عرض مشاركة واحدة
  #93  
قديم 12-28-2015, 05:56 PM
oud
 
ما كانتّ تـنظرّ إليه لاّ يقارن أبداّ بما رأته سابقاّ كمـاّ لو كأنه حلم يتحققّ على أرضّ الواقـعّ فـابتسمتّ لاّ إرادياّ بينّ يديها تـلكّ الأوراقّ العديدّة أظافرها
مطليةّ باللون الأسودّ ترتديّ فستاناّ قرمزيّ قصيرّ يناسب أحمر شفاههاّ و كعبّ عـاليّ تـضع قـبعةّ فـرنسيةّ حول رأسهاّ و قفازتينّ نـظرتّ نحوّ آرثر الذيّ
يجلسّ علىّ الكرسيّ يـراقبهاّ بـهدوءّ وّ بـعيداّ عنهما قـليلاّ بجانبّ النافذة كانّ يقف أوسكارّ مستندا على الجدارّ الذيّ خلفـهّ مغـمضاّ عينيه بنوعّ من التركيزّ
حينماّ أنطلقتّ ضحكاتّ إليزابيثّ العاليةّ فيّ أرجاءّ الغرفةّ غيرّ مصدقةّ هاهوّ الـسرّ الذيّ رفـضّ ديميتري إعلامهاّ به يقعّ بين يديهاّ ، كانتّ تبتسمّ بكلّ
خبثّ الآنّ وجدتّ نـقطـةّ ضـعفّ ماريّ إنهاّ لاّ تساوي شيئاّ لهما الآنّ يستطيـعونّ تهديدهاّ فقطّ بكشفّ عقدهـاّ مع نايتّ ،
أجلّ لقد استـطاعّ ويليام سابقاّ أن لاّ يدع هذاّ الخبر ينتشرّ لصحافةّ و استطاعّ منعه فيّ آخر لحظةّ لكنّ الآن لن يقدرّ على ذلكّ بهذا ستتشوه سـمعةّ عـائلةّ
روبرت بأكملها و تستطيعّ هي أن تضيفّ بعض التعديلاّت على المقالّ الذيّ ستطرحه الجريدةّ كـأن ماريّ صـائدةّ ثروات مثـلاّ تسعى خلفّ أموال لبيرّ
كذلكّ أختهـاّ التي ألقتّ بذراعيهاّ حول ويليامّ دويلّ حينهاّ سيتخلصانّ من اثنينّ و سيبقى ويليامّ فقطّ أشـارتّ بأناملها علىّ الملفّ قائلةّ بـضحكةّ
ـ أوسكار آلا تـوافقني الرأي ؟ يمكنناّ أنّ ندع الإعلام يهاجمها و نحن سنشاهدّ فقطّ ..
هـزّ أوسكارّ رأسه نفياّ فـنظرتّ إليه بدهشةّ لقدّ كانّ ملتزما الصمتّ طوالّ هذه الفترةّ لمّ يقلّ شيئاّ حينما عـرضّ آرثر الفـكرةّ عليهماّ لكنّ هاهو الآن يعلنّ
رفضه ّزمتّ شفتيها بنوعّ من العصبيةّ حينما اقتربّ منهما بخطواتّ هادئةّ أمسكّ الملفّ ذلكّ و فتـحّه قبلّ أن يرميهّ فيّ نارّ مدفـئةّ شهقتّ إليزابيث بصدمةّ
بينماّ تحدث أوسكارّ بنبرةّ باردةّ
ـ لو يـعلم ديميتري بخـطتكّ هذه لسوفّ يجعلكّ تـسقطين أنتّ أولا قبلهاّ ، ألم تكنّ أوامره واضحةّ بالنسبةّ لكما ؟ مـاريّ خطّ أحمر لاّ يجب علينا تـجاوزهّ
هوّ لا يريدّ تحطيمها بلّ يريد أن يمتلكهاّ و كسبها إلىّ جـانبه ، لذاّ جـدا فكرةّ أفضلّ من هذهّ أو خصماّ آخر ..
