عرض مشاركة واحدة
  #78  
قديم 12-28-2015, 05:42 PM
oud
 
جـزءّ الـ رابعّ و الأربعون

~ إلى متى ؟ ~


بـعدّ مرورّ أيـام أخرى تلتها ّليال طـويلةّ مضجعةّ بنومّ متقطع يكادّ أن يكونّ معدماّ حيثّ لم يتغـيرّ أيّ شيءّ قضيةّ فـلورا
لمّ يجدّ لها المحاميّ حلاّ أمـاّ ويليامّ فقدّ كثرّ انشغاله فيّ وكالته مماّ جعـّله لاّ يجد وقتاّ يخصصهّ من أجلّ أصدقاّئه ، أليكساندر
دخلّ إلىّ مـدرسةّ جديدةّ مرتدياّ بذلته الـرسمية بسعادةّ لا توصفّ كلـيرّ تستعدّ للامتحاناتّ القاّدمة كذلكّ ماري التيّ لمّ تكن قـلقة
للغايةّ بشأن الامتحانّ أكثرّ من قلقهاّ لاّ بلّ الأصحّ ذعرهاّ لاختفاء نايت المفاجئّ بعدّ لقائهماّ مع ديميتريّ إذّ لمّ يظهر منذّ ذلكّ الحينّ
هـّاهي جـالسة علىّ الأريكةّ تحملّ بين يديّها كتـاباّ لمسرحيةّ شكسبير تقرأه دون أن تركزّ فعلاّ فيّ محتواه غـير مباليةّ بكون هـذاّ الكتابّ
يحملّ نصفّ علاماتهاّ بين أوراقهّ فقطبتّ حاجبيهاّ بّعبوس واضحّ قدّ داهمتهاّ رغبة شديدّة في البكاءّ إذّ لا ينفكّ أن تداهم الفشلّ فيّ كل
شيِءّ تفعلهّ ..
لمّ يعد بمقدورهاّ الاستمرارّ فيّ هـذاّ أكثرّ إنهاّ ليست ملائمةّ للانتقامّ فحتىّ لو أرادتّ لما استطاعتّ و لماّ نجحت أيضاّ تنهدتّ بقلةّ حيلةّ
ما الذيّ يفعله نايتّ الآن ؟ لقدّ رأت فيّ نشرة الأخبـارّ أن فـرعاّ تابعاّ لشـركة لبيرّ فيّ باريسّ عرفّ تدهوراّ فيّ أوضـاعهّ إذّ تمّ تعـطيلّ
جميعّ معاملاتّ التصديرّ مماّ جعلهاّ تعتقدّ أنه ربماّ قدّ يكون هـذاّ هو سببّ اختفاء نايت و مكان تواجدّه أيضاّ ..
فتحّ بـاب الغـرفةّ لكيّ يدّخل أليكساندرّ مرتدياّ بذلته الـرسمية و تبدواّ عليهّ صفةّ الفرحّ ألقى عليهاّ التحيةّ بخفةّ فابتسمتّ ماريّ حالماّ رأته
و وضعتّ كتابهاّ جانباّ كيّ يتقدمّ نحوهاّ جلسّ بجانبهاّ على الأريكةّ ثمّ أخذّ قطعةّ حلوى قائلاّ بنبرةّ مرحـةّ
ـ لنتنـاّول الفطورّ معاّ ..
أومأتّ بالإيجابّ فضحكّ بهدوءّ لكي تسكبّ له ماريّ فنجانّ قهوةّ مدتّه إليهّ فتنـّاوله بّخفة شاكراّ إياهاّ بعدّ ذلكّ عمّ الصمتّ إذّ أن ذهن ماريّ
مشتتا للغاّية ففشلهاّ لا ينفكّ مغادرتهاّ قدّ بدأ اليأس بالتسللّ إلىّ قلبهاّ شيئاّ فشيئاّ تنهدتّ بأسىّ محاولة طردّ هذّه الأفكارّ من ذهنهاّ بينماّ كان
أليكساندر يرمقهاّ بهدوءّ قدّ بدتّ ملامحـّه خاليةّ ارتشفّ القليلّ من القهوةّ قبلّ أن تتحدثّ ماري ببسمة
ـ إذنّ هلّ كونت أيّ صداقاتّ جديدةّ ؟
أومأ بّخفة بالرغمّ من أن هذّه مجردّ كذبة صغيرةّ إذّ أنه حتىّ الآن لم يستطعّ الانسجامّ معّ زملائهّ لكنهّ يستمر بالمحـّاولة أيضاّ أوضاعّ
القصرّ المـريبةّ تثيرّ قـلقه فّنايت مختفي و لم يتسنى له أبدا اللقاء معهّ أماّ كايلّ فذهب فيّ رحلة عملّ و إليزابيثّ عـادتّ منذّ مدةّ قصيرة فقطّ
من جلسة تصويرّها يبدواّ أنهاّ تخططّ لشيءّ ماّ فّالقصر فيّ حالة نشاطّ ، تنهدتّ ماريّ بضجرّ عندّما رأتّ نشرة الأخبارّ تتناول مجدداّ شركة
لبيرّ حدقتّ فيّ كتابها ّقبلّ أن تـرميه بّملل ثمّ تعاودّ التقاطهّ و هيّ تجلسّ أسفلّ الأريكة بينماّ ظلّ أليكساندر يرمقهاّ بّقليل من القلقّ قبلّ أن
يتحدثّ بنبرتهّ الهادئةّ
ـ ماري .. هلّ لا زلتّ تـريدين الأخذّ بثأرك ؟
نـظرتّ ماريّ نحوه بعينيهاّ الواسعتينّ قد بدتّ دهشةّ عليهاّ سرعانّ ما أخفضتّ نظرهاّ بعيداّ عنهّ لكيّ تظهرّ ملامحـّها الحقيقيةّ بعيداّ عنّ
بسمتهاّ الرقيقةّ أوّ ضحكهاّ الزائفّ كانتّ شاحبةّ منكسرةّ و متألمةّ قدّ فقدتّ أخرّ أملّ لها معّ فشلهاّ المستمرّ ، قالتّ له بنبرةّ
