عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 06-29-2016, 01:29 AM
 

الفصل السادس عشر
" وداعاً يا عذابي!"

وصلت الى البيت بسرعة..وبدأت تجهز حقائبها...ومضت برهة بسيطة..ثم مالبثت أن سمعت صوت بابا غرفتها يفتح ويطل منه وجه اندرو المحتار.........
نظرت اليه....وبدون اي كلمة أكملت ما كانت تفعله......
ولما لاحظ أنها تحزم حقائبها....قال مستنكراً:" ما الذي تفعلينه؟؟"
" أنني مغادرة! " قالت بهدوء ممزوج بالغضب....
" وأماندا؟؟"
" لقد اطمئننت عليها.....وسأعود لأراها لاحقاً!!"
" وما سبب قرارك المفاجئ؟"
" تعرف بأن العمل يتطلب وجود أحدنا!!"
وهنا أثارت جنونه....فتقدم وهو ينزع يديها من حقيبتها:" أعرف بأنكي كاذبه!"
" لست كاذبة!" قالت بحنق....
" اذاً أخبريني الحقيقة!!"
قالت بعصبية:" أخبرتك اياها!!"
" لم أصدق كلمة من هذا الهراء الذي تفوهت به!!" قال بغضب....
" هذا لا يخصك!! أتفهم؟؟؟ان رغبت في العودة..فهذا شأني وحدي!!"
" لا! بل شأني كذلك....! اننا شخص واحد لوس....حتى وان أنكرتي ذلك مئة مرة...!"
قالت بمزيج من القرف والغضب:" كيف تجرؤ على قول هذا؟؟؟يالك من منافق كبير!"
كان يجبر نفسه على الهدوء:" هاتي ما عندك!..ماسبب كل هذا؟؟"
" ألا تعلم؟؟؟تباً أندرو....لم لم تحاول احتراف التمثيل؟؟؟؟فأنت أبرع ممثل رأيته في حياتي...بل أن تمثيلك مؤثر...ويبدو صادقاً في بعض الاحيان!!!"
أمسكها من ذراعيها وهو يهزها بغضب:" اللعنة عليك يا امرأة...! توقفي عن هذا الجنون...وأخبريني في الحال...عن سبب هذه الهستيريا!! واياكي....والعودة للشتائم..فلن أحتمل أكثر!!"

لم تدر ماذا تقول!! أتخبره كم كانت مغفلة وحمقاء وهي تصدق بأنه يهتم بها وحدها....ويهيم بها حباً؟؟انه يعرف ذلك...يعرفه جيداً..ولاحاجة بها لاخراج تلك المسرحية الهزلية الى العلن....
لمست جبهتها براحة يدها.......وهي تشعر بأنها على حافة الانهيار............
ثم رفعت رأسها لتنظر اليه ملياً......تتأمل ملامح وجهه المشدودة.......وتلك التقطيبة التي ظهرت بين عينيه......
ولم تجد الا كلمة واحدة لتقولها...:" تهانينا أندرو!"
" أهذا كل ما ستقولينه؟؟؟؟" وهو يصر بأسنانه......
" أجل...! آه...ولا تنسى أن تنقل ذلك أيضاً لجوزي!!" قالتها بلا مبالاة.....على النقيض من الغضب الذي يعصف داخلها......
" م..ماذا تقولين؟ وما شأن جوزي ب؟؟؟" وحينما بدأت الخيوط تتجمع في رأسه....حاول ان يكذب ذلك.....
فرأته ينظر اليها بعنين داميتين....وهو يهزها قائلاً:" ماذا تعنين بكلامك؟؟؟أجيبي!!!" صرخ بقوة...
لكنها حافظت على هدوئها....هذا صحيح....لقد عادت الحسناء الفولاذية الى المسرح........

" ألم تفهم بعد؟؟؟حسناً.....لقد عرفت كل شيء....عرفت اي لعبة كنت تمثلها باهتمامك الزائد بي......! بينما كنت في الواقع....تخطط لزواج سعيد مع حبيبة الطفولة!!"

