عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-22-2016, 10:38 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:904px;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_06_16146661129610753.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]







زالت كل الأحرف، الكلمات والجمل ما عدا جملة واحدة أبقت نظرها مرتكزا عليها

-être ou ne pas être-

|أكون أو لا أكون|

تناست كل ما يحيط بها كعادتها، فقط وحدها! هي من عشقت السكون وتأقلمت مع

الغربة.. سافرت بفكرها إلى عالمها الذي جسدته أمانٍ طالما رغبتها

فوق سجادة بيضاء جلست وبين يديها قطعة ورق احتوت على الجملة التي أثارتها

وقد التهبت بلون قرمزي منحتها إياه الشمس التي تغرب بهدوء وروية من خلفها

ألاف الفرضيات قد وضعتها، بعضها وجدت دليلا له وبعضها الأخر محض نزوة رغبتها

أن تكون بذلك الشكل .. أفكار لا معنى لها ربما! لكنها اقتنعت بها تماما

فهي رأت ما بين أسطر تلك الجملة.. ليس مهما ان كنت او لم تكن حقيقة، فأكثر ما يهم

أن توجد ولو ذرة صغيرة تجمع ما بين مفهوم الأول والأخير

فكثيرا ما كان الأشخاص ولم يكونوا في نفس الوقت وفق حسابات وفرضيات أظهرت

الحقيقة الديجورية في هذا العالم الذي نعيش فيه

يانا كثيرً ما فضلت الحلول الوسط.. فأن تكون أفضل من ألا تكون


لكن ذلك تأكيدا سيجلب المتاعب..

أخرجها من معمعة أفكارها صوت اصطدام قوي.. عقدت حاجبيها بانزعاج وهي

تشاهد البقع السوداء التي لطخت سجادتها البيضاء، شمسها الغاربة التي خبى لهيبها

لتتحول إلى ثقب أسود التهم كل ما قبع أمامه.. فقط ظلام دامس هو ما بقيت فيه

لثوان معدودات قبل أن ترجع إلى واقعها الدرامي، بدأت وجوه زملائها الضبابية تتضح

كما علا صراخ مدرستها ليعكر مزاجها –والذي كان في الحضيض من الأساس-

لم تعلم السبب وراء الحاصل أمامها... فأيّ ذنب فادح اقترفت، أيعتبرون تشتت

ذهنها جريمة؟ عدلت نظارتها السميكة ثم اعتذرت بخفوت.. تكفيها مشاكلها

العائلية -والتي أصبحت روتينية شبه يومية-

ابتسمت المُدَرِسة بسخرية –تماما كبقية الطلاب-ثم عادت إلى شرحها الممل بعد ألاف الانتقادات

لم تعر يانا للأمر أي أهمية.. مجرد التفاتة إلى النافذة التي أطلت على ساحة الثانوية

كانت كفيلة بنسيانها لكل زملائها –البائسين- الذين أحاطوها من الامام والجانب –بحكم

جلوسها في أخر مقعد بجانب النافذة-

سماء أعلنت حدادها فاكتست ثوبا رماديا تلطخ ببقع بيضاء مشوهة.. أشجار فقدت

خضرتها ورونقها الفتان فغدت مرتعا للغربان صنوًا لأجواء المقابر

تنهدت يانا بانزعاج وكل ما لمحته من النافذة يضيف كآبة على حياتها الملونة

بالأبيض والأسود.. حولت اهتمامها نحو كتاب الأدب حيث وقع نظرها على صورة شكسبير

التي لم تسلم في النهاية من انتقامها.. لم تفسدها كرها في الشخص نفسه

بل حقدا على المنهج السخيف الذي يفسد كل ما هو جميل.. سخيفة هذه

الحياة وهذا البلد.. فأيّ فخامة تُرى في هذه الأجواء المتملقة الشبيهة لفضاء الطبقات المخملية؟