نـظرتّ نحوهّ إليزابيثّ بعصبيةّ و أخذتّ يديها ترتجفانّ بكلّ غضبّ ما هو الشيءّ الذي يراه فيهاّ ؟ إن نايت لاّ يحبها هذاّ واضح من خلال العـقدّ الذيّ كان
لديها قبلّ أن يرميه أوسكارّ ، فتلكّ العلاقةّ بين نايت و ماريّ ليست حقيقيةّ على الإطلاقّ و إنما هي مجردّ تمثيليةّ لا أحد يعلم سببهاّ بعدّ أن وجدت الوثيقة
الرسميةّ التي تـؤكدّ صحةّ كلامها رمى أوسكارّ كل شيءّ كما لوّ كـأن .. تحدثّت بنبرةّ حادةّ
ـ ماّ دمنا نـملك الأدلةّ فلما لاّ نهاجمها ؟ إنها الخصمّ الأضعفّ بينهم جميعاّ فـلما لا نستغلّ الأمر ؟
أخفضّ رأسه للأسفلّ متنهدا بقلةّ حيلةّ و هوّ يحكّ جبينه أجلّ كان موافقتها أمرّ سيءّ للغايةّ فـلاّ يجب عليه مهما كانتّ الأوضاعّ مرافقةّ إليزابيث في
خططها حركّ خصلات شعرهّ بـعشوائيةّ و هو يتحدثّ مجددا
ـ أنـتّ من ترينها بالخصمّ الأضعفّ لكن هي ليست كذلّك على الإطلاقّ و كشفّ وثيقة العقدّ فّي الصحفّ لن يزيد الأمر سوى سوءا لناّ لا تنسي أن هوية
ديميتري قد كشفت و هوّ ملاحقّ من قبلّ الإعلامّ و الشرطـةّ في آن واحدّ لذاّ دعينا نتجنبّ و حالياّ أي تعامل مع الإعلامّ ،
زمتّ شفتيها بعصبيةّ ربماّ يكن محقّا فيّ ما قاله لكنّ أهذا يعنيّ أن يقفوا مكتوفي الأياديّ و هو ينتظرون رد نايتّ لهما الصاع بصاعينّ ؟ إنها لن تـقبلّ
أبدا بأن تـخسرّه زفرتّ بحدةّ حينماّ تحدثّ آرثرّ بنبرةّ هادئةّ
ـ أنـا أوافق إليزابيث الرأي دعنـا نشوه سمـعةّ ماريّ و فلورا أولاّ ثم ننتـقلّ بعدها إلىّ ويليامّ ،
زفرّ أوسكار بكلّ حدةّ ما الذيّ لا يفهمانه فيّ أمره بـأن يتجنبوا أيّ اتصـالّ بـالإعلامّ لأن هوية ديميتريّ قد كشفت ؟ ألا ّيدركون المخاطر ّالناجمة عن ذلكّ ؟
لوّ يـعلم ديميتريّ بما يحاولان فعله لسوفّ ينهي أمرهما أولاّ قبلّ ماري و فـلورّا إنه لا يجد أي نقطةّ يستطيعّ التفاهم معهما حولهاّ لما تحدثت إليزابيثّ بضجرّ
ـ لكنّ ما الذيّ تريده أنت أوسكار ؟ نحن هناّ من أجل الإطاحة بهمّ لا أن نختبـئ فيّ الظلام كالخفافيشّ ، هـذه ليست من صفاتيّ ..
ابتسمّ بكل سخريةّ على كلامهاّ أو ليست تـريدّ التخلصّ من ماريّ لأنها تراها قدّ أخذت مكانها كسيدةّ لعائلة لبيير ؟ بالرغم من أنها تعلم الآن جيداّ أن ماريّ
مجردّ واجـهةّ لزواجّ نايت و هي تـنفذّ أوامره ربماّ فيّ الأرجحّ لكنّها تستمر في الإصرار على تحطيمها ؟ تـباّ كم حقد النساءّ فظيع ، هز كتفيه بـعدم مبالاةّ
ثمّ اتجـهّ بخطواتّ بطيئةّ نحو النافذةّ و هو يتحدث بنبرةّ باردةّ
ـ هذه المرأة المدعوةّ بماري التي تتحدثينّ عنها قد حاول ديميتري قبلـكّ تحطيمها لكنه لم يستطعّ ، إنها متمسكةّ جدا بمبادئها على عكسكّ أنت فهي مخلصةّ
