عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 02-18-2016, 03:28 PM
 
العنوان الماضي يحمل ازهارا والحاضر تبسم شفتاه "

التصنيف ثرثراتي خ

الاسماء انا

القصة


أمسكتُ بالمرآة والعبراتُ تكاد تخنقني، نظرت إلى وجهي الحزين المرصَّع بتلك اللآلئ الخضراء الشفافة، ثم انفجرت

ضاحكة كالمجنونة، أَغمضتُ عيني، ورحت أسبح بخيالي، في تلك اللحظة عادت بي سنوات العمر إلى الوراء، إلى

البيت البسيط الذي كان يأوينا جميعًا، سعداء بفنائه الضيق الذي كانت تتوسَّطه شجرة عنب، أترقَّب نضوج أول


حبَّاته لأقطفها خُفية عن الأنظار، كنت أتلقَّى توبيخًا شديدًا من جدي كلما اكتشف عنقودًا وقد ذهب تناسق حباته،

أعاوِد الكرَّة غير آبهةٍ بأي شيء، تلك هي الطفولة لا يعنيها شيء سوى أن تُحقِّق رغباتها.

في أحد أيام الصيف سوَّلت لي نفسي تسلُّق الشجرة؛ لأقطف عنقودًا كاملاً أحسن من حبات قلائل في غفلة من جدي،


الذي كان دائمًا يُراقِب تناسق الحبات يوميًّا، وهكذا لا يكتشف أمري، ولما صار العنقود في يدي لمحت عشًّا للدبابير،

فأصابني الذُّعر؛ لأني جرَّبت لسعتها المؤلمة سابقًا، وصرت أرتجف من الخوف، فما كان من دبور أحمق صارعته إلا

أن أهداني واحدة فوق حاجبي سقط معها عنقود العنب، وتبعثرتْ حبَّاته على الأرض، ونلتُ جزائي بسقطة عنيفة

ارتطم رأسي خلالها بقدرة قادر بكومة الملابس المتَّسخة التي أعدَّتها أمي للغسيل، وتساقطتْ كل الأشياء الجميلة

التي اختزنتْها ذاكرتي، وأخذت معها براءتي ومرحي، وتلك المرآة رميتُها وتبعثرتْ قطعها حولي، فكانت سببًا في


نزيف جرحي، ومن يومها صار همي الوحيد مطاردة الدبابير وقتلها، فقلت في نفسي: أحيانًا نحتاج إلى أسلوب من

نوع آخر لنرتدع.


العنوان التالي زهرة اللوتس
رد مع اقتباس