عرض مشاركة واحدة
  #113  
قديم 12-28-2015, 06:14 PM
oud
 
ممسكـا بـقبعته الـسوداءّ الكلاسيكية مـرتدياّ قميصا بلا أكمام وّ سترة سـوداءّ أيضا مع حـذاءّ بالأحرى بوت بنفس اللون و سـروالّ بنـيّ باهت قد حطت
قـدميه أخيرا على أرضّ الوطن ، جـال بعينيه الداكنتين فيّ كل مكـان مقيما المـطار و الأشخاصّ الذين حوله كعـادة يصعب التخلصّ منها قد وضع كلتا
يديه فيّ جيبه قد تـعالت الهمساتّ حوله ، تـحدثّ بنغمة صـوتّه المبـحوحةّ الـمتهكمةّ
ـ الـوطن.. إنه يجعلني أرغب في أن أحجز على أول طائرةّ مغادرا
تـقدم منه فتى ما قدّ ضربه بكل خفـةّ على ظهره كيّ يقف بجـانبه كانّ يرتدي قميصـا أبيض و سروال جينز أزرق مع بوت و سترةّ جـلديةّ شـعر أشقرّ تسلل
على جبهتهّ و عينينّ داكنتينّ ابتسمّ بـخفةّ و هو يضع يـده على كتف أخيه قائلاّ بضحكة
ـ بالفـعل .. لقد اشتقتّ لاستراليا منذ الآن
نـظر نايت نحوه فابتسم أليكساندر بـمرحّ كان الآن أطول يصل إلى كتـفه و بدى أكثر نضجـا بالفعل فهوّ طالب بالثـانويةّ الآن كي يتنهد نايتّ بضجر إذ أن
كلاهما قد اعتادا علىّ الشاطئ و الـبحرّ خصوصا و أنهما فيّ فصل الصيفّ رفع حقيبته على كتفه بين ما أمسك أليكساندر بحقيبته لما علق قائلا
ـ نـاي سأشتري المثلجـاتّ.. أمسك هذه
قبل أن يعرب نايت عن اعتراضهّ دفع أليكساندر بحقيبته لصدره كيّ يركض مسرعا كي يتـأوه نايت بـألمّ من شدةّ دفع أليكساندر لحقيبته على صدرهّ قد أغلق
عينه يمنى متمتما بشتيمةّ سريعة ، وقفّ في مكانه منتـظراّ عودته و هو يراقبّ xxxxب ساعته بضجرّ فـنظر إلى المسافرين قبل أن تضيق عينيه ، حك جبينه
محاولاّ الحفاظ على هدوء أعصابه لما شعرّ بضربة أخرى على ظهره كادّ أن يسقطّ حقيبته لولا أنه أمسكها في آخر لحظةّ فاستدار للخلفّ قائلا بـعصبيةّ
ـ سحقا لك أليكس كم مرةّ يجب علي أن أنبهك على تصرفاتك الرعناء هذه ؟
ابتسم أليكساندر بمرح شديد فتنهد نايت بنـوع من الضجر إذ لا فائدة من إخباره أن يحسن تصرفاته تلكّ فهو لن ينصت إليه حينما أعطى أليكساندر كـوب
قـهوةّ ساخـنة سوداءّ تماما مثلما يفضلها لنايت الذي أمسكها بهدوء و هو يرتشفّ القليل لما تـحدثّ الأول بمرح
ـ أيجب علينـا زيـارةّ كايل أولا أم ويليـام ؟ على أي حـال طـعم المثلجات لذيذ حقا يجدر بي تـناولها أكثر .. هيـه أنـا أتـحدث إليك استمـع لي على الأقلّ ،
بالمنـاسبةّ هل رأيتّ تلك اللافتـةّ الـ ..