لـشخصّ واحدّ حتىّ لو كان الأمر مجرد تمثيليةّ
استـدارّ نحوها يرمقها بـنظراتّ باردةّ حاقدةّ فـتوترت و هيّ تشيحّ بأنظارها بعيدا ّعنه الكلّ هنا يعلم بطبيعتها الخـبيثةّ فّيوما تكونّ برفقتكّ تدعمكّ و غـداّ
ستـكونّ برفقةّ عدوكّ تحاول التخلصّ منكّ ، هذاّ ما يجعلها مكروهة من قبلّ أوسكار بالرغم من أنها لم تخنّ ديميتري أبداّ لكنّ يكفيّ الإطلاعّ على ماضيهاّ
لكنّ يـعلمّ المرء أن الثـقةّ بها أكبرّ خطـأ يرتكبه الإنساّن في حقّ نفسه فإلتزمتّ الصمتّ قدّ إزداد كرههاّ لهذه المرأة المدعوّة بماري بينماّ تنهد آرثر بقلةّ حيلةّ
و هو يحتسيّ قهوته بكلّ هدوءّ البقاّء برفقتهما فيّ نفسّ الغـرفةّ بمثابة الانتحار البطيءّ فإن كانا لاّ يثقان ببعضهما البعضّ و يكرهان بعضهما البعضّ إلى
هذه الدرجةّ فلماّ يتعاونان إذن ؟ تـحدثّ بهدوءّ
ـ ما رأيكما ببعض المقالبّ الخفيفةّ ريثما عودةّ ديميتري ؟
التفت إليه الاثنين ّبنوع من الاستغرابّ فابتسمّ هو بخـفةّ ربما يكونّ صامتاّ منفذاّ للأوامر فيّ كثيرّ من الأحيانّ لكنّه ليس أبلهاّ هو يعلم تماماّ ما يريدّ و كيفّ
يصل إليه و الآن ما يريدّه واضحّ للغـايةّ ، تـخلصّ من ذلكّ الـرجلّ المدعو بفـرانسواّ جعـلّ فلوراّ تضع أصابعها ندمـاّ و الحصـولّ على أمواله من قبلّ ماريّ ..

/

يـد تمتـدّ نحوها وسط تـلك الظلمةّ دامسةّ و البـاردةّ فنـظرتّ إليها بعينين واسعتين تحدقـانّ دون القدرةّ على معـرفةّ ما يحيطّ بها أتمسكهاّ أم تتركهـاّ ؟ هـزتّ
رأسها نفيا غير قـادرة على استيعابّ ما يحدثّ إنها تـدرك جيدا أنه مجرد كـابوس آخر ينتابهاّ تـعلم هذاّ تماما لكنها لا تستطيعّ أن تستيقظّ أو يعقـل أنه ليسّ
خيالاّ و إنما حقـيقةّ مجردة ملموسة ؟
ـ مـاري تعـاليّ إلى هنـا ..
شحب وجهها بأكملـهّ أجلّ نـغـمةّ الصوتّ هذّه و هل ستنساها ؟ إنه والدهاّ جوناثان مجدداّ يمد يدهّ نحوهاّ بـتصميمّ شديدّ و هذّه المرةّ لمّ يكن يظهر من جسده
سوىّ يده الممتدةّ فـهزتّ رأسها نفياّ بقوةّ محـاولةّ الابتعـادّ عنه لا تـريدّ الـرحيلّ ليسّ الآن حينماّ فعلتّ ذلكّ منّ وسطّ تلكّ الظلمةّ خرجّ جوناثانّ لكيّ يمسكّ
هو بيدهاّ نـظرتّ إليه بذعرّ لكيّ يتحدث هوّ بنبرةّ بـاردةّ
ـ لاّ مجـال للهربّ ماريّ واجهي الـواقـعّ . .
صـاحتّ بذعر أقوى لما استيقـظت من نومهاّ العـرقّ يكسوّ جسدها بأكمله عينيها زائغتين من شدةّ الخـوف كذلكّ جسمها يرتجـفّ تأوهت بـألم و هي تضعّ
يديها على وجههاّ يا له من كـابوسّ آخر ينتابها لم تـعد قـادرة على احتـمال هذاّ بعد الآنّ إنها بالكاد تستطيعّ النومّ لساعتينّ متواصلتينّ دون أن تستيقظّ
برعبّ كمـاّ لو كأنها هوجمتّ من طرفّ مجهولّ ما ..
