عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 02-11-2016, 12:49 AM
 
المغامرة 2 : خطوات تائهة في البيت المتحوّل (الفصل الثالث) .. 3.2

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_12_15145090317730542.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



.
.


مالبثت أمل أن تخطو حتى أدارت برأسها نحوه فقال بحزم: قد يستغرق منّا وقتاً الوصول لأسفل لإيجاد تلك الحجرة ومن ثم العودة, كما أنهم قد غيّروا مسارات الوصول لهناك فحتى لو أنّكِ حفظتِ المسار فلن تصلي

أمل بحزم: يجب أن نسرع إذاً, لاخيار لدينا

قال أيهم بثقة: مهلاً.. ثقي بحاسة الشمّ لدي, أستطيع تحديد مصدر الطعام إن كان قريباً

رفعت أمل حاجباً: هاه!

بدأ أيهم يتحرّك بين هنا وهناك وفتحتيّ أنفه تتحرّكان وهو يأخذ نفساً عميقاً بشكل متسارع وهو يشتمّ المنطقة, راقبته أمل باشمئزاز وهي تقول بحنق: هيه! أنت! إنه ليس وقت التهريج الآن, فلنرحل من هنا بسرعة

وجدته فجأة يقف أمام أحد الأبواب ممسكاً بالمقبض فقالت بانفعال: حسناً! سأذهب وحدي!

فتح أيهم الباب وهو يقول بثقة: مالذي تقولينه؟ أخبرتكِ بأنني أستطيع تحديده

شهقت أمل بحيرة, فدخل أيهم الحجرة التي بدت كحجرة جلوس مرتبة بالأثاث حولها, ولا أثر لطعام, تبعته أمل وهي تتلفت حولها فقالت بإشمئزاز: لايوجد طعام هنا أيها العبقريّ

اتجه أيهم نحو إحدى الحوائط والتي كان أسفلها فتحة مستطيلة بعرض المتر و ارتفاعها لايزيد عن نصف المتر, فقال أيهم بابتسامة واثقة: لم أقل أنّ الطعام هنا, ولكنّ رائحته تزداد قوة

هبطا جفنا أمل إلى النصف وهي تقول: أنا لا أشمّ شيئاً

اتسعت عينيها وهي تقول: هيه! إلى أين ستذهب؟

كان قد عبرها حيث بالكاد اتسعت لجسده, فزفرت وتبعته وهي تعبر الفتحة التي أطلّت على رواق أخر مظلم, فنهضت بجوار أيهم وقالت بهدوء: هيه! أنت! لاوقت لدينا!

كانت الابتسامة الواثقة ترتسم على وجه أيهم بعد أن استدار إلى اليسار ووقف لوهلة, فقال بثقة: الرائحة تزداد وضوحاً وهي قادمة من هنا

أخذت أمل ثلاثة أنفاساً عميقة متسارعة فاشتمت رائحة شواء مقرفة وكأنه قد احترق, ثم همست بهدوء: الآن يمكنني فعلاً أن أشتمّ شيئاً ما, هل قام ذئب ما بعضّك وانتقلت إليك جيناته بطريقة ما؟

أيهم بابتسامة مغرورة: هيا عبّري عن غيرتكِ الآن, أخبرتكِ بأنني لن أخطئ

أمل بإشمئزاز: إنّ ذلك ليسَ مديحاً يا أنف الكلب

أيهم بابتسامة ساخرة: أنتِ تغارين فعلاً!

أمل بجدية: فلنتحرّك بسرعة فحسب!

وما إن قاما بخطي خطوتين حتى سمعا صوت احتكاك ما بالقرب, في نفس هذا الرواق شيء ما يحتّك, شهقا بدهشة وهما يتوقفان مكانيهما, تلفتا حولهما حتى أنهما قد نظرا إلى الخلف, فأشارت أمل نحو الحائط وهي تهمس: هناك باب خفيّ!

