عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 03-10-2016, 03:49 PM
 




الفصـــل الخامـــس





في اليوم التالي لموت السيد ريستارك ، في قصر فخم مطل على نهر السين في العاصمة الفرنسية..

اجمتع الثلاثة بيفورت ، روبارج ، هندسون - الذي كان قد وصل باريس قبل أسبوع من الحادثة - للنقاش حول موت ريستارك المروع و غير المتوقع ، و التهديد الذي يحيط بهم !

كان بيفورت يذرع الغرفة جيئة وذهابا في قلق وتوتر.. بينما يجلس الآخران مكتفيين بالتحديق أمامهما.

صاح بيفورت فجأة بانفعال أفرع رفيقيه : ما هذا ؟! أين هو ذلك الأحمق لابوف ؟! لقد تأخر ساعة كاملة !

رد عليه روبارج معنفا : لا تنفعل هكذا ! لقد تأخر فعلا ، لكن الأمر لا يستدعي كل هذا الغضب !

أضاف هندسون وهو يمسح بمنديل فاخر العرق المتصبب على جبينه : نعم ... نحن في ورطة حقيقة ، ويجب علينا التحكم بأعصابنا !

لم يقل بيفورت شيئا .. استدار عابسا وتوجه إلى النافذة و أخذ يحدق في منظر النهر أمامه ... كان كل شيء طبيعيا في الخارج ، لكنه أبعد ما يكون عن ذلك في داخل القصر !

استأذن أحد الخدم ليدخل حاملا فناجين الشاي .. وضعها أمامهم ثم انصرف بعد أن تأكد أنهم لا يريدون شيئا آخر .

نادى روبارج بيفورت قائلا : تعال اجلس و اشرب فنجانا من الشاي ! إنه أفضل شاي يعد في فرنسا !
استجاب بيفورت على مضض ..أخذ فنجانا و جلس .. لم يشرب كثيرا بل رشف مرتين فقط ثم وضع فنجانه على الطاولة .. أما روبارج فقد شرب فنجانه كله بينما أنهى هندسون نصفه فقط.

كان هندسون مرهقا ، عيناه محمرتان ، و وجه شاحب .. إضافة لكونه يتعرق كثيرا , كل عشر ثوان تقريبا يخرج منديله ليمسح جبينه مما أثار استغراب الآخرين .. سأله بيفورت مستنكرا : ما خطبك ؟! في هذه الغرفة جهازا تكييف ، لكن العرق يتصبب منك !

أجاب هندسون لاهثا : لا أدري ما بي .. لكنني متعب كثيرا .. و أشعر بحر شديد و ضيق في صدري .. بالكاد أتنفس !

تدخل روبارج مطمئنا : لابد أنك لم تنم جيدا ليلة أمس ، بسبب ما حدث لريستاريك .. أنا كذلك أشعر بالوهن !

أضاف بيفورت بحدة : كلنا لم نذق طعم الراحة بعدما حدث !


بعد مرور دقائق من الصمت المشوب بالتوتر نهض روبارج قائلا : من بعد إذنكم سأذهب إلى الحمام..

غادر روبارج مسرعا و ما كاد يمضي وقت طويل حتى سمع بيفورت جلبة خارج غرفتهم فهب واقفا و اتجه نحو الباب الذي فتح فجأة و بقوة ! جفل بيفورت و بدا عليه الغضب ، فقال الخادم بأنفاس متقطعة : اعذرني يا سيدي .. لكن ...

استعجله بيفورت باستياء : ما بك ؟! تحدث !

- لقد .. لقد مات السيد لابوف يا سيدي !!

تجمد بيفورت و كأن صاعقة قد ضربت رأسه و شلت حركاته ! سأل غير مصدق و عيناه شاخصتان : ما الذي .. تقوله ؟!

- هذا ما حصل يا سيدي ، لقد اتصل خادمه و أخبرنا أنه أصيب بسكتة قلبية مفاجئة !

- نعم .. نعم هذا ليس مستبعدا ، فهو كان يعاني .. يعاني مشاكل في القلب !
قال ببفورت بطريقة من يكذب كذبة و يحاول إقناع نفسه بها و أضاف آمرا بعد لحظة : "اذهب و استدع سيدك في الحال !"


أومأ الخادم و انطلق من فوره لينفذ ما طلب منه .. بينما التفت بيفورت إلى هندسون قائلا بعصبية مفرطة : ما الذي يجري هنا ؟!

لم يجبه هندسون .. كان ينحني على ركبتيه قابضا بكلتا يديه على عنقه !