كان يتحدث في شتى المـواضيعّ فهاهو يدخل في موضوعّ و بظرف ثـانيةّ يـتحدث عن مـوضوعّ آخر مختـلف كليا بينما يـومئ نايت بالإيجـابّ أحيانا على
كلامه و يعلق بدورهّ لكنه يتجاهله أغلب الوقتّ عندما ابتسم أليكساندر فجـأةّ قبل أن يستدير للخلف موجها نـظره إلى حيثما كانت أعين نايتّ موجهة سابقا
لما تنهد بقلةّ حيلة إذ أن هذا بكل تـأكيد لن يكون سهلا لكنه سيقف بجـانبه إنه أخوه و حتى لو كانا من والدتين مختـلفتين إلا أنهما يمتلكان نفسّ الأب
نيكولاس ماكاروف ..
ـ .. مـا رأيك ؟
نـظر إليه أليكساندر قبل أن يبتسم موافقا إياه بالرغم من أنه لم يكن فعلا يعلم ما الذي قاله نايت تواّ في حين تنهدّ الأخير بنوع من الضجرّ و هو يضع يده
على قبعته معدلا إياهاّ ، لقد كانا بالفعل محطّ أنظار الكل إذ أن هيئتهما كانتّ ملفتة للنظر بالفعل .. تـحدث أليكساندر بتسـاؤل
ـ إذن إلى أين سنتـجه أولا ؟
رمـقه نايت ببرود ألم يسـأله تـوا إلى أين يـرغب في الـذهاب و وافق بكل بلاهةّ ؟ فـضربه بـقوةّ على رأسه لكي يتـأوه الأخير بـألم عندما رفع نايت يده
كي تتوقف سيـارةّ أجرة أمامهما فصعد نايتّ أولا ليليه أليكساندر الـعابس حينما تـحدث نايت بنبرةّ هادئة
ـ إلى منـزل لبيير ..
وضع أليكساندر حقيبته بجـانبه و استرخى فيّ جلسته لكي يـضع رأسه على النـافذةّ بينما رفع نايت هاتفه المـحمول ليغير من توقيت الذيّ ضبط عليه
حينما تـوقفتّ سيارة الأجرةّ ، تـرجلّ نايت منها بعدما قامّ بدفع المبلغّ لسائقّ و وقف أليكساندر بجانبه كان كلاهما هادئين لما تـحدثّ نايت بنبرةّ باردة
ـ دعنا نـذهب ..
تنهـد أليكساندر بتعب إذ أنه و فقط برؤيته للواجهة الأماميةّ لمبنى تـذكر كل ما حدث و هو الذي جاهد من أجل أن ينسى كل شيءّ فاستـدار أليكساندر
معـطياّ المنزل ظهره قـائلاّ بنبرةّ ضـاحكّة
ـ سـوف أشتري المثلجاتّ و أعـود..
أنـطلق مسرعا لم يستطـع نايت منعه كيّ يتأوه بـقلةّ حيلة و هو يرفع حقيبة أليكساندر كان يبدوا هـادئا كعـادتهّ أو ليس هو نايت الذيّ لطالما تـغلب على
من حوله كي يستطيعّ في النهاية أن يقفّ على قدميه بطريقةّ أو بـأخرى تمتمّ بشيء ما و اتجـه إلى أحدى المقاعد المنتشرة بكثرةّ و جلس عليها منتظرا
عـودةّ أليكساندر يضع قدما على الأخرى و ينـظر إلى ساعته بـضجرّ عـندما لمحّ عن بعد كايل يسير بخـطواتّ سريعةّ خلفه فـرانسواّ فصـاح نايت بنغـمةّ صوته المـبحوحـةّ
ـ كــايل ..
تـوقفّ كايل عن الـسير متفاجئـا استـدار إلى حيثما كان صـوته ليجد نايت يجلس على مقعد يرفع يده بنوعّ من الـتحيةّ و هو يبتسم بكلّ خفـةّ كان مـظهره
مختلفا كليا إذ أنه تغير كثيراّ فاقتربّ منه كايل بدهشةّ و صدمة في آن واحد لقد كان يظن بـأنه لن يأتي أبدا بـأنه لن يعـود فهو منذّ أن غادر لم يعرفوا أي
شيء عنه إذ أنه لم يتصل و لو لمرةّ واحدةّ ..
