّ باتجاهها فأستطاع أنّ يـرىّ ملامحـّها ربماّ ليسّ بشكلّ جيدّ لكنّ لاّ لنّ
يستطيعّ أنّ ينسى هـذّه الملامحّ وّ لو فقدّ ذاكرتهّ ، إنهاّ ماريّ نفسهاّ ماريّ و دّموعهاّ كعّادتها تغـّزوا وجـّهها بـّرفقتهاّ حارسينّ يبدوانّ ضخامّ الجـّسد
كذلكّ هناكّ طفلّ صغيرّ يحاولّ أنّ يواسيهاّ بينماّ .. اتسعتّ عينيهّ من الصـّدمة إنهّ ديميتريّ ، ذلكّ الـّرجلّ الذيّ يحاولّ الإنتقامّ منّ نايتّ ماّ الذيّ يّفعله
بّرفقة ماري ؟ هـذاّ شديدّ الغـّرابة لاّ بلّ مثيرّ لريبةّ فّصّاح بّقوة جّعلت الكلّ يلتفتّ نحوهّ
ـ مـاري ..
استـّدارت حينهاّ ماريّ لكيّ تـّنظر ناحيّته بّأسىّ ماّ الفـّائدة الآنّ منّ معـّرفة مكانهاّ ؟ بينماّ شّحب وجـّه نايتّ كلياّ كانتّ ماريّ بجاّنب ديميتريّ الذيّ على
شّفتيه ابتسامةّ سّاخرة فّدفّع إليزابيثّ بّعيدا عنهّ ألهذاّ كانتّ تقّترب منه ؟ ألهذا قّبلته ؟ كيّف كانّ غـّبياّ لينصاعّ خلفهاّ فّحتىّ لوّ أرادّ أنّ يكشفّ نيتهاّ لمّ
يكن يجّب عليه التمادي إلىّ هذاّ الحّد ، صّاح بّنبرةّ مبـّحوحةّ
ـ مــــاريّ ،
تـّوقفّ أليكساندر عنّ دفّع الكرسيّ المتـّحرك بينماّ رفـّضت ماريّ أن تستجيبّ لندائه شدتّ الإحكـّام علىّ قبضتهاّ هـذاّ يكفيّ لماذاّ يحدثّ كل هـذّا لهاّ ؟
الآنّ ليستّ لديّها رغّبة فيّ العـّودّة أوّ حتىّ فيّ البقـّاء معّ ديميتريّ كلّ ماّ تـّريدّه هوّ الهـّرب بـعيدّا عنّ كلّ شيءّ ، عنّ نايتّ .. بينماّ نـظرّ نايتّ حوله
محاولاّ استدعاءّ الحـّرس إلاّ أنهمّ لمّ يجدّ أحداّ تّبا لمكائدّ ديميتريّ ، لماّذا الآن ؟ فطّب حاجّبيه بّغضبّ عـّارم وّ كـّاد أنّ يصّيح مـجدداّ عندّما استدارتّ
ماريّ نـّحوه ، نـظرّاتها مليّئة بالغـّضب أيضاّ حـّادةّ و شديدةّ الأسىّ على حالهاّ ، فتحتّ فمهاّ لكي تّقول شيئاّ ماّ لكنهاّ سّرعان ماّ تـّراجعتّ صمتتّ بّهدوء
لمّ تـّعد الكلماتّ تكفيّ الآنّ ..
رفـعّ ديميتريّ يدّه عالياّ رافعاّ إبهامهّ ثّم أخفضّه للأسفلّ دلالةّ علىّ أنّ نايتّ قدّ خسرّ مماّ جعلّ الأخيرّ يّثور غـّضباّ فيّ حينّ اقتربتّ ماريّ منّ أليكساندرّ
الخـّائفّ و همستّ فيّ أذّنه بنبّرة هـّادئة
ـ ثقّ بيّ أليكس أنـّا حتماّ سّأنقذّك ..