مـدتّ يدها المرتجفةّ نحو هاتفها ثمّ أمسكتـهّ إنها الثـانيةّ بعدّ منتصف الليلّ بدى التـرددّ واضحاّ عليها قد ارتبكتّ ملامحهاّ فيّ حين تساقطتّ خصلات شعرهاّ
البنيّ حولّ كتفيهاّ و ظهرهاّ ماّ تفـعله خاطئّ هي تدركّ ذلكّ و تـعلمه جيداّ لكنها لا تستطيـعّ مواجهة الأمرّ بنفسهاّ إنه يفوق قدرتّها بـأميالّ و أميـالّ عديدةّ ،
بدأتّ دموعها بالنـزولّ على خدهاّ قد ازداد ارتجافهاّ
ـ إنهـاّ أكـاذيبّ ..
مرتّ دقيـقةّ فقطّ لما مسحتّ وجنتيهاّ بـكلّ هدوءّ و قد عـادتّ ملامحّ وجهها إلىّ ما كانت عليه سابقاّ كذلك نـظرةّ عينيهاّ الشّاحبة عـادتّ لكونهاّ تتسمّ بـصفةّ
الهدوءّ و الـرقةّ لكنها لمّ تـخلوا من الخوفّ و الذعرّ ففيّ النهايةّ عينيها بمثابةّ المرآة التيّ تكشفّ مشاعرهاّ ، وقفـتّ بترددّ ثمّ بخطواتّ صغيـرةّ مترددةّ عـبرت
نحـوّ غـرفةّ نايتّ ، لمّ يكن يوجدّ هناك أي أثـرّ له إنها تشعرّ بالدوار وّ النعاسّ أيضاّ لكنها لا تستطيعّ النـومّ ليسّ و تـلكّ الغـرفةّ صارت بمثابةّ سجنّ لها فـاتجـهتّ
حافيةّ القدمينّ خارجّا لكيّ تعـبرّ الـرواقّ بخطواتّ لاّ تكاد أن تكون مسـموعةّ ..
بـعدّ عدةّ لحظاتّ كانتّ تـقفّ أمام بابّ مكـتبه لقدّ كان النورّ مضاء فازدادت توترا ربماّ كان يجدر بها أن تـذهب إلى غـرفةّ سوزي لكنّها لاّ تعلم بالتحديدّ أين
تـقع غرفتها تـماماّ فـقررتّ فتحّ البابّ ببطءّ قدّ رسمت على شفتيها ابتسـامة حمقـاءّ نوعاّ ما لكيّ تـطلّ برأسها عليهّ كانّ مندمجاّ فيّ كتـابةّ شيءّ ما حينمـا
انتقل إلى مسامعه صوتّ صريرّ البابّ نـظرّ نحوها مستغـرباّ فـقفزتّ إلى الداخلّ بحركةّ مرحةّ و هيّ تتحدثّ بنبرةّ ضاحكـةّ
ـ مـرحباّ سيدي أتسمح ليّ بـمرافقتكّ ؟ أعـدك أنني سـأكون ذاتّ فـائدةّ ..
نـظرّ إليها من خلفّ نـظارتيه الطبيتينّ قدّ بدتّ عليه ملامحّ الهدوءّ و البرودّ في آن واحدّ مجردّ ما أن وقعت عينيه عليـهاّ أدركّ حـالتها إنها غـيرّ طبيعيـةّ
منّ إصفرارّ وجهها إلىّ توترهاّ الملحوظّ ثمّ تجنبها النظرّ نحوهّ مباشرةّ فأومأ بالإيجـابّ لكي تـضحكّ بخفةّ و هي تتقـدمّ نحوهّ كانّ يـجلسّ خلف مكتبه محاطاّ
برزمة كبيرّة من الـورقّ فـجلستّ أمامه على الكـرسيّ أو بالأحرى بمثابةّ أريكةّ مصغرةّ ثمّ ابتسمتّ بـخفةّ ، لكيّ يـعودّ إلىّ العـملّ قـائلاّ بنبرةّ هادئةّ
ـ أهو كـابوسّ آخر ؟
التزمـتّ الصمتّ لوهلة من الزمنّ قبلّ أن تـومئ إيجاباّ فلاّ فائدةّ من إنكارّ ذلكّ أمامه فبقيّ ساكناّ يكمل قـراءةّ ملفّ آخر لكي تضـعّ ماري رأسها علىّ المكتبّ
بـنوعّ من النعاسّ و التعب في آن واحدّ مغـلقةّ عينيهاّ حينمـاّ تـحدثتّ بنبرةّ غـريبةّ نوعاّ ما
ـ نـايت ..