هامسةّ متحشرجة
ـ حتى لو أردتّ .. لن أستطيعّ ، أنـا سأبقى دوماّ ماري الضعيفةّ الحمقاءّ في أنظارهمّ
رمقهاّ أليكساندر بألمّ ثمّ تنهدّ بقلة حيلة و هوّ يضع فنجان قهوتهّ جانباّ لكيّ يعم الصمتّ فيّ تلكّ الغـرفة الهـادئةّ بقيّ الاثنينّ بجانبّ بعضهماّ
بعضاّ يريدّ أن يساعدهاّ لكن إن تدّخل هوّ فلا أحد يعلمّ ما الذيّ سيفعله ديميتريّ له إنه لن يسامحه على الإطلاقّ لاّ بلّ سوف يكون مصيرهّ
القتلّ ، قطبّ حاجبيه بعبوسّ واضحّ ترددّ كثيرا ّقبلّ أنّ يّتخذ قـراره تحدثّ بهدوء
ـ أتريدين منيّ أن أساعدك ؟
لمّ تدركّ ماريّ أن أليكساندرّ جادّ فيّ قوله بلّ ضنت أن هـذاّ مجردّ مواساةّ طفلّ لهاّ يحاولّ جاهدا أن يساعدهاّ بطريقتهّ فّابتسمتّ بخفـةّ ثمّ
استدارتّ نحوهّ ربتتّ على خصلات شعرهّ الأشقرّ و لمّ تقلّ شيئاّ حينهاّ ترددّ أليكس أكثرّ فيّ عرضّ مساعدتهّ لكنه استسلمّ لرغبتهّ القـوية
وّ جلسّ أمامهاّ ينظر إليهاّ بجدية شديدةّ فضحكتّ ماريّ و كادتّ أنّ تّمازحه لولا أنّ أليكساندرّ بادر فيّ الكلام أولاّ بنبرة جادّة
ـ أنـا أعلم الكثيرّ .. أستطيعّ أن أسلبّ جميعّ أموالهمّ ماريّ سّأنتقم لكّ من أي شخص تريدينّ كل ما عـليكّ قوله هوّ نعـمّ أعطنيّ الموافقة
لمساعدتكّ ،
كلماتهّ نبرتهّ الجادّة و عينيهّ الحادتين هؤلاءّ بّأكملهاّ ليستّ ملامح تناسبّ فتى بعمرّ الحادية عشرّ بكلّ تأكيدّ فقطبتّ ماريّ حاجبيهاّ مستغـربةّ
أمرهّ إذّ أنه بدى جاداّ للغايةّ لكنهاّ رأتّ أنه مهما كانّ جاداّ فهو مجردّ طفلّ لكيّّ تربت على رأسه مجددا ّقائلة برفق
ـ لوّ كان الأمرّ ليّ لكنتّ جعلتكّ تعيشّ حياةّ خاليةّ من أيّ بغض أو حقدّ لذاّ أرجوكّ لاّ تدعّ هذّه الأفكارّ تتغلغلّ إلىّ عـقلكّ ابقى بريئا
لمّ يكنّ أليكساندرّ ليومئ إيجاباّ ليسّ و هيّ بمثلّ هذّه الحالةّ على شفاه الانهيار لكنّ و لكونه مجردّ طفـل بأعين الغيرّ فلمّ يجد كلمـةّ أو حلاّ
ليواسيهاّ غيرّ أنه لمّ يعلمّ بأن مجردّ تواجدّه بجانبهاّ يكفيهاّ ، ابتسمتّ ماريّ بهدوءّ و هي تربت علىّ خصلات شعرهّ الأشقرّ بعشوائيةّ ثمّ أرادتّ
الوقوفّ للاستعدادّ لأجلّ دروسهاّ فيّ الكليةّ عندّما خانتهاّ قدميهاّ مجدداّ و للمرة الألفّ فتوقفتّ عن المحاولةّ و التزمت الصمتّ أغلقت عينيهاّ
لما داهمها ألمّ شديدّ ثمّ اسندتّ رأسهاّ على كتفّ أليكساندرّ الصغير لمّ يعد ينفعهاّ الدواءّ و لمّ تعدّ تستطيعّ الاحتمالّ أكثرّ تعلمّ أنه يوجدّ خللّ ما
فيّ جسدهاّ و تعـلمّ أنهاّ لن تستطيعّ الاستمـرارّ هكذاّ لكنّ ليسّ هناكّ حـلّ آخر لا يجب عليهاّ أن تظهرّ بمظهر الضعيفةّ ماري مجددّا حتى لو
كان الأمر على حسابّ صحتهاّ ،
نـظرّ إليها أليكساندرّ بألمّ هوّ الآخرّ ثمّ رفعّ يده و أخذّ يربتّ على رأسهاّ بحزنّ حينماّ فتحّ بابّ الجناحّ لكي تظهر منّ خلفهّ سوزيّ التيّ أتت مسـرعةّ
إلىّ ماريّ و يبدوا عليهاّ القلقّ الشديدّ كادّت أن تتحدثّ لماّ رن هاتف ّماريّ فنـظرتّ إلىّ إسم المتصـلّ الذيّ لم يكن سوى فرانسواّ ثمّ عـادتّ بأنظارهاّ
ناحيةّ سوزيّ بعدّ ذلكّ أجـابت بنبرةّ هـادئّة
ـ مـرحبـا ..
نـظرّ فـرانسواّ بطرفّ عينه إلىّ نايت الجـالسّ على كـرسيّه خلفّ المكتبّ خصلات شعرهّ الأسودّ تناثرت بعشوائية علىّ وجـههّ عينيهّ مغـلقتين لتنعماّ
بقليلّ من الهدوءّ بينماّ شفتيه تتحركانّ هامستينّ بشيء ماّ قدّ بدى عليه الإرهاقّ كلتاّ قدميه فوقّ المكتب على تلكّ الأوراقّ المكدسةّ تنحنّح فرانسواّ
ثمّ قال بإبتسامةّ
ـ صباح الخير آنسة ماري ..