متجـّاهلة الأحـداثّ التيّ تـدورّ خلفهاّ تـغيرتّ ملامحـّها منّ الحزنّ و الأسىّ على حالهاّ إلىّ الـعزمّ و الإصـّرارّ ، لقدّ تأكدتّ أنهمّ لمّ يبحثواّ عنهاّ طواّل
فترةّ غيابهاّ لمّ يلاحـظواّ أبداّ كونهاّ مختفيةّ كّأنها ليستّ جزءاّ من أسرتهمّ هـذاّ الأمرّ أحـبطّها كثيراّ لكنّ و إلىّ جانبّ إحباطهاّ فّقدتّ عـّقدت الّعزم
على أنّ لاّ تنتظرّ أحـداّ .. سّتكونّ بطلّة نفسهاّ ، زمّ نايتّ شّفتيه حتىّ سّال خـطّ دمّ رفيعّ من بينهماّ قدّ أخفتّ خصلاتّ شعرهّ السوداءّ منـظرّ عينيهّ
الداكنتينّ تـّقدم أكثـّر بينماّ بّإشارةّ من يدّ ديميتريّ خـرجّ حرسهّ منّ السياّرة مـّشكلينّ داّئرة حـّول ماريّ فيّ حينّ وضـعّ أحدّهم مسدسّا علىّ رأسهاّ ،
تّوقفّ نايت فيّ مكانه بـّقلة حيلةّ كذلكّ فـّعل كايلّ إنه فعلاّ يرغب فيّ مساعدتّها ، عاّجزين عنّ الحركة و الكلام أيضّا
أتتّ فـّلور من بـّعيد تّمسحّ دموعهاّ عنـّدما لاحـظتّ تـّوتر الأجـّواءّ منّ إليزابيث الممسكةّ بّمعصّم نايتّ الغـّاضبّ إلىّ كايلّ الذيّ فـّتح فمّه بصدّمة شديدّة
فّوجهتّ نـظرّها إلىّ حيثماّ استرعىّ الشيءّ الذي استرعى انتباهّ الثـلاثةّ لكيّ تـّرى ماريّ جاّلسة علىّ كرسيهاّ المـّتحركّ بهـدوءّ بينماّ فوهّة المـّسدسّ
موجـّهة إلىّ رأسهاّ محـاطةّ بـّالكثيرّ من الحـّرسّ و من بينّ كل هـؤلاءّ الـّرجالّ برزّ ديميتريّ أكثـّر بّابتسامتهّ الـّساخرةّ و ضّحكته التّي علتّ فيّ الأرجاّء ،
كانّ يبدواّ مستمتعّا بشدّة رؤيةّ نايتّ عـّاجزاّ شيءّ لاّ يراهّ أبداّ ، قطبتّ حـّاجبيهاّ ثمّ ركضّت غـّير مباليةّ بـّعدد الحّرسّ بينماّ صّاح كايلّ بّذعر
ـ أيتهـاّ المجـّنونة تـّوقفيّ
لمّ تـّكن كلماتّ ديميتريّ المـّهددة لتوقفهاّ أوّ رجاءّ كايلّ لهـّا أوّ حتىّ صـّراخ نايتّ الغّاضبّ عليهاّ بـّقدر مّا أوقفتهاّ نـظرّة ماريّ البّاردة لهاّ كّأنهاّ لم تعدّ
أختـّهاّ بعد الآنّ مما جّعلها تفـّكر ماّ الذيّ حّدثّ تواّ ؟ همستّ ماريّ فيّ أذنّ أليكساندرّ بّشيءّ ماّ لكيّ يدفـعّ الكرسيّ بهدوءّ شديدّ و خـّلفها العـّديدّ من
الحـّرس ، صـعدتّ إلىّ متن السّيارة السّوداءّ المظللةّ دونّ أيّ مقـّاومة تـّرجى ماّ فـّائدة الآّن ؟ ماّ فـّائدة الصّراخ بّإسمهاّ ؟ لمّ تـّعد تّستطيعّ الـّرد تماماّ
كمّا لوّ يّعد جدّ قـّادرا علىّ الـردّ..