مجرد أكاذيب وأقنعة زائفة يخفون بها بشاعتهم –ليس شكلا إنما روحا-

كانت يانا قد غاصت إلى نقطة بعيدة.. قريبة من نقطة اللا عودة حيث تندمج

مع أحلام يقظتها بشكل مبالغ فيه، لكن اليد التي امتدت أمام وجهها قد أخرجتها

بقوة لتعود إلى الواقع.. حملقت بعينيها الرصاصيتين إلى الشخص الواقف أمامها

لم تتبين معالمه بادئ الأمر –وهذا بسبب عادة عدم الاهتمام خاصتها- لكن رويدا

رويدا اتضحت الصورة، شعر كستنائي طويل مربوط على شكل ذيل حصان

عيون عسلية حضنت لمعة من الفرح –غير المعتاد- والمشاكسة الظريفة

لم تفلح في غلق فمها وعدم انتقاد حجم رفيقتها، فكثير ما ازعجتها عدم

اهتمام ساندرا بغذائها


-ساندرا لو تابعت على هذا المنوال ستصبحين هيكل عضمي عما قريب

لم تعر ساندرا كلمات رفيقتها أي اهتمام، فيانا سليطة الكلام أزليا

ما في قلبها على لسانها، غريبة الأطوار، سريعة النسيان.

كثيرا ما كانت تشبه بالشيطان بسبب ارتدائها للأسود والرمادي خصوصا مع خصلاتها

الديجورية الفريدة وكذا كلامها القليل المستفز إلى حد ما، لكن ما يثير حيرة معظم من لا

يعرفها هو شعبيتها بين الطلاب..

فبالرغم من مساوئ الأمر إلا أنّ عيشها في بيئة امتازت باستعمال أقنعة على

الدوام قد ساعدها على التأقلم مع الكل على خلاف أشباهها في الطباع الأخرين

والذي انتهى بهم الحال معزولين، مكروهين من الجميع

حملت حقيبتها وعلقتها على كتفها بلا مبالاة ثم خرجت رفقة ساندرا ورسمت ابتسامة

فتانة –زائفة- على ثغرها.. والتي تعتبر جدارها الزجاجي الحامي من المكر الذي يملأ كيانات

كل من تعرفهم.. ثقتها بإنس العالم قد اهتزت منذ سنوات مضت لكنها فضلت السير مع التيار

رغبة في الاستمتاع وإزالة الملل عن نفسها وأيامها التعيسة


-يانا ألم أطلب منك التوقف عن السرحان؟ لا عجب أن المعلمة قد انزعجت

ضحكت يانا بخجل كاذب ثم حكت رقبتها وهي تجيب على رفيقة طفولتها الزائفة

ككل شيء يحيط بها –حسب رأيها-

-ليس ذنبي، لكن أتعرفين من هو شكسبير؟

رأت عدم الاهتمام في نظرات رفيقتها وكذا لمعة من الانزعاج الذي اعتادت عليه

من ساندرا -خصوصا بعد انتحار والدتها- فأكملت كلامها وهي تدور حول نفسها في الرواق


- شكسبير كان شخصا ذو خيال.. شخصيته فريدة وكتاباته فاتنة.. كيف لي أنا من اعشقه

أن أدنس ولعي هذا بالاستماع لذلك الهراء الذي لا طائل منه

-oh! mon Dieu

|أوه! يا الهي|

-ماذا؟ أنا فقطت أعطي رأيي الصريح يا فتاة.. هيا لنسرع فلا أظن أنّ مونيكا

ستنتظرنا

-بالطبع ستنتظر، كفاك سخافة إذا أرادت الذهاب لتذهب

بالطبع ستنتظر ألستِ من تسيرينها؟ يال سخافة الموقف! بالرغم من معرفتها

ما خفيّ إلا أنها تستمتع بالإصغاء لمثل هذه الأكاذيب خصوصا من رفيقتها المدعية

وصديقة المصلحة مونيكا –أو كما تسميها خفية مونكي-


-لقد تأخرتما! لابد أنّ هذا من فعل يانا أليس كذلك ساندرا؟

بادرت صهباء الشعر بالعويل فور لقياهما.. وكالعادة كل اللوم يرمى على يانا

والتي ببراعة اخفت حنقها خلف ابتسامة معتذرة حزينة ثم استغاثت بالصمت بقية الطريق

مستأنسة بالصفعات الباردة التي تتلقاها بين فينة وأخرى

الخريف عشقها لهذا الفصل لم تجد سببا له.. أهو بحجة رؤيتها لأول ذرة للنور فيه

أم الأمر راجع للألوان التي يتفرد بها، لكن ما تعرفه يقينا أنّه الفصل الوحيد الذي يشاركها

كآبتها ولحظاتها الصعبة..