ألقتّ هي بدورهاّ أيضاّ تحية الصباحّ ثـمّ وضعتّ الهاتفّ على مكبرّ الصوتّ قدّ جلست بجانبهاّ سوزيّ التي حيتـّه بّمرحّ سألهماّ عنّ أحوالهماّ
لكنهّ رفـضّ الإجابة عنّ أيّ سؤال تـطرحّه ماريّ بلّ يكتفيّ فقطّ بالابتسامّ و تـغييرّ الموضوعّ ثمّ أخيـراّ إنتقلّ إلىّ هـدفّ من اتصاله ، تحدثّ
بنبرةّ جادةّ
ـ يبدوا أن السيدة إليزابيثّ تّريد أن تقيمّ حـفلّة و ليسّ أيّ حفلةّ كلناّ نعـلمّ جيداّ أنّ مصيرّ رئيسّ لبيرّ قريبّ جداّ و هذّه الحفلة من أجلّ كسبّ حلفاءّ
جددّ بكل تأكيدّ بالرغم من أنه لم يكن يجدر بهاّ القيامّ بأيّ احتفال احتراما لموت السيد بيتر لكنّ يبدوا أنهاّ تستغلّ فـرصةّ نجاحهاّ في مهنتهاّ لكي
تتضرع بذلك النجاحّ ..
أخفضتّ ماريّ رأسهاّ للأسفلّ بّغيضّ بالرغم من أن طريقة إليزابيث ملتوية ليستّ سليمة لكنهاّ تبذل جهدها لمساندةّ زوجهاّ كايلّ على عكسهاّ تماماّ
هي دوما ما تنجحّ فيّ طرقهاّ و بالرغم من أنه لا يفترضّ بها أن تشعر بالغيرةّ منهاّ إلاّ أنها تفعلّ فزفرتّ ماريّ بّحدة ألقت ظهرها على الأرضّ لكيّ
يكمل فرانسوا كلامه بجديةّ
ـ و بماّ أنهاّ تـفعل هذاّ فقد قررّ السيد نايت استغلال الأمرّ أيضاّ سوفّ ندعوا نحن معارفناّ للاحتـفالّ ليسّ احتفالا بمعنى الكلمة إذّ أنه اجتماعّ عمليّ
لذلكّ أريد منك يا آنسة ماري أن تشرفيّ على الأمورّ لحين عودة السيد نايت من فـضلكّ ..
لمّ تجـبه ماريّ بل التزمت الصمتّ فقطّ عابسةّ بملامحهاّ قدّ بدى عليهاّ عدم القـناعةّ هذّه الفكرةّ ليست بكلّ تأكيدّ من قبلّ نايت فّهو لن يطلبّ مساعدتهاّ
حتى لوّ كان الأمر يعنيّ موتهّ مماّ يعنيّ أن فرانسواّ يحاول أن يصلح ّبينهماّ تنهدتّ فيّ حين رمقتهاّ سوزي بتوترّ لكيّ تتحدث ماريّ بنبرةّ هـادئةّ
ـ حسنا إذن أرسل تعـليماتّ إلى سوزي سوف أحرص على تطبيقّ كل شيء إلى اللقاءّ إذن ..
أغـلقت السماعةّ بعدّ ذلكّ أمالتّ بجسدهاّ لكيّ تستلقيّ أرضاّ مغـلقة عينيهاّ لا تملك القدرة على الوقوفّ على قدميهاّ أو فيّ وجه إليزابيثّ لكن ستحاولّ
أن تنفذ تعليماتهّ لن تخسرّ شيئاّ ، نـظر إليهاّ أليكساندر بقلقّ بعدماّ رن هاتفّ معلنا عن وصولّ رسّالة نصيةّ ثمّ اقتربّ منهاّ مدّ يدّه نحوهاّ عندّما
شعرت ماري بوجود شخصّ أمامهاّ فتحتّ عينيهاّ الواسعتينّ لكي تبتسمّ بخفوتّ لأليكساندر ثمّ أمسكتّ يده فّساعدها على الجـلوسّ بجديةّ أيضاّ اقتربت
منهاّ سوزيّ محاولة أنّ تشجعها هيّ الأخرى حينماّ قالّ بنبـرته البـريئةّ الحمـاسيةّ
ـ لاّ تقلقيّ ماريّ نحن سنساعدكّ هذّه المرةّ كل شيءّ سيسير على ما يرامّ..
استسلمتّ ماريّ لهماّ بسرعةّ وّ قدّ دب الحماسّ فيّ قلبهاّ أجلّ يمكنهاّ دوما المحـاّولة فأرادت الوقوفّ عندّما أدركتّ أن الخدرّ الذيّ يغـزوا قدميهاّ لم
يختفيّ بعد لاّ بل أطالّ المدةّ أكثرّ فاختفتّ ابتسامتهاّ و تلاشت قّوتهاّ شـعورّ بالعجزّ يداهمهاّ تلكّ النظرات الساخرةّ باتجاهها لنّ تستطيعّ تحملّ الأمرّ
مجدداّ كتمتّ أنفاسهاّ عندّما لاحظّ الاثنينّ تغيرّ ملامحهاّ لاّ بجب عليهاّ الاستسلامّ الآن فقد ّقدمتّ لها فرصةّ آخرى لكيّ تظهرّ للمجتمعّ كـزوجـة نايت
لبيرّ الذيّ يهابه الكلّ لن تسامحّ نفسهاّ إنّ رمقوها بشفقةّ ، ضغطتّ علىّ شفتيهاّ بّقسوة وّ بواسطةّ يدهاّ استطاعتّ الـوقوفّ ، نـظرتّ إلى جسدهاّ
الذيّ أهملته ثمّ إلىّ خصلات شعرهاّ البنيّ الذي بدأ مقصفاّ بعدّ ذلكّ قـالت بنبرةّ متوترةّ
ـ أ .. ربمـا يجب عليناّ أن نذهب إلى صـالة التجميل أولاّ أبدوا كّالأمواتّ الأحياء
غمزتّ بعينهاّ إلّى سوزيّ ثمّ تـركتّ شعرها يسدل على وجههاّ و هيّ تصدرّ صوتاّ خفيفاّ كالأفعىّ و هيّ تقفزّ على أليكساندر الذيّ ركـضّ مبتعداّ
أخذتّ تـضحكّ ببحـةّ محاولةّ أن تمسكّه بينماّ هوّ يستمرّ بالابتعادّ فيّ حين تنهدتّ سوزيّ بقلة حيلةّ و هي تـرفعّ هاتفهاّ لكيّ تتصلّ بـصالون التجميلّ
كيّ تحجزه منّ أجلّ سيدتهـاّ ..