اقترب بيفورت منه ثم صاح برعب : يا إلهي إن وجهك أزرق !! تماسك ! سأتصل فورا بال..

لكن لم تعد هناك حاجة لذلك .. فقد سقط هندسون .. بلا حراك عند قدمي شريكه !!

تصلب بيفورت ، جحظت عيناه و انحبس صوته في صدره .. لم يستطع الحراك لدقائق .. بعدها تمكن من تحريك ساقيه بصعوبة .. و خرج من الغرفة يترنح كما السكارى ..

و لم يكد يقطع بخطواته السقيمة الممر حتى تناهى إلى مسامعه صوت ركض و صراخ خلفه ! استدار وقد انسحبت الدماء من وجهه و رأى ذلك الخادم بوجه شل الخوف تعابيره .. استوقفه بيفورت بعد محاولة مستميتة لاسترجاع صوته : ما.. ماذا حصل هذه المرة ؟! لا.. تقل أن ..

فاندفع الخادم بصوت أقرب للنحيب : بلى يا سيدي ! لا أدري ما الذي يحدث هنا ! إن السيد روبارج في حالة سيئة للغاية .. إنه يحتضر !

فتراجع بيفورت إلى الخلف بارتياع .. كاد أن يسقط لولا أنه تماسك في آخر لحظة .. نظر إلى الغرفة التي كان فيها ثم أشار إليها بسبابته المرتعشة قائلا بصوت مزعزع خرج بعد مشقة شديدة : إنه .. لابد أن .. يكون الشاي ! لقد شرب منه هندسون و مات.. و شرب منه روبارج و هو يحتضر الآن.. و <حينها تحسس عنقه في رعب و أكمل : .. و أنا شربت كذلك !!

هتف الخادم و قد روعه الخبر المفجع : ماذا تقول سيدي ؟! هل مات السيد هندسون أيضا ؟! <سكت لبرهة حتى يستوعب الصدمة ثم استدرك قائلا : سيدي ! إذا كان الشاي مسموما فيجب أن تسترخي و تتوقف عن الحركة حتى لا ينتشر السم في كل جسمك ! لفد اتصلت بالإسعاف و قد سيصلون في أية لحظة !

ثم أخذ بذراع بيفورت و قاده إلى غرفة قريبة و جعله يستلقي على أريكة فيها قبل أن يقول : سأذهب لإحضار طبيب القصر ليجري لك الاسعافات الأولية ، أرجوك اصمد يا سيد بيفورت !

ثم أسرع خارجا و ترك بيفورت وحيدا.

أخذ الأخير يجيل بصره في أنحاء الغرفة بحسرة الفقدان و هو يتساءل : "هل ستكون هذه.. هي النهاية ؟! هل سأموت هنا .. و بهذه الطريقة البائسة و المهينة ؟!!

كانت هناك مرآة كبيرة معلقة على الحائط المقابل لأريكة بيفورت .. أدار رأسه و تطلع إليها ، ليشاهد نفسه التي أنكرها .. هذا الذي تعكس المرآة صورته لم يكن بيفورت القوي المتسلط ، بل .. رجل ضعيف مهزوم و مخذول من نفسه قبل أي شخص !

تلك المرآة .. لم تره نفسه فحسب ، بل تخطت كل قوانين المنطق و أرته نفسا أخرى .. نفسا من العالم الآخر !!

وضع بيفورت يديه على رأسه وصار يتأوه ، لقد أبصر شخصا يقف وراء أريكته و يستند إلى الحائط حاملا في يده كأسا يسلي نفسه بأرجحتها .. كان ينظر إلى بيفورت مبتسما ابتسامة مخيفة تشي باستمتاعه بما يشاهد من عذابه !

ولكن .. لم يكن هناك أحد حينما دخل بيفورت فكيف دخل هذا الشخص دون أن يراه ؟!

لم يكن هذا هو ما أفزع بيفورت في الواقع بل أمر مختلف بعيد كل البعد عن ذلك ! هذا الشخص الذي يقف قريبا منه يبتسم و يرتشف من كأسه .. قد مات و دفن قبل سنوات عديدة !!

لم يجرؤ بيفورت على إدارة رأسه ليواجه ذلك الشخص مباشرة ! ولم يقدر على النطق ! قال لنفسه في يأس "هل هذا يعني .. أني ميت ؟!"

لفترة ظل الغريب محتفظا بصمته مكتفيا بالابتسام .. لكنه فجأة تحرك و بدأ يقترب من بيفورت ثم مد يده نحوه !