همهمّ بـهدوءّ دلالةّ على سماعهّ لندائهاّ لكنهـّا لم تقـلّ شيئاّ فـرفع أنـظارهّ ناحيتهاّ لم يستطعّ أن يرى وجههـاّ إذّ أنها كانّت مختـبئةّ خلفّ عـدةّ ملفاتّ تمسكّها
بينّ يديهاّ بمثابةّ حاجزّ فقطبّ حاجبيه مستغرباّ بينمـاّ قاومت ماريّ دموعهاّ لكنها لم تستطع فـعادتّ تنزل على وجنتيهاّ بقوةّ فقـالتّ بنبرةّ حاولتّ جاهدةّ فيهاّ
أن تخفيّ بكاءهاّ و لأول مرةّ استطاعتّ أن تفعلّ ذلكّ إذ بدتّ نبرتها مبحـوحةّ
ـ أنـا فـعلا أحـبك ..
ثمّ وضعت تلكّ الملفاتّ على رأسهاّ لكي تمنـعهّ من رؤيةّ دموعهاّ فيّ حين تـوقفّ نايت عنّ الكتـابةّ فنظرّ نحوها كانت ملامحـه هادئةّ قدّ سقطتّ خصلاتّ شعرهّ
الأسودّ على جبهته بينماّ عينيهّ الداكنتين تنظرانّ إليهـاّ قبلّ أن يتـحدثّ بنغـمةّ ذاتّ بحةّ خفيفةّ
ـ أعـلم ذلك ..
فـهزت رأسهاّ بـالإيجـابّ قدّ ازدادت دموعهاّ لكي تغـمرّ وجنتيها حينما و بـحركةّ منهّ أمسكّ الـملفاتّ لكي بعدّها عنّها لكنها زادتّ من قوة قبضتهاّ عليهاّ تـوقفّ
عنّ جذبّ لما تـركتها ماريّ فجأةّ فـرفعهاّ بعيـداّ عنهاّ حينمـاّ رأىّ ملامحّ وجـههاّ كانـتّ وجنتيهاّ حمراوتيـن أنف كذلكّ بينماّ عينيها مرققتين بدموعهاّ فيّ حين
أخذتّ البعضّ طريقهاّ علىّ خديهاّ قـالتّ لها بابتسـامة صـادقةّ ضـاحكةّ
ـ أنـا سـعيدةّ لأنكّ تـصدقنيّ الآن ..
اتسعتّ عينيهّ بدهشـةّ و لأول مرة يفقد لسـانه التعبيرّ عنّ ما يجول بذهنه كماّ لو كأن الكلماتّ لم تسعفـه ربـماّ أوّ لم تكنّ منـاسبةّ لما يريدّ التفوه به فيّ حين
عـادتّ ماريّ لكي تضع رأسها على المكتبّ بابتسامة خفيفةّ مـجرد أكـاذيبّ لاّ ليست كذلكّ لم تكنّ كذلّك على الإطلاقّ ، أرادتّ حينها أن تتجـّه لوالدها تـخبرهّ أنها
واجهـتّ واقعهاّ إنها تفعل المستحيلّ لتـواجهّ واقعهاّ بالرغمّ من أن الجهدّ الذيّ تبذله ليسّ كافياّ ،
ـ ما نـوعّ الكابوس ؟
ضحكـتّ بـخفةّ يـا ليته كانّ مجردّ حلماّ فقطّ لاّ إنه يعبر عن مخاوفهاّ تلكّ الأشياءّ التيّ لا تريدها أن تحدثّ أبداّ بينمـاّ قطبّ نايت حاجبيهّ بإستـغرابّ أكبر غير أنه
قد عـادّ لكتابةّ تـقريره منتـظراّ إجابتها لم يطل الانتظار كـثيراّ فقدّ تحدثّت هي بنبـرةّ مرحـةّ نوعا ماّ
ـ أنـنيّ لم أقـلّ الـحقيقةّ أبدا و ذلك آلمني بشدةّ لكن لاّ بأس الآن ..