ألقى أليكساندرّ نظرّة خـّاطفة للخلفّ ثـّم عـّاد يصبّ جمّ اهتمامهّ علىّ ماريّ الهـّادئة بالٍّرغم منّ كلّ هـذاّ الهـّدوء الذيّ تـّظهرهّ إلاّ أن الألمّ الذيّ تّحتملهّ
لاّ يـّقدر علىّ التعّبيرّ الـوحدّة التيّ تشعرّ بهاّ الآنّ لاّ توصفّ ، صـّعد إلىّ جانبهاّ ممسكاّ بيدّها ثمّ غـّادر ديميتريّ بـّرفقة حرسّه ،
حينهّا سقطتّ فـّلورا علىّ ركّبتيهاّ بّصدمة شديدةّ لقدّ تجـّاهلت ماريّ نداءاتهاّ المستمرةّ لهاّ لاّ بلّ حتىّ أنّها لمّ تظهرّ أيّ تـعبيرّ على وجّههاّ قدّ غـّابت عنّ
شفتيهاّ ابتسامتهاّ الـّمشرقة المرحةّ لّيحلّ مكانهاّ الوجومّ بينماّ غـّادرتهاّ نظراّت عينيهاّ اللطيّفة الـّرقيقةّ لكيّ تصبحاّ أشدّ صـّلابةّ أكثرّ برودّا و أقـّل رغـّبة
فيّ الحياةّ ، كيفّ أصبحتّ هّكـذاّ كّأنهاّ غـّريبة ،
نـظرّ نايتّ للأرضّ بتشتتّ غيرّ قـّادر علىّ جمـّع أفكـّاره فيّ حينّ نـظرّة ماريّ المـّركزة عليهّ تـّرفضّ أنّ تـّفارقّ خيّاله ، مـّا الذيّ يحدثّ كيفّ يـّعقلّ أنّ
تكونّ ماريّ بّرفقة ديميتريّ ؟ لقدّ حرصّ علىّ إبـّعادها عنّ هـّذه المـّعركةّ مرسّلا إياهاّ إلىّ فرنساّ بـّعيداّ عنّ هذّه الأجواءّ المشّحونةّ لقدّ كانّ شديدّ
الحرصّ علىّ سّلامتهاّ فأرسّل أفضلّ و أأمنّ حرسهّ معهّ فـّرانسواّ ، حرصّ على عـّدم الاتصـّال بهاّ لأنهّ يـّعلم أنّ كلاّ من الـّشرطة و ديميتريّ يراقبانّ
تـّحركاتهّ فّكيفّ بحقّ السماءّ هيّ برفقة ديميتري ؟ أينّ أخطـّأ ؟ أيّ تـّصرفّ أيّ حركةّ جـّعلته يكشفّ مكان ماري ؟ أيّن هوّ فرانسواّ ؟ مـدتّ إليزابيثّ
يدّها مجدداّ ناحيةّ معـّصمه لكيّ تمسكهّ لولاّ أنه استدارّ رامقاّ إياهاّ بنظرةّ باّردة خّطرة
ـ لاّ تظنيّ أننيّ سأنسى أمركّ، لاّ تـّقلقيّ فسوفّ أفرغّ القليلّ من وقتيّ من أجلكّ ..
رفـعّ هاتفهّ ثمّ حـّاول الاتصـّال بّفرانسواّ لكنّ لمّ يجبّه أحدّ بالّرغم من محاّولاتهّ العـّديدةّ بينمّا اقتربتّ منه فّلورا بّقلقّ شديدّ أخـذتّ تّمرقّ بعينيهاّ بينّ
هـّاتفه النـّقال تّارة و بينّ وجـّهه ذوّ المـّلامحّ الغّاضبة تارةّ أخرّى ، إنّه خـطّأها هيّ فّلقدّ ائتمن نايتّ ماريّ لهاّ و لقدّ أخبرهاّ بوضوحّ أن تستمرّ بالاتصالّ
بهاّ لكيّ تـّعلمّ بّتّطور حالتهاّ لكنهاّ لا .. لقدّ تجاهلت طلبّه بّفعل الغـّيرة التّي تملكتهاّ ، تلكّ الغيرةّ منّ أختهاّ لأنها استطاعتّ كسبّ قلبّ ويليام على عكسهاّ
هيّ .. تلكّ الغيرةّ كانتّ سبباّ فيّ جعلهاّ تبتعدّ أكثّر فّأكثرّ عنّ أختهاّ بدّأتّ بالبكاءّ
حينهاّ ارتجفّت أناملّ نايتّ لكيّ يسقطّ الهاتفّ من بينّ يديّه إلىّ الأرضّ منكسراّ لأشلاءّ عديدّة ، مّا هذاّ الذّي يحدثّ ؟ كيفّ يعقلّ لفرانسواّ أن يتجاهلّ
اتصالاتهّ العـّديدةّ لاّ بلّ كيفّ يعقل أنّ يتركّ ماريّ تقّع بين يديّ ديميتريّ الشخصّ الذيّ يجبّ عليه توخيّ الحـذرّ منه أكثرّ ، أماّ يحدثّ الآن عـّقاب له ؟