/

إمرأة فيّ بداية العشرينات ذاتّ شعر أشقرّ مسدول على ظهرهاّ بكلّ عفوانية تنهدتّ بقلةّ حيلة قدّ بدى عليهاّ التـردد الشديدّ إذّ هاهي تقفّ
أمامّ المبنى غير ّقادرة علىّ القيامّ بالخـطّوة الأولىّ زمتّ شفتيهاّ بعبوسّ يجب عليهاّ أن تفعـل هـذاّ من أجل مصّلحة الجميعّ لكنهاّ لا تملك ّ
الشجاعةّ لمواجـهةّ أخيها ، كتمتّ أنفاسهاّ بعدّ ذلك عـقدتّ العـزم على أنّ تتقدمّ فالوقت يداهمهاّ اتجهت عابرةّ شقق الأولى إلى باب شقة
أخيهاّ آرثرّ دقتّ بهدوءّ لكن لم يجبّ أحدّ فعادت تدقّ و تـرن الجرسّ في آن واحدّ قد بدى عليهاّ الغـضبّ قليلاّ لكن لمّ يجب أحدّ أيضاّ ..
استمرتّ برن الجرسّ دون توقفّ قد سئمتّ من هـروب آرثر منهاّ كما لو كأنها وحش على وشك الانقضاض عليهّ ألا يحق لها معـرفة
أحواله ؟ ألا يحق لها أن يشاركها فيّ خـططه ؟ ألم تكن هي أول من يسانده ؟ ألم تكن هيّ من طلب من والدهما إعادته ؟ لماذاّ يتجاهلهاّ
هـذا الأبله ؟ و لماذاّ يتصرف لوحدّه ؟ انتـقل إلى مسامعهاّ صوت فـلورا الهادئّ من خلفهاّ
ـ إنهّ ليس هنا منـذّ آخر لقاء لي معـه غـادر الشقة و لم يعد حتى الآن .. أعتقد أنه يتجنبني
جفلت كلير بّدهشة و استـدارت ناحـية فلوراّ كانت ترتديّ سروال جينز وّ حذاءاّ أسود اللون طويل معّ قميص قطني كعادتهاّ بمظهرها الصبيانيّ
تلمّ خصلات شعرهاّ الأصهبّ للخلفّ تاركةّ فذلتها فقطّ و تضعّ قبعـةّ زرقاءّ لمّ تتحدث كليرّ بل إكتفت فقطّ برسم بسمة خفيفة على شفتيها و هي
تشكرهاّ ثمّ أرادت أن تعـود أدراجهاّ إذ أن فلورا أوضحتّ بأنها لا ترغب أبدا فيّ أن تتدخل كلير بحياتهاّ أو أن ترى ماري مجدداّ لذا تصرفها هذا
ما هو إلا تلبية لطلبها الواضحّ عندما أوقفتها فلورا فجأة و هي تقول بّهدوء
ـ كـلير أريد التحدث معكّ ..
كتمتّ الأخيرة أنفاسهاّ قد بدى عليها التوتر الشديدّ أيجب عليهاّ القـبول أم الـرفض ؟ لقدّ كانت تعرف فلورا منذّ أن كانا صغيرتين و هي تتميز
بالطابعّ العـنيفّ الصبيانيّ ربماّ ستنهل عليهاّ ضربا إن كانت تعلم أنها لا زالت تتجول برفقة ماري ، تلعثمت محاولة أن ترفضّ الدعـوة لكن
فلورا قالت ببرود و هي تفتح باب شقتها
ـ لا تقلقي سيكون الأمر سريعاّ.. لن آخذ الكثير من وقتك
مباشرةّ بعد فتحهاّ لباب شقتهاّ خرجّ رجل شابّ معتـذراّ من فـلوراّ و هوّ يشير على هاتفهّ فودعته الأخيرةّ بّهدوء ثمّ فتحّت البابّ على وسعه
مشيرة لكلير بالدخولّ التي قطبتّ حاجبيها دهشة من رؤيتها لذلك الشابّ لم يكن ويليامّ بكل تأكيد كان صغيراّ أيضاّ و يبدوا .. قبلّ أن تقفز إلى
أي استنتاجّ أجابتها فلورا بّبرود
ـ إنه المحامي الذيّ كفـله نايتّ بقضيتيّ لا داعيّ لتخيلات الجامحّة و هلا أسرعتّ بالدخول ؟ الجو باردّ
أومأت كلير مرتبكةّ و هي تسير خلفّ فلوراّ ثمّ جلست على الأريكة في غـرفة المعـيشةّ بّلباقة و إحترام أكثرّ من اللازم قدّ لاحظتّ وجود الكثير
من الأوراق على الطـاولة مبعثرة بكل مكان أغلبهاّ تتعلق بّملكية المنزل أيضاّ توجد جـريدةّ ما قديمةّ بهاّ أخبار تتعلق بعائلتها غلوري و تحديداّ
آخيها آرثر وّ إشاعات طرده والده من ميراثه و المنزل بأكملهّ كتمت كلير أنفاسها قد بدأت تشعر بالقلقّ أيعقل أن فلورا جادة فيّ الانتقام من آرثر
؟ بالطبع هي جادة فحسبّ أقوال ماري فإن آرثر خدعّ فلورا ليجعلها توقع على أوراق مزورة ثمّ الآن هو يطالبها بنقود وهمية أيضاّ هو تابعّ
المخلص لديميتريّ ،
بـعد فترة أتتّ فلورا من المطبخ حاملة أكوابا من الشايّ دفعت تلك الأوراق جانبا على الأرض و وضعت الصينية ثمّ مدت الكوب الساخن ناحية
كليرّ لكي تـجلس هي أمامهاّ و عينيهاّ الحادتين تحدقان بهاّ دون كلل أو مللّ ، تحدثت كلير بتوتر
ـ حسناّ .. أنا هـناّ ، أخبريني ما الذي تريدينه ؟
نـظرتّ إليهاّ فلورا لوهلة ثمّ حكتّ جبينهاّ دون أن تجيبهاّ قد بدى عليهاّ التوترّ قبلّ أن ترتشف القليل من الشايّ هناكّ شيءّ يثير قلقهاّ و هـذاّ