كانا بالكاد يمكنهما رؤية الباب يتحرّك إلى داخل الحائط حيث كان أشبه بأنّ الحائط يلتهم نفسه مع إضاءة أيهم الخافتة, فظهر نور أبيض خافت من داخل تلك الحجرة التي فُتح بابها الخفيّ الواسع إلى الرواق, وخرج منه درع حديدية أطرقت بقدمها الحديدية على الأرض وهي تسير بهدوء وسط الظلام ممسكاً بشمعة بيضاء الشعلة في يده, سار في الرواق الخالي حتى وصل لنهايته ثم التف يميناً دون توقّف.

لقد كانا أمل وأيهم مختبئين خلف المنعطف اليساريّ حيث أصبحا يرون خلفه وهو يسير مبتعداً, ذهلا وهما يشهدان بأنّ تلك الدرع الحديدية التي رأوها سابقاً الآن تتحرّك, إنها تسير من تلقائها في الظلام, لكنهما ظلا مختبئين بصمت وعينيهما تهتزّان بقلق, توقّف الدرع فجأة وأخذ لمحة خلفه حيث عينيه تلمعان احمراراً لكنه لم يجد أحداً ثم عاد ليكمل سيره.

لقد أسرعا أمل وأيهم بالاختباء خلف الحائط في الممر الذي كانا فيه سابقاً مراقبان الدرع الذي لم تبتعد كثيراً حتى فتحت أحد أبواب الحجرة ودخلت وأُغلِق الباب خلفه, فأشعل أيهم النار وقال بجدية: لقد كان سامي محقاً, هذا المدرّع لعله كان يتحرّك في ذلك الوقت

أمل بحزم: ربما هناك من يرتدي الدرع

ابتسمت أمل بثقة وهي تقول: هذا يبدو مثيراً

أيهم بهدوء: أتعلمين ما المثير أكثر في الموضوع؟

أدارت برأسها نحوه فقال بحماسة: رائحة الطعام تنبع من تلك الحجرة التي دخل إليها

التمعت عينيه الزرقاوين وهو يقول: ويبدو أنّ لديهم وليمة




~|| ==================| خطوات تائهة |================== ||~





وفي ذلك الرواق المظلم الذي أناره سلاح أشواق حيث كان بقبضة سامي وهو يقف على قدميه مسنداً بظهره إلى الحائط, يبدو التوتر واضحاً عليه وهو يهزّ ساقه اليمنى متجوّلاً ببصره بين يمنة ويسرة من حين لآخر, ويركز بنظره نحو تلك اللوحة المخيفة المعلّة على الحائط من حين آخر, محاولاً ألا يبدي خوفه لأشواق التي لاتزال تجد صعوبة في التنفس وهو تشعر بدوار وثقل بجسدها يمنعها حتى من فتح عينيها.

أخذ سامي نظرة نحوها حيث طاقتها الضائعة تشعره بالقلق عليها, قطّب حاجبيه وهو يفكّر: لطالما كانت تعاني من ذلك بالرغم من أنها تحاول إخفاء تعبها حتى منذ أن كنّا صغاراً

تذكّر حينما كانا بعمرٍ أصغر, لربما في الرابعة حينما كانا يلعبان في الروضة فبدأت أشواق تشعر بالتعب, واصلت اللهو معه ومع مجموعة من الأطفال حتى سقط فجأة ولم تعد قادرة على التحرّك فشعر الأطفال القلق وهم يتجمّعون حولها ومن ضمنهم سامي, حتى حملتها معلّمتهم ونقلتها, تذّكر سامي مشاعره في ذلك الوقت, إنه موقف لن ينساه فقد ظنّ بأنها قد ماتت والآن مشاعره تتكرر مجدداً وهو يقف بجوارها قلقاً حيث لايسعه فعل شيء كالسابق.

لم تكن عقليته المضة تستوعب ماحدث حتى طمأنته والدته والتي هي جارة لأمها بأنه مرض مزمن ولكنه لايستدعي الموت بسهولة ومن السهل أن تتعايش معه بظلّ الظروف الهادئة مع الانتظام بتناول أقراص الدواء, علمَ لاحقاً بأنها لم تولد مع هذا الموضوع بل تكوّن بسبب صدمة تعرّضت لها, لقد كان يعلم بأنها تتغيب أحياناً عن المدرسة بسبب مرضها, ولكنها بالرغم من ذلك فهي لاتتذمر أو تتضجّر, الابتسامة دائماً تعلو محيّاها بلطف.

