عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 06-04-2016, 03:43 PM
 
[align=center][tabletext="width:90%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/04_06_16146504180721982.png');"][cell="filter:;"][align=center]

الفصــل الثالث : ( رحلة إلى الماضي )

شعر ليث لوهلةٍ بالعجز أمام مواجهة تلك المرأة وأن دفاعاتــه

قد أصبحت هشة ، فأخبرتهٌ غريزته بالهرب ولكن يداً كانت أسرع

بالوصول إليه لم تدعه يفلت

" ليث انتظر أرجوك ، دعني ..."

قاطعها ليث ببرود مصطنع :

" ليس هنالك صلةٍ تربطني بك فدعي يدي وشأنها "

" كيف تتحدث إلى من هو بأكبر سناً منك هكذا؟! "

" ومنْ أنتِ لتحاسبيني ؟ ألديك حق ؟ "

" نعم لدي، فأنــا .. أنــا "

قاطعها مجدداً :

" مجرد امرأة رخيصة ! "

لم تتحمل المرأة إهانة ليث لها فأقبلت على صفعه بكل ما قد

أوتيت من قوة وقالت بصوت ملأهُ التحسر والندم

" كيف تجرؤ على قول شيء كهذا لـأمك ؟! "

" أنتِ لست بأم ولا يحق لكِ استخدام هذا اللقب "

" أنت فتىً سيء الأخلاق وأباك بالفعل لم يحسن تر..."

لم تتمكن من إكمال جملتها عندما شاهدت تغيير ملامح

وجه ليث ورؤية عيناهُ مشتعلتان غضباً

" إن أردت الإساءة فالتكن لي فحسب ، لا داعي لإدخال أبي

بالأمر ، فما فعلهُ لي لا يمكن أن تفهمهُ امرأة هجرت زوجها

وابنها وهو لايزال في سن الرابعة ، ويال الدهشة! ها هي

الآن تدعي الأمومة ! "

آلمها أن تستمع إلى كلمات بارده مُجرده من العواطف ومُهينة

من ابنها الوحيد ولكنها الحقيقة لقد تخلت عنهم دون أسباب

تذكر، فأقبلت تبكي ودموعها تسيل على خديّها ولكن ذلك

لم يحرك شيئا في مشاعر ليث نحوها بل ظل يحدق بها

بعينين باردتين

كأن شيئا لم يكن حتى أقبلت تقول بصوت متوسل :

"أعلم أن ما فعلته كان أمراً فظيعاً وأنـا نادمة بحق على

فعلتي صدقني"

" وهل يفيدني ندمك ؟ هل سيغير شيئا ؟ ، الأمر الوحيد الذي

يحزنني ويؤلمني بشده أن أبي أحبك بصدق بالرغم من هجرك له ،

كان يبكي كلما تذكركِ آلماً عندما يكون بمفرده بينما يرتدي

قناعه القوي مع ابتسامته المواسية حيث تواجدي ، أو

أتعلمين أيضا بأنه ظل ينادي باسمك وهو يحتضر

ماري .. مـــاري ، ليت أبي حظيّ بالمرأة المناسبة ! "

" ليث ، لم يفُت الأوان بعد فلتمنحني فرصةً واحدة لا غير

لأعوضك عن كل ما قد سلف أرجوك ! "

" بـــل فات لم أعد بحاجةٍ إلى جليس ! .. انسي أن لديــك ابن

أو فكري بأنه قد لقي حتفه ! المهم أنني لا أريد أن أراك هنا

مجدداً حسناً ، والآن وداعاً "

بعدها انصرف ليث تاركاً ماري وهي مُنهارة خلفه ، لم

يبالي بشأنها أو عناء النظر إليها مجدداً ولكن بداخله

كان قلبه ينزف دماً على كل كلمة قد رماها بوجهها للتو ، فقد

أحبها هو أيضاً كيف بإمكانه أن يكره أمه سبب مجيئه على

هذه الحياة ولكنه كره فكرة تخليها عنه وهجره هو وأبيه ،

تلك الحقيقة آلمته لدرجه جعلته يفكر بعدم مسامحتها ..