وقف نايت بدوره و اتجـه نحوه مبتسما لما سارع كايل باحتضانه بقوةّ إنه لا يصدق ذلكّ لقد عـاد أخيـرا بينما اكتفى نايتّ بالتـربيت على ظهره حينها تـحدثّ
كايل بنبرةّ ممتنةّ
ـ أنـا سـعيدّ لعودتك ..
ابتسـم نايت حالما تـركه كـايل انحنى فـرانسواّ باحترام كان بالفعل ممتـنا لعـودته و سعيدا للغايةّ لدرجة لا تصدقّ فهاهو أخيـرا سيده يعـود إلى أرضّ الـوطن
بعد طـولّ غياب سليما قد تـحدث فرانسوا بنبرةّ مرتجفةّ
ـ أهلا بـعودتك سيدي ،
اقترب منه نايتّ و مـد يده نـحوه لكيّ ينـظر إليه فـرانسوا بدهشةّ لكنه سرعان ما أمسكّ يده لا ينكر طوال فترةّ غيابه فقد كان يشعر بـأنه قد أخلف وعده
الذيّ قطعه لسيدة سكارليت إذ كان يجدر به الذهابّ معه و مرافقته أينما كانتّ وجهته في حين ابتسمّ نايت بهدوء قـائلاّ بنبرةّ مبحـوحةّ
ـ أرى بـأنك اهتممتّ بذلك الأحمق جيدا .. أحسنت عـملا
أومـأ فـرانسوا بـرباطة جـأش عندما اقترب أليكساندر من خلفهما و قبل أن يدرك أي أحد وجوده سددّ ركلة سريـعةّ للغاية لركبةّ كايل من الخلف لكي يتـأوه
بألم و هو يترنح على وشكّ السقوط لما تمسك بذراع نايتّ الموجود أمامه قدّ ظهر من خـلفه أليكساندر كان يبتسم بكلّ مـرح و هو يضحك على ردةّ فعل
كايلّ قد قال بنبرةّ ساخرة
ـ يـا ألهي كايل لقد صرت عـجوزا بالفعل ..
رمقـه كايل بـحدةّ و هو يمسك بـركبته بينما ابتسم أليكساندر بمرح قبل أن يحتـضنّ كل من كايل و فرانسوا في آن واحدّ ضاحكا بسـعادةّ بـالغةّ إذ هو أيضا لم
يكن يتوقع عـودتهما أبدا إلى لندن لكن يبدوا أن نايت قد غـير رأيه بسببّ زفاف ويليام القـريبّ ، تحدثّ كايل بإعجاب
ـ أليكساندر لقد صـرتّ طويلا ..
ضحك أليكساندر بإحراجّ نوعا ما حينما أخذّ كل من فرانسواّ و كايل يـنظران نـحوه يعلقانّ عليه عندما استـدار نايت يـوجه نـظراته الـباردةّ نحو المبنى لما
وضعّ كايل ذراعه حول كل من كتف أليكساندر و نايتّ جاذبا إياهما نـحوه فجـأةّ ضمهما إليه قائلا بنبـرةّ متحشرجة
ـ تـبا لقد اشتقت إليكما كثـيرا ..
بادره أليكساندر الحضن إذ أنه هو بدوره قد اشتـاقّ للجميع لقد ظن أنه لن يـعود أبدا لكن هاهو الآن يقف مجددا أمام المنزل الذيّ غادره ، ضحك فـرانسواّ
بـخفةّ على ردة فعل كايلّ الذي حالما انتقل إلى مسامعه صوت ضحكاته استدار نحوه لكيّ يجذبه بقوة من ذراعه نحوهم قد احمرتّ وجنتي الأخير إحراجا
لكنه لم يقل شيئا عندما تـحدثّ نايت بنغمةّ صوته المبحوحة
ـ حسنا هـذا يكفي .. ابتعـدوا عني
ضحك أليكساندر عندما دفـعهم نايت عنه و هو يرتب سترته بينما عـاد كايل يركض نحوه محاولا احتضانه مجددا بينما كان نايت يتجنبه بانزعاج حينما
فتحتّ أبواب القـصر على وسعها نـظر الكل إلى المدخل بإستـغرابّ لما خـرجّ كل الـخدم و الحـراس مصطفين جانبا إلى جانب أمامهم كانتّ تقف سوزي ،
انحنى الكل فجـأةّ قـائلين بـنبرةّ صـوت واحدةّ عـاليةّ
ـ أهــلا بعـودتك سيدي ..