الشيءّ .. يتعـلقّ بأختهاّ ، تنحنحتّ فلوراّ بتوتر قبلّ أن تسألها بنبرة خـافتةّ مترددةّ
ـ مـاري .. لقدّ سمعتّ من سوزي أنكّ صرتّ ترافقينها كثيراّ هـذّه الأيامّ
شحبّ وجه كلير كلياّ قدّ بدى عليهاّ الخـوفّ لمنّ لا يـعلمّ فإن فـلورا و حالماّ تغضبّ فهي تلجأ للعنفّ دوماّ لذلكّ تلعثمت محاولة أن تعتذرّ غـيرّ أن
فـلورا لم تـرى مدى خوفهاّ بلّ كانتّ هي الأخرى مرتبكة بدورهاّ تحدثتّ مجدداّ بنبرةّ هادئة
ـ إن ماريّ كيفّ يمكنني قـول ذلكّ ؟ .. هل تعاني منّ مشـكلة ما ؟ أنت تبدين الأقربّ إليها من بيننا جميعاّ في هذّه الفترة و يبدوا أنهاّ تخفي شيئاّ
عنيّ لكن لا أستطيعّ أن أجدّ الوقتّ المناسبّ لكيّ أسألهاّ لذلكّ إن كنت تعرفين شيئاّ أرجوك أخبريني
فتحتّ كلير عينيها على وسعهما بدهشة فـلوراّ تسألهاّ عن ماريّ ؟ ما الذيّ يحدث هناّ ؟ أخفضتّ رأسهاّ للأسفلّ قدّ بدى عليهاّ التـوترّ الشديدّ
صحيحّ أنها الأقربّ إلىّ ماري حالياّ لكن هذاّ لا يعنيّ أبدا أنها تعلمّ ما بهاّ ، قـالت بنبرةّ متأسفةّ
ـ أعلمّ أنني أبدوا الأقربّ إليهاّ لكن هذاّ لا يعني أبدا أنها تطلعني على أسرارها فلورا .. أنـا أسفة يبدوا أنني لا أستطيعّ أن أساعدكّ
قطبتّ فلورا حاجبيهاّ بإنزعاجّ هناك شيءّ تخفيه ماريّ شيءّ أكبرّ ذو أهمية تـرفضّ أن تخبرّ أحداّ به ، هذا ما لحظتـه عندماّ رأتهاّ فيّ الحـديقةّ
تبتسمّ بلطفّ كعادتهاّ لما تحاولّ الهربّ من أي مشكلةّ تلكّ النبرةّ الهادئةّ طريقتهاّ فيّ إمساك قبضتهاّ ماريّ تعاني مجدداّ هـذاّ واضحّ لكنّ ما الذي
عليهاّ فعله الآن ؟ هما لم يعودا قريبتين كمـاّ كاناّ سابقاّ ، وقفتّ بّتوتر ما الذي عليهاّ فعله ؟ رمقتها كلير بترددّ ثم قالت مرتبكة
ـ لا أعتقدّ أن ماري تخفي شيئاّ فلوراّ ، إنها فقطّ غـريبة بطبيعتها
هـذا ليسّ صحيحاّ أبداّ عـادتّ فلورا تجلسّ بتوتر علىّ الأريكةّ البنيةّ مفكرةّ فيّ عائلتهاّ الكل يخفيّ الأسرارّ عن الآخرّ نعمّ حتىّ هي تخفيّ أسراراّ
أجلّ فحبهاّ لويليامّ يعتبرّ سراّ لا يجب أبدا البوح به حتىّ لنفسهاّ لذلكّ إن كانت ماري .. قطعتّ حبل أفكارهاّ وقوف كليرّ التيّ انحنت بلباقةّ و
هي تقولّ بنبرةّ هادئةّ متوترةّ
ـ أعـلمّ جيدا أننيّ لا أملك حق التدخلّ لكن فـلورا إن ماري ليست بذلك الضعف الذي تبدوا عليهّ هي تجيدّ الاعتناءّ بنفسهاّ لو أعطيت
لها الفـرصة أعنيّ ..
عـادت فلورا تقفّ و قد بدت غـاضبة للغايةّ مما جعل كليرّ تنسحبّ للخلف بخطوتينّ فيّ حين إزداد غضبّ الأخرى أكثرّ و أكثر ليسّ على كليّر و
لا على قضيتهاّ أو كونهاّ قد تزج بالسجن قريباّ أو كونّ ويليامّ لا يراها من ناحيةّ رومانسيةّ بقدرّ ما كون تصرفات ماريّ الغـريبة تسعر النيران
فيّ قلبهاّ ، صاحتّ بنبرةّ حادة مبحوحةّ
ـ إنهاّ أختي الصغرى لما قد أدعها تعتي بنفسها و أنا موجودة ؟
نـظرتّ إليهاّ كلير بهـدوء عينيهاّ تراقبانّ ملامحّ فلورا الحـادّة التيّ تكاد تفقد أعصابهاّ أخفضتّ رأسهاّ للأسفلّ محاولة أنّ تكبح تلك ّالكلماتّ
التي تحاولّ جاهدةّ نطقهاّ لكنها لم تستطعّ فسرعان ماّ نـظرتّ إلى فلوراّ قـائلة بنبرةّ هـادئةّ جعـلتهاّ تصدمّ
ـ لأنكّ لم تكوني دوماّ موجودة ..
رمقتهاّ فلورا بصدمـة واضحةّ ـ لأنها لمّ تكون دوما موجودّة ـ تلكّ الحقيقةّ تلكّ الكلماتّ كّأن ماريّ من قالتها لهاّ كتمتّ دموعهاّ ما الذيّ كان
عليها فعله إذن ؟ والدها كان يحتضرّ فيّ كل ثانيةّ تمرّ يرغب فيّ رؤية والدتهما للمرةّ الآخيرة و سيليا مختفـيةّ دون آثرّ ما الذي كان عليها
فعله ؟ تركّ والدها يعانيّ لوحدّه و تأتي لكيّ تكون بجانب ماري ؟ لن تستطيعّ أن تختار فرد من أفراد عائلتها عن الآخرّ لكنها تعلمّ من يحتاجها
أكثرّ و في ذلكّ الوقت كان جوناثان هوّ الأمسّ لهاّ ، حـملتّ كليرّ حقيبتهاّ قـائلة بّنبرة هـادئة
ـ هـذا ما أنتّ تفعلينه الآن فلوراّ .. أنتّ تبتعدين عنهاّ ، لمّ يفت الآوان بعدّ يمكنك دوما أن تصنعيّ مكانكّ بجانبهاّ فماري من نحن نتحدثّ عنهاّ
ستسامحّ الكـلّ على حسابّ نفسهاّ ..