إنّ وحشة المكان الآن والموقف الذي يعايشه يجعله أكثر قلقاً وهو يسمع صوت شهيقها وزفيرها المهتزّ بشكل ضعيف, فانحنى نحو أشواق جالساً وقال بهدوء: كيف حالكِ الآن؟

لم تجب أشواق عليه, فشعر بغباء سؤاله وارتبك فهي لاتستطيع التحدث, ثم قال بمرح: لاتقلقي! أيهم وأمل سيعودان قريباً وسيحضران لكِ ماسيجعلكِ قوية, لاتقلقي فحسب

همهمت أشواق بالإيجاب, فشعر بالتوتر إنه لايمكنه فعل شيء اللحظة سوى الانتظار, نهض ثم فرك يديه ببعضها وكأنّ المكان يزداد برودة فجأة, فكّر سامي بحيرة: أشعر بالغرابة

حرّك سامي الإضاءة يمنة ويسرة إطمئناناً, فلاحظ بعض الضباب الأبيض الخفيف يتكون, شعر بالقلق وهو يفكّر بحيرة: ماهذا؟

شعر بأنه قد يخيّل إليه لوهلة, ولكنّ الضباب يتزداد ويصبح أكثر كثافة, ازداد الخوف في نفسه وهو يفكّر: يا إلهي, هذا لايبشر بخير, يجب أن نبتعد من هنا

انحنى نحو أشواق وقال بقلق: أشواق! يجب أن نرحل من هنا

ردّت بصوت متقّطع وعيناها مغمضتان: و لكــ ن.. أمـ ـل...

سامي بقلق: لاتقلقي! نحن لن نبتعد كثيراً, هيا سأعينك على السير

ساعدها على الوقوف وهو يضع ذراعه حول جذعها ويرفعها بكلّ قوته فقد كانت شبه واعية حيث لايمكنها رفع نفسها, حتى وضع ذراعها حول رقبته, فكّر بأن جسده هزيل ولن يقوى على حملها ليبتعد بها, فقال بهدوء: حاولي أن تسيري معي أشواق

همهمت أشواق بالإيجاب, فشعر برجفة جسدها وهي تحاول التمسّك به بوهن, فقال سامي مطمئناً: لاتقلقي, ستكونين بخير

ثم سارا بتثاقل حيث كان ثقل أشواق كله على سامي, فهي حتى بالكاد تستطيع تحريك قدميها اللتان تُجرّ أطرافهما على الأرض, فسمعها تهمس بصوت متقطع: أ.. آسِـ.. ـفة

سامي بابتسامة مصطنعة وهو بالكاد يسير معها: لاعليكِ, لن يصيبك مكروه, سأحميكِ

سارا في الرواق مبتعدَين عن الضباب الذي ازداد كثافة وقد فُرِش على أرضية الممر, واندمج مع الضباب الصادر من اللوحة وهو يخرج منها ببطء حتى تكوّن جسد ضبابيّ أشبه ببشريّ سمين, امتدت ذراعاه لتدخل إلى اللوحة وأخرج منها الجمجمة المصوّرة التي باتت تتحرّك مع الضباب وكأنها رأسه وقد التمعت نقطتين حمراوين في تجويف العينين, ثم ابتعد متخذاً الاتجاه المغاير للطريق الذي سلكاه سامي وأشواق, وقد اختفت الجمجمة من اللوحة, لقد راقبه سامي من خلف أحد أبواب الحجرات القريبة وقد اتسعت عينيه لأقصاها وأسنانه تصطك ببعضها وهو يرتجف.



~|| ==================| خطوات تائهة |================== ||~




.
.



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

كفّـارَة المَجلِس :
[ سُبحانكَـ اللهُمَّ وبحَمدِكـ , أشهَـدُ أن لا إلهَ إلاَّ أنت , أستَغفِـرُكَـ وأتوبُ إليكـ ]

روايتي : مغامرات أسطورة بددت أوجه الظلم والظلام
رواية قتالية : حين تصير أرواح الناس غذاء
رد مع اقتباس