نـظر إليهم نايت بـدهشةّ كبيـرةّ فـدفـعه أليكساندر بـخفةّ من الخلف كي يـغمز له بنوع من الـمرح حينها تـنهد هو محـاولا الحفـاظّ على بـروده أشـاحّ وجهه
بعيدا بعد ذلك تـقدم بخـطواتّ بطيـئةّ كي يستدير نـحوهم ، ابتسـم بـخفةّ كم كانت ابتسـامته صـادقةّ لطـيفةّ للغايةّ و دافـئةّ
ـ لقد عـدتّ ..
لما قـال ذلك أخذ مـعظمهم يصيحّ كيف لا قد عـاد القـصر إلى ما كان عـليه سابقا التف حوله خـدم بيتر المـخلصينّ بينما مسحتّ سوزي دموعها ثم
سـارعتّ بضم أليكساندر المبتسمّ قد بدأت بالبكاء بينما اكتفى نايتّ بأن يطلق تنهيدةّ خفيفة للغايةّ قبل أن يبتسمّ مجددا

/

جـوناثان الـرجل الذي حـارب بطـرقه الخـاصة من أجل ما يـؤمن به لطالما تـحدى مخـاوفه و واجه جميع أعدائه كان حنونا في بعض الأحيان بالرغم أنه
لم يظهر ذلك الجانب كثـيرا ، ابتسمت بـلطف قد لمعتّ عينيها باشتياق إنه سـبب وجودها هنا الآن فـأزاحت خصلاتّ شعرها البني القصيرةّ بعيدا عن وجنتها
كي تـجذب القبـعةّ أكثر نحو ملامحها و هي تضـعّ تلك الـورود الحـمراءّ على قبره
ـ لقد عـدتّ أبي ..
قـالتّ كلماتها تلكّ بنـغمةّ صوتها الهـامسةّ لا تـكاد أن تسمع ثم جـلستّ أرضا كانت تـرتدي فستانا وردي اللونّ بـأكمام قـصيرةّ و حـذاء رياضي أبيض
اللونّ مبتسمةّ بخفةّ و هي تلاعب ورقاتّ الورد التي اشترتها تواّ محمرةّ الوجنتين من شدةّ حرارة الـجو ،
ـ يبـدوا الـصيف أجمـل أليس كذلك ؟
نـظرتّ نـحو إمرأة تـقف بجـانبها ذاتّ شعر أصهب اللونّ طويل نوعا ما ممسكةّ بورود بيضاء ، أومـأت بـكل لطف موافقة أياهاّ ثم وضعت باقةّ الورد
بجانب قبر جوناثان لكيّ تـجلس هي الأخرى بجانبها مدتّ يدها نحوها و حركّ خصلات شعرها البنيّ قائلة بنبرةّ حـنونةّ للغاية
ـ تـهاني الـحارةّ على خـروجكّ
أومـأتّ هي بالإيجـابّ قد ضمتّ ركبتيها لصدرها قبل أن تغلق عينيها و هي تضع رأسها على كتف والدتها حينها ضمتها الأخيرةّ بلطف شديد أخيـرا قد
انتهى كل شيءّ بالرغم من مـرور كلّ تلك السنين كل ما عـانينه فيما مضى إلا أنه طي النسيان فهاهما تضعانّ صفحـةّ جديدةّ بيضاء لبدايةّ جديدةّ خاليةّ
من الألم تـحدثتّ فجـأةّ بنغمـةّ صوتها الهادئةّ
ـ أمي .. أيمكنني البقاء هنا أكـثر ؟
تنهـدت سيليا بـقلةّ حيلة و هي تـهز رأسها نفيا رافـضةّ طلبها حينها ابتعـدتّ هي ببطء عنها مغـلقةّ عينيها قبل أن تقف على قدميها شدتّ من قبضتها
على فستانها ثم ابتسمتّ بمرح قد مدتّ يدها نحو والدتها التي أمسكتها دون تردد ، تـحدثتّ بضحكـةّ
ـ دعينـا نسـرع فلابد أن الـعم ستيفن في انتـظارنا ..
