عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 03-04-2016, 12:48 AM
 
اكتر مقتطف اتآثر فيه بجد يال جمال كتاباتك

عند تلكـ الساعة من كل يوم, كان يقف هناكـ ينتظر
يقف هناكـ يشاهد المارة على الرصيف, و السيارات في الطريق, يبتسم للأطفال العائدين من مدارسهم
إبتسامة رحب, نابعة من طيبة قلب
يلوح لي كلما إقتربت, و يلقي السلام علي و في داخله راحة صدر..
يرغمني على الإبتسام كلما رأيته, رغم انني كنت امقته, في البداية ظننت به السوء, و اخطئت الظن..
ظننته سفيهاً مثل غيره من السفهاء,ظننت انه يخبئ تحت تلكـ الإبتسامة خبثٌ جم, كما تختبئ الحمم وسط البركان
ظننت فيه شيطانٌ اجبروني على الخوف منه, و مذ طفولتي و هم يطالبون فيَّ الحذر منه
اوهموني ان الشياطين تختبئ خلف الإبتسامات, تحتمي تحت الشجر و امام البشر, تعبد الشر في كل خطاها و حكاياها, ترتشفه في كل ثناياها, و تستنشقه وسط انفاسها
صدقتهم و كنت لهم منصاعة, فنسيت في داخلي تلكـ الطفلة المحتارة, تلكـ التي تاهت في خطاياها, و إندثرت كل احلامها اصبحت مجرد رمادٍ لا يحتويه اي هواء و لا يقبل به
صدقتهم, و صدقت فيهم قصص شايطينهم, لأتفاجئ بيومٍ خلعت فيه الاقنعة, خلعت و تبرخت في الهواء شفافة, خلعت و رأيت من بعدها كل الخبايا
رأيت وجوهاً اقرب إلي كونها وحوشاً من وجوه, تطلعت في قلوبٍ انقشع بياضها ليكشف عن سوادٍ بداخلها
سوادٍ كان اسود من ليلةٍ حالكة بلا غيوم و منها القمر رحل, ليلةٍ قتل فيها الامير بواسطة الذئب
و لكم كانت مناظرهم لمرعبة, لحظة الإدراكـ تلكـ كانت مؤلمة, قاتلة, فتاكة.!
و لكم تشتهيني رغبةٌ في رؤيتكـ, في طلب السماح و المغفرة منكـ, رغبة لإخباركـ عن تلكـ الظنون و تلكـ الوحوش,
عن الاحلام و الاغاني, و اطفال المدارس, عن السيارات و المصابيح, كل شيء كان موجود سواكـ انت الذي لم تكن موجوداً, انت فقط الذي كنت مفقوداً
اختفيت فجأة كإختفاء ظلام احل محله النور, اختفيت و لم تعد تلوح لي, و لم اعد اراكـ, لم ادري لمن ابتسم بعدكـ, و من امقت غيركـ, و لمن سأروي غيابكـ..
اصبحت الحياة فراغاً, و الطرق هواءاً, طريق عودتي لم يكن من بعدكـ سوى جحيماً..
اشقتكـ و طفح بي الكيل, لم يعد لصبري مدّ, و انقطع الحبل..
تجرأت و لأول مرة في حياتي عنكـ سألت, سألت عنكـ كل من صادفت, الأطفال و المارة اصحاب السيارات و الطرق, حتى القطط كدت اسألها اين ذهبت.؟
كنت اتحاشى قدر الإمكان باب بيتكـ, و لكم لا تجري الرياح بما تشتهي السفن, انتهى بيَّ الامر اقف على عتبه باب بيتكـ, يدي ترتجف خائفة, و لم يكن قلبي بأهون حالٍ..
مددت يدي و في بغتةٍ عن قلبي طرقت الجرس, انتظرت لحظاتٍ و قلبي يدعو لِلأَ يفتح احدٌ الباب
و لأسفي لم تنجيني دعواتي, فسمعت صوت اقدامٍ تمضي نحوي نحو الباب تحديداً..
فُتح الباب فظهرت من خلفه فتاة بشكلها استنتجت انها اصغر مني بقليل, نظرت إلي في إستغراب و من ملامحها كانت تسأل من اكون
إلتجم لساني للحظات فلم اجد لسجنه فائدة, اعطيته حريته و بدأت بالكلام
_مرحباً, اسفة لإزعاجكـ, لكنني كنت اريد ان اسأل عن الشاب الذي كان يقف هنا,
اختفى فجأة و علمت ان هذا منزله فأثرت السؤال عنه في بيته..
اخفضت الفتاة عيناها, و في تقاسيم وجهها كان الحزن بادياً
_تعنين إياس, لستِ الاولى التي تسأل عنه, لقد اتى الكثيرون قبلكـ
لقد مات..
_ماذا.؟! ماذا تعنين بمات.؟!
ردت و الدموع و في مقلتيها تجمعوا
_لقد مات يعني رحل, لم يعد موجوداً بعد الآن, لقد ذهب و لن يعود..
_و لكن كيف و متى.؟؟
_لقد كان مصاباً بمرضٍ خطير منذ زمن, لم يكن هناكـ علاجٌ لمرضه, فإنتظر الموت بإبتسامة
حتى اتاه و هو ينتظر تحت الشجرة في نفس مكانه المعتاد, مات.!
لقد قطع لساني, لم استطيع التحدث, كنت اريد ان اعتذر لها لكني لم استطيع
تلفت و ذهبت في سبيل حالي, سمعت الباب يغلق من ورائي, ثم لم اسمع شيئاً سوى كلماتها تتردد في عقلي مراراً و تكراراً, اكاد اجزم بأنني حفظت كل حرفٍ خرج من فاهِها
_إذن كان مريضاً, و كان اسمه إياس, لقد سمعت بأن معنى هذا الإسم هو العطاء
و اظنكـ قد اعطيت الكثير قبل مماتكـ إياس..

~
رد مع اقتباس