صمتتّ فلوراّ غيرّ مجيبةّ بينماّ تنهدتّ كليرّ بأسىّ إنها تفهمّ شعور فلوراّ جيداّ فهي أيضاّ تحاول الوصولّ إلى آرثرّ أن تجدّ السببّ الذيّ جعله
يتغيرّ يصبحّ بهذّه القسوة و عدم المبالاةّ لكنه لا ينفك الهروب منهاّ لذلكّ هي تـريدّ من فلورا أن تحاولّ ما دامت قادرة على ذلكّ لكيّ لا تندم
فيّ المستقبلّ ، رفعتّ أوراقاّ ما مبتسمـةّ بخفـة قائلة
ـ أنا ذاهبة إليها الآن لكيّ أوصل لها هذّه الملاحظاتّ يمكنك القدوم معيّ إن أردتّ..
زمتّ فلوراّ شفتيهاّ غيرّ مصدقة أن كليرّ تعضهاّ الآن فّاتجهتّ بّكبرياءّ إلىّ الغـرفة ثمّ أخذتّ معطفهاّ بعدّ ذلكّ سارت أمامّ كليرّ عـابسة الملامحّ
و هي تتجّه بخـطواتّ غـاضبةّ ظاهرياّ فقطّ إلىّ سيارة كليرّ المركونة أسفل ّالمبنى




عـينينّ داكنتينّ زرقاوتين جالتاّ في أنحاءّ المكانّ مقيمتينّ إياهّ بنـظرة شاّملة متفحصة رفـعّ قبعتهّ عنّ وجههّ قـليلاّ لكي تـظهر مـلامحّه بـشرة
شـاحبةّ أنفّ مسلولّ و شفتين ّتهمسانّ بشيءّ ما لرجل الذيّ بجانبهّ ، كان فيّ غـاية الوسامـةّ طـويلّ القـامة نـظراته اللا مباليةّ طـريقة اختياره
لملابسه كلّ شيء به يلفتّ النساءّ إليهّ لم يكن أحدّ سوى نايتّ لبيرّ الـرجلّ المعـروفّ بدهائه ذكـاءه وّ وسامتهّ لمّ يزدهّ زواجه إلاّ شهرةّ بينّ
النساءّ سعياّ نحوه أكثرّ قطبّ حاجبيه بعدم راحـة و هو ينـظرّ إلّى ساعة بين معصمهّ لقدّ طالّ الوقتّ و لمّ يأتي زبونهمّ حتى الآن ..
لقدّ وصلاّ تواّ من بـاريس و ها هماّ الآن قد عادا إلى لندن يقفان فيّ المطارّ بانتظار زبائنهمّ حيثّ حرصّ بنفسه على استقبالهمّ لكنّ يبدوا أنهمّ
ستهينون بهّ لّصغر سنه زفـرّ بحدةّ ثمّ عـاد ينظر إلىّ ساعتهّ ، لديه الكثيرّ لينجـزه و لا يملكّ الوقتّ لانتظارهمّ هناّ جذبّ سترته التي كان يمسكها
فـرانسواّ و ارتداها بهدوءّ وسط نـظراتّ حـراسه المتسائلةّ ثمّ تحدثّ بنبرةّ بـاردةّ
ـ أرسل سيارةّ لجلب ويليام إلى هنا ..
أومأ فرانسواّ دون نقاشّ ثمّ أشار لرجل الذيّ خلفه لكيّ يسرع بّالمغادرةّ تنفيذا لأوامرّ سيدهمّ بينما اتجه نايت إلى قـاعة الانتـظارّ ثمّ جلسّ على
إحدى المقاعد المنتشرةّ بعدّ ذلك طلبّ كوباّ من القـهوةّ ، أخفضّ رأسهّ قليلّا للأسفلّ لكي لا يلفت الانتباه بالرغم من أن كل ما فعله هوّ رغـبة
النساء الجالسات بجانبه برؤية وجههّ أكثرّ ،
تنهدّ واضعاّ قدما على الأخرىّ بّقلة صبرّ إذ دام على انتظارهم ساعتينّ تـباّ هو يحتاج إلى القليل من النومّ فقد مرت يومين لم يذق فيهما طعما
لراحة قـاوم رغبته في إغلاق عينيهّ و أمال رأسهّ للخلفّ لكي تسقطّ قبعتهّ و يتناثر خصلات شعره الأسود الحريريّ على جبهته قطبّ حاجبيه
و رفع خصلة ماّ إنه يحتاجّ إلى القصّ ، لقد أهمل نفسه كثيـراّ فلم يلاحظّ ازدياد طـول شعر أوّ شحوب بدنه أكثرّ ..
وقفّ فرانسواّ بجانبهّ رافعا هاتفه بينّ يديهّ مرسلاّ تعليماتّ إلى سوزيّ يبدوا و حسبّ رسائلها النصيةّ فإن إليزابيثّ تخططّ لإقامة حفـلة من أجلّ
نجاحهاّ لكن قائمة الحـضور غـريبة قليلاّ فهي لا تحتوي على صديقاتها العارضات فقطّ و إنما على أكبر عدد من رجال الأعمال استطاعتّ
إليزابيث أن تجلبهمّ يبدوا أنها تخططّ للحصول على دعمهم من أجل كايلّ ، حسناّ دعوة الـمزيد لن يضرّ بكل تأكيدّ ..