توقفت برهة ثم اقتربت من الحاجز الحديدي للهضبة فأطلت على منظر المدينة الكاذب

-في نظرها- باريس التي احتكرت لقب مدينة الرومانسية وارتقت لأعلى المراتب

بسبب أمور كاذبة لا طائل منها.. كم أزعجها ما تراه فالتفت -بغية اكمال المسير- إلى رفيقتيها لتجد أنّهما

أكملتا الطريق من دونها.. ضحكة ساخرة، فقط ضحكت في موقف كهذا

لم تعد تستشعر ألم الخيانة والغدر مثلما كانت فمشاعرها قد خبت بعدما اكتوت حدّ الثمالة

فما عاد يرى من هذا الكيان إلا رمادُ ما كان

تنهدت بتململ ثم أكملت مسيرها وهي تلعب بخصل شعرها التي تصل لعنقها

حتى وصلت منزلها والذي شابه منازل النبلاء، بتصميمه الفيكتوري الفريد وطوابقه الأربعة

الواسعة.. حسنا بتعبير أخر كان منزل جدها مبنى عريق يناسب الطبقات المخملية مع أنّ

عائلتها ومعظم أقاربها كانوا معدمين، خصوصا والدها بحكم افلاس الشركة التي كان يعمل

فيها.. ولولا جدها لكانت تعيش جحيم الحياة الآن

تناهى صراخ حاد إلى مسمعها.. كان أشبه بالعويل لكن ما اثار رعبها أنّ الصارخ لم يكن

إلا جدتها.. رمت حقيبتها في الحديقة الجرداء التي فقدت خضرتها وركضت ناحية الصوت

لعلها تعلم الحاصل في هذا المنزل الغريب

تجمدت مكانها وما عاد بمقدورها متابعة المسير وخلف شجيرة مزهرة كانت من المكافحين

اختبأت.. كأكثر النّاس جبنا وصفت نفسها، فبعد كل شيء هي فقط كيان مجوف ما عاد

يهتم إلا بذاته، أطالت الاستماع إلى ما قيل وسيقال.. فضول غشى على كل أحاسيسها

فما ترك لها إلا رغبة البقاء والمعرفة الجارفة، روحها تُرِكت فقد لتستشعر دفئ ما سمعته

من اخبار.. لم تكن حقيقة الأعمال المشبوهة بخافية عنها، تلك حقيقة أدركتها منذ دهر مضى

لكنها لم تبح بشيء مخافة كل شيء.. فضلت الصمت بالرغم من أنّ لسانها يشتهي الجهر بكل

صغيرة وكبيرة.. لكن لمن؟ أيوجد في الكون كله –عدا أفراد عائلتها- من تستطيع الثقة به؟

هي قطعا ستكون إجابة مخيبة للآمال ككل حاصل في هذه المهجة

تابعت بصمت الشجار الحاصل بين عمها، رفيقه وجدتها –والتي بالتأكيد أدخلت

نفسها في هذه المعمعة من دون العلم بأي حقيقة-

كثيرا ما كانت تحصل أمور عدة في هذه العائلة، شجارات يصل صداها إلى

أقطار البلاد، فهذا يُتَهم بالخيانة، وذاك طُرد من المنزل بسبب سرقته مال رب

هذه الأسرة الفانية.. كثيرا ما اغمضت يانا عينيها متناسية ما يحدث، فقط لتحفظ بصيص

النور في عالمها رغم معرفتها لثقل الأمور على جدها إلا أنها الكتمان تفضل..

بأنانية وككل مرة أدارت ظهرها بعد أن ارتوى فضولها لتتفاجأ بصنوانها..

لم تستطع كبح فرحتها فصرخت بطيش وهي تحتضن من شابهتها في المعالم


-أولا! ماذا أتى بك؟

ابتسمت شبيهة الفتيان أنثوية المعالم بضجر ثم ضربت رأس قريبتها بخفة

وهي تطلب منها الهدوء.. الفضول والعيون الفضية ميزتان تسريان في كل أفراد العائلة

من صغيرها لكبيرها.. وربما هذا سبب ثقة يانا بهم

بدت معالم الاستمتاع على أولا وهي تتابع ما يحدث ثم قالت فجأة وبهمس


-هذا منزل جدي كما أظن؟ لقد سمعت قبل قليل ساندرا ومونيكا تسخران منك مع الباقين..

كم هذا مثير للشفة أنت لم تتغيري أتعلمين يسهل التحكم فيك

لم تضف أولا أي كلمة، فقد قالت ما عندها غير آبهة بما سببت.