ابتسـمت سيليا بخفةّ و سارت أمامها بخـطواتّ بطيئةّ حينما توقفت هي عن الـسير استدارت للخلفّ نـظرت إلى قبر والدها لوهلة من الزمن كادت أن تعود
إلى حيثما كانتّ تجلس قبلا لولا أنها توقفتّ قبل أن تـخطوا خـطوتها الأولى حتى قد بدت عليها ملامح الـحزنّ الشديد تنهدت بأسى لكن فجـأة قامتّ بضرب
وجنيتها بكل قوةّ فاستدارت نحوها سيليا قد جفلت من شدةّ الـدهشةّ
ـ لكن ما الذي تفعلينه ؟
ضحكتّ هي ببلاهةّ قبل أن ترفع يديها دلالةّ على عدم معرفتها لما قد فعلتّ ذلك لكي تـخفض سيليا رأسها أسفا و هي تهـزه نفيا مغـادرة قد سبقتها لمسـافةّ
ليست بطويلةّ متأسفةّ من تصرفاتهاّ الغريبةّ لما رفعتّ رأسها مجددا وجدت آخر شخص تـوقعت أنها ستلتقي به يوما فاتسعت عينيها بصدمـةّ لقد كانت
تـقفّ أمامها فـلورا تنـظر نحوها بـدهشةّ هي الأخرى ..
تـرتدي سروال جيـنزّ قصير نوعا ما و حذاء رياضيّ مع قميص أبيض اللون قد تركت خصلاتّ شعرها الأصهب تسدل على ظهرها كانتّ هادئةّ جدا و هي
تمسكّ بباقة الـوردّ أيضا ، أشاحتّ بنظرها بعيدا قبل أن تعود به نحو والدتها تـرددتّ كثيرا ثم تـنهدتّ بقلة حيلةّ و هي تقول بنبرةّ منخفضة
ـ أرى أننا التقينا مجـددا هـذه السنة أيضا، كيف حـالك أمي ؟
بـدتّ سيليا مرتبكة للغايةّ و لم تستطع أن تركز على ما كانت فلورا تتفوه به كم تمنتّ لو أنها لم تـأتيّ لكن اليـوم هوّ ذكرى موت جوناثان و أرادتّ فعلا
أن تودعـه قبل أن تغـادرّ لندن كما أنه يـوم مهم أيضا في حياتهاّ هي .. تـحدثتّ بنبرةّ متـوترةّ للغايةّ و عـاليةّ أيضا
ـ فــلورا .. تهاني على خـطوبتك ،
ابتسـمت فلورا و شكرتها بكلّ تـهذيب قبل أن تـنظر نـحوها مجددا جـذبتّ بطاقة ما من حقيبتها بتردد ثمّ قامت بتسليمها لسيليا كانت متـوترةّ و لم ترغب
فعلا بتقديمها لها لكنّ الآن لقد صارت سيليا الفرد الوحيد المتبقي من عـائلتها و لقد آن الأوان لكي تضع كل شيء خلفها هذا ما قررتـه ، قالت بنبرةّ مترددة
ـ إنهـا دعوةّ لحضور زفافي .. يمكنك القـدوم برفقةّ زوجك إن كنت تـريدين فـويليام فعلا يرغب بمقابلتك كمـا أنني ..