فجـأةّ وصلته رسـالة أخرى لكي يرن هاتفهّ نـظر فرانسوا إلى محتواها سرعان ماّ كتم ضحكته و هو يرى صورةّ لكل من سوزي و ماري أيضا
أليكساندرّ كان الثـلاثة يضعون أقنعةّ للوجه بطلب من ماريّ و يأكلون الخيار تحتّ عـنوان رحلة إلى صالون التجميلّ ، تنحنح بخفة لكي لا ّيجذب
اهتمام نحوه ثمّ استأذن مبتعدا بهدوء بـعد ذلكّ اتصل بسوزي قائلا بضحكةّ
ـ ما الذي تفعلونه ؟
نـظرت سوزي إلى مـاريّ التي تغمسّ قطع الخيارّ المفترض وضعها على وجهها فيّ كريما الفانيلا ثمّ تتناولهاّ بّاستمتاعّ بينماّ أليكساندر يحاول
منعها ثمّ أجابته بابتسامة
ـ أحاول أن أرفه عن سيدة ماري قـليلاّ.. أجل لقدّ نفذتّ كل ما طلبته قاعـة الاجتماعاتّ جاهزة أيضا استقبالهم سيتم على أحسن وجه وّ بالنسبة
لإليزابيثّ يمكنك مراقبة ما تفعله بواسطة هاتفكّ لقدّ أرسلتّ لك الشفرة .. لحـظةّ أنظر فرانسواّ
رفعتّ هاتفهاّ و شغلت الكاميرا لكيّ توجهها إلى ماريّ و أليكساندر حيثّ كان الاثنين مستلقيين يضعان نظرات شمسية و يشربان العصيرّ بّهدوء
لكن لم يّدم ذلك الهدوء سوىّ ثوانيّ فهاهي ماريّ تقفّ و هي تلمسّ قناع وجهها بريبة بعدّ ذلكّ شهقت بـرعبّ و هي تـرى هاتف سوزي الموجه
نحوهاّ صاحتّ بخوف
ـ سوزي ما الذي تفعلينه ؟ تـباّ أليكس إنها تقوم بتسجيلناّ
شحبّ وجه أليكساندر و أدار وجهه ببطء ناحية سوزيّ بعدّ ذلك شهقّ برعب تباّ هذّه الذكرى لا يريدها أن تسجل على الإطلاقّ يكفيه مذلةّ لقد
سحب إلى هنا رغما عنه و أضطر لوضع هذا القناع ثمّ جلسة تقليم أظافر و الآن تسجيله لا لن يسمح بحدوث هذاّ صاح بنبرة حادة
ـ أيتها الخائنة ..
قبلّ أن تدركّ سوزي ماّ الذيّ حدثّ لهماّ وجدتّ هاتفها أخذّ منهاّ لكيّ تغلقّ المحادثةّ كتمّ فرانسواّ ضحكتهّ ثمّ عـاد إلىّ موقعهّ ، التواجدّ بقرب ماري
دوما ما يوقعهم فيّ المشاكلّ حتىّ لو لم تكن تلكّ غايتها لكنها بطريقة أو بأخرى تجعلهم ينسون مهمتهم و ينغـمسون بخططّها و يشاركونهاّ أفكارهاّ
تماما كما تفعل سوزيّ الآنّ على عكسّ شخص ما يعـرفه ، رمقه نايتّ ببرودّ ثم أشـار علىّ كوب قـهوة لكيّ يغادر حارس ملبياّ له طلبّه بعدّ فـترةّ
كان نايت يحتسي الكوبّ الثالثّ من القهوة و هوّ ينتظرّ بفارغّ الصبرّ قدومّ زبائنهّ عنـدماّ لمحّ من طرفّ عينه ويليامّ قادماّ بـرفقةّ حـارسينّ بدت
عليهّ تعبير القلقّ و الاضطراب حالماّ وصلّ نـظر إلى نايت الجالسّ بإستغرابّ ثمّ قال بدهشة
ـ لكن ما الذي يحدث ؟ لقدّ ظننت أنكّ على وشك الموتّ إثر رسـالة النصية التي أرسلهاّ فرانسواّ .. لكنّ أنت تبـدوا حيا
رمـقهّ نايت ببرود حينّ اقترب منه حارسّ كان برفقة ويليامّ و همسّ له بشيءّ ماّ لكي يّومئ الأخير بالإيجاب قدّ أدركّ الأمرّ حيثّ أن ويليام
كان في وسطّ جلسة تصوير مهمة عندما وصل حراسه و لأنهم لم يجدوا طريقة لجلبهّ فاختلقوا أمرّ إصابة نايت بـتلفيق من طرف فرانسوا
أيضاّ ، تحدث نايت بّنبرته المبحوحة
ـ لم تكن توجد طريقة أخرى لجلبك ..
قطبّ ويليام قدّ احمر وجهه غـضبا استدار معطياّ نايت ظهره كاتما أنفاسه هو يدرك أن الجدال مع صديقه بلا فائدة لأنه سينفذ ما يخطر في
باله في النهاية مهما تطلب الأمر حتى أن حراسه أصبحوا مثله تماما ، بعد أن هدأ أعصابه جلس بجانب نايت راسما على شفتيه ابتسامة
هادئة و هو يقول بنبرة مرحة
ـ يستحسن أن يكون السبب خلف إحضاري جيدا إن كنت تقدر قيمة الحياة ..
كانت نـظراتّ نايت البـاردة الجافة مصوبة نحو ويليام دون أيّ يرمش عندما هـز رأسه نفيا إجابة على سؤاله حينها تأوه ويليام بإرهاق و
التزم الصمت طوال فترة جلوسهما معاّ بينماّ ابتسم فرانسوا بخفة ، أجل على عكس ماري فإن نايت ينفذ أوامره طلباته رغما عن أنف الكل
برضاهم أو بغير ذلك مما يجعل الحـرس يهابونه فيلجئون إلى أي طريقة أو سبيل من أجل تنفيذ أوامره فقط لتجنب غـضبه ..