كان يبدو كالمجنون....وقد اتسعت عينيه بعدم تصديق:" ماذا تقولين...؟؟ هل جننتي؟؟؟"
وهنا ثارت ثائرتها:" أجل جننت!!! فبينما كنت أتخيل وأحلم....وأتعذب!!(وهي تغص بكلماتها)..آه يالهي!!! كنت أنت مستمتعاً بكل مايجري.....! كنت تبني حياتك الخاصة........(قالت بألم)..وبعيداً عني!!!"
عاد يهزها بغضب:" من ملأ رأسك بهذه التفاهات أيتها الحمقاء؟؟؟؟ يا الهي....لا يمكنني أن اصدق ما تقولينه!!"
صرخت قائلة:" بل صدق...!! لقد تحدثت مع اماندا هذا الصباح.....وأخبرتني ما لم تستطع انت اخباري به ايها الجبان!!!"
" ستندمين ان لم تتوقفي عن كيل الاهانات لي!!"
قالت وقد بدت دموعها تترقرق في عينيها:" لقد ندمت....ندمت منذ زمن طويل أيها المغفل اللعين!!! تباً لك.....أكرهك ولا أريد رؤيتك مرة أخرى!!!"
حاول الامساك بها....لكنها صرخت قائلة:" ابتعد عني!! اياك ان تلمسني ايها الوغد....!"
عاد للوراء...وأعاد ذراعيه الى جانبه.....وقال بهدوء:" حسناً....ولكنك مخطئة!! لابد أنك أسأتي فهم أماندا!!"
فضحكت بدون مرح...ودموعها مازالت في عينيها:" أحقاً؟؟؟ وهل أساءت عيني الفهم أيضاً؟؟"
" لا أفهم!"
" لقد رأيتك وأنت تعانقها اندرو.....في رواق المستشفى....لقد كنت هناك!!"
" لا لوس....لم يكن الامر كما بدا لكي...بل انني"
قاطعته قائلة:" ألم تتعب من الكذب؟"
" أنا لا أكذب.......ولو أنكي تسمعين قليلاً بدلاً من القفز لاستنتاجات خاطئة..لوفرتي علينا كل هذا!!"
" لن أستمع اليك مجدداً..أندرو ماير....لقد اكتفيت منك هذه المرة حقاً!!"
تنهد ثم قال.." حتى وان أخبرتكي بأنك مخطئة.....وبأنني لم أعشق في حياتي..سواكي؟؟؟"
" لقد جعلتني حمقاء مرة......ولن أسمح لك بهذا ثانية!"
بدت ملامحه كأنها منحوته في الصخر....لكنه قال أخيراً بصوت بارد:" اذاً لن أعطلكي أكثر!"
وغادر على الفور................................
****************
"هاي لوسي...ألم تسمعي آخر الاخبار؟؟؟؟" هتفت سوزان بحماس....لكن لوسي كانت أبعد ما يكون عن الحماس هذه الفترة.....فوجدت نفسها تجيب بلا اكتراث....ودون أن ترفع عينيها عن الاوراق التي تقوم بمراجعتها.....
" ماذا هناك؟"
لكن هذا لم يعجب سوزان بالطبع.....فجلست على الكرسي المقابل لمكتب لوسي....وهي تقول بغموض...
" كم تدفعين؟؟؟"
رفعت لوسي رأسها..ونظرت الى سوزان بوجه لا أثر للانفعال أو حتى الحياة فيه.........
وقالت بصوت رتيب:" أليس لديكي عمل تنهينه؟؟"
نظرت اليها سوزان بدهشة وقالت:" واووو.....استرخي يا فتاة...ما هذه الكآبة التي انتي فيها؟؟"
أعادت لوسي نظرها الى الاوراق..وهي تردف بذات النبرة:" هذا ليس من شأنك سوزان! "
" أتعلمين؟؟ربما ان ذهبت الى أحد تلك المنتجعات التي توفر التدليك و...."
قاطعتها لوسي :" عودي الى مكتبك سوزان!"
ولكن سوزان كانت قد بدأت...فكيف السبيل الى اسكاتها الآن؟؟؟
" صدقيني لوسي.....تلك اليابانيات ماهرات حقاً في مايفعلن...فما ان يبدأن بالتدليك..حتى.."
رفعت لوسي رأسها ونظرت الى سوزان بحدة....مما أخرس الاخيرة......
" أحاول التركيز هنا!!!"
" حسناً..حسناً....يا الهي...كم أنتي عصبية!!!" وهي تنهض..وتمسك الباب لتخرج...لكنها عادت لتحشر رأسها من فتحة الباب وتقول بسرعة.....
" على كل أردت اخبارك بأن السيد اندرو ماير قد استقال اليوم....مما يعني بأن المنصب قد عاد اليكي على طبق من الذهب!!" وهي تبتسم وتخرج.....

وفجأة...تداخلت الحروف في بعضها.....رفعت رأسها لتدرك ما قالت سوزان........
أندرو استقال؟؟؟ لن أراه بعد الان؟؟ ولكن؟؟ ولكن هذا لا يمكن!!!
وبسرعة التقطت سماعة الهاتف واتصلت بوالدها تسأله عن الامر....ولما أكد لها ذلك.....حاولت معرفة الاسباب.....ولم يجبها والدها الا بكلمة واحد.....
" أسباب شخصية"

حاولت تناسي الامر..والعودة الى ما كانت تفعله.....لكنها لم تستطع....بل انها أمسكت بتلك الاوراق المهمة وألقت بها في الهواء بعصبية........
" تباً!! تباً!"
نهضت لتقابل النافذة وتراقب المارة......
" وماذا كنت أتوقع؟؟؟؟ فأنا التي طلبت منه عدم رؤيته....! أجل..لا أريد أن أراه....فأنا أكرهه..أكرهه جداً!! أكرهه لأنني أحبه بشدة! أكرهه لأنني أراه ماثلاً أمام ناظري...في كل شيء!!
أكرهه لأنه يعيش في ذكرياتي كلها.......
أكرهه..لأنني أحببت كلماته....وحركاته......وخطوط وجهه!!!!!
أكرهك أندرو ماير...أكرهك ايها البائس اللئيم.......!!"
وهي تذرف الدموع بشكل هستيري.................................