استـدارّ بسرعةّ ناحيةّ إليزابيثّ و كادّ أنّ يّرفعّ قبضّته فيّ وجههاّ لكنه تـّراجعّ فيّ آخرّ لحـظّة ، تـّبا لمّ يكن عـّليه التماديّ أكثرّ فيّ هـذاّ ..نـظرّ إلىّ حّارسينّ
الموجودّين من طرفّ فرانسواّ ثمّ أشارّ لهماّ بالتـّقدم .. تـّحدث بنبرةّ حـّادة
ـ اتبعاّ ديميتريّ و لا تدّعاه يغيبّ عنّ أنظاركماّ أيضّا حاولاّ أنّ لاّ تّجعلاهّ يـّعلم بّأمركمّا ،
أومـّأ الحـّارسينّ و سّارعـاّ بالركض نـّاحية سّيارة مـّا مضّللةّ بينماّ كزّ نايتّ أسنانهّ بـّعصبيةّ إنهّ يحاولّ جاهداّ الحفاظّ على أعـّصّابه لكنهّ لاّ يستطيعّ ،
نـظرّ إليهّ كايلّ بّتوتر و حـّيرة ثمّ عـّاد ينظرّ ناحيةّ زوجـّته إليزابيثّ لقدّ بدتّ سّاكنة للغـّاية كماّ لو كّأن الأمرّ لاّ يـّعنيهاّ لاّ لمّ تكتفيّ بهـذاّ فقطّ بلّ حتّى أنهاّ
رسمت علىّ شفتيهاّ ابتسـّامة بّاردةّ مليّئة بنشوةّ الانتصّارّ ، فـكرّ كايلّ بّحيرةّ أيعقلّ أنـّها تّعمل معّ ديميتري ؟ لقدّ كان توقيتّ إرسالهاّ للمقالاّت عبرّ
الانترنيتّ مثالياّ ، ربماّ هيّ رفيقّته فيّ كلّ ماّ يحدثّ هناّ لكنّ هـذاّ غيرّ معـّقول ..
تـّقدمتّ فلورّا من نايتّ بتوترّ شّديدّ كانتّ تدّرك حجمّ خطّأهاّ لأنهاّ لمّ تـّداري أختهاّ و هيّ بالفـّعل ناّدمة لذّلك فلمّ تكنّ تظنّ أبداّ أنّ ماريّ ستقّع فيّ موقفّ
مثـّل هـذاّ ، أنّ تكونّ مختـّطفة لاّ بلّ حتىّ أنّه حاولّ الاعتداء عليهاّ تبّا ماذاّ ستكونّ ردةّ فعلّ نايت إنّ عـّلم بّهذاّ ؟ ، كادتّ أنّ تتحدثّ عندّما استدارّ نايت
ناحيتهاّ قـّائلاّ بنبرةّ بـّاردة
ـ فـّلورا ابقي هناّ لقدّ خرجتّ الأمسّ بكّفالة لذلّك حاولّي أنّ لاّ تجذبيّ الكثيرّ من الأنـظارّ إليكّ أيضّا أريـّد منكّ أنّ تّحاولي الاتصال بفـّرانسواّ و إنّ لمّ
يجديّ ذلكّ نفعاّ فاتصلي بالمستشفىّ الذيّ كانتّ ماريّ فيهّ و حاولّي الحـّصول علىّ إجاباتّ من هنّاك ،
أومّأت فلوراّ بالإيجابّ باّلرغم منّ أنهاّ أرادتّ أيضاّ الذّهاب للبحثّ عنّ ماريّ لكنّ لاّ يبدواّ هـذاّ صائباّ خصوصاّ و أنّ ديميتريّ سبقّ له أن استهدفهاّ
سيكونّ سهلاّ عليهّ جذبّ الأنظارّ ناحيتهاّ ، أمسكّ نايتّ هاتفهّ مجدداّ ثمّ اتصلّ بسوزيّ لكيّ يتجّه نحوّ سيارتهّ الفـّضية عندّما رفعتّ السّماعةّ تـّحدثّ
بنبرةّ آمرة
ـ سوزيّ أريدّ منكّ تعقبّ رقّم السّيارة الآتيّ ..
وضـعّ المفتاحّ فيّ مكانهّ مشغـّلا المحركّ كذّلك هاتفهّ محّاولا الاستماعّ إلىّ تعليماتّ سوزيّ التيّ بّالرغم منّ أنّها كانتّ تنفذّ ماّ يّقوله بّجدية إلاّ أنّ
القلقّ كانّ يعتريهاّ خصوصاّ بّعلمهاّ أنّ ديميتريّ هناّ فيّ لندنّ و هوّ لنّ يتراجعّ أبداّ عنّ فّرصة مثّالية مثل هذّه لإيذاء نايت بينماّ أدارّ نايتّ المقودّ بّقوة
فّأصدرتّ السّيارة صوتّا مزعـّجا، عـّاد للخلفّ ثمّ إنـطلقّ بّأقصىّ سّرعة ، يمكنهّ العّبثّ مع منّ يشاءّ إلاّ ماريّ .. يكفي أنهاّ فقدتّ قدرتهاّ على السيرّ بسببّه

/
__________________