فقفز ببفورت من مكانه في هلع و صاح كالمجنون : ابتعد عني ! إياك أن تقترب ! عد من حيث أتيت .. أيها الشيطان اللعين !!

لم يأبه الشخص بكلامه و لم تبرح النظرة المتشفية عينيه و واصل خطوه نحو ببفورت !

كان الأخير يرتجف رعبا و بدا أنه فقد السيطرة على أعصابه ، راح يتراجع للوراء .. لم يكن بإمكانه الوصول إلى الباب دون تجاوز هذا الشخص إذ كان الباب خلفه ... لهذا لم يكن أمامه إلا الشرفة !

حاول الدفاع عن نفسه فأخد كرسيا ورماه على خصمه غير أنه لم يصبه ، فرفع طاولة صغيرة وقذفها نحوه بقوة لكنها لم تصبه هي الأخرى !

لأول مرة .. ضحك ذلك الشخص باستخفاف و قال بصوت هادئ شل الوعيد بين ثناياه أطراف بيفورت : "لا فائدة ، أنت ميت ! سأعود إلى عالمي وأنت برفقتي !"

صاح بيفورت و قد فقد عقله تقريبا : لا ! لا ! دعني وشأني ! عد وحدك ! لا أريد أن أموت !

فقهقه شبيه الشيطان أمامه و استمتاعه يتزايد ..و اقترب من ضحيته أكثر ..و أكثر !

تلفت بيفورت يمينا و يسارا و استبد به رعب هستيري عندما أدرك أنه استنفذ كل ما حوله من أثاث و لم يعد هناك ما يدافع به عن نفسه ! فركض إلى الشرفة الصغيرة .. لينادي أحد الحراس في الحديقة .. ولكن الأرض لسبب مجهول كانت زلقة للغاية و كأنها طليت بالزيت !
فانزلقت قدماه و هوى من فوق سياج الشرفة المنخفض .. ثم وقع .. آخر الخمسة على الأرض ميتا !!


⭐⭐⭐


كان المحقق الفرنسي أوتيير المسؤول عن القضية جالسا في مكتبه مستغرقا في تفكير محموم ، عندما دخل عليه مساعده .. سأله المحقق بلهفة : ماذا لديك ؟!

- أحضرت لك التقرير الطبي ، سيدي !

رد المحقق يستعجله : جيد ، إقرأه بسرعة !

فعلى التجهم وجه المساعد و هو يقول : حسنا.. لقد كتب هنا أن لابوف مات بسكتة قلبية مفاجئة .. لم يعثر على سم أو شيء من هذا القبيل ، كما أنه كان يعاني من مشاكل في القلب لذلك يبدو الأمر طبيعيا !

فأشار المحقق بسبابته مذكرا و عيناه تلمعان : إن موت لابوف "منفردا" لا يثير الريبة ، لكن أن يموت هو وشركائه الثلاثة في يوم واحد هذا لا يمكن أن يكون مجرد صدفة ، أليس كذلك ؟!

- نعم ..

- أكمل !

- .. بالنسبة بيفورت فقد مات جراء تحطم جمجمته إثر سقوطه من الطابق الثالث للقصر ، أما روبارج فبسبب استنشاقه لحمض الهيدروسيانيد الذي تم دسه داخل زجاجة عطر فاخر كان روبارج يعتاد استخدامه عند لقائه شخصيات هامة ، في حين يعتقد الطبيب أن سم ما تسرب إلى جسم هندسون عن طريق الجلد و لكنه لم يتمكن من تحديده بعد !

- حسنا .. يبدو أن القاتل يعرف ضحاياه جيدا و يدرك الطرق الأنسب للإيقاع بهم دون إثارة شكوكهم !

- هذا صحيح ... و لكن السؤال هو : كيف سنمسك به ؟!

فتنهد المحقق في ضيق : لا أعلم .. إن أي شخص من الخدم و الحرس - و هم كثر- يستطيع فعل ذلك ، و هذا ما يزيد مهمتنا صعوبة و تعقيدا !

- ولكن سيدي ماذا عن الشائعة التي سمعناها ؟!

قطب المحقق جبينه قائلا : عن أي شائعة تتحدث ؟!

- يبدو أنك لم تسمع بها .. حسنا ، لقد نشر أحد العاملين في قصر ريستارك بعد موت سيده إشاعة تقول أن ثلاث فتيات من الريف جئن إلى ريستارك في اليوم السابق لوفاته وأخبرنه بوجود شخص يخطط لقتله هو و شركائه الأربعة ، لكن كبير الخدم أنكر ذلك و اتهم ناشر الإشاعة بأنه يستغل الحادثة للحصول على المال و الشهرة من خلال إعطائه معلومات ملفقة للصحفيين !