هراء هذا أوليس كذلك؟ دائما ما تلقت يانا مثل هذه الهجمات المفاجئة من الجميع

لكنها حجبتها في أظلم بقعة حيث تغدوا زائلة غير جلية لها، لكن ضغط المدرسة

وتراكم المشاكل والصرخات التي لازالت تترد من المدخل الخلفي للمنزل قد جعلت أعصابها مشدودة

عضت على شفتها لتمنع دموعها من النزول ثم عادت أدراجها بهدوء، حملت حقيبتها

المرمية ثم دخلت متجهة إلى غرفتها وهاربة من الحقيقة.. هربت حتى يتم ترميم

ما حُطم بسبب قسوة البشر حولها.. لكنها لم تجد من منجد غير البكاء، بكت وبكت حتى

أصابها الصداع، وكلما ارتفع صوت نحيبها كانت تخنقه بيديها

فبالرغم من كل شيء البكاء أمام أحد يعد جريمة بالنسبة لها، فهي اعتادت على إخفاء

مشاعرها لكن إلى متى ستظل هكذا، تحتاج فقط إلى من يفهمها، من يشاطرها

ألمها وهمها في هذه الحياة.. لكن وككل مرة هي فقط غاصت في عالم الظلام

إلى حيث أمانيها لتعيش سعادة كاذبة سريعة الاضمحلال، وأثار دموع تدفقت ثم جفت

تزين وجهها المصفر معلنة عن نهاية المحرقة، وكاشفة عن رماد تشبع بقدرة على

احتمال القادم.. في نقطة اللا عودة التي وصلتها وضعت حدا لخطيئتها


فالثقة الضئيلة التي كانت تمنحها لعائلتها قد زالت



أفاقت من غفوتها القصيرة على صوت ضربات شديدة على الباب

وبتثاقل سارت نحوه لتفتحه.. لم تركز على معالم خادمة جدتها جيدا

فألم رأسها لم يزل بعد.. لكن ما أثار انتباهها هو قريبها المرتعش والذي يصغرها

بخمس سنوات

تخللت خصلات شعرها بعدم فهم ثم سألت بخفوت وهي تشكر الرب لأنّ

هناك ما يشغلهما ولم ينتبها على عينيها المنفوختان

-ماذا حدث؟

-يانا إنها الشرطة.. لقد أتوا للقبض على السيد بيل لمتاجرته بالمخدرات


أجابت الخادمة بصوت مرتعش زاد من قلق فُسْتقي الشعر والذي لمعت

عيناه الرصاصيتين برهبة وهو يرى يانا تقترب من النافدة مستكشفة الوضع.

ألمها ما تراه وان كانت معالم وجهها لم تتغير.. أحست بالشفقة على عمها المكبل

المرمى على الأرض.. صراخ جدتها قد زاد من ألم رأسها فارتكزت على

زجاج النافذة لعل الصداع يخف، تفاجأت بنوع من الحزن وهي تلمح جدها

المنهك والذي استند على شجرته المفضلة لعلها تؤنسه في محنته..

كم أثقل كاهله بكل أعمال أولاده القذرة، لم يسعد في حياته أبدا، ككل شخص ينتمي

لهذه العائلة التي تجمعها المصالح فقط.

لم تتحرك وبقيت مع الخادمة وابن عمها الأكبر في الغرفة التي ضاقت بهم بسبب الهم

والخوف، ثم نزلوا إلى بهو المنزل الذي أصبح خرابا بعد رحيل الشرطة

شاهدت التجمع الذي طالما اشتاقت له، لكن أيقت أنها مجرد لحظات قليلة وستزول

بعد مدة قليل.. أيقنت في تلك الثواني وهي تتأمل والديها، أعمامها وكل فرد من عائلتها

أنّ حقيقة البشر لا تتغير، هم مخلوقات ضعيفة تشتهي ارتكاب الكبائر

لكن ان أحسوا الخطر محاصرهم فسيتجمعون مع بعض.. يمكن أن تسمى هذه علاقة

بعلاقة العطاء والاكتساب حيث لا مكان للثقة أو الأحاسيس الصادقة

فهذا الزمان لا يحمي المغفلين الغافلين، فارتداء الأقنعة واصطناع الوجوه هو

ما المنجى الوحيد إذا افتقر الشخص للدهاء اللازم



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________




وَ تزهو بنا الحَيآه ، حينما نشرقُ دائماً بـإبتسآمة شُكر لله ..
أحبُك يالله





رد مع اقتباس