لمّ يـعد يـعلم عن أيّ أمر تتحدث لكنه اكتفى فقطّ بالاستماعّ إلّى ما لديها لتـقوله فرفعتّ ماري رأسهاّ لكي تستند على ذراعهاّ و هي تنـظرّ نحوه مبتسمة بكلّ
حماقة إنه مجرد قـناع آخر تضعـه أو لا تدرك أنها لا تجيد التمثيلّ أبدا ؟ أن الحـزن مهما حاولت إخفاءه فهو بـاديّ عليها ؟ قبلّ أن يتـكلمّ وجدها تقفّ لكيّ
تسحب كرسيهاّ و تـضعهّ بجانبـهّ ثم عـادتّ تـجلسّ عليه مبتسمـةّ بـخفةّ
ـ ألديك أي عـمل ليّ ؟ أستطيـعّ أن أقوم بأي شيء سيدي
قطبّ حاجبيـهّ ببـرود أي شيء يدعها تقوم به لكيّ تـفسده ؟ نـظرّ إليها بطرفّ عينه كيّ يتنهد بقلةّ حيلة ثـمّ أمسك مجـموعةّ من الأوراقّ كانتّ تـحملّ كلها
تواريخ معـينة و عدةّ بياناتّ حول نسبةّ تصدير و استراد الشركةّ مع عائداتهاّ خلالّ هذه الأعوام الماضيةّ فقدّمها إليهاّ بـهدوءّ قـائلا
ـ لوني عائدات شهر أبريل خلال السنوات الثـلاث الماضيةّ ..
أومـأت بالإيجاب و هي تبتسمّ بـكل حماس أمسكت رزمـة الأوراقّ تـلكّ ثمّ أخذتّ لونا أصفر بارزّ لكي تقومّ بما قدمه لها من عـملّ كانتّ عينيه عليهاّ مستغـربا
حماستها لكنه سـرعان ما عـاد إلى عـمله بتركيزّ أكـبر فيّ حين و لما غـابت أنظاره عنها رمـقته بلطف بنـظرهاّ هذه اللحـظاتّ لم تكنّ لتقدر بثمن فهاهمـاّ الآن
بـعدّ أن كاناّ مجرد غـريبين بالكاد يتحدثان مع بعضهماّ البعض، بـعدّ كل شجاراتّ التي دارت بينهمـا تـلكّ بعدّ كل ما مرا به منّ أحداث ها هما يجلسان جانبا إلى
جنب ليسّا حبيبينّ مـستحيلّ و ربما أمنيتها هذه لن تتحققّ أبـدا لكن على الأقلّ .. استـطاعتّ في النهاية أن تبقى إلى جانبه تتحدث معه دون قـيودّ..
أغلقت عينيها قدّ ازدادت رغبتها فيّ النوم لكنها عـادتّ تـفـعلّ ما طلبته هي منه متـذكرةّ ما أخبرتها سيليـا به لقد طلبـتّ منها أن تتوقف عنّ ما تفـعله فلن
تجب سوى الألم لنفسهاّ لكنها مخطـأة هذّه المشـاعرّ التي تنتابهاّ طـوال رحلتها بـهذا القصرّ معه أجل كانتّ مـؤلمةّ فيّ كثيرّ من الأحيانّ و لاّ تستطيعّ أن تـحتملّ
ذلك الحزنّ لكن لحـظةّ كهذه تمحيّ كل ما فـعله سابقاّ و حينما يحينّ الوقت فلن تكون ذاكرتها مملوءة سوى بمثّل هذه اللحـظاتّ السعيدةّ لها ،
فتحتّ عينيها ببطءّ و نـظرت نحوه طـريقة تـركيزه فيّ عـمله تـقلصّ عضلاته كلما انزعج من شيءّ ما و شـحوب وجهه عـندما يلاحظ شيئاّ لا يعـجبه نـظرات
عينيه الحـادةّ الداكنةّ أنفه المسلولّ و خصلاتّ شعره الأسودّ الحريريّ الذيّ دوما ماّ يزعـجه فـيرفعه عنّ جبهته بعدم صبر هذّه الصـورةّ لاّ تقدر بثمن أيضاّ ،
و قبلّ أن تدرك ما يحدث وجدت يدها تسقطّ في حضنها كـذلكّ رأسهاّ ليجد كتفه استـدار نحوهاّ ثمّ تنهد بقلة حيـلةّ ما دامتّ لا تستطيع البقاء
مستيقظة فلماذاّ تـفعل ؟
مـدّ يده نحوهاّ لكيّ يوقظها لكنهّ توقفّ في منتصفّ الطريق كانت تبتسم خلالّ نومها بهدوء و لاّ يزال يوجد آثر لتـلكّ الدموع التي حاولت أن تخيفهاّ عنه سابقاّ