غمغم المحقق : أعتقد أن كبير الخدم محق .. هذا يحدث كثيرا ، كثيرا جدا في الواقع < ثم أطلق تنهيدة مغمومة و أضاف يائسا : ..و الآن ليس أمامنا إلا انتظار ظهور دليل يساعدنا على التقدم في تحقيقاتنا !



و هكذا لم تتمكن الشرطة الفرنسية أو الإنجليزية على حد سواء من الكشف عن هوية القاتل أو العثور على دليل يقود إليه .

و ملأ هذا الخبر المفجع الصحف الأوروبية وتحدثت عنه القنوات التلفزيونية بمختلف اللغات و الروايات !



⭐⭐⭐



في مكان آخر و حال أبعد ما تكون عن يأس الشرطة و حزن ذوي الضحايا و ارتياع شركائهم .. استرخى المجرم في كرسيه الوثير واضعا ساقه فوق الأخرى و ابتسامة راضية تزين وجهه .. كان كل شيء صحيحا .. كل شيء سار حسب الخطة !

كان يجلس قبالته شخص آخر ، تفصل بينهما طاولة تستقر فوقها رقعة الشطرنج !

قال الأول وهو يحرك أحد بيادقه على الرقعة : لقد أديت مهمتك بشكل جيد !

رد الثاني باحترام كبير : هذا بفضلك سيدي ، كانت خطتك و كل ما فعلته هو تنفيذها !

أخذ الأول بيده خمس أحجار شطرنج ثم قال بينما يرميها على الأرض تباعا : خرجت الآن خمس أحجار من اللعبة .. لكن هذه هي البداية فقط ! لا تزال هناك الكثير من الأحجار التي ينبغي إزالتها .. إلى الأبد !

- نحن رهن إشارتك سيدي "الكونت" < سكت لحظات يتردد في السؤال ثم قال أخيرا : ولكن.. ماذا عن تلك الفتاة ويندي ماكستر ؟! كانت هناك تلك الليلة وقد تسبب مشكلة ، فهل نتركها هكذا ؟!

ابتسم الكونت في ثقة و قال بهدوء : لقد سألتها أليس كذلك ؟! و قد أجابتك بما تعرف . ليس لديها سبب يدفعها لإخفاء المعلومات ، إلا إن كانت لا تثق بك ، و أنا شخصيا أستبعد هذا الاحتمال لأنك تملك قدرة عجيبة على طمئنة الناس و حملهم على الإعتراف بكل ما يخفون ، هل أنا مخطئ ... يا باتون ؟!!

أجاب باتون و هو يبتسم بدوره : أشكرك على هذا الإطراء سيدي .. لقد ذهبت إليها للتأكد من أنها لا تعرف شيئا خطيرا ، كانت مترددة في البداية لكنها ما لبثت طويلا حتى تكلمت و أخبرتني بكل ما رأته وسمعته و لم يكن مهما .. بإستثناء..

قاطعه الكونت قائلا : بإستثناء شيء واحد " الحفر ثم الخروج من تحت الأرض" ! قد لا يكون ذا دلالة بالنسبة لها ، و لكنه ربما يغدو كذلك عند شخص آخر !

- تماما سيدي ! لقد أقنعت كبير الخدم أن ينكر ما قاله ذلك الحارس عن مجيء ثلاث نسوة إلى ريستارك ، بحجة التخلص من الصحفين و إزعاجهم وقد فعل ما طلبت منه دون أن تساوره أي شكوك ، كما أنني ذهبت مساء أمس إلى تلك الفتاة ، و طلبت منها أن لا تبوح لأي أحد عما حدث معها تلك الليلة ، حتى تحمي نفسها من ذلك "المجرم" أولا ، و من ملاحقة الصحفين واستجواب رجال الشرطة لها ثانيا ، و قد وافقت هي و أصدقائها على ذلك ، لكن لا يسعني أن أضمن سكوتها .. لهذا أقترح يا سيدي أن نتخلص منها !!

تفحصه الكونت لبعض الوقت بعينيه الذكيتين .. ثم قال برزانة : لا تكن كأؤلئك المجرمين الحمقى يا باتون ! إن القتل سهل جدا ولكن إخفاء الأدلة و البقاء خارج دائرة الشبهات ليس يسيرا أبدا ! يجب أن تكون حذرا و حكيما في تصرفاتك وأﻻ تقوم بأي عمل متهور لا داعي له .. هل فهمت ؟!

- نعم سيدي ، سأفعل بكل تأكيد !