تنهدّ ويليام و جلس بجانبه رغما عنه لاّ سبيل للعودة الآن فقد صرح من عـمله و ما دام هوّ هنا فسوف يستغل الأمرّ إذ مرت مدة طويلة لم يبقى
الاثنين لوحدهماّ قبل أن يتحدث ويليام عما يجول بخاطره سبقه فرانسوا بنبرة متسائلة
ـ سيدي أتعتقد أن إليزابيث تخطط لشيء آخر ؟ غـير حفـلة تكريم نجاحها طبـعا ؟
دون أن يضطر نايت فعـلاّ للكلام كانت الإجابة واضحةّ إليزابيثّ لا تخطط إلى هذه الحفلة من أجل التكريم فقط و أمر كون هذه الحفلة مفاجئة و
موعدها سريا لهم حتى أنهم أفراد القصر بنفسه لم يعـرفوا عنهاّ فهذا يزيد من احتمالية وجود شيء أكبر خلفهاّ ، خصوصا بـعد أن قام فرانسوا
بتحرياته عنهاّ و عـلمه بّأن كايل قد أنشأ شركة لتصميم و الأزياء بأسهمه دون أن تكون هوية هذا المدير واضحة للعيان ، قطب ويليام و أجـاب عن
سؤال فرانسوا باستغراب
ـ لكن و منذ متى ؟ هل توجد حفلة اليوم ؟
أومأ فرانسوا إيجابا إنها مفاجئة لهم فقطّ لكن كل المـدعوين إليها عـلموا بّشأن موعدهاّ مسبقاّ ، فجأة رن هاتف نايت مـجدداّ للـمرة الألفّ من قبل
نفسّ المتصل الذيّ ظل يلح عليه طوال مدة غـيابه و لم يكن أحد غير إليزابيثّ التي استمرت بالاتصال و إرسال رسائل نصية تـخبرها بحاجتها
الماسة إليه أيضاّ أن وجوده ضرورياّ ، أخذ ويليام الهاتف من بين يد نايت و نـظر إلى إسم المتصل قبل أن يكشر عن أسنانه بغضب وّ غيضّ قال بّحدة
ـ لماذا إليزابيث تتصل بك ؟
تجاهله نايتّ ببّرود و هو يشير على كوب القهوة لكي يسرع الحارسّ بتنفيذ طلبه و قد بدأ فعلا يغتاظ منّ طلباته التي لا تنتهيّ إذ يبدوا أن مزاجه
عكر فيّ حين إزداد غـضبّ ويليام ليسّ بيده حيلة فهو يكره إليزابيثّ منذ بداية تعارفهما تحدث بنبرة حادةّ
ـ أنت لم تعد لأنها طلبت منك ذلك أليس كذلك ؟
تـّوقف نايت عنّ العـبثّ بكوب القّهوة الفـارغة و هو يـرمقّ ويليام بنـظراتّ بـاردة هـادئةّ نـبرةّ ويليامّ كانت محـذّرة مـليئةّ بالغـضبّ جعـّلته يستدير
نـحوه لاّ إرادياّ ، مـا المغزى من خلف كلماته هذهّ ؟ أجابه نايت بنبرةّ بـاردة مبحـوحةّ
ـ مـا الذيّ تعنيه ؟
لمّ يكن مضطراّ ويليام لشرحّ معنى كلماتهّ فقد كانت واضحةّ حيثّ إذ ما تعـلق الأمر بإليزابيثّ فإن نايت حتىّ لو لم يكن يرغب في ذلكّ حتىّ لو لمّ
يكن لديه الـوقت فإنه يجد الوقت دوماّ لأجلهاّ هـذا ما كان عليه قـديماّ عـندّما تحدثّ نايت بنبرةّ بـاردة حادةّ
ـ تـوقف عنّ الـهراءّ ، هلّ فقدت عـقلك أم ماذا ؟
نـظرّ إليه ويليام بشك فيّ حين تـجاهله نايتّ و هو يرتشفّ كوب قهوته الـرابعةّ فتنهد بّقلة حيلة إن كان قد تجاوز صدمة خيانة إليزابيثّ له و إن
كان قدّ تخطاهاّ فّلماذا لا يلتفت لماري ؟ إنهاّ تحبه بّصدق و تـرغبّ فعلاّ بأن تكون دوما إلى جانبه لطالما ساندته طـوال فترة تمثيليتهما حتى بعدّ أن
سلمت الـمال له بقيت مخلصة لهّ إذن لما لا يلتفت إليها ؟ قال بنبرة متضايقة
ـ ماذا عن ماري ؟ ما الذي تعنيه لك ؟
سقطّ كوب القـهوة على الأرضّ مصدرا ّفوضىّ عنـدما استدار نايت ناحيتهّ عينيه داكنتينّ احتدتا بّغضب فبلع ويليام ريـقه بتوترّ لابد أنه استاء من
أسئلته الكـثيرةّ حين أنه يعلم جيدا أن صديقه نادراّ ما يجيب عن أسئلة أحدّ إذ يتـركّ الغيرّ يعتقد ما يريدّ لكن و لكون ويليام صديقه فأجابّ عنهاّ
بّفارغّ الصبرّ غـيرّ و إن وصل الأمر بتوضيح عـلاقاته فهو يصبحّ حاد الطبعّ ، زمّ شفتيه بعبوس إن كان قد اختار فتاة واحدةّ عـوضّ تجاهل كلتا
الفتاتين لكان الأمر ّسهلاّ عليهم جميعاّ .. وقفّ نايتّ و هوّ يتحدث بنبرةّ حـادةّ
ـ فـرانسواّ تأكد من حـجز جميعّ الطائراتّ المتوجهة إلى لندن مجدداّ و اتصل بسوزي لتأكد من أن كل شيءّ جاهز أيضاّ أعد ويليام إلى الـقصرّ
ريثماّ أصلّ أنا ستكون الـمضيف الأساسيّ بعد ماريّ ،
بعدّ أن أنهى أوامرهّ غـادرّ غـرفة الانتـظارّ حينهاّ قطبّ ويليامّ بّغضبّ ما الذيّ يظن نفسه فاعلاّ ؟ لماذا يتجاهله ؟ هـذا فعلا ّيثيرّ غـضبه إلى متى
سيستمرّ فيّ تصرفاته الرعناءّ ؟ ألا يدرك خـطورة ما يفعله ؟ الانغماس فيّ رغـبته بالانتقام و تجاهل كل ما حوله غير مهتم بهمّ الأشخاصّ الذيّن
يسعون لإنقاذه ، إلى متى ؟ تنهدّ ويليام بـقلة حيلة ثمّ أخذ يسير مبتعداّ بـرفقته حارسين يبدوا أن لا أحد قادر على تغيرّ كتلة الجليد هذه




آنتهى ـ
__________________