إنه يعلم أن تلك الحقيقة التي لم تقلهاّ لاّ زالت عالقةّ بين شفتيهاّ تـرفضّ البوحّ بها لمّ تعتد أبدا أن تخبأ أسرارا عنّ أي أحد فلم تكن تـجيد فعل ذلك أبدا لكنهـاّ
تغيرت قطب حاجبيه بـنوع من الاستغراب كيفّ له أن لا يعلم ماّ يدور بذهنها و هو الذي اعتاد قـراءة تصرفاتهاّ ؟ تنـهدّ بقلةّ حيلةّ ليعودّ إلى أوراقهّ لن
يستطيعّ أن يفهمها على الإطلاقّ فـأيّ شيءّ بشـأنه هي تحبـه ؟ تحدت بـنبرةّ باردةّ
ـ مـاري .. ما الـذيّ علي فعله بك ؟
وقف بـهدوء ثمّ أحـاطّ جسدها بذراعيـه ليرفعهـاّ بكل خفـة لقد فقدت القليل من الوزن ، سـارّ بخطوات هادئة مغـادراّ مكتـبه ثمّ عـبر الـرواقّ حينما وقعت أنظاره
على أليكساندر الذيّ خرج تـوا من جناحهما كان يحمـلّ بين يديه كأسي حليبّ ساخن قد بدى عليه الاستغـرابّ لما استـدارّ كيّ يجد نايت أمامه فشهق بـرعبّ
و كاد أن يسقط ما بجعبته لماّ تمالك نفسه فيّ آخر لحـظةّ بينما تحدث نايت بنبرةّ مبحوحةّ
ـ افتـح البـابّ ..
بلع أليكساندر ريقـه بإرتباك ثم فتـح الباب تماما كما طلب منه نايت لكي يتجـه الأخير إلى الداخلّ فتبعه ، وضـع مـاري على سـريره بهدوءّ بـعدّ ذلك رفـعّ الغطـاء
جذبه نحوهاّ ثم جلسّ بكسل حينها ابتسم أليكساندر و هو يـقلدهّ ، قد كـانت شرفة الغـرفةّ مفـتوحةّ و على حافتها تساقطّ الثـلج بكثرةّ فيّ حين أغلق نايت عينيه
بـعدّ ذلك فتحهما مجدداّ ثمّ أمال رأسه قليلاّ ناحية أليكساندر و هو يتحدث بنبرةّ هادئة
ـ هل وجـدتّ حريتك بعد ؟
ضحك أليكساندر بخفـةّ كي يومئ إيجـابا مبتسمـا لقد كانّت الإجابة أمام عينيهّ طـوال هذه المدةّ و لم يدركها هوّ من أطال الـنظرّ من حوله بجـانبه و لم ينـظرّ
أبدا أمامهّ و قبل أن يسـأله نايتّ أجابه أليكساندر بنبـرته الـمرحةّ
ـ وجـدتّ طريقيّ أيضـا ، شـكرا لك نايت
ابتسـم نايت بـهدوءّ لكيّ يحرك خصلات شعر أليكساندرّ عابثاّ بها متمتما بـكلمةّ [ هـذا جيد ] له فضحكّ أليكساندر ثـم نـظرّ نحو ماريّ النـائمةّ بـعمقّ كانتّ
تـبدوا مسالمةّ للغـايةّ فـابتسمّ لن ينكرّ فضلها هي الأخرى لأنه بسببهاّ وجدّ طريقه لقدّ قالت له مرةّ عـشّ مثلما تـريد أنـت بسـلامّ تـماما مثلما قـالتّ فقد فـعلّ
اسمه لن يكون الـورقة الـرابحةّ ليسّ بعد الآن لكن يكونّ مجرد تـابع لديميتريّ أو الأصح قولا مجرد دميةّ يحركها كيفما يشاءّ لأنه أخيـراّ تخلص من تـلك
القـيود التي عـرقلته طوال هذه الفترّة ، لقدّ تخلص من مخـاوفه و من تـلك القوانينّ أيضـاّ
ـ مـاذا عنك ؟
استـدار نحوه نايت مستغـرباّ قبلّ أن يرمـقهّ بنوع من البـرودّ و هو يتنهدّ أيسـأله عن حريته ؟ لا يعلم ما الإجـابةّ فهو لم يرد الحـريةّ قطّ لم يبحثّ عنهاّ أبداّ
و لم توجدّ فيّ قاموسه كلّ ما أراده و ما عاشّ من أجله طـولّ حياته هو الانتقـامّ لاّ أكثرّ و لا أقلّ لقدّ فقدّ من أجلّ غايته كلّ شخصّ أحبه وّ كل ما امتـلكه فما
الذيّ تعنيه الحرية له الآن ؟ قـال بنبرةّ هادئةّ
ـ لست مقيدا لأبحث عن الحـريةّ ..