سكتا قليلا قبل أن يضبف الكونت بهدوء : مع ذلك راقبها حتى نعرف إذا ما حاولت إخبار أحد بالأمر.

هز باتون في طاعة : كما تأمر !

- جيد .. لقد أنهيت كلامي ، لذا تستطيع الانصراف الآن !

نهض باتون ثم انحى في احترام قائلا : طاب مساؤك سيدي

ثم انصرف خارج الغرفة و بينما يغلق الباب.. لمح فتاة قادمة باتجاهه فهتف متعجبا : ماريان ؟!

ردت الفتاة ببرود : و من غيري ؟!

كانت ماريان في العشرين من العمر ، ذات شعر أسود قصير ، وعينين بنيتين بلون الخشب .. كانت جميلة ولكن باردة كالثلج !

سألت : هل أمر الكونت بشيء ؟!

- لا ، لا شيء حاليا

- ماذا عن تلك الفتاة المزعجة ؟! ألم يأمر بقتلها ؟!

- لا ، طلب أن نكتفي بمراقبتها فقط حتى نتأكد من أنها لا تسبب المشاكل !

زوت ماريان ما بين عينيها و بانت الخيبة في صوتها : مؤسف ! أردت قتلها بنفسي فهي تبدو مثيرة للمتاعب !

ضحك باتون بخفوت : ويبدو أنك تكرهينها !

فرفعت الفتاة أنفها بكبرياء و ردت : لست أكرهها ، لكنني مستعدة للقضاء على أي شخص قد يهدد حياة الكونت !

- أنت مخلصة بالفعل يا ماريان !

ردت بعبوس : ألست كذلك أنت أيضا ؟!

- بلى ، بالطبع .. كلنا كذلك !

أدارت وجهها عنه و ألقت نظرة عبر النافذة و أضافت متسائلة : والآن بعد موت ذلك الحشرة ريستارك ماذا سيحدث لشركته ؟!

- سيتولى ابن عمه إدارة الشركة ، فابنه لا زال صغيرا على ذلك < ثم أضاف بابتسامة خبيثة : و لكنه أحمق تماما ولا خبرة لديه في إدارة الأعمال ، و ابن ريستارك لا يبدو أفضل حالا منه !

- إذن ستكون الشركة في يدك !

قال بثقة : نعم !

صمتت ماريان ثم قالت فجأة و هي ترمقه بنظرة غريبة : أتدري ؟! عندما رأيتك أول مرة ظننتك شخصا أبله ساذجا عديم الفائدة !

قهقه باتون بصوت عال و قال : حقا ؟! شكرا لك ، هذا يدل على حسن أدائي لدوري !

ثم نظر إلى ساعته وقال : آه ، يجب علي الذهاب الآن .. فلا أريد التأخر على سيدي الجديد في يومه الأول مديراً للشركة.

قال جملته الأخيرة بنبرة تهكمية ، ثم رحل في الوقت الذي اتجهت ماريان نحو غرفة الكونت و طرقت الباب ثم دخلت بعد أن أذن لها..


سأل عندما رآها : ما الأمر ؟!

غمغمت بارتباك ملصقة نظراتها بالأرض : لا شيء سيدي.. كل ما هنالك أني أردت التأكد من أنك لا تريد شيئا..

ابتسم بدهاء قائلا : آه فهمت.. أنت تشعرين بالانزعاج لأني لم أكلفك بأي مهمة ، أليس كذلك ؟!

احمر وجهها خجلا و تلكأ لسانها : ليس ..ليس الأمر و ..كأنني أعترض على أوامرك سيدي..

- لا بأس ، حتى و إن لم أكلفك بأي مهمة ، هذا لا يعني أنك لا تفعلين شيئا مفيدا ! إن وجودك هنا بقربي مهم للغاية فأنا أحتاج إلى شخص يوصل أوامري إلى أتباعي وينقل إلي آخر الأخبار والتطورات ، وأنا لا أوكل هذه المهمة إلى أي أحد .

توردت وجنتاها وقد انبسطت أساريرها لما سمعت : أشكرك كثيرا على ثقتك سيدي .

عندها قام الكونت من مكانه ثم قال : سأخرج لبعض الوقت ، هناك شيء أرغب في القيام به !

- هل أرافقك سيدي ؟!

- لا ، لا داعي لذلك ، ابقي هنا في حال حدث شيء جديد !

تهاوت ابتسامتها من الخيبة : كما تشاء سيدي ..


ثم غادر الكونت وماريان ترقبه بنظراتها..











رد مع اقتباس