نـظرت إليها سيليا بدهشـةّ شديدة ثم أمسكتّ بتلك الدعوةّ بين يديها أقالت فلورا أنها تـرغب بدعوتها و برفقةّ زوجها أيضا ؟ ألجمتها الصـدمةّ و لم تقل
شيئا فخفضت رأسها للأسفل محاولة أن تكتم دموعها لو أن فلورا تـعلم بما فعلته فلن تسامحها أبداّ إذ أنها في النهايةّ لا تستحق أن تلقب بالأم من قبلها
فـأشاحت وجهها بعيدا عنـدها نـظرت إليها فـلورا بإحراج و هي تخفض يدها قائلةّ
ـ لقد اعتـقدت أنها فـرصةّ لتعرف على ويليام لكن إن لم تـريدي ذلكّ فلا بـأس ..
لم تـجبها سيليا بشيء بل اكتفتّ فقط بالوقوف دون التـحدث فإزداد تـوتر فلورا أكثر لكي تبتسمّ بتردد مغـادرةّ أولا بعدما ألقت تحيـةّ الوداع عليها قد
كانت تسير بخـطوات بطيئةّ للغاية قبل أن تستجمع شجاعتها و هي تعـيد الـنظرّ للخلف إلى حيثما كانت سيليا تـقف قائلة بإحراج
ـ أعـلم أنني كنت فـظة معك و أنني قلت الـكثير من الأشياء الـمؤلمةّ لك غـير أن هذا في الماضي و أقسـم لك أنني قد تغـيرتّ فبـعد رحيـل ماري أدركتّ
الـكثير من الأمور .. الـمهمةّ و أنـا فعلا أرغـب بحضـورك إلى زفافي كمـا أنني .. أسـفة فعلا على كل مـا ..
ـ هـذا يكفي .. غادري
قـاطعتها سيليا بـقوةّ جعلت فلورا تجفل بدهشةّ كانتّ تتحدث و الدموع تـملأ وجنتيها قد صارت نبرتها متحشرجة راغـبةّ في البكاء غير أنها قاومتّ ذلك
و هي تطلب من والدتها الـغفران التي قابلتها بالصد و كم كـان هذا مـؤلما لها إذ أنها أخيرا قد وجدتّ سببا يجعلها تـقدم على التحدث مع سيليا لكن يبدوا
أن الوقت قدّ فات على إعادة بناء علاقتهما .. تـحدثتّ فلورا بنبرةّ باكيةّ
ـ أنـا وحـيدة أمي .. أمسك بيد ويليام ، أتـحدث مع كلير لكن لا أزال أشعر بالـوحدةّ لقد فقدت كل عائلتي مـاري كانت السبب فيّ تـماسكي طوال هـذا الوقتّ
لكنها رحلت و أنـا .. لا أستطيع تـحمل هـذا ، لا أريد أن أكون وحيدة بعد الآن فـأرجوك عـودي ..
نـظرتّ إليها سيليا بتـردد واضحّ ليس كما لو أنها لا تسامحها بل على العكس تماما هي من يجبّ عليها أن تـعتذر منها على تـركها طوال كل ذلك الوقت
لتعتني بجوناثان و ماريّ لطالما ضحتّ فلورا لأجل العائلةّ و كم أرادت أن تلم شملها بجوناثان مجددا على ما فعلتهّ طول تلكّ الثلاث سنين أيضا لكن هي
لم تسمح أبدا بذلك ، عندما اتسعت عينيها بصدمةّ قد شحبت ملامحها بأكملها قدّ رأتها تقف خلف فـلورا ..
ـ فـلور ..
نـادتها بنغـمةّ صوتها الـرقيقةّ المتسـائلةّ كي تستدير فـلورا ببطء للخلف عندما رأتها شهقتّ بصدمة واضحةّ و تراجعتّ للخلف كادت أن تسقطّ لولا أنها
تماسكتّ في آخر لحـظةّ بدت غـيرّ مصدقةّ مستوعبةّ لا تـفهم ماذا يحدثّ حولها قد همستّ بنبرةّ مرتجفة
ـ مــ .. ـا .. ري ؟
كانت ماري تقف على قدميها تنـظر نـحوها بدهشةّ واضحـةّ عنـدها سقطتّ فلورا على ركبتيها و هي تبكيّ بـصوت عـالي جدا فرفتّ ماري يدها نحوها
تقدمت إليها بخـطوةّ للأمام لكنها سرعان ما توقفتّ ، بكاء فـلورا وّ كلامها تـوا ما الذي حدث بالضبط ؟ جالت بعينيها نحو سيليا تنـظر نحوها مشوشةّ
الأفكار التي بدت متوترةّ جدا شاحبةّ الملامح فقالت ماري بـتردد
ـ أنـا ..