فظل يتمشى بالطُرقات بعيداً عن منزله خشيةً أن تعلم

بمكان إقامته، وبعد مرور حوالي ساعتان عاد للمنزل

" آه ليث ، هل كنت بعملك الآخر لهذا تأخرت كثيراً ؟ "

نظر ليث إلى عقارب الساعة المعلقة على الحائط قبل
أن يجيب ، كانت تشير للواحدة صباحاً :


" كــلا عمي ، خرجت مبكراً بعض الشيء من هناك ورغبت

بالتمشي قليلاً لبعض الوقت "

" أرى أنك أصبحت مقصراً بعملك هنا ، هل لأنك أصبحت

مشغول ؟ "

" أنـا آســف سأعوضك عن اليوم فلتدع بقية الطلبات لي

سألبيها لك "

" حسناً ذلك جيد فأنا مرهق .. أعتمد عليــك "

ظل ليث حتى ما يقارب الساعة الثالثة والنصف صباحاً يُلبي

طلبات زبائن عمه ويحاول أن يجد ما قد يُلهيه عن التفكير

بالمـــاضي فما حدث اليوم كان أشبه برحلةٍ للماضي .

في الصباح الباكــر كالمعتاد ذهب للمدرسة إلا أن الإرهاق و

التعب بــان على وجهه ، تلك الهالات السوداء حول منطقة

العينين كما أنه لم يتمكن من إجهاد عقله أكثر على التركيز ،

وعلم بأنه حتماً سيلقى حتفهٌ إن ذهب للتدريب بحالته هذه

ما لم يقوي نفسه ويسد جوع معدته بشيء ما ، فقرر الذهاب

لأي مطعم مجاور ، وبعد مرور بضع دقائق شعر بأنه أفضل

مم سبق وأنه مستعد للتدريب ولا يجب عليه التغيب عن ذلك

المكان لأن يومٌ واحد سيؤثرعليه في الوصول إلى هدفه ،

ولكن لسبب آخر كان يومهُ طويلاً ، كل ساعة مرّت به بدت

كالدهر بالنسبة له ، ومع مرور الأيام ومضيّ ثلاث أشهر

على لقائه بوالدته علم بأنها أخيراً قد استسلمت ،

وبسبب تفوقه بدراسته ونشاطه في المركز بات من السهل

عليه التوفيق بين ثلاث أماكن المدرسة والمركز والمنزل

أصبح ذلك كل ما يشغل باله في الوقت الحالي حتى نال

اعجاب بعض الساده في المركز مم جعلوه يصبح جُندياً

عادياً ولكن لن يتم منحه الوظيفة رسميا حتى بلوغه السن

القانوني مع ذلك كان مقصراً فقط بشأن راحته الجسدية

و الذهنية ..

و ذات صباح اتجـــه ليث لمدرسته وللمرة الأولى لفت

انتباهه جمال الطبيعة ، فمدرسته تتميز بالمدخل الواسع والممر

الطويل بحراسهُ الأشجار على جانبية و زخرفة تلك الورود

والأزهار المتناثرة على طول الطريق ، ما أجملها من طبيعة !

خاصةً في هذا الفصل .. حيث فصل الخريف .

عند مدخل باب مدرسته الداخلي ، وقف صديقه ليو بانتظاره
:

" عجبا ! هل الفتى الذي أمامي ليث ، لا أصدق ذلك ؟ "

رفع ليث حاجباه مستفسراً عن تعجبه :

" اهلا ليو و ما العجيب بالأمر ؟! "

"حضورك المبكر! ، ليث هل تعاني من ارتفاع في الحرارة

كن صادقا ؟ "

" بالطبع لــا ، و ما علاقة صحتي ؟ أيجب أن يكون هناك

سبب وراء تبكيري؟ "

" لا أعلم ، ولكن أمرك مُحير ، على كل حال ما رأيك بهذا

الفصل ألا يبدوا جميلاً ؟ "

" نعم إنه كذلك ولكنني أكرهه ! "

" أتكره فصل الخريــــف ؟! "

" نعم "

" ألم تعترف للتو بجماله ؟! "

" لا يعني بأني قد اعترفت بجمالهٍ أي أنني أحبه ، كما أن

سبب كُرهي له يعد سببٌ خاص"

" كم تغضبني بشدة عندما تختتم جُملك بعبارتك الشهيرة

سببٌ خــــــــــــاص! ، و لا تعلم مدى رغبتي حين ذاك في

تحطيم هذا الوجه الذي أمـامي الآن ! "

بدأ ليث بالسخرية من ليو كالمعتاد :

"هه ! يا لك من فتى يسهُل التلاعب بمشاعره أنا لا أحب

التحدث عن أموري الشخصية لأي كان وهذا الفصل يذكرني

بذكرى أتمنى ألا أتذكرها "

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
رد مع اقتباس