بـعدّ ذلك ابتسـمّ بـبرود و هو يحرك خصلات شعر أليكساندر المذهول لقدّ كانتّ نظراته إليه مليئةّ بالفخر و الإعـجابّ كـذلكّ السعادةّ فأطلقّ ضحكّة خفيفةّ
بالكادّ تسمعّ و هو يستمتعّ بـعبثّ نايت بشعرهّ قدّ احمرت وجنتيهّ قليلاّ ، تـحدثّ أليكساندر بترددّ
ـ نـايت أيمكنني البـقاء هنا ؟
أومـأ نايت بالإيجـابّ قد رسمّ ابتسـامةّ هادئةّ على شفتيهّ فـكتم أليكساندر سـعادتّه و كاد أن يحتضن نايت إلاّ أنه تمالك أعصابه فيّ آخر لحـظةّ قدّ ضحكّ بكلّ خفةّ
فلم يسبقّ له أن شعر بمثلّ هذه السعادةّ إنها لا توصفّ و لا تـقدرّ بثمنّ ، حـريتهّ هذّه التيّ عرفها تـواّ حينماّ تخلصّ من كلّ تلكّ الأعرافّ و من سلاسلّ الـقوانينّ
التيّ تـربطّه بمصيرهّ و بكونه الورقة ّالـرابحةّ لماّ تـركّ كل شيءّ جانباّ لماّ تخلى عنّ كل ما يحددّه عـرفّ نفسه و طـريقهّ فكادّ أن يشكرّ نايتّ لولا أن الأخيرّ
سبقّه بنبرةّ مبحـوحةّ
ـ إن ديميتري آتي وّ هذه المرةّ من أجلّ دمائي .. لذاّ قبلّ أن ينتهي كل شيء لا تتدخل لاّ تظهر موقفكّ لأي أحد هل فـهمت ؟
نـظر إليه أليكساندر بـدهشةّ هـذا يعنيّ أن ديميتري سوفّ يقـتل نايت إنه لا يريد أن يحطمه بلّ أن يزهق روحـهّ فشحبّ وجـههّ لاّ شيء يثيرّ خوفه يرجفّ كيـانه
و يرعبهّ أكثرّ من ديميتريّ إنه بكلّ بساطةّ قد تركّ جميع الصفاتّ البشرّ لن يباليّ بأيّ أحدّ أو أي شيءّ يفعل ما دام يخدم مصلحتهّ هوّ و بالرغم من أنه خائفّ
الآن لاّ يستطيعّ أن يقفّ باستقامة إلاّ أنه نـزل على ركبـتهّ يضع ّيده عليهاّ قـائلاّ بنوع من الترجيّ
ـ أرجوكّ دعني أقف بجانبك .. أنـا حتىّ لو لم يعترفّ بيّ علنا إلاّ أنني أبقى
وضـعّ نايت يده علىّ فمّ أليكساندر المرتجفّ و هو رأسه نفيا ثمّ أشـارّ بحركةّ خفيفةّ إلى ماريّ النائمةّ بـعمقّ ترددّ أليكساندر آكثر لكيّ تـنزل دموعه علىّ خده
بقلةّ حيلةّ لا يستطيعّ أن يساعده حتىّ لو أراد هو يعلمّ ذلكّ فإن تـدخل لنّ يزداد الأمرّ سوى سوءا بالنسبةّ لنايتّ لكنه يريدّ مساعدتهّ تماماّ كما فعل هو له فقدّ أنقذه عـامله كـشخصّ كإنسـان على قيد الحياةّ لاّ كدمية يحركهما كيفما يشاءّ و هو يريدّ بشدةّ أن يردّ له عونهّ ، زم شفتيه كيّ يمنعّ نفسه من البكاء لكيّ يـعبثّ
نايت بخصلاّت شعره الأشقرّ قائلاّ بنبرةّ مبـحوحةّ هادئةّ
ـ سـوفّ أجعله يعـودّ إلى رشده ، سأحرصّ على فعلّ ذلك مهما كلفني الأمرّ

آنتهى ~
__________________