لم تـكمل كلامها حتى وقفتّ فلورا لكي تركضّ نحوها مسرعةّ و هي تضمها لذراعيها غـيرّ مصدقة لما يحدث قبل أن تبتعدّ عنها مررتّ أناملها على
ملامح ماري المـشوشةّ كـأنها تتأكد إن كان ما تراه عينيها فعلاّ صحيح ثم عـادت تحتضنها بقوةّ تلف ذراعيهاّ حولها قائلةّ بنبرة بـاكيةّ
ـ هـذه أنت.. مـاري
كانت تـضمها بشدةّ رافضة تـركها عندما نـظرت ماري نحو سيليا بـدهشةّ كانت هناك العديد من الأفكار تـجول بذهنها و لم تكن قادرةّ فعلا على التـركيزّ
فأبعدتّ فلورا عنها بتردد التي نظرت إليها بصدمةّ بينما عـادت ماريّ بضعة خـطواتّ للخلف فجالت فلورا بعينيها بين سيليا و ماري قائلةّ بنبرةّ مبحوحة
ـ أنـا لا أفهم .. ألم تـقولي أن ماري ماتت ؟ مـا الذي يحدث هنا ؟ مـاري ؟
حينها سقطتّ سيليا على ركبتيها قد انتهى أجل كذبتها الـصغيرةّ تلك أو بالأحرى التي أقنعت نفسها بمدى صغرهاّ بالفـعل بعد رؤيتها لملامح ابنتيها أدركت
حـجمّ الخطـأ الذي ارتكبته في حق كلتاهما ، كانتّ لا تستطيع رفع رأسها لمواجهتهما و لا أن ترى مدى الاستفسار المـطروح على وجهيهما إن حجمّ الذنب
يـأكلها و يـعذبها فأخذتّ تردد بـنبرةّ باكية قد كشفتّ كذبتها
ـ أنـا آسفة .. أسـفة .. أسـفة
نـظرتّ نحوها ماري بـدهشةّ كذلك فعلت فـلورا حينما أخـذتّ سيليا تـسرد واقع كذبتها تـلكّ ، طـوال تلكّ السنين التي مـضتّ أقنعت ماري أنه لم يعد مـرغوبا
فيها من طرفّ الكل جعلتها تـعتقد لا بل تـصدقّ أنها قد صـارتّ ماضي بالنسبةّ لهم جميعا و لأن الكل قد ظـن بـأن ماري قد توفيتّ فكان تـصديقّ سيليا سهلا
جدا و لم تحـاولّ ماري الـعودةّ خصوصا و أنها كانت تخضع للعلاج الكيماويّ الذي استغـرقّ عـامين كاملينّ و الآن قد غـادرت المستشفى إنه يوم مغادرتها
و يوم إنهائها للعلاجّ هاهي تـلتقي بالشخصّ الذي لم يكن يفترض بها أبدا رؤيـته ..
كانت فـلورا مصدومة جـدا و دموعها تسقط على وجنتيها دون إنقـطاع قد كانت طـوال هذه الفترة تنظر نحو ماري الـساكنةّ ، لقد كـانت حـيةّ ترزق طوال
هـذه الفترةّ لكن سيليا لم تـخبرها لماذا تـفعل ذلكّ لماذا تـفعل هذا و هي تدرك مدى صعوبة الأمر عليها ؟ أن تفقد كل من والدها و ماري معـا و أن تعيش
وحدها .. أن تـكون الفـرد الـوحيد المتبقي من عـائلةّ روبرت الصغي
رةّ ،
__________________